المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة 8 [في المستخرجات] - توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار - جـ ١

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌مسألة 2 [في بيان مراد أهل الحديث بقولهم: هذا حديث صحيح]

- ‌مسألة 3 [من علوم الحديث: في معرفة أصح الأسانيد]

- ‌مسألة 4 [في ذكر أول من صنف في جمع الصحيح]

- ‌مسألة 6 [في عدد أحاديث الصحيحين]

- ‌مسألة 7 [في بيان الصحيح الزائد على ما في البخاري ومسلم]

- ‌مسألة 8 [في المستخرجات]

- ‌مسألة:9 [في بيان مراتب الصحيح]

- ‌مسألة 10 [في إمكان التصحيح في كل عصر ومن كل إمام]

- ‌مسألة:11 [في بيان حكم ما أسنده الشيخان أو علقاه]

- ‌مسألة 12 [في أخذ الحديث من الكتب]

- ‌مسألة 13 [في بيان القسم الثاني: وهو الحديث الحسن]

- ‌مسألة 14 [في بيان شرط أبي داود]

- ‌مسألة: 15 [في بيان شرط النسائي]

- ‌مسألة: 16 [في بيان شرط ابن ماجه]

- ‌مسألة: 17 [في الكلام على جامع الترمذي]

- ‌مسألة: 18 [في ذكر شرط المسانيد]

- ‌مسألة: 19 [في الكلام على الأطراف]

- ‌مسألة: 20 [في بيان المراد بصحة الإسناد وحسنه]

- ‌مسألة:21 [في بيان المراد من الجمع في وصف الحديث بين الصحة والحسن]

- ‌مسألة: 22 [في بيان القسم الثالث: وهو الحديث الضعيف]

- ‌مسألة: 23 [في بيان الحديث المرفوع]

- ‌مسألة: 24 [في بيان المسند من أنواع الحديث]

- ‌مسألة: 25 [في بيان المتصل والموصول من أنواع الحديث]

- ‌مسألة:26 [في بيان الموقوف]

- ‌مسألة: 27 [في بيان المقطوع]

- ‌مسألة: 28 [في بيان المرسل]

- ‌مسألة: 29 [في بيان اختلاف العلماء في قبول المرسل]

- ‌مسألة: 30 [في فوائد تتعلق بالمرسل]

- ‌مسألة: 31 [في بيان المنقطع والمعضل]

- ‌مسألة: 32 [في بيان العنعنة وحكمها]

- ‌مسألة:33 [في بيان اختلاف العلماء في قول الراوي أن فلانا قال]

- ‌مسألة:34 [في حكم تعارض الوصل والإرسال]

- ‌مسألة:35 [في بيان التدليس]

- ‌مسألة:36 [في بيان الشاذ]

الفصل: ‌مسألة 8 [في المستخرجات]

‌مسألة 8 [في المستخرجات]

"قال زين الدين: موضوع المستخرج" أي الكتاب الذي يستخرجه المحدثون والمراد به حقيقته لا الموضوع المصطلح عيه بل موضوع اصطلاحا الكتاب الذي يستخرج عليه فموضوع مستخرج أبي نعيم على البخاري أسانيده ومتونه لأنه يبحث في المستخرج عن كل منهما "أن يأتي المصنف" أي من يريد تصنيف المستخرج "إلى كتاب البخاري أو مسلم" لأنه لم يخرج أحد إلا عليهما كما هو المشهور ولذا اقتصر المصنف وزين الدين عليهما.

وإلا فإنه قد ذكر السيوطي1 في شرح تقريب النووي فائدة لا يختص المستخرج بالصحيحين وقد استخرج محمد بن عبد الملك بن أيمن على سنن أبي داود وأبو علي الطوسي على الترمذي وأبو نعيم على التوحيد لابن خزيمة وأملي الحافظ العراقي على المستدرك مستخرجا لم يكمل.

ثم رأيت البقاعي ذكر هنا ما لفظه بعد قوله المستخرج موضوعه ظاهره أنه لا يسعى مستخرجا إلا إذا كان على الصحيح وليس كذلك ثم ذكر من استخرج على غيرهما كما ذكرنا آنفا عن السيوطي ثم قال وعذر المصنف أن كلامه سابقا ولا حقا في الصحيح وحق العبارة أن يقال موضوعه أن يأتي المصنف إلى كتاب من كتب الحديث إلخ انتهى قال واعلم أنه ليس المراد الموضوع المصطلح عليه وإنما المراد حقيقة المستخرج ومعناه.

1 السيوطي هو: عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الخضيري الأسيوطي. أخذ العلم عن عدد كبير من المشايخ، وله مؤلفات كثيرة. مات سنة "911". له ترجمة في: حسن المحاضرة "1/335"، والتحدث بنعمة الله ص "12".

ص: 72

وأما موضوعه بحسب الاصطلاح فأحاديث الكتاب الذي يستخرج عليه فموضوع مستخرج أبي نعيم على البخاري كتاب البخاري أسانيده ومتون لأنه يبحث في المستخرج عن كل منهما "فيخرج أحاديثه" أي البخاري ومسلم "بأسانيد لنفسه من غير طريق البخاري أو مسلم" فيجتمع إسناد المصنف للمستخرج "مع إسناد البخاري أو مسلم في شيخه" أي شيخ البخاري أو مسلم "ويسمونه" أي هذا النوع "موافقة" لأنه وافق المستخرج اسم فاعل البخاري أو مسلما في شيخه "أو" يجتمع المستخرج مع البخاري أو مسلم في "من فوقه" فوق شيخ أحد الشيخين الأدنى وإلا فمن فوقه شيخ لهما أيضا إلا أن الشيخ في العرف لا يطلق إلا على من أخذ عنه البخاري مثلا "ويسمونه" أي هذا النوع من الموافقة "عاليا" لأنها موافقة فيمن فوق شيخ أي الشيخين "بدرجة" إن كان شيخ شيخ البخاري مثلا "أو أكثر على حسب العلو" ومنه بقوله "فإذا اجتمع المستخرج مع صاحب الصحيح في شيخ شيخه كان عليا بدرجة وفي الثاني: بدرجتين ونحو ذلك وذلك كالمستخرج على البخاري لأبي بكر الاسماعيلي1 ولأبي بكر البرقاني2" بالموحدة مكسورة وسكون الراء وقاف مفتوحة في القاموس برقان بالكسر بلدة بخوارزم وبلدة بجرجان "ولأبي نعيم الأصفهاني" هذه كلها استخرجت على البخاري "والمستخرج على مسلم لأبي عوانة وأبي نعيم أيضا والمستخرجون لم يلتزموا" في متن الحديث "لفظ واحد من الصحيحين بل رووه بالألفاظ التي وقعت لهم من شيوخهم مع المخالفة لألفاظ الصحيحين" أي والاتفاق في المعنى فقوله في بيان موضوع المستخرج فيخرج أحاديثه أي أحاديث ما يخرج عيه أي بقصد ذلك وإن اختلف لفظ ما استخرجه وما استخرج عليه وإنما سماها أحاديثه مسامحة أو باعتبار من ينتهي إليه الإسناد من شيوخه إلى الصحابي الذي ذكر حديثه في الصحيحين.

1 أبو بكر الإسماعيلي هو: الإمام الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن إبراهيم بن أسماعيل بن العباس الجرجاني. قال الحاكم: كان واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء، وعلا إسناده وتفرد ببلاد العجم. مات سنة "371". له ترجمة في: شذرات الذهب "3/75"، والعبر "2/358"، والنجوم الزاهرة "4/140".

2 أبو بكر البرقاني هو: الإمام الحافظ شيخ الفقهاء والمحدثين أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي الشافعي. قال الخطيب: كان ثقة ورعا ثبتا. مات سنة "336". له ترجمة في: البداية والنهاية "12/36"، والعبر "3/156".

ص: 73

"وربما وقعت المخالفة أيضا في المعنى" بخلاف الأول فإنها تكون في اللفظ فقط والمعنى متحد وإذا تخالفا لفظا ومعنى "فلا يجوز أن تعزى" أي تنسب "متون ألفاظ أحاديث المستخرجات إليهما" أي إلى الشيخين إن خرج لهما معا "ولا إلى أحدهما" لأنه يكون كذبا "إلا أن يعرف اتفاقهما" أي اتفاق المستخرج عليه إن تفرد بالخريج له "في اللفظ" جاز أن ينسب متن الحديث المستخرج إلى المستخرج عليه وأن يقال فيه أخرجه البخاري مثلا لأنه يصدق عليه أنه قد أخرجه البخاري وإن كان رجاله غير رجال من ذكرهم في سنده وإنما وافقهم في شيخه أو شيخ شيخه إلى هنا كلام زين الدين.

فتحصل من هذا أن مخرج الحديث إذا نسبه إلى تخريج بعض المصنفين فلا يخلو إما أن يصرح بالمرادفة أو بالمساواة أولا يصرح إن صرح فذاك وإن لم يصرح كان على الاحتمال فإذا كان على الاحتمال فليس لأحد أن ينقل الحديث منها أي من المستخرجات ويقول هو على هذا الوجه فيهما ولكن هل له أن ينقل منه ويطلق كما أطلق هذا محل بحث وتأمل.

قلت: ومحل الاحتياط والتورع يقضي بأن لا يجزم بالنسبة إليهما وكونه يرد أن أصله فيهما لا دليل عليه إذا هو تعيين لأحد المحتملات بلا دليل ولذا ترى الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام وغيره من المصنفين يقولون بعد عزو الحديث إلى من أخرجه وأصله في الصحيحين لأنهم قد عرفوا أن أصله فيهما وبه تعرف ضعف الجواب الأتي للمصنف رحمه الله تعالى.

"قلت: شرط المستخرج ألا يروي حديث البخاري ومسلم عنها بل يروي حديثهما عن غيرهما وقد يرويه عن شيوخهم أو أرفع من ذلك" أي من شيوخهما أو شيوخهم كما عرفته ولكنه لا بد أن يكون "بسند صحيح" وقياس ما سلف أنه لا بد أن يكون على شرط من خرج عليه "وفي المستخرجات فوائد" ثلاث:

"أحدها: أن ما كان فيها من زيادة لفظ أو تتمة لمحذوف أو زيادة شرح في حديث" قد قدمنا لك أن هذه الزيادة لك يذكرها زين الدين فيما مضى وذكرها هنا "أو نحو ذلك" هذه اللفظة ليست من كلام ابن الصلاح ولا الزين "حكم بصحته لأنها خارجة من مخرج الصحيح" فلذا قلنا لا بد أن يكون رجال السند فيها على شرط من خرج عليه.

ص: 74

"وثانيها: أنها قد تكون" الرواية المستخرجة "أعلى إسنادا ذكرهما" أي هاتين الفائدتين "ابن الصلاح" فقط لم يزد عليهما ما زاده من قول.

"وثالثها: ذكره" الأحسن ذكرها "زين الدين وهي قوة الحديث" المستخرج والمستخرج عليه "بكثرة طرقه" عند المستخرج والمستخرج عليه "للترجيح عند التعارض" فإذا تعارضت الأحاديث رجح أكثرها طرقا.

واعلم أن هذه الفائدة التي ذكرها زين الدين قد ذكرها ابن الصلاح في مقدمة شرح مسلم ونقلها عنه الشيخ محي الدين النووي فاستدركها عليه في مختصره في علوم الحديث قاله الحافظ ابن حجر.

ثم قال: وللمستخرجات فوائد أخرى لم يتعرض أحد منهم لذكرها:

إحداها: عدالة من أخرج له فيه لأن المخرج على شرط الصحيح يلزمه أن لا يخرج إلا عن ثقة عنده فالرجال الذين في المستخرج ينقسمون أقساما:

منهم: من ثبتت عدالته قبل هذا المخرج فلا كلام فيهم.

ومنهم: من طعن فيه غير هذا المخرج فينظر في ذلك الطعن إن كان مقبولا قادحا فيقدم وإلا فلا.

ومنهم: من لا يعرف لأحد قبل هذا المخرج فيه توثيق ولا تجريح فتخريج من يشترط الصحة لهم ينقلهم عن درجة من هو مستور إلى درجة من هو موثق فيستفاد من ذلك صحة أحاديثهم التي يروونها بهذا الإسناد ولو لم تكن في ذلك المستخرج.

الثانية: ما يقع فيها من حديث المدلسين بتصريح السماع وهو في الصحيح بالعنعنة فقد قدمنا أنا نعلم في الجملة أن الشيخين اطلعا على أنه مما سمعه المدلس عن شيخه لكن ليس اليقين كالاحتمال فوجود ذلك في المستخرج بالتصريح ينفي أحد الاحتمالين.

الثالثة: ما يعق فيها من حديث المختلطين عمن سمع منهم قبل الاختلاط وهو في الصحيح من حديث من اختلط ولم يبين هل سماع ذلك الحديث منه في هذه الرواية قبل الاختلاط أو بعده.

الرابعة: ما يقع فيها من التصريح بالأسماء المبهمة والمهملة في الصحيح في الإسناد أو في المتن.

الخامسة: ما يقع فيها من التمييز للمتن المحال به على المتن المحال عليه وذلك في

ص: 75

كتاب مسلم كثير جدا فإنه يخرج الحديث على لفظ بعض الرواة ويحيل باقي ألفاظه والرواة على ذلك اللفظ يورده فتارة يقول مثله فيحمل على أنه نظيره وتارة يقول نحوه أو معناه فيحمل على أن فيهما مخالفة بالزيادة والنقص وفي ذلك من الفوائد ما لا يخفي.

السادسة: ما يقع فيها من الفصل للكلام المدرج في الحديث مما ليس من الحديث ويكون في الصحيح غير مفصل.

السابعة: ما يقع فيها الأحاديث المصرح برفعها وتكون في أصل الصحيح موقوفة أو كصورة الموقوفة.

إلى إن قال: فكملت فوائد المستخرجات بهذه الفوائد التي ذكرناها عشرا. انتهى.

وإذا عرفت أنه لا يجوز أن تعزي ألفاظه متون أحاديث المستخرجات إليهما ولا إلى أحدهما إلا أن يعرف اتفاقهما في اللفظ فقد وقع لجماعة خلاف هذا فلهذا قال المصنف "واعلم أنه قد يتساهل بعض المستخرجين فينسبون الحديث إلى البخاري أو مسلم وليس هو بلفظه فيهما" ولا يعزب عنك أنه قد سبق أن المستخرجين قد يأتون بألفاظه ليست من الكتاب الذي استخرجوا عليه بألفاظها، بل قد لا تكون بمعانيها وأنه لا يجوز لمن ينقل من المستخرجات أن يعزو ألفاظها إلى الصحيحين وهنا قال إنه قد يتساهل المستخرج نفسه وينسب الحديث إلى البخاري أو مسلم وليس كلام في المستخرج فإنه لا يتعرض لنسبة حديثه إليهما أو إلى أحدهما وإنما يسوق إسنادا لنفسه يجتمع قيه مع إسناد البخاري أو مسلم ولفظ ابن الصلاح الكتب المخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم لم يلتزم مصنفوها موافقتهما موافقتهما في ألفاظ الأحاديث بعينها من غير زيادة ولا نقصان إلى قوله وهكذا ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة كالسنن الكبرى وشرح السنة لأبي محمد البغوي وغيرهما مما قالوا فيه أخرجه البخاري ومسلم. انتهى.

وبه تعرف أن التساهل ليس للمستخرجين بل للمؤلفين في تصانيفهم المستقلة أي التي ليس المراد بها الاستخراج على أحد الكتابين وبه تعرف أن قوله "وكذلك فعل البيهقي في السنن الكبرى والمعرفة وغيرهما" من كتبه "والبغوي في شرح السنة وغير واحد فإنهم يروون الحديث بأسانيدهم ثم يعزونه إلى البخاري أو مسلم مع اختلاف الألفاظ والمعاني" - صحيح في هؤلاء فإنه لم يقع العزو مع الاختلاف إلا لهؤلاء

ص: 76

فقط لا لمن ذكره وأمثالهم ممن لم يرد تأليف مستخرج فلو اقتصر على هؤلاء كما فعله ابن الصلاح لكان صوبا وعبارة الزين كعبارة ابن الصلاح ببعض تغيير ألجأه إليه النظم فإنه قال الزين في ألفيته:

والأصل أعني البيهقي ومن عزا

ثم قال في شرحها: "وقولي:

والأصل أعني البيهقي ومن عزا

كأنه قيل: فهذا البيهقي في السنن الكبرى والمعرفة وغيرهما والبعوي في شرح السنة وغير واحد يروون الألفاظ والمعاني انتهى فعرفت أن المستخرجين لا يقع لهم الصنع الذي ذكره المصنف إنما وقع لغيرهم من أهل التأليف التي لم يقصد بها المصنفون ما قصده المستخرجون "والجواب عنهم" عن البيهقي ونحوه، "أنهم إنما يريدون" إذا عزوه إلى واحد من الشيخين "أن أصل الحديث فيهما أو أحدهما لا أن ألفاظه و" كل "معانيه كذلك" هذا الجواب تقدم في شرح قوله إلا أن يعرف اتفاقهما في اللفظ فتذكر ما فيه وهو معنى ما ذكره ابن الصلاح فإنه قال بعد ذكره لصنع البيهقي ومن معه فلا يستفيد بذلك أي بعزو البيهقي الحديث أو أحدهما أكثر من أن البخاري أو مسلما أخرج أصل ذلك الحديث مع احتمال أن يكون بينهما تفاوت في اللفظ وربما كان تفاوتا في بعض المعنى.

قلت: يريد أي لا في كله إذ لو كان التفاوت في كل الألفاظ وكل المعاني لما كان بينهما اتصال في شيء ولا يصح أي يقال أصله فيهما ولذا قيدنا قول المصنف ومعانيه بقولنا كل فتدبر ثم قال وإذا كان الأمر في ذلك على هذا القياس فليس لك أن تنقل حديثا فيها وتقول هو على هذا الوجه في كتاب البخاري أو كتاب مسلم إلا أن يقابل لفظه أو يكون الذي أخرجه قد قال أخرجه البخاري بهذا اللفظ انتهى كلامه.

وهو كلام واضح في المؤلفات المستقلة لا المستخرجة فإن الكتب المستخرجة لا يذكر فيها مؤلفوها أخرجه البخاري أو مسلم كما عرفته من ذكر المصنف لموضوعها اللهم إلا أن يثبت أن أهل المستخرجات ينسبون ما أخرجوه إلى أحد الشيخين فإنا لم نر شيئا من الكتب المستخرجة فإن كان كذلك لم يتم له ما سلف في بيان شروط

ص: 77

المستخرجات. نعم اتفقت المستخرجات والمؤلفات المسندات بأسانيد مؤلفيها في أنه لا يجوز عزو ما فيها إلى لفظ البخاري أو مسلم اغترارا يكون المستخرج استخرج على الكتابين ويكون مؤلف الكتب المسندة بأسانيدها نسب ما ذكره إلى أحد الشيخين لأن الأول لم يقصد إخراج ألفاظه ما أخرج عليه إلا أن يعرف اتفاقهما في اللفظ كما قرره المصنف فيما سلف بالنسبة إلى المستخرجات والثاني: لم يقصد يعزوه إلى أحدهما إلا أن أصل الحديث فيهما.

ولذا قال المصنف: "وقد انتقد على الحميدي" هو الحافظ أبو عبد الله محمد بن نصر أبي فتوح حفيد الأزدي الأندلسي الظاهري المذهب من أكبر تلامذة ابن حزم "أنه أورد في الجمع بين الصحيحين ألفاظا وتتمات ليست في واحد منها أخذها من المستخرجات أو استخرجها هو ولم يميزها" ولذا قال الزين في ألفيته1:

وليت إذا زاد الحميدي ميزا

قال في شرحها: يعني أن أبا عبد الله الحميدي زاد في كتابه الجمع بين الصحيحين ألفاظا ليست في واحد منهما من غير تمييز.

"قال ابن الصلاح2: وذلك موجود فيه كثيرا فربما نقل بعض من لا يميز ما يجده فيه عن الصحيح وهو مخطئ انتهى" تمام كلامه لكونه من تلك الزيادات التي لا وجود لها في واحد من الصحيحين.

"وأما الجمع بين الصحيحين لعبد الحق" بن عبد الرحمن الحافظ الحجة أبو محمد الأزدي الإشبيلي أثنى عليه الذهبي في التذكرة وذكر له عدة مصنفات منها الجمع بين الصحيحين وغيره وهذا عطف على مجموع ما سلف كأنه قال أما الجمع بين الصحيحين للحميدي فلا ينقل منه وأما الجمع لعبد الحق "وكذلك مختصرات البخاري ومسلم" كمختصر الحافظ المنذري له "فلك أن تنقل منها وتعزو ذلك" المنقول "إلى الصحيح" لأنها ألفاظه ولذا قال "ولو باللفظ" بأن تقول أخرجه البخاري بلفظه "لأنهم أتوا بألفاظ الصحيح قال زين الدين: واعلم أن الزيادات التي تقع في كتبا الحميدي ليس لها حكم الصحيح خلاف ما اقتضاه كلام ابن الصلاح" وإنما قال زين الدين: ليس لها حكم الصحيح لقوله: "لأنه" أي الحميدي "ما رواه بسنده

1 "1/22" رقم "36".

2 علوم الحديث ص "31".

ص: 78

كالمستخرج" لأن المستخرج أسند ما أخرجه بخلاف من يجمع بين الصحيحين فإنه ليس ما سند إلا سند الصحيحين والحال أنهما لم يوجد فيهما "ولا ذكر" أي الحميدي "أنه يزيد ألفاظا واشتراط فيها الصحة حتى يقلد في ذلك وهذا هو الصواب" أي القول بأنه ليس لها حكم الصحيح ولا يخفى ما في قوله حتى يقلد وقد نبهنا عليه وسيأتي تحقيق ذلك.

"قلت: بل الصواب ما ذكره ابن الصلاح فإن الحميدي من أهل الديانة والأمانة والمعرفة التامة وهو من أئمة هذا الشأن بغير منازعة وهو أعقل من أن يجمع بين أحاديث الصحيحين ثم يشوبها بزيادات واهية ولو فعل ذلك كان خيانة في الحديث وجناية على الصحيح" لا يخفي أن هذا هو الذي يقضي به حسن الظن إلا أن يعارضه أن هذه زيادات زادها لم يجدها الأئمة الباحثون في الصحيحين قالوا ولا ذكر أنه يزيدها من كتاب آخر ولا قال إنه ملتزم صحتها بل ظاهر تسمية كتابه جمع الصحيحين أن كل ما وجد فيه فهو منهما ولم توجد تلك الزيادة فانتفى حسن الظن به وأما ابن الصلاح فليس في كلامه ما يفهم صحة كلام الحميدي وإنما تكلم على زيادات المخرجين قال إنها ثبتت صحتها بهذه التخاريج لأنها واردة بالأسانيد الثابتة في الصحيحين أو واحد منهما ولم يتكلم في زيادات الجمع للحميدي فقول المصنف قلت: بل الصواب ما ذكره ابن الصلاح ليس في محله.

ثم ذكر المصنف مختار المحققين بقوله "وقد اختار المحققون إلحاق ما جزم به البخاري من التعاليق والتراجم" أي إلحاقه بالصحيح "دون ما مرضه فكذلك ما جزم به الحميدي وألحقه بالصحيح ولم يميزه منه" لعله يقال الفرق بين الأمرين واضح فإن الحميدي يقول هذه أحاديث الصحيحين ووجدنا في كتابه ما ليس فيهما فكيف نقول هو كتعاليق البخاري المجزومة فإن تلك تتبعت ووصلت مقطوعاتها كما عرفته مما نقلناه عن الحافظ ابن حجر بخلاف ما زاده الحميدي فتتبع فلم يوجد فيما قال إنه منه "وهو وإن لم ينص على ذلك" أي على صحة ما ألحقه وزاده "فهو ظاهر من وضع كتابه" يقال وضع كتابه لجمع الصحيحين لا غير فهذه الزيادات ليست فيهما "وقرائن أحواله".

استدل المصنف لظاهر وضع كتابه وقرائن أحواله بقوله: "ألا تراه حذف من الجمع بين الصحيح ما علقه البخاري عمن لا يحتج به عنده مثل حديث بهز بن حكيم عن

ص: 79

أبيه عن جده مرفوعا الله أحق أي يستحى منه1" قال ابن الصلاح: إن هذا الحديث ليس من شرط البخاري قال ولهذا لم يورده الحميدي في جمعه بين الصحيحين وحديث: "الفخذ عورة" 2 فإن قال ابن الصلاح: إن قول البخاري بابا ما يذكره في الفخذ ويروي عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الفخذ عورة" ثم ذكر أنه ليس من شرط البخاري "ونحوهما فلو كان الحميدي متسامحا لذكر ذلك مع الصحيح فكيف يحذف من كتاب البخاري ما هو منه لضعفه ثم يحشو فيه من الواهيات ما ليس فيه هذا ضعيف جدا" يقال نعم هذه قرائن تفيد حسن الظن به لكن عدم وجود ما زاده يقلع هذه القرائن وإن أراد المصنف أن هذه الزيادات لها طرق عند الحميدي صحيحة فقد زعم الزين أنه لم يذكر شرطا ولا قال إنه رواها حتى يعتمد عليه في ذلك "وقوله أيضا إنه لم يزد ألفاظا ويشترط فيها الصحة فيقلد في ذلك غير جيد" يعني قوله "فإن قبول الثقة ليس بتقليد بل واجب معلوم الوجوب بالأدلة الدالة على وجوب قبول الثقات في الأخبار والله أعلم" لا شك أن القائل من الأئمة هذا حديث صحيح مخبر بأنها كملت عدالة رواته وضبطهم وسائر صفات الصحة وخبر العدل يجب قبوله وليس من باب التقليد له خبر بل من باب قبول خبر الآحاد كما عرف في الأصول لكنه تقدم للمصنف قبل مسألة المستخرجات أن من قلد في التصحيح لا يكون مجتهدا وهذا ينافيه والصواب هو هذا ويأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.

وإذا عرفت هذا الكلام في جمع الحميدي فاعلم أن هذا مبني من ابن الصلاح والزين والمصنف على تقليد الآخر للأول وإلا فإنه قد تحقق الحافظ ابن حجر مما قاله الحميدي في الزيادات وما شرطه في كتابه فيما كتبه على كلام شيخه فقال بعد سياقه للكلام ما لفظه وكأن شيخنا رضي الله عنه قلد في هذا غيره وإلا فلو رأى كتاب الجمع بين الصحيحين لرأى في خطبته ما دل على ذكره لاصطلاحه في هذه الزيادات وغيرها ولو تأمل المواضع الزائدة لرآها معزوة إلى من زادها من أصحاب المستخرجات وتبعه في ذلك الشيخ سراج الدين النحوي فألحق في كتابه ما صورته هذه الزيادات ليس لها حكم الصحيح لأنه ما رواها بسنده كالمستخرج ولا ذكر أنه يزيد ألفاظا

1 البخاري "1/78"، والترمذي "2766 و 2794"، وابن ماجه "1920"، وأحمد "5/4".

2 البخاري "1/103"، والترمذي 2797"، وأحمد "3/478"، والبهقي "5/228".

ص: 80

وشرط فيها الصحة حتى يقلد في ذلك وقال شيخ الإسلام أبو حفص البلقيني1 في محاسن الاصطلاح في هذا الموضع ما صورته وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي تتمات ولا وجود لها في الصحيحين وهو كما قال ابن أل بصلاح إلا أنه كان ينبغي التنبيه على تلك التتمات لنكمل الفائدة انتهى كلامه.

قال الحافظ: والدليل على ما ذهبت إليه من أن الحميدي أظهر اصطلاحه بما يتعلق بهذه الزيادات موجودة في خطبة كتابه إذا قال في أثناء المقدمة ما نصه وربما أضفنا إلى ذلك نبذا مما تنبهنا له من كتب أبي الحسن الدارقطنى وأبى بكر الاسماعيلى وأبي بكر الخوارزمي يعني البرقانى وأبي مسعود الدمشقي وغيرهم من الحفاظ الذين عنوا بالصحيح مما يتعلق بالكتابين من نبيه على غرض أو تتميم لمحذوف أو زيادة من شرح أو بيان لاسم أو نسب أو كلام على إسناد أو تتبع لوهم فقوله من تتميم لمحذوف أو زيادة هو غرضنا هنا وهو يختص بكتابي الإسماعيلي أو البرقاني لأنهما استخرجا على البخاري واستخرج البرقاني على مسلم وقوله من تنبيه على غرض أو كلام على إسناد أو تتبع لوهم أو بيان لاسم أو نسب يختص بكتابي الدارقطني وأبي مسعود وذاك في كتاب التتبع وهذا في كتاب الأطراف وقوله مما يتعلق بالكتابين احتراز عن تصانيفهم التي لا تتعلق بالصحيحين فإنه لم ينقل منها شيئا هنا فهذا الحميدي قد أظهر اصطلاحه في خطبة كتابه ثم إنه فيما تتبعته من كتابه إذا ذكر الزيادة في المتن بعزوها لمن رواها من أهل المستخرجات وغيرها فإن عزاها لمن استخرجها أقرها وإن عزاها لمن لم يستخرجها تعقبها غالبا لكنه تارة يسوق الحديث من الكتابين أو من أحدهما ثم يقول فيه مثلا زاد فيه فلان كذا وهذا لا إشكال فيه وتارة يسوق الحديث والزيادة جميعا في نسق واحد ثم يقول في عقبة اقتصر البخاري على كذا وزاد فيه الإسماعيلي كذا وهذا يشكل على الناظر غير المميز لنه الذي حذر ابن الصلاح منه لأنه حينئذ يعزو إلى أحد الصحيحين ما ليس فيه انتهى كلامه.

قلت: بل لا إشكال فيه أيضا بعد قوله اقتصر منه البخاري على كذا وزاد فيه الإسماعيلي كذا وأي بيان أوضح من هذا البيان وكأنه لذلك قال يشكل على الناظر

1 شيخ الإسلام أبو حفص البلقيني هو: عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن شهاب الكناني الشافعي. ولى قضاء الشام، وانتهت إليه رياسة المذهب الشافعي والإفتاء. مات سنة "805". له ترجمة في: إنباه الغمر "2/245"، والبدر الطالع "1/506"، وشذرات الذهب "7/51".

ص: 81

غير المميز ولكن هذا لا يخفي على مميز ولا غيره لا يخفي أن قول الحافظ هذا هو الذي حذر منه ابن الصلاح غير صحيح فإن ابن الصلاح قد زعم أن الحميدي لم يميز الزيادات أصلا بل ظاهره أنه سردها في ضمن أحاديث الشيخين من غير بيان ولا ذكر قاعدة وهذا مبني على الوهم الذي وقع له ولغيره من الأئمة ولم يكشف قناعه إلا الحافظ بما حققه عن خطبة الحميدي.

ثم ساق الحافظ أمثلة دالة على ما ذكره مقررة لما صدره ثم قال فهذه الأمثلة توضح أن الحميدي يميز الزيادة التي يزيدها هو أو غيره ثم قال وقد قرأت في كتاب الحافظ أبى سعيد العلائي في علوم الحديث له قال لما ذكر المستخرجات ومنها المستخرج على البخاري للإسماعيلي والمستخرج على الصحيحين للبرقاني وهو مشتمل على زيادات كثيرة في تضاعيف متون الأحاديث وهي التي ذكرها الحميدي ي الجمع بين الصحيحين منبها عليها هذا لفظه بحروفه وهو عين المدعي ولله الحمد انتهى.

قلت: ولا يخفي أن هذه الفائدة تساوي رحلة فجزاه الله خيرا فقد تم الوهم على شيوخه وعلى المصنف.

قلت: ولم نتابع الحافظ في كلامه بل راجعنا كتاب الحميدي فرأيناه ذكر ما ذكره الحافظ وصح الواقع للواهمين وهذا من شؤم متابعة الآخر والأول من غير بحث عما قاله.

ثم لنذكر بعض الأمثلة التي ذكرها الحافظ فإنه قال منها ما ذكره أي الحميدي في مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في أفراد البخاري1 عن أبي سعيد بن يحمد قال سمعت ابن عباس يقول يا أيها الناس اسمعوا مني ما أقول لكم أسمعوني ما تقولون ولا تذهبوا فتقولوا قال ابن عباس قال ابن عباس من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر ولا تقولوا الحطيم2 فإن الرجل في الجاهلية يحلف فيلقي نعله أو سوطه وقوسه لم يزد يعني البخاري على هذا وزاد البرقاني في

1 البخاري في: مناقب الأنصار: ب "27".

2 الحطيم: هو ما بين الركن والباب. وقيل هو الحجر المخرج منها، سمي به لأن البيت رفع وترك هو محطوما. وقيل لأن العرب كانت فيه ما طافت به من الثياب، فتبقى حتى تنحطم بطول الزمان، فيكون فعيلا بمعنى فاعل. "النهاية"، "1/403".

ص: 82

الحديث بالإسناد المخرج به وأيما صبي حج به أهله فقد قضت حجته عنه ما دام صغيرا فإذا بلغ فعليه حجة أخرى وأيما عبد حج به أهله فقد قضت عنه ما دام عبدا فإذا بلغ فعليه حجة أخرى انتهى ما ذكره الحافظ نقلا عن كتاب الحميدي وهو صريح فيما ذكره عنه من البيان لما زاده.

قلت: وقد راجعت جامع الأصول لابن الأثير وفروعه في كتاب الحج فوجدته قد ساق الرواية التي نسبها الحميدي إلى البخاري مقتصرا عليها ونسبها إلى البخاري ولم يأت بحرف من زيادة البرقاني وكذلك فروع الجامع صنعوا صنيعه من الاقتصار والعزو ثم راجعتها في باب حج الصبي فم أجدهم ذكروا زيادة البرقاني.

ولعل من تتبع الجامع لم يجده ينقل من كتاب الحميدي إلا ألفاظ الشيخين لا غير وحذف ما فيه من الزيادات التي زادها من غيرهما ومعلوم أنه حيث قد ميز الحميدي الزيادات وعزاها إلى من رواها أنه لا يأتي ابن الأثير وينقل الأصل، والزيادة وينسبها معا إلى الشيخين فإن هذا ما يفعله عالم ولا تقي بل ولا عاقل.

نعم كان على ابن الأثير أن يقول في خطبة الجامع حيث قال واعتمدت في النقل عن البخاري ومسلم على جمعه الإمام أبو عبد الله الحميدي في كتابه إلا أنى اقتصرت على لفظهما وحذفت ما زاده من غيرهما ليندفع الوهم الذي يأتي للمصنف في التنبيه.

واعلم أن ابن الأثير حذف ما ذكره الترمذي من جامعه في قوله عقيب الحديث صحيح حسن غريب مجموعة تارة ومفرقة أخرى وهو إخلال بما فيه نفع كثير وغنية عن الكشف عن حال الحديث من تصحيح وغيره وإن كان في كلام الترمذي في هذه الصفات أبحاث تعرفها فيما يأتي وكذلك حذف ما تعقب به أبو داود بعض الأحاديث من بيان أنها واهية كما نقل عنه وسيأتي.

إذا عرفت هذا فليس لك أن تستدل بحديث الترمذي وأبي داود بمجرد وجدانهما في جامع الأصول وفروعه بل لا بد من الكشف عن حاله ولعل من هذا قول ابن الأثير في خطبة جامع الأصول ما لفظه وأما الأحاديث التي وجدناها في كتاب رزين رحمه الله تعالى ولم أجدها في الأصول في الأمهات الست فإنني كتبتها نقلا عن كتابه على حالها في موضعها المختصة بها وتركتها بغير علامة وأخليت لاسم من أخرجها موضعا لعلى أتتبع نسخا أخرى لهذه الأصول وأعثر عليها فأثبت اسم من

ص: 83

أخرجها. انتهى.

وكأنه وقع له ما وقع لمشايخ الحافظ في عدم مطالعتهم لخطبة الحميدي فإنه وجد نقل بخط بعض العلماء أن في لفظ خطبة رزين في كتابه ما لفظه واعلم أني أدخلت من اختلاف نسخ الموطأ لابن شاهين والدارقطني ومن رواية معن للموطأ، أحاديث تفردت بها بعض النسخ عن بعض وكلها صحيحة وقال أيضا في موضع آخر إنه ظاهر ما اتفق عليه النسائي والترمذي واتفق عليه أحدهما مع بعض نسخ الموطأ بأحاديث يسيرة ثبتت له سماعها وهي مروية من طريق أهل البيت عليهم السلام عن علي وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما. انتهى.

هذا صريح في أنه أخرج أحاديث من غير الستة الأصول وعزاها إلى من ذكره وإن ما زاده خاص برواية الموطأ لا غير وإنما قلت: لعله وكأنه لأني لم أجد نسخة من رزين فأخبر عما نقل عنه على اليقين إلا أني أظن قوة ما نقل عنه في الخطبة لاستبعاد أن يريد جمع الأصول الستة ثم يأتي بأحاديث لا توجد في كتاب حديثي منها والعجب من الشيخ محمد بن سلمان أنه ينسب التخريج لرزين في كتابه الذي سماه جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد فإنه قال في خطبته إنه نقل ما بيض له ابن الأثير من روايات رزين التي لم ينسبها على كتاب فنسبها الشيخ لرزين كما ينسب روايات البخاري وغيره فيقول مثلا بعد سياق المتن للبخاري ويقول بعد سياق المتن لرزين فيوهم في نسبته إليه على حد نسبته إليه على حد نسبته إلى البخاري مثلا أنه أخرجه رزين وابن الأثير بيض له ولم ينسبه لرزين لأنه لم يخرجه والحال أن رزينا ليس من المخرجين للأحاديث على ما ذكره في خطبته وأن أحاديث رزين بيض لها بان الأثير فكان عليه أن يبيض لها كابن الأثير ا، يتتبع مواضع ما يخرج منه، فيخرجها فيأتي بفائدة يعتد بها وذكرت هذا لأنه يستبعد ألا يطلع على رزين وقد كان في مكة وجمع من الكتب ما اشتهر عند أهل عصره أنه لم يجتمع عند أحد من أهل عصره مثله ثم إن ابن الديبع اختصر من جاع الأصول كتابه المسمىتيسير الوصول فصنع صنع الشيخ محمد بن سليمان في نسبة ما بيض له ابن الأثير إلى تخريج رزين فيقول أخرجه رزين وهو خلل كبير وكان الأولى أن يبيض له كما بيض له ابن الأثير وقد نبهت على هذا في التحبير شرح التيسير في محلات كثيرة والحمد لله.

"تنبيه: حكم ما نقله أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم ابن الأثير في

ص: 84

جامع الأصول عن البخاري ومسلم حكم ما نقله الحميدي لأنه اعتمد كتاب الحميدي في الجمع لأحاديثهما كما ذكره في خطبة الجامع ومقدمته" فإنه قال أي ابن الأثير في خطبة الجامع واعتمدت في النقل من كتاب البخاري ومسلم على ما جمعه الإمام أبو عبد الله الحميدي في كتابه فإنه أحسن في ذكر طرقه واستقصى في إيراد رواياته وإليه المنتهى في جمع هذين الكتابين انتهى.

إذا عرفت هذا عرفت أن فيما ينسبه ابن الأثير إلى البخاري ومسلم إشكالا لأنه ينقل لفظهما من كتاب الحميدي والحميدي أنى فيه بزيادات صرح أنها من كتب المستخرجين عليهما وحينئذ فكيف يسوغ النقل عن جامع الأصول أو فروعه من كتاب البازري وتيسير ابن الديبع ومعتمد ابن بهران وجمع الفوائد لأفاظ الصحيحين من تلك الكتب لتصريح ابن الأثير أنه اعتمد في نقلهما على كتاب الحميدي وتصريح الذين اختصروا الجامع أو نقلوا منه من المذكورين وغيرهم بأن جامع الأصول أصلهم ومعتمدهم ثم ينسبون ألفاظ ما ينقلونه منه إلى الشيخين فهذا لا يجوز على كلام المصنف في هذا التنبيه.

نعم على ما قررناه آنفا من أنا راجعنا جامع الأصول فوجدناه يقتصر على ما في الصحيحين من دون ذكره لما زاده الحميدي من غيرهما وقدمنا لك مثال ذلك فلا يتم قول المصنف حكم ما نقله ابن الأثير حكم ما نقله الحميدي وقد سبق له ولابن الصلاح ولزين الدين أنه لا يجوز نسبة ما في كتاب الحميدي إلى الشيخين لما عرفت ولذا قال المصنف فيما سلف آنفا وأما الجمع بين الصحيحين لعبد الحق وكذلك مختصرات البخاري ومسلم فلك أن تنقل منها وتعزو ذلك إلى الصحيح ولو باللفظ.

إذا عرفت هذا فهو إشكال لزم من كلام المصنف لا ينحل دال على عدم جواز ذلك هذا تقرير مراد المصنف رحمه الله تعالى وكلام من تقدمه وإلا فقد قدمنا لك من التحقيق ما يزيل هذا الإشكال فإن ابن الأثير قال إنه اعتمد في نقل الصحيحين على كتاب الحميدي ولم يقل نقل كتاب الحميدي ولا إشكال بعد تقرر ما نقلناه عن ابن حجر وما نقلناه من المثال واقتصار ابن الأثير فيه على كلام البخاري ومن له همة تتبع ألفاظ ابن الأثير وألفاظ جامع الحميدي فإنه يجد ما يقرر ما ذكرناه أو يقرر ما ذكره المنصف رحمه الله تعالى.

ص: 85