المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الضرر وسائر الجنايات* - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٤

[عثمان بن المكي التوزري]

فهرس الكتاب

- ‌{باب الحبس والهبة والصدقة وما يتصل بها}

- ‌{فصل في الصدقة والهبة وما يتعلق بهما}

- ‌{فصل في الاعتصار}

- ‌{فصل في العمرى وما يلحق بها}

- ‌{فصل في الإرفاق}

- ‌{فصل في حكم الحوز}

- ‌{فصل في الاسىتحقاق}

- ‌{فصل في العادية والوديعة والأمناء}

- ‌{فصل في القرض وهو السلف}

- ‌{فصل في العتق وما يتصل به}

- ‌ باب الرشد

- ‌{فصل في الوصية وما يجري مجراها}

- ‌{فصل في الإقرار}

- ‌فصل في حكم المديان*

- ‌فصل في الفلس*

- ‌باب في الضرر وسائر الجنايات*

- ‌فصل في ضرر الأشجار*

- ‌فصل في نسقط القيام بالضرر*

- ‌فصل في الغصب والتعدي*

- ‌فصل في الاغتصاب*

- ‌فصل في دعوى السرقة*

- ‌فصل في أحكام الدماء*

- ‌فصل في الجراحات*

- ‌باب التوارث والفرائض*

- ‌فصل في ذكر عدد الوارثين*

- ‌فصل في ذكر أحوال الميراث*

- ‌فصل في المقدار الذي يكون به الإرث*

- ‌فصل في ذكر حالات وجوب الميراث*

- ‌فصل في ذكر أهل الفرائض وأصولها*

- ‌فصل في ذكر حجب الإسقاط*

- ‌فصل في ذكر حجب النقل إلى فرض*

- ‌فصل في ذكر حجب النقل للتعصيب*

- ‌فصل في موانع الميراث*

الفصل: ‌باب في الضرر وسائر الجنايات*

نقد ثمنها أما إذا أخذها عن دين كان له على البائع الذي فلس فلا يكون أحق بها بل يكون أسوة الغرماء أقوال ثلاثة ثم قال

(وزوجة في مهرها كالغرماء

في فلس لا في الممات فاعلما)

يعني أن من تزوج امرأة ودخل بها ولم يدفع لها صداقها ثم فلس أو مات فإن الزوجة تحاصص الغرماء بصداقها في الفلس لا في الموت وما درج عليه الناظم أحد أقوال ثلاثة في المسألة والثاني لا تحاصص فيهما والثالث تحاصص فيهما معا وهو القول المشهور قال الشيخ خليل وحاصت الزوجة بما أنفقت وبصداقها كالموت لا بنفقة الولد أهـ قال الزرقاني لا تحاصص في فلس ولا موت بنفقة الولد لأنها مواساة لكن ترجع عليه بها أن أيسر حال إنفاقها لأنها قامت عليه بواجب وظاهر المصنف عدم محاصتها بنفقه ولو حكم بها حاكم وفي أحمد هذا ما لم تكن بقضية وأنفقت وهو مليء وإلا حاصت أهـ وقول الناظم

(وحارس المتاع والزرع وما

أشبهه معهم قد قسما)

معناه أن الأجير على حراسة متاع أو زرع أو رعاية غنم ونحو ذلك لا يكون أحق بما في يده حتى يستوفي أجرته من ثمنه إذا فلس رب الشيء بل يقاسم الغرماء في ذلك (و) من المدونة قال مالك أما الأجير على رعاية الإبل أو على رحى الماء فهو أسوة الغرماء في الموت والفلس اهـ (ولما) ذكر الناظم أن من أحاط الدين بماله يمنع من أحداث شيء فيه يضر بالغرماء ناسب أن يذكر عقبه من أحدث شيئا في ملكه يضر بجاره فإنه يمنع منه فقال

*‌

‌باب في الضرر وسائر الجنايات*

أي من غصب وتعد واغتصاب وسرقة وقتل وجرح (ولما) كان الضرر ينقسم إلى قسمين ما يضر بالرقبة وما يضر بالمنفعة أشار إلى الأول منهما فقال

ص: 111

(ومحدث ما فيه للجار ضرر

محقق يمنع من غير نظر)

(كالفرن والباب ومثل الأندر

أو ماله مضرة بالجدر)

يعني أن من أحدث ما فيه ضرر محقق لجاره بشهادة أهل المعرفة فإنه يمنع منه ويزال في الحين من غير نظر ولا توقف لقوله صل الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار فالضرر هو مالك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة والضرار بكسر الضاد هو ما ليس لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة وقيل معناهما واحد توكيد في المنع وقيل غير ذلك ثم مثل الناظم لذلك بأمثلة فقال كالفرن أي كأحداث الفرن للفخاريين فإنه يؤذي القريب منه بدخانه أو بناره ومثله الحمام والكوشة للخبازين ومدخنة السنفاجين. والأصل فيه قول الله عز وجل فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغش الناس هذا عذاب أليم فجعله الله عذابا مؤلما. وأما دخان التنور أي الطابونة والمطابخ ونحوهما مما لا يستغنى عنه في المعاش فلا يمنع منه كما لا يمنع من القديم المشهور إلا إذا أراد أن يحدث دخانا ويضيفه إلى القديم في مدخنة أخرى فإنه يمنع منه لزيادة الضرر وبه القضاء. وكذلك يمنع من فتح باب يقابل باب جاره إذا كانت السكة غير نافذة ولو حرف الباب المحدث عن باب جاره بحيث لا يطلع منه على ما في دار جاره ولا يقطع عنه مرفقا على القول الذي به العمل أما إذا كانت السكة نافذة فله فتح الباب وإن كان مقابل لباب جاره وليس له فتح الكوة والشباك والحانوت إلا إذا حرف بحيث لا يطلع منه على ما في دار غيره لأنها أشد ضررا من الباب فلهذا لم يشترط فيه التحريف وبه العمل. وقوله ومثل الأندر هو بفتح الهمزة والدال كما تقدم فإنه يمنع من أحداثه قابلة باب دار جاره أو بستانه لأن ربه يتضرر بالتبن والغبار عند الذروة كما يمنع من نفض الحصير حذاء باب داره لتضرر المارة أو الجار بغباره وقد يتسبب عنه المرض (وقوله) أو ماله مضرة بالجدر وذلك كحفر مرحاض أو بئر أو بناء حمام أو فرن لتشبيب ذهب أو فضة أو لقلي شعير أو قهوة أو كير لخدمة حديد أو رحى أو

ص: 112

إسطبل ونحوها فإنه يمنع من أحداثه (تنبيه) تقدم أن حفر البئر يمنع إذا كان يضر بالجدار أما إذا كان لا يضر به وإنما يضر ببئر جاره في تقليل مائها ففيه تفصيل وهو إن كانت البئر في الدور فإن أحداثها إذا كان يؤثر في غيره فإنه لا يمنع لأن أهلها يستغنون بالماء القليل عن الماء الكثير وإن كانت في الأرضيين والبساتين فإن أحداثها يمنع إذا كانت تقلل ماء بئر الغير وأولى إذا قطعته بالكلية لأن أهلها يحتاجون إلى كثرة المياه للسقي قاله ابن الرامي التونسي وهو تفصيل حسن للغاية وسمعت جري العمل به. وأشار إلى الثاني بقوله

(فإن يكن يضر بالمنافع

كالفرن بالفرن فما من مانع)

يعني أن الشيء المحدث إذا كان يضر بالمنافع فقط كمن أحدث فرنا ونحوه بقرب فرن جاره فتقصت غلة الأول أو انقطعت بالكلية أو كان ينقص من ثمنه عند البيع فإنه لا يمنع من ذلك وليس لصاحب القديم اعتراضه على القول المعتمد حتى إن بعضهم حكي الاتفاق عليه لقوته والله أعلم وظاهر النظم أن ضرر الأصوات مثل ما يقع من الحداد عند ضرب الحديد غير معتبر وهو كذلك على القول المشهور قال ابن ناجي ويلغوه مطلقا جرى العمل وقيل يمنع مطلقًا وقيل إن عمل بالنهار فالأول وإن عمل بالليل فالثاني وقيل يجوز أن خف ولم يكن فيه كبير مضرة ثم قال

(وهو على الحدوث حتى يثبتا

خلافه بذا القضاء ثبتا)

يعني أن أمر الضرر إذا أشكل هل هو قديم فيبقى على حاله أو حادث فيزال فإنه يحمل على الحدوث حتى يثبت قدمه وإثبات القدم على مدعيه وبه القضاء وقوله

(وإن يكن تكشفا فلا يقر

بحيث الأشخاص تبين والصور)

معناه أن الضرر إذا كان تكشفا كما لو فتح إنسان كوة أو بابا في غرفة يتشرف منها على ما في دار جاره بحيث تظهر به الذوات والصفات فإنه يزال ولا يقر والذي عليه عمل تونس

ص: 113

أن من أراد الصعود على سطح داره لإصلاح ونحوه يخبر الجيران بذلك حتى يستوفي عمله ثم قال

(وما بنتن الريح يؤذي يمنع

فاعله كالدبغ مهما يقع)

يعني أن الضرر الحادث على الجار إذا كان بنتن الرائحة كالدبغ أو فتح مرحاض بدون غطاء فإن فاعله يمنع منه لأن الرائحة المنتنة تخرق الخياشيم وتصل إلى الأمعاء فتضر وتؤذي الأسنان بالمادة الفاسدة التي تصل إليها. والأصل في هذا قوله عليه الصلاة والسلام من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يقرب مسجدنا فلهذا منع إحداث كل ما له رائحة تؤذي وبه العمل وهذا الحكم في الحقيقة ليس خاصا بالجار بل هو من الحق العام. وقوله بنتن متعلق بيوذي وجملة يمنع فاعله من الفعل ونائب الفاعل خبر ما الموصلة الواقعة على الضرر وصلتها جملة يؤذي ثم قال

(وقول من يثبته مقدم

على مقال من بنفي يحكم)

يعني أن من أحدث أمرا في ملكه فأدعى جاره أن عليه فيه ضررًا وطلب إزالته وأدعى محدثه أنه لا ضرر عليه فيه وأمتنع من أزالته وأقام كل واحد منهما بينة من أهل البصر والمعرفة على دعواه فبينة من أدعى الضرر مقدمة على من نفاه عند التكافؤ ثم شرع يتكلم على حكم الجدار الساتر بين دارين وشبههما وهو أما أن يكون ملكًا لأحد مالكي الدارين أو يكون مشتركًا بينهما وقد أشار إلى الأول منهما فقال

(وإن جدار ساتر تهدما

أو كان خشية السقوط هدما)

(فمن أبى بناءه لن يجبرا

وقيل للطالب إن شئت استرا)

(وعامد للهدم دون مقتض

عليه بالبناء وحده قضي)

(إن كان ذا وجد وكان ماله

والعجز عنه أدبا أناله)

ص: 114

يعني أن الجدار الساتر إذا كان لأحد مالكي الدارين وهدم فإن أنهدم بنفسه أو هدمه مالكه خوفا من سقوطه فإنه لا يجبر على بنائه فإن طالبه الجار ببنائه فيقال له أن صاحبه لم يقصد ضررك فإن شئت فاستر على نفسك أو أترك الكلام في شأنه وإن هدمه مالكه لغير موجب فإنه يجبر على بنائه وحده لظهور قصد أراده الضرر بالجار هذا إن كان له مال فإن لم يكن له مال أدب وإن كان الجدار مال غيره فعليه إعادته إن كان حبسا وإلا فقيمته وأشار إلى الثاني بقوله

(وإن يكن مشتركا فمن هدم

دون ضرورة بناءه التزم)

(وإن يكن لمقتض فالحكم أن

يبني مع شريكه وهو السنن)

(من غير إجبار فإن أبى قسم

موضعه بينهما إذا حكم)

يعني أن الجدار الساتر إذا كان مشتركا بين الجارين وهدم فإن هدمه أحدهما لغير ضرورة فإنه يلزمه بناؤه وحده لأنه هدم ملكه وملك غيره لا لحاجة تدعوه إلى هدمه وإن هدمه لموجب كخوف سقوطه أو أنهدم وحده فبناؤه يكون عليهما من غير أجبار الممتنع منهما على بنائه على الطريقة المشروعة ثم أن اتفقا على بنائه فالأمر ظاهر وإن لم يتفقا وأمتنع أحدهما من بنائه فإن كان ممكنًا قسم وإلا قضي على الممتنع منهما بالبناء مع صاحبه إن كان له مال فإن لم يكن له مال بيع ليه لمن يبنيه وقيل غير ذلك. وضمير يكن الأول يعود على الجدار وهدم بالبناء للفاعل صلة من وبناءه مفعول مقدم بقوله التزم أي لذمه أن يبنيه كما كان هذا معناه. وضمير يكن الثاني يعود على الهدم. وقوله يبني بالبناء للنائب. وقوله السنن بفتحتين أي الطريق المشروع كما قررنا به كلامه. وقوله قسم بالبناء للنائب وموضعه أي الجدار نائب الفاعل. وقوله حكم مبني للنائب أي أمكن قسمه فعبر بالحكم عن الإمكان لأنه لازمه إذ من لازم الحكم بالقسم إمكانه والله أعلم وقوله

(وإن تداعيات فللقضاء

لمن له العقود والبناء)

ص: 115