الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولا صداق ثم إن لم ينكشف
…
من أمره بالسجن شيء فالحلف)
(وإن أبى من اليمين حلفت
…
ولصداق المثل منه استوجبت)
يعني أن المرأة إذا ادعت الاغتصاب على رجل مشهور بالفسق وجاءت متشبثة به أو جاءت تدمي إن كانت بكرا فإن حد الزنا وحد القذف يسقطان عنها معا هذا معنى قوله عما وإن ظهر بها حمل فلا حد عليها كذلك. وفي وجوب الصداق لها خلاف وعلى كونها تستوجبه فإنما بعد يمينها على القول الأصح. وإن قامت عليه بعد زمان الفعل فإن الحدين يسقطان عنها ما لم يظهر بها حمل فتحد ولا صداق لها على المدعي عليه في الحال وإنما يسجنه الحاكم وينظر في حاله بالتجسس عليه فإن ثبت عنده صحة قول المرأة لذمه الصداق وإن لم يظهر من أمره شيء حلف أنه ما وطئ وبرئ وإن نكل عن اليمين حلفت ووجب لها صداق مثلها. وأما قوله (وإن يكن مجهول حال) البيت تقدم أنه في غير محله لأن الكلام هنا على المشتهر بالفسق لا على مجهول الحال ثم قام يتكلم على السرقة فقال
*
فصل في دعوى السرقة*
وهي أخذ صغير لا يعقل أو مال من حرز حائزه لا ملك له فيه على وجه الاستسرار بغير سلاح. وأركانها ثلاثة السارق والمسروق والمحل (فالسارق) شرطه التكليف. وكونه غير رقيق للمسروق منه. وكونه غير أصل له كأبيه وأمه وجده وجدته. وكونه غير شريك أو غريم سرق قدر حقه أو مضطر سرق لجوع أصابه (والمسروق) إن كان أدميا فشرطه الصغر أو البله وإن كان مالًا فشرطه أن يكون نصابا وهو ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم أو وزنها فضة خالصة أو ما قيمته مما ينتفع به شرعا ثلاثة دراهم من العروض (والمحل) وهو الحرز فكل موضع لا يعد صاحب المال مضيعًا لماله إذا وضعه فيه فهو حرز وكل شيء معه من يحفظه
فحافظه حرز له فإن لم تتوفر فيه هذه الشروط فلا يسمى الأخذ سارقًا ولا تقطع يده وإن أتى بسلاح فتجري عليه أحكام المحاربين وبهذا أفتى بعض العلماء بأن سراك افريقية الذين يأتون بالسلاح محاربون تجري عليهم أحكام الحرابة والمحارب إذا قتل أحدا وإن كان كافرا وجب على الحاكم قتله ولا يقبل فيع عفو ولا شفاعة كقتل الغيلة وهو ما كان خفية لأخذ المال وتقتل الجماعة بالواحد وإن ولي القتل أحدهم فإن لم يقع منه قتل نظر الحاكم في أمره فإن كان قوي الشوكة بكثرة التلصص حتى صار الناس يخافونه وجب قتله وإلا فهو مخير في شأنه بين قتله أو قطعه من خلاف أو نفيه وهل يجوز قتله إذا هرب وقت حرابته أو لا يجوز قال صاحب الشامل وهو الأصح قولان وقوله
(ومدع على امرئ إن سرقه
…
ولم تكن دعواه بالمحققة)
(فإن يكن مدعيا ذاك على
…
من حاله في الناس حال الفضلى)
(فليس من كشف لحاله ولا
…
يبلغ بالدعوى عليه أملا)
(وإن يكن مطالبا من يتهم
…
فمالك بالضرب والسجن حكم)
يعني أن من ادعى على رجل أنه سرقه ولم يحقق دعواه عليه بأن كانت دعوى اتهام فقط فإن الحاكم ينظر إلى حالة المدعي عليه بالسرقة فإن كان من أهل الفضل بعيدا عن التهمة بمثل هذه فإنه لا يكشف عن حاله ولا تسمع عنه هذه الدعوى لبعدها عادة ولا يبلغ المدعي بدعواه عليه أمله وإن كان المدعي عليه من أصحاب التهم خصوصًا إذا كانت له سوابق فإن الحاكم يسجنه ويتجسس عنه وقد يشدد عليه بالضرب بحسب قرائن الأحوال ثم قال
(وحكموا بصحة الإقرار
…
من ذاعر يحبس لاختبار)
يعني أن من أدعى السرقة على المعروف بها فحبسه الحاكم لاختباره فلما وقع التهديد
عليه أقر بما أدعي عليه به وهو في السجن من جهة الخوف الذي حصل له فإن أقراره صحيح ويلزمه ما أقر به لأن هذا ليس من الإكراه وبه العمل والذاعر الخائف ويقال داعر بدال مهملة معناه سارق وقوله (ويقطع السارق باعتراف
…
أو شاهدي عدل بلا خلاف)
معناه أن السارق إذا أعترف بالسرقة طائعا أو شهد عليه بها عدلان فإنه يقطع اتفاقا بالشروط المتقدمة ثم قال
(ومن أقر ولشبهة رجع
…
درئ عنه الحد في الذي وقع)
(ونقلوا في فقدها قولين
…
والغرم واجب على الحالين)
يعني أن من أدعى عليه بالسرقة وأقر بها ثم رجع عن إقراره فإن كان رجوعه لشبهة ثبتت عند الحاكم درئ عنه الحد وإن رجع لغير شبهة ففي درء الحد ودفعة عنه قولان. وأما غرم الشيء المسروق فإنه يلزمه رجع لشبهة أو لغير شبهة وقوله
(وكل ما سرق وهو باق
…
فإنه يرد باتفاق)
(وحيثما السارق بالحكم قطع
…
فبالذي سرق في اليسر اتبع)
يعني أن الشيء المسروق مهما وجد بعينه فإنه يرد لصاحبه سواء قطع السارق أو لم يقطع وإن لم يوجد فإن قطع السارق فإنه يتبع بالسرقة في يسره دينا في ذمته ولا يتبع بها في عسرة وإن لم يقطع وهو مفهوم قوله قطع أتبع بها في يسره وعسره والمراد باليسر أن يتصل يسره من حين السرقة إلى يوم القطع فإن كان حينئذ معسرا أو أعسر فيما بين ذلك لم يغرمها والله تعالى أعلم ثم قال
(والحد لا الغرم على العبد متى
…
أقر بالسرقة شرعا ثبتا)
يعني أن العبد إذا أقر بالسرقة فإنه يقطع شرعًا ولا يلزمه غرم السرقة وقول الناظم
بالسرقة بفتح السين على الأصل وسكون الراء للوزن وقوله والحد لا الغرم الخ الحد مبتدأ وجملة ثبتا خبره وألف ثبتا للإطلاق وعلى العبد متعلق به وشرعا مفعول مطلق معمول لثبت (فائدة) سئل العالم الجليل الشيخ خليفة بن حسن السوفي ناظم مختصر الشيخ خليل عن الذي عرف أثر قدميه معرفة تامة لا يشك فيها كما هو معلوم عند بلاد سوف وغيرهم من أهل الصحراء إذا أدعي عليه بسرقة ونحوها وأنكر هل يغرم أم لا (فأجاب) بأنه يغرم وخالفه بعض علماء خنقة سيدي ناجي في ذلك فخاطبهم بما فيه حجته على ذلك وإن مستنده فيه بطريق الشرع لا العقل فقال
(سلام له في الصالحات أصول
…
يوافيه من عندي السلام وصول)
(إلى السرج الإثبات من ءال خنقة
…
لم في ندور الواقعات نقول)
(رؤوس سداد صالحون لجلة
…
شموس رشاد ما لهن أفول)
(عفا الله عنكم حكمكم كيف وجهه
…
لنجل خليل بالبراء فقولوا)
(ففي القلب شيء يعتريه وعبرة
…
من القلب للأحكام حين تجول)
(تمسككم بالأصل والأصل واضح
…
ولا ينكر المعلوم إلا جهول)
(ولكن إذا عم السداد بحادث
…
تقدم أصلا والقياس دليل)
(كتضمين سمسار وتغريم صانع
…
وهل هو إلا مودع ووكيل)
(وترخيص تأخير الكراء لمكتر
…
إذا خيف غدر للكراء نزول)
(ومن ذاك ما قد جوزوا في سفاتج
…
متى عم بالخوف الشديد سبيل)
(ففي كلها خلف الأصول لأنها
…
مصالح عمت والصلاح جميل)
(ومن أدب المسئول قبل جوابه
…
إذا وردت يوما عليه سؤال)
(تعرف عرف السائلين بأرضهم
…
ليعلم ما يفتي به ويقول)
(وما أنتم منا بأعلم بالذي
…
به الضر يدري عندنا ويزول)
(ولو أهملت أثار سراك أرضنا
…
لكان فسادا للخراب يئول)
(ففي الأخذ بالآثار إصلاح أمرنا
…
وفي الترك عن قصد السبيل عدول)