الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فصل في العادية والوديعة والأمناء}
(أما) العاريه فأبحاثها ستة (الأول) في معناها لغة واصطلاحًا (الثاني) في أركانها (الثالث) في حكمتها (الرابع) في حكمها (الخامس) في أصل مشروعيتها (السادس) في اللواحق وهي التي تكلم عليها الناظم (فأما) العارية في اللغة فهي نسبة إلى العارة وهي أسم من الإعارة يقول أعرته الشيء إعارة وعارة مثل أطعته إطاعة وطاعة واجبته إجابة وجابة وسميت عارية لأنها عار على طالبها تقول العرب هم يتعاورون العواري ويتعورونها إذا أعار بعضهم بعضًا وقد تخفف ياء العارية في الشعر والجمع العواري بالتخفيف والتشديد على الأصل واستعرت منه الشيء فأعارنيه كذا في المصباح. وفي الاصطلاح عرفها الإمام ابن عرفة بالمعنى المصدري بقوله هي تمليك منفعة مؤقتة لا بعوض اهـ فتدخل العمرى والإخدام ويخرج بقوله منفعة تمليك الذوات وتمليك الانتفاع والفرق بين الانتفاع والمنفعة هو أن المنفعة له أن يستوفيها بنفسه أو بغيره فله أن يعيرها أو يستأجرها لمثله إن لم يحجر عليه ولو بالعادة بخلاف مالك الانتفاع كسكان المدارس والزوايا فإنهم لا ينتفعون إلا بأنفسهم وليس لهم أن يؤاجروا ذلك أو يعيروه لغيرهم (وقوله) مؤقتة حقيقة أو حكمًا لتدخل المعتادة عند الإطلاق لإخراج الحبس فإن الغالب فيه التأبيد (وأما) بالمعنى الاسمي وهو مراد الناظم هنا فهي مال ذو منفعة مؤقتة ملكت بغير عوض فقوله بغير عوض تخرج به الإجارة (وأما) أركانها فأربعة المعير وشرطه أن يكون من أهل التبرع مالكًا للمنفعة. والمستعير وشرطه أن يكون ممن يجوز شرعًا انتفاعه بالعارية. والشيء المعار وشرطه أن يكون الانتفاع به ممكنًا مع بقاء ذاته كالثوب والكتاب بخلاف الطعام ونحوه فإنه لا يعار بل يقرض وإن تكون منفعته مباحة للمستعير فلا تعار الأمة للوطء. والصيغة التي يقع بها العقد أو ما يقوم مقامها من الأفعال التي تفهم منها العارية (وأما) حكمة مشروعيتها فلتزكية النفس وتطهيرها من داء البخل واستجلاب المحبة وإبقاء
المودة (وأما) حكمها في الإسلام فقد يعرض لها الوجوب كغني عنها لمن يخشى هلاكه بعدمها كثوب لوقاية ضرر البرد وإبرة لتخييط جرح في البطن وسكين لذبح نحو شاة يخشى عليها الموت ونحو ذلك. والحرمة بأن كانت تعين على معصية كسلاح لقاطع طريق ومحل للفسق. والكراهة ككونها معينة على فعل مكروه. وذلك لأن الأصل فيها الندب فهي معروف وإحسان والله يحب المحسنين (وأما) الأصل في مشروعيتها فقول الله تعالى وافعلوا الخير الآية. وقد ورد في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار فرسًا من أبي طلحة واستعار من صفوان بن أمية درعه يوم حنين فقال له اغصب يا محمد قال بل عارية مضمونة وفي أبي داوود والترمذي وابن ماجه من حديث إمامه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضى والزعيم غارم قال الترمذي حسن صحيح (وأما) اللواحق وهي ما عدا الأركان فقد أشار إليها الناظم مع شيء من حكم الحديث المتقدم فقال
(وما استعير رده مستوجب
…
وما ضمان المستعير يجب)
(إلا بقابل المغيب لم يقم
…
بينة عليه أنه عدم)
(أو ما المعار فيه قد تحققا
…
تعد أو فرط فيه مطلقا)
يعني أن من استعار شيئًا فإنه يجب عليه رده لربه بعد قضاء حاجته منه ولا يجوز له أن يتركه حتى يأتي ربه إليه وتكون مؤنة رده على المستعير إن احتاج إلى ذلك وأن المستعير لا يضمن العارية إلا في صورتين أحدهما أن تكون العارية مما يغاب عليه ولم تقم بينة على هلاكها والثانية ثبوت تعدي المستعير أو تفريطه في العارية حتى هلكت كانت مما يغاب عليه أم لا هذا معنى قول الناظم بالإطلاق فإن أقام بينة على هلاكها فلا ضمان عليه كانت مما يغاب عليه أم لا (فرع) لو اشترط إسقاط ذلك الضمان
فيما يضمن أو إثباته فيما لا يضمن ففي إفادته وعد إفادته وهو القول المشهور المعمول به خلاف ولهاته المسألة نظائر من الطلاق والوصية وغيرهما داخلة تحت قاعدة وهي اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضي فسادًا هل يعتبر أم لا خلاف انظر بسطها في المنجور على المنهج المنتخب أو إيضاح المسالك تستفد (وقوله) وما الأولى اسم بمعنى شيء وما الثانية نافية وبقابل أي في قابل ويقم بضم أوله من أقام وبينة بالنصب مفعول به وفاعل يقم ضمير مستتر يعود على المستعير وقوله أو ما أي في الذي المعار وفيه متعلق بتحققًا بالبناء للنائب وتعد نائب على الفاعل (ثم) شرع يتكلم على التنازع وهو إما في الرد وإما في المدة وإما في مسافة المركوب وإما في أصل العارية وقد أشار الناظم إلى الأول فقال
(والقول قول مستعير حلفا
…
في رد ما استعار حيث اختلفا)
(ما لم يكن فيما يغاب عاده
…
عليه أو أخذ بالشهاده)
(فالقول للمعير فيما بينه
…
ومدعي الرد عليه البينه)
يعني أن المعير والمستعير إذا اختلفا في رد العارية فقال المعير لم تردها وقال المستعير رددته ففي ذلك تفصيل وهو أن العارية إن كانت مما لا يغاب عليه ولم يكن قبضها المستعير بإشهاد فالقول قول المستعير في ردها بيمين. وإن كانت مما يغاب عليه فالقول قول المعير في عدم ردها بيمين وسواء قبضها المستعير بإشهاد أو بغيره وكذلك ما لا يغاب عليه إذا قبضه بإشهاد فإن القول قول المعير أيضًا في عدم الرد بيمين. وقوله حلفا ألفه للإطلاق وفيه ضمير يعد على مستعير وفي رد أي على رد وألف اختلفا ضمير المثنى يعود على المعير والمستعير وعادة منصوب على إسقاط الخافض وعليه متعلق بيغاب وقوله أو أخذ بالبناء للنائب. ومعنى فيما بينه أي أدعاه من عدم الرد. ومدعي الرد هو المستعير (ثم) أشار إلى الثاني والثالث بقوله
(والقول في المدة للمعير
…
مع حلفه وعجز مستعير)
(كذاك في مسافة لما ركب
…
قبل الركوب ذاله فيما يجب)
(والمدعي مخير أن يركبا
…
مقدار ما حد له أو يذهبا)
(والقول من بعد الركوب ثبتا
…
للمستعير أن بمشبه أتى)
(وإن أتى فيه بما لا يشبه
…
فالقول للمعير لا يشتبه)
يعني أن المعير والمستعير إذا اختلفا في مدة العارية فإن القول للمعير بيمينه إن عجز للمستعير عن البينة. وإن اختلفا في المسافة فإن كان اختلافهما قبل الركوب فالقول قول المعير أيضًا مع يمينه فإذا حلف خير المستعير بين أن يقتصر على المسافة التي حددها المعير وحلف عليها أو يذهب ولا شي له. وإن كان اختلافهما بعد الركوب فالقول قول المستعير بيمينه إن ادعى ما يشبه وإلا فالقول قول المعير بيمينه ثم أشار إلى الرابع فقال
(والقول قول مدعي الكراء في
…
ما يستعار مع يمين اقتفي)
(ما لم يكن ذلك لا يليق
…
به فقلب القسم التحيق)
يعني أن المتداعيين إذا اختلفا في شيء فقال رب الشيء هو عندك على وجه الكراء وقال من هو تحت يده على وجه العارية فالقول قول رب الشيء بيمينه إنه اكراه له بكذا إلا أن يكون ممن لا يليق به الكراء لعلو قدره فإن القسم حينئذ يتوجه على مدعي العارية لأن القول صار له (ثم) شرع في الوديعة وهي استنابة في حفظ المال وهي عقد أمانة حكمها الجواز من الجانبين وقد يعرض لها الوجوب إن لم يجد غيره (والأصل) فيها قول الله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقال تعالى فإن آمن بعضكم بعضًا فليؤذ الذي ائتمن أمانته وخبر أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وأداء الأمانة من علامات الإيمان ومن عمل المؤمنين وأما الخيانة فهي من علامات النفاق وعمل الفساق كذا في النفراوي. وحكمة مشروعيتها الحث على الحفظ وعلى
قضاء الحوائج. وهي على شطرين أركان ولواحق فأما أركانها فأربعة المودع بالكسر والمودع بالفتح وشرطهما أهلية التوكيل والتوكل في الجملة ليشمل المأذون له في التجارة. وأما الصبي والسفيه فلا يودعان ولا يستودعان لكن إن أودعاك شيئًا أيها الرشيد وجب عليك حفظه وإن أودعت عندهما فاتلفا أو فرطا فلا ضمان عليهما كما يأتي (والثالث) الشيء المودع وهو كل ما يحتاج إلى حافظ ولو عقارا (والرابع) الصيغة وهي كل ما يفهم منه طلب الحفظ ولو بقرائن الأحوال ولا يتوقف عقدها على إيجاب وقبول باللفظ حتى لو وضع شخص متاعه عند جالس رشيد بصير ساكت وذهب الواضع لحاجته فإنه يجب على الموضوع عنده المتاع حفظه بحيث يضمنه إن فرط في حفظه حتى ضاع لأن سكوته رضى منه بالإيداع عنده وأما الأعمى فلابد أن يضع يده عليها حتى يضمن إن فرط (وأما اللواحق) فهي قول الناظم
(ويضمن المودع مع ظهور
…
مخايل التضييع والتقصير)
(ولا ضمان فيه للسفيه
…
ولا الصغير مع ضياع فيه)
يعني أن من أودع وديعة عند إنسان رشيد فهلكت فإنه لا يضمنها إلا إذا تسبب في هلاكها كإيداعها عند الغير بلا عذرا ونقلها من موضع حرز إلى غيره والانتفاع بها كلبس وركوب ونحوهما فإنه حينئذ يضمنها هذا في حق الرشيد وأما البالغ السفيه والصغير فلا ضمان عليهما وإن قصرا أو ضيعا كما تقدم (فرع) وفي حاشية الطرابلسي ما نصه قوله وإن أودعت لمسافر مالًا فأودعه في سفره الخ ولو خرج عليهم لصوص فأعطاها لفارس ينجو بها أو ألقاها في شجرة فضاعت لم يضمن قاله في العتبية اهـ وكذلك المسافر تكون عنده الوديعة وفي الرفقة من يحترم فيودعها عنده خوف اللصوص ثم يؤل الأمر إلى خلاف ذلك لم يضمن وكذلك إن خرج عليهم اللصوص فطرحها في موضع يرجو نجاتها فيه قراءه اللصوص فأخذوها لا ضمان عليه لأن غاية مقدوره في الاحتياط عليها كذا في برنامج عظوم (وقول) الناظم المودع بفتح الدال وقوله
(والتجر بالمودع من اعمله
…
يضمنه والربح كله له)
يعني أن من كانت عنده وديعه فاستعملها في التجارة فإنه يضمنها إن هلكت ويكره له ذلك إن كانت عينًا وإلا حرم ويكون الربح له لا لربها لأن ضمانها وقت التجارة بها منه والخراج بالضمان كما هو القاعدة ثم قال
(والقول قول مودع فيما تلف
…
وفي ادعاء ردها مع الحلف)
(ما لم يكن يقبضه ببينه
…
فلا غنى في الرد أن يبينه)
يعني أن من كانت عنده وديعة فادعى تلفها فإن القول قوله لأنه أمين إن لم يتهم وإلا فعليه يمين التهمة وسواء قبضها بإشهاد أو بدون إشهاد وأن ادعى ردها لربها فإن كان قبضه بغير إشهاد فكذلك وإن قبضه بإشهاد قصد به التوثق من المنتصبين لا مجرد حضور جماعة فلا يقبل قوله في ذلك إلا بالبينة وإلا فعليه ضمانه لتفريطه وعلى ربه اليمين في عدم الرد وضمير ردها يعود على الوديعة وضمير يقبضه يعود على الشيء المودع والمعنى واحد وإنما هو من باب التفنن في التعبير الذي هو من أنواع البلاغة والله اعلم ثم شرع يتكلم على الأمناء جمع أمين فقال
(والأمناء في الذي يلونا
…
ليس لشيء منه يضمنونا)
يعني أن الأصل في الأمناء عدم الضمان في كل شيء يلونه حتى يظهر منهم ما يوجب الضمان وذكر الناظم منهم سبعة عشر فالأول والثاني قوله (كالأب والوصي) وكذا وصية ومقدم القاضي والكافل واللقيط فإنهم مصدقون فيما ادعوا ضياعه من مال المحجور الذي هو عندهم كان مما يغاب عليه أم لا ولا ضمان عليهم في شيء من ذلك ويفهم من قوله كالأب إنهم غير محصورين في العدد المذكور وهو كذلك فيدخل تحت الكاف التي جيء بها للتمثيل والزوج والزوجة مما لا يغاب عليه وهو بيد أحدهما وطلق قبل البناء فإن ضمانه منهما ولا يرجع أحدهما على الآخر بنصفه فإن كان مما
يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة فضمانه من الذي هو تحت يده ويدخل أيضًا من قلب فخارًا أو نحوه بحضرة ربه فسقط من يده فلا ضمان عليه فيه كما تقدم في بيع العروض. ويدخل الوارث إذا طرأ عليه دين أو وارث وأدعى تلف ما كان بيده بعد القسمة فإنه يصدق فيما لا يغاب عليه دون غيره وأما قبل القسمة فهو مصدق مطلقًا إلى غير ذلك من الفروع (والثالث) قوله (والدلال) ويقال له السمسار فيصدق فيما ادعى ضياعه كما يصدق في رده وما درج عليه الناظم هو المشهور والذي عليه العمل أنه لا يصدق فيما يغاب عليه إذا ادعى رده وكذا ما لا يغاب عليه إذا قبضه بإشهاد (والرابع) قوله (ومرسل صحبته بالمال) يعني أن من دفعت إليه مالًا يبلغه الشخص فادعى تلفه قبل وصوله إلى المرسل إليه فهو مصدق في تلفه ولو كان مما يغاب عليه وإن ادعى أنه دفع إليه وصدقه بريء وإن كذبه المرسل إليه لم يبرأ الرسول إلا ببينة فإن عجز عنها حلف المرسل إليه وغرم وقول النظام ومرسل بفتح السين (والخامس) قوله (وعامل القراض) فهو مصدق في التلف والخسر والرد كما تقدم (والسادس) قوله (والموكل) بفتح الكاف أي الوكيل فإنه إذا ادعى تلف ما وكل عليه فإنه مصدق وسواء كان بأجرة أو بدون أجرة مفوضًا كان أو مخصومًا لكن لا يبرأ الغريم من الدين الذي دفعه للوكيل وادعى تلفه إلا ببينة على القبض (والسابع) قوله (وصانع لم ينتصب للعمل) يعني أن الصانع الذي لم ينصب نفسه للعمل في حانوته أو في داره للناس وإنما شأنه أن يصنع لنفسه أو لرجل أو جماعة خاصة فإذا أجره بعض الناس على خياطة ثوب أو سبك صياغة ونحو ذلك فادعى ضياعه فإنه مصدق ولا ضمان عليه (والثامن) قوله
(وذو انتصاب مثله في عمله
…
بحضرة الطالب أو بمنزله)
هذا البيت مفهوم قوله لم ينتصب أما إذا نصب نفسه لجميع الناس وسواء كان يصنع بداره أو بحانوته وكل من أتاه بثوب ونحوه يصنعه له فإن كان هلاك المصنوع بحضرة
ربه بغير سببه أو كان عمله بمنزل رب المصنوع وغاب الصانع على المصنوع فإنه لا ضمانه عليه في الصورتين فهو مثل غير المنتصب في التصديق وإن ادعى تلفه بدون حضرة الطالب أو في غير منزله فإنه لا يصدق ويضمن إلا أن تقوم بينة على تلفه بغير سببه فلا ضمان عليه (والتاسع) قوله (والمستعير مثلهم) يعني أن المستعير مثل الأمناء في التصديق فيما لا يغاب عليه فقط كما تقدم (والعاشر) قوله (والمرتهن في غير قابل المغيب فاستبن) يعني أن المرتهن بكسر الهاء إذا ادعى ضياع الرهن الذي لا يغاب عليه فإنه مصدق ولا ضمان عليه وكذا لا يضمن ما يغاب عليه إن قامت على هلاكه بينة كما تقدم في بابه وقوله فاستنبن تتميم للبيت (والحادي عشر) قوله (ومودع لديه) أي عنده يعني أن المودع بفتح الدال إذا ادعى تلف الوديعة التي عنده فإنه مصدق قبضها بإشهاد أم لا وكذا إن ادعى ردها ما لم يقبضها بإشهاد وإلا فلا يصدق كما مر (والثاني عشر) قوله (والأجير فيما عليه الأجر) يعني أن من استأجر أجيرًا غير منتصب للإجارة فادعى ضياع ما أخذ عليه الأجر فإنه مصدق كالصانع الذي لم ينتصب للصنعة فإن انتصب للإدارة ضمن إلا إذا حصل ضياعه بمحضر ربه أو إذا كان يخدم في منزل ربه فإنه لا يضمن كما مر في الصانع (والثالث عشر) قوله (والمأمور) يعني أن من أمر بإتيان حاجة أو ردها إلى صحابها أو إلى موضع كذا بغير أجر فيدعي تلفها فهو مصدق فإن كان ذلك بأجر فهو ما قبله وهذا المأمور في الحقيقة كالوكيل العرفي (والرابع عشر) قوله (ومثله الراعي) أي مثل المأمور في التصديق الراعي إذا كان غير مشترك بأن كان خاصًا بواحد أو جماعة فإنه لا يضمن فيما ادعى تلفه بغير تعد ولا تفريط ولو شرط عليه الضمان إن لم يأت بسمة الميت هذا في القديم وأما في عرف الناس اليوم فإنه لا يصدق مثل الراعي المشترك إلا إذا أتى بسمة الميت أو شهدت له بينة على الضياع فإنه حينئذ لا يضمن وبهذا جرى العمل للمصلحة العامة وقلة الديانة وكما لا يصدق في تلفها لا يصدق في ردها هذا كله في الراعي الرشيد وأما غير الرشيد فإنه لا ضمان عليه ولو تعمد إتلاف الماشية كما تقدم في قوله
ولا ضمان فيه للسفيه (والخامس عشر) قوله (كذا ذو الشركه في حالة البضاعة المشتركه) يعني أن كل واحد من المشتركين مصدق في التلف والخسر وغيرهما في أمر البضاعة المشتركة بينهما لا في غيرها وذلك لأن كل واحد منهما وكيل عن صاحبه والوكيل مصدق كما مر (والسادس عشر) قوله
(وحامل للثقل بالإطلاق
…
وضمن الطعام باتفاق)
يعني أن الحمال إذا ادعى تلف الشيء الذي حمله فإنه يصدق ولا يضمنه إذا كان غير طعام لم يفرط كعلمه بضعف الحبل مثلًا وربط به ما يحمله على الدابة أو على ظهره فانقطع الحبل وسقط المحمول فهلك فإنه يضمن المثل في المثلي كالزيت والقيمة في المقوم كالبلور والأواني والخزائن ونحوها وله من الكراء بحسب ما سار ثم اخرج الناظم الطعام من الإطلاق بقوله وضمن الطعام باتفاق أي اتفاق الفقهاء إلا أن يأتي ببينة تشهد بسرقته مثلًا أو بغصب أو بأمر سماوي من الله تعالى أو كان ذلك بصحبة ربه فلا ضمان عليه حيث لم يكن له سبب في ذلك وقوله
(والقول قولهم بلا يمين
…
والاتهام غير مستبين)
(وقيل من بعد اليمين مطلقا
…
والأول الأولى لدى من حققا)
يعني أن الأمناء المتقدمين حيث كانوا مصدقين فيما تولوه لغيرهم فإن تصديقهم يكون بلا يمين عليهم وهم غير متهمين فإن ظهرت التهمة على واحد منهم وجبت عليه اليمين وقيل القول قولهم من بعد اليمين مطلقًا كان ممن يتهم أم لا قال الناظم والأول الأولى لدى من حققا ورجح بعضهم القول الثاني واقتصر عليه صاحب المتهاج كما في ميارة وقال ابن رحال قال اللخمي الغالب على الناس اليوم التهمة فتجب اليمين إلا على من برز في العدالة وإذا كان هذا في زمانه فكيف بزمان من بعده بمئين اهـ (والسابع عشر) قوله