الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو غفلة فإن هودا وصالحاً لم يقع منصوباً في جميع النسخ مع أنه معطوف على سليمان قطعا فلا بد من توهم أنّ من صدق سليمان بمعنى قوم سليمان حتى يعطف عليه المجرور بعد حذف المضاف، وقال: بعض الفضلاء لما اعتبر الحذف ليفيد ما هو المقصود من كثرة الأجر اعتبر المعنى ليكون قرينة على خصوص المحذوف، تمت السورة بحمد الله ومنه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ا-له وصحبه أجمعين.
سورة
القصص
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مكية) أي كلها وهو قول طاوس وعكرمة والقول الثاني قول مقاتل، وقيل: الآية المذكورة نزلت بين مكة والجحفة، وقال الداني في كتاب العدد حدثني محمد حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال: حدّثني عليّ بن الحسين عن أحمد بن موسى عن يحيى بن سلام قال: " بلغني أن النبئ صلى الله عليه وسلم حين هاجر نزل عليه جبريل عليه الصلاة والسلام بالجحفة وهو متوجه من مكة إلى المدينة فقال: أتشتاق يا محمد إلى بلدك التي ولدت فيها قال: نعم قال: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} الآية " وقوله وهي ثمان وثمانون آية أي بالاتفاق. قوله: (نقرؤه بقراءة جبريل) قال الراغب: التلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة تارة بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيه من أمر ونهي وترغيب وترهيب أو ما يتوهم فيه ذلك، وهو أخص من القراءة، اهـ فأشار المصنف رحمه الله إلى أن المراد الأوّل فليس تفسيرا بالأعمّ لكنه على الأوّل من الإسناد المجازي كبنى الأمير المدينة، وعلى الثاني هو مجاز لغوي إمّا مرسل باستعماله في لازم معناه أو سببه وهو التنزيل أو استعارة تبعية بتشبيه التنزيل بالقراءة لأنّ كلاً منهما طريق للتبليغ. قوله:(بعض نبئهما مفعول نتلو) جعل الحرف مفعولاً لا يوافق القواعد النحوية فإمّا أن يكون هذا ميلاً مع المعنى كما مرّ أو يكون المراد أنّ مفعول يتلو محذوف وهو شيئا ولما كان لجار والمجرور صفة له قائمة مقامه سماه مفعولاً تسمحاً كما جعلو! الظرف حالاً، والحال في الحقيقة متعلقة فرجع إلى ما ذكره أبو البقاء وغيره وقد جوّز في من أن تكون بيانية وزائدة على رأي الأخفش والنبأ بمعنى الخبر العظيم مرادا به لفظه فيكون متلواً من غير تجوّز. قوله:(محقين) بيان لحاصل المعنى أي ملتبسين بالحق فهو حال من فاعل نتلو ويجوز كونه حالاً من المفعول، والحق بمعنى الصدق أو صادقا. قوله:(لقوم يؤمنون) قال في الكشاف: لمن سبق في علمنا أنه يؤمن لأنّ التلاوة إنما ينتفع بها هؤلاء دون غيرهم يعني أنّ اللام للتعليل، وخص
المؤمنون مع عمومه لأنهم المنتفعون به ويؤمنون للاستقبال الشامل لجميع الأزمنة الثلاثة كما يكون بالنظر لزمان الحكم والتكلم على ما حقق في الأصول يجوز أن يكون بالنظر إلى علم القائل أيضاً فيشمل من آمن حالاً وليس كقوله: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [سورة البقرة، الآية: 20] كما قيل وفائدة الأخبار بقصص الأمم السابقة على لسان النبيّ الأميّ صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى تصديقه كما أشار إليه بعض المحققين فليس من عموم المشترك كما توهم، ولا حاجة إلى أن يقال المراد من يؤمن حالاً وغيره معلوم بدلالة النص كما مرّ. قوله:(فرقاً يشيعونه الخ) أي يتبعونه لأنّ أصل معنى المشايعة المتابعة فيفرقهم بعدد أنواعهم وعلى الوجه الثاني بعددهم باعتبار أعمالهم وخدماتهم له فقوله استخدامه مصدر مضاف للفاعل، ومن لم يستخدمه منهم ضرب عليه الجزية كما في الكشاف، ولم يذكره المصشف فكأنه عدّ أداء الجزية خدمة له ولجنده، وقوله أو أحزاباً فيفرقهم بالعداوة. قوله:(وهم بنو إسرائيل) فعدهم من أهلها تغليباً أو لأنهم كانوا به ويستضعف بمعنى يجعلهم ضعفاء مقهورين، وهو لحكاية الحال الماضية والاستئناف نحويّ أو بياني في جواب ماذا صنع بعد ذلك، وقوله: حال من فاعل ويجوز كونه من المفعول كما في الكشاف. قوله: (بدل منها) بدل اشتمال أو تفسير أو حال من فاعل يستضعف أو صفة لطائفة، وقوله وكان ذلك أي الذبح والاستحياء، وقوله: وان كذب فواجهه، وما قيل في وجهه من احتمال أن يصدّقه، ولكنه يرى أنه يقع ذلك إن لم يقتله أو يكذبه في بت القول من غير تعليقه
على عدم قتله بعيد لأنه ليس في القصة ما يدل عليه، وفي هذا دليل على أنّ قتل الأولاد لحفظ الملك شريعة فرعونية. قوله:(ونريد حكاية حال الخ) ولذا لم يقل أردنا وأمّا نمن فمستقبل بالنسبة للإرادة فلا حاجة لتأويله، وقوله من حيث الخ بيان للجامع بينهما بل للمقتضي له لأنّ البيان لا يتم بدونه فلا بدّ من دخولها فيه بالعطف أو بالقيدية، وأمّا عطفه على نتلو ويستضعف ففي الكشاف إنه غير سديد، ووجه بما حاصله أنه يلزم على الأوّل خروجه عن المتلو والنبأ وليس كذلك، وأمّا الثاني فلأنه حال من فاعل جعل أو مفعوله أو صفة شيعاً أو مستأنف وعلى الأوّلين هو ظاهر الامتناع وعلى الثالث أظهر إذ لا مدخل له في جواب مساغ على الوصفية، والمعنى جعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم، ونريد أن نمن عليهم منهم أي على الطائفة
من الشيع فاقيم المظهر مقام المضمر الراجع إلى الطائفة وحذف الراجع إلى الشيع للعلم به كأنه قيل يستضعفهم، ونريد أن نقوّيهم كما في جعله حالاً من مفعول يستضعف أي شيعا موصوفين بالاستضعاف وارادة المن على تلك الطائفة منهم بدفع الضعف، وأيضا العلم بهذه الصفة لم يكن حاصلاً كالاستضعاف المقيد بحال الإرادة وهذا مما يضعف هذين الوجهين، وأورد عليه أنّ للعطف عليه على تقدير كونه حالاً من المفعول مساغا أيضاف يعين ما ذكره فلا وجه للتخصيص بالوصفية واًنّ عدم حصول العلم بالصفة الثانية بعد تسليم لزومه مطلقا غير مسلم فإنّ سبب العلم بالأولى يجوز أن يكون سبباً للعلم بالثانية لأنه إمّا بالوحي السابق أو خبر أهل الكتاب، ولا اختصاص لواحد منهما بالأولى، وأيضا يجوز تخصيص جواز حالية ونريد الخ باحتمال الاستئناف أو الحالية في يستضعف دون الوصف فلا يكون مشترك الإلزام (أقول) هذا غير وارد، أمّا الأوّل فلأنّ كونه حالاً من المفعول أعني شيعا غير مذكور في الكشاف فلذا لم يلتفت إلى أنّ للعطف مساغا عليه، وأمّا الثاني فلأنّ كون الصفة معلومة صرّج به الزمخشريّ في مواضع من كتابه فيكفي الإيراد عليه بما هو مسلم عنده، وأمّا كون العلم بالأولى يستلزم العلم بالثانية بناء على أنّ سببه ما ذكر فليس كذلك لأنّ الاستضعاف مفسر بالذبح والاستحياء، وهو معلوم بالمشاهدة لا بما ذكر، وأحسن من هذا كله قول الفاضل اليمني إنّ عدم سداده لأنّ قوله إنّ فرعون الخ بيان لنبأ موسى وفرعون وما سبق نبأ فرعون فقط فتعين عطف، ونريد الخ بعد ادّعاء البيان ليكون بيانا لنبئهما مطابقاً للمبين، وهذا وجه لطيف لا تكلف فيه. قوله:(أو حال من يستضعف) أي من مفعوله بتقدير مبتدأ أي ونحن نريد لثلا تخلو الجملة الحالية من العائد وأنه بتقدير المبتدأ ليجوز التصدير بالواو، وفيه لف ونشر فلا سهو فيه لأنّ المفعول قائم مقامه ونحن ليس عبارة عن ذي الحال، وأمّا كون الاسمية يكفي في ربطها الوإو فيجوز كونه حالاً من الفاعل فمع الاختلاف فيه لا شبهة في استهجانه مع حذف المبتدأ، ولذا ضعف هذا الإعراب. قوله:(ولا يلزم من مقارنة الإرادة الخ) جواب عما يرد على الحالية من أنّ الحال الأصل فيها المقارنة، والمن واقع بعد استضعافهم بأنّ الحال ليس المن بل إرادته وهي مقارنة لجوان قدمها على المراد عندنا فتكون إرادته حالية بوقوع مراد في المستقبل، ولذا قيل إن نمن ولو سلم فتقارب الزمان له حكم المقارنة هذا كله إن لم تجعل حالاً مقدرة، وقوله منة الله أي إنعامه وقوله منه أي الاستضعاف. قوله:(لما كان في ملكه فرعون وقومه) الملكة بفتح الميم واللام التملك مطلقا هنا، وقال الراغب: إنها تختص بصلك العبيد وكأنّ الملكة المشهورة في قولهم
علم بالملكة مستعارة من هذه إذ لم يذكرها أهل اللغة وقولهم ملكة بكسر فسكون مع تاء التأنيث غلط، والمراد ما كان في أرضهم لا هي فلا يلزم التكرار، ولذا أتى بكلمة في أو يقال التمكن أمر آخر غير الوراثة بعدها، وقوله: أرض! مصر والشام زاد الشام، وان كانت الأرض المعهودة مصر لأنّ مقرّ بني إسرائيل الشام وتمكنهم فيها فلا وجه للاعتراض! عليه. قوله. (ثم استعير الخ) استعارة لغوية أو اصطلاحية وشاع حتى صار حقيقة عرفية ولذا ذكره اللغويون، وإطلاق الأمر أي جواز التصرف
والأمر واحد الأمور أو الأوامر. قوله: (من دّهاب ملكهم وهحهم على يد مولود منهم) بيان لما يحذرون ولا شبهة في أنه المحذور عندهم، وهو الذي خافوا منه بعد إخبار الكهان حتى حملهم على القتل كما مرّ، ولذا فسره الشيخان بما ذكر وأمّا كون ذلك مرئيا فإن كانت الرؤية بمعنى لمعرفة وهم قد عرفوا ذلك لما شاهدوه من ظهورهم عليهم، وطلوع طلائعه من طرق خذلانهم فظاهر، وان كانت بصرية وهو المناسب للبلاغة فالرؤية لمقدماته، وعلاماته جعلت رؤية له مبالغة وهذا مستفيض بينهم حتى يقال رأى موته بعينه وشاهد هلاكه كما قال بعض المتأخرين:
أبكاني البين حتى رأيت غسلي بعيني
أو المراد رؤيته وقت الهلاك فلا يرد أنهم لم يروا ما ذكر، وإنما الراتي له بنو إسرائيل وبقية ممن هلك حتى بقيت بظهور موسى لأنّ هذين ليسا مما أرواهم كما قيل مع أنه عين تمكينهم منهم فلا يناسبه عطفه عليه، وأمّا ردّه بأنّ الأبصار لا يتوقف على الحياة عندنا، أو المراد إراءة طلائعه أو تعريفه وأنّ الصواب أن يقول مما رأوه فناشئ من عدم التأمّل مع أنه حرّف عبارته إذ ظن أن هم في أرواهم مفعولاً ثانيا، وهو تأكيد لنائب الفاعل. قوله تعالى:( {وَجُنُودَهُمَا} ) الإضافة إليهما إمّا تغليبا أو كان لها من جند مخصوصون به، وأن كان وزيرا أو لأنّ جند السلطان جند لوزيره، والحذر التوقي مما يضرّ ولما كان الوحي للأنبياء عليهم الصلاة والسلام فسره بقوله بإلهام أو رؤيا منام صادقة قص فيها أمره وأوقع الله في قلبها تيقنه، أو بإخبار نبيّ في عصره لها أو برؤية ملك كما وقع لمريم إذ قد يراه غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قيل وقوله: إنا رادّوه الخ يأبى كونه إلهاً ما لأنّ البشارة تقتضي العلم به، وفيه نظر وأن في أن أرضعيه مصدرية أو مفسرة كما مرّ، وقوله ما أمكنك إخفاؤ. أي في مدة إمكانه، وقوله: بأن يحس به بأن يعرف ولادته وقوله يريد النيل لأنه يسمى بحرا وان غلب في غير العذب، وقوله ضيعة أي فقدا بذبحه أو غرقه، أو شدّة من عدم رضاعه في سن الرضاع وقوله عن قريب أخذه من اسم الفاعل لأنه حقيقة في الحال أو من السياق، والطلق بفتح فسكون وجع يعرض عند وضع الحمل، وضربه قرب حصوله وحبالى بفتح اللام جمع حبلى معروف،
وضميرها لها أي أفزعها للقابلة، والسعاية إبلاغ خبر يضرّ المخبر عنه لسلطان أو نحوه، وقوله فأرضعته أي أمّه لقوله أن أرضعيه، والمواليد جمع مولود والعيون الجواسيس والتفحص التفتيش والتابوت الصندوق، وقوله فقذفنه فاؤه فصيحة كماء فالتقطه أي وضعته فيه فتقذفته في البحر، والتقدير في النظم فعلت ما أمرت به من إرضاعه والقائه فالتقطه الخ أي أخذه أخذ اللقطة بعض أتباعه. قوله:(تعليل الخ) في كلامه احتمالان بأن يشبه كونه عدوّا وحزناً بما يكون غرضاً تشبيهاً مضمراً في النفس مكنياً، ويدخل عليه لام التعليل على طريق التخييل لكونه علة فتكون اللام مستعملة في معناها الحقيقي ففيه استعارة مكنية تخييلية، أو يشبه ترتب الشيء على شيء والغرض منه شيء آخر بالتعليل بعلة للفعل ويستعمل فيه أداته فيكون استعارة تبعية والى هذا ذهب الزمخشريّ حيث قال هي / لام كي التي معناها التع! ليل كقوله جئتك لتكرمني سواء بسواء، ولكن معنى لتعليل فيها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة لأنه لم يكن داعيهم إلى الالتماط أن يكون لهم عدوّا وحزنا، ولكن المحبة والتبني غير أنّ ذلك لما كان نتيجة التقاطهم شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله، وهو الإكرام الذي هو نتيجة المجيء والتأدب الذي هو ثمرة الضرب في قولك ضربته ليتأدب، وتحريره إنّ هذه اللام حكمها حكم الأسد حيث استعيرت لما يشبه التعليل كما يستعار الأسد لمن يشبه الأسد، اهـ فليس في طرفي كلامه تدافع كما توهم حتى يحتاج إلى تقدير أو تاويل، وأمّا كون لالتقاط الوجدان من غير قصد والتعليل يقتضي حقيقة القصد فوهم لأنّ الوجدان من غير قصد لا ينافي قصد أخذ ما وجد لغرض! ، ويحتمل تعلق اللام بمقدر أي قدرنا الالتقاط ليكون الخ فلا تجوز فيه، وقراءة حمزة والكسائي حزنا بضم فسكون والجمهور بفتحتين وهما لغتان. قوله:(في كل شيء) العموم من حذف المتعلق، أو المعنى من شأنهم الخطأ وليس ببدع أي مستغرب إشارة إلى أنّ هذه الجملة تذييلية واعتراضية كما سيصرّح به، وهو على هذا من الخطا في الرأي، وقوله: أو مذنبين أشار
إلى أنه من خطئ بمعنى أذنب، وفي الأساس يقال خطئ خطأ إذا تعمد الذنب،
وقد اختلف في خطئ وأخطأ هل هما بمعنى أو ينهما فرق بأنه يقال خطئ في دينه وأخطأ إذا سلك طريقاً خطأ عامدا، أو غير عامد وقد فصلناه في شرح الدرّة. قوله:(فالجمملة اعتراضى) بين المتعاطفين لتأكيد خطثهم المفهوم من قوله ليكون لهم عدوّا وحزناً فإنه استعارة تهكمية كما مرّ وهو على الوجه الأوّل كما؟ في شرح الكشاف، وتبعه المحشي وقيل: إنه على الوجهين لأنها تؤكد ذنبهم المفهوم من حاصل الكلام أيضاً، وقوله أو لبيان الموجب بكسر الجيم على الثاني خاصة لكن الظاهر أنه على هذا يكون جواب سؤال مقدر إن أريد بما ابتلوا به كونه عدوّا وحزناً فهو استئناف، وهو لا ينافي الاعتراض عندهم فإن أريد غيره فهو اعتراض فقط. قوله:(خاطين) أي بياء ساكنة، وقوله تخفيف خاطئين أي بإبدال همزه ياء وحذفها، و " قوله: أو - خاطين الصواب فليس مبدلاً بل هو من خطا يخطو بمعنى تخطي لتخطيه الصواب إلى ضدّه فهو مجاز، وهو يؤول إلى معنى القراءة الأولى لكن الوجه الأوّل أوفق لها لفظاً ومعنى. قوله:(حين أخرجتة) إشارة إلى ما في الكشاف من أنهم عالجوه فلم يتيسر فتحه لغيرها- على ما فصل فيه، وقوله هو قرّة الخ إشارة إلى أنه خبر مبتدأ محذوف، والظرف صفته لا مبتدأ خبره لا تقتلوه ولو نصب لكان قويا لكنه لم يقرأ به، وقوله لأنهما متعلق بقوله قالت: وعالجها أي داووها به أو وصفوه لها وعلاجهم لها بريقه لشبهه به، أو لظنهم أنه من جنسه لا من بني آدم وهذا لطف من الله به لإغفالهم عن قتله. قوله:(وفي الحديث إنه قاك. الخ، هذا الحديث رواه النسائيّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقوله ولو قال هو لي كما هو لك الخ هو أمر فرضي أي لو كان غير مطبوع على الكفر والعناد لشاهد ما شاهدته فكان دليلا على أنه يهتدي للإسلام، أو لو قاله خلق الله فيه أسباب الهداية. قوله: (خطاب بلفظ يلجمع) ! لثعظيم بناء عبى انّ المراد فرعون لا هو وأعوانه الحاضرون لعدم ما يدل عليه في النظم، وان رجحه بعضهم بما روي أنّ غواة قومه قالوا وقت إخراجه هذا هو الصبيّ الذي كنا نحذر منه فأدّن لنا في قتله، ولا هو ومن يخشى منه القتل، وإن لم يحضر على التغليب، وأمّا ما قيل من أنّ الجمع للتعظيم لا يوجد في كلام العرب الموثوق بهم لا في ضمير المتكلم كفعلنا وغيره من كلام المولدين،
فمما تفرد به الرضى وكل من ذكره تابع له وهو لا أصل له رواية ودرياة قال أبو عليّ الفارسيّ في فقه اللغة الصاحبي من سنن العرب مخاطبة الواحد بلفظ الجمع فيقال للرجل العظيم انظروا في أمري، وهكذا هو في سرّ الأدب، وخصائص ابن جنى ولولا خشية الإطالة لنقلناه مفصلَا، ثم إنه مجاز بليغ لا يلزم سماعه منهم وكم في القرآن من درّة عذراء مثله فلا تكن من المقلدين، ومخايل اليمن علامات البركة. قوله:(نتبناه) أي نتخذه ابناً فإنه لائق لتبني الملوك لما فيه من الأبهة وهذا من عطف الخاص على العامّ أو تعتبر بينهما المغايرة، وهو الأنسب بأو، وقوله حال من الملتقطين يعني آل فرعون، وقوله القائلة هي امرأة فرعون والمقول له المقدر فرعون عند المصنف وهو وأعوانه عند غيره فالمراد من الجمع اثنان على الأوّل، والخطا في التقاطه لتحقق خلاف ما التقط له وضميري نتخذه الفاعل والمفعول وهو على هذا من كلام آسية وفيما قبله من كلام الله، وقوله على الخطا الخ لف ونشر على الوجهين، وقوله على أنّ الضمير للناس يعني لا لذي الحال إذ يكفي للربط الواو، وقوله وقد تبنيناه أي اتخذناه ابناً جملة حالية في كلامه، ولا ينافي كون الحال منها في النظم لتقارنهما فتأمّل. قوله:(صفرا من العقل) أي خالياً منه لأنه محله المضاف إليه في القرآن كقوله تعالى: {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [سورة الحج، الآية: 46] وان كان مثتركا بينه وبين الرأس ودهمها بمهملات مع فتح الهاء وكرها بمعنى عرض لها بغتة، وقوله بوقوعه الخ لا ينافي قوله وقالت لأخته قصيه لأن تتبع الخبر ليعرف هل قتلوه أم لا وليتحقق ذلك لا ليعرف مكانه، وأمّا كون الواو لا تقتضي الترتيب فلا وجه له لأنّ تقديم المؤخر من غير نكتة لا يناسب في النظم إلا بلغ وقوله:{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} [سورة إبراهيم، الآية: 43] أي خالية من العقل كقول حسان رضي الله عته: فانت مجوف نخب هواء
قوله: (ويؤيله أنه قرئ فرغا) أي بكسر الفاء وسكون الراء المهملة والغين المعجمة وكلاهما قرى به والمعنى واحد، ووجه التأييد ظاهر لأنه استعارة لتشبيهه بقتيل لا قود ولا دية فيه
ومن هلك قلبه ذهب لبه وفيها قراآت أخر.
قوله: (أو من الهم) كما يقال فارغ البال، ولا يرد عليه عدم ملاءمته لما بعده من قوله لتكون من المؤمنين كما سياتي في تفسيره، وأما أنه بمقتضى الجبلة البشرية فلا يناسب قول
المصنف رحمه الله أو الفرح بتبنيه كما لا يخفى. قوله: (أو لسماعها الخ) هذا أيضا يلائم ما بعده لما سيأتي، ولا ينافي قوله: وقالت لأخته قصيه فتأمّل. قوله: (1 نها كادت الخ) إشارة إلى أنّ أن مخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة، وقيل إن نافية واللام بمعنى إلا وقوله بأمره، فهو بتقدير مضاف قيل وتعديه بالباء لتضميته معنى تصرّح أو هي زائدة ومعنى تبدي تظهر لأنه من البدوّ وهو الظهور، وفسره في الكشاف بتصحر بصماد وحاء مهملتين على أنه البادية والصحراء لا من البدوّ قال في الأساس ومن المجاز أصحر بالأمر وأصحره أي أظهره وكلام المصنف يحتمله فلا يحتاج إلى التضمين حيئذ، وقوله من فرط الضجر على التفسير الأوّل والوجه الأوّل من التفسير الثاني. قوله:(بالصبر أو الثبات) إشارة إلى أنّ الربط على القلب مجاز كما في قوله: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ} [سورة الأنفال، الآية: 11] وهذا ناظر إلى التفسيرين قبله، وقوله من المصدقين الخ وعد الله إنا رادّوه الخ، وقوله من الواثقين الخ الأوّل مبنيّ على أنّ فارغا بمعنى خالياً من العقل لفرط الجزع لولا أنّ الله ألهمها الصبر لتكون مصدقة بوعده، وهذا مبنيّ على أنّ المعنى فارغا من الهمّ فالمراد أنها كادت تظهر أمر موسى عليه الصلاة والسلام من الفرح، أو لإثبات قلبها ليكون فرحها للوثوق بوعده تعالى في حفظه لا لتبني فرعون، وعطفه عليه فإنه لا يرض الله فالإيمان على الأوّل بمعنى التصديق، وعلى هذا بمعنى الوثوق كما حكى أبو زيد ما أمنت أن أجد صحابة بمعنى وثقت فتدبر. قوله:(وقرئ موسى) أي بهمزة بدل الواو كان ينبغي تقديم هذا في تفسير فؤاد أمّ موسى، والهمزة المضمومة تبدل واواً باطرإد كوجوه وأجوه وهذه لضم ما قبلها أجريت مجرى المضمومة، وقوله همز واو وجوه بالنصب بهمزها أو بنزع الخافض أي كهمز واو الخ، وقوله وهو أي قوله لتكون الخ علة لربط القلب أي تقويته، وما دل عليه ما قبله أبدته وقوله مريم عطف بيان على أخته فإنه اسمها، وقوله وتتبعي خبره عطف تفسير لما قبله. قوله تعالى:( {فَبَصُرَتْ بِهِ} ) بضم الصاد أي أبصرته، وقرى بفتحها وكسرها في الشواذ وفاؤه فصيحة أي قصت فبصرت، وقوله عن جنب بضمتين في القراءة المشهورة، وفسره المصنف والزمخشريّ بالبعد، وقيل إنه صفة موصوف محذوف أي مكان جنب أي بعيد، وهو كأنه من الأضداد فإنه يكون بمعنى القريب كالجار الجنب، وقيل هو بمعنى الشوق هنا، وقوله عن جنب يحتمل أن يكون بفتحتين أو بفتح فسكون أو بضم فسكون فإنه قرى بها كلها والمعنى واحد وضمير بمعناه لجنب بضمتين أو لبعد. قوله:(ومنعناه) جعله
مجازاً إمّا استعارة أو مرسلا لأنّ من حرم عليه شيء فقد منعه لأنّ الصبيّ ليس من أهل التكليف، وحكمته أن يكون سبباً لعوده لأمّه ولئلا يرتضع لبن كافرة، ومرضع بضم الميم وكسر الضاد وترك التاء إمّا لاختصاصه بالنساء، أو لأنه بمعنى شخص مرضع ومرضع بفتح الميم مصدو ميمي، وجمع لتعدّد موادّه أو اسم موضع الرضاع وهو الثدي. قوله:(من قبل قصها) أو إبصارها أو ردّه أو قبل ذلك أي من أوّل أمره، وقوله فقالت أي دخلت مع المراضحع فقالت: وقولها على أهل بيت دون امرأة إشارة إلى أنّ المراد امرأة من أهل الشرف تليق بخدمة الملوك، وقوله لا يقصرون لأنّ النصح بمعناه المعروف لا يتأتى هنا، وقوله لما سمعه أي سمع قولها وهم لنا ناصحون، وقوله: فخذوها أي أمسكوها وضيقوا عليها حتى تقرّ وقولها إنما اردت الخ لأنّ كلامهما يحتمله في لغتهم، واختلاف مرجع الضمائر لا يختص بلغة العرب حتى يتكلف له تأويل وهذا، وإن كان كذباً جائز لدفع الضرر مع أنها غير معصومة، وقوله هل أدلكم معناه هل تريدون أن أدلكم وقوله وأجرى عليها أي أمر بأن يجري عليها النفقة، وقوله من أنت منه بمعنى من أنت في القرب منه نسباً ومن اتصالية، والكفالة تربية الصغير في الحجر، وقوله بولدها أي بلقائه، وقوله: يعلله بمعنى يلهيه. قوله: (علم مشاهدة البعض ما وعدها الله من ردّه وارساله والا فهي متيقنة لهما قبله، وحمل الزمخشريّ الوعد على كونه سيكون نبيا فحينئذ لا يحتاج لما ذكر، وقوله أنّ وعده حق أي لا يعرفون وعده ولا حقيته
أو لا يجزمون بما وعدهم لتجويزهم تخلفه وهو لا يخلف الميعاد، وقوله أو أنّ الغرض الخ هو ظاهر عند من يجوز تعليل أفعاله تعالى بالإغراض، إمّا عند من لا يجوّزه فقد تجوّز بإطلاق الغرض على ما يترتب على أفعاله من الحكم والمصالح، وكونه غرضاً أصليا يفهم من إعادة حرف التعليل معه فإنه يقتضي الاعتناء به وأهميته، وما سواه من قرّة عينها وذهاب حزنها لكونه أمرا دنيوياً تابع لعلمها بتحقق وعده، فإن قلت الذي يفيده الكلام إنما هو كون كل منهما كالغرض، أو غرضحا مستقلاً وأمّ تبعية غيره له لا سيما مع تقدمه عليه فلا قلت لما حذف حرف
العلة من الأوّل إشعارا بأنه غير مقصود بالتعليل، أفاد النظم أنه علة لذلك الأمر المعلل فكأنه قيل الردّ الذي قرّت به عينها لتعلم الخ فتدبر. قوله:(وفيه تعريض الخ) هو من التعبير بالمضارع فإنه يفهم أنها لم تتيقن ذلك في الماضي إذ لو كان كذلك لم يعرض لها خوف، وحيرة وفرط بتخفيف الراء بمعنى سبق وهذا جار على الوجهين، ولا يختص بالأوّل حتى يرد عليه أنّ الأولى ذكره عقبه. قوله:(مبلغه الذي لا يريد عليه نشؤه) المبلغ اسم زمان من البلوغ، وهو الانتهاء إلى حد النموّ وغايتة، ولهذا سمي سن الوقوف والنشء بوزن قفل، وقوله: وذلك من ثلاثين إلى أربعين أورد عليه أنه روي عن مجاهد أنّ بلوغ الأشد في ثلاث وثلاثين، والاستواء في الأربعين وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ الاً شدّ ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين إلى الأربعين وما ذكره المصنف رحمه الله لا يوافق شيئا منهما، وجوابه أنّ أصل معناه القوّة دون تعيين وهي تختلف باختلاف الأقاليم والإعصار والأحوال 4 ولذا وقع له تفاسير في كتب اللغة والتفسير بحسب القرائن والمقامات، وفي لسان العرب قال الزجاج هو من نحو سبعة عشر إلى الأربعين وقال: مرّة هو ما بين الثلاثين والأربعين انتهى، واختار الأخير المصنف هنا لموافقته لقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [سورة الأحقاف، الآية: 5 ا] لأنه يشعر بأنه منته إلى الأربعين وهي سن الوقوف فينبغي أن يكون مبدؤه مبدأه، وهو الثلاثون وقد صرّح به في سورة يوسف، ولذا يفسر تارة بسن البلوغ وغيره فلا إشكال فيه كما توهم. قوله:(فإنّ العقل الخ) تعليل لقوله وذلك الخ يعني أنّ الأشد هو الكمال والقوّة وقوّته بالثباب، وكماله بالعقل وهما يتمان في هذه المدة فلذا فسر به، وقوله وروي الخ في تخريج أحاديث الكشاف إنه لم يوجد في شيء من كتب الحديث ويؤيده ما في حق يحيى عليه الصلاة والسلام:{وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [سورة مريم، الآية: 12] فإنه فسر بالنبوّة وأنّ عيسى عليه الصلاة والسلام بعث في ثلاث وثلاثين ورفع في الأربعين ولعله إن صح أغلبيّ، والرأس الطرف ولو آخرا كما هنا وكما قد صرّحوا به، واستوى بمعنى كمل وتمّ وهو تأكيد وتفسير لما قبله ولذا عطف عليه، وقوله علم الحكماء تفسير للحكم والعلم. قوله: (وهو أوفق لنظم القصة الأنه إذا فسر العلم بالدين والشريعة يكون هذا بعد النبوّة وعلى هذا هو قبلها، والمراد بالهجرة خروجه عليه الصلاة والسلام إلى مدين، والمراجعة بمعنى رجوعه منها، وإنما عبر بصيغة التفصيل لأنّ هذا القول على المعنى الأوّل يكون بيانا إجمالياً لإنجاز الوعد بجعله من المرسلين بعد ردّه لأمّه وما سيأتي تفصيل له، والعطف بالواو لا يقتضي الترتيب فلا ممانعة ولا اعتراض عليه كما توهم ولم يفسر العلم بالعلم بالتوراة كما في الكشاف لأنه لم يؤتها حين
بلغ أشدّه بل بعد إغراق فرعون كما ذكره الزمخشريّ في سورة المؤمنين لكنه إذا كان إجمالاً لأحواله يهون خطبه فتأمّل. قوله: (على إحسانهم) تنبيه على أنه إنما آتاه العلم والحكم لاستحقاقه إياه بإحسانه العمل فهو دليل على أنّ المراد بالحكم الحكمة، وعلم الحكماء لا النبوّة فإنها لا تكون جزاء على العمل كما قاله الإمام: فهو إشارة إلى ترجيح الوجه الثاني، وأمّا استلزام الأوّل لحصول النبوّة لكل محسن كما ذكره فليس بشيء. قوله:(وقيل منف) عطف على مصر، وهي بلغة معروفة وهي بضم الميم وفتحها وان ذكره بعضهم لا يوثق به والنون ساكنة وهي ممنوعة من الصرف كماه وجور والمعروف فيها منون بواو وتفصيله في أسماء البلدان، وحا بين بحاء مهملة وباء موحدة في النسخ وهي وعين شمس أسماء بلدتين من نواحي مصر وكون الوقت بين العشاءين مرويّ، عن ابن عباس رضي الله عنهما وشايعه بمعنى تابعه. قوله:(والإشارة) أي بهذا واقعة على طريق الحكاية لما وقع وقت الوجدان
كأنّ الرائي لهما يقوله لا في المحكيّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله هو من عدوّه قدره لتكون لجملة صلة ولو لم يقدّره صح، ولذا تركه في الأوّل، وقوله فسأله هو معنى السين، وقوله ولذلك عدى بعلى أي حملا له على نظيره أو ضمنه معناه ويؤيده القراءة به، وان ضمن معنى النصر صح لتعديه بعلى ويؤيده قوله استنصره بالأمس، وجمع كفه بضم الجيم وسكون الميم بمعنى كفه المضمومة أصابعها. قوله:(وأصله فأنهى حياته) أي جعلها منتهية متقضية وهو بهذا المعنى يتعدّى بعلى كما في الأساس فلا حاجة إلى تأويله بأوقع القضاء عليه، وأمّا تعديته بإلى في الآية المذكورة فلتضميته معنى أوحينا واستشهاد المصنف بها إنما هو لاستعمال قضى بمعنى أنهى وأتمّ. قوله:(لآنه لم يؤمر بقتل الكفار) تعليل لقوله، أو مقوله إذ لو أمر به كان جهادا وطاعة، والظاهر أن يقول بدل قوله مأمونا مستأمناً، والاغتيال الغدر بقتل المرء من حيث لا يشعر وقوله لا يقدح الخ وهو قبل النبوّة أيضا، وقوله عادتهم أي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومحقرات مّا بزيادة
ما كأمر ما والمراد بكونها محقرات أنها في نفسها كذلك لئلا يرد عليه أنه استخفاف بالصغيرة، وهو غير جائز، وفرطت بمعنى وقعت بدون تعمد، وقوله وإنما عدّه الخ يعني جمعه بين هذه الأمور الثلاثة يدل على أنه كبيرة، وليس كذلك لا كل واحد لئلا يكون تكرارا ويرد عليه أنّ الخطأ لا يخلو عن الإثم، ولذا شرعت فيه الكفارة، وهو صغيرة فلا حاجة لما ذكره المصنف، وقوله ظاهر العداوة إشارة إلى أنه من أبان للازم ولم يقل ظاهر العداوة والإضلال، وان لم يستلزم أحدهما الآخر فكم من صديق مضل لأنه يريد الإشارة إلى أنه صفة عدوّ لا مضل لوقوعه كذلك في غير هذه الآية واضلاله ظاهر لا يحتاج إلى بيان. قوله:(لاستغفاره) أي إجابة لدعائه بالمغفرة، وإنما قيده به لما فيه من الفاء فلا يتوهم أنّ صيغة المبالغة تقتضي عدم التقييد مع أنه لا وجه له، وقوله بهم لكونه بمعنى اللطيف أو الرؤف. قوله ة (أقسم بأنعامك الخ) إن كان هذا قبل النبوّة فمعرفته أنه غفر له بإلهام أو رؤيا فلا يقال الظاهر أن يبدّل بالإقرار، والاسنغفار وقوله لا تؤبن هو الجواب المقدر، وقوله أو استعطاف هو قسم من القسم جعله المصنف كالزمخشريّ قسيماً له لأنّ المراد بالقسم ما يؤكد به الكلام الخبري، وينعقد منه يمين وهذا ليس كذلك فأراد به فرده المتبادر منه فصار قسيماً بعدما كان قسماً، قال ابن الحاجب: القسم جملة إنشائية يؤكد بها جملة أخرى فإن كانت خبرية فهو القسم لغير الاستعطاف نحو والله لأقومن غداً وإن كانت طلبية فهو للاستعطاف نحو قولك بالله زرني، وقيل القسم الاستعطافي ما كان المقسم به مشعرا بعطف وحنو نحو بكرمك الشامل أنعم عليّ وهنا استعطفه تعالى بنعمة المغفرة وجعلها وسيلة لطلب العصمة والكلام صادق عليهما، وجعل بعضهم إطلاق القسم على الاستعطافي تجوّزا وعليه فالمقابلة ظاهرة، وكلام ابن الحاجب وغيره مخالف له والباء حينئذ متعلقة باعصمني وجملة فلن أكون متفرّعة عليه والفاء على الأوّل عاطفة على الجواب وعلى الثاني واقعة في جواب الأمر أو الشرط المقدر. قوله:(لمن أذت معاونته إلى جرم) كالإسرائيلي الذي خاصمه القبطيّ فادّت معاونته إلى قتل لم يحل له فالمجرمون في النظم مجاز في النسبة للإسناد إلى السبب، ويجوز أن يراد بالمجرم من أوقع غيره في الجرم فهو حقيقة، وتفسيره محتمل لهما والظاهر منه الأوّل، وفي الكشاف إنّ المراد بمظاهرة المجرمين صحبة فرعون وتكثير سواده السالف له أو المراد بالمجرمين الكفار لأنّ الإسرائيلي لم يكن أسلم. قوله:(لم يستثن) أي لم يقل إن شاء الله وابتلاؤه به أي بأن يكون ظهيراً للمجرمين مرّة أخرى، وهو ما في قوله فإذا الذي استنصره الخ وهذا على ما مرّ من لوجهين لكن الاستثناء لا يناسب الاستعطاف لكون النفي معلقاً بعصمة الله. قوله:(وقيل معناه بما أنعمت الخ) فيكون
الحاز والمجرور متعلقاً بفعل مقدر يعطف عليه ما ذكر وليس قسما كما توهم لأن أعين لو كان جواب قسم وجب تأكيده، أو اقترانه بلام القسم وإنما هو إلزام لنفسه بما ذكر كالنذر، والأعذاء القبط أو مطلق الكفار أو فرعون وأشياعه، ويترصد بمعنى يتوقع وإلاستقادة طلب القود منه، وقوله فإذا للمفاجأة. قوله:(من الصراخ) بالضم، وهو الصياح ثم تجوّز به عن الاستغاثة لعدم خلوّها منه غالباً، وشاع ذلك حتى صار حقيقة
عرفية، وقيل المعنى بطلب إزالة صراخه، وقوله- جمالأسى إن كان دخوله المدينة بين العشاءين فمجاز عن قرب الزمان. قوله:(لأنك تسببت لمقتل رجل الخ) قيل الحق أن يقال لأنّ عادتك الجدال وما ذكر لا يناسب قوله فلما أراد الخ لأنّ تذكر تسببه لماذكر باعث للإحجام لا الإقدام، ورد بأنّ التذكر محقق! لقوله خائفا يترقب والباعث له على ما ذكر شفقته على من ظلم من قومه وعترته لنصرة الحق. قوله:(قاله الإسرليلي) أي لموسى لظته أنه يريد البطش به لا بعدوّهما، أو هو من قول القبطي لموسى عليه الصلاة والسلام، وقوله وكأنه وفي نسخة فكأنه، وفوله من قوله أي مقوله للإسرائيلي وهو إنك لغويّ مبين ولا بعد فيه لأنّ ما ذكر إمّا إجمال لكلام يفهم منه ذلك، أو لأنّ قوله ذلك لمظلوم انتصر به خلاف الظاهر فلا يعد في الانتقال منه لذلك. قوله:(تطاول الخ) أصله تتطاول أي تعتدي بما تريد من غير نظر في عاقبته، وهو إشارة إلمى ماخذه لأنّ الجبار في الأصل النخلة الطويلة فاستعمل لما ذكر إمّا باعتبار تعاليه المعنويّ يو تعظمه، وقوله ابن عمه أي ابن عمّ فرعون، وقد اشتهر بمؤمن من آل فرعون حتى صار كالعلم له. قوله:(وجاء رجل الخ) الظاهر أنّ من أقصى المدينة صلة جاء لأنّ سرعته لبعد المحل الذي جاء منه، واهتمامه بأخباره ولذا قدّم في سورة يس لدفع احتمال الوصفية، وأمّا تاخيره هنا فعلى الأصل وجعله في أحدهما صفة وفي الآخر صلة لا وجه له، وكونه من أقصى المدينة غير معهود ولا فائدة
للوصف به، وإلحاقه بالمعارف لأنّ أصل ذي الحال أن يكون معرفة أو مع مسوّغ كما هو معروف في النحو، وقوله يأتمر أي يقبل الأمر. قوله ة (اللام للبيان) كما في شيا لك فيتعلق بمحذوف، وقوله معمول الصلة وهو ناصحين لأنّ أل اسم موصول لا حرف تعريف على الصحيح فيمنع العمل كما أنّ معمول الحرف الجار لا يتقدم معموله عليه، وهذا مذهب الجمهور، وعند من جوّز ذلك في أل خاصة لكونها على صورة الحرف أو في الظرف للتوسع فيه، أو قال هي حرف لإرادة الثبوت فلا مانع من عمله فيه، أو تفسيره لعامل فيه. قوله:(قبالة مدين) بضم القاف بمعنى ما يقابل جانبها، وتلقاء في الأصل مصدر انتصب على الظرفية وتوجهه لقرية شعيب عليهما الصلاة والسلام لمعرفته به، وقيل لقرابته منه، وعن بمعنى عرض! وقوله وصل إشارة إلى أنّ المراد بالورود الوصول لا الدخول أو الشرب لوروده بمعانيها، وقوله وهو بئر إشارة إلى أنّ المراد بالماء محله مجازاً وأنه بئر لا عين، وتوله ة شفيرها هو فم البئر، وقوله كثيرة من لتنوين أو من لفظ أمّة والاختلاف من قوله من الناس لشموله للأصناف، ولا فائدة في ذكره غيره ولا وجه للتوقف فيه، وقيل فائدته تحقيرهم وأنهم لئام لا يعرفون بغير جنسهم أو محتاجون إلى بيان أنهم من البشر أو المراد بمختلفين يجيئون، ويذهبون للمناوبة في السقي كماهو معتاد وقال الطيبي إنه يؤخذ من خارج أو العادة أنه يجتمع للسقي أصناف مختلفة، وقوله في مكان أسفل وقيل من قربهم أو من سواهم أو مما يلي جهته إذ قدم عليهم. قوله:(تمنعان أغنامهما) إشارة إلى المفعول المحذوف، وسيأتي ما فيه، وقوله كي لا تختلط بأغنامهم فيلزم مزاحمتهما للرّجال واختلاطهما معهم فلا يرد أنّ الاختلاط موجود في الأمّة وهم لا يذودون كما قيل. قوله:(ما شأنكما) يعني أنّ الخطب مصدر أريد به المفعول فهو بمعنى الشأن، والشأن أيضاً مصدر أريد به المفعول وجملة تذودان حالية وهي المسؤول عنها في الحقيقة فكأنه قيل لم يذودان أي ما سبب الذود، وقد بينه بقوله حذراً عن مزاحمة الرجال وهو
لا ينافي قوله كي لا تختلط باغنامهم كما قيل لما بيناه، وقوله تصرف الخ تفسير ليصدر. قوله:(فحذف المفعول) أي في الأفعال الثلاثة أو الأربعة وهذان مذهبان مذهب الزمخشري وعبد القاهر، وهو أنّ القصد إلى نفس الفعل فنزل منزلة اللازم أي يصدر منهم السقي ومنهما الذود، وأمّا أنّ المسقى والمذود إبل أو غنم فخارج عن المقصود بل ربما يوهم خلافه إذ لو قيل أو قدر يسقون إبلهم ويذودان غنمهما لتوهم إنّ الترحم لهما ليس من جهة إنهما على الذود والناس على السقي بل من جهة إنّ مذودهما غنم ومسقيهم إبل كما إذا قلت ما لك تمنع أخاك نالمنكر منع الأخ لا المنع من حيث هو وخالفهما صاحب المفتاح فذهب إلى أنه محذوف للاختصار والمراد يسقون مواشيهم، ويذودان غنمهما وكذا سائر الأفعال في الآية لأنّ الترحم لم يكن من جهة
صدور الذود عنهما والسقي من الناس بل من جهة ذودهما غنمهما، وسقي الناس مواشيهم حتى لو ذادا غير غنمهما وسقي الناس غير مواشيهم لو يصح الترحم، وادّعى السعد والشريف أنه أدق وأحسن، وأشارا في شرح المفتاح إلى فساد المعنى بدونه وقد قيل للشيخين أن يقولا الترحم باعتبار أنّ السقي من الأمّة لأنفسهم والذود لأجل أنفسهما بلا مدخل لملاحظة المسقي، والمذود وتنزيل الفعل منزلة اللازم بالنسبة إلى المفعول الصريح المعين لا ينافي عدمه باعتبار المفعول بالواسطة فلا فساد فيما ذهبا إليه، وفي شرح الإيضاح إنّ الموضع كان مجتمع الناس للسقي ومجرد عدم اشتغالهما بالسقي، واشتغال الناس به مع ذكر ضعف أبيهما كاف في إيجاب الترحم، وقيل ترك المفعول في يسقون ويذودان لأنّ الغرض هو الفعل لا المفعول إذ هو يكفي في البعث على سؤال موسى عليه الصلاة والسلام، وما زاد على المقصود لكنه وفضول وأمّا البعث على المرحمة فليس هذا موضعه فإنّ له قولهما لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير، ومن لم يفرق بين البعثين قال: ما قال وردّ بأنّ منشأ السؤال هو المرحمة لحالهما كما صرّحوا به فسؤاله للتوسل إلى إعانتهما وبرهما لتفرسه ضعفهما وعجزهما، ولولاه لم يكن للتكلم مع الأبخبية داع، وقولهما لا نسقي الخ باعث لمزيد المرحمة لقبولها للزيادة والنقص (قلت) هذا محصل ما صدر من القوم هنا، وبعداً للتيا والتي فالذي يرتضيه الذوق السليم أنّ كونهما يذودان مواشي الناس لا احتمال له أصلاً إذ لو ذاداها سقياً مواشيهما قبلهم والكلام صريح في خلافه، والاحتمال المرجوح ساقط مطروح فلم يبق إلا الاحتمال الآخر، ولا حاجة إلى تقديو المفعول بالواسطة لأنه إذا احتيج للتقدير فتقدير المفعول الصريح هو الأحق بالتقدير وأمّا ما اعترض به على المرحمة فخيال فاسد، وحينئذ فمجرّد السقي منهم وعدمه منهما كاف في المراد من غير تقدير مع أنّ المقدر في الأوّل ليس إبلاً بل الأعمّ، وهو المواشي كما صرّح به المصنف إذ الأمم المختلفة الظاهر أنّ منهم من يسقي إبلَا ومنهم من يسقي غنما فلا يتغاير المسقي لهما وللأمم حتى يكون خصوص المسقي هو المنظور له في الترحم ففي كلام المصنف مخالفة للزمخشري في هذا أيضا فتركه عنده لأنه
عبث، وان لم يوهم خلاف المراد فتأمّل. قوله:(ثم دونه) بالثاء المثلثة المفتوحة أي في الفعل دون المفعول وفي بعض النسخ ثمّ بنقطتين أي حصل بدون المفعول، وعلى النسختين فذكره زائد لا حاجة إليه، وقوله وهو أي فعال بالضم فإنه اسم جمع، وقيل إنه جمع كما مز وانه سمع في ثماني كلمات نظمها الزمخشريّ، وقد استدرك عليه لأنه سمع غيرها كما فصلناه في شرح الدرّة، وقوله كالرخال هو بضم الراء المهملة والخاء المعجمة وفي آخره لام جمع رخلة ورخلة بكسر الراء، وهي الأنثى من أولاد الضأن، وقوله وأبونا الخ حال أو معطوف على مقدر أي ليس لنا خادم وأبونا الخ، وقوله فيرسلنا اضطراراً الخ والضرورة لها أحكام فلا يقال كيف ساغ لنبيّ إرسال ابنتيه مع الأجانب مع أنه لا محظور فيه إذ لم ينظروا لهما ويخالطوهما مع اختلاف العادة في مثله بدوا وحضرا وزمانا، وقد قيل ليستا بنتين له. قوله:(قيل الخ) وجه تمريضه أنه مخالف للنظم لأنّ تلك البئران كانت هي التي استقى منها الجميع، وا. طباق الحجر عليها قبل السقي فمقتضى هذه الرواية أنهم استقوا بعد مجيئه وهو يخالف ؤ! أيد:{وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} إلا أن يؤوّل بأنهم كانوا متهيئين للسقي، وهو بعيد ؤط كان بعده، وقبل سقيهما فهو منع لهما وهو مخالف لقوله لا نسقي حتى يصدر الرعاء، وان كان بعده فهو أشد مخالفة، وأمّا استبعاد صبره إلى أن يفرغ الرعاء من السقي ويضعوا الحجر عليها فلا وجه له وما روي أنهما رجعتا إلى شعيب قبل الناس فقال:{ما أعجلكما فقالتا وجدنا رجلَا صالحاً فسقى لنا} [سورة القصص، الآية: 24] فهو أوفق بما بعده وبأنه زأحمهم حتى سقي وكلاهما موافق لوصفه بالقوّة، ومعنى أقله حمله ويقله مضارعه والوصب الضعف. قوله:) وقيل كانت الخ العل ضعفه من جهة الرواية وأنّ الظاهر عدم تعدد المورد، وتوله لأيّ شيء إشارة إلى أنّ ما نكرة موصوفة لا موصولة لعدم مناسبته للمقام، وقوله قليل أو كثير من شيوع التنكير، وأنزلت بمعنى قا- رت وأوصلت، وقوله وحمله الأكثرون أي حملوا الخير على الطعام بقرينة المقام لأنّ القادم من طريق مطلوبه الزاد خصوصا مع ما مرّ من ذكر جوعه. قوله:(محتاج سائل الخ) يعني أنّ
فقير يتعدّى بالى فتعديته باللام هنا لأنه ضمن معنى محتاج، وهو يتعدى بها وقوله سائل تفسير
لمحتاج لا أنه هو المضمن لأنه لو كان كذلك كانت اللام للتقوية لأنه متعد بنفسه فلا يوافق ما بعده، ومن فسر السائل بالطالب لظنه أنه يتعدّى باللام فقد وهم، ويجوز أن تكون اللام للبيان. قوله:(وقيل معناه الخ) والمراد بالخير الخير الديني لا الدنيوي كما في الأوّل واللام للتعليل، وصلة فقير مقدرة أي إلى الطعام أو لأمور الدنيا وقوله والغرض أي على هذا الوجه، والتبجح تفعل بالجيم والحاء المهملة الفرح والافتخار أي لا التشكي والتضجر، ولذا عبر عن الأوّل بالخير وقدمه. قوله:(مستحية متخفرة) بتخفيف الياء استفعال من الحياء وحذفت إحدى ياءيه في الفعل للتخفيف وتبعه بقية مادّته، وهو إشارة إلى أنه حال من فاعل تمشى أو جاءته فهو حال أيضاً، وهي إمّامترادفة أو متداخلة، وقوله متخفرة بوزن اسم الفاعل من التفعل من الخفر بفتح الخاء المعجمة والفاء، وهو شدّة الحياء وقوله واسمها الخ وفي الكشاف كبراهما كانت تسمى صفراء والصغرى صفيراء والكبرى هي التي ذهبت به وتزوّجها. قوله:(جزاء سقيك) إشارة إلى أنّ ما مصدرية لا موصولة لأنّ ما يستحق عليه الأجر فعله لا ما سقاه إذ هو الماء المباح، وقوله ولعل موسى عليه الصلاة والسلام إنما أجابها بالذهاب إلى أبيها إذ دعته يعني أنّ مثله لا يليق به أخذ الأجر على ما تبرّع به من المعروف فأجابته ليست لأخذه بل لما ذكر، ويستظهر بمعنى يستعين ويتقوّى، وقوله هذه عادتنا يعني ليس ما بذلناه أجرا بل قرى على عادتنا تنافيه. قوله: (من فعل معروفاً وأهدى بشيء (ضمنه معنى المقابلة أي قوبل بشيء على وجه الهدية، والجواب الأوّل مبنيّ على مغ قبوله للبر في مقابلة المعروف وهذا مبنيّ على تسليم قبوله بعد العمل إذا كان على طريق الهدية وفي الكشاف إنّ طلب الأجر للضرورة غير منكر، وامّا الاستشهاد عليه بقوله ة {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [سورة الكهف، الآية: 177 فليس بمناسب لأنه من قبيل الاستئجار، وما نحن فيه ليس كذلك. قوله: (تعليل (لأنّ الجملة المصدرة بأن في جواب سؤال عن سبب قولها استأجره، وقوله شائع يعني أنه عام جار مجرى المثل وتعريف القويّ الأمين للجنس أي من كان كذلك لائق بالاستئجار وقوله وللمبالغة فيه أي في التعليل أو الدليل، ووجه الاستدلال اندراجه تحته. قوله: (جعل خير اسما (لأن مع إن
الظاهر فيه أن يكون خبرا أمّا إن كانت من المضاف إليها نكرة فظاهر لأنّ فيه إخباراً عن النكرة بالمعرفة، وهو خلاف الظاهر وان جوّزوه في اسمي التفضيل والاستفهام وكذا إن كانت موصولة وقلنا إضافة أفعل التفضيل لفظية لا تفيد تعريفا كما هو أحد قولين للنحاة فيه أو لأنّ المعرف باللام أعرف من الموصول وما أضيف إليه، أو لأنّ المقصود بالإفادة كونه خيراً من غيره فصدر للاهتمام به والمبالغة في خيريته، وأنها أمّ الكمال المبني عليها غيرها المفروغ منها فتأمّل. قوله:(وذكر الفعل بلفظ الماضي) ولم يقل تستأجر مع أنه الظاهر لأنه جعله لتحققه وتجربته كما ذكر في المروي بعده بمنزلة ما مضى وعرف قبل، واقلال الحجر رفعه كما مرّ وصوّب رأسه بمعنى خفضها لثلا ينظر إليها كما أنه أمرها بالمشي خلفه في ذهابه معها. قوله:(هاتين) فيه إيماء إلى أنه كانت له بنات أخر غيرهما، وقد قال البقاعي: أنّ له سبع بنات كما في التوراة، ولا وجه للمشاحة فيه فإنّ مثله زهرة لا يحتمل لمفرك، وقوله إن تأجر نفسك مني فيه إشارة إلى أنه يتعدى إلى مفعولين حذف أحدهما هنا، وأنه يتعدّى إلى الثاني بنفسه وبمن وقوله أو تكون لي أجيراً كقولهم أبوته إذا كنت له أبا وهو بهذا المعنى يتعدى لواحد، وقوله أو تثيبني فالمراد التعويض أي تجعلها أجرى على التزويج يريد المهر، ومنه أجره الله على ما فعل فهو مأجور وقوله ومفعول به على الثالث، ويجوز فيه الظرفية أيضا بحذف المفعول أي تعوّضني خدمتك وعملك في ثماني حجج، والرعية بكسر الراء رعي الغنم وقوله: فإتمامه الخ إشارة إلى أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة جواب الشرط. قوله: (وهذا استدعاء العقد الخ (أي دعاه وواعده على عقد سيقع بدليل قوله أريد أن أنكحك فلا يرد عليه أنّ الإبهام في المرأة المزوّجة غير صحيح، وعلى الخدمة ومنافع الحرّ عندنا أيضا خصوصاً ومدتها غير معينة هنا والخدمة أيضا ليست لها بل لأبيها فكيف صح كونها مهرا، وحاصله إنّ هذا الكلام
وعد معلق بشرط والمهر شيء آخر، وقوله أو برعية جواب آخر عن الثاي أي هو برعيه، والتزوّج على الرعي جائز عند الشافعي، وكذا عندنا كما يفهم من الهداية قيل وهو مراد من قال بالإجماع ومن قال إنه خاص بغير مذهب الحنفية لم يصب إذ الخلاف في الخدمة غير الرعية فإنها مستثناة لأنها قيام بأمر الزوجية لا خدمة صرفة، وقوله والأجل الأوّل عطف على رعية أي جرى لكل منهما فيندفع الفساد إن الأوّلان وفي أكثر النسخ أو برعية الأجل بالإضافة، وهي على معنى اللام أوفى. قوله: (ووعد له الخ (الجملة حالية بتقدير قد أو معطوف على جرى وفاعله ضمير
موسى عليه الصلاة والسلام، وقوله وكانت الخ جواب عن أنه ليس خدمة لها على تسليم صحته، وكذا ما بعده وهو عليه منسوخ، وقال الجصاص يستدل به على جواز الزيادة في العقود، وقوله في ذلك أي جميع ما ذكر من التزوّج على خدمة لغير الزوجة والإبهام في المزوّجة وأمّا في المهر فيجوز كما هو مبين في الفروع، ولا يرد أنّ ما قص من الشرأئع السالفة من غير إنكار فهو شرع لنا لأنه على الإطلاق غير مسلم. قوله:(واشتقاق المشقة الخ) وهي ما يصعب تحمله من الشق بفتح الشين، وهو فصل الشيء شقين يعني أنه مشق الاعتقاد والرأي لتردّده في تحمله وعدمه، والمزاولة المباشرة وكذا الشقاق، وقوله في حسن المعاملة أو هو مطلق، وقوله إن شاء الله للتبرك لا للتعليق لتحقق صلاحه والمراد اتكاله على الله وتوفيقه فيه، وقوله لا نخرج عنه أي لا تزيد أنت ولا أنقص أنا فيه، ولا وجه لما قيل إنّ الأظهر لا تخرج عنا. قوله:(لا تعتدي علئ) بيان لحاصل المعنى لا لأنّ عليّ متعلق بعدوان إذ لو كان كذلك وجب نصبه على الصحيح بل هو خبر له إذ صلة المصدر تقع خبراً له خاصة، ولا يصح ذلك في الصفة كما حققه الرضى، وقوله بطلب الزيادة أي لا يتعدى غيري عليّ بطلب الزيادة على أقي الأجلين اخترته. قوله:(او فلا أكون معتدياً) هذا هو الصحيح، وما وقع في نسخ متعديا تحريف لعدم مناسبته، وقوله بترك الزيادة أي بسبب ترك الزيادة على أحد الأجلين، والمراد نفي العدوان عن نفسه أي لا يقع عليّ عدوان كقولك:" لا إثم علتي " ولا تبعة عليّ وهذا كالوجه الذي قبله والفرق بينهما دقيق، وقوله وهو أي ما وقع في النظم أبلغ أي في الوجهين لجعله طلب الزيادة كطلب التتميم في إنه عدوان فهو إثبات للخيرة ببينة، وهو من تنصيصه على الأجلين. قوله:(وقرئ أيما) بتسكين الياء من غير تشديد، وهذه القراءة للحسن وهي شاذة والبيت المذكور من شعر للفرزدق يمدح به نصر بن سيار وتنظرت بمعنى انتظرت، والسماكان كوكبان أحدهما أعزل والآخر رامح وهما من الأنواء، واستهل بمعنى انصث كهل، والغيث
المطر الكثير المتتابع والمواطر جمع ماطرة، وهي السحابة يعني أنه انتظر الممدوح وجود. وأحد الأنواء الماطرة، ولم يفرق بينهما وهذا تشبيه بليغ على نهج تجاهل العارف، وقوله وأيّ الأجلين أي قرئ به، وقوله لتأكيد الفعل إشارة إلى أنه في المشهورة لتأكيد المفعول، وقوله جرّدت عزمي مكنية وتخييلية على تشبيه العزم بالسيف وقوله وعدوان أي وقرئ عدوان ولم يلتفتوا إلى جعل ما نافية في الثانية، وإن صح ليتوافق معنى القراءتين. قوله:(شاهد حفيظ) أي مطلع وحافظ، وقوله شاهد بيان لتعديه بعلى لتضمينه معنى شاهد، وقال الراغب: يقال توكلت عليه أي اعتمدت والفاء في فلما قيل إنها فصيحة، وقوله بأمر أنه لأنه يكنى عنها بالأهل وقوله من الجهة الخ فليس المراد به بعض الجبل كما هو المتبادر. قوله:(عود الخ) الجذوة مثلثة، وبها قرئ كما سيأتي والحواطب جمع حاطبة وهي الجارية التي تجمع الحطب، ويلتمسن أي يطلبن ولها وقع في نسخيما بدله بها والجزل بجيم، وزاء معجمة هو الحطب اليابس، والجذي بكسر الجيم جمع جذوة، والخوّار الضعيف الهش والدعر بفتح الدال وكسر العين المهملتين والراء المهملة الرديء الكثير الدخان ومنه الداعر، والحواطب إن كان المراد بها الخدم فظاهر، وإن أراد النمامات فالمراد لا يجدن لها مساوي كما في الكشاف، وهو شاهد على إطلاقه على العود من غير نار، والبيت الآخر لما فيه النار وقيس فيه اسم قبيلة، ولذا قال عليها وهو استعارة لما لحقها من الفتنة التي كأنها نار متوقدة، وقوله ولذلك أي لكونه يطلق على ما فيه نار وغيره احتاج إلى البيان وجعلها نفس النار مبالغة، وان كانت من ابتدائية أو المراد ما احترق لأنه يطلق عليه في العرف
وقوله: تستدفؤون يدل على أنهم أصابهم برد. قوله: (أتاه النداء الخ) قيل مسموعه كلام لفظي مخلوق في الشجرة بلا اعتماد وحلول، وأمّا قوله أنا وان كان كل أحد يشير به إلى نفسه فليس المعنيّ به محل لفظه كما لا يخفى، وعلى قول الغزاليّ، إنه سمع كلامه النفسيّ بلا صوت كما ترى ذاته بلا كيف، فقوله من شاطئ الوادي حال من ضمير موسى المستتر في نودي أي قريباً منه أو كائنا فيه لأنّ من ترد بمعنى في كقوله:{مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} [سورة الأحقاف، الآية: 4] ويجوز أن تكون ابتدائية فعلى الأوّل اختصاصه باسم الكليم
لكونه على خلاف المعتاد، وعلى الثاني ظاهر. قوله:(من الشاطئ الأيمن) إشارة إلى أن الأيمن صفة الشاطئ لا الوادي وأنه وقع عن يمين موسى عليه الصلاة والسلام في مسيره فلذا وصف به، وأنه ضدّ الأيسر لا الأشام، وقد جوّزه فيما سبق وعليه فيجوز كونه وصفا للشاطئ أو للوادي، وليس الكلام مسموعا من جميع الجهات كما مرّ وقوله متصل بالشاطئ أي حال منه، وقوله من الشجرة هو بدل على الوجهين السابقين بدل اشتمال سواء كان الكلام لفظيا أو نفسياً، وقد جوّز تعلقه بالبقعة المباركة على أنّ ابتداء بركتها من الشجرة فليتأمّل، وقوله بدل من شاطى بالتنوين لأنّ الشجرة بدل من شاطئ لكن أعيد الجاو معها لأنّ البدل على تكرار العامل، أو بالإضحافة على أنّ الجارّ والمجرور بدل من الجارّ والمجرور، وقوله لأنها الخ إشارة إلى وجه الاشتمال وأنه قد يكون باشتمال المبدل منه على البدل، وعكسه كسرق زيد ثوبه، ونابتة بالنون من النبات، وقد قيل إنه بالمثلثة أيضاً، وقوله أي موسى إشارة إلى أن أن تفسيرية، ويجوز أن تكون مخففة من الثقيلة والأصل بانه والضمير للشأن. قوله:(وإن خالف الخ) أي في بعض ألفاظه لأنه حكاية بالمعنى، وذهب الإمام إلى أنه حكى في كل من هذه السورة بعض ما اشتمل عليه النداء لأنّ مطابقته تحتاج إلى تكلف مّا، وكون النداء بأنا لا يقتضي كونه تعالى في الجانب أو الشجرة لتنزهه عن المكان الأتراك تعني بأنا نفسك، وليست النفس محل أنا وان لم تكن مجرّدة. قوله:(فألقاها الخ) يعني أنّ الفاء فيه فصيحة وقبلها مقدّر يعلم من السياق والسباق، وما قيل: من أنه لا دلالة فيه على صيرورتها ثعبانا وأنه إنما كان فيما جرى بينه، وبين فرعون لا في وقت الإيناس ليس بشيء. قوله:(في الهيئة والجثة أو في السرعة) قد مرّ أن مثله للتوفيق بين ما ورد في الآيات من كونها جانا وثعباناً وحية فقوله: في الهيئة والجثة إشارة إلى أنّ لها أحوالاً مختلفة تدق فيها وتغلظ، وما بعده إشارة إلى أنّ التشبيه باعتبار سرعة حركتها وخفته فلا ينافيه قوله في بيان الجمل المطوية فصارت ثعباناً واهتزت بناء على الثاني، وعلى الأوّل أيضا بناء على أنّ الجان يطلق على ما عظم منها على أنه لم يقل فإذا هي جان حتى ينافيه، كما توهم فتأمّل وقوله نودي إشارة إلى تقديره ليرتبط بما قبله، والمخاوف ما يخاف منه جمع مخافة، وقوله فإنه لا يخاف الخ تفسير للأمنين بالمرسلين والعيب البرص والبهق. قوله:
(يديك المبسوطتين الخ) يشير إلى أنّ الجناح بمعنى اليد استعارة وأنه وان أفرد فالمراد كلتاهما كما يقال مشى برجله ونظر بعينه، وقوله تتقي الخ حال مبين لبسط اليد المأمور بتركه بالضم، وقوله بإدخال اليمنى الخ بيان للضم متعلق باضمم. قوله:(فيكون تكريرا) حتى كان وقوع الإدخال في الجيب مرّتين فالأوّل لإظهار الجراءة، والثاني ليخرج يد. بيضاء لا بداء معجزة وقوله في وجه العدوّ خبر واظهار جراءة مفعول له أو هو حال من اسم يكون، واظهار خبر، وقوله مبدأ خبر مبتدأ مقدّر أي وهذا أو هو معطوف على إظهار فيكون ذلك إشارة إلى مجموع الذكرين فتدبر. قوله:(ويجوز أن يراد إلى آخره) يعني أنه استعارة تمثيلية من فعل الطائر عند هذه الحالة في الأصل، ثم كثر استعماله في التجلد وضبط النفس حتى صار كناية عنه، ومثلا وعلى هذا هو تتميم لقوله:{إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} كما في شروج الكشاف، وقيل الوجه أن يقال عند خروج يده بيضاء وأورد على الأوّل أنه لا وجه لتأخيره عليه عن قوله اسلك الخ ولا لاستعارة الجناح والعدول عن الضمير إذ الظاهر اضممها، وقيل إنه مع أنه أخذه من البقايئ مخالف لما اختاره في طه من أنّ الكناية بالسوء عن البرص غير محتملة في مقام الإعجاز والتكريم وأمّا قوله لا وجه لتأخيره فكفانا مؤنته الشارح الطيبي، واستعارة الجناج وجهها معلوم مما ذكره المصنف
ووجه العدول أنّ المراد بالجناج يداه لا إحداهما كما في الأوّل وفيه بحث، والرهب الخوف والرعب. قوله:(من أجل الرهب) إشارة إلى أنّ من تعليلية، وقوله تجلداً وضبطا على التفاسير لا على الأخير كما يتوهم، وقوله إشارة الخ والتذكير لمراعاة الخبر، وقوله: وشدده الخ وهي لغة فيه فقيل إنه عوّض من الألف المحذوفة نونا وأدغمت، وقال المبرّد أنه بدل من لام ذلك كأنهم أدخلوها بعد نون النثنية، ثم قلبت اللام نونا لقرب المخرج وأدغصت وكان القياس قلب الأولى لكنه حوفظ على علامة التثنية، والبرهان إذا كان مشتقا من البره وهو البياض فهو كما يقال حجة بيضاء، واذا كان من البره بمعنى القطع فهو أظهر ولا يقال في فعله برهن لأنها مولدة بنوها من لفظه على ما عليه الأكثر. قوله:(مرسلَا) إشارة إلى
أنّ إلى فرعون متعلق بحال مقدرة، وقيل تقديره اذهب إلى فرعون، وقوله كالدفء أي ما يتدفأ به من اللباس والغطاء، وقوله بالتخفيف أي بفتح الدال من غير همز وقد جوّز في هذه القراءة كونه منقوصا بمعنى زيادة من رديت عليه إذا زدت. قوله:(بتلخيص الحق الخ) يعني ليس المراد بقوله يصدقني مجرّد قوله له صدقت، أو أخي صادق لأنه لا يحتاج إلى فصاحه إذ سبحانه وبأقل فيه سواء، وتصديق الغير بمعنى إظهار صدقه كما يكون بقولك هو صادق يكون بتأييده بالحجج، ونحوها كتصديق الله للأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالمعجزة، ولا حاجة إلى ادّعاء أنّ فيه تجوزا في الطرف، أو في الإسناد إلى السبب، كثما في الكشاف لأنّ المراد يصدق من أرسلت إليه بما يقيمه هرون من الحجج، ويزيله من الشبه بدليل قوله:{إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} ولا يخفى إن صدقه معناه إمّا قال إنه صادق أو اعتقد صدقه فإطلاقه على غيره الظاهر أنه مجاز فتأمّله، وقوله على أنه صفة أي لقوله ردأ، وقوله والجواب محذوف لا حاجة إليه إذ الأمر لا يلزم أن يكون له جواب. قوله:(سنقؤيك به (هو المعنى المراد منه، والشدة التقوية والعضد من اليد معروف فهو إمّا كناية تلويحية عن تقويته لأنّ اليد تشتدّ بشدة العضد والجملة تشتد بشدّة اليد، ولا مانع من الحقيقة كما توهم، أو استعارة تمثيلية شبه حال موسى عليه الصلاة والسلام في تقويته بأخيه بحال اليد في تقوبتها بيد شديدة، ويجوز فيه وجوه أخر وكلام المصنف فيه ميل إلى الأوّل، ويحتمل أن يريد أنه مجاز بعلاقة السببية بمرتبتين كما قيل في تبت يدا أبي لهب في وجه. قوله: (باستيلاء أو حجاج الما كان قوله سنشد الخ استئنافا لبيان، إجابة مطلوبه تأوّله ببيان أن قواه بأخيه فهو راجع لقوله أرسله معي الخ، وقوله ونجعل لكما سلطانا راجع إلى قوله إني أخاف أن يكذبون ولذا فسره بغلبة الحجة، وقوله فلا يصلون تفريع على ما حصل له من مراده بأنهم لا يصلون إليهما بقهر ولا إلزام حجة، وهو المراد من الحجاج لأنه مصدر حاجة محاجة، وحجاجا فلا غبار عليه، ويحتمل أن يكون قوله باستيلاء رأجعاً إلى غلبة، وحجاح إلى حجة على اللف والنشر. قوله: (أي نسلطكما بها) فيه إشارة إلى
جواز تعلقه بسلطان لما فيه من معنى التسلط والغلبة، وقوله أو بمعنى لا يصلون لا بحرف النفي لأنّ تعلق الجارّ به خلاف الظاهر وان جوّزوه، وقال: تمتنعون دون تمتنعان لأنّ المراد أنتما ومن اتبعكما، وقوله: جوابه لا يصلون أي مقدر لا المذكور قبله لأنّ جواب القسم لا يتقدّمه، ولا يقترن بالفاء أيضا وقوله بيان للغالبون أي لسببه فقوله بمعنى أنه صلة لما بينه أي لمقدّر فسره ففي قوله بيان للغالبون تسمح، وقوله اللام فيه للتعريف إمّا على رأي المازنيّ أو لأنه أريد به الثبوت، وهذا بناء على أنّ ما في حيز الموصول لا يتقدمه ولو ظرفا فإن قلنا بالتوسع فيه فلا إشكال فيه، وتقدمه إمّا للفاصلة أو للحصر. قوله:) سحر تختلقه) الاختلاق تفسير للافتراء فليس بمعنى الكذب، وقوله:(أو سحر تعلمه) أي تتعلمه من غيرك، ثم تنسبه إلى الله كذبا فالافتراء بمعنى الكذب لا بمعنى الاختلاق، وقوله موصوف بالافتراء أي من شأنه ذلك فإنه تخييل لا حقيقة له فالصفة مؤكدة لا مخصصة كما في الوجهين السابقين، فالافتراء ليس على حقيقته على هذا وفي الوجه الأوّل لأنه من صفات الأقوال، وهو غير لازم في السحر. قوله:(يعنون السحر) أي نوعه أو ما صدر من موسى عليه الصلاة والسلام ففيه مضاف مقدر أي بمثل هذا، وقوله: أو اذعاء النبوّة إمّا تعمد للكذب، وعناد بإنكار النبوّات وان كان عهد يوسف قريباً منهم أو لأنهم لم يؤمنوا به أيضاً، وقوله: كائنا في أيامهم إشارة إلى أنه حال من
هذا بتقدير مضاف والعامل فيه سمعنا، أو التقدير بوقوع هذا والجارّ والمجرور متعلق بذلك المقدّر. قوله:(لأنه قال الخ) أي هو جواب لقولهم إنه سحر فيكون مستأنفا إذ الجواب لا يعطف بواو ولا غيرها، وقوله أنّ المراد الخ فالعطف في الحكاية الجامعة للقولين لينظر المحكي له حالهما، وقوله العاقبة المحمودة أي لا مطلق العاقبة لأنها لكل أحد، وقوله: مجازاً أي طريقاكما يقال الدنيا قنطرة الآخرة، وهذا بيان لتخصيص العاقبة بالمحمودة وان كانت عامّة، وأمّا اللام فلا دلالة لها على ذلك لأنه يقال له عاقبة ذميمة كما في الانتصاف، وقوله: والمقصود منها أي من الدنيا أو الآخرة لأنّ أصل الخلق إنما خلقوا لطاعة الله ومعرفته فالفرد الكامل من عاقبتهم ذلك فتنصرف إليه، والعقاب جاء بالعرض لأنه لعدم ما طلب منهم وخلقوا
له، والاعتراض على هذا من التغيير في وجوه الحسان. قوله:(لا يفورّون بالهدى (بقرينة ربي أعلم بمن جاء بالهدى، وحسن العاقبة مما بعده ففيه شبه اللف والنشر الإجمالي. قوله: (نفي علمه بإله غيره) توطئة لما سيأتي من الرد والصرح البناء العالي، والمراد بالطين اللين الذي يجعل آجرا، وقوله في السماء إمّا أنه لشرفه يوهم علوه مكانا من جهله أو لعدم علمه به في الأرض! ، وقوله أو أراد معطوف على قوله يوهم أو على معنى قوله ولذلك أمر ببناء الصرح فإنّ معناه أراد أن يبني صرحا ليصعد إليه، والرصد معروف وقوله يترصد منها كان الظاهر منه فكأنه أوّله بمنظرة أو منارة، وأوضاع الكواكب اقتراناتها وتقابلها مما يدلّ على الأحكام عندهم، وهذا الوجه لا يناسب قوله فأطلع إلى إله موسى إلا أن يريد بإله موسى الكواكب، أو المراد أطلع على حكم إله موسى فيقدّر مضاف كما في الوجه الذي قبله، وهو بعيد جدّا فتأمّله وسيأتي في سورة المؤمن وجه آخر. قوله:(وقيل المراد بنفي العلم نفي المعلوم الخ) هو رد على الزمخشريّ والمراد بالعلم الفعلي ما كان سببا لوقوع معلومه، والانفعال خلافه، وحاصله أنّ عدم العلم بالشيء لا يدلّ على عدمه لا سيما علم شخص واحد انفعالي، وقد ردّه في الكشف بأنّ مراده أنّ عدم الوجود سبب لعدم العلم بالوجود في الجملة فأطلق السبب، وأريد المسبب لا أنّ بينهما ملازمة كلية، ولا يشترط في فن البلاغة اللزوم العقلي بل العادي والعرفي كاف أيضاً، ومثل لا أعلم كذا بمعنى لم يوجد شائع في لسان العامّة والخاصة ولذا قال الفقهاء إذا قال المزكى لا أعلم كان تزكية مع أنه علم انفعالي كيف لا وهو يدعي الإلهية، والظاهر أنه كناية لا مجاز، وأمّا كون قوله أطلع إلى إله موسى يدلّ على الوجود فينافي هذا الوجه، ولذا ضعفه المصنف فيدفعه أنه إنما ينافيه لو لم يكن على طريق التسليم والتنزل، وقد قيل عليه أيضاً إنه مشرك يعتقد أنّ من ملك قرا كان إلهه ومعبوداً له كما مرّ في الشعراء، فما دل أوّل الكلام عليه وجود إله لغير مملكته وما نفاه إلهها، ولذا قال: ما علمت لكم الخ وعلى كل حال فكلام المصنف لا يخلو عن ضعف والذي غرّه فيه كلام صاحب الانتصاف. قوله: (قيل أوّل من
يخذ الآجر الخ) ما يتضمن تعليم الصنعة قوله أو قد لي يا هامان على الطين فإن الآجر طين محرق، والتعظيم من أمر الوزير بعمل السفلة من إيقاد النار، وعمل الطين فلذا ناداه باسمه دون لقبه ووزارته ووسط حرف النداء للتقييد في الكلام ولم يقل ياهامان أوقد لأنّ أفعاله تدل على التهاون بغيره، ولو قدم النداء لأذن باهتمام مّا. قوله: (بفير استحقاق (يحتمل أن يريد أنّ الحق بمعنى الاستحقاق فهو مجاز أو هو بيان لحاصل المعنى فهو نقيض الباطل لأن اذعاء ما ليس مستحقا باطل، وما هو بحق دلّه ولذا ورد في الحديث: " العظمة إزار والكبرياء ردأئي، وقوله وظنوا إمّا على ظاهره أو عبر عن اعتقادهم بالظن تحقيرا لهم وتجهيلا، وعلى القراءة بكسر جيم يرجعون هو من رجع اللازم وعلى قراءة الضم من المتعدّى أو هو من الأفعال، والفاء في فاخذناهم سببية والمراد أخذ الإهلاك وقوله وفيه فخامة هو من ضمير العظمة، والتعبير بالأخذ الاستحقار من النبذ لأنه طرج الأمر الحقير بأطراف اليد، ونحوه فنبذناهم تمثيل أو مكنية وتخييلية، والمراد أغرقناهم، وقوله ونظيره أي في تعظيم الأخذ وتحقير المأخوذ وسيأتي تفسيره، وقوله: وحذر الخ بيان للمقصود منه. قوله: (قدوة للضلال (جمع ضال كجهال، وجاهل واقتداؤهم بهم بسبب حملهم لهم على الضلال أو بسبب حملنا لهم على الإضلال
كما وقع في النسخ الصحيحة لأنا جعلناهم ضالين مضلين فالجعل هنا بمعنى الخلق، وهذا على مذهب أهل السنة من أنّ أفعال العباد خيراً وشرّاً مخلوقة لله، وقد استدلوا بهذه الآية، والمعتزلة أوّلوها تارة بأن الجعل هنا بمعنى التسمية، وتارة بأن جعلهم ضالين مضلين بمعنى خذلانهم، ومنعهم من اللطف والتوفيق للهداية واليه أشار بقوله وقيل الخ وهو إشارة إلى الرد على الزمخشريّ.
قوله: (موجباتها) بكسر الجيم لأنها المدعوّ لها في الحقيقة فالنار مجاز عن المعاصي
التي هي سببها أو فيه مضاف مقدر. قوله: (من المطرودين الأنه يقال قبحه بمعنى نحاه وأبعده كما ذكره الراغب، وغيره من اللغويين ولا يتكرّر مع اللعنة المذكورة قبله لأنّ معناها الطرد أيضاً لأنّ الأوّل في الدنيا وهذا في الآخرة، أو ذاك طرد عن رحمته التي في الدنيا وهذا طرد عن الجنة، أو على هذا يراد باللعنة المعنى الثاني مع أنّ من المطرودين معناه أنهم من الزمرة المعروفين بذلك، وهو أبلغ وأخص فلا يتوهم فيه تكرار أصلا، وعلى التفسير الثاني وهو منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما معناه ذو وصور قبيحة سود الوجوه زرق العيون مشوّهون لكن فعل قبح منه لازم فبناء اسم المفعول منه غير ظاهر، ولذا أخره مع أنه المتبادر إلا أن تفسير السلف يدلّ على أنه سمع أيضا. قوله: (التوراة) وهي أوّل كتاب فصل فيه الأحكام وقوله: أمن بعد ما أهلكنا القرون فائدته على ما فسر به المصنف رحمه الله مع أنه معلوم التنبيه على أنها أنزلت بعد مساس الحاجة إليها، كما أنزل القرآن بعد الفترة وانطماس معالم الدين فلا يتوهم أنه لا فائدة فيه، وأنّ حقه أن يفسر القرون الأولى بمن لم يؤمن بموسى عليه الصلاة والسلام، والثانية بمن آمن به كما قيل. قوله:(أنوارا) لأنّ البصيرة نور القلب كما أنّ البصر نور العين ونصبه على الحالية، وقيل إنه مفعول له وقوله تبصر بها الحقائق أي تدرك، وقوله وهدى إلى الشرائع أي هادية لها وهي الطريق الموصلة إلى الله، وقوله لأنهم لو عملوا الخ يعني عموم رحمتها للناس لا ينافي أنّ ممن نزلت لهم كافر غير مرحوم لأنه لو عمل بها كان مرحوما بمقتضى، وعد. فلا حاجة إلى تقدير سبب أو جعلها مجازاً عنه كما قيل، وقوله:{لو عملوا نظرا إلى بعضهم إذ {مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ} . قوله: (ليكونوا على حال الخ) يعني الترجي محال عليه تعالى فهو تمثيل، والمراد أنها أنزلت ليكونوا على حالة قابلة للتذكر كحال من يرجى منه الخير، والزمخشريّ جعله استعارة تبعية حيث شبه الإرداة بالترجي لكون كل منهما قبل الوقوع، والمصنف ردّه بقوله وفيه ما عرفت من لزوم تخلف مراد الله عن إرادته لعدم تذكر الكل إلا أن يكون من قبيل إسناد ما للبعض إلى الكل، وهي معنى قول الزمخشريّ إذا أراد الله شيئاً كان فلا إشكال فيه أصلاً فلا يرد ما ذكر لإرادة أحد الإرادتين للقرينة عليه لكنه لم يرتضه لمخالفته للمذهب الحق، وقيل الترجي من المخاطبين لأمنه تعالى. قوله:(يريد الوادي)
بجانب الغربي أو بالغربي بجعله صفة للمكان أو الوادي أو الطور لأنّ كلا منهما كائن في الجانب الغربي، وطرفه من موسى عليه الصلاة والسلام، وقوله: أو الجانب الغربي منه أي من الوادي أو الطور، ومن ابتدائية أو من مقام موسى ومن بيانية ومغايرته للأوّل أنه مجموع الوادي، والطور على الأوّل، وعلى هدّا بعضه وهو على كل حال من إضافة الموصوف للصفة، وقوله الوحي إليه على أنّ الشهادة بمعنى الحضور وعلى ما بعده بمعناها المعروف، وقوله وهم السبعون تفسير للشاهدين الذين لم يكن منهم. قوله:) والمراد الدلالة على أنّ الخ) ولولا هذا لم يفد ما ذكر لأنّ ما أخبر به لا يعلم إلا بوحي، أومشاهدة أو استفاضة نقل في مقامه، والثاني منتف ضرورة والثالث كذلك لأنه لو ثبت علمه غيره من قريش، وكذا التعلم من غيره لكنه طوى للعلم به أيضاً فتعين الأوّل وقوله، ولذلك استدرك عنه أي لكون معناه ما ذكر ارتبط به هذا الاستدراك على ما فسره به لأنّ المعنى لم تكن حاضر الكنك علمته بالوحي، والسبب تطاول الزمن حتى تغيرت الشرائع والمسبب بعث نبيّ وانزال الوحي عليه والمدد جمع مدة وهي الزمان، وقوله: فتطاولت الخ تفسير لقوله: {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} وفسره في الكشاف بقوله فتطاول على آخرهم، وهو القرن الذي أنت فيه العمر أي أمد انقطاع الوحي واندرست
العلوم فوجب إرسالك الخ وهو قريب مما ذكره المصنف إلا أنه لا إضمار فيما هنا، والعمر على تفسيره زمان انقطاع الوحي وعلى ما هنا بمعناه المعروف وحذف المستدرك للإيجاز. قوله:(تقرأ عليهم الخ) فالمراد بالتلاوة القراءة للتعلم كقراءة الدرس في زماننا لأنه المناسب، وقوله ولكنا كالاستدراك السابق لكنه لا تجوز فيه، والمعنى أنّ قصة شعيب عليه الصلاة والسلام إنما علمتها بالوحي أيضا، وقوله لعل المراد به الخ لئلا يتكرّر، وراعى فيه الترتيب الوقوعي والزمخشريّ عكس هذا وتبعه بعض المفسرين، وقد قيل إنه أولى لأنه الأنسب بما يلي كلاً من الاستدراك لا سيما وقد فسر الشاهدين بالسبعين المختارين للميقات، وهم كانوا معه إذ أعطى التوراة فكان على المصنف أن لا يفسره به وتغيير الترتيب الوقوعي لا
ضير فيه، ولذا قدمت قصة مدين، وقوله المذكوران في القصة أي قصة موسى عليه الصلاة والسلام في هذه السورة، وغيرها. قوله:(ولكن علمناك رحمة) إن كان مفعولاً به فالمراد به القرآن، وان كان مفعولاً له فقوله لتنذر علة للفعل المعلل، وأمّا كونه مصدرا فبعيد، وقوله متعلق بالفعل المحذوف هو علمنا وعلى قراءة الرفع فهو صفة ويحتمل تعلقه بالمستدركات كلها على التنازع. قوله:(لوقوعهم) الضمير لقوما وهذا بناء على أنّ موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام أرسلا للعرب، وأنه ليس بينهما نبيّ كما ورد لا نبيّ بيني وبين عيسى وما ذكر في سورة أخرى أنّ بينهما أربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل، وواحد من العرب وهو خالد بن سنان رواية أخرى ذكرها في محل آخر تكثيراً للفائدة، وزمن الفترة مختلف فيه ففي رواية ما ذكره المصنف وفي أخرى عن سلمان الفارسي أنها ستماثة سنة وما بينه وبين إسماعيل عليه الصلاة والسلام أكثر من ألفي سنة، وقوله على أنّ الخ أي هذا بناء الخ أو على للتعليل. قوله: الولا الأولى امتناعية (أي تدل على امتناع جوابها لوجود شرطها، ولذا أورد هنا إشكال وهو وأنه يقتضي إصابتهم بها وقولهم حتى قدروا كراهة أن الخ لدفعه، وقال صاحب الانتصاف أن التحقيق أنها إنما تدل على أنّ ما بعدها مانع من جوابها عكس لو فإنها تدل على لزوم جوابها لما بعدها، والمانع قد يكون موجوداً وقد يكون مفروضا وما هنا من الثاني فلا إشكال فيه، وإن لم يقدّر المضاف والتحضيضية هي بمعنى هلا للحث والحض على وقوع أمر، وقوله: واقعة خبر بعد خبر، وقوله لأنها الخ تعليل لكونها تحضيضية ووجه شبهها بالأمر أن التحضيض طلب فهو والأمر من واد واحد فيجاب بالفاء دون الامتناعية. قوله: (مفعول يقولوا) بالإضافة واردة اللفظ أي لولا الخ مقول القول ومفعوله، وهو إمّا منصوب بواقعة ولا يضرّ فصله بقوله لأنها الخ لأنه ليس بأجنبيّ عنه، وإنما قدم لئلا يطول الفصل بين المعلل وعلته أو خبر لأن بترك العاطف فيه جائز أو بدل من الخبر وقوله المعطية معنى السببية أي الدالة عليه، والمنبهة صفة للسببية ووقع في نسخة القول بدون ميم وهما بمعنى هنا، ووجه التنبيه أنّ وجود ما بعد لولا سبب لانتفاء جوابها فيكون هذا سبب السبب فالتصريح فيه بأداة السببية يدل على أنه هو المقصود بها لأن المعنى لولا قولهم هذا:{إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ} [سورة البقرة، الآية: 156] كقوله: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} والسبب في جعل سبب السبب سببا وعطف السبب الأصلي القريب عليه مزيد العناية بسبب السبب الموجب لتقديمه كما ذكره
سيبويه، وفيه تنبيه على سببية كل منهما أمّا الأوّل فظاهر؟ وأمّا الثاني فلاقترانه بالفاء كما حققه بعض شراح الكشاف. قوله:(وأنه لا يصدر الخ (أي لا يصدر عنهم هذا القول الدال على طلب إرسال الرسل ابتداء وعرضا وليس المراد الطلب في ذلك بل إنكار العقوبة قبل إرسال المنذر بها، وهو نكتة لترك الاختصار بالاقتصار على ما هو المقصود بالسببية، وهو معطوف على أنّ المقول، وقوله لولا قولهم إذا الخ إشارة إلى أنّ القول هو السبب كما مز، وقوله فنتبعها أي الآيات والمراد اتباع من أتى بها وعبر به موافقة للنظم، وقوله ما أرسلناك هو الجواب المقدر، وهو منفي ونفى النفي إثبات ولذا فسره بقوله إنما أرسلناك الخ. قوله:) يعني الرسول الخ أليس المراد إن الآيات بمعنى المرسل مجاز مرسل كما قيل بل إنه كناية عنه لأن اتباعها تصديق له، وقد فسر بنعمل بها أيضا ونتبع ما جاءت به، وقوله بنوع من المعجزات يعني ليس المراد به آيات
مخصوصة، وقيل المراد القرآن وتنوين نوع للتعظيم، وقوله ونكون من المؤمنين أي المخلصين المعهودين أو هو تفسير لما عطف عليه، وقوله جاءهم الحق أي الأمر الحق من المعجزات أو الرسول، وقوله أوتي نائب فاعله ضمير الرسول المعلوم من السياق، وقوله جملة حال من الكتاب، والاقتراج الطلب تحكماً ولذا فسره بقوله تعنتا، وهو طلب الزلة كما في المصادر واقتراحاً مفعول له لقالوا أو حال من فاعله. قوله:(يعني أبناء جنسهم الخ الما كان لاضمير في قوله: {قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى} لكفار العرب} كان ضمير أو لم يكفروا مثله أيضا لئلا تفكك الضمائر وهم لم يكفروا من قبل بما أوتي موسى، أوّله بقوله يعني أبناء جنسهم الخ أي الضمير راجع إلى جنس الكفرة المعاندين المتعنتين بالاقتراح، وما يصدر عن بعض أفراد جنس كأنه صادر عن البعض الآخر لاتحاد مذهبهم، وآرائهم فالضمير راجع إلى جنس الكفرة المعلوم من السياق، وهؤلاء لدخولهم فيهم كان كضميرهم خاصة، أو هو بتقدير مثل فقوله من قبل يصح أن يتعلق بيكفروا أو بأوتي أو الإسناد مجازي والضمير لهم خاصة لكنه لما صدر عن بعض أبناء جنسهم ممن كان بينهم، وبينه ملابسة أسند إليهم فكفرهم كفرهم ولا يخفى ما فيه من التكلف. قوله:) وكان فرعون عربياً من أولاد عاد (وهم من العرب وعن الحسن كان للعرب أصل في أيام موسى عليه اأصلاة والسلام فمعناه عليه أولم يكفر آباؤهم فكان هذا إشارة إلى ما ذكر، ولذا وقع في نسخة أو كان والظاهر أنه ليس وجهاً مستقلا، وإنما هو تأكييد للملابسة المذكورة ولا يخفى بعده أيضا،
وهذه رواية والأخرى إنه قبطيّ وهو المشهور. قوله: (يعنون موسى وهرون) فهو بيان لكفر من قبلهم بموسى وقوله أو موسى ومحمداً على أنّ من كفر بموسى أهل مكة على ما روي في الكشاف أنهم أرسلوا لليهود فسألوهم عن محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا إنّ نعته وصفته في كتابهم فلما أخبروا بذلك قالوا: ساحران تظاهراً، وعلى هذا لا تكلف في كون الضمير قبله لكفار مكة، وقوله من قبل متعلق بأوتي. قوله:(بإظهار تلك الخوارق) هذا على أنّ المراد موسى وهرون وما بعده على أنّ المراد موسى ومحمد وكونه عليهما تكلف، والكتابان التوراة والقرآن والمضاف المقدر ذوا وقوله أو إسناد تظاهرهما بالجرّ معطوف على تقدير والفعلان السحران، وقوله دلالة على سبب الإعجاز لأنّ السحر أمر خارق في الجملة، والإعجاز كذلك واعجاز التوراة بالأخبار عن الغيب من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم وإعجاز القرآن ظاهر فتظاهرهما تأييد كل منهما للآخر، وأصل أظاهر أتظاهرا فلما قلبت التاء ظاء وأدغمت سكنت فاجتلبت همزة الوصل ليبتدأ بالساكن. قوله:(بكل منهما) أي الساحرين موسى وهرون أو موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام أو السحرين، أو بكل الأنبياء وهذا حمله عليه عنادهم فلا يرد عليه أنهم مؤمنون بإبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، أو هذا ما اقتضاه حالهم وقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام، ونحوه فنزل منزلة القول أو لأنّ الكفر بأحدهم كفر بهم، وأمّا كونهم يرون رأي البراهمة من إنكار النبوّة مطلقاً كما قيل فلم ينقل. قوله:) وهو يؤيد الخ (لأنهما صاحبا الكتابين الدال عليهما فحوى السياق، وجعله مؤيداً لا دليلاً لاحتمال أن يراد موسى وهرون لكون إنكارهما مقدما وعلى الأوّل فالتقدير أهدى من كتابيهما، وهدّا جار على قراءة ساحرين وسحرين فتأمّل، قوله أتبعه جواب الأمر. قوله:) يراد بها الإلزام والتبكيت الا الشك والتردد، وهذا جواب عما يقال إنّ عدم إتيانهم به معلوم وهذا كما يقول المدلّ إن كنت صديقك القديم فعاملني بالجهل، وقوله ولعل الخ جواب آخر فهو لتهكمه بهم جعل صدقهم المحال عنده محتملا. قوله:(دعاءك الخ) لأنّ الأمر بالإتيان به دعاء أي طلب له منهم فالدعاء بمعناه
اللغوي، وهو المفعول المحذوف والعلم به من الاستجابة لأنها الدعاء، وقوله ولأنّ الخ وجه آخر مداره على الاستعمال الأغلب فلا ينافي صحته في نفسه، ولا ذكره نادراً فلا تدافع في كلام الكشاف كما توفم والفرق بين الوجهين أنه على الأوّل يحذف مطلقا للعلم به من فعله، وعلى هذا يحذف إذا ذكر الداعي لأنه مع ذكر الداعي والاستجابة يتعين أنّ مفعوله الدعاء فيصير ذكر. عبثا، وليس أجاب مثله كما توهم لقوله أجيبوا داعي الله، وقد صرّج به أهل اللغة، وقوله وباللام الخ وذهب أبو حيان إلى أنه يتعدى له بنفسه للبيت المذكور
والزمخشريّ جعله على تقدير مضاف أي فلم يستجب دعاءه، وقوله فإذا عدى إليه أي إلى الداعي بنفسه كما في البيت حذف الدعاء بجعله مضافا مقدّراً كما مرّ، ويحتمل أن يريد ما ذهب إليه أبو حيان بأن يتعدى إلى الداعي بنفسه، وليس على تقدير ولا حذف، وايصال فلا يذكر له مفعول آخر أصلاً حينئذ، ويشهد له قوله في آل عمران ويتعدّى بنفسه، وباللام فلا يحتاج إلى الجمع بين كلاميه بأنّ المراد تعد به باللام للثاني كما قيل لأنه خلاف الظاهر. قوله:(وداع الخ) هو من أبيات الكتاب وبعده:
فقلت اح أخرى وارفع الصوت جهرة لعل أبي المغوار منك قريب
أي رب داع دعا الناس، وقال هل أحد يجيب سائل الندا فلم يجبه أحد لقلة الكرام،
وغلبة اللئام ولو جعل ضممير يستجبه للدعاء المفهوم من داع لم يحتج إلى تقدير، وهذا إذا كان مستعملَا في معناه، فأمّا قوله:{وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا} [سورة الشورى، الآية: 26] بمعنى يعينهم كما ذكر في تفسيرها فليس مما نحن فيه. قوله: (إذ لو اثبعوا حجة الخ (أي ولم يقولوا هذان ساحران وغيره من الهذيان، وقوله بمعنى النفي أي هو إنكاري وقوله قد يوافق الحق إشارة إلى ندرته فإذا سلم وجوده يكون في حكم العدم فلذا كان توكيدا. قوله: (أو في النظم (أي نظمناه متصلَا بعضه ببعض رعاية للتناسب فيه كذكر الوعيد مع المواعظ، ونحوه والعبر جمع عبرة، وقوله في مؤمني أهل الكتاب أي مطلقا وما بعده مخصوص بمن آمن من أهل الإنجيل، وعلى هذا فهذه الآيات مدنية كما تقدم في أوّل السورة الإشارة إليه وقوله للقرآن أي القول المراد به القرآن أو القرآن المفهوم منه، وقوله استئناف الخ ويجوز كون الجملة مفسرة لما قبالها. قوله: (وكونهم) مبتدأ خبره باعتقادهم وقوله في الجملة أي إجمالاً لأنه لا يمكنهم العلم
به تفصيلاً، وقوله بصبرهم إشارة إلى أنّ ما مصدرية ولما كان الصبر حبس النفس على المكاره! ف قوله، وثباتهم عليه إشارة إلى أنّ المراد بالصبر على الإيمان الثبات، وأمّا في الوجه الآخر فهو على ظاهره وهاجرهم بمعنى عاداهم وباعدهم، وأخره وان كان الصبر فيه أظهر لأنه لا يخاسسب قوله مرّتين على ما فسره به فيكون كقوله:{ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} فهو لمجرد تكرر المبر منهم على الأذى وشدّته، ولو ترك قوله من أهل دينهم أوزاد عليه ومن المشركين كان أظهر كما في نسخة. قوله: (ويدفعون بالطاعة المعصية الا حاجة لتقييدها بالمتقدمة لأن دفع الطاعه لها يستلزم تأخرها كما صرّح به في الحديث الذي أورده، وقوله في سبيل الخير قيده به ليفيد المدح المقصود، وقوله تكرّما أي لا عجزا لأنه ذمّ، كما قيل في قول الحماسيّ:
ومن إساءة أهل السوء إحسانا
وكون المقول له اللاغين مفهوم من ذكر اللغو. قوله: (متاركة لهم وتوديعاً (يحتمل اللف والنشر على أنّ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم متاركة، كما في قوله:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} وسلا 3 عليكم توديع لأنّ السلام للوداع معروف ويحتمل أنه تفسير لقوله: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} فقط لأنهم يقولونه عند المتاركة كما في قوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [سورة الفرقان، الآية: 63] لأنه سلم من شتمه والتعرّض له، قال الجصاص استدل بهذه الآية على جواز ابتداء الكافر بالسلام وليص كذلك لأنه متاركة، وقد روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الكفار: " لا تبدؤهم
بالسلام وإذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم "، قوله:(لا تقدر على أن تدخلهم في الإسلام) وفي نسخة تدخله رعاية لمن لفظا ومعنى وجعل ا! هداية للإسلام بقرينة سبب النزول والمقام، وقد فسره بهذا في الكشاف وعلله بقوله لأنك عبد لا تعلم المطبوع على قلبه من غيره قال الشراح: إنما فسره بذلك لأنّ لكن الاستدراكية وضعت لتدخل بين كلامين متغايرين نفيا وايجاباً فإذا أوّل قوله، ولكن الله يهدي بيقدر على الهداية لعلمه بالمهتدين وجب أن يفسر هذا بأنك لا تقدر على الهداية لأنك عبد لا تعلم المهتدي، وعنوا أنه لما قرنت هداية الله بعلمه بالمهتدى، وأنه العالم به دونك دلّ على أنه المستعد للهداية كما صرّح به المصنف رحمه الله، وهداية المستعد ليست بالفعل فلزم أن تكون هدايته له بمعنى القدرة عليها، وأن تكون الهداية الأولى كذلك لتقع لكن في موقعها، ومن لم يقف على مرادهم قال إنه ليس بصحيح، وانّ أوّل الكلام قرينة على التجوّز في آخره لا العكس، كما قالوه لأنه لا يصح نفي وقوع الهداية مع المحبة، وليس
الاستدراك قرينة على التجوّز بل في قوله من يشاء دليل على أن المراد بالهداية ما هو بالفعل لأنّ المشيئة تتعلق به لا بالقدرة لكن لما حمل الأوّل على القدرة حمل هذا عليها فالمشيئة متعلقة بأثر القدرة، وكذا من قال إنّ الداعي له أنّ الهداية عند أهل السنة خلق الاهتداء لأنه لو كان كذلك لم يذكره الزمخشريّ، وقيل إنما فسر الهداية المنفية بالقدرة لأن نفي القدرة أبلغ من نفي الهداية وفيه نظر. قوله:(بالمستعذّين لذلك) يعني صيغة اسم الفاعل للمستقبل، ومن يهتدي في المستقبل مستعد للهداية فإن قلنا إنه حقيقة في الحال فهو من مجاز الأول لا وجه آخر كما توهم، والا فهو حقيقة لأنّ ما تفرّد الله بعلمه هو ما كان قبل الوقوع فأفعل هنا ليس على ظاهره بل للمبالغة في علمه بالغيب، وان جاز حمله على ظاهره فتأمّل. قوله:(والجمهور على أنها الخ) إشارة إلى الرد على بعض الرافضة إذ ذهب إلى إسلامه ولم يرتض ما وقع في الكشاف من قوله أجمع المسلمون ولا ما في تفسير الزجاج من قوله أجمع المفسرون، والحديث المذكور في الصحيحين والترمذقي مع اختلاف في بعض ألفاظه دون معناه، وأحاج من المحاجة وهي المجادلة بالحجة وهو جواب للأمر أو استئناف وجزع من الجزع وهو عدم الصبر إن لم يصبر على ما كان عليه خوفا من الموت ونحوه، وفي نسخة خرع بخاء معجمة وراء مهملة أي ضعف وخاف الموت والأولى بجيم وزاي معجمة. قوله:(نخرج منها) بالبناء
للمجهول أي يخرجنا الناس، والعرب من بلادنا ومقرّنا وأصل الخطف الاختلاس بسرعة فهو استعارة لما ذكر وهو من بليغ الكلام، وقوله ونحن أكلة رأس وفي نسخة وإنما الخ جملة حالية أو معترضة، وأن يتخطفونا مفعول نخاف وأكلة جمع آكل وهو مثل في القلة، وأصله ناس قليلون بكفيهم إذا أكلوا رأس واحدة من رؤس الحيوان المطبوخة، ويصح أن يراد بالرأس حيوان واحد. قوله:(نردّ الله الخ (أي ردّ ما زعموه من خوف التخطف بأنه آمنهم ببركة الحرم قبل الإسلام فكيف إذا أسلموا وضموا حرمة الإسلام إلى حرم المقام، وقوله أولم نجعل الخ إشارة إلى أنه ضمن معنى الجعل ولذا نصب حرما، وقوله ذا أمن لأنه وقع وصفا للمكان، وهو في الحقيقة وصف لأهله فلذا جعله للنسب كلابن وتامر ليفيد ما ذكر ولو جعل الإسناد فيه مجازيا كان موجها أيضا، وقوله تتناحر العرب أي يتقاتلون فيقتل بعضهم بعضا وينحره نحر الجزور، والنحر لا يستعمل حقيقة إلا في ذبح الحيوان فهو استعارة هنا. قوله: (يحمل إليه الخ) من جبى الخراج إذا جمعه، وقوله:(من كل أوب) أي من كل جانب وجهة وليس هذا تفسيرا لكل شيء كما توهم وكل هنا للتكثير، وأصل معناها الإحاطة، وقوله فإذا الخ بيان لما يفهم من السياق، وقوله يعرضهم إن كان من التعريض وهو جعل الشيء عرضة منتصباً للملاقاة فقوله التخوّف منصوب، وأن كان نزع الخافض أي للتخوّف، وان كان مخففا فهو على الحذف، والإيصال أي يعرض لهم والمصنف كثير التساهل في أمثاله. قوله: (جهلة الخ (إشارة إلى أن يعلمون منزل منزلة اللازم أي ليس من شأنهم العلم لعدم فطنتهم وتفكرهم وقوله متعلق بقوله من لدنا أي تعلقاً معنويا ولم يرتضه لكونه خلاف الظاهر، ولأنه ليس فيه كثير ذم وقوله لما خافوا غيره وفي نسخة ذلك، وهو التخطف مع ما مرّ وقوله من معنى يجبي لأنّ مآله يرزقون وذكر التخصيص لأنّ الحال لا تجيء مؤخرة عن نكرة غير مخصصه كما بين في النحو، واذا كان حالاً فهو بمعنى مرزوق ويجوز كونه مفعولاً له، وقوله ثم بين الخ عطف على قوله فرد الخ وهو بيان لمناسبتها والجامع بينها وبين ما قبلها وهو ظاهر، وقوله الأمر بالعكس
أي فينبغي الخوف من إهلاك الله لا من الناس والمراد بما هم عليه الكفر. قوله: (وكم من أهل قرية) فالقرية إمّا مجاز عن أهلها أو فيه مضاف مقدر لقوله فتلك مساكنهم فقوله بطرت الخ من الإسناد المجازي وكم خبرية، وقوله كانت حالهم الخ إشارة إلى أنّ المقصود به الوعيد، والاعتبار والأشر الفرح والغرور، والمراد بالسكنى التوطن ولذا قدّم قوله إذ لا يسكنها الخ تعليلاً لخلوّها فليس الأنسب تأخيره بعد قوله قليلاً مع أنه توطئة له، وقوله من شؤم معاصيهم تعليل لخرابها وقليلاً صفة ناس أو وقت أو سكن، وقوله إذ لم الخ بيان لمعنى إرثه لها. قوله:(وانتصاب معيشتها بنزع الخافض) أي حذف الباء أي بمعيشتها لا في لأنه يرجع لما بعده أو هو مصدر ميمي
انتصب على الظرفية كجئتك خفوق النجم، ولو مثل به كان أظهر من مثاله وهو زيد ظني مقيم أي في ظني لأن فيه احتمالاً آخر، والمضاف المقدر أيام أو زمان، وقوله مضاف إليه أي إلى الزمان لا إلى المعيشة حتى يقال التذكير لتاويله بالعيش أو اللفظ وكفر المضمن من كفران النعمة، وهو يتعدى بنفسه في الأصل لأنه بمعنى الستر وقد يتعدّى بالباء، قيل لا حاجة إلى تقدير المضاف هنا وفي مقدم الحاج لأنه يحتمل أن يكون اسم زمان بنفسه والجواب بأنّ التقدير على تقدير المصدرية لا يجدي، فالظاهر أنه لم يسمع اسم زمان فتأمّل. قوله:(وما كانت عادته) يعني أنه لم تجر به العادة الإلهية، ولم يسبق به القضاء الرباني ولا وجه لما قيل إنه غير ممتزج بما بعده، وقوله في أصلها تفسير لامها ولم يفسر أمّ القرى بمكة لأنّ كان تأباه، وقوله التي هي أعمالها أي توابع لتلك الأمّ لأنّ كرسي المملكة محل حكامها وما عدا. يسمى في العرف أعمالاً ونواحي وسواداً، وقوله لأنّ الخ بيان للحكمة في كون مبعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من السواد لا من الكفور والبوإدي بأنّ أهلها فيهم فطنة، وكيس فهم أقبل للدّعوة وأشرف والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يبعثوا إلا من أشرف البقاع والأجناس، وليس هذا بطريق الشرطية فليس فيه شيء مما قاله الفلاسفة حتى يتوهم أنه يجرّ إلى الفلسفة، ولم يقل إنّ القصبات مولد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حتى يقال إنّ عيسى عليه الصلاة والسلام ولد بالناصرة، وبعث بالمقدس ولوط ليس من أهل سدوم وأنبل من النبل وهو الذكاء والنجابة. قوله: الإلزام الحجة (ردّ على المعتزلة في إثبات الحسن والقبح العقليين وقوله مدة
حياتكم أخذه من الإضافة، وقوله المنقضية بالجرّ أو النصب صفة المدّة أو الحياة والثواب ما كان في الجنة فهو مقابل للدّنيا والبقاء مقابل للانقضاء، فلا وجه لما قيل إنه ينبغي أن يقال في متاع الدنيا مشوب بالأكدار ليقابل قوله خير وقوله وبهجة كاملة أي نعيم تامّ كما قاله ابن الأئير في حديث إذا رأى الجنة وبهجتها أي حسنها، وما فيها من النعيم ولو أريد المسرّة مجازاً صح أيضاً فلا وجه لما توهم من عدم مساعدة اللغة له لأنه بمعنى الحسن مع أنّ المقام لا يأباه ومثله سهل. قوله:(فتستبدلون الذي هو أدنى) فيه إشارة إلى أنّ الدنيا لفظها يشعر بأنها دنيئة كما قيل:
وعفت دنيا تسمى من دناءتها ديخا والا فمن مكروهها الداني
وقوله: وهو أبلغ في الموعظة لإشعاره بأنهم لعدم عقلهم لا يصلحون للخطاب فالالتفات
لعدم الالتفات زجراً لهم، وهذه نكتة للالتفات خاصة بهذا المقام، وقوله مدركه لا محالة من التأكيد بالاسمية ودلالة السببية لأنّ المسبب لا يتخلف عن سببه والفاء في أفمن لترتيب الإنكار على ما قبله، وقوله ولذلك أي لعدم الخلف للحساب أو العذاب لأنّ المحضر لأمر وهو في القيامة لذلك وقد غلب لفظ المحضر في القرآن في المعذب، واليه أشار الزمخشريّ وصرّح به في البحر، وقوله تعالى:{جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [سورة يس، الآية: 32] مع أنه يحتمل التغليب لا يرد على الغلبة نقضاً كما توهم بل يؤيدها. قوله: (وثم للتراخي في الزمان (قدمه لأنه المعنى الحقيقي ولا مانع عنه وفيه ردّ على الزمخشريّ حيث منعه، وقد أجيب عنه بأنّ التراخي الزمانيّ معلوم فلا فائدة فهي وتعقب بأنّ الرتبى كذلك، والآية مسوقة له ويدفع بأنه أنسب بالسياق فهو أبلغ وأكثر إفادة، وأرباب البلاغة يعدلون إلى المجاز ما أمكن لتضمنه لطاثف النكات فلا يرد عليه أنّ العدول إلى المجاز مع إمكان الحقيقة باطل كما ذكره الطيبي ويوم القيامة متعلق بالمحضرين قدم للفاصلة، والجملة معطوفة على متعناه وعدل إلى الاسمية للدلالة على التحقق، ولا يضرّه كون خبرها ظرفاً مع العدول كما توهم وحصول التحقق لو قيل أحضرناه لا ينافيه فتأمّل. قوله: (تشبيهاً للمنفصل) وهو الميم الأخيرة من ئم مع ما بعده لأنه
بوزن عضد فجعل مثله وسكن كما يسكن للتخفيف، وقوله وهذه الآية يعني قوله أفمن وعدناه الخ والاستفهام فيها إنكاريّ في معنى النفي وكونها كالنتيجة لأنه لما ذكر أنّ ما عند الله خير من متاع الدنيا لزمه نفي التساوي بينهما، ولا يرد عليه شيء. قوله:(عطف على يوم القيامة) والنداء للإهانة والتوبيخ، ولذا أجاب الشركاء مع أنهم غير مسؤولين ويجوز تعلقه بقال، وقوله تزعمونهم شركائي يعني أنّ المفعولين محذوفان اختصاراً دون أحدهما
فإنه لا يجوز على الأصح، وفي المغني الأولى أن يقدر تزعمون أنهم شركائي لأنه لم يقع في التنزيل على المفعولين الصريحين بل على إنّ وصلتها كقوله:{الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء} [سورة الأنعام، الآية: 94] وفيه نظر. قوله: (بثبوت مقتضاه) متعلق بحق والضمير للقول الموعود به وثبوته في الآخرة أو المراد المشارفة عليه، والمراد ممن حق عليه القول بعضهم وهم الشركاء، وفائدة الصلة إخراج مثل عيسى وعزير والملائكة لشمول الشركاء له ومبادرة الشركاء للجواب خوف مما دهاهم، وقوله وهو للقول وحذف العائد للتصريح به فيما بعده، وقوله غيا إشارة إلى أنّ كما الخ صفة مصدر مقدر والدلالة المذكورة من التشبيه والاستئناف بيانيّ في جواب كيف صارت غوايتكم. قوله:(ويجوز أن يكون الذدن صفة) أي هو خبر ويجوز كونه صفة لهؤلاء والجملة خبر وهذا ردّ على ما ذكره أبو عليّ في التذكرة من أنّ هؤلاء مبتدأ والذين أغوينا خبر مبتدأ محذوف، أي هم لذين أغوينا وهذه الجملة خبر وجملة أغويناهم مستأنفة، ولا يجوز كون الذين صفة وجملة أغويناهم خبرا لأنه لم يفد غير ما أفاده المبتدأ الموصوف، والتقييد بالظرف الفضلة لا يصيره مفيدا بحسب الأصالة بأنّ القيد الزائد صيره مفيداً ما لم يفده المبتدأ وصفته ولا يضره كونه فضلة فإنّ بعض الفضلات قد يلزم في بعض المواضع كما أشار إليه المصنف. قوله:(تبرأنا إليك الخ) موجهين التبرأ ومنهين له إليك وكونه هوى منهم وان سوّلوه
لأنهم لم يلجؤهم إليه وتقريرها لما قبلها لأنّ الإقرار بالغواية تبرؤ في الحقيقة، وقوله يعبدوننا إشارة إلى أنّ إيانا مفعول مقدّم للفاصلة، وكون العبادة لأهوائهم باعتبار نفس الأمر والمآل، وقوله من عبادتهم إشارة إلى أنّ الجار مقدر فيه على هذا الوجه. قوله:(فدعوهم من فرط الحيرة) قيل بل لضرورة الامتثال ورد بأنه ليس الأمر للإيجاب حتى يلزم امتثاله بل للتوبيخ والتقريع، والظاهر من تعقيبه بالفاء في قوله فدعوهم إنه إيجاب ليكون تفضيحا لهم على رؤس الأشهاد حيث استغاثوا بمن لا نفع له لنفسه فتأمّل. قوله:(لعجزهم عن الإجابة والنصرة (الإجابة هنا بمعنى الاستجابة لأنها قد ترد بمعناها والقرينة أنه الواقع في النظم ومنه أجيب دعوة الداع، ولذا عطف عليه النصرة للتفسير فلا يرد عليه ما قيل العجز عن الاستجابة لا عن الإجابة إذ يومئذينطق كل شيء مع أنّ نطق كل شيء ليس في كل موقف إذ منها ما يختم فيه على الأفواه. قوله: (لازباً) بالباء الموحدة أي لاصقا متصلاً بهم، وهو حال من المفعول لا مفعولاً ثانياً على أنّ رأى علمية لأنّ حذف أحد مفعولي إفعال القلوب ممنوع عند أكثر النحاة، وضمير رأوا للداعي والمدعوّ. قوله:(لما رأوا العذاب) جواب لو على التقديرين، وقوله يدفعون صفة وجه فما قيل إنّ جوابه محذوف وهو لدفعوا به العذاب أو يدفعون على تأويله بالماضي سهو، والذي غرّه ما في الكشاف وشروحه، وقوله وقيل لو للتمني مرضه لأنه يحتاج إلى تقدير وتأويل بعيد، ولأنه كان الظاهر أن يقال لو أنا كنا وتفصيله في شروح الكشاف. قوله:(يسأل أوّلاً عن إشراكهم الأنه المقصود من قوله أين شركاني، والسؤال من علام الغيوب للتوبيخ على الشرك لا لتعيين مكانهم. قوله: (فصارت الآنباء كالعمي عليهم) العمي بضم فسكون جمع أعمى وهذا يقتضي أنّ الأنباء شبهت بمن توجه لشيء وأثبت له العمي على طريق الاستعارة المكنية، والتخييلية بدليل قوله لا تهتدي إليهم، وقوله وأصله الخ يقتضي أنه من باب القلب المقبول لنكتة، وهي المبالغة في إثبات العمي للأنباء التي ليس من شأنها ذلك فما بالك بهم وحينئذ لا يكون استعارة فكلامه لا يخلو من الخلل، وما قيل إنه ليس مراده القلب بل إثبات حالهم للأنباء تخييلاً للمبالغة لا يخفى ما فيه، وكذا ما قيل إنّ القلب لا ينافي الاستعارة مع أنه لا يلائم ما سيأتي من اعتبار معنى الخفاء فيه فالظاهر أن يقال إنه أراد أنّ فيه استعارة تصريحية تبعية فاستعير العمي لعدم الاهتداء فهم لا يهتدون للأنباء، ثم قلب للمبالغة فجعل الأنباء لا تهتدي إليهم، وضمن معنى الخفاء فعدى بعلى ففيه أنواع من البلاغة الاستعارة والقلب
والتضمين بلا تكلف ما يأباه صريح العبارة. قوله: (ودلالة على أن ما يحضر الذهن) يعني انّ في هذا القلب دلالة على أنّ ما يحضر في ذهن المرء إذا استحضره بعد غيبته عنه كجوإبهم للرسل، واخبارهم في الدنيا التي ذهلوا عنها فإنه من جملة ما يرتسم في الذهن، وهو إنما يرد على الذهن من
الخارج بمعنى نفس الأمر إمّا ابتداء، وامّا بواسطة تذكر الصورة الواردة منه بإماراتها الخارجية فإذا أخطأ الذهن الخارج ونفس الأمر بأن لم يصل إليه لانسداد الطريق بينه وبيته بعمي، ونحوه لم يمكنيما إحضار ولا استحضار، وذلك لأنه لما جعل الأنباء الواردة عليهم من الخارج عمياً لا تهتدي دل على أنهم عمي لا يهتدون بالطريق الأولى لأنّ اهتداءهم بها فإذا كانت هي في نفسها لا تهتدي فما بالك بمن بها يهتدي فتدبر فإنه في غاية الخفاء، ولذا قيل إنه لو تركه كان أولى. قوله:(أو ما يعمها (أي ما يعمّ الأنباء المجاب بها الرسل وكل ما يمكن الجواب به، والتعتعة بتاءين فوقيتين وعينين مهملتين التردّد في الكلام لحصر أوعيّ، وقوله ويفوّضون الخ كقول عيسى حينئذ: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَاّ مَا عَلَّمْتَنَا} [سورة البقرة، الآية: 32] . قوله: (وتعدية الفعل) أي عميت لتضمنه معنى الخفاء، وهو أحسن من جعله بمعنى الاشتباه كما ذكره الراغب ولولاه لتعدى بعن، ولم يتعلق بالأنباء لأنها مسموعة لا مبصرة، وقوله لفرط الدهشة سواء، كانت انفاء في قوله فهم تفصيلية أو تفريعية لأنّ سبب العمي فرط الدهشة، وقوله أو العلم وفي نسخة والعلم بأنه مثله أي في العجز عن الجواب، وقوله فأمّا من تاب الفاء فيه لتفصيل إجمال يعلم مما قبله لبيان حال من تاب عن شركه ولترتب الأخبار به عما قبله. قوله:(وعسى الخ الإيذانها بتحقق ما يرجى منهم كما قيل عسى منك خير لنا من نعم أو هي للترجي على لسان العباد لأنه لا يليق به تعالى حقيقة. قوله: الا موجب عليه ولا مانع) مشيئة الله هي اختياره أو مقاربة له، والاختيار منه تعالى للفعل بمعنى أنه إن شاء فعل، وان شاء ترك أو كونه بحيث يصح منه الفعل والترك، وهو بهذا المعنى مقابل للإيجاب، ولما تقاربا وقد جمع بينهما هنا حاولوا التفسير على وجه يقع به التغاير ليسلم النظم من الحشو فقيل المراد أنه يخلق ما يشاء من الأعيان والأعراض، وقوله يختار معطوف على يخلق أي يخلق ما يشاؤه باختياره فلا يخلق شيئا بلا اختيار وهذا لم يفهم مما يشاء، فإنه لا يفيد العموم وقيل إنّ قوله لا موجب عليه
ولا مانع لف ونشر فالمشيئة عدم الإيجاب والاختيار عدم المانع ليفيد، وأورد عليه أنه لا وجه للتخصيص بلا مخصص، وقيل المشيئة تجامع الإيجاب بالذات دون الاختيار ففيه رد على الفلاسفة كما أن في ذكر المشيئة تنصيصا على الرد على من زعم أنه مقتض للعالم اقتضاء النار للإحراق ورد بأنه إن أريد بالمشيئة صحة الفعل والترك فهي لا تجامع الإيجاب أصلا وان أريد كونه إن شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل فكذا الاختيار ولا فرق بينهما فإنّ معناهما عندنا الأوّل وعند الفلاسفة الثاني وكلام المحشي هنا لا يخلو من الاضطراب. قوله:(التخير الخ) طيرة بوزن عنبة بمعنى التطير، وحكى ابن الأثير تسكين يائه قالوا ولم يجيء على هذا الوزن من المصادر غير خيرة وطيرة ولم يجيء من الأسماء غير طيبة بمعنى طيب، وتولة لنوع من السحر تتحبب به المرأة لزوجها يعني في المفرد المعتل العين. قوله:(وظاهره نفي الاختيارا لأن الخيرة والتخير والاختيار بمعنى كما يفهم من كلامه، وهو ظاهر النظم ولما كان فيه إيهام للجبر أشار إلى توجيهه بأنّ اختيار العبد، وإن كان ثابتاً عند أهل الحق لكنه يكون بالدواعي التي لو لم يخلقها الله فيه لم تكن، وهذا هو معنى قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} [سورة الإنسان، الآية: 30] وهو مذهب الأشعريّ رحمه الله قال: خاتمة المحققين الدوانيّ في مقالته في أفعال العباد الذي يثبته الأشعري وهو تعلق قدرة العبد وارادته الذي هو سبب عاديّ لخلق الله تعالى الفعل فيه، واذا فتشنا عن مبادي الفعل وجدنا الإرادة منبعثة عن شوق له، وتصوّر أنه ملائم وغير ذلك من أمور ليس شيء منها بقدرة العبد واختياره كما حققه وهو محصل كلام المصنف رحمه الله، فما قيل إنه مذهب الجبرية ليس بصحيح فإن أردت تحقيق ذلك فانظر تلك المقالة. قوله:) المراد أنه الخ (فالمعنى ما كان لهم الخيرة على الله أي التحكم عليه بأن يقولوا لم لم يفعل الله كذا كما ذكر في سبب النزول المذكور ومعنى ما كان أنه لا يليق ولا ينبغي فإنه أحد معانيه التي ورد بها، وهو مشهور فلا يصلح هذا وجها لتمريضه كما قيل لأنه غير موافق لسبب النزول المذكور وكون ما مرّ على قواعد المعتزلة من عدم جواز إرادته تعالى للكفر، والفسق وهم ولعل تمريضه له أنه لا دلالة عليه في النظم، وفيه حذف المتعلق من غير قرينة دالة. قوله: (ولذلك خلا) بالتخفيف والبناء للفاعل أو بالتشديد والبناء
للمجهول لأنه مؤكد لما قبله أو مفسر له إذ معنى يخلق ما يشاء، ويختار لا ما يختاره العباد عليه، وفي الوجه السابق هو مستأنف في جواب سؤال تقديره فما حال العباد أو هل لهم اختيار ونحوه فقيل إنهم ليس لهم اختيار والمختار ما اختاره الله. قوله:(وقيل ما موصولة مفعول ليختار) وهي في الوجه
الأوّل نافية والداعي لهذا دفع التكرار بين يشاء، ويختار ووجه تمريضه عدم مساعدة اللغة له فإنّ المعروف فيها أنّ الخيرة بمعنى الاختيار لا بمعنى الخير وعدم مناسبته لما بعده من قوله سبحان الله الخ، ولقوله يخلق ما يشاء أيضا كما في بعض شروج الكشاف وأمّا حذف العائد فكثير لا أنه يجرّ إلى مذهب الاعتزال إذ ليس المراد اختياره للخير على الوجوب بل بمقتضى التفضل، والكرم وليس الوقف على يختار، وان روي متعيناً لأن يكون تائا وأمّا كون ما موصولة مفعولاً ليختار، وكان تامّة بمعنى وجد ولهم الخيرة بتقدير ألهم الخيرة على الاستفهام الإنكاري فضعيف لما فيه من مخالفة الظاهر من وجوه. قوله:(أن ينازعه أحد الخ (الظاهر أنه على الوجه الأوّل في تفسير ما كان لهم الخيرة فإنه إذا لم يكن لأحد اختيار مستقل لا يقدر أن يختار غير ما اختاره الله، وينازعه في مختاره وقوله أو يزاحم على الثاني لأنه يحكم عليه فيزاحمه في اختياره وأمّا على الثالث فهو تعجب من إشراكهم من يضرّهم بمن يريد لهم كل خير، وقيل إن الأوّل على أنّ التعجب متعلق بقوله: {يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} [سورة القصص، الآية: 68] والثاني على أنه متعلق بما كان لهم الخيرة. قوله: (عن إشراكهم (فما مصدرية وفيما بعده موصولة بتقدير مضاف أو هو بيان لحاصل المعنى عليه، وقوله تكن صدورهم بمعنى يكنون في صدورهم كحقية رسالته وعداوته ونحو ذلك، وقوله لا أحد يستحقها أي العبادة إشارة إلى أن إله وإن كان عامّاً المراد به من يستحق الألوهية. قوله: (لأنه المولى الخ (المولى بزنة اسم الفاعل أي المعطى لجميع النعم بالذات وما سواه وسايط فالمراد بالحمد ما وقع في مقابلة الأنعام بقرينة ذكرها بعده بقوله: قل أرأيتم الخ مع أنه قد يخص به فلا وجه لما قيل إنه لم يفرق بين الحمد والشكر، وهو توجيه للحصر الدال عليه تقديم الظرف، ولم يلتفت إلى أنّ الحصر مجموع حمد الدارين إذ الحمد في الآخرة لا يكون لغيره لعدم الحاجة إليه كما مرّ في الفاتحة مع أنه قيل إنّ المراد بالنعم ما يشمك الفضائل والأوصاف الجميلة كالشجاعة التي هي بخلقه تعالى فالحمد عليها في الحقيقة لله تعالى لأنه مبدئها ومبدعها، ولو نظر إلى الظاهر لم يكن حمد الآخرة مختصاً به أيضاً: " فإن نبينا صلى الله عليه وسلم يحمده الأوّلون والآخرون في مقام الحمد، وبيده لواء الحمد في الآخرة والمحشر كما شهدت به النصوص " أا (. قوله:) بقولهم (متعلق
بقوله يحمده كابتهاجا بمعنى سرور يعني أنّ حمد الآخرة هو المذكور في هذه الآيات وأنه على وجه اللذة لا التكليف، وقوله الميم مزيدة لدلالة الاشتقاق عليه فوزنه فعمل، والدلامص بضم الدال المهملة وكسر الميم البراق، ومنه دلاص للدرع ومختار صاحب القاموس كبعض النحاة أنّ الميم أصلية ووزنه فعلل لأنّ الميم لا تنقاس زيادتها في إلوسط والآخر والسرمد الدائم، وقوله: بإسكان الخ تمثيل أو بجعلها غير مضيئة لا بالكسوف كما قيل لأنه لا يذهب ضوأها بالكلية إلا أن يريد به ذلك وهو سهل، والأفق الغائر بالغين المعجمة أي الأفق الغير المرئيّ، وليس تحت الأرض بالكلية حتى يكرن تكراراً كما قيل. قوله:(كان حقه الخ) لأنّ هل لطلب التصديق، وهو المناسب للمقام بحسب الظاهر لا من التي لطلب التعيين المقتضى لأصل لوجود لكنه أتى به على زعمهم أنّ آلهتهم موجودة تبكيتاً وتضليلاً فهو أبلغ وكان حقه أن لا يعبر بهذه العبارة لما فيها من ترك الأدب لكن إذا ظهر المراد بطل الإيراد، وقراءة ابن كثير بإبدال الياء همزة. قوله:(سماع تدبر واستبصار) دفع لما يتوهم كما سيصرّح به من أنّ الظاهر أن يقال أفلا تبصرون لأنّ هذا هو المطابق للمقام لأنّ المراد إنكم لو كنتم على بصيرة وتدبر لما ذكرناه عرفتم أنه لا إله غير الله يقدر على ذلك لأنّ مجرّد الإبصار لا يفيد ما ذكر فهو توبيخ لهم على أبلغ وجه. قوله: (ولعله لم يصف الضياء بما يقابله) أي يقابل المذكور هنا، وهو قوله
تسكنون فيه كان يقول ضياء تتحركون فهي، وتتصرفون لأنه لو وصف به دلّ على أنّ الامتنان بما فيه من التصرّف لا به نفسه، وأنه تبع وليس كذلك، وأمّا ظلمة الليل فليست مقصودة في نفسها بل النعمة ما فيه من الهدء، والستر والراحة. قوله:
(ولآنّ منافع الضوء كثر الخ) ما يقابله إمّا الليل فهو على تقدير مضاف أي من منافع ما يقابله أو السكون فيه فهو من قبيل أكثر من أن تحص أي هو متباعد في الكثرة عن مقابله والأوّل أظهر، والمراد أنها لو ذكرت كلها أو أكثرها طال الكلام، ولو اقتصر على بعضها توهم الاختصاص به فلا يرد عليه أنّ كثرة منافعه لا تصلح وجها، ولم يقابل الليل بالنهار لأنه لا يلزمه الضياء لجواز كون الشمس تحت الأرض فيه ونحوه من انكساف ضوئها بالكلية كما مرّ، ونفع النهار إنما هو بضيائه بخلاف الليل فإنه لا يخلو عن النفع سواء أظلم أم استنار ولما كانت منافع الضياء الكثيرة لا يقف عليها العوامّ إلا بالسماع من الخواص ذيل بقوله أفلا تسمعون، وأمّا كونه يلزم اجتماع الليل والنهار في الكسوف كما توهم فتعسف لأنّ المراد أنّ المقصود من النهار هو الضياء لأنّ النفع به فلذا خص بالذكر بخلاف الليل فتدبر. قوله:(لأنّ استفادة العقل من السمع الخ) أي قرن الضياء الكثير المنافع المحتاجة إلى كثرة الإدراك بما هو دالّ على كثرة الاستفادة المناسب له لأنّ جميع ما تدركه الحواس يعبر عنه بما يدركه السمع، ويزيد عليها بإدراك الأصوات ولذا ترا. مقدما على البصر في التنزيل، وقد مرّ له وجه آخر. قوله:(في الليل) إشارة إلى أنه لف ونشر ولذا قدر في النهار بعده، وضمير فضله لله وكونه للنهار على الإسناد المجازي خلاف الظاهر، وقوله من فضله لنفي الإيجاب، وفيه مدح للسعي في طلب الرزق كما ورد الكاسب حبيب الله، وهو لا ينافي التوكل وقوله ولكي إشارة إلى أنّ المقصود منه التعليل وقد مرّ تحقيقه ومعرفة النعمة لازمة للشكر فلذا ذكره. قوله:(جدّ بعد تقريع) أي ذكر مجذداً يعني أنه لكونه أعظم أعيد ذكره مرة بعد أخرى، أو أنه لتغاير المراد من ذكره في الموضعين ليس بمكرّر، وفساد الرأي ظاهر من قوله حق عليهم القول، ولذا حمل الأوّل عليه وحمل ذكره ثانياً على أنه تشه وهوى لقوله بعده هاتوا برهانكم، أو الأوّل إحضار للشركاء تبكيتاً عليهم لعدم صلوحهم لما نسب لهم لقوله بعده، وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم، وهذا تحسير لأنهم لم يكونوا في شيء من إيجادهم
لقوله وضل عنهم ما كانوا يفترون كما في الكشف. قوله: (وهو نبيهم الخ) ولا يضرّ كون الشهيد في موقف آخر غير الأنبياء، وهم أمّة محمد أو الملائكة لقوله:{وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء} [سورة الزمر، الآية: 69] فإنه دال على مغايرة الشهداء للأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكن المواقف متعددة فلا يرد ما ذكر على المصنف مع أنّ الدلالة على المغايرة غير مسلمة، ولو سلمت فشهادة الأنبياء لا تنافي شهادة غيرهم معهم لكن الحق الأوّل لأنّ قوله من كل أمّة، وافراد شهيداً صريح فيه، وقوله غاب عنهم غيبة الضائع إشارة إلى أن ضل بمعنى ضاع، وهو مستعار هنا للغيبة. قوله:(كان ابن عمه يصهر) بياء تحتية مفتوحة وصاد مهملة ساكنة وهاء مضمومة، وقاهث بقاف وهاء مفتوحة وثاء مثلثة، وفي بعض النسخ قاهاث بألفين ولاوى مقصور هو ابن يعقوب، وقاهث هو أبو عمران كما في التواريخ فكونه ابن عمه على هذه الرواية ظاهر، وفي رواية أخرى ذكرها المصنف في آلى عمران أنّ موسى ابن عمران بن يصهر بن قاهث الخ فيصهر جذه لا عمه، وهي رواية أخرى في نسبه كما صرّح به في المعالم فلا مخالفة بين كلامي المصنف. قوله:(فطلب الفضل الخ) أصل معنى بغى طلب ويختلف معناه باختلاف متعلقه فإمّا أن يكون المطلوب العلو والتحكم، وهو المعنى الأوّل وتعديته بعلى كالفضل والعلو أو هو بمعنى تكبر وتعذيه بذلك أيضا أو هو بمعنى الظلم أو الحسد لما فيه من طلب ما ليس حقه، وطلب زوال نعمة المحسود والفاء إمّا فصيحة أي ضل فبغى أو على ظاهرها لأنّ القرابة تدعو إلى الحسد ونحوه، وقوله وذلك أي طلبه الفضل أوالتكبر أو الظلم والحبورة بضم الحاء المهملة والباء الموحدة مصدر حبر الرجل إذا صار حبرا أي إماما مقتدى، وضمير عليهم للقوم وعلى الرواية الأخيرة لموسى وهرون أو للقوم أيضا، وقوله الأموال المدخرة فهو مجاز بجعل المدّخر كالمدفون إن كان الكنز مخصوصاً يه. قوله:(مفاتيح صناديقه) فهو على تقدير مضاف، أو الإضافة لأدنى ملابسة وكونه بالكسر على قياس اسم الآلة ومرّض كونه بمعنى الخزائن لأنه غير معروف، وقوله وقياسه المفتح أي بفتح الميم لأنه اسم مكان، وقوله صلة ما وما نقل عن الكوفيين من أنّ الجملة المصدرة بأن لا تكون صلة
للموصول خطأ قبيح لوقوعه في هذه الآية كما قاله الأخفش فإن كان
لم يسمع في غير هذه الآية لم ينهض ما ذكر لجواز كون ما موصوفة، ولا يخفى أنّ المانع لكونها صلة أنها تقع في ابتداء الكلام فلا ترتبط بما قبلها وهذا يقتضي أنها لا تكون صفة أيضا فلا يرد ما ذكر عليه، ووقع كونها حالية من بعض النحاة. قوله:(وناء به الحمل إذا أثثله (فالباء للتعدية ولا قلب ب. كما قيل على أنّ أصله تنوء العصبة بها أي تنهض فإنه لا حاجة إلى رتكابه، وقيل الباء للملابسة، والحمل بكسر الحاء ويجوز فتحها، وقوله الجماعة الكثيرة من غير تعيين لعدد خاص وهو الذي ذكره الراغب في مفرداته، وعوّل عليه المصنف هنا، وقد تقدم أن من أهل اللغة من عين لها مقداراً واختلفوا فيه فقيل من عشرة إلى خمسة عشر وقيل ما بين الثلاثة إلى العشرة، وقيل من عشرة إلى أربعين، وقيل أربعون وقيل سبعون، وقد يقال إن أصل معناها الجماعة مطلقا كما هو مقتضى الاشتقاق، ثم إنّ العرف خصها بعدد قد اختلف فيه أو اختلف بحسب موارده فتأمّل. قوله: (على إعطاء المضاف حكم المضاف إليه) وهو التذكير فإنه لا- يكتسب التذكير والتأنيث منه وخصه الزمخشريّ بتفسير المفاتح بالخزائن لما بينهما من الاتصالا كما في ذهبت أهل اليمامة، وينتج منه أنه ليس بجار إذا كانت المفاتح بمعنى المفاتيح ووجهلا أنّ النحاة اشترطوا في الاكتساب أن يكون المضاف بعضا أو كبعض، أو لفظ كل وما وضاهاه وقالوا إنّ ما هو كالبعض المراد منه ما كان بينهما اتصال تائم بحيث لو أسقط بقي معناه مفهوهـ! أمن المذكور والخزائن والكنوز والمرادة من ما الراجع إليها الضمير كذلك لأنّ الخزائن تطلق ويراد بها ما فيها كاليمامة مع أهلها بخلاف المفاتيح مع الكنوز فإذا لم يرد الخزائن ففيه مضاف مقدر رجع إليه الضمير كما في:
بردى يصفق بالرحيق السلسل
أي حمل مفاتحه فافهم، وقد مرّ فيه كلام في الأنعام. قوله:(منصوب بتنوء (على ألا. متعلق به واعترض! عليه أبو حيان بأنه لا معنى لتقييد أثقال المفاتيح للعصبة بوقت قول قومه له لا تفرح، وقال ابن عطية إنه متعلق ببغى عليهم ويرد عليه ما مرّ وكذا قول أبي البقاء إنه ظر! لآتيناه ورجح تعلقه بمقدّر كاظهر التفاخر والفرح بما أوتي إذ قال الخ أو بإضمار اذكر كما في اللباب. قوله: (لا تبطر) البطر فرح ينشأ من الغرور بالنعمة، وقوله مطلقا قيد للذم أو لا! لهمرت
لأنّ السرور بها لذاتها جهل ورأس كل خطيئة أمّا أنه يسرّ بها لكونها وسيلة إلى شيء آخر من أمور الآخرة فلا يذمّ، والترح ضد الفرح والبيت المذكور من قصيدة للمتنبي أوّلها:
بقاني شاء ليس! هم ارتحالا
الخ ومثله قول ابن شمس الخلافة:
واذا نظرت فإنّ بؤساً زائلا للمرء خيرمن نعيم زائل
وقد روي عن الحسن أنّ آية ولا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم جمعت الزهد
كله، وقوله فإن العلم الخ بيان للذهول عن ذهابها، وقوله مفارق في نسخة بدله مفارقه بالضمير أو بتاء التأنيث لأنّ ما عبارة عن اللذة وعنه متعلق بانتقالاً مقدّراً أو بالمذكور إن قلنا بتقدم معمول المصدر عليه، إذا كان ظرفاً، وقوله ولذلك أي لكون الفرح بها مذموما شرعا قال الخ فعلم كونه مذموماً من هذه الآية أيضاً فهذا برهان إني لا لمي حتى يرد أنه مبنيّ على مذهب المعتزلة في الحسن والقبح، ولا يندفع هذا بجعل الإشارة إلى كون الفرح نتيجة حبها الخ بل يتأكد، وقوله علل قيل إنه معطوف على قوله الفرح بالدنيا مذموم الخ لا على قال كما قيل وفيه نظر، ومحبة الله مصدر مضاف للفاعل. قوله:) وابتغ فيما آتاك الله) في ظرفية أي متقلبا ومتصرّفا فيه أو سببية بمعنى الباء وهو الظاهر من كلام المصنف أي ابتغ يصرفه والدار الآخرة مفعوله بتقدير مضاف أي موجب الدار الخ لا عقبى الدار الآخرة كما قيل، وقوله تترك لأنّ النسيان يطلق على الترك مجازاً كما مرّ. قوله:(وهو أن تحصل الخ) الضمير للنصيب وأخبر عنه بالمصدر مبالغة أو لعدم الترك كما قيل، وقد فسر النصيب بالكفن، وقوله أو تأخذ الخ محصله الأمر بالقناعة والكاف في كما أحسن للتشبيه أي أحسن للعباد مثل ما أحسن الله الخ أو ائت بشكر حسن مماثل للإحسان أو للتعليل. قوله:(نهي عما كان الخ) ووقع في بعض النسخ زيادته إلى قوله بأمر أي نهى عن الاستمرار عليه فقوله بأمر متعلق بكان على هذه النسخة، وعلى الأخرى بتبغ والباء على الأولى للسببية، وعلى هذه
للملابسة والأمر عبارة عما آتاه الله من العنى أو حب الجاه والمال، وقوله لا يحب المفسدين قيل فيه تنبيه على أنّ عدم محبته كاف في الزجر عما نهى عنه فما بالك بالبغض والعقاب وهو حسن، وقيل عدم محبته كناية عن
البغض الشديد كما أن محبته مزيد الأنعام. قوله: (فضلت به) أي بما عندي من العلم جواب عن قولهم له إنّ ما عندك تفضل من الله فأنفق منه شكراً ليبقى فكأنه رده بأنه ليس تفضلاً بل لاستحقاق في ذاته، والتفوّق العلوّ والرفعة. قوله:(وعلى علم في موضع الحال (من الفاعل هكذا ذكره المعربون، ولم يجعلوا على تعليلية متعلقة بأوتيت على أنه ظرف لغو لأنه أصل معناها، ولأنّ المراد أنه استوجبه على علمه فعلى للإيجاب كما في عليّ كذا وهو المراد في قولهم فعله على علم، والكيمياء لفظ يوناني بمعنى الحيلة، ثم غلب على تحصيل النقدين بطريق مخصوص، وقد قيل إنه كان تعلمها من موسى عليه الصلاة والسلام، وقيل إنه لا أصل له، وقال الطيبي إنه من قبيل المعجزة لما فيه من قلب الأعيان ولذا أنكره بعض الحكماء ورد بأنه لو كان معجزة ما قبل التعلم، وهل يحل تعلم علم الكيمياء أولاً قيل وهو مبنيّ على الخلاف في قلب الحقائق أي انقلاب الشيء عن حقيقته كالنحاس عن الذهب فقيل نعم، وقيل لا فعلى الأوّل من علم العلم الموصل لذلك القلب علماً يقينيا جاز له علمه وتعليمه إذ لا محذور فيه بوجه، وإن قلنا بالثاني أولم يعلم الإنسان ذلك العلم اليقيني وكان ذلك وسيلة لغش حرم، والدهقنة أمور الزراعة واستغلال العقار اشتقوه من الدهقان، وهو لفظ فارسي يطلق على من يتعاطاه وأصل معناه رئيس القرية. قوله: (وعندي صفة د (أي لعلم لأنه ظرف وقع بعد نكرة، والمراد أنه مختص به وإذا تعلق بأوتيته فهو بمعنى في ظني واعتقادي ورأيي كما يقال حكمه الحل عند أبي حنيفة ولا حاجة إلى جعله جملة مستقلة أي هذا اسنقرّ عندي وفي رأيي وهي جملة مستانفة مقرّرة لما قبلها، وهو ما في الكشاف ومختار صاحب الكشف. قوله تعالى: ( {أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً} ) يحتمل القوّة الجسمية والمعنوية وجمعا يحتمل جمع المالط وجمع الرحال، وقوله تعجب وتوبيخ يعني الاستفهام، وقوله بذلك أي الإهلاك واغتراره مفهوم من كلامه السابق. قوله:(أو رد لادعائه العلم الخ) بنفي متعلق برد وهذا العلم علم أنّ الله قد أهلك الخ، وقوله أعنده الخ تقرير لهذا الوجه بأنّ الوجه بأنّ الهمزة للإنكار داخلة على مقدر وجملة ولم يعلم حالية مقرّرة للإنكار ودالة على انتفاء ما دخلت عليه كقولك أتدير الفقه وأنت لا تعرف شروط الصلاة، وليست معطوفة على الجملة المقدرة كما ذهب إليه الشراح لأنّ ما
اخترناه أنسب بالمعنى فتدبر فنفى علمه به مع إثباته له فيما قبله لعدم جريه على موجب علمه فلا تنافي بينهما فافهم، ويقي بمعنى يصون من الوقاية ومصارع الهالكين مواضع الهلاك والمراد ما يوجبه. قوله:(سؤال استعلام الخ) إشارة إلى التوفيق بين هذه الآية وقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ} [سورة الحجر، الآية: 92، فإنّ السؤالين متغايران لما ذكر أو باعتبار مكانين أو زمانين فلا تناقض فيهما، وقوله بغتة أي بلا معاتبة وطلب عذر وجواب فلا ينافي السؤال فتأمّل. قوله:(كأنه الخ) بيان لاتصال الآية بما قبلها، وقوله أغنى من الغني أو العتوّ وقوله أكد ذلك أي التهديد، وقوله: بين أنه أي الهلاك وصنيع المصنف أظهر مما في الكشاف، وقوله مطلع ناظر إلى التفسير الأوّل، وهو من عدم السؤال وما بعده من الفحوى فإنّ عدم سؤال المذنب مع شدة الغضب عليه يدل على الإيقاع به. قوله:(1 لأوجوان) بضم الهمزة والجيم الحمرة والأحمر معرّب أرغوان، والمراد أن جله من حرير أحمر على نسخة عليها أو لباسه منه على نسخة عليه وهي أصح، وقوله على عادة الناس متعلق بحسب المعنى بقال، أو يريدون والظاهر الثاني بناء على أنّ العادة تناسب الاستمرار الذي يدل عليه المضارع ولأنّ عادتهم الإرادة في الأكثر لا القول، والجار والمجرور عليهما حال أو صفة مصدر مقدر، وقوله حذراً عن الحسد لأنه مذموم بخلاف الغبطة، وعن قتادة تمنوه ليتقرّبوا به إلى الله وينفقوه في سبيل الخير ويؤيده قوله ثواب الله خير فإنه يدل على أنهم مؤمنون، ولا ينافيه قوله يريدون الحياة الدنيا لأنه لا يلزم إرادتها لذاتها، وقوله للمتمنين متعلق بقال. قوله: (دعاء بالهلاك (أي في الأصل والمراد به هنا الزجر عن هذا التمني مجازاً وهو منصوب على المصدرية، وقوله بل من الدنيا وما فيها أخذه من مقابلة الثواب، وحذف
المفضل عليه. قوله: (الضمير فيه للكلمة (وهي قولهم ثواب الله خير الخ والكلمة بالمعنى اللغوي، وقريب منه أنه للخصلة، وهو المراد بالسيرة ومعنى تلقيها إمّ فهمها أو التوفيق للعمل بها والجنة مفهومة من الثواب وعطف الطريقة
على السيرة تفسيري. قوله: (على الطاعات وعن المعاصي) في الكشف الصبر حبس النفس، وهو كف وثبات فلذا عدى تعديتهما بعن وعلى إذ له متعلقان ما انقطع عنه وهو المعصية، وما اتصل به وهو الطاعة فعدى للأوّل بعن وللثاني بعلى، وقيل عن فيه بدلية كما في قوله:{لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم} [سورة آل عمران، الآية: 0 ا] وقوله ما قسم الله من القليل عن الكئير. قوله: (روي الخ (رواه الطبرانيئ عن ابن عباس رضي الله عنهما وصلحه عن الزكاة بوحي أو كان جائزاً في شرعه، وقوله ليرفضوه أي يتركوا أتباعه ويكرهوه وقوله فبرطل أي أعطى البرطيل بكسر الباء وهو الرشوة ونحوه، قال المعري: في عبث الوليد أن البرطيل الذي استعمله العامّة بمعنى الرشوة لا يعرف في كلام العرب القديم، وإنما هو في كلامهم بمعنى الحجر المستطيل فهو مأخوذ منه كأنهم رموا الخصم بحجر لتشبيههم له بالكلب، ثم تصرّفوا فيه والبغية الزانية، ورميها أن تقول إنها زنا بها، وقوله ولو كنت تقديره ولو كنت أنت زانياً ترجم، وقوله فناشدها أي أقسم عليها بالله، وقوله أن تصدق أي لأن تصدق، وقوله: فخرّ أي سجد متضرّعا إلى الله بالدعاء عليه وأمره للأرض من معجزاته عليه الصلاة والسلام، وفيه إنّ سالث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقتل والمأخوذ هو ورجلان آخران كما في الكشاف، وقوله يتضرّع إليه أي إلى موسى يرجو عفوه والخلاص وللقسم بالعزة والجلال هنا مناسبة تامّة. قوله: (مشتقة من فأوت (فسميت الجماعة مطلقا به لميل بعضهم إلى بعض وتفسيره بالأعوان هنا بقرينة المقام وقوله له، وهو محذوف اللام ووزنه فعة، وقال الراغب: إنه محذوف العين فوزنه فلة وانه من الفيء، وهو الرجوع لأنّ بعضهم يرجع لبعض ولكل وجهة، وقوله من المنتصرين إن كان المراد بنفسه فظاهر وإن كان المراد بأعوانه فذكره للتأكيد. قوله: (منزلته (أي
مثل منزلته وحاله في الغنى، ولظهوره لم يصرّح به مع أنه معلوم من قوله أوّلاً مثل ما أوتي ولم يحمل على إقحام مثل هناك لأنه غير مناسب لكونهم مؤمنين كما مرّ ولأنه تأويل قبل أن تمس الحاجة له، وقوله بالأمس متعلق بتمنوا أو بمكانه وجعل الأمس مجازا عن القرب كما في قوله:{كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [سورة يونس، الآية: 24] وهو شائع بمنزلة الحقيقة إذ المراد قربه لا تعيين زمانه، وان جاز حمله على الحقيقة والاستدلال بمثله عناء بلا غناء، ويقدر مقابل يبسط أي يضيق ويقتر. قوله:(مركب من وي للتعجب الخ) ويكون للتحسر والتندم أيضا كما صرّحوا به، قال الراغب: وهي اسم فعل لا عجب ونحوه وكان ظاهرة في التشبيه، وقوله والمعنى أي على هذا التقدير ما أشبه الأمر والحال أي أمر الدنيا والناس مطلقا إلى آخر أمر قارون وما شوهد من قصته، والأمر مأخوذ من الضمير فإنه للشأن والمراد من تشبيه الحال المطلق بهذه الحال أنه لتحققه وشهرته يصلح أن يشبه به كل شيء كما أشار إليه في الكشف فاندفع ما قيل إنه لا معنى للتشبهي هنا لأنه غلب فيه معنى التحقق، والشهرة إلا أن الكلام في ما ادّعاه من الدلالة على هذا المعنى فإنه غير ظاهر، وما قاله الهمداني في الفرائد من أنّ مذهب سيبوبه، والخليل أنّ وي للتندم، وكأنّ للتعجب والمعنى ندموا متعجبين في أنّ الله يبسط الخ فيه أنّ كون كأنّ للتعجب لم يعهد، والحاصل أنّ كلامهم هنا لا يخلو من الكدر فليحرّر، وقوله أنّ الله بتقدير بأنّ الله وقيل إنه بدل من الأمر. قوله:(وقيل من ويك) أي مركب من ويلك فخفف بحذف اللام والعامل في أن أعلم المقدر كما صرّح به والكاف على هذا ضمير في محل جرّ، وقوله فلم يعطنا ما تمنينا من مثل غنى قارون، وهو تفسير لقوله من الله علينا، وفي نسخة بدون الفاء وقوله لتوليده الضمير لما تمنينا وقيل لله، وقوله لنعمة الله فهو من كفران النعمة وما بعده على أنه من الكفر بمعناه المعروف، وقوله وقرأ حفص هي قراءة يعقوب وعاصم وشعبة أيضا وعليها فالمفعول محذوف أي خسف الأرض، وقوله إشارة تعظيم التعظيم من البعد المستعار لعلوّ المرتبة، وقوله التي سمعت خبرها إشارة إلى أنها لشهرتها نزلت منزلة المحسوس فلذا أشير إليها، وقوله والدار صفة أي لاسم الإشارة لأنه يوصف بالجامد والآخرة صفة للدار
ولا حاجة إلى تقدير مضاف أي نعيم تلك
كما قيل، وقروله: كصا أراد الخ إشارة إلى دخولهما دخولاً أولياً لا أنّ الموصول مخصوص بهما كما قيل وإعادة لا للإشارة إلى أنّ كلا منهما مقصود بالنفي، وقيل إنه إشارة إلى الردّ على الزمخشريّ في استدلاله بهذه الآية على خلود مرتكب الكبيرة لأنها في الكفرة مع أنه لا دلالة فيها بوجه حتى يحتاج للردّ، وهو إمّا لف ونشر أو راجع لكل منهما إذ كل منهما لا يخلو من علوّ وفساد. قوله:(ما لا يرضاه الله) مفعول المتقين أي الذين اجتنبوا ما لا يرضاه الله، والمراد بالمحمودة إمّ المحمودة على وجه الكمال فلا يرد مرتكب الكبيرة، أو المراد مما لا يرضاه مثل حال قارون بقرينة المقام والنصوص الدالة على أنّ غير الكفار لا يخلد في النار فلا وجه لما قيل إنه تقييد بلا دليل مع أنّ مبني الاستدلال على أنّ اللام للتخصيص، وهو ممنوع. قوله:(ذاتاً) إذ لا تقارب بين ذاتي أمور الدنيا والآخرة، وقدراً لأنها مضاعفة، ووصفاً لأنها باقية سالمة من التعب بخلاف هذه، وتكرير إسناد السيئة يدلّ على أنهم في أسوأ الأحوال، والمبالغة في المماثلة لطف منه تعالى إذ ضاعف الحسنات، ولم يرض بزيادة جزاء السيئة مقدار ذرّة، وفي جمع السيآت دون الحسنة إشارة إلى قلة المحسنين، وفي ذكر عملوا ثانياً دون جاؤوا إشارة إلى أنه عن قصد لأنّ العمل يخصه كما قاله الراغب: فانظر ما حوته هذه الآية من نكات البلاغة. قوله: (أيّ معاد الخ) أي تنوينه للتعظيم، وقوله وهو المقام المحمود الخ أي مقام الشفاعة العظمى في يوم القيامة لأنه المتبادر منه، وإن كان يطلق أيضاً على منزلته العليا في الجنة، وقد فسره به ابن عباس رضي الله عنهما وعليّ كرّم الله وجهه، واختاره المصنف لأنّ المعاد صار كالحقيقة في المحشر لأنه أبتداء العود إلى الحياة وردّه إلى ما كان عليه فجعل معاده عظيماً لعظمة مقامه فيه فليس في معاد ورادّ نبوّ عنه كما توهم، وأمّا ترجيح تفسير ابن عباس وعليّ بأنه أعيد إلى لجنة التي كان فيها وهو في ظهر آدم فلا يخفى بعده. قوله:(أو مكة التي اعتدت بها) كونه بمعنى مكة هو المذكور روايته في الببخاري وقوله التي اعتدت بها جعل المعاد من العادة لا من العود لأنّ المعنى أنه رادك إلى محل اعتدته، وألفته ولو كان من العود وهو بمعنى الردّ كان معناه رادك إلى مردّ أو معيدك إلى معاد، لا يخفى ركاكته، وأمّا توهم أنه يلزم اوتكاب المجاز بلا ضرورة إن كانت الآية
مكية، وان كانت جحفية فلا ورادّ على الاحتمالين مجاز فلا وجه له، ومهاجره زمان هجرته وهو مضاف إلى ضميره وعلى هذه الرواية فهذه الآية ليست مكية. قوله:(وعده بالعاقبة الحسنى في الدارين الخ) هو على التفسير الثاني لأنّ وعده بالعاقبة الحسنى في الآخرة من قوله والعاقبة للمتقين، وفي هذه الدار من قوله لراذك إلى معاد على هذا التفسير فمن قال إن المراد أنه وعده خاصة وانّ قوله في الدارين مبنيّ على جواز الجمع بين معنيي المشترك فإنّ المعاد كالمشترك، وانّ أو في قوله أو مكة لمنع الخلو أو جعل في الدارين متعلقاً بالحسنى فقد تعسف وتكلف وأهون منه ما قيل إنه على الاحتمالين لامعا حتى يلزم ما ذكر مع أنه لا حاجة إليه لما عرفت. قوله:(وما يستحقه من الثواب والنصر) أشار به إلى ارتباطه بما قبله على الوجهين لأنّ الجائي بالهدى صادق فيصدق في الردّ إلى المعاد، وقوله يفسره أعلم لأن أفعل لا يعمل نصب المفعول به، وقوله العذاب والإذلال في مقابلة الثواب والنصر، وقوله يعني به نفسه الخ لف ونشر فنفسه من جاء بالهدى والمشركين من هو في ضلال، وقوله تقرير الخ المقرّر قوله إنّ الذي فرض عليك القرآن الخ لأنه لما أوجبه عليه ووعده في مقابلته بإحدى الحسنيين قرّره بأنه يجازي كل أحد على علمه وتحقق جزائه يقتضي امتثال إيجابه، والتصديق بوعده. قوله:(كما ألقى إليك الخ) التشبيه في بعد رجاء كل منهما، وهو بيان لكونه مقرّراً لما قبله، وقوله ولكن الخ إشارة إلى أنه استثناء منقطع وتقدير ألقاه ليناسب ما قبلى ويكون الاستدراك في محز.، وقوله ويجوز أن يكون استثناء الخ إشارة إلى أنّ المنقطع ليس استثناء في الحقيقة بل استدراك، وقوله على المعنى وهو أنّ عدم رجاء الإلقاء يتضمن عدم الإلقاء فكأنه قيل ما ألقى إليك لأجل شيء أو في حال من الأحوال إلا الخ فهو مستثنى من أعمّ العلل أو من أعمّ الأحوال كما أشار إليه بقوله لأجل الترحم (وفيه بحث) وهو أن يقال ما الحاجة إلى اعتبار المعنى مع أنه يصح أن يقال ما كنت ترجو الإلقاء لأجل شيء من الأشياء إلا لأجل