الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معناه أن رب الدين إذا طلب تفتيش دار المدين المعسر فهل يجاب لذلك أم لا وعليه الأكثر قال ابن ناجي وعليه العمل قولان وقوله إسعافه بالدفع نائب فاعل ممتنع أي ممنوع وبقية الإعراب ظاهر والله أعلم ثم شرع يتكلم على الفلس وهو أخر فصول الباب فقال
*
فصل في الفلس*
وهو مشتق من الفلوس قال القاضي عياض لأن المفلس صار ذا فلوس بعد أن كان ذا ذهب وفضة انتهى (واعلم أن من أحاط) الدين بماله لا يخلو من ثلاث حالات (الأولى) قبل قيام الغرماء (والثانية) بعد قيامهم وقبل حكم الحاكم بنزع ماله (والثالثة) حكم الحاكم بنزع ماله فأشار الناظم إلى الأولى بقوله
(ومن بماله أحاط الدين لا
…
يمضي له تبرع إن فعلا)
يعني أن المدين إذا زاد الدين على ماله أو ساواه فإنه لا يجوز له أن يتصرف في ماله بغير عوض كالهبة ونحوها فإن فعل ما هو ممنوع منه فللغرماء رده ولهم منعه من السفر إن كان الدين يحل بغيبته ولم يوكل من يدفعه عنه ولا ضمنه موسر وإلا فلا يمنع. ومفهوم قوله أحاط الدين بماله إن من لم يحط الدين بماله فإن حكمه ليس كذلك وقد تقدم الكلام عليه في الفصل قبله. ومفهوم قوله تبرع أن تصرفه بالبيع والشراء يمضي وهو كذلك إذا لم تكن فيه محاباة وإلا فالدين أحق بالمحاباة لاتهامه (فرع) قال صاحب المعيار (وسئل) القاضي أبو عبد الله ابن الحاج عمن كانت له أصول داينه الناس لأجلها فلما استغرقته الديون تغيب فذهب أصحاب الديون لبيع أصوله فقام في وجوههم عم المديان بعقد تضمن ابتياعه لأصول المديان (فأجاب) إذا شهد الشهود بالبيع ومعاينة القبض للثمن وإنه لم تكن فيه محاباة وأعذر في ذلك كله للغرماء فلم يكن فيه عندهم مدفع فلا سبيل لهم إلى الأصول التي وقع بيعها وإن لم
يشهد الشهود بذلك فالبيع مردود لا يصح اه. وأشار إلى الثانية وهي تفليس عام فقال
(وإن يكن للغرماء في أمره
…
تشاور فلا غنى عن حجره)
يعني أن الغرماء إذا قاموا على المدين وتكلموا في تفليسة ولم يحكم الحاكم بخلع ماله ونزعه من يده فلا غنى عن حجزه لهم فلا يمضي له بمد قيامهم عليه بيع ولا شرا. ولا قضاء بعض الغرماء دون بعض. وأشار الشيخ خليل إلى الثالثة بقوله ولو مكنهم الغريم فباعوا واقتسموا ثم داين غيرهم فلا دخول للأولين مع الأخيرين كتفليس الحاكم الخ يعني أن فائدة هاته الحالة المعبر عنها بالتفليس الخاص إذا مكنهم المدين من ماله قبل الرفع للحاكم فباعوا واقتسموا ثم داين غيرهم فلا دخول للأولين مع الأخيرين إلا إذا بقي بيده إلا أن يكون فيه فضل ربح أيضا بخلاف الحالة التي قبلها تخصيص فيها حتى يقع الحكم عليه بخلع ماله أو يمكنهم منه فيقع التخصيص كما علمت والله أعلم وقوله
(وحل ما عليه من ديون
…
إذ ذاك كالحلول بالمنون)
معناه أن الغرماء إذا قاموا على المدين ومكنهم من ماله فأرادوا البيع والقسمة بدون حكم أو قاموا عليه وحكم الحاكم بخلع ماله فإن جميع ما عليه من الديون يحل بواحد من هذين الأمرين كحلوله بالموت قال صاحب المقرب قال ابن وهب قال مالك ومن مات أو فلس فقد حل الدين الذي عليه وإن كان إلى أجل اهـ ثم قال
يعني أن المدين إذا وهب لولده شيئا من أملاكه هبة يصح اعتصارها قبل إحاطة الدين بماله فإذا فلس بعد ذلك فلا يكلف باعتصارها من ولده ليأخذها الغرماء فإن اعتصرها كان للغرماء أخذها ولا يلزمه أيضا قبول غير السلف من العطايا لما يلحقه من المنة وأما السلف فإنه يلزمه قبوله حاضرًا كان أو غائبًا أذن في الأداء عنه أم لا إذا كان ذلك
رفقا لا عتبًا كما تقدم في الضمان أما إذا قصد به العنت والتنكيل عنه بعد أو قال لا أسلفه إلا إذا طلبه مني فإن المدين لا يلزمه القبول ولا الطلب لما في ذلك من الأذية وقوله
(وهو مصدق إذا ما عينا
…
مالا له وما عليه أمنًا)
معناه أن المفلس إذا قال هذا مالي وهذا أمانة عندي أو قراض أو عارية فلا تقربوه فهو مصدق ويكون للمقر له بيمينه وقيل لا يصدق. وثالثها المشهور يصدق أن قامت بأصله بينة تشهد أنهم يعلمون أن عنده وديعة أو قراضًا أو عارية وإن لم يعينوها ولا سموا ربها ويكون ربها أحق بها من الغرماء ولو كان ممن يتهم عليه كأخيه وأبنه قيام البينة تنفي التهمة ثم قال
(ورب الأرض المكتراة أن طرق
…
تفليس أو موت فربها أحق)
(وأحكم بذا لبائع أو صانع
…
فيما بأيديهم فما من مانع)
يعني أن من أكترى أرضا من إنسان وزرعها ثم أتاه تفليس أو موت فإن رب الأرض أحق بتمن زرعها من سائر غرماء مكتريها حتى يستوفي كرئة كالرهن المحوز وكذلك من باع شيئا ولم يخرج من يده حتى فلس المشتري أو مات أو استؤجر في صبغ ثوب أو خياطته مثلا والشيء المصنوع لا زال بيده حتى فلس ربه أو مات فإن البائع أو الأجير أحق بما بأيديهم من الغرماء حتى يستوفي الأول ثمن سلعته والثاني أجرته. وقوله وأحكم بذا الإشارة للحكم المتقدم وهو كون رب الأرض أولى بثمن زرعها فيكون البائع والصانع أحق بما بأيديهم من سائر الغرماء كما علمت وليس لهما مانع ولا معارض في ذلك وهو تكميل للبيت وجمع ضمير بأيديهم باعتبار الأفراد إذ كل من لفظ بايع وصانع يصدق على كثيرين ثم صرح بمفهوم قوله وأحكم بذا لبائع وصانع فيما بأيديهم لما فيه من التفصيل فقال
(وما حواه مشتر ويحضر
…
فربه في فلس مخير)
(إلا إذا ما الغرماء دفعوا
…
ثمنه فأخذه ممتنع)
يعني أن من باع شيئًا يعرف بعينه وحازه المشتري ولم يقبض البائع ثمنه حتى فلس المشتري أو مات فوجد البائع شيئه حاضرا ففي الفلس يكون البائع مخيرا بين أن يأخذه ولو زاد أو نقص في بدنه أو يحاصص مع الغرماء حيث لم يدفعوا له ثمنه أما إذا دفعوا له ثمنه فلا كلام له فيه وفي الموت فليس للبائع إلا المحاصة مع الغرماء لأنه لو أختص بها في الموت أيضا لعظم الضرر على الغرماء لخراب ذمته بخلاف الفلس فإن الذمة باقية فيكون الضرر خفيفا والفرق بين هاته المسألة ومسألة المنطوق قبلها ظاهر. وقوله ويحضر الواو للحال ويحضر بضم الضاد فعل مضارع مسند لمبتدأ محذوف تقديره هو يعود على المبيع أي والحال أن المبيع حاضر موجود وما بعد إذا زائدة ثم قال
(وليس من رد بعيب ما اشترى
…
أولى به في فلس إن اعترى)
يعني أن من اشترى شيئا ودفع ثمنه لبائعه ثم وجد به عيبا يوجب الرد فرده على البائع ففلس قبل أن يرد للمشتري ثمنه فإن المشتري لا يكون أحق بذلك المعيب في مقابلة ثمنه بل يكون أسوة الغرماء. وقوله من رد من موصول اسم ليس واقع على المشتري المفهوم من قوله أشترى وجملة رد صلته وبعيب متعلق برد وما مفعول به واقع على المبيع لا مضاف إليه وجملة اشترى بالبناء للفاعل صلة ما والعائد محذوف أي اشتراه وضمير أشترى المستتر يعود على من وقوله
(والحلف في سلعة بيع فاسد
…
ثالثها اختصاصها بالناقد)
معناه أن من أشترى سلعة شراء فاسدا ودفع ثمنها أو أخذها عن دين في ذمة البايع ثم فلس البايع والسلعة لم تفت بأحد المفوتات للبيع الفاسد وقد تقدم بيانها في البيوع فإن البيع يفسخ. وأختلف هل يكون المشتري أحق بها فيما تقدمن الثمن أو فيما له من الدين وهو القول الراجح أو لا يكون أحق بها أو يكون أحق بها إن كان