المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة:11 [في بيان حكم ما أسنده الشيخان أو علقاه] - توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار - جـ ١

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌مسألة 2 [في بيان مراد أهل الحديث بقولهم: هذا حديث صحيح]

- ‌مسألة 3 [من علوم الحديث: في معرفة أصح الأسانيد]

- ‌مسألة 4 [في ذكر أول من صنف في جمع الصحيح]

- ‌مسألة 6 [في عدد أحاديث الصحيحين]

- ‌مسألة 7 [في بيان الصحيح الزائد على ما في البخاري ومسلم]

- ‌مسألة 8 [في المستخرجات]

- ‌مسألة:9 [في بيان مراتب الصحيح]

- ‌مسألة 10 [في إمكان التصحيح في كل عصر ومن كل إمام]

- ‌مسألة:11 [في بيان حكم ما أسنده الشيخان أو علقاه]

- ‌مسألة 12 [في أخذ الحديث من الكتب]

- ‌مسألة 13 [في بيان القسم الثاني: وهو الحديث الحسن]

- ‌مسألة 14 [في بيان شرط أبي داود]

- ‌مسألة: 15 [في بيان شرط النسائي]

- ‌مسألة: 16 [في بيان شرط ابن ماجه]

- ‌مسألة: 17 [في الكلام على جامع الترمذي]

- ‌مسألة: 18 [في ذكر شرط المسانيد]

- ‌مسألة: 19 [في الكلام على الأطراف]

- ‌مسألة: 20 [في بيان المراد بصحة الإسناد وحسنه]

- ‌مسألة:21 [في بيان المراد من الجمع في وصف الحديث بين الصحة والحسن]

- ‌مسألة: 22 [في بيان القسم الثالث: وهو الحديث الضعيف]

- ‌مسألة: 23 [في بيان الحديث المرفوع]

- ‌مسألة: 24 [في بيان المسند من أنواع الحديث]

- ‌مسألة: 25 [في بيان المتصل والموصول من أنواع الحديث]

- ‌مسألة:26 [في بيان الموقوف]

- ‌مسألة: 27 [في بيان المقطوع]

- ‌مسألة: 28 [في بيان المرسل]

- ‌مسألة: 29 [في بيان اختلاف العلماء في قبول المرسل]

- ‌مسألة: 30 [في فوائد تتعلق بالمرسل]

- ‌مسألة: 31 [في بيان المنقطع والمعضل]

- ‌مسألة: 32 [في بيان العنعنة وحكمها]

- ‌مسألة:33 [في بيان اختلاف العلماء في قول الراوي أن فلانا قال]

- ‌مسألة:34 [في حكم تعارض الوصل والإرسال]

- ‌مسألة:35 [في بيان التدليس]

- ‌مسألة:36 [في بيان الشاذ]

الفصل: ‌مسألة:11 [في بيان حكم ما أسنده الشيخان أو علقاه]

‌مسألة:11 [في بيان حكم ما أسنده الشيخان أو علقاه]

"حكم الصحيحين" أي ذكر حكم ما أسنده في الصحيحين كما يرشد إلى تقدير ذلك قوله والتعاليق فإنه من مسمى الصحيحين وإن لم تشمله الصحة.

"اختلف الحفاظ من المحدثين والنقاد من الأصوليين فيما أسنده البخاري ومسلم أو علقاه" وهو الذي حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر وأغلب ما وقع ذلك في كتاب البخاري وهو في كتاب مسلم قليل جدا قال ابن الصلاح: في جزء له ما اتفق البخاري ومسلم على إخراجه فهو مقطوع بصدق مخبره ثابت لتلقي الأمة ذلك بالقبول وذلك يقيد العلم النظري وهو في إفادة العلم كالمتواتر إلا أن المتواتر يفيد العلم الضروري وتلقي الأمة يفيد العلم النظري وقد اتفقت الأمة على أن ما اتفق البخاري ومسلم على صحته فهو حق وصدق انتهى.

"فأما ما أسنداه" أي الشيخان "أو أحدهما فذكر ابن الصلاح أن العلم اليقيني النظري واقع به" أي بما أسنداه أو أحدهما "خلافا لقول من نفى ذلك" أي إفادة اليقين وفي شرح مسلم ما يفيد أن هذا الخلاف لبعض محققي الأصوليين "محتجا بأنه" أي الحديث الصحيح "لا يفيد في أصله" أي في حق كل واحد من الأمة "إلا الظن" وأما قول ابن الصلاح في الاستدلال على إفادتهما اليقين يتلقى الأمة لها بالقبول فجوابه قوله "وإنما تلقته" أي حديث الكتابين "الأمة بالقبول" لأنه يفيد الظن "ولأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ" ولا يتم به اليقين.

"قال" ابن الصلاح: "وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا" وهو كونه يفيد العلم اليقيني النظري "هو الصحيح لأن ظن من هو معصوم عن الخطأ" وهم الأمة "لا يخطئ إلى آخر كلامه" وهو قوله ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد مقطوعا بها وأكثر إجماعات العلماء كذلك وهذه

ص: 115

نكتة نفيسة نافعة ومن فوائدها القول بأن ما انفرد به البخاري ومسلم يتدرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما انتهى.

وقال إمام الحرمين لو حلف إنسان بطلاق امرأته بأن ما في كتاب البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم: لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإجماع المسلمين على صحتهما قال النووي لقائل أن يقول إنه لا يحنث ولو لم يجمع المسلون على صحتهما للشك في الحنث فإنه لو حلف على ذلك في حديث ليس هذه صفته لم يخنث وإن كان رواية فاسقا فعدم الحنث حاصل قبل الإجماع فلا يضاف إلى الإجماع قال والجواب أن المضاف إلى الإجماع هو القطع بعدك الحنث ظاهرا وباطنا وأما عند الشك فعدم الحنث حاصل محكوم به ظاهرا مع احتمال وجوده باطنا فعلى هذا يحمل كلام إمام الحرمين فهو اللائق بتحقيقه. انتهى.

وأقول: في هذا الكلام بحثان:

الأول: أنه مبني على دعوى تلقي كل الأمة للكتابين بالقبول وقد قدمنا أن هذه دعوى على الأمة كلها وهي غير صحيحة كما أوضحناه في ثمرات النظر وغيرها وقد أقر ابن الصلاح بعدم تمامها فإنه قال إن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه ولا يخفى أن مسمى الأمة ودليل العصمة شامل لكل مجتهد والقول بأنه لا يعتد بمجتهد وإخراجه عن مسمى الأمة لا يقبله ذو تحقيق وإلا لادعى من شاء ما شاء بغير دليل وقد قدمنا سؤال الاستفسار عن هذا التلقي هل هو لأصل الكتابين من حيث الجملة أو لكل فرد فرد من أحاديثهما الأول مراد لا يفيد المطلوب الثاني: هو المراد ولا يتم فيه الدعوى كما أشرنا إليه سابقا وقررناه في ثمرات النظر وفي غيرها.

البحث الثاني: بعد تسليم الدعوى الأولى أن التحقيق أن الأمة معصومة عن الضلالة وعليها دلت الأدلة كما حققناه في حواشينا على شرح الغاية المسماة بالدراية وقد أشرنا إليه سابقا والخطأ ليس بضلالة وتأتي زيادة في هذا.

"وقد سبقه" أي ابن الصلاح "إلى نحو ذلك محمد بن طاهر المقدسي وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف واختاره ابن كثير وحكى في علوم الحديث1

1 ص 29.

ص: 116

له أن ابن تيمية1 حكى ذلك عن أهل الحديث وعن السلف وعن جماعات كثيرة من الشافعية والحنابلة والأشاعرة والحنفية وغيرهم والله أعلم".

رأيت في بعض رسائل ابن تيمية ما لفظه ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم علماء الحديث علما قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم: قاله تارة بتواتره عندهم وتارة لتلقي الأمة له بالقبول وخير الواحد المتلقي بالقبول يفيد العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وهو قول أكثر أصحاب الأشعري كالأسفرائيني وابن فوزك فإنه وإن كان في نفسه لا يفيد إلا الظن لكنه لما اقترن به إجماع علماء أهل الحديث على تلقيه بالتصديق كان بمنزلة إجماع أهل العلم بالصحة على حكم مستندين في ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد فإن ذلك الحكم يصير قطعيا عند الجمهور وإن كان بدون الإجماع ليس بقطعي انتهى.

وفيه أنه حكم على أكثر متون الصحيحين وأن ذلك إجماع أئمة الحديث وهذا حسن ولكنه ليس بالإجماع الذي ادعاه ابن الصلاح فإن أراد ابن كثير هذا الكلام الذي لابن تيمية فلا يخفى أنه لا يحسن ضمه إلى ابن الصلاح ومن سبقه لأن أولئك ادعوا الإجماع من الأمة على التلقي وابن تيمية يقول إنه تلقاه علماء الحديث أي تلقوا أكثر متونهما بالقبول وإنه بمنزلة الإجماع وإن علماء الحديث هم يعلمون علما قطعيا أنه صلى الله عليه وسلم قال ما في الصحيحين مما نسب إليه وهذا قول عدل إلا أن الدليل عليه كونه بمنزلة الإجماع ولا يخفى أن الدليل إنما هو الإجماع لا ما هو بمنزلة لأنه ليس إجماعا ضرورة واتفاقا إذ الدليل هو الإجماع كما في علم الأصول لا ما هو بمنزلتة.

ثم رأيت الحافظ ابن حجر ابن تيمية إلا أنه بأبسط من هذه العبارة وضمه إلى من ضمه ابن كثير وقوله غير قول من ضموه إليهم ولا بد من حمل كلامهم على كلامه لأن من يعتبر تلقيه بالقبول إنما هو من يعرف الفن ويميز بين صحيحه وسقيمه ويعرف رجاله وذلك خاص بأهل الحديث وأئمة هذا الشأن وهم الذين تروج دعوى

1 ابن تيمية هو شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني عني بالحديث وخرج وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه مات سنة 728. له ترجمة في شذرات الذهب 6/80. وانجوم الزاهرة 9/271. والبداية والنهاية 14/163.

ص: 117

ذلك عليهم لا الأئمة كلها فلو قال ابن الصلاح: وغيره مثل هذا لقبل منه وأما دعوى القطعية بعد تسليمه هذا القدر من التلقي ففيها خفاه وإنما قلنا إنه لا بد من رد كلامهم إلى كلامه لأنه الواقع وهو يفيد أرجحية ما فيها كما أشار إليه المصنف فيما سلف لا القطعية المدعاة.

"قال النووي" في شرح مسلم "وخالف ابن الصلاح المحققون والأكثرون فقالوا يفيد الظن ما لم يتواتر ونحو ذلك حكى زين الدين عن المحققين واختاره" قال النووي:

فإنهم أي المحققين قالوا إن أحاديث الصحيحين التي ليست متواترة إنما تفيد الظن لأنها آحاد والآحاد إنما تفيد الظن كما تقرر ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيها وهذا متفق عليه فإن أخبار الآحاد في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها ولا تفيد الظن وكذا الصحيحان وإنما يفترق الصحيحان وغرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه بل يجب العمل به مطلقا وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر فيه وتوجد فيه شروط الصحيح ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم: انتهى.

واعلم أنه قال الحافظ ابن حجر إن شيخه يريد زين الدين أفر كلام النووي هذا وفيه نظر وذلك أن ابن الصلاح لم يقل إن الأمة أجمعت على العمل بما فيهما وكيف يسوغ له ذلك والأمة لم تجمع على العمل بما فيهما لا من حيث الجملة ولا من حيث التفصيل لأن فيهما أحاديث ترك العمل بما دلت عليه لوجود معارض أو ناسخ انتهى.

قلت: ولا يخفي أنه وهم فإن القائل إن الأمة أجمعت على العمل بما فيهما هو النووي نفسه لا أنه نقله عن ابن الصلاح ثم إن قوله أجمعت على العمل إنما مراده مما تعبدنا بالعمل به فالمنسوخ والمخصص قد خرجا من ذلك.

ثم إنه نقل عن الأستاذ أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك تفصيلا في المتلقي بالقبول فقال الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول مقطوع بصحته ثم فصل ذلك فقال إن اتفقوا على العمل به لم يقطعوا بصدقه وحمل الأمر على اعتقادهم وجوب العلم بخبر الواحد وإن تلقوه بالقبول قولا وفعلا حكم بصدقه قطعا ثم قال إنما اختلفوا فيما إذا أجمعت الأمة على العمل بخبر المخبر هل يدل ذلك على صحته أم لا؟ على

ص: 118

قولين فذهب الجمهور إلى أنه لا يكون صحيحا بذلك وذهب عيسى ابن أبان إلى أنه يدل على صحته قال وقد تعقب شيخنا شيخ الإسلام في محاسن الاصطلاح يريد به البلقيني قول النووي إن ابن الصلاح خالفه المحققون والأكثرون فقال هذا ممنوع فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين عن جمع من الشافعية والحنفية والحنابلة والمالكية أنهم يقطعون بصحة الحديث الذي تلقته الأمة بالقبول.

قلت: وكأنه عنى بهذا البعض الشيخ تقي الدين ابن تيمية ثم ذكر ما أسلفناه من كلام ابن تيمية.

قلت: إلا أن هاهنا بحثا فإنه لا يخفي اختلاف أحوال العلماء وغيرهم فيما يستفيدونه اعتقادا فمنهم من يفيده خبر الآحاد العلم وقد قدمنا في شرح رسم الصحيح شيئا من ذلك ومنهم من يفيده الظن ومنهم من لا يفيده علما ولا ظنا ولذا اختلف فيما يفيده خبر الآحاد الاختلاف الذي سبق ذكره هنالك أيضا فالتلقي بالقبول لا يجزم بإفادته القطع لكل أحد محقق لاختلاف الناس في الاعتقاد فدعوى إفادته القطع لكل أحد غير صحيحة وأيضا إنما يستوي الناس في البديهيات ككون الكل أعظم من الجزء ونحوه وأما في الأمور النقلية فلا فإنه يتواتر الأمر لشخص دون شخص فيكون حجة على الأول دون الثاني.

إذا عرفت هذا فالرد على ابن الصلاح بأن جماعة قالوا لا يفيد إلا الظن والرد على من رد عليه بأن جماعة قالوا يفيد القطع غير صحيح في الطرفين لأن هذه أمور وجدانية يختلف فيها الناس فلا يحكم أحد على غيره بما عند نفسه ولو كان المتلقي بالقبول يفيد القطع لكل أحد أو الظن لما وقع اختلاف في المسألة.

ثم اعلم أن هذا التلقي المدعى مراد به تلقي العلماء هو من بعد تأليف الصحيحين وهي الطبقة الأولى من بعد ذلك وأما من بعدهم من أهل الأزمنة المتأخرة فالدليل عيه نقل تلك الطبقة التلقي بالقبول ولعله قد يكون آحادا فلا يفيده أو متواترا فتقوم الحجة بنقل تلقي الأمة لهما بالصحة.

ولما قال ابن الصلاح: إن ظن من هو معصوم لا يخطئ قال المصنف "قلت: والمسألة دقيقة وقد بسطت القول عليها في العواصم وهي في أصول الفقه مذكورة وحاصل الجواب" على ابن الصلاح في قوله إن ظن من هو معصوم ع الخطأ لا يخطئ "أن المعصوم معصوم في ظنه عن الخطأ الذي هو خلاف الصواب" قال المصنف في مختصره

ص: 119

في علوم الحديث والحق أنه أي الخطأ لا يناقضها أي العصمة حيث خطؤه فيما طلب لا فيما وجب ولا يوصف خطؤه حينئذ بقبح "لا عن الخطأ الذي هو خلاف الإصابة كالخطأ في رمي" المؤمن "الكافر حيث رماه" فأصاب مؤمنا فإنه غير آثم قطعا.

"وفي الحكم بشهادة العدلين في الظاهر" وهما في الباطن غير عدلين "ومن ذلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيادة" كما في صلاته الأربع خمسا "أو نقصان" كم في صلاته الأربع اثنتين أخرجه الستة من حديث ابن بحينة وسماها الظهر "حيث سها وظن أنه ماسها" فإنه قال له صلى الله عليه وسلم ذو اليدين أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت قال لم تقصر ولم أنس وسيأتي.

"فمن جوز هذا على المعصوم" كالرسول صلى الله عليه وسلم "لأنه خطأ لغوي" وهو الخطأ المرفوع عن الأمة في حديث رفع عن أمتي الخطأ "وهو في الحقيقة صواب لأنه مأمور به مثاب عليه" وقد استدل المصنف لجوازه بالعقل والنقل في مختصره حيث قال لنا لو وجب القطع بانتقائه لبطل كونه ظنا والفرض أنه ظن فهذا خلف ولوجوب الترجيح عند تعارض المتلقي بالقبول ولا ترجيح مع القطع ومن السمع قول يعقوب في قصة أخي يوسف: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً} [يوسف: 18] وقوله: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 79] وقوله في حديث إنما أقطع له قطعة من نار1 أخرجه الشيخان مرفوعا من حديث أم سلمة وأوله إنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه شيئا الحديث وأحاديث سهوه صلى الله عليه وسلم في الصلاة ولا يمتنع أن يدخل الظن في استدلال الأمة ثم يجب القطع باتباعهم كخبر الواحد وطرق الفقه ولذلك يسمى الفقه علما فبطل القطع بأن حديث البخاري ومسلم معلوم كما ظنه ابن الصلاح وابن طاهر وأبو نصر.

"قال" جواب من جوز "إن تلق الأمة لخبر الواحد لا يفيد العلم القاطع ومن لم يجوزه" أي الخطأ الذي هو خلاف الصواب "على المعصوم قال إنه يفيد العلم القاطع والله أعلم" ثم لا يخفي أن ابن الصلاح قال في دعواه إن المتلقي بالقبول يفيد العلم اليقيني النظري قال الحافظ ابن حجر لو اقتصر على قوله العلم النظري لكان أليق

1 سبق تخريجه.

ص: 120

بهذا المقام أما العلم اليقيني فمعناه القطعي فلذلك أنكر عليه من أنكر لأن المقطوع به لا يمكن الترجيح بين آحاده وإنما يقع الترجيح بين مفهوماته ونحن نجد علماء هذا الشأن قديما وحديثا يرجحون بعض أحاديث الكتاب على بعض بوجوه من الترجيحات النقلية فلو كان الجميع مقطوعا به ما بقي للترجيح مسلك انتهى وهذا مناد على أن مرادهم أنه تلقي بالقبول كل فرد فرد من أفراد أحاديث الصحيحين إلا ما استثنوه مما يأتي.

"قال زين الدين: ولما ذكر ابن الصلاح أن ما أسنداه مقطوع بصحته قال سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد كالدارقطني وغيره" كأبي مسعود الدمشقي وأبي علي الغساني الجياني "وهي" أي الأحرف اليسيرة "معروفة عند أهل هذا الشأن" قال البقاعي في النكت الوفية قال شيخنا إن الدارقطني ضعف من أحاديثهما مائتين وعشرة يختص البخاري بثمانين واشتركا في ثلاثين وانفرد مسلم بمائة قال وقد ضعف غيره أيضا غير هذه الأحاديث انتهى وقدمنا كلام الحافظ ابن حجر في عدة ذلك.

"قال زين الدين: روينا عن محمد بن طاهر المقدسي ومن خطة نقلت: قال سمعت أبا عبد الله بن أبي نصر الحميدي" صاحب الجمع بين الصحيحين "يقول: قال لنا أبو محمد بن حزم" هو الظاهري المعروف صاحب المؤلفات البديعية "ما وجدنا للبخاري ومسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا حديثين لكل واحد منهما حديث تم عليه في تخريجه مع إتقانهما وحفظهما وصحة معرفتهما فذكر" أبو محمد "من البخاري حديث شريك عن أنس في الإسراء وأنه قبل أن يوحى إليه وفيه شق صدره قال ابن حزم والآفة فيه من شريك" وهو شريك بن عبد الله بن أبي نمير المدني تابعي صدوق قال ابن معين والنسائي ليس بالقوي وقال ابن معين في موضع آخر لا بأس به ذكر هذا الذهبي في المغني.

"والحديث الثاني: حديث عكرمة بن عمار" بفتح العين المهملة وتشديد الميم "عن أبي زميل" بضم الزاي وفتح الميم وسكون المثناة التحتية فلام هو سماك ابن الوليد تابعي "عن ابن عباس: كان الناس لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث أعطيكهن قال نعم قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها قال نعم الحديث قال ابن حزم هذا موضوع لا

ص: 121

شك في وضعه والآفة فيه من عكرمة بن عمار" قال النووي في شرح مسلم واعلم أن هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال لأن أبا سفيان إنما أسلم عام الفتح وكان النبي صلى الله عليه وسلم: إنما تزوج أم حبيبة قبل ذلك بزمان طويل وجزم ابن حزم أنه موضوع ويف رواية عنه أنه وهم والآفة فيه من عكرمة بن عمار الراوي عن أبي زميل وأنكر الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح هذا على ابن حزم وبالغ في الشناعة عليه قال وهذا القول من جسارته وكان هجوما على تخطئة الأئمة الكبار وإطلاق اللسان فيهم ولا نعلم أحدا نسب إلى عكرمة وضع الحديث وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وغيرهما وكان مستجاب الدعوة.

وأما ما توهمه ابن حزم من منافاة هذا الحديث لتقدم زواجها فغلط منه وغفلة وجهل لأنه يحتمل أنه سأله تجديد عقد النكاح تطبيبا لقلبه لأنه ربما رأى عليه غضاضة في رياسته ونسبه أن تزوج منه بغير رضاه وأنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد انتهى.

وليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: جدد العقد ولا قال لأبي سفيان إنه يحتاج إلى تجديده فلعله قال له نعم وأراد أن مقصودك يحصل وإن لم يكن بحقيقة العقد وكأن المصنف لم يرتض هذا الجواب فقال: "قلت: قد رد الحفاظ على ابن حزم ما ذكره وجمع ابن كثير الحافظ جزءا مفردا في بيان ضعف كلامه وفي الحديث غلط ووهم في اسم المخطوب لها النبي صلى الله عليه وسلم: وهي عزة" بفتح العين المهملة وتشديد الزاي "أخت أم حبيبة خطب أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لها وخطبته لها أختها أم حبيبة كما ثبت في الصحيحين فأخبرها بتحريم الجمع بين الأختين وقد ذكر له تأويلات كثيرة هذا أقربها" ووجه قربه أن التأويل في لفظة واحدة أسهل "والموجب للتأويل ما علم من تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة قبل إسلام أبي سفيان".

قلت: ولم يتعرض المصنف لتأويل حديث شريك الذي أورده ابن حزم على صحيح البخاري وقد ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري في الحديث العاشر والمائة مما اعترض على البخاري تخريجه في صحيحه حديث شريك عن أنس في الإسراء بطوله وقد خالف فيه شريك أصحاب أنس في سنده ومتنه ووجه إشكال حديث شريك ما فيه من قوله إن الإسراء كان قبل أن يوحى إليه صلى الله عليه وسلم فإنه

ص: 122

أخرجه الشيخان عن شريك ابن عبد الله بن أبي نمير بلفظ أنه سمع أنس ابن مالك يقول ليلة الإسراء أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه.

وقد قال مسلم إنه قدم فيه شيئا وأخر وزاد ونقص يعني شريكا قال النووي في شرح مسلم في رواية شريك في هذا الحديث أوهام أنكرها عليه بعض العلماء وقد نبه مسلم على ذلك بقوله قدم شيئا وأخر وزاد ونقص وذلك قوله قبل أن يوحى إليه فإنه غلط لم يوافق عليه فإن الإسراء أقل ما فيه إنه كان بعد بعثته صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر شهرا وهو قول الزهري وقال الحربي كان ليلة سبعة وعشرين من ربيع قبل الهجرة بستة وقال الزهري كان ذلك بعد مبعثه بخمس سنين قلت: ولعل للزهري فيه قولين وقال ابن اسحق أسري به وقد فشا الإسلام بمكة والقبائل قال النووي وأشبه الأقوال قول الزهري وابن اسحق.

قلت: ومثله قال القاضي عياض واستدل بقوله إذ لم يختلفوا أن خديجة صلت معه صلى الله عليه وسلم بعد فرض الصلاة عليه ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة بمدة قيل بثلاث سنين وقيل بخمس كما أن العلماء مجمعون أنه كان فرض الصلاة قبل الإسراء فكيف يكون هذا كله قبل أن يوحى إليه؟.

قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين بعد ذكر رواية شريك إنه قد زاد فيه زيادة مجهولة وأتى فيه بألفاظ غير معروفة فقد روي حديث الإسراء جماعة من الحفاظ المتثنين والأئمة المشهورين كابن شهاب وثابت البناني وقنادة يعني عن أنس ولم يأت أحد منهم بما أتى به شريك وشريك ليس بالحفاظ عند أهل الحديث وكذلك أنكر من حديث شريك قوله إن شق صدره وغسله في تلك الليلة لأن المصحح أنه شق صدره وهو في بني سعد عند حليمة قال القاضي عياض وقد جود الحديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وأتقنه وفصله حديثين وجعل شق الصدر في صغره والإسراء بعد ذلك بمكة وهو المشهور الصحيح.

إذا عرفت هذه الأقاويل عرفت أنه لا اعتراض على مسلم في إيراده لحديث شريك بعد بيانه ما فيه من الزيادة والنقصان والتقديم والتأخير.

"وذكر الذهبي شرط مسلم في ترجمته من النبلاء وطول القول في ذلك وأجاد وأفاد فينبغي مراجعته ونقله من النبلاء" قلت: إلا أنه لا يخفي أنه شرط تخميني

ص: 123

لتصريحهم بأنه لم ينقل عن الشيخين ولا عن أحدهما ذلك نعم مسلم قد ذكر في مقدمة صحيحه ما قدمنا لفظه فهو شرطه.

"قال زين الدين: وقد ذكرت في الشرح الكبير أحاديث غير هذين" مما انتقده الحفاظ على الشيخين ويأتي غيرهما في كلام المصنف "وقد أفردت كتابا لما ضعف من أحاديث الصحيحين مع الجواب عنها فمن أراد الزيادة في ذلك فليقف عليه" أي على الكتاب الذي أفرده "ففيه فوائد ومهمات" قال الحافظ ابن حجر بعد نقل كلام شيخه ما لفظه كأن مسودة هذا التصنيف ضاعت وقد طال بحثي عنها وسؤالي من الشيخ أن يخرجها فلم أظفر بها ثم حكى ولده أنه ضاع منها كراسان أو لا فكان ذلك سبب إهمالها وعدم انتشارها.

واعلم أنه قد سبق عن ابن الصلاح أن الأمة تلقت الصحيحين بالقبول قال سوى أحرف يسيرة قد تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ قال زين الدين إن الذي استثناه من المواضع قد أجاب العلماء عنها ومع ذلك أنها ليست بيسيرة قال الحافظ ابن حجر تعقبا له اعترض الشيخ أولا على ابن الصلاح استثناء المواضع اليسيرة بأنها ليست يسيرة بل كثيرة وبكونه قد جمعها وأجاب عنها وهذه لا يمنع استثناءها أما بكونها يسيرة فهو أمر نسبي نعم هي بالنسبة إلى ما لا طعن فيه في الكتابين يسيرة جدا وأما كونها يمكن الجواب عنها فلا يمنع ذلك استثناءها لأن من تعقبها من جملة من ينسب إليه الإجماع بالتلقي فالمواضع المذكورة متخلفة عنده عن التلقي فيتعين استثناءها انتهى.

"قلت: وقد ذكر النووي في مقدمة شرحه لكتاب مسلم قطعة حسنة في ذلك وذكر من صنف في ذلك كأبي مسعود الدمشقي وأبي على الغساني والدارقطني وذكر أنه يبين جميع ذلك أو أكثره ويجيب عنه في شرح مسلم" وذكر فصلا مستقلا فيما عيب به مسلم فقال فيه عاب عائبون مسلم بروايته في صحيحه عن جماعة من الضعفاء أو المتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية الذي ليسوا من شروط الصحيح ولا عيب عليه في ذلك بل جوابه من أوجه ذكرها الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

أحدها: أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده بل نقل عن الخطيب وغيره أنه قال ما احتج به البخاري ومسلم وأبو داود من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم محمول على أنه لم يثبت المؤثر مفسرا قلت: وهذا هو الذي أشار إليه

ص: 124

المصنف آنفا.

الثاني: أن يكون واقعا في المتابعات والشواهد لا في الأصول.

الثالث: أن يكون ضعف الضعيف الذي احتج به طرأ بعد أخذه باختلاطه وذلك غير قادح فيما رواه من قبل في زمن الاستقامة.

الرابع: أن يعلو بالشخص الضعيف إسناده وهو عنده من رواية الثقات نازل فيقتصر على العالي ولا يطول بإضافة النازل إليه مكتفيا بمعرفة أهل هذا الشأن ذلك وهذا العذر قد رويناه تنصيصا انتهى وذكر أمثلة لما ذكره يطول ذكرها قلت: ولا يخفي على الناقد ما في هذه الوجوه.

"قال النووي وينبغي أن يكون هذا مخرجا عن حكم المجمع على صحته المتلقي بالقبول مستثنى من الخلاف المقدم في القطع بصحة المجمع عليه" وهذا هو الذي قد أشار إليه ابن الصلاح واستثناه بقوله سوى أحرف يسيرة "وهذا الكلام فيما أسنداه وقد قصر هؤلاء في هذا الموضع وجوده الحافظ ابن حجر في مقدمة شرح البخاري فذكر مما اعترضه حفاظ الحديث على البخاري مائة حديث وعشرة أحاديث" وقال في نكته على ابن الصلاح إنه تتبع الدارقطني ما فيهما من الأحاديث المعلة فزادت على المائتين " ولكنها اعتراضات لطيفة في مشكلات اصطلحوا عيها أكثرها من علم العلل التي لا يقدح بها الفقهاء وأهل الأصول ثم أشار إلى الخلاف في كل حديث في البخاري مروي عن مدلس بالعنعنة" سيأتي بيان التدليس وأقسامه والعنعنة إن شاء الله تعالى "وهذا غير ما ذكر في كل حديث روي من طريق راو مختلف فيه وهم" أي الرواة المختلف فيهم "خلق كثير ثم مسألة الخلاف فيما عدا ذلك كله فاعرف ذلك والله أعلم".

قال الحافظ ابن حجر بعد ذكر جملة الانتقادات من قبل التفصيل من وجوه منها ما هو مندفع بالكلية ومنها ما قد يندفع فمنها الزيادة التي قد تقع في بعض الأحاديث إذا انفرد بها ثقة ولم يذكرها من هو مثله أو أحفظ منه فاحتمال كون هذا الثقة غلط ظن مجرد وغايتها أنها زيادة ثقة فليس فيها منافاة لما رواه الأحفظ والأكثر فهي مقبولة.

ومنها المروي من حديث تابعي مشهور عن صحابي سمع منه فيعلل بكونه روي عنه بواسطة كالذي يروي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ويروي عن سعيد عن أبيه

ص: 125

عن أبي هريرة فإن مثل هذا لا مانع أن يكون التابعي سمعه بواسطة ثم سمعه بدون تلك الواسطة ويلتحق بهذا ما يرويه التابعي عن صحابي فيروي من روايته عن صحابي آخر فإن هذا يمكن أن يكون سمعه منهما فحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا وهذا إنما يطرد حيث يستوي الضبط والإتقان.

ومنها ما يشير صاحب الصحيح إلى علته كحديث يرويه مسندا ثم يشير إلى أنه روي مرسلا فذلك مصير منه إلى ترجيح رواية من أسنده على من أرسله.

ومنها ما تكون علته مرجوحة بالنسبة إلى صحته كالحديث الذي يرويه ثقات متصلا ويخالفهم ثقة فيرويه منقطعا أو يرويه ثقة متصلا ويرويه ضعيف منقطعا ومسألة التعليل بالانقطاع وعدم اللقاء قل أن تقع في البخاري بخصوصه لأنه معلوم أن مذهبه عدم الاكتفاء في الإسناد المعنعن بمجرد إمكان اللقاء.

وإذا اعتبرت هذه الأمور من جملة الأحاديث التي انتقدت عليهما لم يبق بعد ذلك مما انتقد عليهما سوى مواضع يسيرة جدا ومن أراد حقيقة ذلك فليطالع المقدمة التي كتبتها لشرح صحيح البخاري فقد بينت فيها ذلك بينا شافيا بحمد الله بحذف يسير.

"وأما ما وقع فيهما" وهو عطف على قوله فأما ما أسنداه "غير مسند وهو المعبر عنه بالتعليق" أي المسمى به عندهم "و" حقيقته "هو أن يسقط البخاري أو غيره" عبارة النخبة من تصرف مصنف "من أول إسناده" أي بالنظر إليه ومنهم من يعبر عنه بمبدأ السند "راويا فأكثر" ولا يشترط التوالي بين الساقطين وإن صرح به ملا على قاري في حواشيه على النخبة وشرحها "ويعزو الحديث إلى من فوق المحذوف بصيغة الجزم كقول البخاري في الصوم1 قال يحيى بن أبي كثير عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن أبي هريرة قال فإذا قآء فلا يفطر قال ابن الصلاح: ولم أجد لفظ التعليق مستعملا فيما سقط منه بعض رجال الإسناد من وسطه أو من آخره" فلذا قال في حقيقته من أول إسناده "ولا" مستعملا "فيما ليس فيه جزم كيروي" بصيغة المجهول ولذا قال المصنف في حقيقته أيضا بصيغة الجزم.

"قال زين الدين: استعمل غير واحد من المتأخرين التعليق في غير المجزوم به منهم

1 ب 32.

ص: 126

الحافظ المزي" بكسر الميم وبتشديد الزاي نسبة إلى بلد بالشام وهو الحافظ الكبير أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحيم بن يوسف القضاعي الكلبي "في الأطراف" كتابه له سيأتي ذكره وذكر حقيقتها قال زين الدين: كقول البخاري في باب مس الحرير من غير لبس ويروي فيه عن الزبيدي عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: وذكره في الأطراف وعلم عليه علامة تعليق البخاري.

"قلت: أما ما سقط فيه رجل من وسط الإسناد يسمى المقطوع والمنقطع" ولذا قيل في رسم التعليق من أول إسناده "وما سقط من آخره فهو المرسل كما يأتي جميع ذلك" أي كل ما ذكر "وأما إذا سقط الإسناد كله وقال قال النبي صلى الله عليه وسلم: أو ذكر الصحابي فقط من رجال الإسناد فقال ابن الصلاح: تعليق" قال ابن الصلاح: إن لفظ التعليق وجدته مستعملا فيما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر حتى إن بعضهم استعمله في حذف كل الإسناد مثال ذلك قوله قال صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما كذا وكذا قال سعيد بن المسيب كذا وكذا عن أبي هريرة كذا وكذا.

قلت: وبه تعرف أن ابن الصلاح نقله عن غيره لا أنه له ولذا قال الزين حكاه ابن الصلاح عن بعضهم وتعرف أيضا أنه إذا ذكر الصحابي أو التابعي يكون على هذا القول تعليقا أيضا واقتصر المصنف على الصحابي فقط "ولم يذكره" أي هذا القسم "المزي تعليقا في الأطراف" لفظ الزين ولم يذكر هذا المزي في الأطراف في التعليق بل ولا ما اقتصر فيه على ذكر الصحابي غالبا وإن كان مرفوعا.

"وأما إذا روي" أي البخاري "عن شيخه بصيغة الجزم ولم يقل حدثنا ولا أخبرنا" قال الزين كقوله قال فلان وزاد فلان "فمتصل حكمه كحكم العنعنة كما يأتي" قال الزين أي حكمه أي المعنعن الاتصال بشرط اللقاء والسلامة من التدليس واللقاء في شيوخه أي البخاري معروف والبخاري سالم من التدليس فله حكم الاتصال انتهى.

قلت: فهذا يختص بالبخاري ومن هو مثله في شرط اللقاء لا أنها قاعدة من قواعد علوم الحديث "كذا عند ابن الصلاح واختاره الزين" فإنه قال بعد نقله لكلام ابن الصلاح أنه الصواب قال ابن الصلاح: ولا الثقات إلى أبي محمد ابن حزم الحافظ الظاهري في رده ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر أو أبو مالك الأشعري عن

ص: 127

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليكونن في أمتي

"، الحديث1 وسيأتي في كلام المصنف قريبا "خلاف لبعض المغاربة والمزي وابن منده" وهذا البعض من المغاربة غير ابن حزم لأنه ساق كلامه بعد رده على ابن حزم فإنه قال أي زين الدين بعد ذلك وبلغني عن بعض المتأخرين من أهل المغرب أنه جعله قسما من التعليق ثانيا وأضاف إليه قول البخاري في غير موضع من كتابه وقال لي فلان وزدنا فلان فوسم كل ذلك بالتعليق المتصل من حيث الظاهر المنفصل من حيث المعنى وقال متى رأيت البخاري يقول وقال لي فاعلم أنه إسناد لم يذكره للاحتجاج به وإنما ذكره للاستشهاد به وكثيرا ما يعبر المحدثون بهذا اللفظ لما جرى بينهم في المذكرات والمناظرات وأحاديث المذاكرة قل ما يحجون بها.

قلت: ما ادعاه على البخاري مخالف لما قاله من هو أقدم منه وأعرف بالبخاري وهو العبد الصالح أبو جعفر بن حمدان النيسابوري فقد روينا عنه أنه قال كل ما في البخاري قال لي فلان فإنه عرض ومناولة2 وانتهى.

قلت: ولا يخفي أنه لا يقوم كلام غيره حجة غيره حجة عليه بمجرد قوله.

"وقال" أي ابن الصلاح "وذلك" أي مثال ما يسقط من أوله واحد "مثل قول البخاري عفان" لفظ الزين قال عفان "وقال القعنبي" بالقاف مفتوحة فعين مهملة ساكنة فنون فموحدة نسبة إلى قعنب "وأخطأ ابن الصلاح في تمثيل التعليق بذلك مع اختياره أنه ليس بتعليق" عبارة الزين فقوله قال عفان قال القعنبي كذا في أمثلة ما سقط من أول إسناده واحد مخالف لكلامه الذي قدمناه عنه لأن عفان والقعنبي كلاهما شيخ البخاري حدث عنهما في مواضع من صحيحه متصلا بالتصريح فيكون قوله قال عفان قال القعنبي محمولا على الاتصال كالحديث المعنعن وهذا المثال ذكره ابن الصلاح في الفائدة السادسة من النوع الأول وهذا إيضاح لكلام المصنف.

"قال ابن الصلاح3: وكأنه مأخوذ من تعليق الجدار" فال ملا على في شرح شرح النخبة انتقد المصنف يريد ابن حجر أخذه من تعليق الجدار ولعل وجهه أن الطرفين أو أحدهما في تعليق الجدار باق على حاله غير ساقط بخلاف تعليق الحديث

1 البخاري 7/138. وأبو داود 4039.

2 علوم الحديث ص 93.

3 علوم الحديث ص 93.

ص: 128

"وتعليق الطلاق ونحوه لما يشترك فيه الجميع من قطع الاتصال وقد ذكر ابن الصلاح أن التعليق وقع فيهما" أي في الصحيحين.

"قال وأغلب ما وقع ذلك في البخاري وهو في مسلم قليل جدا قال زين الدين" في شرح ألفيته بعد نقل كلام ابن الصلاح "في كتاب مسلم من ذلك" أي من التعليق "موضع واحد في التيمم وهو حديث أبي الجهيم بن الحارث" بضم الجيم وفتح الهاء فمثناة تحتية وهو عبد الله بن الحارث ابن الصمة وقع في صحيح مسلم أبو الجهم بفتح الجيم من دون مثناة قال النووي في شرح مسلم هكذا في مسلم وهو غلط وصوابه ما وقع في صحيح البخاري أبو الجهيم وضبطه بما ضبطناه فهذا المشهور في كتب الأسماء وكذا ذكره مسلم في كتابه في أسماء الرجال "ابن الصمة" بسكر الصاد المهملة وتشديد الميم "أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل" بفتح الجيم والميم وفي رواية النسائي الجمل "قال فيه مسلم وروي الليث بن سعد ولم يوصل مسلم إسناده إلى الليث1" قال النووي هكذا وقع في صحيح مسلم من جميع الروايات منقطعا بين مسلم والليث قال وهذا النوع يسمى معلقا "وقد أسنده البخاري عن يحيى بن بكير عن الليث ولا أعلم في مسلم بعد مقدمة الكتاب حديثا لم يذكره إلا تعليقا غير هذا الحديث وفيه مواضع أخر يسيرة رواها بإسناده المتصل ثم قال ورواه فلان وهذا ليس من باب التعليق إنما أراد ذكر من تابع رواية الذي أسنده من طريقه عليه أو أراد بيان اختلاف في السند كما يفعل أهل الحديث وبدل على أنه ليس مقصودة بهذا إدخاله في كتابه أنه يقع في بعض أسانيد ذلك من ليس هو من شرط مسلم كعبد الرحمن بن خالد بن مسافر" وهذا بناء على أن شرطهما رواتهما وقد تقدم الكلام فيه "وقد بينت بقية المواضع" التي علقها مسلم "في الشرح الكبير" انتهى كلام الزين.

"فإذا عرفت هذا" هو جواب قول المصنف وأما ما وقع فيهما وفيه نبوة والمعنى على أن قوله "فاعلم" هو الجواب إذا لا جواب أما "أن المحققين قسموه" أي التعليق "ثلاثة أقسام" ولكنهم ذكروا المعلق من حيث هو منقسم المردود مع أن بعض أقسامه مقبول يعمل به وإنما ردوه للجهل يحال من حذف من إسناده.

1 والحديث رواه أحمد 4/169.

ص: 129

"أحدهما ما يورده البخاري بصيغة الجزم ويكون رجاله" غير من حذف فإنه مجهول "رجال الصحيح فيحكم" أي يوقع الحكم من الناظر فيه "بصحته لأنه" أي البخاري "لا يستجيز أن يجزم بذلك" أي بنسبته جزما "إلا وقد صح عنده" وقى قسم مثل هذا القسم في الصحة أشار إليه الحافظ أين حجر في شرح النخبة حيث قال وقد يحكم بصحته إن عرف المحذوف بالعدالة والضبط بأن يجيء مسمى أي موصوفا باسمه أو كنيته أو لقبه من وجه آخر أي من طريق أخرى. انتهى.

ولا يخفى أن وجه هذا الثاني: من التصحيح واضح وأما الأول فمرجع الحكم بصحته حسن الظن بالبخاري في أنه لا يجزم إلا بما صح إلا أن قوله:

"وثانيها ما يورده بصيغة الجزم أيضا ولكن يجزم يه عمن لا يحتج به" أي البخاري يفت في عضد حسن الظن في الطرف الأول إذ العلة هي جزمه وقد حصل في القسمين "فليس فيه" أي هذا الثاني: "إلا الحكم بصحته عمن أسنده إليه وجزم به عنه كقول البخاري" في أول باب من آداب الغسل كذا قال بن الصلاح.

قلت: ورجعت البخاري فرأيت كره في الثامن عشر من أبواب الغسل "وقال بهز" بفتح الموحدة وسكون الهاء فزاى وهو مقول البخاري "عن أبيه" هو حكيم "عن جده" هو معاوية بن حيدة صحابي معروف "عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أحق أن يستحى منه" هذا مقول قول بهز.

"قال ابن الصلاح": بعد سياقه لهذا الكلام "فهذا" أي بهز عن أبيه عن جده "ليس من شرط البخاري قطعا ولذلك" أي لكونه ليس من شرط البخاري "لم يورده الحميدي في الجمع بين الصحيحين" قال الحافظ في الفتح إن يهزا وأباه ليسا من شرطه قال ولهذا لما علق في النكاح شيئا من حديث جد بهز لم يجزم به بل قال ويذكر عن معاوية بن حيدة انتهى.

قلت: وهذا مبني أيضا على أن شرط رواته كما سلف وفيه ما سلف.

"وثالثها: أن يورده" أي البخاري "ممرضا وصيغة التمريض عندهم" وهي خالف صيغة الجزم "أن يقول ويذكر أو يروي" مبني للمجهول مضارع "أو نقل وذكر" ماضيا "ونحوها فهذا لا يحكم بصحته" واعلم أن هذا أمر عرفي وأن إتيان الراوي بصيغة المجهول دليل على ضعف ما يرويه وإلا فإن الإتيان بصيغة المجهول في علم البيان نكتا معروفة "كقوله" أي البخاري في بابا ما يذكر في الفخذ "ويروي عن ابن العباس

ص: 130

وجرهد" بفتح الجيم وسكون الراء وفتح الهاء فدال مهملة هو ابن خويلد صحابي "ومحمد بن جحش" بالجيم المفتوحة فمهملة ساكنة فشين معجمة وهو محمد بن عبد الله بن جحش نسبة إلى جده ولأبيه عبد الله صحبة وكان محمد صغيرا في عصره صلى الله عليه وسلم "عن النبي صلى الله عليه وسلم: الفخذ عورة لأن هذه الألفاظ" أي صيغ التمريض "استعمالها في الضعيف أكثر وإن استعملت" نادرا "في الصحيح" والحمل على الأغلب أولى.

واعلم أن ابن الصلاح جعل القسمين واحدا أي ما جزم به عمن يحتج به وما أورده بصيغة التمريض وقال إنهما ليسا على شرطه قطعا ولفظه قول البخاري باب ما يذكر في الفخذ ويروى عن ابن عباس إلى آخر ما ذكره المصنف ثم قال وقوله في أول باب من أبواب الغسل وقال بهز إلى آخره ثم قال فهذا قطعا ليس من شرطه انتهى.

وإنما كان حديث ابن عباس ليس من شرطه لأن فيه يحيى القنات بقاف ومثناتين من فوق وهو ضعيف وحديث جرهد ضعفه البخاري للاضطراب في إسناده وحديث محمد بن جحش فيه أبو كثير قال الحافظ ابن حجر لم أجد فيه تصريحا "وكذا قوله" أي البخاري "وفي الباب يستعمل في الأمرين معا" في الصحيح والضعيف إلا أنه لا أغلبية له في أحدهما على الآخر حتى يحمل عليه الفرد المجهول بل يتوقف الأمر على البحث.

"قال ابن الصلاح: ومع ذلك" أي مع كونه أورده بصيغة التمريض "فإيراده له" أي البخاري للحديث عن الممرض "في أثناء الصحيح" أي كتابه المسمى بذلك "مشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه" هذا كلام ابن الصلاح.

واعلم أن هذا يفيد أن التعليقات المجزومة ممن التزم صحة كتابه وإن لم يصرح بأن ما علقه صحيح يحكم بصحتها إذا لم يجزم بمن لا يحتج به وذلك بأنه لا يستجيز أن يجزم بذلك إلا وقد صح عنده وكذا أيضا بعض ما روي بغير بصيغة الجزم وهذا لا يوافق ما قاله الجمهور من أنه إذا قال راوي المعلق مثلا جميع من أحذفه ثقات فإن لا يقبل حتى يسمى قالوا لاحتمال أن يكون ثقة عنده دون غيره فإذا ذكر يعلم حاله وكذا قول من قال حدثني الثقة فإذا لم يقبل هذا فكيف يقبل قول من قال قد التزمت في كتابي أن لا أذكر إلا الصحيح فيجعل التزامه أبلغ من قوله حدثني

ص: 131

الثقة بل غاية التزامه هذا يفيد ما يفيده قول الراوي برفعه وأما ما قيل من المناقشة لكلام الجمهور بأنه تقديم للجرح المتوهم على التعديل الصريح فليس بشيء لأن التعديل الصريح للمبهم المجهول ليس بشيء.

"وشذ ابن حزم فلم يقبل شيئا من تعليقات الصحيح وتراجمه" سواء أوردها بصيغة الجزم أو غيرها ولعل وجه ما ذهب إليه هو ما قدمناه قريبا من عدم قبول الجمهور لمسألة التعديل على الإبهام فالأولى عدم قبول تعليق من التزم الصحة.

ولما كان في صحيح البخاري ما ليس بصحيح قطعا احتاج المصنف أن يذكر ما قاله ابن الصلاح في التلفيق بين ما قاله البخاري وبين ما وجد في كتابه فقال "وحمل ابن الصلاح قول البخاري ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وقول الأئمة في الحكم بصحته" أي صحة كتابه "على مقاصد الكتاب وموضوعه ومتون الأبواب دون التراجم ونحوها" وقد تقدم هذا.

"وأما الحافظ ابن حجر فصرح في مقدمة شرح البخاري" المسماة هداية الساري "بأن جميع تعاليقه" بجزم أو تمريض "غير صحيحة عنده" أي عند البخاري "يعني على شرطه وإن كان يمكن تصحيح بعضها على شرط غيره إلا أن يسند" أي البخاري "المعلق" أي الحديث الذي علقه "مرة ويعلقه أخرى ويكون تعليقه المرة الأخرى اختصارا".

قلت: اعمل أن المصنف رحمه الله تعالى أجمل ما نقله عن مقدمة الفتح وبيانه أنه قسم في المقدمة تعليقات البخاري إلى قسمين:

الأول: المعلق بصيغة الجزم ثم قسمة إلى صحيح على شرطه وهو الذي أشار إليه المصنف بقوله إلا أن يسند المعلق وهذا في الحقيقة معلق صورة عنده لا حقيقة وإلى حسن تقوم به الحجة وإلى ضعيف بسبب انقطاع يسير.

الثاني: ما علقه بصيغة التمريض فإنه قسمه إلى خمسة أقسام صحيح على شرطه صحيح على شرط غيره جزما لا إمكانا كما قاله المصنف حسن ضعيف غير منجبر ضعيف منجبر فهذه خمسة أقسام.

إذا عرفت هذا عرفت أن تعاليق البخاري لا يتم الحكم على المروي منها بشيء من الصحة ولا الحسن ولا الضعيف إلا بعد الكشف والفحص عن حال ما علقه وعرفت أن هذا الذي ذكره الحافظ في المقدمة مجمل لا بيان فيه وقد بسطت الكلام على كلامه

ص: 132

في هامش مقدمة الفتح.

نعم قد بين الحافظ هذا الإجمال في نكته على ابن الصلاح وأتى بأمثلته فقال:

أقول: الأحاديث المرفوعة التي لم يوصل البخاري إسنادها في صحيحه:

منها: ما يوجد في محل آخر من كتابه موصولا.

ومنها: ما لا يوجد إلا معلقا.

فإما الأول: فالسبب في تعليقه أن البخاري من عادته في صحيحه أن لا يكرر شيئا إلا لفائدة وإذا كان المتن يشتمل على أحكام كرره في الأبواب بحسبها أو قطعه في الأبواب إذا كانت الجملة يمكن انفصالها من الجملة الأخرى ومع ذلك لا يكرر الإسناد بل يغاير بين رجاله إما بشيوخه أو بشيوخ شيوخه أو نحو ذلك فإذا ضاق مخرج الحديث ولم يكن له إلا إسناد واحد واشتمل على أحكام واحتاج إلى تكريرها فإنه والحال هذه إما أن يختصر المتن أو يختصر الإسناد وهذا أحد الأسباب في تعليق الحديث الذي وصله في موضع آخر.

وأما الثاني: وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقا فهو على صورتين:

إما بصيغة الجزم وإما بصيغة التمريض:

فأما الأول: فهو صحيح إلى من علقه عنه وبقي النظر فيما أبرز من رجاله فبعضه يلتحق بشرطه والسبب في تعليقه له إما لكون لم يحصل له مسموعا وإنما أخذه على طريق المذاكرة أو الإجازة أو كان قد خرج ما يقوم مقامه فاستغنى بذلك من إيراد هذا المعلق مستوفي السياق أو لمعنى غير ذلك ولتقاعده عن شرطه وإن صححه غيره أو حسنه وبعضه يكون ضعيفا من جهة الانقطاع خاصة.

وأما الثاني: وهو المعلق بصيغة التمريض مما لم يورده في مواضع أخر فلا يوجد ما يعلق بغير شرطه إلا مواضع يسرة قد أوردها بهذه الصيغة لكونه ذكرها بالمعنى.

نعم فيه ما هو صحيح وإن تقاعد عن شرطه إما لكونه لم يخرج لرجاله أو لوجود علة فيه عنده ومنها ما هو حسن ومنها ما هو ضعيف وهو على قسمين:

أحدهما: ما يجبر بأمر آخر.

وثانيهما: ما لا يرتقي عن مرتبة الضعيف وحيث يكون بهذه المثابة فإنه يبين ضعفه ويصرح به حيث يورده في كتابه.

ثم سرد أمثلة لما ذكره انتزعها عن عدة أبواب من صحيح بخاري لا نطول بنقلها

ص: 133

ثم قال فقد لاح بهذه الأمثلة واتضح أن الذي يتقاعد عن شرط البخاري من العليق الجازم جملة كثيرة وأن الذي علقه بصيغة التمريض حين أورده في معرض الاحتجاج والاستشهاد فهو صحيح أو حسن أو ضعيف ينجبر وإن أورده في موضع الرد فهو ضعيف عنده وقد بينا كونه يبين كونه ضعيفا والله الموفق.

وجميع ما ذكرناه يتعلق بالأحاديث المرفوعة وأما الموقوفات فإنه يجزم بما صح عنده منها ولو لم يبلغ شرطه ويمرض ما كان من ضعف وانقطاع وإذا علق عن شخصين وكان لهما إسنادان مختلفان مما يصح أحدهما أو يضعف الأخر فإنه يعبر فيما هذا سبيله بصيغة التمريض والله أعلم.

وهذا كلام فيما صرح بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم: وإلى أصحابه أما ما لم يصرح بإضافته إلى قائل وهي الأحاديث التي يوردها في تراجم الأبواب من غير أن يصرح بكونها أحاديث فمنها ما يكون صحيحا وهو الأكثر ومنها ما يكون ضعيفا كقوله اثنان فما فوقهما جماعة لكن ليس شيء من ذلك ملتحقا بأقسام التعليق التي قدمناها إذا لم يسقها مساق الأحاديث وهي قسم مستقل ينبغي الاعتناء بجمعه والتكلم عليه وبه بالتعاليق يظهر كثرة ما اشتمل عليه البخاري من الأحاديث ويوضح سعة اطلاعه ومعرفته بأحاديث الأحكام جملة وتفصيلا انتهى.

إنما أطلنا بنقله لإفادته ولأن المصنف رحمه الله تعالى اختصر اختصارا مخلا مع الإشارة إلى كلام الحافظ وقد عرفت معنى قوله "قال" أي الحافظ ابن حجر "وقد عرفت ذلك من مقصد البخاري فإن الحديث لو كان على شرطه في الصحة ما ترك وصل إسناده وهذا الذي ذكره هو الصواب ومن أمثلة التعليق المختلف فيها" بين ابن الصلاح ومن تبعه وابن حزم "قول البخاري قال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد قال ثنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر ثنا عطية ابن قيس قال ثنى عبد الرحمن بن غنم قال ثنى أبو عامر أو أبو مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخز" بالخاء المعجمة والزاي ويروى بالحاء المهملة والراء "والحرير والخمر والمعازف" بالعين المهملة والزاي بعد الألف ثم فاء قال في القاموس المعازف الملاهي كالعود والطنبور والعازف اللاعب بها والمعنى "الحديث" تمامه "ولينزلن قوم إلى جنب علم تروح عليهم سارحتهم يأتيهم سائل لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم وتمسخ أخرى قردة وخنازير إلى

ص: 134

يوم القيامة1 "فنعد ابن الصلاح وزين الدين ومحيي الدين النووي أن حكمه حكم المتصل بالعنعنة" مصدر مأخوذ من عن فلان عن فلان كالسبحلة والحولقة ويأتي تحقيقها "وهي صحيحة ممن لا يدلس" يأتي بيان التدليس وأقسامه "والبخاري ممن لا يدلس وذلك" أي وجه كونها كالعنعنة من غير المدلس "لأن هشام بن عمار من شيوخ البخارى حدث عنه بأحاديث" متصلة بلفظ حدثنا "وقد مثل المزي والشيخ تقي الدين" ابن دقيق العيد "التعليق بهذا الحديث" وهذا على رأيهما لا على رأي ابن الصلاح فإنه ليس عنده بتعليق كما تقدم أنه إذا روي البخاري عن شيخه بصيغة الجزم فإنه متصل وتقدم تخطئه المصنف له حيث مثل المعلق بهذا الحديث.

"وقال أبو عبد الله بن منده" في جزء له في اختلاف الأئمة في القراءة والسماع والمناولة والإجازة ما لفظه "أخرجه البخاري في كتابه الصحيح قال لنا فلان وهي إجازة وقال فلان وهو تدليس قال وكذلك مسلم أخرجه على هذا قلا الشيخ زين الدين انتهى كلام ابن منده ولم يوافق عليه وقال" أبو محمد "ابن حزم في المحلى" بضم الميم فحاء مهملة ولام مشدده من النحلية "هذا حديث من قطع لم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد ولا يصح في هذا الباب" أي باب النهي عن المعازف "شيء أبدا وكل ما فيه" من حديث "فموضوع".

قلت: قال ابن القيم في إغاثة اللهفان بعد ذكره لهذا الحديث وتصحيحه له ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده وجواب هذا الوهم من وجوه:

أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه فإذا قال قال هشام فهو بمنزلة قوله عن هشام.

الثاني: أنه لو لم يسمعه منه لم يستجز الجزم به إلا وقد صح عنه أنه حدث به وهذا كثير ما يكون لكثرة من رواه عن ذلك الشيخ وشهرته والبخاري أبعد خلق الله عن التدليس.

الثالث: أنه أدخله في كتابه المسمى بالصحيح محتجا به فلولا صحته عنه ما فعل ذلك.

1 سبق تخريجه.

ص: 135

الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم دون صبغة التمريض فإنه إذا توقف في هذا الحديث أو لم يكون على شرطه قال ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: ويذكر عنه ونحو ذلك فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد جزم وقطع بإضافته إليه.

الخامس: أنا لو أضربنا عن هذا صفحا فالحديث صحيح متصل عند غيره ثم ساقه بإسناده عن أبي داود انتهى.

وأما قول ابن حزم إن كل حديث في الملاهي موضوع فليس كما قال بل هي أحاديث منها حسن ومنها ما فيه لين وبمجموعها يثبت الحكم وقد أطلنا الكلام في ذلك في حواشينا على ضوء النهار.

"وقال ابن الصلاح: ولا التفات إلى ابن حزم في رده ذلك وأخطأ في ذلك من وجوه والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح" وكأنه قيل فإذا كان كذلك فلم صنع البخاري فيه هذا الصنيع فقال "والبخاري قد يفعل ذلك لكون الحديث معروفا من جهة الثقات" عن الشخص الذي علقه عنه "أو لكونه ذكره في موضع آخر من كتابه متصلا".

قلت: هذا العذر يوهم أن قول البخاري وقال هشام غير متصل وأنه أخرج البخاري حديث هشام بن عمار متصلا في كتابه في موضع آخر وهو خلاف ما هو بصدد تقريره "ولغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع قال الحافظ زين الدين" مقررا لكلام ابن الصلاح "والحديث" أي حديث هشام بن عمار "متصل من طرق طريق هشان وغيره" فهو يرد قول من قال إنه غير متصل إلا أنه لا يخفي أن ابن حزم قال هو غير متصل عند البخاري ولم يتعرض طريقه نعم قوله توكل ما فيه فموضوع يشمل حديث هشام إلا أن يقال تقد كلامه عليه بخصوصه يخصصه عن العموم اللاحق "قال" أبو بكر "الإسماعيلي في المستخرج" على البخاري "حدثنا الحسن وهو ابن سفيان النسوي الإمام قال ثنا هشام بن عمار فذكره" فهذا اتصال بالاتفاق برجال البخاري "وقال" أبو أيوب "الطبراني في مسند الشاميين حدثنا محمد بن يزيد بن عبد الصمد ثنا هشام بن عمار" انتهى كلام الزين.

قال المصنف "والصحيح صحة الحديث" أي حديث هشام بن عمار "بلا ريب" لما عرفت من ثبوت اتصاله "ولكن دلالته على التحريم" أي تحريم الملاهي "ظنية معارضة:

ص: 136

أما كونها ظنية فلأنه ذمهم باستحلال مجموع أشياء بعضها" أي استحلال بعضها "كفر وهو استحلال الخمر" أي عده حلالا لأنه رد لما علم من ضرورة الدين فالكفر من هذه الجهة "والذم بمجموع أمور لا يستلزم القطع على تحريم كل واحد منها لجواز أن يذم الكافر الفاسق بأفعال بعضها مكروه مثاله قوله: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} إلى قوله: {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} " يريدوا الحض على طعام المسكين ليس بواجب ولك أن تقول إنه يجب ويراد به إطعامه لسد رمقه ويؤيده قوله ذلك وهم في دركات جهنم وقد قيل لهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} ويحتمل أن قوله تعالى: {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} لا يحض نفسه إلى إطعامه فيكون مثل: {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} .

"ويقوي هذا أنه جعل استحلال الخز" بالخاء المعجمة والزاي وهذه اللفظة قد اختلف في ضبطها ففي تيسير الوصول أنها بالحاء المهملة والراء وهو الأوفق لعطف الحرير لما يأتي "من جملة صفات أولئك المذمومين مع أن جماعة من جملة الصحابة والتابعين قد لبسوه واستحلوه" فإن لبس الجملة من فريقي السلف للخز يدل على أنه لا نهي عنه ولا يتعلق به الذم الأولى بجلالة شأنهم وبعدهم عن المكروهات فلبسهم إياه دليل على لفظ الحديث عندهم الحر بالحاء المهملة والراء والمراد به استحلال الزنا وهذا أولى مما يفهمه كلام المصنف من أنه بالخاء المعجمة والزاي لأنه لا ريب في كراهة لبسه لهذا النهي وإن لك يكن محرما "فيحتمل أن يكون وصفه" أي النبي صلى الله عليه وآله وصل "لهم" أي القوم المذكورين في حديث هشام بن عمار "بذلك" أي بلبسهم الخز واستحلالهم المعازف "تمييزا لهم عن غيرهم" لا لأجل أن لوصفهم بذلك دخلا لهم في الخسف بهم والعقوبة لهم "كما وصف" صلى الله عليه وسلم "الخوارج حين ذمهم بحلق الرؤوس وصغر الأسنان وخفة الأحلام" ولفظ الحديث عند الشيخين1 من حديث علي رضي الله عنهم: "سيخرج أقوام في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون 2 من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم

1 البخاري 9/21. ومسلم في: الزكاة حديث 154.

2 "يمرقون من الدين" الخ أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه كما يخرق السهم الشيء المرمي به ويخرج منه. النهاية 4/320.

ص: 137

فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة"، وكون ذو الثدية بضم المثلثة فدال مصغر ثدي "منهم ونحو ذلك والله أعلم".

وقد بين كيفية الثدية في حديث بلفظ: "آيتهم رجل أسود في إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر" 1 وفي رواية: "إن فيهم رجلا له عضد ليس ذراع على عضديه مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض"2.

إذا عرفت هذا فمراد المصنف أن خفة الأحلام وحداثة الأسنان وحلق الرؤوس ليست من موجبات الأمر بقتلهم فما ذكرت تمييزا لهم عن غيرهم وليس فيه دلالة عن تحريم تلك الأمور فكذلك استحلال المعازف والخز ليس من أسباب المسخ بأولئك القوم فلا يدل الحديث على تحريم المعازف.

وأقول لا يخفي أنه أولا ليس في صفات الخوارج المذكورة هنا ضم شيء محرم من صفاتهم إلى مكروه أو مباح بل جميع ما ذكر من صفاتهم مباحة بضم بعضها إلى بعض للتمييز وثانيا أنه احتج في حديث الخوارج إلى ذكر ما يميزهم من الصفات لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتالهم فاحتيج إلى ذكر ما يميزهم من الصفات ليقدم على قتالهم على بصيرة لأنهم مسلمون محقونة دماؤهم في الظاهر بخلاف الذين يمسخون قردة فإنه لا حاجة إلى وصف لهم مميز إذ لسنا مأمورين فيهم بشيء والأصل فيما ذكر من الأوصاف ورتب عليه الحكم وهو المسخ هنا كل صفة لها دخل في إثبات الحكم إما بالاستقلال أو بالجزئية ولا يخرج عن هذا ويصير للتمييز إلا بقرينة كما ذكرناه في الخوارج.

واعلم إن المصنف جزم بأن الرواية بالخاء المعجمة والزاي لا غير وفي النهاية في حديث أشراط الساعة يستحل الحر والحرير هكذا ذكره أبو موسى بالحاء والراء وقال الحر بتخفيف الراء الفرج ثم قال بان الأثير والمشهور في هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلون الخز بالخاء المعجمة والزاي وهو ضرب ثياب الإبريسم معروف وكذا جاء في كتاب البخاري وأبي داود ولعله حديث آخر كما ذكره أبو موسى فهو الحافظ عارف بما روي وشرح ولا يتهم.

1 البخاري في: المناقب: ب 25. ومسلم في: الزكاة حديث 148. واحمد 3/56، 65.

2 مسلم في: الزكاة: حديث 156، وأحمد 1/92.

ص: 138

قلت: ولا يخفى أن عطف الحرير عليه يناسب أن يكون المهملة والراء لأن الحرير قد دخل فيه الخز بأحد معنييه وبالمعنى الآخر ليس منهيا عنه.

"قال ابن الأثير في النهاية الخز المعروف أولا ثياب ينسج من صوف وإبريسم وهي مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون فيكون النهي عنها لأجل التشبيه بالعجم وزي المترفين وغن أريد بالخز النوع الآخر المعروف الآن فهو حرام لأن جميعه معمول من الإبريسم وعليه يحمل الحديث قلت: في هذا الحمل إشكال فإن الحديث إنما يحمل على ما كان يسمى خزا في زمانه صلى الله عليه وسلم في عرف المخاطبين وأما الذي ذكره فهو داخل في تحريم الحرير وقد فرق في هذا الحديث بين الخز والحرير وعطف أحدهما على الآخر فدل على التغاير" هذا الكلام صحيح لو تعين في الرواية بالخاء المعجمة لكن الرواية من حيث الدراية قد ترددت بين اللفظين فإن كان ابن الأثير رجح رواية المعجمة من حيث الرواية فهو معارض بترجيح رواية المهملة من حيث الدراية إذ ضم المحرمات في قرن وجمعها في حكم هو الأوفق ببلاغته صلى الله عليه وسلم ولأن الخز المخلوط بالإبريسم غير محرم ولأن الأصل فيما ترتب عليه حكم هو ما عرفناك من أنه السبب أو جزؤه.

"فهذا مما يدل على أن دلالة الحديث" على تحريم الملاهي "ظنية" والظني للمجتهد فيه نظرة هذا من حيث الدلالة "وأما أنها معارضة فلأنه صلى الله عليه وسلم سمع زمارة الراعي" بكسر الزاي وتخفيف الميم ككتابة اسم لفعل من الزامر يقال زمر يزمر بضم الميم وكسرها زمرا وزمر بتشديد الميم ترميزا غنى في القصب وفعلها زمارة ككتابة أفادة في القاموس "ولم يكسرها ولا بين له تحريمها" بل سد أذنيه عن سماعها "وحديثهما صحيح على الأصح" قد قال إن هذه واقعة عين قرر عليها الراعي فلا يدري على أي وجه وقع فلا تعارض ما ورد من أدلة كثيرة يفيد مجموعها التحريم.

وأما قوله: "وأباح الضرب بالدف في العرس والعيد وعند قدوم الغائب ولم يأمر بكسره" فقد يقال هذه رخصة رخص فيها الأحوال لا غير فيقتصر عليها "ولا شك في كراهة ذلك في غير العرس ونحوه" مما ذكره "وإنما الكلام في صريح التحريم" الأحسن في قطعية التحريم إذ هو محل نزاعه فيما سلف "والكف عن النكير

ص: 139

عمن استحل ذلك من أهل العلم لأنه محرم ظني" لا نكير فيه والمصنف استطرد هذا البحث في حكم الملاهي وليس هذا محله إذ كتابه مؤلف في اصطلاح أئمة الحديث وكون الغناء محرما أو غير محرم من علوم الحديث كما لا يخفي وقد يوجد محذوفا في بعض نسخ كتابه هذا.

* * *

ص: 140