الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
رواية ليلى الأخيلية مع الحجاج
"
قال بعضهم بينما كان الحجاج في مجلس ومعه عنبسة بن سعد العاصي غذ دخل الحاجب فقال امرأة بالباب فقال له الحجاج أدخلها فلما رآها الحجاج طأطأ رأسه حتى ظننت لأن ذقنه قد أصاب الأرض فجاءت حتى قعدت بين يديه فنظرت المرأة قد لأسنت حسنة الخلق ومعها جاريتان لها وإذا هي ليلى الأخيلية فسألها الحجاج عن نسبها فانتسبت له فقال لها يا ليلى ما أتى بك فقالت أخلاف النجوم وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهد وكنت لنا بعد الله الرفد فقال لها صفي لنا الفجاج: فقالت الفجاج مغبرة. والأرض مقشعرة والمبرك معتل وذو العيال مختل والهالك للقل والناس مسنتون رحمة الله يرجون وأصابتنا سنون مجحفة مبلطة لم تدع لنا هبعاً ولا ربعاً ولا عافطة ولا نافطة أذهبت الأموال ومزقت الرجال وأهلكت العيال ثم قالت إني قلت في الأمير قولاً: قال هاتي فأنشأت تقول:
أحجَّاجُ لا يفللْ سلاحك إنّما ال?
…
?منَايا بكفّ الله حيث يراها
أحجاج لا تعط العصاة مناهم
…
ولا الله يعطي للعصاة مناها
إذا هبط الحجاج أرضاً مريضةً
…
تتبَّع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الدّاء العضال الذي بها
…
غلامٌ إذا هزَّ القناة سقاها
سقاها فروّاها يشرب سجالهِ
…
دماء رجالٍ حيث مال حشاها
إذا سمع الحجاج رزّ كتيبةٍ
…
أعدّ لها قبل النُّزول قراها
أعدّ لها مصقولةً فارسيّة
…
بأيدي رجال يحلبون صراها
فما ولد الأبكارُ والعونُ مثله
…
ببحرٍ ولا أرض يجفّ تراها
قال: فلما قالت هذا البيت قال الحجاج قاتلها الله ما أصاب صفتي شاعر منذ دخلت العراق غيرها ثم التفت إلى عنبسة بن سعيد فقال والله إني لأعد للأمر عسى أن لايكون أبداً ثم التفت إليها فقال حسبك قالت غني قد
قلت أكثر من هذا قال حسبك ويحك حسبك ثم قال يا غلام اذهب إلى فلان فقل له اقطع لسانها فذهب بها فقال له يقول لك الأمير اقطع لسانها قال فأمر بإحضار الحجام فالتفتت ثكلتك أمك أما سمعت ما قال أنما أمرك أن تقطع لساني بالصلة فبعث إليه يستثبته فاستشاط الحجاج غضباً وهم بقطع لسانه وقال أرددها فلما دخلت عليه قالت: كاد "وأمانة الله" يقطع مقولي ثم أنشأت تقول:
حجّاج أنت الذي ما فوقه أحدٌ
…
إلا الخليفةُ والمستغفرُ الصّمد
حجاج أنتَ شهابُ الحربِ إن لقحتْ
…
وأنتَ للناس نورٌ في الدُّجى يقدُ
ثم أقبل الحجاج على جلسائه فقال: أتدرون من هذه قالوا لا والله أيها الأمير إنا لم نر قط أفصح لساناً ولا أحسن محاورة ولا أملح وجهاً ولا أرصن شعراً منها فقال هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجي من حبها ثم التفت إليها فقال أنشدينا يا ليلى بعض ما قال فيك توبة قالت نعم أيها الأمير الذي يقول:
وهل تبكينَ ليلى إذا متّ قبلها
…
وقام على قبري النّساء النّوائحُ
كما لو اصاب الموتُ ليلى بكيتها
…
وجاد لها دمعٌ من العين سافح
وأغبطُ من ليلى بما لا أناله
…
بلى كلّ ما قّرت به العين طائح
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمت
…
عليّ ودونيَ جندل وصفائح
لسلّمت تسليمَ البشاشة أوزقا
…
إليها صدّى من جانب القبر صائح
ثم قال لها سلي يا ليلى تعطي قالت أعط فمثلك أعطى فأحسن قال لك عشرون قالت زد فمثلك زاد فأجمل قال لك أربعون قالت زد فمثلك زاد فأكمل قال لك ثمانون قالت زد فمثلك زاد فتمم قال لك مئة واعلمي إنها غنم قالت معاذ الله أيها الأمير أنت أجود جوداً وأمجد مجداً وأورى زنداً من أن تجعلها غنماً قال فما هي ويحك يا ليلى قالت مائة من الإبل