الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَسَنَة
الْفرق بَين الشَّهَادَة وَالرِّوَايَة
إِن قلت لَعَلَّهُم يَقُولُونَ دَلِيل شَرْطِيَّة عَدَالَة الرَّاوِي الْقيَاس على عَدَالَة الشُّهُود الثَّابِتَة بِالنَّصِّ قلت اخْتِلَافهمَا فِي الشُّرُوط يمْنَع عَن الْإِلْحَاق فَإِنَّهُ شَرط فِي الشَّهَادَة الْعدَد والذكورة وَعدم الْقَرَابَة للْمَشْهُود لَهُ وَعدم الْعَدَاوَة للْمَشْهُود عَلَيْهِ وَلم يشْتَرط فِي الرِّوَايَة ذَلِك فَلَا سَبِيل إِلَى الْإِلْحَاق
مَعَ أَنهم قد صَرَّحُوا أَنه لَا يلْزم فِي الرِّوَايَة مَا يلْزم فِي الشَّهَادَة لِأَن بَاب الشَّهَادَة أضيق ولإلحاق الأخف على الأغلظ
وَبعد هَذَا يظْهر لَك أَنه لَا اعْتِمَاد إِلَّا على ظن الصدْق وَكَون الرَّاوِي مصونا عَن الْكَذِب كَمَا عرفت من نُصُوص أَئِمَّة الحَدِيث
نعم الْإِشْكَال عَلَيْهِم فِي قبُول رِوَايَة الرافضي الساب للصحابة والناصبي الساب لعَلي رضي الله عنه مَعَ عدهم السب للصحابة من الْكَبَائِر كَمَا صرح بِهِ فِي جمع الْجَوَامِع وَفِي الْفُصُول فَإِذا
قبلوا فَاعل الْكَبِيرَة وَلَيْسَ إِلَّا لظن صدقه مَعَ أَن مرتكب الْكَبِيرَة فَاسق تَصْرِيح لَا تَأْوِيل
وَقد سبق فِي تَفْسِير الْعَدَالَة أَنه لَا بُد من السَّلامَة مِنْهُ وَقد نقل الْإِجْمَاع على عدم قبُول قَول فَاسق التَّصْرِيح كَمَا فِي الْفُصُول وَغَيره وَاسْتدلَّ لَهُ صَاحب الْفُصُول بقوله تَعَالَى {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} الْآيَة
وَأصَاب فِي الِاسْتِدْلَال بهَا على ذَلِك لِأَنَّهَا نزلت فِي الْوَلِيد ابْن عقبَة كَمَا تطابق عَلَيْهِ أَئِمَّة التَّفْسِير وَهُوَ فَاسق تَصْرِيح بشربه الْخمر كَمَا فِي صَحِيح مُسلم وَذكره بِشرب الْخمر ابْن عبد الْبر والذهبي وَإِن كَانَ نزُول الْآيَة لسَبَب قَضيته مَعَ بني المصطلق وَكذبه عَلَيْهِم كَمَا هُوَ مَعْرُوف
وَلم يصب ابْن الْحَاجِب وَصَاحب الْغَايَة فِي الِاسْتِدْلَال