الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يبطل حقه بلا خلاف
…
إن فاته في ذلك التلافي)
يعني أن المعطى له إذا كان أهلًا للقبض بأن كان رشيدًا ولم يقبض ما أعطي له تفريطًا منه بإن ترك قبضه اختيارًا وفاته تلافي القبض بموت المعطي أو فلسه ونحوهما بطلت العطية بلا خلاف وإن لم يفته التلافي بعدم وجود المانع فله أن يتلافاه وتصح العطية فإن طلب غلتها حلف إنه لم يترك قبضها على وجه الترك ويرجع بها كذا في طرر ابن عات. ومفهوم قوله لتفريط أنه إذا لم يفرط بأن جد في طلبها ولم يتمكن منها حتى حصل مانع من الموانع المتقدمة فإن حقه لا يبطل وهو كذلك. وقوله مطلقًا أي كان الشيء المعطى أصلًا أو غيره (تنبيه) كل من كانت عادتهم عدم توريث الإناث وأنهن يمنعن من حقوقهن ما كانت فهبتهن لمن كانت له عليهن سلطة كالأخوة غير لازمة لحملهن على عدم الطوع فلهن أو لورثتهن بعد موتهن الرجوع فيها كما في المعيار والدر النثير وغيرهما وبه الفتوى (ولما) فرغ من الكلام على الصدقة والهبة شرع يتكلم على الاعتصار فقال
ومعناه في اللغة الاستخراج قال في المصباح ومنه قيل اعتصرت مال فلان إذا استخرجته منه. وفي الاصطلاح عرفه الإمام ابن عرفة بقوله الاعتصار ارتجاع المعطي عطيته دون عوض لا بطوع المعطى وصيغته ما دل عليه لفظًا اهـ فقوله دون عوض اخرج به شراء الهبة وقوله بلا طوع المعطى أخرج به هبة المعطى بالفتح للمعطي بالكسر وقوله وصيغته ما دل عليه لفظًا أي سواء كان بمادة الاعتصار أو الرجوع أو الرد أو غير ذلك ويصح في الهبة والعمرة والنحلة والحبس إذا كان بمعنى الهبة ككونه سكنى أو عمرى إلى عام أو أعوام ثم مرجعه إليه فإن لم يكن بمعنى الهبة بأن كان باقيًا على أصل معناه فلا يعتصر كالصدقة إلا بشرط كما مر وقال
(الاعتصار جاز فيما يهب
…
أولاده قصد المحبة الأب)
(والأم ما حي أب تعتصر
…
وحيث جاز الاعتصار يذكر)
(وضمن الوفاق في الحضور
…
إن كان الاعتصار من كبير)
معناه أن الاعتصار لا يكون بلا شرط إلا للأب والأم خاصة فيما وهباه لأولادهما كبارًا كانوا أو صغارًا ذكورًا كانوا أو إناثًا وإنما كان الأب والأم مختصين بالاعتصار دون غيرهما لأن لهما ما ليس لغيرهما في مال الولد ولهذا منع الاعتصار من غيرهما قريبًا كان أو بعيدًا واحترز بقوله قصد المحبة مما إذا كانت الهبة لله تعالى أو كانت لثواب فإنها لا تعتصر. وقوله والأم ما حي أب تعتصر ظاهرة أن الأب إذا مات قبل بلوغ الولد فلا اعتصار لها وهو كذلك على أحد قولين لكن الراجح خلافه وأما الكبير الغني فتعتصر منه ما وهبته له مطلقًا كان له أب أم لا بلا خلاف إلا إذا حصل مانع من الموانع الآتية وقوله (وحيث جاز الاعتصار يذكر) هو أن الموثق ينبغي له أن ينكر في وثيقة الهبة وشبهها مما يجوز فيه الاعتصار أن الواهب سلط عليها حكم الاعتصار لئلا يمتنع الولد فيقع النزاع وإن كان عدم ذكره في الوثيقة لا يسقط حكم الاعتصار لأن السنة أوجبت له ذلك ذكر في الوثيقة أو لم يذكر وكذلك ينبغي للموثق عند إرادة الأب الاعتصار أن يطلب حضور الولد ليوافق عليه فينص عليه في الوثيقة قطعًا للنزاع إذ قد يدعي ما يمنع الاعتصار فحضوره وموافقته يمنعان من كل دعوى يدعيها في شأن الاعتصار فإن لم يحضر أو حضر ولم يوافق بدون ثبوت سبب مانع منه كان للأب الاعتصار كالذي قبله وقوله الاعتصار مبتدأ وجملة جاز الخ خبره وأولاده مفعول به وقصد المحبة مفعول لأجله والأب فاعل يهب والأم مبتدأ وجملة تعتصر خبر وما ضرفية متعلقة بتعتصر وهي مضافة وجملة حي أب مضاف إليه والتقدير والأم تعتصر مدة حياة الأب ثم قال
(وكل ما يجري بلفظ الصدقة
…
فالاعتصار أبدًا لن يلحقه)
يعني أن كل عطية تكون بلفظ الصدقة أو بلفظ الهبة إذا كانت لله تعالى فإن الاعتصار لا يلحقها أبدًا إلا بشرط ثم شرع في بيان موانع الاعتصار فقول
(ولا اعتصار مع موت أو مرض
…
له أو النكاح أو دين عرض)
(وفقر موهوب له ما كانا
…
لمنع الاعتصار قد أبانا)
يعني أن الاعتصار يمنع منه موت الموهوب له لأن الحق انتقل لمن لا يعتصر منه أو مرضه المتصل بموته أو عقد نكاحه ذكرًا كان الولد أو أنثى أو أخذه للدين إذا كان المرض وما بعده حادثًا بعد الهبة وعلى ذلك نبه بقوله عرض أما إذا كان الموهب له مريضًا أو متزوجًا أو مدينًا وقتها فإن الاعتصار لا يمنع. ومن موانع الاعتصار فقر الموهوب له صغيرًا كان أو كبيرًا لأن فقره وقت الهبة قرينة تدل على الصدقة والصدقة لا اعتصار فيها كما تقدم (تنبيهات- الأول) لا فرق بين مرض الموهوب له والواهب على المذهب وروى أشهب أن مرض الأب غير مانع (الثاني) إذا ارتفع مانع الدين بالأداء أو مانع النكاح بالطلاق لم يعد الاعتصار وفي ارتفاع مانع المرض بالصحة وعدم ارتفاعه وهو القول المختار خلاف (الثالث) بقي على الناظم شرطان مانعان من الاعتصار (أحدهما) تلف العين الموهوبة كما إذا كان الموهب مما يكال أو يوزن إذا خلطه الموهوب له بمثله أو حصل فيها زيد أو نقص أو حصل تفويتها ببيع ونحوه لا بحوالة سوق (والآخر) وطء الولد الجارية التي وهبت له حملت أو لم تحمل وضمير له يعود على موت ثم قال
(وما اعتصار بيع شيء قد وهب
…
من غير إشهاد به كما يجب)
(لكنه يعد مهمًا صيرًا
…
ذاك لموهوب له معتصرًا)
(وقيل بل يصح أن مال شهر
…
له وإلا فلحوز يفتقر)
يعني أن من وهب هبة لولده صغيرًا كان أو كبيرًا ذكرًا كان أو أنثى ثم عمد أبوه وباع