المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناظرات المهدي لأهل بيته ومشاروته لهم في حر خراسان - جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب - جـ ١

[أحمد الهاشمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة في علم الإنشاء

- ‌الباب الأول في أصول الإنشاء

- ‌كيفية الشروع في عمل مواضيع الإنشاء

- ‌أركان الكتابة

- ‌كيفية نظم الكلام

- ‌الطريق إلى تعلم الكتابة

- ‌كيفية تهذيب الكلام وأوقات تأليفه

- ‌محاسن الإنشاء ومعايبه

- ‌فصاحة الألفاظ ومطابقتها للمعاني

- ‌حقيقة الفصاحة

- ‌الانسجام

- ‌حل الشعر

- ‌التخلص والاقتضاب في مواضيع الإنشاء

- ‌كيفية افتتاح مواضيع الإنشاء وختامها

- ‌تقسيم الإنشاء إلى فني النظم وانثر

- ‌كيفية عمل الشعر

- ‌الباب الثاني في فنون الإنشاء

- ‌الفن الأول في المكاتبات والمراسلات

- ‌أبواب الرسائل

- ‌الكلام على الرسائل الأهلية

- ‌الفصل الأول في الشوق

- ‌كتاب أبو منصور الثعالبي المتوفى سنة 429ه

- ‌وكتب في تشبيه الشوق

- ‌وكتب في أثر الفراق

- ‌وكتب البسطامي المتوفى سنة 332ه

- ‌وكتب عبد الحمن محمد بن طاهر المتوفى سنة 431ه

- ‌وكتب أبو الفضل بن العميد المتوفى سنة 360ه

- ‌‌‌وكتب بديع الزمان الهمذاني المتوفي سنة 398ه

- ‌وكتب بديع الزمان الهمذاني المتوفي سنة 398ه

- ‌وكتب أبو محمد عبد الله البطليوسي المتوفي سنة 521ه

- ‌وكتب الشيخ ابراهيم اليازجي المتوفي سنة 1906م

- ‌وكتب أيضاً

- ‌وكتب أبو العباس الغساني المتوفي سنة 498ه

- ‌وكتب الصاحب بن عباد المتوفي سنة 385ه

- ‌وكتب أبو بكر الخوارزمي المتوفي سنة 383ه

- ‌وكتب الشيخ حمزة فتح الله المتوفي سنة 1335ه

- ‌وكتب المرحوم محمد بك دياب المتوفي سنة 1339ه

- ‌وكتب وفا أفندي محمد المتوفي سنة 1319ه

- ‌وكتب مؤلف هذا الكتاب

- ‌الفصل الثاني في التعارف قبل اللقاء

- ‌كتب أبو منصور التيسابوري المتوفي سنة 429ه

- ‌وكتب أيضاً

- ‌وكتب الشيخ حمزة فتح الله المتوفي سنة 1335ه

- ‌وكتب حفني بك ناصيف المتوفي سنة 1337ه

- ‌وكتب أحمد أفندي سمير المتوفي سنة 1329ه

- ‌وكتب الشيخ أحمد مفتاح المتوفي سنة 1329ه

- ‌وكتب الشيخ طه محمود المتوفي سنة 1325ه

- ‌وكتب الأستاذ محمود بك أبو النصر

- ‌وكتب الفاضل السيد محمد الببلاوي

- ‌وكتب الشيخ عبد الكريم سلمان المتوفي سنة 1336ه

- ‌وكتب مؤلف هذا الكتاب

- ‌الفصل الثالث في رسائل الهدايا

- ‌كتب سعيد بن حميد المتوفي سنة 105هـ? يوم النيروز إلى بعض أهل السلطان

- ‌وكتب حنفي بك ناصف المتوفى سنة 1337ه

- ‌وكتب الأستاذ محمود بك أبو النصر

- ‌وكتب الأستاذ عبد الله بك الأنصاري

- ‌وكتب الشيخ أحمد مفتاح المتوفي سنة 1329ه

- ‌وكتب مؤلف هذا الكتاب إلى أستاذه الحكيم الشيخ محمد عبده

- ‌الفصل الرابع في رسائل الاستعطاف والاعتذار

- ‌وكتب أبو منصور الثعالبي المتوفي سنة 429ه

- ‌وكتب عبد الله بن معاوية المتوفي سنة 158هـ? إلى أبي مسلم

- ‌وكتب بدر الدين محمد بن حبيب الحلبي المتوفي سنة 799ه

- ‌وكنت أظنُّ أن جبال رضوى=تزول وإن ودَّك لا يزول

- ‌وكتب أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفي بالبصرة سنة 255ه

- ‌وكتب ابن مكرم إلى بعض الرؤساء

- ‌وكتب أبو بكر الخوارزمي المتوفي سنة 740ه

- ‌وكتب بعضهم إلى رئيسه

- ‌وكتب فقيد اللغة الشيخ ابراهيم اليازجي المتوفي سنة 1906

- ‌وكتب أيضاً

- ‌وكتب أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفي بالبصرة سنة 255ه

- ‌وكتبت زبيدة زوجة الرشيد المتوفاة سنة 216هـ? إلى المأمون

- ‌وكتب إليها المأمون جواب المواساة الآتي

- ‌وكتب بعضهم

- ‌وكتب أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفي بالبصرة سنة 255ه

- ‌الكلام على الرسائل المتداولة

- ‌الفصل الثاني في رسائل الطلب

- ‌وكتب إلى عبيد الله بن سليمان أبو العيناء المتوفي سنة 282ه

- ‌وكتب الوزير الخطير عبد الخالق باشا ثروت

- ‌وكتب الفاضل أحمد بك رأفت

- ‌وكتب الفاضل عبد العزيز بك محمد

- ‌وكتب فقيد الأدب حسن أفندي توفيق المتوفي بلندن سنة 1322ه

- ‌الفصل الثالث في رسائل الشكر

- ‌كتب أبو منصور الثعالبي المتوفي سنة 429ه

- ‌وكتب الحسن بن وهب المتوفي سنة 472ه

- ‌وكتب الأمير أبو الفضل الميكالي المتوفي سنة 436ه

- ‌وكتب أستاذي الحكيم الشيخ محمد عبده إلى حافظ بك إبراهيم

- ‌وكتب أيضاً في الشكر مع المودة إلى بعض أصحابه

- ‌وكتب أيضاً في الشكر لآخر

- ‌الفصل الرابع في رسائل النصح والمشورة

- ‌كتب بديع الزمان الهمذاني المتوفى سنة 398 ه

- ‌وكتب الاسكندر المقدوني إلى أستاذه الحكيم أرسطو

- ‌يستشيره فيما يفعله بأبناء ملوك فارس بعد أن قتل آباءهم وتغلب على بلادهم

- ‌وكتب أرسطو المتوفى قبل الميلاد سنة 322 إلى الاسكندر المقدوني

- ‌ومن رسالة للإمام علي المتوفى سنة 40 ه

- ‌وكتب أيضاً كرم الله وجهه إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

- ‌وكتب بطل الوطنية السيد عبد الله النديم المتوفى سنة 1314 ه

- ‌وكتب أستاذي الإمام الحكيم الشيخ محمد عبده المتوفى سنة 1323 ه

- ‌وكتب أيضاً في الغرض المذكور

- ‌الفصل الخامس في رسائل الملامة والعتاب

- ‌كتب بديع الزمان الهمذاني المتوفى سنة 398 ه

- ‌وكتب أيضاً إلى القاسم الكرجي المتوفى سنة 440 ه

- ‌وكتب أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفى بالبصرة سنة 255 ه

- ‌وكتب أبو بكر الخوارزمي المتوفى سنة 740 ه

- ‌وكتب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر المتوفى سنة 80 ه

- ‌وكتب صديقي الأوفى زعيم الوطنية الشيخ عبد العزيز جاويش

- ‌وكتب المرحوم حفني بك ناصف إلى سماحة السيد توفيق البكري

- ‌الفصل السادس في رسائل الشكوى

- ‌كتب الأمير أبو الفضل الميكالي المتوفى سنة 436 ه

- ‌وكتب عبد الحميد بن يحيى المقتول سنة 132 إلى أهله

- ‌وكتب أستاذي الحكيم الشيخ محمد عبده وهو مسجون

- ‌وكتب حافظ بك ابراهيم إلى الأستاذ الإمام الحكيم الشيخ محمد عبده

- ‌الفصل السابع في رسائل العيادة

- ‌كتب ابن الرمي المتوفي سنة 284هـ? إلى بعضهم

- ‌وكتب أبو بكر الخوارزمي المتوفي سنة 383ه

- ‌الفصل الثامن في رسائل التهاني

- ‌كتب في التهنئة بالأولاد أبو منصور الثعالبي المتوفي سنة 429ه

- ‌وكتب بديع الزمان الهمذاني المتوفي سنة 398هـ? إلى الدواردي يهنيه بمولود

- ‌وكتب في التهنئة بالقدوم أبو منصور الثعالبي المتوفي سنة 429ه

- ‌وكتب أيضاً في التهنئة برمضان

- ‌وكتب أبو الفرج الببغاء المتوفي سنة 398هـ? تهنئة

- ‌وكتب رشيد الدين الوطواط المتوفي سنة 573هـ? تهنئة بالقدوم من سفر

- ‌كتب المرحوم الشيخ حمزة فتح الله المتوفي سنة 1335ه

- ‌وكتب الأستاذ محمود بك أو النصر

- ‌وكتب الوزير عبد الله باشا فكري المتوفي سنة 1307هـ? في تهنئة العيد

- ‌الفصل التاسع في رسائل التعازي

- ‌كتب أبو منصور الثعالبي المتوفي سنة 429ه

- ‌‌‌وكتب أيضاًفي الأمر بالصبر على المصيبة

- ‌وكتب أيضاً

- ‌وكتب أبو الفضل بديع الزمان الهمذاني المتوفي سنة 398ه

- ‌وكتب فقيد اللغة الشيخ ابراهيم اليازجي المتوفي سنة 1906م

- ‌الفصل العاشر في رسائل الأجوبة

- ‌كتب الوزير عبد الله باشا فكري المتوفي سنة 1307ه

- ‌وكتب أيضاً وهو بالآستانة العلية في يوم برد كثير الأمطار

- ‌وكتب المرحوم حفني بك ناصف إلى الشيخ علي الليثي المتوفي سنة 1313ه

- ‌وأجابه المرحوم الشيخ علي الليثي المتوفي سنة 1313ه

- ‌الفصل الحادي عشر في رسائل الوصايا والشفاعات

- ‌من كلام له عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب في غزوة الفرس

- ‌ومن وصية له عليه الصلاة والسلام قالها بصفين

- ‌ومن وصية له عليه السلام وصى بها جيشاً بعثه إلى العدو

- ‌ومن وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات

- ‌عهد الإمام علي المتوفي سنة 401 هـ? لمالك بن الحارث الأشتر النخعي

- ‌حين ولاه مصر جباية خراجها وجهاد عدوها وإصلاح أهلها وعمارة بلادها

- ‌وكتب أبو بكر الصديق المتوفي 7 جمادى الثانية سنة 13هـ? إلى بعض قواده

- ‌وكتب عمر بن الخطاب المقتول في 26 ذي الحجة سنة 23 هـ? إلى بعض قواده

- ‌وكتب أبو الفضل بديع الزمان الهمذاني المتوفي سنة 398هـ? إلى ابن أخته

- ‌ومن وصية ابن سعيد المغربي المتوفي سنة 697هـ? لابنه وقد أراد السفر

- ‌وصية هارون الرشيد لمعلم ولده الأمين

- ‌ومن وصية ابن شداد لابنه

- ‌وصية بعض نساء العرب إلى ابنها وقد أراد السفر

- ‌الفصل الثاني عشر في رسائل التنصل والتبرؤ

- ‌كتب أبو الحسن علي بن الرومي المتوفي سنة 284هـ? إلى القاسم بن عبيد الله

- ‌وكتب أبو الوليد بن زيدون المتوفي بأشبيلية سنة 463ه

- ‌مكاتبات متفرقة

- ‌كتب الدولة العلية العثمانية إلى إحدى الدول الأوروبية

- ‌وكتب ابن العميد المتوفى سنة 360هـ? في شكر صديق له على مراسلته إياه

- ‌وكتب السيد توفيق البكري في سفراه إلى الآستانة العلية

- ‌كتبت السيدة وردة اليازجية إلى السيدة عائشة تيمور المتوفاة سنة 1300ه

- ‌وكتبت السيدة عائشة تيمور إلى السيدة وردة اليازجية المتوفاة سنة 1313ه

- ‌وكتب السيد عبد الله النَّدي المتوفى سنة 1314ه

- ‌وكتب أيضاً في التوادد

- ‌وكتب إبراهيم بك المويلحي المتوفى سنة 1323 يعزي محمود باشا البارودي

- ‌الكلام على الرسالات العلمية

- ‌الفن الثاني في المناظرات

- ‌مناظرة العثمان بن المنذر وكسرى وأنوشروان في شأن العرب

- ‌قال إنما أنا رجل منكم وإنما ملكت وعززت بمكانكم وما يتخوف ومن ناحيتكم ولاليس شيء

- ‌مناظرات المهدي لأهل بيته ومشاروته لهم في حر خراسان

- ‌وفود بكارة الهلالية على معاوية

- ‌مناظرة السيف والقلم لزين الدين عمر بن الوردي المتوفى سنة 749ه

- ‌فسقيا لمن غاب بك عن غابك، ورعياً من أهاتب بك لسلخ إهابك، (فلما رأى القلم) السيف

- ‌مناظرة بين صاحب أبي تمام وصاحب البحتري للآمدي

- ‌مناظرة السفينة والوابور للمرحوم السيد عبد الله النديم المتوفى سنة 1314ه

- ‌مناظرة بين الليل والنهار لمحمد أفندي المبارك الجزائري

- ‌وكتب أيضاً مناظرة بين الأرض والسماء

- ‌مناظرة بين فصول العام لابن حبيب الحلبي المتوفى سنة 401 ه

- ‌وكتب بعضهم مناظرة بين البر والبحر

- ‌وكتب بعض الأدباء مناظرة بين الهواء والماء

- ‌وكتب المقدسي المتوفى سنة 875هـ مناظرة بين الجمل والحصان

- ‌الفن الثالث في الأمثال

- ‌أمثال القرآن الكريم

- ‌الفن الرابع في الأوصاف

- ‌وصف البلدان

- ‌وصف القلاع

- ‌وصف الدور

- ‌وصف الديار الخالية

- ‌وصف الرياض

- ‌وصف طول الليل والسهر وما يعرض فيه من الهموم والكفر

- ‌وصف انتصاف الليل وتناهيه وانتشار النور وأفول النجوم

- ‌وصف طلوع الشمس وغروبها

- ‌وصف الرعد والبرق

- ‌وصف مقدمات المطر

- ‌وصف البرد والثلج وأيام الشتاء

- ‌وصف المطر والماء والسحاب والغدران

- ‌وصف القيظ وشدة الحر

- ‌وصف الشيب

- ‌وصف آلات الكتابة

- ‌وصف لخطباء

- ‌وصف العلماء

- ‌وصف البلغاء

- ‌وصف الشعراء والمنشئين ومحاسن النظم والنثر

- ‌وصف الأمراء والأشراف

- ‌وصف القلم

- ‌وصف الخط لأبي الحسن القيرواني المتوفي سنة 488 ه

- ‌وصف الكتاب

- ‌وصف عاصفة لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 ه

- ‌وصف العلم لبديه الزمان الهمذاني المتوفي سنة 398 ه

- ‌وصف الإمام العادل

- ‌وصف عمر بن العاص مصر لسيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

- ‌وصف حرب لأبي منصور الثعالبي النيسابوري المتوفي سنة 429 ه

- ‌وصف أبو الفضل الميكالي المتوفى سنة 436 هـ? المطر شعراً

- ‌ووصف ابن حبيب الحلبي المتوفى سنة 779 هـ? حديقة

- ‌وصف أمير المؤمنين ابن المعتز المتوفى سنة 296 هـ? البيان

- ‌ووصف أيضاً المكارم

- ‌ووصف أيضاً القرآن الكريم

- ‌ووصف ابن الرومي المتوفى سنة 282 هـ? جيوشاً

- ‌ووصف الحسد الجاحظ المتوفى سنة 255 ه

- ‌وصف الشعراء المحدثين

- ‌ووصف ابن الأثير المتوفى سنة 759 هـ? أبا تمام والبحتري والمتنبي

- ‌ووصف المفضل الضبي المتوفى سنة 430 هـ? مروره ببعض أحياء العرب

- ‌وصف نهج البلاغة للإمام المرحوم الشيخ محمد عبده المتوفى ستة 1322 ه

- ‌وصف حفلة لمحمد بك المويلحي

- ‌وصف أيضاً متحفاً من مقامة له

- ‌وصف الفوتغراف للمرحوم مصطفى بك نجيب المتوفى سنة 1320 ه

- ‌ووصف أيضاً نظارة ويشكر من أهداها

- ‌وصف سان استفانو باسكندرية

- ‌وصف الشمس

- ‌وصف القمر

- ‌الفن الخامس في المقامات

- ‌قال الحريري المتوفى سنة 516 هـ? المقامة التاسعة الاسكندرنية

- ‌المقامة البشرية لبديع الزمان الهمذامي المتوفى سنة 398 ه

- ‌لأسفر الصبح لذي عينين

- ‌الفن السادس في الروايات

- ‌رواية ليلى الأخيلية مع الحجاج

- ‌رواية بنات الشاعر المقتول

- ‌رواية المتكلمة بالقرآن الكريم

الفصل: ‌مناظرات المهدي لأهل بيته ومشاروته لهم في حر خراسان

فسائل أبيت اللعن عنا فإنّنا

دعائم هذا الناس عند الجلائل

ثم قام قيس بن عاصم السعدي فقال: لقد علم هؤلاء أنا أرفعهم في المكرمات وأثبتهم في النائبات، فقيل له لم ذاك يا أخا بني سعد، قال لأنا أدركهم للثأر وأمنعهم للجار لا نتكل إذا حملنا ولا نرام إذا حللنا.

ثم قام شاعرهم فقال:

لقد علمت قيسٌ وخندف أنّنا

وجلُّ تميم والجموعُ التي ترى

بأنّا ليوثُ البأس في كلّ مأزقٍ

إذا جزّ بالبيض الجماجم والطلى

وأنا إذا داعٍ دعانا لنجدةٍ

أجبنا سراعاً في العلائم من دعا

فهيهات قد أعيا الجميع فعالهم

وفاتوا بيوم الفخر مسعاة من سعى

فقال كسرى حينئذٍ ليس منهم إلا سيد يصلح لموضعه.

وأعظم صلاتهم أجمعين وردهم إلى أقوام معظمين.

"‌

‌مناظرات المهدي لأهل بيته ومشاروته لهم في حر خراسان

"

هذا ما ترجع فيه المهدي ووزراءه وما دار بينهم من تجبير الرأي في حرب خراسان أيان تحاملت عليهم العمال وأعنفت فحملتهم الدالة وما تقدم لهم من المكانة على أن نكثوا ببعتهم ونقضوا موثقهم وطردوا العمال والتووا بما عليهم الخراج وحمل المهدي مات يجب من مصلحتهم ويكره من عينهم على أن أقال عثرتهم اغتفر زلتهم واحتمل دالتهم تطولاً بالفضل واتساعاً بالعفو وأخذاً بالحجة ورفاً بالسياسة ولذلك لم يزل مذ حمله الله أعباء الخلافة وقلده أمور الرعية رفيقاً بمدار سلطانه وبصيراً بأهل زمانه باسطاً للمعدلة ف رعيته تسكن إلى كنفه وتأنس بعفوه وتثق بحلمه فإذا وقعت الأقضية اللازم والحقوق الواجبة فليس عنده هوادة ولا إغضاء ولا مداهنة أثرة للحق وقياماً بالعدل وأخذاً بالحزم فدعا أهل خراسان الاغترار بحمله والثقة

ص: 237

بعفوه وأن كسروا الخراج وطردوا العمال وسألوا ما ليس لهم من الحق ثم خلطوا احتجاجاً باعتذار وخصومة بإقرار وتنصلا باعتلال، فلما انتهى ذلك إلى المهدي خرج إلى مجلس خائه وبعث إلى نفر من لحمته ووزرائه فأعلمهم الحال واستفهم للرعية ثم أمر الموالي بالابتداء وقل للعباس بن محمد "أي عم" تعقب قولنا وكن حكماً بينا وأرسل ولديه موسى وهارون فأحضرهما الأمر وشاركهما في الرأي وأمر محمد بن الليث بحظ مراجعتهم وإثبات مقالتهم في كتاب.

فقال سلام صاحب المظالم: أيها المهدي إن في كل أمر غاية ولكل قوم صناعة استفرغت رأيهم واستغرقت أشغالهم واستنفدت أعمارهم وذهبوا بها وذهبت بهم وعرفوا بهم ولهذه الأمور التي جعلتنا فيها غاية وطلبت معونتنا عليها أقوام من أبناء الحرب وساسة الأمور وقادة الجنود وفرسان الهزاهز وإخوان التجارب وأبطال الوقائع الذين رشحهم سجالها وفياتهم ظلالها وعضتهم شدائدها وفرمتهم نواجذها فلو عجمت ما قبلهم وكشفت ما عندهم لوحدت نظائر تؤيد أمرك وتجارب توافق نظرك وأحاديث تقوي قلبك فأما نحن معاشر عمالك وأصحاب دواوينك فحسنٌ بنا، وكثيرٌ منا أن نقوم بثقل ما حملتنا من عملك واستودعتنا من أمانتك وشغلتنا من إمضاء عدك وإنفاذ حكمك إظهار حقك.

فأجابه المهدي إن في كل قوم حكمة ولك زمان سياسة وفي كل حال تدبيراً يبطل ألآخر الأول ونحن أعلم بزماننا وتدبير سلطاننا.

قال نعم أيها المهدي أنت متبع الرأي وثيق العقدة قوي المنة بليغ الفطنة معصوم النية محضور الروية مؤيد البديهة موفق العزيمة معان بالظفر مهدي إلى الخير، إن هممت في عزمك مواقع الظن وإن اجتمعت صدع فعلك ملتبس الشك فاعزم يهد الله إلى الصواب قلبك وقل ينطق الله بالحق لسانك فإن جنوك جمة وخزائنك عامرة ونفسك سخية وأمرك نافذ.

ص: 238

فأجابه المهدي أن المشاورة والمناظرة بلا رحمة ومفتاحاً بركة لا يهلك عليهما رأي ولا يتغيل معها حزم فأشيروا برأيكم وقولوا بما بحضوركم فأثنى من ورائكم وتوفيق الله من وراء ذلك.

قال الربيع: أيها المهدي إن تصاريف وجوه الرأي كثيرة وإن الإشارة ببعض معاريض القول يسيرة ولكن خراسان أرض بعيدة المسافة متراخية الشقة متفاوتة السبيل فإذا ارتأيت من محكم لتدبير ومبرم التقدير ولباب الأصول رأياً قد أحكمه نظرك وقلبه تدبيرك فليس وراءه ومذهب طاعن ولا دونه معلق لخصومه عائب ثم أجبت البرد به وانطوت الرسل عليه بالحري أن لا يصل إليهم محكمه إلا وقد حدث منهم ما ينقضه فما أيسر أن ترجع إليك الرسل وترد عليك الكتب بحقائق أخبارهم وشوارد آثارهم ومصادر أمورهم فتحدث رأياً غيره وتبتدع تدبيراً سواه وقد انفرجت الحلق وتحللن العقد واسترخى الحقاب وامتد الزمان ثم لعلمك موقع الآخرة كمصدر الأولى ولكن الرأي لك أيها المهدي وفقك الله أن تصرف إجالة النظر وتقليب الفكر فبما جمعتنا له واستشرتنا فيه من تدبير لحربهم والحيل في أمرهم إلى الطلب لرجل ذي دين فاضل وعقل كامل وورع واسع وليس موصوفاً بهوى في سواك ولا متهماً في أثرة عليك ولا ظنيناً على دخلة مكروهة ولا منسوباً إلى بدعة محذورة فيقدح في ملكك ويريض الأمور لغيرك ثم تستند إليه أمورهم وتفوض غليه حربهم وتأمره في عهدك ووصيتك إياه بلزوم أمرك ما لزمه الحزم وخلاف نهيك إذا خالفه الرأي عند استحالة الأمور واشتداد الأحوال التي ينقض أمر الغائب عنها ويثبت رأي الشاهد لها فإنه إذا فعل ذلك فواثب أمرهم من قريب وسقط عنه ما

ص: 239

أتي من بعيد تمت الحيلة وقويت المكيدة ونفذ العمل وأحد النظر إن شاء الله.

قال الفضل بن العباس: أيها المهدي إن ولي الأمور سائس الحروي ربما حي جنوده وفرق أمواله في غير ما ضيق أمر حزبه لا ضغطه حال اضطرته فيقعد عند الحاجة إليها وبعد التفرقة لها عديمها منها فاقداً لها ولا يثق ولا يصول بعدة ولا يفزع إلى ثقة فالرأي لك أيها المهدي وفقك الله أن تعفي خزائنك من الإجابة إلى ما يطلبون والعطاء لما يسألون فيفسد عليك أدبهم وتجريء من رعيتك غيرهم ولكن أغرهم بالحيلة وقاتلهم بالمكيدة وصارعهم باللين خاتلهم بالرفق وأبرق لهم بالقول أرعد نحوهم بالفعل وأبعث البعوث وجند الجنود وكتب الكتائب واعقد الألوية وانصب الرايات وأظهر إنك موجه إليهم الجيوش مع أخنق قوادك عليهم وأسوئهم أثراً فيهم ثم ادسس الرسل وأثبت الكتب وضع بعضهم على طمع من وعدك وبعضاً على خوف من عيدك وأوقد بذلك وأشباهه نيران التحاسد فيهم واغرس أشجار التنافس بينهم حتى تملأ القلوب نمن الوحشة وتنطوي الصدور على البغضة ويدخل كلاً من كل الحذر والهيبة فإن مرام الظفر بالعيلة والقتال بالحيلة والمناصبة والكتب والمكايدة بالرسل والمقارعة بالكلام اللطيف المدخل في القلوب القوي الموقع من النفوس المعقود بالحجج الموصول بالحل المبني على اللين الذي يستميل القلوب ويسرق العقول والآراء ويستميل الأهولاء ةويستجعي المواتاة انفذ من القتال بظبات السيوف وأسنة الرماح كما أن الوالي الذي يستنزل طاعة رعيته بالحيل ويفرق كلمة عدوه بالمكايدة أحكم عملاً وألطف منظراً وأحسن سياسة من الذي لا ينال ذلك إلا بالقتال ولإتلاف للأموال والتغرير والخطار

ص: 240

وليعلم المهدي إنه إن وجه لقتالهم رجلاً لم ير لقتالهم إلا بجنود كثيفة تخرج عن حال شديدة وتقدم على أسفار ضيقة وأموال متفرقة وقواد غششة إن ائتمنهم استنفدوا ماله وإن استنصحهم كانوا عليه لا له.

قال المهدي هذا رأي قد أسفر نوره وأبرق ضوءه وتمثل صوابه للعيون ومجد حقه في القلوب ولكن (وَفَوْقَ كُلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)[يوسف: 76] ثم نظر ابنه علي فال ما تقول قال علي: أيها المهدي إن أهل خراسان لم يخلعوا عن طاعتك ولم ينصبوا من دونك أحداً يقدح في تغيير ملكك ويريض الأمور لفساد دولتك ولو فعلوا لكان الخطب أيسر والشأن أصغر والحال أدل لأن الله مع حقه الذي لا يخذله وعند موعده الذي لا يخلفه ولكنهم قوم من رعيتك وطائفة من شيعتك الذي جعلك الله عليهم والياً وجعل العدل بينك وبينهم حاكماً طلبوا حقاً وسألوا إنصافاً فإن أجبت إلى دعوتهم ونفست عنهم قبل أن يتلاحم منهم حال أو يحدث من عندهم فتق أطعت أمر الرب واطفأت ثائرة الحرب ووفرت خزائن المال وطرحت تغرير القتال وحمل الناس محمل ذلك على طبيعة وسجية حلمك وأشجاع خليفتك ومعدلة نظرك فأمنت أن تنسب إلى ضعف وأن يكون فيما بقي دربة وإن منعتم ما طلبوا ولم تجبهم إلى ما سألوا اعتدلت بك وبهم الحال وساويتهم في ميدان الخطاب فما أرب المهدي أن يعمد إلى طائفة من رعيته مقرين بمملكته مذعنين بطاعته لا يخرجون أنفسهم عن قدرته ولا يبرؤنها من عبوديته فيملكهم أنافسهم ويخلع نفسه عنهم ويقف على الحيل معهم ثم يجازيهم السوء في حد المنازعة ومضمار المخاطرة أيريد المهدي وفقه الله الأموال فلعمري لا ينالها ولا يظفرها إلا بإنفاق أكثر منها مما يطلب منهم وأضعاف ما يدعي قبلهم ولو نالها فحملت إليه أو وضعت بخرائطها بين يديه ثم تجافى لهم عنها وطال عليهم لها لكان مما إليه ينسب وبه يعرف من الجود

ص: 241

الذي طبه الله عليه وجعل قرة عينه ونهمة نفسه فيه فإن قال المهدي هذا رأيٌ مستقيم سديد في أهل الخراج الذين شكوا ظلم عمالنا وتحامل ولاتنا فأما الجنود الذين نقضوا مواثيق العهود انطقوا لسان الإرجاف وفتحوا باب المعصية وكسروا قيد الفتنة فقد ينبغي لهم أن أجعلهم نكالاً لغيرهم وعظة لسواهم فيعلم المهدي أنه لو أتى بهم مغلولين في الحديد مقرنين في الأصفاد ثم اتسع لحقن دمائهم عفوه والإقالة عثرتهم صفحة واستبقاهم لما هم فيه من حزبه أو من بإزائهم من عدوه لما كمان بدعاً من رأيه ولا مستنكراً من نظره لقد علمت العرب أنه أعظم الخلفاء والملوك عفواً وأشدها وقعاً وأصدقها أصوله وأنه لا يتعاظمه عفو ولا يتكادءه صفح وإن عظم الذنب وجل الخطب فالرأي للمهدي وفقه الله تعالى أن يحل عقدة الغيظ بالرجاء لحسن ثواب الله في العو عنهم وأن يذطر أولى حالاتهم وضيعة عيالاتهم برأيهم وتسعاً لهم فإنهم إخوان دولته وأركان دعوته وأساس حقه الذين بعوزتهم يصول وبحجتهم يقول وإنما مثلهم فيما دخلوا من مساخطه وتعرضوا له من معاصيه وانطووا فيه عن إجابته ومثله في قلة ما غير ذلك من رأيه فيهم أو نقل حاله لهم أو تغير من نعمته بهم كمثل رجلين أخوين متناصرين متوازرين أصاب أحدهما خبلٌ ولهوٌ حادث فنهض إلى أخيه بالأذى وتحامل عليه بالمكروه فلم يزدد أخوه إلا رقة ولطفاً به واحتيالاً لمداواة مرضه ومراجعة حاله عطفاً عليه وبراً به ومرحمة له.

فقال المهدي أما علي فقد كوى سمت اللبان وفض القلوب في أهل خراسان (لّكُلّ نَبَإٍ مّسْتَقَرّ)، [الأنعام: 67] فقال ما ترى يا أبا محمد يعنى موسى ابنه.

فقال موسى:

أيها المهدي لا تسمكن إلى حلاوة ما يجري من القول على ألسنتهم وأنت ترى الدماء تسيل من خلال فعلهم الحال من القوم ينادي بمضمرة شر وخفية

ص: 242

حقد قد جعلوا المعاذير عليها ستراً اتخذوا العلل من دونها حجاباً رجاء أن يدافعوا الأيام بالتأخر والأمور بالتطويل فيكسروا حيل المهدي فيهم ويفنوا جنوده عنهم حتى يتلاحم أمرهم وتتلاحق مادتهم وتستفحل حربهم وتستمر الأمور بهم والمهدي من قولهم في حال غرة ولباس آمنة قد فتر لها وأنس بها وسكن غليها ولولا ما اجتمعت به قلوبهم وبردت عليه جلودهم من المناصبة بالقتال والإضمار للقراع عن داعية ضلال أو شيطان فساد لرهبوا عواقب أخبار الولاء وغب سكون الأمور فليشدد المهدي وفقه الله أزره لهم ويكتب كتائبه نحوهم وليضع الأمر على أشج ما يحضره فيهم وليوقن أنه لا يعطيهم خطة يريد بها صلاحهم إلا كانت دربة إلى فسادهم وقوة الذين أقرهم وتلك العادة وأجراهم على ذلك الأرب ولم يبرح في فتق حادث وخلاف حاضر ولا يصلح عليه دين ولا ستقيم به دنيا وإن طلب تغييره بعد استحكام العادة واستمرار الدربة لم يصل إلى ذلك إلا بالعقوبة المفرطة والمؤونة الشديدة والرأي للمهدي وفقه الله أن لا يقيل عثرتهم ولا يقبل معذرتهم حتى تطأهم الجيوش وتأخذهم السيول ويستحر بهم القتل ويحدق بهم البلاء ويطبق عليهم الذل فإن فعل المهدي ذلك كان مقطعة لكل عادة سوء فيهم وهزيمة لكل بادرة شرفيهم واحتمال المهدي في مؤونة غزوتهم هذه تضع عنه غزوات كثيرة ونفقات عظيمة.

قال المهدي قد قال القوم فاحكم يا أبا الفضل.

فقال العباس بن محمد: أيها المهدي أما (الموالي9 فأخذوا بفروع الرأي وسلكوا جنبات الصواب وتعدوا أموراً قصر بنظرهم عنها وأه لم يأت تجاربهم عليها وأما (الفضل) فأشار بالأموال أن لا تنفق والجنود أن لا تفرق وبأن لا يعطي القوم ما طلبوا

ص: 243

ولا يبذل لهم ما سألوا وجاء بأمر بين ذلك استصغاراً لأمرهم واستهانة بحربهم وإنما يهيج جسيمات الأمور صغارها وأما (علي) فأشار باللين وإفراط الرفق وإذا جرد الوالي لمن غمط أمره وسفه حقه اللين بحتاً والخير محضاً لم يخلطهما بشدة تعطف القلوب عن لينة ولا بشر يحسبهم إلى خيره فقد ملكهم الخلع لعذرهم ووسع لهم الفرجة لثني أعناقهم فإن أجابوا دعوته وقبلوا لينه من غير خوف اضطرهم ولا شدة فنزوة في رؤوسهم يستدعون بها البلاء إلى أنفسهم ويستصرخون بها رأي المهدي فيهم وإن لم يقبلوا دعوته يسرعوا لإجابته باللين المحض والي الصراح فذلك ما عليه الظن بهم والرأي فيهم وما قد يشبه أن يكون من مثلهم لأن الله تعالى خلق الجنة وجعل فيها من النعيم المقيم والملك الكبير مال لا يخطر على قلب بشر ولا تدركه الفكر ولا تعلمه نفس ثم دعا الناس إليها ورغبهم فيها فلولا أنه خلق ناراً جعلها لم رحمة يسوقهم بها إلى الجنة لما أجابوا ولا قبلوا وأما (موسى) فأشار بأن يعصبوا بشدة لا لين فيها وأن يرموا بشر ولا خير معه وإذا أضمر الوالي لمن فارق طاعته وخالف جماعته الخوف مفاداً والشر مجرداً ليسعهما طمع ولا لين بثنيتهم اشتت الأمور بهم وانقطعت الحال منهم إلى أحد أمرين إما أن تدخلهم الحمية من الشدة والأنفة من الذلة والامتعاض من القهر فيدعوهم ذلك إلى التمادي في الخلاف والاستبسال في القتال والاستسلام للموت وإما أن ينقادوا بالكره ويذعنوا بالقهر على بغضة لازمة وعداوة باقية تورث النفاق وتعب الشقاق فإذا أمكنتهم فرصة أو ثابت لهم قدرة أو قويت لهم حال عاد أمرهم إلى اصعب وأغلظ وأشده مما كان.

وقاتل في قول الفضل: أيها المهدي أكفى دليل أوضح برهان وأبين خبر بأن فد أجمع رأيه وحزم نظره على الإرشاد ببعثة الجيوش إليهم وتوجيه

ص: 244

البعوث نحوم مع إعطائهم ما سألوا من الحق وإجابتهم إلى ما سألوه من العدل.

قال المهدي ذلك رأي.

قال هارون ما خلطت الشدة أيها المهدي باللين فصارت الشدة أمر فطام لما تكره وعاد اللين أهدى قائد إلى ما تحب ولكن أرى غير ذلك.

قال المهدي لد قلت قولاً بديعاً وخالفت فيه أهل بيتك جميعاً والمرء مؤتمن بما قال وظنين بما ادعى حتى يأتي بينة عادلة وحجة ظاهرة فاخرج عما قلت.

أيها المهدي إن الحرب خدع والأعاجم قوم مكرة وربما اعتدلت الحال بهم واتفقت الأهواء منهم فكان باطن ما يسرون على ظاهر ما يعلنون وربما اقترفت الحالان وخالف القلب اللسان فانطوى القلب على محجوبه تبطن واستسر بمدخوله لا تعلن والطبيب الرفيق بطبه البصير بأمره العالم بمقدم يده وموضع مسيمه لا يتعجل بالدواء حتى يقع على معرفة الداء فالرأي للمهدي وفقه الله أن يفر باطن أمرهم فر المسنة ويمخض ظاهر حالهم مخض السقاء متابعة الكتابة ومظاهرة الرسل وموالاة العيون حتى تهتك جب عيونهم وتكشف أغطية أمورهم فإن انفرجت الحال وأفضت الأمور به إلى تغيير حال أو داعية ضلال اشتملت الأهواء عليه وانقاد الرجال إليه وامتدت الأعناق نحو يدين يعتقدونه وأثم يستحلونه عصبهم بشد لا لين فيها ورماهم بعقوبة لا عفو معها وإن انفرجت العيون واهتصرت الستور ورفعت الحجب والحال فيهم مريعة والأمور بهم معتدلة في مناصحتهم فالرأي للمهدي وفقه الله أن يتسع لهم بما طالبوا ويتجافى لهم عما كرهوا ويشعب من أمهم ما صدعوا من فتقهم ما قطعوا ويولي عليهم من أحبوا ويداوي

ص: 245

بذلك مرض قلوبهم وفساد أمورهم فإنما المهدي وأمته وسواد أهله مملكته بمنزلة الطبيب الرفيق والوالد الشفيق والراعي المجر الذي يختال لمرابض غنمه وضوال رعيته حتى يبرئ المريضة من داء علتها ويرد الصحيحة إلى انس جماعتها، ثم إن خراسان بخاصة الذين لهم دالة محمولة وماتة مقبولة ووسيلة معروفة وحقوق واجبة لأنهم أيدي دولته وسيوف دعوته وأنصار حقه وأعوان عدله فليس من شأن المهدي الاضطعان عليهم ولا المؤاخذة لهم ولا التوغير بهم ولا المكافأة بإساءتهم لأن مبادرة حسم الأمور ضعيفة قبل أن تقوى ومحاولة قطع الأصول ضئيلة قبل أن تغلط أحزم في الرأي وأصح في التدبير من التأخير لها والهاون بها حتى يلتئم قليلها بكثيرها وتجتمع أطرافها إلى جمهورها.

قال المهدي ما زال هارون يقع وقع الحيا حتى خرج خروج القدح من الماء وانسل انسلال السيف فيما ادعى فدعوا ما سبق موسى فيه فإنه هو الرأي وثنى بعد هارون ولكن من لأعنة الخيل وسياسة الحر وقادة الناس إن أمعن بهم اللجاج وأفرطت بهم الدالة.

قال صالح: لسنا نبلغ أيها المهدي بدوم البحث وطول الفكر أدنى فراسة رأيك وبعض لحظات نظرك وليس ينقض عنك من بيوتات العرب ورجال العجم ذو دين فاضل ورأي كامل وتدبير قوي تقلده حربك وتستودعه جندك ممن يحتمل الأمانة العظيمة ويضطلع بالأعباء الثقيلة وأنت بحمد الله ميمون النقيبة مبارك العزيمة مخبور التجارب محمود العواقب معصوم العزم فليس يقع اختيارك وزلا يقع نظرك على أحد توليه أمرك وتسند إليه ثغرك إلا أراك لله ما تحب وجمع لك منه ما تريد.

قال المهدي إني لأرجو ذلك لقديم عادة الله فيه وحسن معونته عليه ولكني أحب الموافقة على الرأي والاعتبار للمشاورة فالأمر المهم.

ص: 246

قال محمد بن الليث:

أهل خراسان أيها المهدي قوم ذوو عزة ومنعة وشياطين خدعة زروع الحمية فهم نابتة وملابس الأنفة عليهم ظاهرة فالروية عنهم عازية والعجلة عنهم حاضرة تسبق سيولهم مطرهم وسيوفهم عذلهم لأنهم بين صفة لا يعدو مبلغ عقولهم منظر عيونهم وبين رؤساء لا يلجمون إلا بشدة ولا يفطمون إلا بالمر وإن ولي المهدي عليهم وضيعاً لم تنقد له العظماء وإن ولي أمرهم شريفاً تحمل عليه الضعفاء وإةن أخر المهدي أمرهم ودافع حربهم حتى يصيب لنفسه من حشمه ومواليه وأو بني عمه أو بني أبيه ناصحاً يتفق عليه أمرهم وثقة تجتمع له أملاؤهم بلا أنفة تلزمهم ولا حمية تدخلهم ولا مصيبة تنفرهم تنفست اليان بهم وتراخت الحال بأمرهم فدخل بذلك من الفساد الكبير والضياع لعظيم ما لا يتلافاه صاحب هذه الصفة وإن جد ولا يستصلحه وإن جهد إلا بعد دهر طويل وشر كبير وليس المهدي وفقه الله فاطماً عاداتهم ولا قارعاً صفاتهم ويمثل أحد رجلين لا ثالث لهما ولا عدل في ذلك بهما: أحدهما لسان ناطق موصول بمسمعك ويد ممثلة لعينك وصخرة لا تزعزع وبهمة لا تثنى وبازل لا يفزعه صوت الجلجل نقي العرض نزيه النفس جليل والخطر قد اتضعت الدنيا عن قدره وسما نحو الآخرة بهمته فجع الغرض الأقصى لعينه نصبا والغرض الأدنى لقدمه موطئاً فليس يقبل عملاً ولا يتعدى أملاً وهو رأس مواليك وأنصح بني أبيك رجل قد غذي بلطيف كرامتك ونبت في ظل دولتك ونشأ على قوائم أدبك فإن قلدته أمرهم وحملته ثقلهم وأسندت إليه ثغرهم كان قفلاً فتحه أمرك وباباً أغلقه نهيك فجعل العدل عليه وعليهم أميراً والإنصاف بينه وبينهم حاكماً وإذا حكم المنصفة وسلك المعدلة فأعطاهم ما لهم وأخذ منهم ما عليهم غرس في الذي لك بين صدورهم وأسكن لك في السويداء داخل قلوبهم طاعة راسخة العروق باسقة الفروع متماثلة فيحول شيء عوامهم متمكنة من قلوب

ص: 247

من غيضك أو نبعة من أورمتك فتي السن كهل الحلم راجح العقل محمود الصرامة مأمون الخلاف يجرد فيهم سيفه ويبسط عليهم خيره بقدر ما يستحقون وعلى حسب ما يستوجبون وهو فلان أيها المهدي: فسلطة أعزك الله عليهم ووجهه بالجيوش إليهم ولا تمنعك ضراعة سنة وحداثة مولده فإن الحلم والثقة مع الحداثة خير من لشك والجهل مه الكهولة وإنما أحداثكم أهل البيت فيما طبعكم الله عليه واختصكم به من مكارم الأخلاق لأخذ الصيد بلا تدريب والعارفة لوجوه النفع بلا تأديب فالحلم والعلم والعزم والحزم والجود والتؤدة والرفق ثابت في صدوركم مزروع في قلوبكم مستحكم لكم متكامل عندكم بطبائع لازمة وغرائز ثابتة. قال معاوية بن عبد الله: فتاء أهل بيتك المهدي في الحلم على ما ذكر وأهل خراسان في حال عز على ما وصف: ولكن إن ولى المهدي عليهم رجلاً ليس بقديم الذكر في الجنود ولا نبيه الصوت في لحروب ولا بطويل التجربة للأمور ولا بمعروف السياسة للجيوش والهيبة في الأعداء داخل ذلك أمران عظيمان وخطران مهولان أحدهما أن الأعداء يغتمرونها منه ويحتقرونها فيه ويجترئون بها عليه في النهوض به والمقارعة له والخلاف عليه قبل الاختبار لأمره والتكشف لحاله والعلم بطباعه ولأمر الآخر أن الجنود التي يقود والجيوش التي يسوس إذا لم يختبروا منه البأس والنجدة وبم يعرفوه بالصيت والهيبة انكسرت شجاعتهم وماتت نجدتهم واستأخرت طاعتهم إلى حين اختيارهم ووقوع معرفتهم وبنا وقع البوار قبل

ص: 248

الاختيار، وبباب المهدي وفه الله رجل مهيب نبيه حنيك صيت له نسب زاك وصوت عال قد قاد الجيوش وساد الحروب وتآلف أهل خراسان واجتمعوا عليه بالمقة ووثقوا به كل الثقة فلولا ولاه المهدي أمرهم لكفاه شرهم قال المهدي جانبت قصد الرمية وأبيت إلا عصبية إذا رأى الحدث من أهل بيتنا كرأي عشرة حلفاء من غيرنا ولمتن أين تركتم ولي العهد.

قالوا: لم يمنعنا من ذكره إلا كونه شبيه جده ونسيج وده ومن الدين وأهله بحي يقصر القول عن أدنى فضله وكن وجدنا الله عز وجل حجب عن خلقه وستر دون عباده علم ما تختلف به الأيام ومعرفة ما تجري عليه المقادير من حوادث الأمور وريب المنون المخترمة لخوالي القرون ومواضي الملوك فكرهنا شسوعه ن محله الملك ودار السلطان ومقر الإمامة والولاية وموضع المدائن والخزائن ومستقر الجنود ومعدن الجود ومجمع الأموال التي جعلها الله قطباً لدار الملك ومصيدة لقلوب الناس ومثابة لإخوان الطمع وثوار الفتن وداعي البدع وفرسان الضلال وأبناء الموت لقلوب الناس ومثابة لإخوان الطمع وثوار الفتن ودواعي البدع وفرسان الضلال وأبناء الموت وقلنا إن وجه المهدي ولي عهده فحدث في جيوشه وجنوده ما قد حدث بجنود الرسل من قبله لم يستطع المهدي أن يعقبهم بغيره إلا أن ينهد إليهم بنسفه وهذا خطر عظيم وهول شديد إن تنفست الأيام بمقامة واستدارت الحال بإمامه حتى يقع عوض لا يستغنى عنه أو يحدث أمر لابد منه صار ما بعد ما هو أعظم وأجل خطراً له تبعاً وبه متصلاً.

قال المهدي: الخط ب أيسر مما تذهبون إليه وعلى غير ما تصفون الأمر عليه نحن أهل البيت نجري من أساليب القضايا ومواقع الأمور على سابق من

ص: 249

العلم ومحتوم من الأمر قد أنبأت به الكتب ونبأت عليه الرسل وولي عهد عقبي بعدي أن يقود إلى خراسان البعوث ويتوجه نحوها بالجنود أما الأول فإنه يقدم إليهم رسله ويعمل فيهم حيله ثم يخرج نشطاً حنقاً عليهم يريد أن لا يدع أحداً من إخوان الفتن ودواعي البدع وفرسان الضلال إلا توطأة بحر القتل والبسه قناع القهر وقلده طوق الذل ولا أحد من الذين عملوا في قص جناح الفتنة وإخماد نار لبدعة ونصرة ولاة الحق إلا أجرى عليهم ديم فضله وداول نهله فإذا خرج مزمعاً بع مجمعاً عليه لم يسر إلا قليلاً حتى تأتيه أن قد عملت محيلة وكدحت كتبه ونفذت مكايده فهدأت نافرة القلوب وقعت طائرة الأهواء واجتمع عليه المختلفون بالرضى فيميل نظراُ لهم وبراً بهم وتعطفاً عليهم إلى عدو قد أخاف سبيلهم وقطع طريقهم ومنع حجاجهم بين اله الحرام وسلب تجارهم رزق الله الحلال وأما الآخر فإنه يوجع إليهم ثم تعتقد له الحجة عليهم بإعطاء ما يطلبون وبذل ما يسألون فإذا سمحت الفرق بقراباتها له وجنح أهل النواحي بأعناقهم نحوه فأضعت إليه الأفئدة واجتمعت له الكلمة وقدمت عليه الوفود قصد الأول ناحية نجعت بطاعتها وأفت بأزمتها عليهم بالرمة فاتقى فيهم ناحية وأنزلها ظل كرامته ولا فرقة قاصية إلا دخلت عليها بركته ووصلت إليها منفعته فأغنى فقيرها وجبر كسيرها ورفع وضيعها وزاد رفيعها ما خلا ناحيتي ناحية يغلب عليها الشقاء وتستمليهم الأهواء فتستخف بدعوته وتبطئ عن إجابته وتتثاقل عن حقه فتكون آخر من يبعث وأبطا من يوجه فيصطلي عليها موجودة ويبتغي لها علة لا يبث أن يجد بحق يلزمهم وأمر يجب عليهم فتستلحمهم الجيوش وتأكلهم السيوف ويستحر بهم القتل ويحيط بهم الأسر ويفنيهم التتبع حتى يخرب البلاد ويوتم الأولاد وناحية لا يبسط لهم أماناً ولا يقبل لهم عهداً

ص: 250

ولا يجعل لهم ذمة لأنهم أول من فتح باب الفرقة وتدرع جلباب الفتنة وربض في شق العصا ولكنه يقتل أعلامهم ويأسر قوادهم ويطلب هربهم في لجج البحار وقلل الجبال وحميل الأدوية وبطون الأرض تقتيلاً وتغليلاً وتنكيلاً حتى يدع الديار خراباً والنساء أيامى، وهذا أم لا نعرف له في كتبنا وقتاً ولا نصحح منه غير ما قلنا تفسيراً وأما موسى ولي عهدي فهذا أو أن توجه إلى خراسان وحلوله بجرجان وما قضي الله له من الشخوص إيها والمقام فيها خير للمسلمين مغبة له بإذن الله عاقبة من المقام بحيث يغمر في لجج بحورنا ومدافع سيولنا ومجاميع أمواجنا فيتصاغر عظيم فضله ويتدأب مشرق نوره ويتقلل كثير ما هو كائن منه فمن يصحبه من الوزراء ويختار له من الناس.

قال محمد بن الليث:

أيها المهدي إن ولي عهدك أصبح لأمتك وأهل ملتك علماً قد تثنت نحوه أعناقها ومجت سمته أبصارها وقد كان لقرب داره منك ومحل جواره لك عطل الحال غفل الأمر واسع العذر فأما إذا انفرد بنفه وخلا بنظره وصار إلى تدبيره فإن من شأن العامة أن تتفقد مخارج رأيه وتستنصت لمواقع آثاره وتسأل عن حوادث أحواله في بره ومرحمته وإقساطه ومعدلته وتدبير سياسته ووزرائه وأصحابه ثم يكون ما سق إليهم أغلب الأشياء عليهم وأملك الأمور بهم وألزمها لقلوبهم وأشدها استمالة لرأيه وعطفاً لأهوائهم فلا يفتأ المهدي وفقه الله ناظراً له فيما يقوي عمد مملكته ويسدد أركان ولايته وتستجمع رضاء أمته هو أزين لحاله وأظهر لجماله وأفضل مغبة لأمه وأجل موقعاً في قلوب رعيته وأحمد حالاً في نفوس ملته ولا أدفع مع ذلك باستجماع الأهواء له وأبلغ في استعطاف القلوب عليه من مرحمة تظهر من فعله ومعدلة تنتشر عن ثر ومحبة للخير وأهله وأن يختار المهدي وفقه الله من خيار أهل كل

ص: 251

مصر أقواماً تسكن العامة إليهم إذا ذكروا وتأنس الرعية بهم إذا وصفوا ثم تسهل لهم عمارة سبل الإحسان وفتح باب المعروف كما قد كان فتح له وسهل عليه.

قال امهدي صدقت ونصحت ثم بعث في ابنه موسى فقال: أي بني قد أصبحت لسمت وجوه العامة نصباً ولمثنى أعطاف الرعية غاية فحسنتك شاملة وإساءتك نائية وأمر ظاهر بتقوى الله وطاعته احتمل سخط الناس فيهما ولا تطلب رضاهم بخلافهما فإن الله عز وجل كفيك من أسخطه عليه إيثارك رضاه وليس بكافيك من يسخطه عليك إيثارك رضا من سواه، ثم اعلم أن الله تعالى في كل زمان فترة من رسله وبقايا من صفوة خلقه وخبايا لنصرة حقه يجدد حيل الإسلام بدعواهم ويشيد أركان الدين بنصرتهم ويتخذ لأولياء دينه أنصاراً وعلى إقامة عدله أعواناً يسدون الخلل ويقيمون الميل ويدفعون عن الأرض الفساد وأن أهل خراسان أصبحوا أيدي دولتنا وسيوف دعوتنا الذين نستدفع المكاره بطاعتهم ونستصرف نزول العائم بمناصحتهم وندافع ريب الزمان بعزائمهم ونزاحم ركن الدهر ببصائرهم فهم عناد الأرض إذا أرجفت لففها وخوف الأعداء إذا برزت صفحتها وحصون الرعية إذا تضايقت الحال بها وأذلت رقاب الجبرين ولم ينفكوا كذلك ما جروا مع ريح دولتنا وأقاموا فيظل دعوتنا واعتصموا بحبل طاعتنا التي أعز الله بها ذاتهم ورفع بها ضعتهم وجعلهم بها أرباباً في أقطار الأرض وملوكاً على رقاب العالمين بعد لباس الذل وقناع الخوف وإطباق البلا ومحالفة الأسى وجهد البأس والضر فظاهر عليهم لباس كرامتك وأنزلهم في حدائق نعمتك ثم اعرف لهم حق طاعتهم ووسيلة دالتهم ووماتة سابقتهم وحرمة مناصحتهم بالإحسان إليهم والتوسعة عليهم والإثابة لمحسنهم والإقالة لمسيئهم

ص: 252