الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في المصباح واستحق فلان الأمر استوجبه اهـ وفي الاصطلاح عرفه الإمام ابن عرفة بقوله الاستحقاق رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله أو حرية كذلك بغير عوض اهـ (فقوله) بثبوت ملك قبله أخرج به رفع الملك بثبوت ملك بعده كالبيع والهبة والعتق وما ملك بالموت أو معه كطرو وارث على وارث (وقوله) أو حرية عطف على ملك الثاني يعني أو رفع ملك بثبوت حرية كذلك أي قبله وأشار به إلى الاستحقاق بالحرية (وقوله) بغير عوض أخرج به ما وجد في المغانم بعد بيعه أو قسمه فإنه لا يأخذه مالكه إلا بالثمن كما يأتي. ويدخل في التعريف مدعي الحرية إذا استحق برق لأن مدعي الحرية يملك منافع نفسه واستحقاقه برقية يرفع ذلك الملك. ويدخل فيه أيضًا الاستحقاق بالحبس فإن الملك إما للمحبس أو للمحبس عليه. وقال بعضهم لو قال الإمام الاستحقاق رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله بغير عوض لكان أخصر وأوضح (قال) الحطاب لا يتصور الاستحقاق إلا بعد معرفة حقيقته وحكمه وسببه وشروطه وموانعه أما حقيقته فهي ما ذكر (وأما) حكمه فقال ابن عرفة حكمه الوجوب عند تيسر أسبابه في الربع على عدم يمين مستحقه وعلى يمينه هو مباح لغير الربع لأن الحلف مشقة اهـ. (قلت) وفي أحكام القرءان لابن العربي عند قول الله تعالى إنما السبيل على الذين يظلمون الناس الآية (المسألة) الثانية روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك وسئل عن قول سعيد بن المسيب لا أحلل أحدًا فقال ذلك يختلف فقال يا أبا عبد الله الرجل يسلف الرجل فيهلك فلا وفاء له فقال أرى أن يحلله وهو أفضل لقول الله تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وليس كما قال وإن كان له فضل يتبع فقيل له الرجل يظلم الرجل فقال لا أرى ذلك وهو مخالف عندي للأول لقول الله تعالى إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويقول تعالى ما على المحسنين من سبيل فلا أرى أن تجعله من ظلمه في حل (قال) ابن العربي فصار في المسألة
ثلاثة أقوال أحدها لا يحلله بحال قاله سعيد بن المسيب. والثاني يحلله قاله محمد ابن سيرين. والثالث إن كان غير ظالم حلله وإن كان ظالمًا لم يحلله وهو قول مالك. وجه الأول أن لا يحلل ما حرم الله فيكون كالتبديل لحكم الله. ووجه الثاني أنه حقه فله أن يسقطه كما سقط دمه وعرضه. ووجه الثالث الذي اختاره مالك هو أن الرجل إذا غلب على حقه فمن الرفق به أن تحلله وإن كان ظالمًا فمن الحق أن لا تتركه لئلا يغتر الظلمة ويسترسلوا في أفعالهم القبيحة اهـ فأفهم ذلك (ثم) قال الحطاب وأما سببه فهو قيام البينة على عين الشيء المستحق أنه ملك للمدعي لا يعلمون خروجه ولا خروج شيء منه عن ملكه حتى الآن والشهادة بأنها لم تخرج عن ملكه إنما تكون على العلم في قول ابن القاسم المعمول به (قلت) وقد تقدم بسط هذا عند قول الناظم وغالب الظن به الشهاده. بحيث لا يصح قطع عادة (ثم) قال وأما شروطه فثلاثة الأول الشهادة على عينه إن أمكن وإلا فحيازته بأن يقول شهود الملكية لمن يبعثه القاضي معهم هذه الدار هي التي شهدنا بها عند القاضي فلان (الثاني) الإعذار في ذلك إلى الحائز (الثالث) يمين القضاء وفي لزومها ثلاثة أقوال والقول المعمول به أنه لا يحلف في العقار ويحلف في غيره انظر ابن سلمون (وأما) موانعه ففعل وسكوت أما السكوت فمثل أن يترك القيام من غير مانع أمد الحيازة وأما الفعل فمثل أن يشتري ما ادعاه من عند جائزه فلو قال إنما اشتريته خوف أن يفتيه علي فإذا أثبته رجعت عليه بالثمن لم يكن له مقال. وقال أصبغ إلا أن تكون بينة بعيدة جدًا أو يشهد قبل الشراء إنه إنما اشتراه لذلك فلذلك ينفعه ولو اشتراه وهو يرى بأن لا بينة له ثم وجد بينة فله القيام وأخذ الثمن منه اهـ وفول التسولي عند قول الحطاب وأما شروطه فثلاثة الأول الشهادة على عينه إن أمكن وإلا فحيازته الخ قلت هذا هو عين قوله وأما سببه كما لا يخفى الخ فكلامه هذا يقتضي إشكال كلام الحطاب مع أنه لا إشكال فيه لأن وجود البينة على الكيفية المذكورة سبب من جهة قيام صاحب الحق بها لأنها لو لم تكن كذلك لتعذر عليه القيام وشرط من جهة حكم الحاكم
لأنها لو لم تكن كذلك لما حاز له الحكم بها وحيث انفكت الجهة ارتفع الأشكال الذي توهمه ومن المعلوم الجلي عند العلماء أن الاعتبارات إذا تعددت في الأمور النسبية كالسبب والشرط والمانع جاز اجتماع اثنين منهما أو ثلاثة في شيء واحد كما تجتمع الأبوة والبنوة في واحد باعتبار والديته وباعتبار مولوديته ويجتمع السبب والشرط في الطهارة فسببيتها باعتبار إباحتها للدخول في الصلاة وشرطيتها باعتبار صحتها وتجتمع الثلاثة في العقد على الزوجة فإنه شرط في صحة النكاح وسبب في إباحة التلذذ بها ومانع من إنكاحها رجلًا آخر والله أعلم (ولما) كانت البينة شرطًا في الاستحقاق كما علمت وذلك عند إنكار المدعى عليه أشار إليها الناظم بقوله
(المدعى استحقاق شيء يلزمه
…
بينة مثبتة ما يزعم)
(من غير تكليف لمن تملكه
…
من قبل ذا بأي وجه ملكه)
فالمدعي مبتدأ وجملة يلزم بالبناء للنائب خبره وبينة مفعول ثان بيلزم وما واقعة على الملك وجملة يزعم بفتح العين صلة ما والعائد محذوف ومن غير تكليف متعلق بيلزم ولمن تملكه متعلق بتكليف وذا إشارة للاستحقاق وبأي وجه متعلق بتملكه ومعنى البيتين مع بيان كيفية العمل في المسألة أن من أدعى استحقاق شيء معين كدار بيد غيرها وأنه أستولى عليه بوجه كذا من رهن أو كراء ونحوهما كما في الحطاب أو بدون وجه شرعي مدة كذا إذ لابد من بيان المدة لما ينبني عليها من الأحكام كما في برنامج عظوم فإن المطلوب يوقف على الإقرار والإنكار خاصة ولا يسأل من أين صار له على القول المعمول به فإن أقر فالحكم واضح وإن أنكر وقال المال مالي والملك ملكي في حوزي ودعواك فيه باطلة اكتفى منه بذلك ولم يلزمه أكثر منه وكلف الطالب إثبات الملك الذي زعم أنه له وإن زعم أن الملك أنجر له عمن ورثه عنه فإن المطلوب لا يسأل عن شيء حتى يثبت الطالب موت مورثه الذي ادعى أنه ورث ذلك منه ووراثته له وتناسخ الوراثات إن كان تناسخ على ما به العمل ويضمن في المقال كالتوكيل
ونحوه فإن أثبت الطالب ذلك كله فإن المطلوب يوقف على الإقرار والإنكار فإن قال ملكي وحوزي اكتفي به كما مر ويكلف الطالب إثبات الملك له أو لوارثه فإن أثبته على ما يجب سئل المطلوب حينئذ من أين صار له فإن قال حوزي وملكي وقد حزته عشر سنين والمدعي حاضر عالم ساكت بلا مانع كلف إثبات ذلك فإن أثبت بينة الحيازة كما يجب أعذر فيها للمدعي فإن لم يجد مطعنا سقطت دعواه وبينته إلا في الحبس كما تقدم في الفصل قبله وإن لم يدع الحيازة القاطعة بل أدعى أنه صار له بالبيع ونحوه من قبل الطالب أو مورثه كلف إثبات ذلك فإن أثبته وعجز الطالب عن الطعن فيه بطلت دعواه وإن عجز المطلوب عن إثبات الحوز في المسألة الأولى أو إثبات البيع في الثانية قضي للطالب به ما يطل كما مر وهل بيمين أو بدون يمين ثلاثة أقوال قيل تجب اليمين في كل شيء وقيل لا تجب في شيء وقيل لا تجب في الأصول وتجب في غيرها وبه العمل كما تقدم وإليه أشار الناظم بقوله
(ولا يمين في أصول ما استحق
…
وفي سواها قبل الإعذار يحق)
يعني أن من استحق شيئًا بالبينة فإن كان من الأصول كالدار ونحوها فلا يمين عليه لأن حالها لا يخفى على الناس وإن كان من غير الأصول كالحيوان والعروض فإنه يجب عليه اليمين بأن يقول بالله الذي لا إلاه إلا هو ما باع الشيء المستحق ولا وهبه ولا خرج عن ملكه بوجه إلى الآن لأن البينة شهدت على نفي العلم فيحلف هو على البت وهكذا كل من شهدت له بينة بظاهر الحال فلابد من يمينه كما تقدم في باب اليمين وتكون يمينه قبل الإعذار للمشهود عليه لأن الإعذار إنما يكون بعد الثبوت وكمال الثبوت هو بحلفه لكن الذي عليه الجمهور وبه العمل إن حلفه يكون بعد الإعذار لا قبله لأنها من قبيل الاستبراء. وإذا مكن المدعى عليه من الإعذار فتارة يترك الإعذار ليرجع على بائعه وتارة لا يتركه وإلى الأول أشار الناظم بقوله
(وحيثما يقول ما لي مدفع
…
فهو على من باع منه يرجع)
يعني أن المستحق من يده إذا أشهد على نفسه بأنه لا مدفع له ولا تجريح ولا معارض في حجة خصمه فإن الشرع يمكنه من الرجوع على من باع منه إن أراده بما أعطاه ثم إن كان البائع معه في البلد فالحكم ظاهر وترجع الخصومة معه له أو عليه وإن كان ببلد آخر فله أن يذهب بالدابة مثلًا ليرجع على البائع بعد أن يضع قيمتها ببلد الاستحقاق على يد أمين ويؤجل في ذلك وتدفع له الدابة فإن رجع بها عند الأجل سالمة فذاك وإلا قبض المحكوم له القيمة فإن جاء بها وقد نقصت أو غيرت خير المستحق في أخذها بدون أرش أو القيمة وأشار إلى الثاني بقوله
(وإن يكن له مقال آجلا
…
فإن أتى بما يفيد أعملا)
(وما له في عجزه رجوع
…
على الذي كان له البيع)
يعني أن المدعى عليه إن أدعى مدفعًا في البينة التي شهدت لخصمه بالملك المتنازع فيه فإنه يؤجل في ذلك على ما جرى به العمل في التأجل فإن أتى بما يفيده أعمل وإن لم يأت بما يفيده حتى انقضت الآجال والتلومات حكم عليه بعد يمين الذي ثبت له الملك على ما تقدم ولم يكن للمحكوم عليه قيام بعد إدعائه المدفع على من باع منه إذ قيامه عليه إنما هو بالبينة التي شهدت فإذا كذب البينة لم يجب له بها قيام كذا في الوثائق المجموعة وفي نوازل البيوع والمعاوضات من المعيار وهو المشهور وبه القضاء وعليه العمل قال التسولي وهذا كله إذا طلب الإعذار للتكذيب والتجريح كما قررنا وأما إذا طلبه بقصد طلب رجوعهم عن الشهادة وسؤالهم عن كيفية شهادتهم وهل فيها تناقض أو سقط فصل من فصولها وأركانها ونحو ذلك مما لا يقتضي التكذيب كما هي عادة الناس اليوم فإن ذلك لا يبطل حقه في الرجوع قطعًا ولا ينبغي أن يختلف فيه لأنه لم يكذبهم قال ابن رحال قال وكذا لو كان جاهلًا بما يترتب على دعواه من الطعن والتكذيب فإنه لا يضره وإن كذبهم إلا إذا بين له أن التكذيب والطعن يضره ويوجب له عدم الرجوع اهـ كلام ابن رحال باختصار اهـ ثم قال الناظم
(والأصل لا توقيف فيه إلا
…
مع شبهة قوية تجلى)
(وفي سوى الأصل بدعوى المدعي
…
بينة حاضرة في الموضع)
يعني أن من ادعى استحقاق أصل وطلب توقيفه فإنه لا يجاب إلى مطلبه إلا مع شبهة قوية واضحة كشهادة عدل ولو محتاجا للتزكية أو اثنين كذلك أو عدلين مقبولين وبقي الإعذار فيهما كما مر في فصل التوقيف وأما غير الأصول من العروض والحيوان فإنه توقف بمجرد دعوى المدعي إذا كانت له بينة حاضرة في الموضع كما تقدم في الفصل الثاني من أنواع الشهادات فراجع المسألة هنالك لما في كلامه هنا من الأجمال وقوله تجلي فعل مضارع حذف منه إحدى التائين إذا أصله تتجلى وقوله بدعوى المدعي الظاهر إنه متعلق بمحذوف تقدير توقف بدعوى المدعي (ولما) كان القاضي لا يحكم إلا على معروف لمعروف في معروف بشهادة معروف كما قال الزقاق شهادة معروف لمعروف إن جرت. على مثله والشيء معروف أقبلا. وإلا فلا. الخ ويشاركه الشاهد في الثلاثة الأول والمعرفة تارة تكون بواسطة المعرفين وتارة تكون بدون واسطة كما هو معلوم وعليه فإن الشيء المتنازع فيه لا يخلو إما أن يكون إحضاره لدى القاضي ممكنًا لتقع الشهادة على عينه وأما أن يكون غير ممكن والى الأول أشار الناظم بقوله
(وما له عين عليها يشهد
…
من حيوان أو عروض توجد)
يعني أن الشيء المدعى فيه إن كان مما يقبل النقل من موضع إلى آخر كالحيوان فإنه يؤتى به لتقع شهادة الشهود على عينه لدى القاضي أو من يونب عنه من الموثقين لسهولة إحضاره عنده (ومفهوم) قوله توجد إنها إذا لم تكن موجودة بأن كانت غائبة عن البلد جازت الشهادة فيها على صفتها وهو كذلك (تنبيه) إذا كان المدعى فيه مما لا يعرف بعينه كالدراهم والدنانير والحلي والأواني والمكيلات والموزونات ونحوها فلا تقام الشهادة على عينه كما في ابن ناجي وغيره وحينئذ لم يكن للمدعي إلا حلف المدعى عليه وأشار إلى الثاني بقوله
(ويكتفى بحوز الأصل المستحق
…
بواحد عدل والاثنان أحق)
يعني أن الشيء المتنازع فيه إذا كان مما لا ينقل كالدار ونحوها فإن الحيازة فيه بعدل واحد يقدمه القاضي لها كافية لتعذر حضوره وشغل القاضي عن الذهاب إليه وإنما يكتفي بالعدل الواحد لأنه نائب عنه لكن الاثنان أولى عند كل ذي نظر وبه العمل وإنما تكون الحيازة بالعدول واجبة لتكون الشهادة على العين إذا شهد عدلان بملكية أصل لأحد وذكرا حدوده وأنكر المدعى عليه الحدود وقال لا أدري هذه الأرض التي ينازع فيها ولا حدودها وأما إذا وافق المدعى عليه المدعي على الحدود فلا يحتاج إلى حيازة وإليه أشار الناظم بقوله
(وناب عن حيازة الشهود
…
توافق الخصمين في الحدود)
فإذا تمت الحيازة بالشهادة أو بتوافق الخصمين على الحدود وأجاب المدعى عليه بالإنكار وجب توقيف المدعى فيه بالحيلولة على ما به العمل كما تقدم في الشهادات ثم يعذر للمطلوب ويؤجل كما مر ثم قال
(وواجب أعمالها أن الحكم
…
بقسمة على المحاجير حكم)
يعني أن القاضي إذا أراد أن يحكم بالقسمة على المحاجير فلا يقسم بينهم حتى يثبت عنده حيازة مورثهم ثم إن كان المقسوم يلتبس بغيره فلابد من أعمال الحيازة كما قال الناظم وإن كان معروفًا لا يلتبس بغيره فلا يحتاج إلى حيازة وكذا لا مفهوم للمحاجير بل غيرهم كذلك قال الباجبي ما نصه الذي أجمع عليه مالك وقدماء أصحابه ونقله من لا يحصى من الموثقين والأيمة المحققين أنه لا يجوز للقاضي أن يأذن للورثة في القسمة حتى يثبتوا أصل الملك لمورثهم واستمراره وحيازتهم والموت والوراثة وبه جرى عمل القضاة بقرطبة وطليطلة اهـ من نوازل المعيار وهاته المسألة لها نظاير قال ابن رحال منها الحبس إذا شهد به على القطع فلابد من ثبوت الملك للمحبس ومنها الرهن وباع الحاكم إن امتنع ومنها قول المختصر آخر النفقات
وبيعت داره بعد ثبوت ملكه ومنها في الحجر وباع الحاكم بثبوت يتمه وفي الفلس وبيع ماله بحضرته وهي مواضع كثيرة يطول بنا استقصاؤها فأنت ترى كلامهم لا ذكر للحيازة فيها ولا للمحاجير ويظهر أن الحيازة تجري على ما تقدم فإن عرف المقسوم ولا يلتبس بغيره فلا يحتاج إلى حيازة وإلا احتاج كان المملوك للمحاجير أو رشداء هذا الذي يظهر والعلم عند الله تعالى اهـ (ولما) كانت الشهادة قد تلفق في بعض المسائل ويقضى بها أشار الناظم إلى مسألة منها بقوله
(وجاز أن يثبت ملكًا شهدا
…
وبالحيازة سواهم شهدا)
(إن كان ذا تسمية معروفه
…
ونسبة مشهورة مألوفه)
يعني أن من ادعى ملكًا بيد غيره معروفًا باسم مفرد علامة عليه كالمديوني واللخمي من أجنة توزر أو معروفًا بأمس مركب من كلمتين مشتمل على نسبة مخصومة كبركة الله وبستان المصري وسانية الدار من غابة توزر أيضًا وأتى ببينة تشهد له بأن الجنان المسمى بالمديوني مثلًا هو ملك لفلان ومال من ماله إلى آخر الشروط التي تكتب في رسم الشهادة بالملك ولا تتعرض البينة لذكر حدوده لأن شهودها لا يعرفونها وتشهد بينة آخرى بأن الموضع المسمى بما ذكر حده من جهة القبلة كذا ومن جهة الشرق كذا الخ وإن الاسم المذكور لا يطلق إلا على الشيء المحدود لا على ما خرج عنها لأنهم كانوا يخدمونه مثلًا ولا يعرفون الجنان لمن هو فإن الشهادتين تلفقان ويوجه القاضي معهما شاهدين يشهدان على حيازتهما فيكون مجموع الشهود ستة ويثبت الملك حينئذ للمدعي ولا يتم له الاستحقاق إلا بعد الإعذار (تنبيه) فإن عجز المدعي عن بينة الحدود وبقيت الشهادة الأولى على إجمالها فإنها تجري على ما تقدم في فصل في مسائل من الشهادات عند قوله ومن لطالب بحق شهد الخ وقول الناظم شهداء في الشطر الأول من البيت بضم الشين جمع شهيد ولفظ شهدا بعده فعل ماض وألفه للإطلاق (ولما) فرغ الناظم من الكلام على استحقاق الكل شرع يتكلم على استحقاق البعض
وهو أما مثلي أو مقوم والمقوم إما أن يستحق منه شيء معين أو شائع والشائع إما أن يكون قابلًا للقسمة أو غير قابل وفي كل من الأقسام الأربعة إما أن يكون البعض المستحق قليلًا أو كثيرًا أشار إلى استحقاق المثلي كثيرًا أو قليلًا فقال
(ومشتري المثلي مهمى يستحق
…
معظم ما اشترى له التخيير حق)
(في الأخذ للباقي من المبيع
…
بقسطه والرد للجميع)
(وإن يكن منه اليسير ما استحق
…
يلزمه الباقي بما له يحق)
يعني أن من اشترى مثليًا من مكيل أو موزون أو معدود كالقمح أو زيت أو بيض ثم استحق منه شيء فإن كان معظمه خير المشتري بين التمسك بما بقي بحصته من الثمن وبين رد جميع الباقي بعد الاستحقاق ويأخذ جميع ثمنه وإن استحق القليل منه لزمه التمسك بالباقي بحصته أيضًا قال الشرح واليسير هنا الثلث فأدنى وقوله ومشتري المثلي الخ مضاف ومضاف إليه ويستحق مبني للنائب ومتعلقه محذوف أي منه ومعظم بضم أوله وفتح ثالثه نائب الفاعل ومعظم الشيء أكثره وهو مضاف وما الواقعة على الشيء المشتري مضاف إليه وجملة اشترى صلة ما والعائد محذوف أي اشتراه (ثم) أشار إلى استحقاق بعض المقوم المعين وهو إما كثير أو قليل فقال
(وماله التقويم باستحقاق
…
أنفسه يرد بالإطلاق)
(إن كان في معين ولا يحل
…
إمساك بقيه لما فيه جهل)
(وإن يكن أقله فالحكم إن
…
يرجع في حصته من الثمن)
يعني أن من اشترى مقومًا كثواب فاستحق منها ثوب معين فإن كان أفضل ما في الأثواب فإنه يرد الجميع ولا يجوز له التمسك بالباقي بعد استحقاق وجه الصفقة وهو ما زاد على النصف في القيمة لأن وجه الصفقة وإن كان قليلًا في الحسن فهو كثير من جهة القيمة وغيره قليل والأقل يتبع الأكثر فيفسخ الجميع لأنه لو تمسك بالأقل
لكان شراؤه واقعًا بثمن مجهول وإن كان غيره وجه الصفقة بأن كان قدر النصف فأقل يرجع بقيمة ما استحق ويتمسك بالباقي لأن الصفقة لم تنفسخ كما في استحقاق الجل (وقوله) باستحقاق متعلق بيرد وهو مضاف وانفسه مضاف إليه ومعنى الإطلاق سواء تراضيًا على التمسك بالباقي بما ينوبه أم لا وقوله إن يكن أقله اسم يكن ضمير يعود على الشيء المستحق وأقله بالنصب خير يكن (ثم) أشار إلى استحقاق البعض على الشياع وهو إما أن يكون قابلًا للقسمة أم لا فقال
(وإن يكن على الشياع المستحق
…
وقبل القسمة فالقسم أحق)
(والخلف في تمسك بما بقي
…
بقسطه مما انقسامه اتقي)
يعني أن من اشترى عقارًا فاستحق منه جزء شائع كنصف أو ربع على الشياع فإن كان ذلك العقار يقبل القسمة بلا ضرر فالذي يستحقه المشتري هو المقاسمة ويتمسك بالباقي ويرجع بحصة ما استحق وظاهره كان المستحق قليلًا أو كثيرًا وليس كذلك بل إنما يكون ذلك إذا كان المستحق قليلًا وأما إذا كان كثيرًا كثلث في دار أو نصف في أرض فالمشتري بالخيار بين التمسك بالباقي ويرجع بحصة المستحق وبين الرد ويرجع بجميع ثمنه وإن كان لا يقبل القسمة أصلًا أو يقبلها بضرر كشجرة واحدة أو دار ضيقة ونحوهما فهل له أن يتمسك بالباقي بما ينوبه من الثمن أم لا خلاف قال التاودي ولم أر من قال انه لا يجوز التمسك بالباقي في هذا القسم والذي في الشارح والحطاب وغيرهما فيه إن المستحق منه مخير بين التمسك والرد وإن قل لضرر الشركة (تنبيه) الربع المتخذ للغلة كالقابل للقسمة فلا يخير فيه إلا في استحقاق الكثير وهو في مثل الدار الواحدة الثلث وفيما تعدد من الدور ما زاد على النصف كالحيوان والعروض والنصف في الأرض كثير كما في الزرقاني وغيره ثم قال
(وإن يكن في الفيء مال المسلم
…
فهو له من قبل قسم المغنم)
(وإن يقم من بعد ما قد قسما
…
فهو به أولى بما تقوما)
يعني أن المسلمين إذا غنموا غنيمة من العدو فوجدوا فيها مال مسلم معروفًا فإن عرف ذلك قبل قسم الغنيمة فهو له بدون ثمن وإن لم يعرف إلا بعد القسمة فلا يأخذه ربه إن أراده إلا بالثمن الذي قوم به حين القسمة ويجري على هذا التفصيل ما عرف لذمي والله تعالى أعلم وقول الناظم
(ومشتر وحائز ما ساق من
…
أمن لا يؤخذ منه بالثمن)
معناه أن الحربي إذا قدم إلينا بأمان وفي يده شيء من أموال المسلمين فباعه أو هبه لمسلم أو ذمي فليس لمالكه نزعه من مشتريه أو الموهوب له الحائز لا بالثمن ولا بالقيمة. وأما من ذهب لبلدهم واشترى منهم شيئًا من أموال المسلمين لو وهبوه له وقدم به فلربه أخذه ممن اشتراه بالثمن ومن وهب له بلا ثمن وقوله ومشتر مبتدأ وحائز بالرفع معطوف عليه وما واقعة على الشيء المشتري أو الموهب معمول لمشتر أو حائز من باب التنازع وجملة ساق صلة ما والعائد محذوف أي ساقه ومن بفتح الميم اسم موصول فاعل ساق وأمن بضم أوله مبني للنائب صلة من ضميره المستتر فيه وجملة لا يؤخذ منه بالثمن خبر المبتدأ ثم قال
(ويؤخذ المأخوذ من لص بلا
…
شيء وما يفدى به بما قد بذلا)
يعني أن من وجد مال غيره بيد لص وقاطع طريق فأخذه منه بغير عوض فإن ربه يأخذه بلا شيء وإن أخذه منه بفداء فلا يأخذه ربه حتى يدفع إليه ذلك العوض الذي فداه به هذا إذا أشتراه لربه وأما إن اشتراه لنفسه فإن ربه يأخذه بلا شيء ويكون للمشتري الرجوع على البائع بالثمن سواء علم بلصوصيته أو لم يعلم كما تقدم أول الفصل (ولما) فرغ من الكلام على الاستحقاق اتبعه الكلام على مسائل العارية والوديعة والأمناء فقال