الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإلفة فلأمر ما جدع قصير أنفه ولو لم تلقي إلي القياد لعاينت مني ما دونه خرط القتاد ولكن لا حرج عليك ولا ضير فإنك اخترت الصلح والصلح خير وكيف جعلت العتاب شرطاً بين الأحباب أو ما سمعت قول بعض أولي الألباب.
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
…
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبهُ
وإن أنت لم تشرب مراراً على القذى
…
ظمئتَ وأيُّ الناس تصفو مشاربهُ
وهأنا رادة إليك عوائد إحساني وموائد جودي وامتناني فقري عيني وطيبي نفساً وتيهي ابتهاجاً وأنساً وأبشري ببلوغ الوطر وزوال البؤس والخطر فسجدت الأرض شكراً وهامت نشوة وسكراً وتهلل وجهها سروراً وامتلأت طرباً وحبوراً.
"
مناظرة بين فصول العام لابن حبيب الحلبي المتوفى سنة 401 ه
ـ"
(قال الربيع) أنا شاب الزمان وروح الحيوان وإنسان عين الإنسان أن حياة النفوس وزينة عروس الغروس ونزهة الأبصار ومنطق الأطيار عرف أوقاتي ناسم وأيامي أعياد ومواسم فيها يظهر النبات وتنشر الأموات وترد الودائع وتتحرك الطبائع ويمرح جنيب الجنوب ونزح وجيب القلوب وتفيض عيون الأنهار ويعتدل الليل والنهار كم لي عقد منظوم وطراز وشي مرقوم وحلة فاخرة وحلية ظاهرة ونجم سعد يدنى راعيه من الأمل وشمس حسن تنشدنا يا بعد ما بين برج الجدي والحمل عساكري منصورة وأسلحتي مشهورة فمن سيف غصن
مجوهر ودرع بنفسج مشهر ومفغر شقيق أحمر وترس بهار يبهر وسهم آس يرشق فينشق ورمح سوسن سنانه أزرق تحرسها آيات وتكتنفها ألوية ورايات بي تحمر من الورد خدوده وتهتز من البان قدوده ويخضر عذار الريحان وينتبه من النرجس طرفه الوسنان وتخرج لخبايا من الزوايا ويفتر ثغر الأقحوان قائلاً أنا ابن جلا وطلاع الثنايا.
إن هذا الربيع شيءٌ عجيب
…
يضحك الأرض من بكاء السماء
ذهبٌ حيثما ذهبنا ودرٌّ
…
حيث درنا وفضّة في الفضاء
(وقال الصيف) أنا الخلّ الموافق والصديق الصادق والطبيب الحاذق أجتهد في مصلحة الأحباب وأرفع عنهم كلفة حمل الثياب وأخفف أثقالهم وأوفر أموالهم وأكفيهم المؤونة وأجزل لهم المعونة وأغنيهم عن شراء الفرا وأحقق عندهم أن كل الصيد في جوف الفرا نصرت بالصبا وأتيت الحكمة في زمن الصبابي تتضح الجادة وتنضج من الفواكه المادة ويزهو البسر والرطب وينصلح مزاج العنب ويقوى قلب اللوز ويلين عطف التين والموز وينعقد حب الرمان فيقمع الصفراء ويسكن الخفقان وتخصب وجنات التفاح ويذهب عرف السفرجل مع هبوب الرياح وتسود عيون الزيتون وتخلق تيجان النارنج والليمون مواعدي منقودة وموائدي ممدودة الخير موجود في مقامي والرزق مقسوم في أيامي.
الفقير ينصاع بملء مده وصاعه والغني يرتع في ربع ملكه وأقطاعه والوحش تأتي زرافات ووحداناً والطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً.
مصيف له ظل ظليلٌ على الورى
…
ومنْ حلا طعماً وحللَ أخلاطاً
يعالج أنواع الفواكه مبدياً
…
لصحتها حفظاً يعجز بقراطا
(وقال الخريف) أنا سائق الغيوم وكاسر جيش الغموم وهازم أحزاب السموم وحادي نجائب السحائب وحاسر نقاب المناقب أن أصد الصدى وأجود بالندي وأظهر كل معنى جلي وأسمو (بالوسمي والولي) في أيامي تقطف الثمار وتصفو الأنهار من الأكدار ويترقرق دمع العيون ويتلون ورق الغصون طوراً يحاكي البقم وتارة يشبه الأرقم وحيناً يبدو في حلته الذهبية فيجذب إلى خلته القلوب الأبية وفيها يكفي الناس هم الهوام ويتساوى في لذة الماء الخاص والعام وتقدم الأطيار مطربة بنشيشها رافلة في الملابس المجددة من ريشها وتعصر بنت العنقود وتوثق في سجن الدن بالقيود على أنها ل تجترح إثماً ولم تعاقب إلا عدواناً وظلماً بي تطيب الأوقات وتحصل اللذات وترق النسمات وترمى حصى الجمرات وتسكن حرارة القلوب وتكثر أنواع المطعوم والمشروب كم لي من شجرة أكلها دائم وحملها النفع المعتدي لازم وورقها على الدوام غير زائل وقدود أغصانها تخجل كل رمح زابل.
إن فصل الخريف وافى إلينا
…
يتهادى في حلةٍ كالعروس
غيره كان للعيون ربيعاً
…
وهو ما بيننا ربيعُ النفوسِ
(وقال الشتاء) أنا شيخ الجماعة وربُّ البضاعة والمقابل بالسمع والطاعة أجمع شمل الأصحاب وأسدل عليهم الحجاب وأتحفهم بالطعام والشراب ومن ليس له بي طاقة أغلق من دونه الباب أميل إلى المطيع القادر المستطيع