المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الكاف كبش: قولهم في الشهادات: "شهد شاهد أنه سرق كبشا - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ٤

[النووي]

الفصل: ‌ ‌حرف الكاف كبش: قولهم في الشهادات: "شهد شاهد أنه سرق كبشا

‌حرف الكاف

كبش: قولهم في الشهادات: "شهد شاهد أنه سرق كبشا أبيض، وآخر أنه سرق كبشا أسود" هكذا هو كبشا بالباء الموحدة والشين المعجمة، وصحفه بعضهم كيسا بالمثناة والمهملة، والحكم لا يختلف، لكن قال في الأم كبشًا أقرن، ذكر هذه الجملة صاحب الشامل.

كتب: قالوا: الكتابة مأخوذة من الكتب، وهو الضم والجمع، وكتبت القربة ضممت رأسها بالوكاء، وكتبت الكتاب لضمك حروفه، وكتابة العبد لضم نجم إلى نجم. قال الرافعي: وقيل لأنها توثق بالكتاب لأنها مؤجلة، وما يدخله الأجل يستوثق بكتابته، وعقد الكتابة خارج عن قياس المعاقدات لأنها جارية بين السيد والعبد؛ لأن العوضيين من السيد؛ لأن المكاتب متردد بين الحر والعبد، لا يستقل كالحر، ولا يتضيق تضيق العبد لكن الحاجة دعت إليها فأبيحت، فإن السيد لا يسمح بالإعتاق مجانا، فاحتمل الشرع فيها ما لا يحتمل في غيرها تشوقا إلى العتق، كما احتمل الجهل بعوض القراض، وعمل الجعالة وهي سنة. وفي قول غريب: واجبة، وقد أوضحت أحكامها في هذه الكتب. قال أهل اللغة: يقال كتب يكتب كتبا وكتابة وكتابا ثلاثة مصادر والكتاب في اصطلح المصنفين اسم للمكتوب مجازًا، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر، وهو كثير والكتاب في اصطلاحهم كالجنس الجامع لأنواع تلك الأنواع وهي الأبواب، وكتاب الطهارة يشمل أبوابًا: باب المياه وباب الآنية وباب الوضوء وغيرها، وجمع الكتاب كتب بضم التاء ويجوز إسكانها.

كثر: قال أهل اللغة: الكثرة بفتح الكاف نقيض القلة، وفيها لغة رديئة بكسر الكاف وقد كثر الشيء بضم الثاء، فهو كثير وقوم كثير وكثيرون وكاثرته فكثرته أي: زدت عليه في الكثرة، واستكثرت من الشيء أي: أكثرت منه، والمكاثرة والتكاثر بمعنى، وعدد كاثر أي: كثير، وفلان يستكثر بمال غيره، والكثر بضم الكاف وكسرها وإسكان الثاء الكثير، يقال الحمد لله تعالى على القل والكثر، والقل والكثر والكثار بضم الكاف الكثير، والكوثر: النهر الذي في

ص: 111

الآخرة أكرم الله سبحانه وتعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم به، ترد عليه أمته صلى الله عليه وسلم من شرب منه لا يظمأ أبدًا أشد بياضًا من الثلج وأحلى من العسل، نسأل الله الكريم أن يسقينا منه وسائر أحبائنا والمسلمين أجمعين، والكثر بفتح الكاف والثاء كذا قاله الجماهير من أهل الحديث واللغة والغريب، وخالفهم ابن دريد في الجمهرة، فقال: هو بإسكان الثاء، قال: وفتحها قوم وهو جمَّار النخل، كذا قاله الجمهور. وقال الجوهري: ويقال طلعه، ويقال قد أكثر النخل أي: أطلع، وفي الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من صاحب إبل لا يغفل فيها حقها، إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت” ذكره في أول باب العارية من المهذب، هكذا ضبطناه في صحيح مسلم. وفي المهذب أكثر ما كانت بالثاء المثلثة، وقد تصحف بالباء الموحدة فلهذا ضبطته، قيل: معناه أكثر عدد ملكه في عمره، وجاء في روايات في الصحيح “أوفر ما كانت”. والله تعالى أعلم.

كثف: قوله في ستر العورة: “تكثف جلبابها” هو بضم التاء وفتح الكاف، وبعد الكاف ثاء مثلثة مكسورة مشددة ثم فاء، ومعناه يتخذه كثيفا أي: غليظا ثخينا، وهذه العبارة ذكرها الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، لكن اختلف في ضبطها، فحكى الشيخ أبو حامد في تعليقه والمحاملي في التجريد فيه ثلاثة أوجه، أحدها: تكثف بالثاء المثلثة وبعدها فاء كما ذكره صاحب المهذب فيه وفي التنبيه. والثاني: تكتف بالتاء المثناة من فوق بعد الكاف، قال: وأراد أنها تعقد إزارها حتى لا ينحل عند الركوع والسجود فتبدو عورتها، والثالث: تكفت بفاء بعد الكاف وبعد الفاء تاء مثناة. قال: ومعناه أنها تجمع إزارها عليها؛ لأن الكفت هو الجمع. وحكى هذه الأوجه الثلاثة في ضبط لفظ الشافعي أيضًا صاحب البيان. قال صاحب المحكم: الكثيف والكثاف الكثير وهو أيضًا الغليظ، والمتراكم الملتف من كل شيء كثف كثافة وتكاثف وكثفه كثره وغلظه.

كدر: الكدرة المذكورة في باب الحيض هي ما كدر، وليس على شيء من ألوان الدماء القوية والضعيفة، وقد تقدم بيانها في فصل الصاد والفاء عند الصفرة.

كدم: قال الجوهري: الكدم العض بأدنى الفم، وقد كدمه يكدمه ويكدمه.

كذب: قال الإمام الواحدي: حقيقة

ص: 112

الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به، وقد يستعار لفظ الكذب فيما ليس بكذب في الحقيقة. وقال ابن السكيت: يقال: كذب يكذب كذبا فهو كاذب وكذوب وكيذبان. قلت: مذهبنا ومذهب الجمهور أن الكذب الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به سواء أخبر عمدًا أو سهوًا، واشترطت المعتزلة العمدية. وفي الأحاديث الصحيحة “من كذب علي متعمدًا” وهذا يدل على أن الكذب يكون في الأحاديث عمدًا وغيره.

وأعلم أن الكذب يطلق على الخبر المخالف لما أخبر عنه ماضيًا كان أو مستقبلا، وأنكر بعضهم استعماله في المستقبل وهذا خطأ. ففي صحيح مسلم عن جابر: أن عبدًا لحاطب جاء يشكو حاطبًا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية” وفي صحيح البخاري في آخر تفسير سورة النور عن عائشة رضي الله تعالى عنها في حديث الإفك، فقام سعد فقال: يا رسول الله إئذن لي في أن أضرب أعناقهم، وقام رجل من الخزرج فقال: كذبت وذكر الحديث، ومنه قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (الحشر: من الآية11) إلى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون: من الآية1) .

كرب: في الحديث: “من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا” ذكره في باب القرض من المهذب: الكربة بضم الكاف وسكون الراء، وجمعها كرب بضم الكاف وفتح الراء. قال الجوهري: الكربة بالضم الغم الذي يأخذ بالنفس، وكذلك الكرب على وزن الضرب تقول منه كربه الغم إذا اشتد عليه.

وقوله في الباب الثاني من المساقاة في الروضة: تقلب الأرض بالمساحي وكرابها، بكسر الكاف وتخفيف الراء. قال أهل اللغة: كربت الأرض إذا قلبتها بالحرث.

كرز: قوله في المهذب في باب السلم: وفي السلم في الأواني المختلفة الأعلى والأسفل كالإبريق والمنارة، والكراز وجهان: الكراز بضم الكاف وبعدها راء مهملة مخففة ثم ألف ثم زاي معجمة، وهي القارورة.

قال صاحب المحكم: الكراز القارورة. وقال ابن دريد: لا أدري أعربي أم أنهم قد تكلموا بها، والجمع كرزان.

ص: 113

كرس: الكرسي معروف، هو بضم الكاف وكسرها لغتان الضم أفصح وأشهر. قال الجوهري: هو مضموم وربما كسروه، وجمعه كراسي، وكراسي بتشديد الياء وتخفيفها لغتان ذكرهما ابن السكيت في كل ما كان من هذا القبيل، مفرده مشددا كالسراري والبخاتي والعواري، وقد تقدم ذلك في أبوابها.

قال الجوهري: والكراسة واحدة الكراس والكراريس. وقال أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب: معنى الكراسة الكتب المضموم بعضها إلى بعض، والورق الملصق بعضه ببعض، من قولهم: رسم مكرس إذا ألصقت الريح التراب به. قال: وقال الخليل: هي مأخوذة من أكراس الغنم، وهي أن تبول شيئًا بعد شيء فيتلبد. وقال الماوردي في تفسيره: أصل الكرسي العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم كراسة.

كرع: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: قال الليث: الكراع من الإنسان ما دون الركبة، ومن الدواب ما دون كعوبها، ويقال: هذه كراع، وهو الوظيف، قال: وكراع كل شيء طرفه، وكراع الأرض ناحيتها. قال الليث: والكراع اسم يجمع الخيل والسلاح، إذا ذكر مع السلاح والكراع الخيل نفسها.

كرم: الكريم من أسماء الله تعالى، ذكره إمام الحرمين في الإرشاد، وفي معناه ثلاثة أقوال: فقال معناه المفضل. وقيل: العفو. وقيل: العلي، وكل نفيس كريم. وفي الحديث: “لا يجلس على تكرمته إلا بإذنه” التكرمة بفتح التاء وكسر الراء بلا خلاف، وهي ما يختص به الإنسان من فراش أو وسادة ونحوهما، هذا هو المشهور. قال القاضي أبو الطيب: وقيل هي المائدة.

كسب: قال أهل اللغة: الكسب الجمع، يقال كسب الشيء واكتسبه، وفلان طيب الكسب وطيب المكسبة مثل المغفرة، وطيب الكسبة بكسر الكاف، وكسب الرجل ما لا يتعدى إلى مفعولين، ويقال في لغة قليلة: أكتسبه مالا وتكسب فلان أي: تكلف الكسب والكواسب الجوارح، والكسب بضم الكاف وإسكان السين، هو عصارة الدهن، وقد ذكروه في باب الربا.

كشش: قوله في أول باب بيع الأصول والثمار من المهذب: لأن المقصود من الفحال هو الكش الذي تلقح به الاناث. الكش: بضم الكاف وتشديد الشين المعجمة كذا ضبطه بعض الأئمة

ص: 114

الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب وابن باطيش وغيرهما، وذكره غيره بفتح الكاف، وليس بعربي.

كعب: قول الله تبارك وتعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (المائدة: من الآية6) قال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن وحمزة {وَأَرْجُلَكُمْ} خفضًا، والأعشى عن أبي بكر بالنصب مثل حفص. وقرأ يعقوب والكسائى ونافع بن عامر {وَأَرْجُلَكُمْ} نصبًا، وهي قراءة ابن عباس يرده إلى قوله تعالى:{فَاغْسِلُوا} . وكان الشافعي يقرأ: {وَأَرْجُلَكُمْ} يعني بفتح اللام.

قال الأزهري: واختلف الناس في الكعبينن وسأل ابن جابر أحمد بن يحيى عن الكعبين، فأومأ ثعلب إلى رجله إلى المفصل منها بسبابته، فوضع السبابة عليه ثم قال: هذا قول المفضل وابن الأعرابي، وأومأ إلى المنجمين وقال: هذا قول أبي عمرو بن العلاء والأصمعي وكل قد أصاب. وقال الليث: كعب الإنسان ما أشرف فوق رسغه. وقال أبو عبيد عن الأصمعي: الكعبان العظمان الناتئان من جانبي القدمين، وأنكر قول الناس: أنه في ظهر القدم وهو قول الشافعي، هذا ما ذكره الأزهري في التهذيب، وقال في كتابه شرح ألفاظ مختصر المزني: هما العظمان النائتان في منتهى الساق مع القدم، وهما ناتئان عن يمنة القدم ويسرتها، قال: وهذا قول الأصمعي والشافعي.

وقال الإمام الواحدي في كتابه الوسيط في التفسير: بعض ما ذكره الأزهري، واختلاف الرواية عن الأصمعي كما تقدم، ثم قال: ولا يعرج على قول من يقول: إن الكعب في ظهر القدم، فإنه خارج عن اللغة والاخبار وإجماع الناس. قال صاحب مطالع الأنوار: في كل رجل كعبان، وهما عظما طرفي الساق عند ملتقى القدم، هذا قول الأصمعي وأبي زيد.

قلت: مذهبنا ومذهب جمهور العلماء: أن المراد بالكعبين في الآية العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، وحكى أصحابنا عن محمد بن الحسن: أن الكعب موضع الشراك على ظهر القدم استشهادا بأن ذلك لغة أهل اليمن.

قال صاحب الحاوي: وحكي عن أبي عبد الله الزبيري من أصحابنا: أن الكعبين في لغة العرب ما قاله محمد، وإنما عدل عنه الشافعي بالشرع، وأنكر سائر أصحابنا ذلك، وقالوا: بل الكعب ما وصفه الشافعي لغة وشرعا، أما اللغة: فمن وجهين نقلا واشتقاقا، فأما النقل: فهو محكي عن قريش ونزار كلها مضر وربيعة لا يختلف لسان جميعهم: أن الكعب اسم الناتىء بين الساق والقدم، وهم أولى بأن يكون لسانهم معتبرًا في الأحكام من أهل اليمن؛ لأن القرآن بلسانهم نزل. وأما الاشتقاق: فهو أن الكعب لغة في لغة العرب كلها: اسم لما استدار وعلا، ولذلك قالوا: كعب ثدي الجارية إذا علا واستدار، وسميت الكعبة كعبة لاستدارتها وعلوها، وليس يتصل بالقدم فيستحق هذا الاسم، إلا ما وصفه الشافعي لعلوه واستدارته، فهذا ما تقتضيه اللغة نقلا واشتقاقًا.

وأما الشرع: فمن وجهين نص واستدلال، أما النص: فحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار” وقال صلى الله عليه وسلم لجابر بن سليم: “ارفع إزارك إلى نصف الساق فإن أبيت فإلى الكعبين” فدل نص هذين الحديثين على أن الكعبين من أسفل الساق لا ما قالوه، وأما الاستدلال فبقوله تعالى:{وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (المائدة: من الآية6) فلما ذكر الأرجل بلفظ الجمع، وذكر الكعبين بلفظ التثنية، ولم يذكره بلفظ الجمع، كما ذكر في أن تكون التثنية راجعة إلى كل رجل، فيكون في كل رجل كعبان، ولا يكون إلا فيما وصفه الشافعي من المستدير بين الساق والقدم، وعلى ما قالوه يكون في كل رجل كعب واحد، هذا ما ذكره صاحب الحاوي فيه. والكعبة المعظمة البيت الحرام.

قال الإمام الأزهري: البيت الحرام هو الكعبة بفتح الكاف، سمي كعبة لارتفاعه وتربعه، وكل بيت مرتفع عند العرب فهو كعبة. قال الأزهري: قال أبو عبيد: الكاعب الجارية التي كعب ثديها، وكعب بالتشديد والتخفيف والجمع الكواعب. قال الأزهري: قال أبو سعيد: أعلى الله تعالى كعبه أي: أعلى جده.

كفر: قال الإمام أبو منصور الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: أصل الكفر التغطية والستر، يقال لليل كافر لأنه يستر الأشياء بظلمته، ويقال للذي لبس درعا وفوقها ثوب كافر لأنه سترها، وفلان كفر النعمة إذا سترها ولم يشكرها، قال: وقال بعض العلماء: الكفر أربعة أنواع: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر عناد، وكفر نفاق، وهذه الأربعة من لقي الله تعالى بواحد منها لم يغفر له.

كفف: قد كثر في الوسيط وغيره من كتب الفقه استعمال لفظ كافة بالألف

ص: 115

واللام، فيقولون: هذا مذهب الكافة وهو قول الكافة، ويقولون: إنما هذا مذهب كافة العلماء فيضيفون كافة، ومرادهم بذلك الجميع، وأكثر من استعملها الخطيب ابن نباتة رحمه الله تعالى، وهذا غلط عند أهل النحو واللغة، فلا يجوز استعمال كافة مضافة ولا بالألف واللام، ولا تستعمل إلا حالا، فيقال: هذا مذهب العلماء كافة، وقول الناس كافة، فتنصب كافة على الحال، كما قال الله تعالى:{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة: من الآية208) وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (التوبة: من الآية36) .

قال الإمام الواحدي في تفسير هذه الآية: قال الفراء: كافة معناه جميعًا، وكافة لا تكون مذكرة ولا مجموعة، ولا يقال كافين ولا كافات لأنها وإن كانت على لفظ فاعلة، فإنها في مثل العاقبة والعافية، ولذلك لم تدخل فيها العرب الألف واللام لأنها في معنى قولك قاموا معًا وقاموا جميعًا، هذا كلام الفراء.

وقال الزجاج: كافة منصوب على الحال، وهو مصدر على فاعله كالعاقبة والعافية، ولا يجوز أن يثنى ولا يجمع، كما إذا قلت قاتلوهم عامة لم يثن ولم يجمع، وكذلك خاصة هذا مذهب النحويين، انتهى كلام الواحدي.

وقال الواحدي أيضًا في قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة: من الآية208) معناه في جميع شرائعه، قال: ومعنى كافة في اللغة: الحجر والمنع، يقال كففت فلانا عن السوء فكف يكف كفًا سواء لفظ اللازم والمتعدي، ومنه كفة القميص لأنها تمنع الثوب من الانتشار، وقيل: لطرف اليد كف لأنه يكف بها عن سائر البدن، ورجل مكفوف كف بصره من أن ينظر، فكافة معناها مانعة ثم صارت اسما للجملة الجامعة لأنها تمنع من الشذوذ والتفرق، انتهى كلامه.

وفي الحديث: “عالة يتكففون الناس” معناه: يمدون أيديهم إلى الناس يسألونهم، وكفة الميزان معروفة وهي بكسر الكاف، وكف الإنسان معروفة وهي مؤنثة. قال الإمام أبو حاتم السجستاني: في المذكر والمؤنث الكف مؤنثة. وقال بعضهم: يذكر ويؤنث معروف.

كلف: قال الواحدي في تفسير آخر سورة ص: التكلف إدخال الكلفة على نفسك، وهي المشقة من غير داع إليها، قال: وصفة المتكلف صفة نقص تجري مجرى الذم لأنه لا يحس بالعافية أن يتكلف مالم يجب عليه ولم يؤمر به.

كلكن: وقوله في باب الاحداد من المهذب: ويحرم عليها أن تخمر وجهها

ص: 117

بالدمام وهو الكلكون، فالكلكون بكاف مفتوحة ثم لام مشددة مفتوحة أيضًا ثم كاف ثانية مضمومة ثم واو ساكنة ثم نون كذا ضبطناه، وكذا ضبطه بعض الأئمة الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب وفوائده قال: وأصله كلكون بضم الكاف وسكون اللام. قال: والكل الورد والكون اللون أي: لون الورد، وهي لفظة أعجمية معربة.

كلم: قال الإمام أبو منصور الأزهري: الكلام معروف، والكلمة لغة تميمية، والكلمة لغة حجازية، والجمع في لغة تميم الكلم.

قال الأزهري: الكلمة تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة مؤلفة من جماعة حروف ذوات معنى، وتقع على قصيدة بكمالها وخطبة بأسرها، يقال: قال الشاعر في كلمته أي: في قصيدته. قال: والقرآن كلام الله تعالى، وكلم الله تعالى، وكلمته، وكلماته، وكلام الله تعالى لا يحد ولا يعد، وهو غير مخلوق، تبارك الله وتعالى عما يقول المفترون علوًا كبيرًا، ويقال رجل تكلامة حسن الكلام. قال ابن السكيت: يقال كانا متهاجرين فأصبحا يتكالمان ولا تقل يتكلمان. وقال الليث: كليمك الذي تكلمه ويكلمك، هذا ما ذكره الأزهري رحمه الله تعالى.

وقال صاحب المحكم: الكلام القول، وقيل: الكلام ما كان مكتفيًا بنفسه، وهو الجملة، والقول ما لم يكن مكتفيا بنفسه وهو الجزء من الجملة. قال سيبويه: أعلم أن قلت إنما وقعت في الكلام على أن يحكى بها، وإنما يحكى بها ما كان كلامًا لا قولا. قال: ومن أدل الدليل على الفرق بين الكلام والقول إجماع الناس على أن يقولوا القرآن كلام الله تعالى، ولم يقولوا القرآن قول الله تعالى. قال أبو الحسن: ثم إنهم قد يتوسعون فيضعون كل واحد منهما موضع الاخر، ومما يدل على أن الكلام هو الجمل المتركبة في الحقيقة قول كثير:

خروا لعزة ركعا وسجودا

لو يسمعون كما سمعت كلامها

فمعلوم أن الكلمة الواحدة لا تشجي ولا تحزن ولا تتملك قلب السامع، وإنما ذلك فيما طال من الكلام ومل.

قال سيبويه: هذا باب أقل ما يكون عليه الكلم، فذكر هنالك حرف العطف وفاءه ولام الابتداء وهمزة الاستفهام، وغير ذلك مما هو على حرف واحد، ويسمى كل واحدة من ذلك كلمة، قال: والكلمة اللفظة

ص: 118

حجازية، وجمعها كلم تذكر وتؤنث، يقال: هو الكلما، وهي الكلمة تميمية، وجمعها كلم، ولم يقولوا كلما على اطراد فعل في جمع فعلة.

وأما ابن جني فقال: بنو تميم يقولون كلمة، وكلم ككسرة وكسر، وتكلم الرجل تكلما وتكلاما وكلمه كلاما وكالمه ناطقه، ورجل تكلام وتكلامة وتكلامة وكلماني جيد الكلام فصيح. وقال ثعلب: رجل كلماني كثير الكلام فعبر عنه بالكثرة. قال: والأنثى كلمانية، والكلم الجرح، والجمع كلوم وكلام، وكلمه يكلمه كلما، وكلمه كلما جرحه، ورجل مكلوم وكليم والجمع كلمى.

وقال الجوهري: الكلام اسم جنس يقع على القليل والكثير، والكلم لا يكون أقل من ثلاث كلمات؛ لأنه جمع كلمة مثل نبق ونبقة، ولهذا قال سيبويه: هذا باب علم ما الكلم من العربية، ولم يقل ما الكلام لأنه أراد نفس ثلاثة أشياء: الاسم والفعل والحرف، فجاء بما لا يكون إلا جمعا وترك ما يمكن أن يقع على الواحد والجماعة، قال: وتميم تقول هي كلمة بكسر الكاف. وحكى الفراء فيها ثلاث لغات كلمة وكلمة وكلمة مثل كبد وكبد وكبد، وورق وورق وورق، يقال: كلمته تكليما وكلاما مثل كذبته تكذيبا وكذابا، وتكلمت كلمة وتكلمته وكالمته جاوبته، والكلماني المنطيق.

وفي الحديث: “الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس” معناه: الكلام الذي جرت به عادتهم في مخاطبتهم ونحوه، وأما كلامهم بالتسبيح والدعاء والثناء على الله سبحانه وتعالى فمطلوب فيها. وفي الحديث: “واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى” مذكور في كتاب النكاح من المهذب. قال الهروي رحمه الله تعالى في هذا الحديث: يعني بكلمة الله، والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (البقرة: من الآية229) وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: قيل فيه وجوه أحسنها: المراد به قوله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} وقال غيرهما: هي قوله سبحانه وتعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (النساء: من الآية3) هذا هو الصحيح. وقيل: المراد كلمة التوحيد إذ لا تحل مسلمة لكافر. قولهم: علم الكلام والمتكلمون: المراد بالكلام أصول الدين، وبالمتكلمين أصحاب هذا العلم. قال السمعاني في الأنساب في ترجمة المتكلم: إنما قيل لهذا النوع من العلم الكلام لأن أول خلاف وقع في كلام الله تعالى أمخلوق هو أم لا فتكلم الناس فيه، فسمي هذا العلم علم الكلام، وإن كان جميع العلوم

ص: 119

نشرها بالكلام.

كمل: قال الأزهري: قال الليث: كمل الشيء يكمل كمالا وكمل يكمل فهو كامل في اللغتين، وأكملت وأتممته، والكمال: التمام الذي تجزأ منه أجزاؤه، يقال لك نصفه وبعضه وكماله، ويقال كملت له عدد حقه تكميلا وتكملة فهو مكمل، ويقال هذا المكمل عشرين. وقال الجوهري: الكمال التمام، وفيه ثلاث لغات: كَمل وكُمل وكِمل والكسر أردؤها، وتكامل وأكملته أنا، ورجل كامل، وقوم كملة مثل حافد وحفدة، وأعطه هذا المال كملا أي كله. وقال صاحب المحكم: كمل الشيء يكمل وكمل، وكمل كمالا وكمولا، وشيء كميل كامل جاؤوا به على كمل، وتكمل لكمل، وأكمله هو استكمله، وكمله استتمه وجمله.

كمه: الأكمه المذكور في باب السلم من المهذب: المراد به من خلق أعمى، وهذا هو المشهور في معناه، وقد ذكر البخاري في صحيحه في باب قول الله تعالى:{إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (آل عمران:45) قال: قال مجاهد: الأكمه يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل.

كندج: قوله في باب بيع الغرر من المهذب: وفي بيع النحل في الكندوج وجهان: الكندوج بضم الكاف ثم نون ساكنة، ثم دال مهملة مضمومة، ثم واو ساكنة، ثم جيم وهي لفظة أعجمية، والمراد به وعاء النحل، وهو هذه القوصرة المعروفة له، وتسميها العرب الخلية، وكذا يسميها أهل هذه البلاد فالخلية عربية.

كنس: يقال: كنست البيت أكنسه بضم السين، نص عليه الجوهري كنسا فأنا كانس، وكناس للتكثير، والكناسة القمامة، وهي المكنوسة كالنخالة والقراضة وأشباهها، والمكنسة بكسر الميم ما يكنس به، والكنيسة المتعبد للكفار. قال الجوهري: هي للنصارى.

كنف: قول عمر بن الخطاب في عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما: “كنيف ملىء علما” ذكره في باب العفو عن القصاص من المهذب، هو بضم الكاف وفتح النون وإسكان الياء تصغير كنف بكسر الكاف، وهو الوعاء الذي يجعل فيه الخياط أداته كأنه أشار إلى قصر ابن مسعود، وكان رضي الله تعالى عنه قصيرا جدا يكاد الجالس يواريه، وهو تصغير تحبب وتعظيم، لا تصغير تحقير.

كهر: في حديث معاوية بن الحكم رضي الله تعالى عنه: “ما كهرني ولا شتمني” ذكره في باب ما يفسد الصلاة من المهذب،

ص: 120

وحديثه هذا الذي ذكره في المهذب حديث صحيح رواه مسلم. وقوله: “كهرني” بتخفيف الهاء وفتحها وبالراء المهملة. قال الهروي: قال أبو عبيد: الكهر الانتهار. وفي قراءة عبد الله رضي الله تعالى عنه: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} (الضحى:9) والكهر فى غير هذا ارتفاع النهار.

كهف: قوله: “يستسحب أن يقرأ سورة الكهف” الكهف: هو الغار في الجبل. قال الثعلبي: الكهف هو الغار في الجبل. قال الماوردي: هو غار الجبل الذي أوى إليه القوم رضي الله تعالى عنهم.

كهن: في الحديث: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن حلوان الكاهن” وهو حديث صحيح متفق على صحته أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، معناه الشيء الذي يعطاه الكاهن على كهانته، والكاهن: هو الذي يقضي على الغائب بالنجم بالتخمين، قاله الواحدي في الوسيط. قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى في تهذيب اللغة: قال الليث: كهن الرجل يكهن كهانة، وقلما كان يقول ألا تكهن الرجل، وتقول كان فلان كاهنا ولقد كهن. قال الأزهري: وكانت الكهانة في العرب قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بعث نبينا صلى الله عليه وسلم وحرست السماء بالشهب ومنعت الجن والشياطين من وإلقائه إلى الكهنة، بطل علم الكهانة، وأرهق الله تعالى أباطيل الكهان بالقرآن الذي به فرق الله عز وجل بين الحق والباطل، وأطلع الله تعالى نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم بالوحي على ما يشاء من علم الغيوب، التي عجزت الكهنة عن الإحاطة به، فلا كهانة اليوم بحمد الله تعالى ومنَّه وإغنائه بالتنزيل عنها.

وقال الإمام أبو سليمان الخطابي في معنى هذا الحديث: “حلوان الكاهن” هو ما يأخذه المتكهن على كهانته، وهو محرم وفعله باطل، وحلوان العراف حرام، كذلك قال: والفرق بين الكاهن والعراف: أن الكاهن إنما يتعاطى الخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار، والعراف هو الذي يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما من الأمور، هكذا ذكره في كتاب البيوع من معالم السنن. وذكر في آخر الكتاب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برىء مما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم ” قال: الكاهن هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب ويخبر الناس عن الكوائن، وكان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرا من الأمور، فمنهم من

ص: 121

كان يزعم أن له رئيا من الجن وتابعا يلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه، وكان منهم من يسمى عرافا، وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها كشيء سرق فيعرف المطبون به السرقة، ومتهم المرأة بالريبة فيعرف من صاحبها، ونحو ذلك من الأمور، ومنهم من كان يسمي المنجم كاهنا، فالحديث يشمل النهي عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم وتصديقهم على ما يدعون من هذه الأمور، ومنهم من كان يدعو الطبيب كاهنا، وربما دعوه أيضا عرافا فهذا غير داخل في جملة النهي، وإنما هو مغالطة في الأسماء، وقد أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم الطب وأباح العلاج والتداوي، هذا ما ذكره الخطابي رحمه الله تعالى.

وقال أبو محمد البغوي صاحب التهذيب في كتابه شرح السنة في أول كتاب البيوع في باب بيع الكلب: اتفق أهل العلم على تحريم مهر البغي وحلوان الكاهن، قال: وحلوان الكاهن ما يأخذه المتكهن على كهانته، وفعل الكهانة باطل، لا يجوز أخذ الأجرة عليه. وقال الماوردي صاحب الحاوي في آخر كتابه الأحكام السلطانية: ويمنع المحتسب من التكسب بالكهانة واللهو، ويؤدب عليه الآخذ والمعطي.

كيس: قال صاحب المحكم: الكيس الخفة والنوقد كاس كيسا، فهو كيس وكيس والجمع أكياس. قال سيبويه: كسروا كيسا على أفعال تشبيها بفاعل، ويدلك على أنه فيعل أنهم قد سلموه، فلو كان فعلا لم يسلموه، والأنثى كيسة، وكيسة والكوسى والكيسى جماعة الكيسة. عن كراع قال: وعندي أنها تأنيث الأكيس، وقال مرة: لا يوجد على مثالها إلا ضيقي وضوقى في جمع ضيقة وطوبى جمع طيبة، ولم يقولوا طيبى قال: وعندي أن ذلك تأنيث الأفعل، والكوسى الكيس عن السيرافي، ورجل مكيس كيس، وأكاست المرأة، وأكيست ولدت ولدا كيسا، وكذلك الرجل وامرأة مكياس تلد الأكياس، وتكيس الرجل أظهر الكيس، والكيس اسم رجل، والكيس الجماع، والكيس من الأوعية، وعاء معروف يكون للدراهم والدنانير والدر والياقوت، والجمع كيسة، هذا آخر كلام صاحب المحكم.

وقال الأزهري: يقال كاس الرجل يكيس كيسا. قال ابن الأعرابي: الكيس العقل والكيس الجماع، ويقال: كايست فلانا فكسته أكيسه كيسا أي: غلبته بالكيس، هذا قول أهل اللغة، وقول الأصحاب في كتب المذهب: هذا من كيس الربيع هذا

ص: 122