المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الجراحات* - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٤

[عثمان بن المكي التوزري]

فهرس الكتاب

- ‌{باب الحبس والهبة والصدقة وما يتصل بها}

- ‌{فصل في الصدقة والهبة وما يتعلق بهما}

- ‌{فصل في الاعتصار}

- ‌{فصل في العمرى وما يلحق بها}

- ‌{فصل في الإرفاق}

- ‌{فصل في حكم الحوز}

- ‌{فصل في الاسىتحقاق}

- ‌{فصل في العادية والوديعة والأمناء}

- ‌{فصل في القرض وهو السلف}

- ‌{فصل في العتق وما يتصل به}

- ‌ باب الرشد

- ‌{فصل في الوصية وما يجري مجراها}

- ‌{فصل في الإقرار}

- ‌فصل في حكم المديان*

- ‌فصل في الفلس*

- ‌باب في الضرر وسائر الجنايات*

- ‌فصل في ضرر الأشجار*

- ‌فصل في نسقط القيام بالضرر*

- ‌فصل في الغصب والتعدي*

- ‌فصل في الاغتصاب*

- ‌فصل في دعوى السرقة*

- ‌فصل في أحكام الدماء*

- ‌فصل في الجراحات*

- ‌باب التوارث والفرائض*

- ‌فصل في ذكر عدد الوارثين*

- ‌فصل في ذكر أحوال الميراث*

- ‌فصل في المقدار الذي يكون به الإرث*

- ‌فصل في ذكر حالات وجوب الميراث*

- ‌فصل في ذكر أهل الفرائض وأصولها*

- ‌فصل في ذكر حجب الإسقاط*

- ‌فصل في ذكر حجب النقل إلى فرض*

- ‌فصل في ذكر حجب النقل للتعصيب*

- ‌فصل في موانع الميراث*

الفصل: ‌فصل في الجراحات*

القسامة استوجبوا القوة منه متى وجدوه وذلك بعد أن توافق صفاته الصفات التي في عقد التدمية أو يقر أنه هو الذي دمي عليه بعد الأعذار إليه اهـ ويجوز في قول الناظم القصاص النصب على المفعولية والرفع على الفاعلية باعتبار ينفذ فإن قدرته من الرباعي فالنصب وأن قدرته من الثلاثي فالرفع وقوله ظفر وذكر مبنيان للنائب ومنها بيان لما متعلق بذكر والضمير يعود على الصفات ثم قال

*‌

‌فصل في الجراحات*

جمع جراحة وجراح بالكسر ويقال أيضا جرح بضم الجيم وسكون الراء ويجمع على جروح. والأصل في مشروعية القصاص في الجروح والأطراف قول الله تعالى وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص الآية فالجروح في الاصطلاح كل ما دون النفس قاله صاحب التوضيح وقال ابن راشد هذه الآية محكمة لا نسخ فيها نعم إنما نخصصه بما كان من ذلك على وجه الخطأ وببعض جراح العمد فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه اسقط القوة في المأمومة والمنقلة والجائفة والعلة في ذلك الخوف على النفس فيقاس عليها ما في معناها مما يخشى منه التلف كعظام الرقبة والصلب والصدر وكسر الفخذ ورض الأنثيين وما أشبه ذلك ويخص من ذلك أيضا بما تتعذر فيه المماثلة نحو ذهاب بعض النظر والسمع والعقل وما أشبه ذلك لأن المماثلة شرط في القصاص قال الله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فأباح الاعتداء بالمثل دون ما عداه وما تعذرت حقيقته لا يتصور به تكليف ولهذا وجبت القيمة على تلف الدور والدواب والعروض لتعذر المثلية فيها وإلا فالأصل هو أغرام المثل فلما تعذرت المثلية أقيمت القيمة مقامها فكذلك هاهنا لما تعذرت المثلية جعلت الدية مقامها والله اعلم اهـ وإلى هذا أشار الناظم بقوله

(جل الجروح عمدها فيه القود

ودية مع خطر فيها فقد)

ص: 146

(وفي جراح الخطأ الحكومة

وخمسة ديتها معلومة)

(فنصف عشر دية في الموضحة

وهي التي تلفى لعظم موضحة)

(في رأس أو وجه كذا المنقلة

عشر بها ونصف عشر معدله)

(في الموضعين مطلقا وهي التي

كسر فراش العظم قد تولت)

(وعشر ونصفه في الهاشمة

وهي لعظم الرأس تلفى هاشمه)

(وقيل نصف العشر أو حكومة

وثلث الدية في المأمومة)

(وما انتهت للجوف وهي الجائفة

كذاك والأولى الدماغ كاشفه)

(ولاجتهاد حاكم موكول

في غيرها التأديب والتنكيل)

(وجعلوا الحكومة التقويما

في كونه معيبا أو سليما)

(وما تزيد حالة السلامة

يأخذه أرشا ولا ملامة)

يعني أن الجروح على قسمين عمد أو خطأ فما كان منها عمدا فجله فيه القصاص أو ما يتفقان عليه من قليل أو كثير وبعضه فيه الدية فقط وهو شيء قدره الشارع أما معلوم كثلث الدية في الجائفة مثلا أو غير معلوم وهو الحكومة فيما يعظم خطره إذا برئ على شين ولم يرد فيه عن الشارع شيء مقدر. والقاعدة في معرفة ذلك أن كل ما فيه خطر على إتلاف النفس ففيه الدية وما لا خطر فيه ففيه القصاص (ثم) أن جراح العمد أما أن تكون في الرأس أو تكون فيما عداه وهي التي عبر عنها بجراح الجسد فجراح الرأس يقتص فيها من سبع. وهي الموضحة بضم الميم وسكون الواو وكسر الضاد وهي التي أفضت إلى العظم من الرأس والجبهة والخدين ولو بقدر مدخل إبرة. وكذا ما قبلها من الدامية وهي التي يسيل منها الدم. والحارضة بالصاد المهملة وهي التي تشق

ص: 147

الجلد. والسمحاق وهي الكاشطة للجلد. والباضعة وهي التي تبضع اللحم وتشقه. والمتلاحمة وهي التي تغوص في اللحم في غير موضع. والملطاة وهي التي يبقى بينها وبين العظم ستر رقيق (فالواجب) في هذه السبعة القصاص أو ما يصطلحان عليه من قليل أو كثير. ولا قصاص فيما بعد الموضحة من جراح الرأس. وهي أربع الهاشمة وهي التي تهشم العظم. والمنقلة وهي التي أطارت فراش العظم وإن صغر. والمأمومة وهي التي أفضت إلى الدماغ ولو بقدر مدخل إبرة. والدامغة وهي التي تخرق خريطة الدماغ. وحيث لا قصاص فيها ففي كل واحد منها شيء مقدر من الشارع ففي الهاشمة والمنقلة عشر الدية ونصف عشرها. وفي المأمومة والدامغة ثلث الدية (فتحصل) مما ذكر أن جراح الرأس أحد عشر سبعة فيها القصاص أو ما يتفقان عليه ويجب على الحاكم تأديب الفاعل اقتص منه أولا وأربعة لا قصاص فيها وإنما فيها ما قدره الشارع كما مر ولو؟ ؟ ؟ على عيب وشين فلا يزاد على ما قدره الشارع فيها وعليه فيستوي في هذه الأربع العمد والخطأ إلا الأدب فإنه مختص بالعمد دون الخطأ (وأما) جراح الجسد عمدا من الهاشمة والمنقلة وغيرهما كالعضد والترقوة بفتح التاء وضم القاف وهو عظم أعلا الصدر المتصل بالعنق ففيها القصاص إن لم يعظم الخطر فإن عظم كعظام الصدر والعنق والصلب والفخذ وكذا القطع إن كان مخوفا فلا قصاص فيه كما يأتي وكذا لا قصاص في الجائفة ولو عمدا وهي التي تصل إلى الجوف من البطن أو من الظهر ولو بقدر مدخل إبرة وإنما فيها ثلث الدية كالخطأ ويقتص في اليد والرجل والعين والأنف والأذن والسن والذكر والأجفان والشفتين كما سيأتي قريبًا. وبعد سقوط القصاص فيما قصاص فيه ينظر فإن برئي على غير شين فلا شيء فيه إلا الأدب وأن برئي على شين منها ففيه الأدب والحكومة معًا إلا الجائفة فلا يزاد فيها على ثلث الدية ولو برئت على شين وعيب كغيرها مما فيه قدر معلوم من الدية. ومعنى الحكومة أن يقوم المجني عليه عبدًا سالمًا بعشرة مثلا ثم يقوم مع الجناية بتسعة والتفاوت عشر فيجب عشر الدية وهكذا وإنما تكون القيمة بعد

ص: 148

اندمال الجرح وبرئه لا قبله فلو لم يبق شين شيء فيه. وأما جراح الخطأ فلا قصاص فيها ولا أدب وهي قسمان قسم فيه شيء مقدر وهو خمسة ففي الموضحة المتقدم بيانها نصف عشر الدية وفي المنقلة عشر الدية ونصف عشرها وفي الهاشمة كذلك وفي المأمومة ثلث الدية وكذا في الجائفة وما عدا هذه الخمس أن برئي على غير شين فلا شيء فيه وأن برئي على شين ففيه حكومة. وإلى ذلك أشار بقوله وفي جراح الخطأ الحكومة. وخمسة ديتها معلومة. ثم فسرها وذكر ما يجب لكل واحدة منها بقوله (ونصف عشر دية في الموضحة الخ) ثم أفاد أن في الهاشمة قولين آخرين أحدهما أن الواجب فيها نصف العشر وثانيهما الحكومة لا غير فالأقوال ثلاثة مشهورها الأول وقوله ولاجتهاد حاكم موكول. في غيرها التأديب والتنكيل. معناه أن التأديب والتنكيل على الجاني موكول لاجتهاد الحاكم في غير جراح الخطأ وهي جراح العمد فالأدب إنما يكون في جراح العمد لا غير فيرى فيه رأيه بقدر عظم الجناية وخفتها وكون الجاني من عادته ذلك أو وقع منه فلتة ثم قال

(ويثبت الجراح للمال بما

يثبت مالي الحقوق فاعلما)

يعني أن الجراح التي لا قود فيها عمدا كانت أو خطأ وإنما فيها ما قدره الشارع أو الحكومة تثبت بما تثبت به الحقوق المالية وهو عدل وامرأتان أو عدل ويمين أو امرأتان ويمين وقوله

(وفي ادعاء العفو من ولي دم

أو من جريح اليمين تلتزم)

معناه أن القاتل إذا أدعى على ولي المقتول أنه عفا عنه أو أدعى الجارح ذلك على الجريح وأنكر المدعي عليه ذلك فإنه يحلف أنه لم يعف عنه ويبقى على حقه وله قلب اليمين على المدعي ذلك فإذا حلف بريء ثم قام يتكلم على الواجب في قطع الأعضاء فقال

(وقود في القطع للأعضاء

في العمد ما لم يفض للفناء)

ص: 149

(والخطأ الدية فيه تقتفي

بحسب العضو الذي قد اتلفا)

(ودية كاملة في المزدوج

ونصفها في واحد منه انتهج)

(وفي اللسان كملت والذكر

والأنف والعقل وعين الأعور)

(وفي إزالة لسمع أو بصر

والنصف في النصف وشم كالنظر)

(والنطق والصوت كذا الذوق وفي

أذهاب قوة الجماع ذا اقتفي)

(وكل سن فيه من جنس الإبل

خمس وفي الأصبع ضعفها جعل)

يعني أن الواجب في قطع الأعضاء كاليد والرجل إن كان على وجه العمد ففيه القصاص أن لم يؤد إلى الموت فإن كان يؤدي إلى الموت كالفخذ واللسان والأنثيين فلا قصاص ثم إن كان فيه شيء مقدر كاللسان والأنثيين وقطع الرجل والفخذ أو كسره فذلك هو الواجب على الجاني مع الأدب. وإن لم يكن فيه شيء مقدر ففيه حكومة مع الأدب أيضا وأن كان قطع العضو على وجه الخطأ فيتبع فيه ما ورد من الشارع بحسب العضو الذي اتلف فإن كان من المزدوج كاليدين والرجلين والعينين والأذنين والأنثيين ففي إتلافهما معا الدية كاملة. وفي إتلاف أحدهما نصف الدية وتجب الدية كاملة أيضا في قطع اللسان وفي قطع الذكر أو الأنف وفي العقل إذا ضربه مثلا فزال عقله وفي عين الأعور وأن كانت من المزدوج للسنة وكذلك تجب الدية كاملة في ذهاب السمع أو البصر ويجب نصف الدية في ذهاب نصف أحدهما وذهاب الشم كذهاب البصر وكذا تجب الدية كاملة في ذهاب النطق أو الصوت أو الذوق أو ذهاب انعاض الذكر والواجب في كل سن خمس من الإبل وفي كل أصبع عشر من الإبل ثم قال

(ودية الجروح في النساء

كدية الرجال بالسواء)

(إلا إذا زادت على ثلث الدية

فما لها من بعد ذاك تسوية)

ص: 150