الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فصل في الوصية وما يجري مجراها}
أي من محاسبة الأولاد بما أنفقه الأب عليهم تارة وعدم محاسبتهم بها تارة أخرى وغير ذلك مما ذكره الناظم من اللواحق التي ليست من الأركان كما ستعرفه (والوصية) في اللغة الوصل لأنها مشتقة من وصيت الشيء بالشيء إذا وصلته به فكأن الموصي لما أوصى بالشيء وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ التصرف. وفي اصطلاح الفقهاء عرفها الإمام ابن عرفة بقوله عقد يوجب حقًا في ثلث عاقده يوم موته أو نيابة عنه بعده اهـ (فقوله) يوجب حقًا إلى آخره يخرج به ما يوجب حقًا في رأس ماله مما عقده على نفسه في صحته أو مرضه من الحقوق لمن لا يتهم عليه لا يسمى وصية (وقوله) أو نيابة عنه عطف على حقًا ليدخل الإيصاء بالنيابة عن الميت في شؤون أولاده. وفي اصطلاح الفراض هي عقد يوجب حقًا في ثلث عاقده فقط فهي أخص من الوصية عند الفقهاء (والأصل) في مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع (فأما) الكتاب فقول الله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية الآية (وأما) السنة فقوله عليه الصلاة والسلام ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده الحديث أي ليس من حق المسلم أن يبيت ليلتين دون أن يكتب وصيته (وأما) الإجماع فقد اتفق جميع العلماء على ثبوتها بالدليلين المذكورين كما رأيت لكن اختلفوا في حكمها هل هي واجبة أو مندوبة والذي عليه أكثر أهل العلم أنها مندوبة لا واجبة لأنها لو كانت واجبة لقال تعالى في الآية المتقدمة حقًا على جميع الناس لا حقًا على المحسنين وإن الحديث الوارد فيها محمول على الترغيب بدليل قوله عليه الصلاة والسلام إن الله أعطاكم ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة على أعمالكم والعطية غير الفرض وقد يعرض لها الوجوب إذا كان عليه دين والحرمة إذا أوصى بنياحة ونحوها كأن يصاح عنه بمال والكراهة إذا كانت بمكروه أو في مال فقير وتباح إذا كانت بمباح من بيع أو شراء (تتمة) اختلف العلماء في تفسير الخير في قوله تعالى أن
ترك خيرًا فقال بعضهم المال الكثير ألف دينار فأكثر. وقال علي كرم الله وجهه لمريض ذكر له الوصية لا توصي إنما قال الله تعالى أن ترك خيرًا وأنت لم تترك إلا اليسير دع مالك لبنيك. وقيل المال مطلقًا يسيرًا كان أو كثيرًا (قال) ابن عبد البر يستحب للموصي أن يقصر على الثلث بشيء لقوله عليه الصلاة والسلام الثلث والثلث كثير. وكان ابن عباس وغيره يستحبون الربع. وقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه الخمس أحب إلي لأن الله تعالى رضيه لنفسه كذا في ابن راشد (وأركانها) أربعة الصيغة ولموصي والموصى له والموصى به (فأما) الصيغة فهي كل ما يفهم منه الوصية من لفظ أو إشارة ولو من قادر على الكلام أو خط ولكن لا يجب تنفيذ ما كتبه إلا بإشهاد الموصي عليها لأن له الرجوع عنها ما دام حيًا قال الشيخ خليل وإن ثبت أن عقدها خطه أو قرأها ولم يشهد أو لم يقل أنفذوها لم تنفذ ولهم الشهادة حيث أشهدهم ولو لم يقرأ عليهم الكتاب ولا فتحه لهم ولا يضر بقاء الوصية عنده حتى مات حيث أشهدهم على ما فيها أو قال لهم أنفذوا وصيتي (وأما) الموصي فقد أشار إليه الناظم مع بيان القدر الذي يجوز له أن يوصي به فقال
(في ثلث المال فأدنى في المرض
…
أو صحة وصية لا تعترض)
(حتى من السفيه والصغير
…
أن عقل القربة في الأمور)
(والعبد لا تصح منه مطلقًا
…
وهي من الكافر ليست تتقى)
يعني أن الوصية إذا كانت في ثلث المال فأقل فإنها تصح ولا يعترضها معترض بالبطلان وسواء كان الموصي صحيحًا أو مريضًا رشيدًا أو سفيهًا كبيرًا كان أو صغيرًا إذا بلغ عشر سنين وعرف الطاعة والثواب عليها من الله تعالى مسلمًا كان أو كافرًا لغير مسجد كما في الحبس لكن بشرط أن يكون حرًا فإنها لا تصح من العبد سواء كان مملوكًا كله أو فيه شائبة حرية كالمبعض والمكاتب والمدبر هذا مراد الناظم بالإطلاق كما لا تصح من المجنون في حال جنونه (وأما الموصى له) فهو قاله
(وهي لمن تملك منه يصح
…
حتى لحمل واضح أو لم يضح)
(لاكنها تبطل إن لم يستهل
…
وللعبيد دون إذن تستقل)
يعني أن الوصية تجوز لمن يصح تملكه ولو حكمًا كالمساجد والحمل الظاهر في بطن أمه أو لمن سيوجد في المستقبل كما مر في الحبس فإن ولد واستهل صارخًا صحت له وإن لم يستهل بطلت ورجعت ميراثًا وكذلك تصح الوصية للعبد ولا تتوقف صحتها على إذن سيده بل تستقل بنفسها بدون شرط وتكون للعبد حتى ينتزعها منه سيده (تنبيهات) الأول إذا أوصى لولد فلان والحال إنه لا ولد له حين الوصية ولا حمل فلا يخلو الأمر إما أن يعلم الموصي بذلك أم لا فإن لم يعلم فالوصية باطلة كما في الزرقاني وإن تنازعا في العلم وعدمه فالقول للورثة كما في الحطاب وإن علم فهي صحيحة وتكون لكل من يولد له الذكر والأنثى في ذلك سواء إلا إذا وقع التنصيص على التفضيل ومن مات منهم لم تمكن ورثته من الدخول في حقه حتى ينقرضوا جميعًا ثم تكون لورثتهم أجمعين وهكذا (الثاني) إذا نزل الإنسان أولاد ولده الميت منزلة أبيهم فإنه يجري مجرى الوصية وتقسم بين المنزلين للذكر مثل حظ الأنثيين على ما به الفتوى (الثالث) الغلة الحاصلة قبل وجود الموصى له تكون لورثة الموصي قاله عبد الحميد ابن أبي الدنيا الطرابلسي قاضي الجماعة بتونس والتوزري وابن زيادة الله قال البرزلي وغيره وبه العمل وخالف أبو علي بن علوان في ذلك (قال) ابن راشد الخلاف في هذه المسألة ينبني على خلاف الأصوليين في الحكم إذا توسط بين سببه وشرطه هل يصح نظرًا إلى السبب أو لا يصح لعدم الشرط ولذلك نظائر (منها) إذا كفر بعد اليمين وقبل الحنث (ومنها) إذا أخرج الزكاة بعد ملك النصاب وقبل الحول وفي ذلك خلاف معلوم. وكذلك هذه المسألة قد وجد فيها السبب وهو موت الموصي وفقد الشرط وهو القبول ومقتضى النظر إن تكون الغلة للورثة اهـ وفي جواب ابن أبي الدنيا المذكور أن الغلة لا تكون للموصى لهم إلا من يوم
القبول وقبول هذا لا يكون إلا بعد وجوده كذا في مجالس القاضي المكناسي ونظم هذا العمل أبو زيد الفاسي بقوله
وغلة قبل وجود الموصى
…
له لوارث أقل تخصيصا
(الرابع) يشترط في لزوم الوصية قبل الموصى له بعد الموت إن كان معينًا وكانت الوصية بغير العتق ولا أثر للقبول قبل الموت ويقبل العبد وإن لم يأذن له سيده كما مر فإن لم يقع القبول بعد الموت بطلت الوصية ولا يشترط الفور بعد الموت بل توقف فإن حصل القبول صحت وإلا بطلت ولا يشترط قبول غير المعين فلو أوصى للفقراء أو للمسجد ونحوهما صحت لتعذره ويجب على من له النظر تنفيذها قال ابن مرزوق عند قول صاحب المختصر ولمسجد وصرف في مصلحته الخ قال في المدونة ومن أوصى بشيء يخرج في كل يوم إلى غير أمد من وقيد في مسجد وسقي ماء أو بخبز كل يوم بكذا وكذا أبدًا وأوصى مع ذلك بوصايا فإنه يحاص لهذا المجهول بالثلث ويوقف لذلك حصته اهـ وما ذكر من معنى الوقيد هو من معنى الوصية للمسجد اهـ (فرع) إذا مات الموصى له في حياة الموصي بطلت الوصية وإن مات بعده وقبل العلم بالوصية أو علم ولم يقل قبلت قام ورثته مقامه على الراجح وإذا رد الموصى له الوصية في حياة الموصي فله قبولها بعد موته لأنها لا تجب إلا بالموت وقد أسقط شيئًا قبل وجوبه فلا يلزمه وإلى ذلك يشير بقوله على ما يوجد في بعض النسخ
(وليس من شيء لمن يوصى له
…
إلا إذا الموصي يموت قبله)
وقوله وهي لمن تملك الخ هي مبتدأ يعود على الوصية وخبره في المجرور بعده وتملك بالرفع فاعل بفعل محذوف تقديره يصح يفسره الفعل لمذكور والجملة من الفعل والفاعل صلة من الواقع على الموصى له (وأما) الموصى به فقد أشار إليه الناظم فقال
(وهي بما يملك حتى الثمر
…
والدين والحمل وإن لم يظهر)
يعني أن الوصية تصح بكل مملوك حتى بالثمر على رؤس الشجر أو قبل وجودها كغلة
هذا العام وتصح أيضًا بالدين الذي في الذمة وبحمل ناقته أو بقرته ظاهرًا كان أو لم يظهر كقوله ما تلده ناقتي أو فرسي في هذه السنة أو أكثر فهو لفلان وكذلك تصح بالبعير الشارد والمغصوب والمجهور وإن كان في ذلك غرر لأنه تبرع والغرر فيه جائز ولا تجوز بما لا يملك كخمر لمسلم لا كافر وقوله الثمر بفتح الميم مجرور عطف على ما والدين والحمل بالجر كذلك ويظهر بكسر الراء للوزن ثم قال
(وامتنعت لوارث إلا متى .... إنفاذ باقي الوارثين ثبتا)
يعني أن الوصية لا تجوز لوارث إلا إذا أجازها باقي الورثة فإنها تجور وتكون ابتداء عطية تحتاج إلى حوز وقبول اللفظ أو ما يقوم مقامه كما تقدم في التبرعات وإنما كانت ممنوعة لقوله عليه الصلاة والسلام إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث (تنبيه) يجوز للإنسان أن يوصي لابن وارثه كما يأتي أو لأحد أقاربه ولم علم أنه يردها للوارث لأن ذلك لا يمنع الوصية لأن مقتضى ملكه لمن أوصى له بعد أن يعطيه لمن شاء فإن قصد ذلك الموصي فهو آثم إلا إذا ثبت أنه تحيل وتوليج فإنها لا تصح وتكون ميراثًا (وقال) في أوائل وصايا المعيار أنه إذا اتهم أن يكون اتفق مع الموصى له أن يردها على الوارث وإن ذلك تحيل على الوصية للوارث فإن الموصى له يحلف للتهمة المذكورة فإن لم يحلف لم يعط الوصية اهـ (فرع) وقعت نازلة في حاضرة تونس وهي رجل أوصى لابن أخيه بثلث ماله على أن يأخذه من ربع زوجتيه حيث لا ولد له ولما مات الموصي وأراد ابن أخيه أخذ الثلث لموصى له بعد أن امتنعت الزوجتان من ذلك ولم توافقا عليه ورفعت النازلة إلى العلم الهمام أبي عبد الله الشيخ محمد الطاهر النيفر فحكم بإبطال الوصية بموافقة شيوخ الشورى له على ذلك لأنها لم تكن جارية على سنن وصايا المسلمين وإنما المقصود منها المضارة فعومل بنقيض مقصوده وهو ظاهر لا خفاء فيه عند المنصفين والله يحب المقسطين (قال في كتاب) الوصايا الثاني من المدونه وإذا أوصى بثلث لوارث وقال إن لم يجزه باقي الورثة فهي في السبيل لم يجز
ذلك وهو من باب الظن كذا في ابن مرزوق على المختصر وقوله إنفاذ بالرفع فاعل بفعل محذوف تقديره ثبت وألف ثبتًا في النظم للإطلاق ثم قال
(وللذي أوصى ارتجاع ما يرى
…
من غير ما بتل أو ما دبرا)
يعني أن من أوصى في صحته أو مرضه بعتق أو غيره فله أن يغير من ذلك ما ظهر له ويصنع فيه ما يشاء وله طرح تلك الوصية ويبدل غيرها ولو التزم عدم الرجوع فيها على القول المشهور المعمول به إلا ما بتل عتقه أو عطيته بأن قال أخرجوها عشت أو مت فليس له الرجوع فيها على أحد قولين قال ابن رحال الراجح الرجوع مطلقًا في العتق وغيره على أي وجه كانت الوصية لأنها عدة فلذلك يرجع فيها ولأنها معلقة على الموت ولم يحصل ولأنها وكالة وللموكل بكسر الكاف عزل وكيله قبل إن ينفذ ما وكله وقوله
(وفي الذي علم موص تجعل
…
ودين من عن اليمين ينكل)
يعني أن الوصية لا تخرج إلا من المال الذي علم به الموصي في صحته أو مرضه كما تخرج من الدين الذي في ذمته إذا نكل طالبه عن يمين القضاء أو عنها وعن يمين النصاب إذا لم يكن لرب الدين على الموصي إلا شاهد واحد فإذا لم يثبت الدين وبقي للورثة فإنه يجمع لبقية مال الموصي وتخرج الوصية من الجميع وإما المال الذي لم يعلم به وإنما أثبتته لمن ورثته بعد وفاته فإن الوصية لا تخرج منه (فرع) قال ابن زرب لو قال الورثة بعض المال لم يعلم به الموصي وقال الموصى له بل علمه فعلى الموصى له إثبات أنه علمه وإلا فليس له إلا ما أقر الوارث بعلمه اهـ (مسألة) من حبس أو تصدق أو وهب شيئًا من ماله وأوصى بعد ذلك بوصايا ثم بعد وفاته ظهر ما يوجب بطلان ما تصدق به ووقع الحكم ببطلانه فهل تكون الوصايا فيما بطل من التبرعات كمال علم به أم لا قولان والراجح منهما عدم دخول الموصى لهم فيما بطل إذا كان مثله ممن يجهل بطلان عطيته أما إذا كان الموصي عالمًا بأوجه
البطلان وإنها تؤول إليه عند الترافع لدى القضاة فإنهم يدخلون كما وقع الإفتاء بهذا في تركة الإمام ابن عرفة رحمه الله وبه القضاء وقوله
(وصححت لولد الأولاد
…
والأب للميراث بالمرصاد)
معناه أن الوصية تصح لولد الولد مع وجود الولد وعن وجوده عبر بقوله والأب للميراث بالمرصاد أي يرصد ميراث أبيه ويترقبه يقال رصدته أي ترقبته وإنما صححت لولد الولد لأنه غير وارث ولهذا لو صار وارثًا كما لو مات أبوه قبل موت الموصي الذي هو جده لم تصح (قال) ابن مرزوق عند قول الشيخ خليل والوارث يصير غير وارث وعكسه الخ ما نصه وقال في المدونة في المسألة الثانية أن أوصى في صحته لامرأة ثم تزوجها ثم مات بطلت الوصية اهـ وظاهر النظم كان ولد الولد الموصى له موجودًا وقت الإيصاء أم لا وهو كذلك كما تقدم عند قوله. حتى لحمل واضح أو لم يضح
…
لكنها تبطل إن لم يستهل. وهذا قد يستغنى عنه بذلك وبمفهوم قوله وامتنعت لوارث وتقدم الكلام على حكم الغلة الحاصلة قبل وجود الأحفاد وغير ذلك من الفوائد واعلم أن هاته المسألة اتسع فيها الكلام جدًا وإذا أردت أن تستوفيها فعليك بتكملة الشيخ مياره رحمه الله فقد أجاد فيها وأفاد وإنما تركت اختصارها لأنه قد يكون مخلًا والإتيان بجميعها يكون مملًا والله الموفق للصواب (ثم شرع يتكلم على الأب إذا أنفق على ابنه الذي تحت نظره ثم أراد الرجوع عليه في حياته أو أراد بقية الورثة الرجوع على الابن بعد وفاة الأب فأشار إلى الصورة الأولى بقوله
(وإن أب من ماله قد أنفقا
…
على ابنه في حجره ترفقا)
(فجائز رجوعه في الحال
…
عليه من حين اكتساب المال)
يعني أن الأب إذا أنفق من ماله على ابنه الذي في حجره وتحت ولاية نظره فإنه يجوز له أن يرجع عليه بما أنفقه عليه من وقت كسب ابنه للمال فما بعد وأما ما أنفقه عليه
في حال عسره فلا يرجع عليه به لأن نفقته واجبة عليه إلى البلوغ قادرًا على التكسب إذا كان ذكرًا وإلى دخول الزوج إذا كان الولد أنثى وقوله أب فاعل بفعل محذوف يفسره أنفق وترفقا مفعول لأجله وهو راجع لكونه في حجره إذ لو رد إلى الإنفاق لكان نصًا في عدم الرجوع. وأشار إلى الصورة الثانية مع ما فيها من التفصيل فقال
(وإن يمت والمال عين باق
…
وطالب الوارث بالإنفاق)
(فما لهم إليه من سبيل
…
وهو للابن دون ما تعليل)
(إلا إذا أوصى على الحساب
…
وقيد الإنفاق بالكتاب)
يعني أن الأب إذا أنفق على ابنه الذي في ولايته وللابن وقت إنفاق أبيه عليه مال عين قد وجد في تركة الأب بعد موته وطلب بقية ورثته الابن المنفق عليه بالنفقة فليس لهم ذلك لأن إبقاء الوالد مال ولده العين تحت يده دليل على تبرعه عليه بها لسهولة الأخذ من العين إلا إذا أوصى الأب بمحاسبة الأبن بما أنفق عليه وقيد ذلك في حجة فلهم محاسبته بها. وقوله وإن يمت الخ فاعل يمت ضمير يعود على الأب وجملة والمال عين باق في محل نصب على الحال وباق نعت لعين وطالب فعل ماض والوارث فاعل والمفعول محذوف أي الابن المنفق عليه بدليل السياق وضمير لهم يعود على الوارث وجمعه باعتبار ما يصدق عليه لأن المراد به جنس الوارث واحدًا كان أو متعددًا وضمير إليه وضمير وهو يعودان على الإنفاق أي المال المنفق من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق والرزق بمعنى المرزوق ثم قال
(وإن يكن عرضًا وكان عنده
…
فلهم الرجوع فيه بعده)
(إلا إذا قال لا تحاسبوا
…
وترك الكتب فلن يطالبوا)
(وكالعروض الحيوان مطلقًا
…
فيه الرجوع بالذي قد أنفقا)
يعني أن الأب إذا أنفق من ماله على ابنه الصغير وللابن وقت الإنفاق عليه مال
عرض أو حيوان ولما مات الأب وجد ذلك المال بعينه في تركته وأراد بقية الورثة الرجوع على الابن بالنفقة فلهم ذلك لان في بيعه مشقة ونحوها إلا إذا أوصى وقال لا تحاسبوه ولم يكتبها عليه أو كانت عادة البلد عدم الرجوع بها فلا رجوع لهم عليه. وقوله الحيوان مطلقًا أي عاقلًا كان أو غير عاقل فإن لم يوجد العرض في تركته وبيع الحيوان فإن الابن يحاسب بالنفقة من باب أولى ولو لم يشهد الأب بعمارة ذمته ثم صرح بمفهوم قوله السابق والمال عين باق وهو أن المال العين إذا لم يبق فلو ذكره عقبه متصلًا به لكان أولى فقال
(وإن يكن عينًا ورسمًا أصدرا
…
بأنه ذمته قد عمرا)
(فما تحاسب بمستحق
…
وهو كالحاضر دون فرق)
(وإن يكن في ماله قد ادخله
…
من غير إشهاد بذلك أعمله)
(مع علم أصله فههنا يجب
…
رجوع وارث بإنفاق طلب)
يعني أن الأب إذا أنفق من ماله على ابنه الصغير وكان للابن حين أنفاق أبيه عليه مال عين إلا أنه لم يوجد في تركة أبيه وأراد بقية الورثة محاسبة الابن بالنفقة فإن أشهد الأب بعمارة ذمته بمال ابنه فإن الابن لا يحاسب بالنفقة لأن ما في الذمة كالموجود وقد تقدم أنه إن وجد مال عين في التركة لم يحاسب الابن إلا إذا أوصى بالمحاسبة وقيد ذلك في حجة وكذلك هنا إذ لا فرق بينهما. وإن لم يشهد بعمارة ذمته وعلم أصل المال الذي في ذمة الأب فإن الابن يحاسب بالنفقة ويرجع عليه الوارث بها إلا إذا كانت عادة قوم عدم مطالبة أبنائهم بالنفقة فإنه لا يحاسب بها كما مر (قوله) وإن يكن عينًا الخ ففي يكن ضمير يعود على المال اسمها وعينًا خبرها ورسما مفعول مقدم بإصدار وألفه للإطلاق وبأنه متعلق به وضميره يعود على المال وذمته مفعول بعمرا مقدم كالذي قبله وألف للإطلاق وجماعة قد عمرا خبر أن بفتح الهمزة وجملة
فما تحاسب بمستحق المنفية بما في محل جزم جواب إن من قوله وإن يكن عينًا (وقوله) وإن يكن في ماله الخ إن شرطية ويكن فعل الشرط واسم يكن ضمير يعود على لأب ومفعول ادخله يعود على مال الابن وجملة اعمله صفة إشهاد وجملة فههنا يجب رجوع وارث الخ جواب الشرط وجملة طلب صفة إنفاق أي طلب من الابن (هذا) كله فيما قبضه الأب من مال ابنه وأما ما كان للابن من المال ولم يقبضه له أبوه فأشار إليه الناظم بقوله
(وغير مقبوض على الإطلاق
…
كالعرض في الرجوع بالإنفاق)
يعني أن الأب إذا أنفق من ماله على ابنه الصغير وللابن وقت الإنفاق عليه مال لم يقبضه الأب ممن هو تحت يده حتى مات الأب فإن الابن يحاسب بالنفقة إذا طلب بقية الورثة ذلك كما إذا كان ماله عرضًا ووجد في تركته كما مر إلا إذا أوصى الأب بعدم محاسبته أو كانت عادتهم ذلك فإنه لا يحاسب وسواء كان ذلك المال الذي لم يقبضه عينًا أو عرضًا وإليه أشار الناظم بالإطلاق (ولما) تكلم على موت الأب شرع يتكلم على موت الابن المنفق عليه فقال
(وموت الابن حكمه كموت الأب
…
وقيل في يسر أب حلف وجب)
يعني أن حكم موت الابن في حياة أبيه إذا أراد الرجوع عليه بما أنفقه عليه كحكم موت الأب في جميع ما تقدم من كون المال عينًا أو عرضًا موجودًا أو غير موجود إلى غير ذلك ولا يمين على الأب إذا طلب بقية ورثته أحلافه إنه أنفق ليرجع لأنهم قائمون مقام الابن ولا يرثون إلا ما كان له وليس للابن أن يحلف أباه وقيل إذا كان الأب أمينًا وهو معدم فلا يمين عليه وإذا كان موسرًا غير أمين يحلف إنه أنفق ليرجع (قال) ابن أبي زمنين في المقرب قال محمد ولمالك في سماع ابن القاسم انه سئل عن الرجل يموت ولده وقد كان للولد مال فتقوم جدته أو أمه تطلب ميراثها في ذلك فيقول الأب قد أنفقت عليه في كذا وكذا أترى عليه يمينًا فقال إن كان رجلًا