الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجاءت نشرة دار الكتب العلمية لتقع في هذا الخلل الخطير، مع أن من أوتي أدنى مسكة من فهم يدرك أن في الكلام سقطا. والله أعلم.
مختصرات ترتيب المدارك ومنتقياته وترتيباته:
أ - مختصر ترتيب المدارك: للعلامة، الفقيه، المؤرخ، القاضي، أبي عبد الله محمد بن حماده (1) البرنسي (2)، الصّنهاجي، السّبتي، رفيق القاضي عياض وتلميذه. صاحب
(1) كذا سماه الأكثر. وفي نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأحمد بابا التّنبكتي - بحاشية الديباج - 162: (حمادو)، وقد اقتصر في مقدمة النيل من المطبوعة المذكورة: 9، ومن نسخة الخزانة الحسنية ذات الرقم (2139)، ونسخة الخزانة العامة ذات الرقم (766) على:(حماد). لكن جاء في تلك المقدمة من نسخة الخزانة الحسنية ذات الرقم (2358)، ونسخة الخزانة العامة ذات الرقم (1975) على الصورة التالية:(حمادوا)، وفي كتاب مفاخر البربر (منتخبه) 43، 46، 64، وموضع من كتاب دليل مؤرخ المغرب الأقصى لعبد السلام بن عبد القادر بن سودة المرّي 36:(حمادوه). واقتصر في الديباج المذهب: 2/ 375، والإعلان بالتوبيخ: 563، وطبقات الفقهاء المالكية لمجهول: 300، 310، 312، واليواقيت الثمينة في أعيان مذهب عالم المدينة لمحمد بن البشير بن ظافر الأزهري: 1/ 8 على: (حماد). لكن في موضع آخر من طبقات الفقهاء المالكية لمجهول: 311 رسمت هكذا: (حماده)، ثم تصرف بعضهم في النسخة فكبر الحرف الأخير ووضع عليه نقطتين. والذي نسبته أولا إلى الأكثر رسم في كثير من المطبوعات بالتاء المربوطة في آخره، ولعل ما أثبته هو الصواب.
(2)
كذا نسبه الأكثر. وفي كتاب مفاخر البربر (منتخبه): 64، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى: 36: (البرنوسي). قال محمد مرتضى الزّبيدي في تاج العروس من جواهر القاموس: 15/ 449: «برنس كقنفذ: قبيلة من البربر، سميت بهم مساكنهم» . وقال صاحب مفاخر البربر كما في المنتخب: 64: «ذكر العلماء بأنساب البربر أن البربر فرقتان: البرانس والبتر، فالبرانس هم بنو بربر بن برنوس» .
كتاب المقتبس (1) في أخبار المغرب وفاس والأندلس، وكتاب جمع فيه فوائد من المدوّنة والمختلطة لسحنون (2). توفي نحو منتصف القرن السادس الهجري، وشارك القاضي عياضا في جماعة من شيوخه (3).
وقد وقفت على صورة عن نسخة كاملة من هذا المختصر محفوظة في
(1) ضبطه ابن سودة في دليل مؤرخ المغرب الأقصى: 36 بفتح الباء الموحدة، ثم قال عقب كلمة (والأندلس):«بفتح اللام على لغة فيها» .
(2)
ذكره ابن حماده نفسه في مختصر ترتيب المدارك: 21 أفقال: «وقد جمعت من هذه الكتب ثمانين فصلا مما أدخل سحنون لغير مالك من نظرائه وشيوخه، وما وقع لغير ابن القاسم من المستحسنات والمستحبات والمعجب بها، وما لم يجبه، وما شاكل هذه المعاني» . وأنبه هنا إلى أن ابن حماده ليس له تصنيف في تاريخ أهل سبتة، خلافا لما ذكره الأستاذ سعيد أعراب في مقاله: من رجالات سبتة المغمورين أبو عبد الله بن حماده - ضمن مجلة دعوة الحق، العدد (228)، القسم الثاني -: 20، معتمدا على ما ذكر في ترجمة عبد الله بن غالب المستدركة على القاضي عياض في النسخة الحسنية من مختصر المدارك: 250 بلفظ: «وله أشعار كثيرة ذكرناها في كتابنا في تاريخ أهل سبتة» . مع أن هذا النص ورد في مختصر ابن حماده: 107 ب - 108 أبلفظ: «قال القاضي: وأشعاره كثيرة، وقد ذكرناها في كتابنا في تاريخ السّبتيين» . وإذا أطلق ابن حماده اسم القاضي فهو يريد عياضا ليس إلا. وكتاب الفنون الستة في أخبار سبتة من تصانيف القاضي عياض المشهورة.
(3)
ينظر في ترجمته المصادر التالية: مختصر ترتيب المدارك لابن حماده نفسه: 2 ب، 9 أ، 21 أ، 113 ب، 114 ب، وغيرها، ومفاخر البربر (منتخبه): 64، وتاريخ الإسلام للذهبي: 37/ 199، وسير أعلام النبلاء له أيضا: 20/ 214، والديباج المذهب (الخاتمة): 2/ 375، وجزء مشتمل على جماعة من مشهوري أصحاب مالك بن أنس لمجهول: 2 أ، والتعريف بالرجال المذكورين في جامع الأمهات لابن الحاجب لمحمد بن عبد السلام: 239، والإعلان بالتوبيخ: 563، وجذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس: 1/ 24، 25، 41، 161، 162، 342، وطبقات الفقهاء المالكية لمجهول: 284، 287، 300، 310، 311، 312، ونيل الابتهاج بتطريز الديباج - بحاشية الديباج -: 162 (مع ملاحظة =
المكتبة الأزهرية (1) بالقاهرة، تحت الرقم (208 تاريخ خ/ (6097) عام)، وتقع في (118) ورقة، وخطها مغربي، واسمها - كما على طرّتها -:(مختصر ترتيب المدرك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للإمام الحافظ أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي رضي الله عنه وأرضاه. مما هذبه ولخصه وحذف تكراره أبو عبد الله محمد بن حماده الأندلسي، وسماه بغية الطالب ودليل الراغب)، وقد كتب هذا العنوان بخط مشرقي، ولم يوفق واضع هذا الكلام في الجملة الأخيرة التي التقطها من مقدمة ابن حماده لمختصره والتي قال فيها: «فرأيت أن ألخص منه مختصرا أجعله بغية للراغب
= التصحيف الواقع في مطبوعته)، وأزهار الرياض في أخبار عياض: 1/ 36، 5/ 6، والدر النفيس والنور الأنيس في مناقب الإمام إدريس بن إدريس لأحمد بن عبد الحي الحلبي ثم الفاسي: 15، واليواقيت الثمينة في أعيان مذهب عالم المدينة: 1/ 8، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى: 36، 89، 183، ومن رجالات سبتة المغمورين: أبو عبد الله بن حماده البرنسي العالم المؤرخ لسعيد أعراب - ضمن مجلة دعوة الحق، السنة (23)، العدد (3)، القسم الأول: 28 - 31. والعدد (228)، القسم الثاني -: 18 - 24. وقد خلط بعض المعاصرين بين صاحب هذه الترجمة، وترجمة الفقيه المحدث المؤرخ الأديب القاضي أبي عبد الله محمد بن علي بن حمادو (أو حماد) بن عيسى الصّنهاجي من أهل قلعة بني حماد الصّنهاجيين البربر في المغرب الأدنى، صاحب كتاب النبذ المحتاجة في أخبار صنهاجة بإفريقية وبجاية، المتوفى سنة (628 هـ)، وقيل بعدها. وترجمته في: التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار: 2/ 166 - 167، وعنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المئة السابعة ببجاية للغبريني: 218 - 220، ومفاخر البربر (منتخبه): 65، وتاريخ الإسلام للذهبي: 45/ 324، والوافي بالوفيات: 4/ 157 - 158، والوفيات (شرف الطالب) لابن قنفذ: 311، وغيرها.
(1)
ويبدو أنها النسخة التي وقف عليها العلامة محمد بن البشير بن ظافر الأزهري على ما في قوله عند تسميته لعدد من مختصرات ترتيب المدارك في كتابه اليواقيت الثمينة 1/ 8: «وقد وقفت على أحد هذه المختصرات في مكتبة الأزهر الشريف» .
ودليلا للطالب، أقتصر فيه على أنساب العلماء المشهورة. . .» (1).
واستغرق تقديم ابن حماده لتراجم مختصره أكثر من سبع ورقات، استهلها بالتنويه بحسن اقتداء الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين لهم بإحسان بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما امتاز به أهل المدينة من كونهم أعلم الناس بسنته عليه الصلاة والسلام ودقائق سيرته، وما يمثله إيراد تراجم العلماء من دعوة للتأدب بآدابهم.
ثم أشاد بكتاب ترتيب المدارك للقاضي عياض الذي جمع ما تفرق في كتب كثيرة، مع استيعاب أخبار المترجمين. وأنه أراد تقريب هذا الكتاب الحافل لأهل العلم وطلبته حتى يتيسر حفظه وتسهل الاستفادة منه، وذلك باختصاره والاقتصار على عيون أخباره، وحذف ما لا يحتاجه غير المتبحرين، فقال: «ولما اختار أئمتنا المتقدمون بالأندلس رضوان الله عليهم الأخذ بمذهب أهل المدينة دار الهجرة والوحي. . . رأيت أن أقتصر في النظر على آداب العلماء المالكيين، والأئمة منهم المتقدمين والمتأخرين، فرأيت العلماء قد ألفوا في ذلك تواليف كثيرة يصعب على كثير من الناس جمعها، ويعسر عليهم طلبها، إذ كل أحد ألف في أخبار علماء بلده أو أئمة قطره وشيوخ عصره. . .
ثم إن الفقيه القاضي الإمام الحافظ أبا الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي. . . جمع ما افترق من رواياتهم، ولفق ما وقع في التعاليق عنهم، واستوعب أخبارهم، وتقصى آثارهم، فنقلت إليه الكتب المذكورة من كل
(1) مختصر ترتيب المدارك: 3 أ.
قطر ومكان. . . إلى أن اجتمع عنده منها ما لم يقدر أحد من متقدم ولا متأخر على جمعه. . . فألف منها كتابا جامعا مستوعبا، سبق العلماء إليه، ولم يقدر أحد من أهل عصره عليه. . . يحتاج إليه كل من انتحل شيئا من العلم لمعرفة ما فيه من الآداب، ومعرفة الرجال، ليعرف الراوي عمن روى، وفي أي عصر كان كل إمام من الأئمة المذكورين، وما وقع من النوازل بين أيديهم الغريبة منها والشهيرة.
ثم لما حققت النظر في الكتاب المذكور رأيته كثير المنفعة. . . إلا أني رأيت من أراد حفظه عسر عليه، لا تساع الروايات والخلاف فيه، فرأيت أن ألخص منه مختصرا أجعله بغية للراغب ودليلا للطالب، أقتصر فيه على أنساب العلماء المشهورة، وصحيح أخبارهم المأثورة، وأذكر نكتا مقنعة من شمائلهم وآدابهم وتواليفهم وأعمارهم، وما رووا من الكتب وألفوه، وما روي عنهم (1) من مسألة نازلة عندهم، وطرحت التكرار والتطويل والآثار الشاذة، وما لا يحتاج الوقوف عليه إلا من أراد التبحر» (2).
وأشار ابن حماده بعد ذلك إلى ما جعله بين يدي المختصر من مقدمات فقال: «وقدمت في هذه المقدمة ثلاثة فصول:
الفصل الأول: أذكر فيه نكتا من فضل العلم وأهله.
والثاني: أذكر فيه فضل المدينة وأهلها.
(1) في الأصل 3 أ: (عنه).
(2)
مختصر ترتيب المدارك: 2 ب - 3 أ.
والثالث: أذكر فيه من سيرة القاضي الإمام مؤلف الكتاب وشمائله، ومن روى عنه من شيوخه بسبتة والأندلس، وتواليفه (1).
ولا أخلي ذلك من الاختصار، لئلا يخرج عن الغرض الذي قصدنا إليه» (2).
وقد اختصر ابن حماده الفصل الثاني من مقدمة القاضي عياض لترتيب المدارك. وبعد انتهائه من إيراد تلك الفصول، عقد ترجمة لشيخ المذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه في عدة ورقات اقتبسها مختصرة من مقدمة القاضي عياض الموسعة مع إغفاله لجملة من فصولها.
وألمع ابن حماده في بداية التراجم - عقب المقدمات - إلى أنه جعل تراجم مختصره على الطبقات، ملتزما بذلك نظام الأصل المختصر، فقال:«انتهت نكت مقنعة من فضائل مالك، ونبدأ الآن بذكر طبقات أصحابه على ترتيبهم وسابقتهم ومنتهى علمهم، وأذكر ما قاله القاضي أبو الفضل على ترتيبه في كتابه على الاختصار» (3). إلاّ أنه أسقط من مختصره تراجم كثيرة جدا مع وجودها في ترتيب المدارك.
ولا حظت على هذا المختصر تكراره لبعض التراجم في أكثر من طبقة، ووضعه لبعضها الآخر في غير طبقتها التي في الأصل، أو في غير موضعها من الطبقة نفسها وربما كان شيء من ذلك راجعا إلى اختلاف نسخ المدارك.
(1) ثمة نقول دقيقة من هذه الترجمة في الكتب التالية: طبقات الفقهاء المالكية لمجهول: 310، 312، وتاريخ الإسلام للذهبي: 37/ 199، وسير أعلام النبلاء له أيضا: 20/ 214 - 215.
(2)
مختصر ترتيب المدارك: 3 أ.
(3)
9 أ. وينظر أيضا: 26 ب.
وقد أضاف ابن حماده في تضاعيف ما اختصره من تراجم المدارك فوائد نافعة، وفرائد متعددة، منها ما هو له، ومنها ما رواه عن شيوخه (1).
وأهم ما يتميز به هذا المختصر أمران ختم بهما ابن حماده كتابه:
أولهما: تفرده بنقل الطبقة الحادية عشرة عن القاضي عياض، وهي في أهل المغرب الأقصى - ولا سيما سبتة - والأندلس، واشتملت على ثلاثين ترجمة (2).
والآخر: وهو ذو أنواع، هي:
1 -
استدراكه على الطبقة التاسعة برجلين من أهل سبتة (3)، وذلك بين الطبقة العاشرة والحادية عشرة.
2 -
واستدراكه على الطبقة الحادية عشرة - عقبها - بسبع تراجم (4)، وجاء في بداية هذا الاستدراك: «قال أبو عبد الله محمد بن حماده البرنسي: انتهى ما شرطناه من أسماء الأئمة المذكورين وأخبارهم على اختصار، وهو آخر التأليف المذكور، ومما استدركناه من هذه الطبقة - ممن لم يذكره القاضي في كتابه - من الأندلسيين الذين أخذ القاضي عنهم، وأشياخنا
(1) ينظر منه على سبيل المثال: 21 أ، 99 أ، 102 ب، 106 أ، 106 ب، 108 ب، 110 ب، 111 ب، 112 أ، 112 ب.
(2)
مختصر ترتيب المدارك: 108 ب - 113 ب.
(3)
المصدر السابق: 107 أ - 108 أ.
(4)
المصدر السابق: 113 ب - 114 ب.
الذين أدركناهم. وأتينا بالفصل الثاني عشر - (يعني الطبقة الثانية عشرة) - ذكرت فيه من لقيته من الشيوخ ببلدنا سبتة. . . وختمته بذكر أصحابنا المشاورين الآن ببلدنا في عام ثلاثين وخمس مئة» (1).
3 -
واستدراكه طبقة تالية - كما تقدمت الإشارة - لم يتعرض لها القاضي عياض أصلا، وهي الطبقة الثانية عشرة، وأورد فيها تسع عشرة ترجمة (2)، أصحابها من شيوخ القاضي عياض وأقرانه، كما أنهم من شيوخ ابن حماده وأقرانه، وقد نوّه ابن حماده بمكانتهم في العلم والتحقيق والتدريس. وجاء في مقدمتها:«قال أبو عبد الله محمد بن حماده: ثم انتهى المذهب إلى الطبقة الثانية عشرة (3)، وإنما أذكرهم من أهل بلدنا سبتة خاصة دون غيرهم، إذ لم أر القاضي أبا الفضل وصل إليهم في تأليفه، فاقتصرت على ذكرهم لمعاينتي إياهم وأخذي عنهم واقتدائي أنا وأهل بلدي بهم. . . وآخر من ذكرت من أصحابنا الذين أخذوا معنا على أشياخنا [من] (4) فقهاء الشورى بسبتة في وقتنا» (5).
ثم ختم ابن حماده مختصره بقوله: «قد انتهى ما شرطنا من ذكر أهل مذهبنا على الاختصار، نسأل الله تعالى أن يجعلهم لنا إماما، وأن يجعلنا لهم
(1) مختصر ترتيب المدارك: 113 ب.
(2)
المصدر السابق: 114 ب - 118 أ.
(3)
في الأصل: (الثالثة عشر) وهو وهم.
(4)
كأنها في الأصل: (ومع)، ولعل الصواب ما أثبته، بدلالة ما نقلته عنه في الفقرة السابقة.
(5)
مختصر ترتيب المدارك: 114 ب.
أتباعا، وأن يرضى عن الإمام الأفضل القاضي الأعدل العالم العامل أبي الفضل، وأن يوفقه توفيق أوليائه الطائعين، ولا يكله إلى نفسه إنه سميع الدعاء، فعال لما يشاء، وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء» (1).
وهذا النص يدل على أن القاضي عياضا كان حيا عند فراغ ابن حماده من اختصاره للمدارك. ويؤيد ذلك ما ثبت في طبقات الفقهاء المالكية لمجهول في ترجمة القاضي عياض نقلا عن ترجمة ابن حماده له في مختصره بلفظ: «نسأل الله أن يختم [لنا] (2) وله بالحسنى، ويجمع لنا وله خير الآخرة والأولى» (3).
كما يؤكده نص آخر في الطبقة الثانية عشرة من مختصر ابن حماده في ترجمة الفقيه أبي محمد عبد الله بن أحمد الأزدي السبتي المعروف بابن شبونه، قال ابن حماده:«وكان حيا بأغمات في وقتنا هذا» (4). وقد أرخ القاضي عياض (5) وفاة ابن شبونه بسنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
ويزيده تأكيدا ما تقدم قريبا عن ابن حماده في تقديمه لاستدراكه على الطبقة الحادية عشرة بقوله: «وختمته بذكر أصحابنا المشاورين الآن ببلدنا في
(1) مختصر ترتيب المدارك: 118 أ.
(2)
سقطت من الأصل سهوا كما يدل السياق.
(3)
312. لكن اللفظ مختلف في مخطوطة مختصر ابن حماده: 4 ب، وهو: «نسأله جلّ وعلا أن يختم لنا بالحسنى، وأن يجمع بين خير الآخرة والأولى».
(4)
117 ب.
(5)
في الغنية: 155.
عام ثلاثين وخمس مئة» (1). والله أعلم.
ب - مختصر المدارك: للإمام (2) أبي عبد الله محمد بن رشيق الأندلسي (3).
وقد عدّ ابن فرحون هذا المختصر مع مختصر ابن حماده في رأس قائمة مصادره في الديباج (4)، بل إنه قدم مختصر ابن رشيق في الذكر. ويبدو أنه اعتمدهما دون الأصل، لأنه لم يذكره في عداد مصادره. وتشير مقابلة بعض تراجم الديباج بالمختصرين إلى أن ابن فرحون اعتمد أساسا على مختصر ابن رشيق.
(1) مختصر ترتيب المدارك: 113 ب. وسبق في التعريف بترتيب المدارك أن القاضي عياضا جمع الطبقة الحادية عشرة سنة (530 هـ).
(2)
حلاه بهذا الوصف محمد بن البشير بن ظافر في اليواقيت الثمينة: 1/ 8.
(3)
ينظر في ترجمته المصادر التالية: الديباج المذهب: 1/ 435، 477، 2/ 375، ونيل الابتهاج - بحاشية الديباج -: 9، واليواقيت الثمينة: 1/ 8. وقد وهم المؤرخ الأستاذ عبد السلام بن عبد القادر بن سودة في كتابه دليل مؤرخ المغرب الأقصى: 183، ومن بعده الأستاذ سعيد أعراب في مقاله: من رجالات سبتة المغمورين أبو علي الحسين بن عتيق المؤرخ الأديب - ضمن مجلة دعوة الحق، السنة (23)، العدد (4)، الصفحات (31 - 34) -: في نسبة مختصر المدارك المذكور لأبي علي الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق التغلبي الأندلسي ثم السّبتي المؤرخ الأديب الشاعر المخترع - المتوفى سنة 696 هـ -، ولم يستندا إلى حجة، مع أن ابن فرحون في الديباج وابن ظافر في اليواقيت الثمينة صرحا باسمه على الوجه الذي اعتمدته أعلاه. كما أن سيرة الحسين بن عتيق في كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة: 1/ 472 - 476، وغيره: لا تساعد على قبول نسبة كتاب مختصر المدارك إليه. وممن وهم في هذا المقام أيضا الدكتور أحمد بكير محمود في مقدمة تحقيق ترتيب المدارك: 1/ 33 عند ما نسب الكتاب لابن رشيق المصري، مع أن المصدر الذي اعتمد عليه في ذلك - وهو اليواقيت الثمينة - صرح بأنه أندلسي.
(4)
2/ 375.
ولم أر أحدا أشار إلى وجود نسخة من هذا المختصر، لكن ترجح لي من خلال الدراسة أن مختصر المدارك المحفوظ في الخزانة الحسنية بالرباط تحت الرقم (672)، والذي قام بتحقيقة الأستاذ سعيد أحمد أعراب ونشرته وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية مرفقا بترتيب المدارك هو مختصر ابن رشيق نفسه، وإن لم يذكر ذلك في النسخة. وقد وهم الأستاذ أعراب في جعله لابن حماده (1).
والدليل على ما اخترته: الاختلاف الظاهر بين النسخة المذكورة، ونسخة مختصر المدارك لابن حماده المحفوظة في المكتبة الأزهرية. وكذلك فإن ابن فرحون في الديباج صرح في موضعين (2) بالنقل عن ابن رشيق، وهما موافقان تماما لنسخة الخزانة الحسنية، لكن ابن فرحون وهم فيهما بجعلهما من كلام ابن رشيق نفسه مع أن ابن رشيق اقتبسهما من مختصر ابن حماده مع التصرف.
كما أن مقابلتي لجملة من تراجم الديباج بالنسخة الأزهرية التي هي مختصر ابن حماده، والنسخة الحسنية الي نسبتها لابن رشيق، دلت على التشابه الكبير بين الديباج والنسخة الحسنية بخلاف النسخة الأزهرية، وقد تقدم قريبا أن ابن فرحون جعل مختصر ابن رشيق أول مصادره في الديباج وأساسها.
وتقع نسخة الخزانة الحسنية المذكورة في (277) صفحة، وخطها مغربي،
(1) وينتقد الأستاذ أعراب أيضا بإسقاطه بعض التراجم الموجودة في النسخة التي اعتمدها في تحقيقه من غير إشارة إلى ذلك.
(2)
1/ 435، 477.
وهي مبتورة من أولها، تامة في آخرها، لم يسقط من تراجم طبقاتها شيء، وقد بعثرت جملة من أوراقها، فاختلط قسم من أولها بآخرها، كما أصابتها الأرضة لكنها لم تؤثر فيها تأثير الرطوبة عليها.
وقد اختصر ابن رشيق ترتيب المدارك على وجهه اختصارا جيدا من ناحية استيفاء عناصر الترجمة في الجملة، مع الحرص على إبقاء تعليقات القاضي عياض في تضاعيف الكتاب، واستهلالها بعبارة:(قال ض)(1)، لكنه لم يلتزم بعزو الأقوال إلى أصحابها، مما قلل من قيمة الكتاب، بل جعله عديم الفائدة مع وجود أصله.
ولم يقتصر ابن رشيق على اختصار ما وجده من ترتيب المدارك، بل أضاف إليه اختصار ما أورده ابن حماده في آخر مختصره من نقل للطبقه الحادية عشرة عن القاضي عياض، واستدراك على الطبقة التاسعة والحادية عشرة، واستدراك الطبقة الثانية عشرة.
وأشير إلى أن ابن رشيق لم يعتمد في اختصار الأصل - بوجه عام - على كتاب ابن حماده، وإنما رجع إلى ترتيب المدارك نفسه، وذلك للاختلاف الواضح في منهجيهما في الاختصار، ولأن ابن رشيق حرص على استيعاب تراجم المدارك (2) من حيث العدد بخلاف ابن حماده كما تقدم.
(1) تنظر النسخة المذكورة: 22، 29، 58، وغيرها.
(2)
مع ملاحظة عدم وجود بعض التراجم في نسخة مختصر ابن رشيق مما هو موجود في مطبوعة المدارك، فلعل ذلك راجع إلى اختلاف نسخ كتاب القاضي عياض. ومثله أيضا تراجم قليلة قدمت وأخرت عن مواضعها يسيرا.
ومن اصطلاحات نسخة مختصر ابن رشيق: رمزها للقاضي عياض - غالبا - بحرف (ض)، ولابن حماده بكلمة (محمد). والله أعلم.
ج - مختصر المدارك: للإمام، العلامة، الفقيه، المحقق، الزاهد، العابد، أبي العباس أحمد بن محمد بن علوان التّونسي، نزيل الإسكندرية، المالكي، الشهير بالمصري.
صاحب التصانيف الكثيرة، ككتاب لباب اللباب على الجلاّب (1)، واقتطاف الأكف من الروض الأنف (للسهيلي)، واختصار كتاب التشوف إلى أهل التصوف (للتادلي)، وغيرها. توفي بالإسكندرية سنة (787 هـ) وله نحو من ستين سنة (2).
وقد وقف العلامة أحمد بابا التّنبكتي (3) وصاحب طبقات الفقهاء المالكية
(1) المراد بالجلاّب كتاب التفريع لشيخ المالكية العلامة أبي القاسم بن الجلاّب، وهو في الفقه المالكي. ينظر مقدمة تحقيق كتاب التفريع للدكتور حسين بن سالم الدهماني: 1/ 117 - 119.
(2)
تنظر ترجمته في المصادر التالية: مختصر المدارك لابن علوان (الخاتمة): 175 ب، وتوشيح الديباج وحلية الابتهاج لبدر الدين القرافي: 75، وطبقات الفقهاء المالكية لمجهول: 310، 314، 369، 423، ونيل الابتهاج بتطريز الديباج - بحاشية الديباج -: 74، وكفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج - كلاهما للتّنبكتي -: 13 أمن نسخة الخزانة الحسنية ذات الرقم (453)، والصفحة 16 من نسختها الأخرى ذات الرقم (681)، واليواقيت الثمينة: 1/ 8، وشجرة النور الزكية: 226، وكتاب العمر: 1/ 758 - 759، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى: 174، 183، وتراجم المؤلفين التونسيين: 3/ 414، ومعجم المؤلفين: 2/ 128.
(3)
نيل الابتهاج - بحاشية الديباج -: 74، وكفاية المحتاج: 13 أمن نسخة الخزانة الحسنية ذات الرقم (453)، والصفحة 16 من نسختها الأخرى ذات الرقم (681).
لمجهول (1) على نسخة ابن علوان من مختصره للمدارك بخطه، وذكر التّنبكتي أنها في سفر.
ووقفت أنا أيضا على نسخة من هذا الكتاب محفوظة في الخزانة الحسنية بالرباط برقم (11534)، وقد أصيبت أطراف صفحاتها بخروم كثيرة (2)، لكن عامة ذلك لم يؤثر على النص، لولا القطع الذي أصاب أوراقها الأولى من الجهة العليا.
وتقع هذه النسخة في (176) ورقة، وفيها نقص يسير من أولها، ولعله الذي أشار إليه ناسخها كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
وهي مستهلة بفصل في ترجيح مذهب مالك على غيره، أي أنها لم يفتها من المهمات سوى خطبة الكتاب.
وأول تراجمها بعد ترجمة الإمام مالك تبدأ من الورقة (12)، وتنتهي تلك التراجم بترجمة أبي محمد عبد الله بن فتوح في الورقة (169).
وقدم المختصر بعد ذلك اعتذارا عن القاضي عياض لعدم إيراده لشيوخه في المدارك فقال: «قال المختصر - عفا الله عنه -: وإلى هنا انتهى التقييد لما اختصرته. . . وقد أسقط القاضي المصنف رحمه الله ذكر شيوخه في هذا الكتاب، وفيهم أئمة كبار مثل الإمام أبي عبد الله المازري، والقاضي أبي الوليد ابن رشد، وعلماء هذه الطبقة، وذلك - والله أعلم - لأنه أفرد لهم
(1) في كتابه المذكور: 314.
(2)
لأجل ذلك منعت إدارة الخزانة من تصويرها خشية عليها.
كتابا فكره التكرار في المصنفات» (1).
ثم عقد ترجمة للقاضي عياض استغرقت بضع ورقات، وذلك من الورقة (169 ب) إلى الورقة (175 ب)، وقدم لها بقوله:«ورأيت أن أختم هذا المختصر بذكره هو وتحليته وفضائله وجمل من أخباره وتصانيفه ووفاته مما استفدته من شيوخي الذين أدركتهم وأخذت عنهم ومن غيرهم مما كنت قيدته قبل» (2).
ثم كتب أحمد بابا التّنبكتي صاحب نيل الابتهاج بتطريز الديباج - وهو ناسخ هذا المختصر - عقب ذلك ما نصه: «يقول كاتب هذه الحروف الفقير أحمد بابا بن أحمد بن أحمد بن عمر لطف الله بهم: إلى هنا انتهى ما حصله
(1) 169 أ.
(2)
169 أ - 169 ب.
(3)
أي أنه فرغ منه سنة وفاته.
(4)
175 ب - 176 أ.
الفقيه الأستاذ محمد بن علوان المصري من اختصار المدارك للقاضي عياض، وقد ضاعت الورقة الأولى منه، وجميع المنسوخ بخطه المبارك» (1).
ولم يستوعب ابن علوان في مختصره هذا جميع تراجم المدارك، وإنما كان يختار منها. والله أعلم.
د - المنتقى من المدارك: للعالم، الفقيه، المؤرخ، الصالح، شهاب الدين أحمد بن عمر بن عثمان الخوارزمي، الدمشقي، الشافعي، المعروف بابن قرا.
له تصانيف، منها: النبذة الحسنة في ذكر من مات موافقا للآخر في السنة، والروض الباسم في التكني بأبي القاسم، ونخبة النخب الموصل إلى أعلى الرتب، وغيرها. توفي بدمشق سنة (868 هـ)، وله بضع وستون سنة (2).
ويوجد من هذا المنتقى نسخة كاملة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، ضمن مجموع برقم (3863)، تقع في (84) ورقة، وهي بخط المنتقي.
وقد انتقى ابن قرا فيه من أسماء المترجمين في المدارك من شاء، كما انتقى من المقدمات وعناصر التراجم ومحتوياتها ما شاء، ولم يلتزم فيه بمنهج موحد. وليس للكتاب قيمة علمية مع وجود أصله. والله أعلم.
(1) 176 أ.
(2)
تنظر ترجمته في المصادر التالية: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي: 2/ 54، ووجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام له أيضا: 2/ 760، وإيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون لإسماعيل باشا البغدادي: 1/ 588، 2/ 617، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان - طبعة الهيئة المصرية -: 6/ 387، والأعلام للزّركلي: 1/ 187 - 188، ومعجم المؤلفين: 2/ 32 - 33، وفهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (المجاميع) لياسين السوّاس: 2/ 44 - 46.
هـ - تجريد من لم يذكره ابن فرحون من رجال المدارك: للإمام شمس الدين السخاوي - وسيعاد فيما بعد إن شاء الله تعالى -.
و- ترتيب أسماء تراجم المدارك: للحافظ، المؤرخ، نجم الدين وسراج الدين أبي القاسم عمر بن تقي الدين محمد بن محمد بن أبي الخير محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد القرشي، الهاشمي، المكي، الشافعي، المعروف بابن فهد، ويسمى محمدا لكنه بعمر أشهر.
صاحب التصانيف الكثيرة: ككتاب إتحاف الورى بأخبار أم القرى، والذيل على العقد الثمين (للتقي الفاسي)، ومعجم شيوخه، وغيرها. ولد بمكة المكرمة سنة (812 هـ)، وتوفي بها سنة (885 هـ)(1).
وقد وضع ابن فهد هذا الكتاب على قسمين، وجعل كل قسم على حروف المعجم، قال السخاوي:«ورتبها على الحروف لسهولة الكشف صاحبنا ابن فهد في نحو كرّاسين، على قسمين: أحدهما أصحاب مالك، وثانيهما من عداه» (2). والله أعلم.
(1) تنظر ترجمته في المصادر التالية: الضوء اللامع: 6/ 126 - 131، والجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر: 3/ 1121 - 1123، ووجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام: 3/ 908 - 909، والمتكلمون في الرجال - أربعتها للسخاوي -: 135، والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع للشوكاني: 513 - 514، وهدية العارفين: 1/ 794، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان - طبعة الهيئة المصرية -: 7/ 78، والأعلام للزّركلي: 5/ 63 - 64، ومعجم المؤلفين: 7/ 318.
(2)
الإعلان بالتوبيخ: 563. وأشير في هذا المقام إلى عناية ابن فهد بترتيب جملة من كتب التراجم، قال السخاوي في الضوء اللامع: 6/ 129: «ورتب أسماء تراجم الحلية، والمدارك، وتاريخ الأطباء، وطبقات الحنابلة لابن رجب، والحفاظ للذهبي، والذيول عليه: على حروف =