الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسببه لجعله كالغرض لهم منه فهي لام العاقبة في الحقيقة فقوله بشركهم متعلق بكافرين ونعمة النجاة مفعوله، وقيل المعنى ليجمعوا التمتع إلى كفران النعمة لعطفه بالواو الجامعة، وهو أقوى شبهاً بالغرض ولا يخفى أنّ إعادة اللام تأباه. قوله:(أو لام الأمر) معطوف على قوله لام كي، واذا كانت الثانية لام الأمر فالأولى كذلك ليتضح العطف وتخالفهما محوج إلى التكلف والأمر بالكفر والتمتع مجاز في التخلية والخذلان والتهديد كما تقول لمن يخالفك في الغضب أفعل ما شئت ووجه التأييد أنّ لام كي لا تسكن وقوله فسوف تعلمون مؤيد للتهديد أيضا. قوله:(جعلنا بلدهم الخ) يحتمل أنه إشارة إلى أنه متعد لمفعولين حذف أوّلهما ويحتمل أنه بيان لحاصل المعنى، وقوله مصوناً تفسير لقوله حرما وقوله آمنا أهله إشارة إلى أنّ أمنه كناية عن أمن أهله وهو إسناد مجازيّ أو فيه مضاف مقدّر وتخصيصهم، وان أمن كل من فيه حتى الطيور والوحوس لأنّ المقصود الامتنان عليهم، ولأنه مستمرّ في حقهم وقوله يختلسون تفسير للاختطاف، وقوله في تغاور تفاعل من الغارة وهي معروفة والظاهر أنّ جمله ويتخطف الخ حالية بتقدير مبتدأ. قوله:(أبعد هذه النعمة المكشوفة) أي الظاهرة وهي نعمة الأمن والنجاة، وقوله بالصنم أو الشيطان تفسير للباطل ولذا قدمه ليوافق المفسر به، وقوله للاهتمام لأنهما مصب الإنكار لا الإيمان ولا الكفران فينبغي تقديمهما كما تقرّر في المعاني، ولما كانوا يؤمنون بالله أيضاً ويكفرون غير نعمته جعل الاختصاص ادعائياً للمبالغة لأنّ الإيمان إذا لم يكن خالصا لا يعتد به ولأنّ كفران غير نعمه بجنب كفرانه لا يعد كفرانا، ولم يجعله
للفاصلة لأنه عكازة أعمى. قوله: (بأن زعم أنّ له شريكاً (وكونه كذباً على الله لأنه في حقه فهو كقولك كذب على زيد إذا وصفه بما ليس فيه، وقوله يعني الرسول تفسير للحق، وقوله بل سارعوا لجعل التكذيب مقارنا لمجيئه كما تفيده لما الحينية. قوله: (تقرير لثوائهم) أي إقامتهم فيها وهو ظاهر في أنّ مثوى مصدر ميمي وهو يحتمل المكان أيضاً لأنّ الاستفهام فيه معنى النفي ونفي النفي إثبات كما في قول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راج
وقوله ألا يستوجبون إشارة إلى أنّ الظاهر أقيم مقام الضمير لتعليل استيجابهم الثواء، ولا ينافي كون ظاهره أنّ العلة كذبهم وافتراؤهم لأنه لا يغايره والتعليل يقبل التعدد فتعريفه للعهد. قوله:(أو لاجترائهم الخ) معطوت على قوله لثوائهم فالمراد على هذا مطلق جنس الكفرة، ويدخلون منزلة العالم قوله في حقنا وجعلهم عالمين بأن جنهم مثوى الكفرة لوضوحه وظهوره فنزلوا فيه دخولاً أولياً برهانيا ففيه مضاف مقدر ومعنى في حقنا من أجلنا ولوجهنا خالصا وأما جعل للميالعة يجعل ذأت الله مستقرّا للمجاهدة كما قيل: فلا حسن فيه، وقوله بأنواعه أي الجهاد كالقتل والأسر وقمع النفس بالصبر على المكاره والعبادة ولا حاجة إلى تأويل جاهدوا بأرادوا الجهاد لتقدم الهداية عليه على ما فسره المصنف به، وطرق الوصول إلى الله ورضوانه هي الطاعات والمجاهدات كما لا يخفى، وقوله لنزيدنهم إشارة إلى ما مرّ من أنّ الجهاد هداية أو مرتب عليها وأيد إرادة الزيادة بالآية والحديث المذكور ومعنى ورّثه أعطاه. قوله:(بالنصر والإعانة) لأنّ معية الله إنما هي بإعانة الله لعبده وتقدم الجهاد المحتاج للنصرة قرينة قريبة،
والحديث المذكور من حديث أبيّ الموضوع وهو مشهور وتخصيص المؤمنين والمنافقين لذكرهم في هذه السورة تمت السورة بحمد الله وعونه وتوفيقه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سورة
الروم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مكية الخ الم يستثن في الإتقان والتيسير شيئاً منها قيل وهو الأصح والاستثناء
مبنيّ على قول
الحسن وهو خلاف مذهب الجمهور والتفسير المرضي كما سيأتي بيانه لكن المصنف قصد تتميم الفائدة هنا. قوله تعالى: ( {أَدْنَى الْأَرْضِ} ) أدنى أفعل تفضيل بمعنى أقرب فالأرض إمّا من أرضى العرب فأقر بيتها من أرض الروم أو أرض الروم فأقر بيتها من بلاد العرب كما أشار إليه المصنف رحمه الله، وقوله منهم ومن العرب صلة أدنى بمعنى أقرب لأنه يتعدى بمن لا من الداخلة على المفضل عليه لأنه مضاف، وأفعلى لا يجمع فيه بين من والإضافة وأل في الأرض للعهد، والمعهود قد يتقدم ذكره وش! مى عهداً ذكرياً وقد لا يتقدم كما هنا واليه أشار بقوله لأنها الأرض المعهودة عندهم أو هو إشارة إلى أنها في حكم المذكور لحضورها في ذهنهم وفيه إيماء إلى ترجيحه بتعليله، وتقديمه لكنه مخالف للرواية لأنّ المرويّ من طرق عديدة أنّ الروم وفارس تحاربوا بين أذرعات وبصرى فغلبت فارس الروم فلما أتى الخبر مكة شق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكان جيش فارس من قبل كسرى وأميره شهريار كما ذكره ابن حجر مفصلا في شرح البخاري. قوله:(واللام بدل من الإضافة) قال ابن هشام في شرح بانت سعاد الخلاف في نيابة أل عن الضمير في محل يحتاج للربط من حيث هو ضمير لا من حيث هو مضاف إليه وربما توهم من كلامهم الثاني، وقد استجرّ ذلك الزمخشري حتى جوّز نيابتها عن المضاف إليه المظهر في قوله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا} ففي كلام المصنف نظر وكذا في قول من قال هنا إنه على مذهب الكوفيين (قلت) ومما يؤيد ما قاله ابن هشام أنّ تعريف الإضافة واللام بمعنى فلا فائدة في تجعل أحدهما بمعنى الآخر إلا فيما ذكر له وقوله وقرئ غلبهم أي بفتح فسكون والمشهور بالضم، والحلب بالحاء المهملة اللبن المحلوب أو بالجيم وقوله بالجزيرة هو قول مجاهد والمراد بها الجزيرة العمرية لا جزيرة العرب، والذي
صححه ابن حجر هو الأوّل وقوله شمتوا بالمسلمين وهو من باب فرح ومعناه الفرح بالمصيبة. قوله: (وهي أدنى أرض الروم من الفرس) بيان للمراد بالجزيرة كما منر وأنها المراد من أدنى الأرض هنا، وقال الطيبي: إنما نسب الأدنى إلى عدوّهم لأنّ أدنى من الاً مور النسبية فإذا لم يرد بها أرض العرب فلا بد من أرض أخرى وليس إلا أرض عدوّهم وهم فارس والقرينة قوله غلبت انتهى، ومعنى قوله لم يرد أرض العرب أنها لم تكن مرادة من الأرض المعينة لتعيين غيرها في هذه الرواية فتعين نسبتها إلى أرض عدوّهم بقرينة الخارج فلا يرد أنه لا يلزم من عدم إرادة أرض العرب من الأرض! عدم اعتبار القرب بالشبة إليهم فإن كون الخطاب لهم يقتضي ذلك كما توهم فإنه كما قيل:
شتان بين مشرق ومغرب
وهو معنى قوله في أنّ قوله إلى عدوّهم من حديث المغلوبية فافهم. قوله: (بعد بضع سنين) أي بعد جملتها لأنّ ما وقع في آخر سنة منها يعدّ واقعاً بعدها ولا يخالف النظم لوقوعه فيها فلا وجه لما قيل إنّ المراد بعد ابتدائها حتى لا يخالف النظم لأنه لو كان كذلك صدق على ما دون التاسعة وليس بصحيح، وقوله أنا حبك بالنون والحاء المهملة والباء الموحدة مجزوم في جواب الأمر ومعناه أعاهدك وأعاقدك عليه قال في الأساس ناحبته على كذا خاطرته وراهنته وهو من النحب بمعنى النذر ومنه استعير قضى نحبه إذا مات لكنه صار حقيقة في العرف، والقلائص جمع قلوص وهي الفتية من إناث الإبل، والثلاث هي ابتداء البضع لأنه من ابتداء الثالثة يفهم التعجيل أو ظن البضع من الثلاثة إلى السبع فجعله وسطه شفقة، وحرصا على تعجيل مسرة المؤمنين، وقوله فزايده في الخطر أي زد في الجعل وهو معنى الخطر بفتحتين أي طول المدة، ومادّه أمر من مفاعلة المد وهي تطويل المدة وأمّا تعيينه عليه الصلاة والسلام فلأنه من متناول معنى البضع فأخذ فيه بالأحوط، وقوله بعد قفوله أي رجوعه وهو متعلق بقوله مات وقصة أبيّ مفصلة في السير. قوله:(يوم الحديبية) هي بتخفيف الياء على الأصح اسم بئر
سمي بها مكانها، وكان ذلك في السنة السادسة أو السابعة من الهجرة في ذي القعدة والمراد باليوم مطلق الوقت، وفي رواية أنه يوم بدو وقوله تصدق به لأنه كره له أخذه، وقوله استدل به أي بما ذكر لأنه حديث صحيح رواه الترمذيّ، وهو إن كان بعد تحريم القمار فهو وقع بمكة وهي قبل الفتح دار حرب، والعقود الفاسدة تجوز فيها كما تسقط فيها الحدود عند أبي حنيفة لكن الذي
ذكره الطحاوي في الآثار أنه كان قبل تحريم القمار فلا دليل فيه عندنا أيضاً، والقمار أخذ شيء على الرهان والمغالبة، وهو حرام وقوله في الحديث تصدق به سقط من بعض الروايات فإن قيل ما دليل جواز التصمدق بالحرام، وكيف يتصدق بما لا يملكه قلنا ذهب جماعة إلى أنه غير جائز لأنّ الله لا يقبل إلا الطيب وذهب بعضهم إلى جوازه كما في الأحياء، وفيه بحث لأنّ صاحبه معلوم ومثله يردّ عليه وان قيل إنه مال حربي لا يكون تصدّقا بالحرام، والذي في مذهبنا أنه لا يجوز التصدق به ما لم يختلط بغيره والمقصود إنما هو تفريغ ذمته كما في منظومة ابن وهبان. قوله:(وترئ غلبت بالفتح الخ) هي قراءة نصر بن عليّ كما ذكره الترمذيّ، وهو ثقة ولا يرد عليها اعتراض! الزجاج بأنها مخالفة للرواية ولما أجمع عليه القراء والتوفيق يين القراءتين أنها نزلت مرتين مرة بمكة غلبت بالضم، ومرّة يوم بدر بالفتح وتأويلها ما ذكر من أنّ المعنى أنّ الروم غلبوا على ريف الشام وسيغلبهم المؤمنون في بضع سنين، وأليه أشار المصنف رحمه الله بقوله ومعناه كما ذكره الطيبي، والريف بكسر الراء المهملة أرض فيها زرع وخصب قريبة من العمران، وقوله في السنة التاسعة من نزوله أي نزول هذه الآية مرّة ثانية ببدر كما مرّ وذكر الضمير لتأويله بالقرآن أو الخبر ونحوه من القول لكن لا يخفى أنه ليس في كلام المصنف ما يدل على ما ذكر في النزول وان فسره به بعضهم اعتماداً على ما نقلناه فالصواب أن يبقى نزوله على ظاهره ويراد غزوة مؤتة فإنه قريب من التاريخ المذكور من نزولها أولاً، ولا حاجة أيضا إلى تعدد النزول فإنه يجوز تخالف معنى القراءتين إذا لم يتناقضا وكون فريق غالباً ومغلوباً في زمانين غير متدافع فتأمّل. قوله:(وعلى هذا يكون إضافة الغلب إلى الفاعل) وقد كان مضافا للمفعول كما مرّ أو إلى نائب الفاعل إن كان مصدر المجهول وقد رجحه بعضهم بموافقته للنظم. قوله: (من قبل كونهم غالبين الخ) يعني أنه حذف فيه
المضاف، وقدر فبني الظرف على الضم لأنه من الغايات كما بينه النحاة إلا أنه على ما قدره المصنف يتغاير فيه المضافان وهو خلاف الظاهر فلو قدره من قبل هذه الحالة، وبعدها ليتحدا كان أوفق بالمعتاد وتقديم الخبر هنا للتخصيص، وقوله من غير تقدير مضاف إليه وهو المشهور لكنه ذكر السكاكي أنه مقدر فيه أيضا والتنوين عوض عنه، ويجوز كسره من غير تنوين أيضا كما قاله الفراء، وقال الزجاج إنه خطأ لأنه إمّا أن لا يقدر فيه الإضافة فينوّن أو يق! در فيبنى على الضم، وأمّا تقدير لفظه قياساً على قوله:
بين ذراعي وجبهة الأسد
فقياس مع الفارق لأنه ذكره بعده وما نحن فيه ليس كذلك وقد ذهب إلى قول الفراء ابن هشام في بعض كتبه وقوله أوّلاً وآخرا بالتنوين لأنه ظرف بمعنى قبل، وبعد ولو كان أفعل للتفضيل منع من الصرف وله تفصيل في محله، وقوله يغلب الروم بصيغة المعلوم. قوله:(من له كتاب) وهم الروم والمسلمون أمّا الأوّل فلوقوع غلبتهم واخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم بالوحي، وأمّا الثاني فلغلبتهم في رهانهم كما ذكره المصنف ومن مفعول نصر والتفاؤل تفاؤل المشركين بغلبة فارس لغلبتهم فإذا ظهر خلافه انقلب فألهم طيرة عليهم، ويومئذ متعلق بيفرح أو ينصر وبنصر متعلق بيفرح أو بالمؤمنين. قوله:(ولي بعض أعدائهم بعضاً) أي جعل بعضهم مشتغلاً بقتال بعض حتى تفانوا بالفاء والنون أي حصل لهم الفناء والهلاك كما قيل سعادة المرء ويمن طيره قتل عدوّه بسيف غيره، وقيل إنه بالغين المعجمة بمعنى كفاية المؤمنين، وهو بعيد جدا. قوله:(يثتقم الخ) ناظر إلى قوله العزيز، وقوله متفضل إلى قوله الرحيم ففيه لف ونشر، وقوله مؤكد لنفسه أي كقوله له عبى ألف اعترافاً، وقوله لأنّ الخ بيان للمؤكد لنفسه وهو ما وقع بعد جملة ئتضمن معناه كما في المثال المذكور وعامله محذوف وجوباً، وقوله لامتناع الكذب عليه بناء على أنّ الوعد خبر، وقد قيل إنه إنشاء. قوله:(وعده ولا صحة وعده) قدر مفعوله المحذوف ما ذكر لأنه المناسب للاستدراك، وان صح أنه ينزل منزلة اللازم أو يقدّر المفعول عاماً على أنّ
المعنى لا يعلمون شيئا، وليسوا من أولي العلم حتى يعلموا وعده أو صحته، وأمّا كونه المناسب لقوله الآتي إشعاراً بأنه لا فرق فسيأتي ما فيه، وقوله لا تخطر الآخرة
ببالهم فكيف يتفكرون فيها. قوله: (وهم الثانية تكرير للأولى (للتأكيد اللفظي الدافع للتجوز، وعدم الشمول، وان كان الفصل بمعمول الخبر حينئذ خلاف الظاهر لكن حسنه وقع الفعل في التلفظ، والاعتناء بالآخرة وقوله وهو أي هذا الكلام على الوجهين أي التكرير والابتداء، ومناد بمعنى مظهر ظهوراً تاماً وتمكن الغفلة فيهم من تكرير المسند إليه أو الإسناد الدال على الحصر حتى كأنه ليس في الدنيا غافل سواهم مع قصر غفلتهم على أمر الآخرة، وقوله المحققة بزنة اسم الفاعل مجرور صفة لغفلتهم أي غفلتهم مقررة لعلمهم بظواهر الدنيا وزخارفها لأنّ من صرف فكره لذلك كان بمعزل عن الآخرة لأنها ضرتان ومقتضى بزنة المفعول. قوله: (المبدلة الخ) صفة للجملة المراد بها يعلمون ظاهرا الخ فإنها بدل من جملة لا يعلمون فإنّ الجاهل الذي لا يعلم ما وعد الله عباده، ولا يتفكر فيه هو الذي قصر نظره على ما يراه من ظاهر الدنيا والمصحح للبدلية أتحاد ما صدقا عليه، والنكتة المرجحة له جعل علمهم والجهل سواء بحسب الظاهر، وإن تغايرا باعتبار متعلقهما فتدبر. قوله:(تقريرا لجهالتهم) تعليل للمحققة أو للمبدلة أو لمناد والجهالة معلومة من نفي العلم المطلق ظاهراً والمقيد فإنه ناشئ عن فرط جهلهم كما أشار إليه بقوله لجهلهم، وعدم تفكرهم فلا وجه لما قيل إنه لا يظهر إلا باتحاده مع المبدل منه فيتوقف على اعتبار الوجه الثالث لأنه إن أراد اتحادهما في الما صدق فهو مقرر كما عرفته، وان أراد في المفهوم فليس بشرط كما في زيد أخوك قائم. قوله:(وتشبيهاً لهم بالحيوانات) وجه الشبه قوله المقصور الخ، وقوله ببعض ظاهرها متعلق بمقصمور لكونه بمعنى مختص أو الباء بمعنى على كمافي قوله:
أرلث يبول الثعلبان برأسه
وهو من تنكير قوله ظاهراً كما أشار إليه فإنه للتعليل أو التنويع، وقوله فإنّ الخ تعليل لعلمهم ببعض ظواهرها دون بعض، وحقائقها أي الخارجة والذهنية وخصائصها ما يختص ببعض منها دون بعض، وقوله وكيفية صدورها أي أمور الدنيا منها أي من أسبابها. قوله:(ووصلة إلى نيلها) تفسير لكونها مجازاً أي طريقاً وممرا إلى المقر والأنموذج معرّب نمونه
ويقال نموني أيضاً، وقوله في القاموس أنموذح غلط لا وجه له كما مرّ، وقوله واشعارا معطوف على قوله تقريرا وقد علمت وجهه وأنّ العلم وان تعلق بالوعد وصحته فهو مطلق ظاهرا ومسبب عن فرط الجهل فلا يرد عليه إنه إنما يتحقق الإشعار لو أجرى مجرى اللازم، واختار الطيبي أنّ جملة يعلمون استئنافية لبيان موجب جهلهم بوعد الله ولم يرتض البدلية كما فصله. قوله تعالى: ( {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ} الخ (معطوف على ما قبله أو على مقدر أي ألم يتفكروا في مصنوعاته ونحوه، وقوله يحدثوا التفكر بيان لأنّ المراد الظرفية وذكره لزيادة التصوير إذ الفكر لا يكون إلا في النفس، والتفكر لا متعلق له لتنزيله منزلة اللازم، وقوله أو أولم يتفكروا في أمر أنفسهم على أنه متعلق الفكر ومفعول له بالواسطة لأنه يتعدى بفي فالمعنى حثهم على النظر في ذواتهم، وما اشتملت عليه من بديع الصنع مع أنّ أوّله نطفة مذرة وهو كما قيل: وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
ربه يظهر ارتباطه بما بعده من غير نظر إلى أنّ النطفة مخلوقة من أغذية أرضية بواسطة أسباب سماوية كما قيل وقوله فإنها بيان لتخصيص الأمر بالنظر بها، وقوله مرآة على التشبيه البليغ، ويجتلي على صيغة المجهول بمعنى يظهر، وقوله في الممكنات أي في النظر لها، وقيل إنه بيان لوجه ارتباطه بما بعده وما قبله على التفسير الثاني، واذا عطف على مقدر كما مر فهو ظاهر، وقوله ليتحقق تعليل للتفكر، وقوله قدرته على إبدائها منصوب بقدرة أي كقدرته الخ وقوله أولم الخ ليس في أكثر النسخ وعلى تقدير وقوعه ينبغي تأخيره. قوله:(متعلق بقول الخ) أي ألم يتفكروا فيقولوا أو فيعلموا الخ، وقد جوز فيه كونه مفعول يتفكروا معلقاً عنه بالنفي وهو بعيد لأنّ التعليق في مثله ممنوع أو قليل، وقوله يدلّ عليه أي على كل منهما لأنّ المحذوف لا بد له من دليل، وقيل إنّ الضمير للعلم لأنّ القول حذفه شائع غير محتاج للدليل، وفيه نظر والدليل قوله يتفكروا لأنّ المتفكر يعلم ويقول. قوله:(تنتهي عنده ولا تبقى بعده) باء بالحق للملابسة أي ما خلقها باطلا ولا عبثا بغير حكمة بالغة، ولا لتبقى خالدة وإنما خلقها مقرونة بالحق مصحوبة بالحكمة، وبتقدير أجل
مسمى تنتهي إليه وهو قيام الساعة للحساب والثواب والعقاب ولذا عطف عليه وأنّ كثيرا الخ فيأخذ الكلام بعضه بحجز بعض وقوله بلقاء جزائه ليم يبقه على ظاهره لأنه المراد إذ الكفرة منكرون له. قوله: (عند انقضاء الأجل المسمى) وفي نسخة عند انقضاء قيام الأجل المسمى، وقد قيل إنها سهو من قلم الناسخ إلا أن يتكلف
له بجعله من إضافة الصفة للموصوف أي الأجل القائم، والمراد بالأجل جميع المدة ولا حاجة إلى هذا فإنّ القيام يكون بمعنى البقاء، والمعنى عند انقضاء بقاء مدة الدنيا، وهو شامل لما في القبر بخلاف قيام الساعة فيفترقان. قوله:(يحسبون أنّ الدنيا أبدية الخ) إشارة إلى أن كافرون بمعنى جاحدون لقاء الله وجحده بإنكار الآخرة، وقوله تقرير لسيرهم التقرير حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عند. والذي ذكو. النحاة أنّ المقرّر بمه! ما يلي الهمزة والمصنف رحمه الله تعالى أراد تبعاً للزمخشري التقرير بما بعد النفي لا بالنفي فالأولى أن يحمل على الإنكار التوبيخي أو الإبطالي كما في المغنى وهو المراد لأنّ إنكار النفي إثبات لما بعده، وهو المراد بالتقرير والمدمرين المهلكون، وقوله وقلبوا وجهها تفسير للإثارة كما في قوله تثير الأرض وضمير في غيرها لمكة وهي المراد من الوادي، ولو رجع إليه احتاج إلى تاويله بالبقعة لكنه متعين في قوله لا نفع لها الخ. قوله:(وفيه تيكم بهم الخ) أي في هذا الكلام والتهكم جاء من أفعل التفضيل إذ لا مناسبة بينهم وبين أولئك كما قيل:
ألم تر أنّ السيف ينقص قدره إذا قيل أنّ السيف أمضى من العصى
فتفضيل قوم عاد المعروفين بالنهاية في ذلك يقتضي مشاركتهم لهم، ولا مناسبة بينهم فسقط قول صاحب الفرائد إذ لهم قوة، واثارة حرث وعمارة للدور والأبنية وأولئك أكثر منهم فيها فكيف يتاتى التهكم وقول الطيبي أنى يذهب عليه قوله أثاروا الأرض لا وجه له، وكذا ما قيل ليس فيه أفعل فلا تغفل وكذا ما قيل كلام المصنف ظاهر في أنّ وجه التهكم إنما هو في اغترارهم بالدنيا وافتخارهم بها مع ضعفهم فيها لا من أفعل التفضيل فإنه غير موجه إذلا شك في قوتهم، وعمارتهم الأرض واسننباط الماء وغيره وكون من قبلهم أشد منهم وكون ما ذكر مفيدا للتهكم محل تردد فتدبر، وقوله من حيث للتعليل. قوله:(إذ مدار أمرها) أي مدار أمر الدنيا الذي يفتخر به من يفتخر ما ذكر وهم ضعفاء لا قدرة لهم عليه وأرضهم لا تتحمله، وهو تعليل لما قبله من الافتخار بالدنيا وهم عاجزون عنها ولا حاجة إلى جعله تعليلاً لمقدمة مطوية معلومة من السياق وهي ما كان لهم أن يفتخروا بالدنيا وهذه حالهم ولا إلى جعله تعليلَا
للتهك! م، وقوله بالمعجزات تفسير " للبينات لأنها مثبتة للمدّعي في النبوّة وكذا ما بعده. قوله! :(ليفعل بهم الخ) إنما أوّله به لأنه له أن يفعل في ملكه ما يشاء فلو عذب من غير جرم لا يكون ظلماً عندنا فهو إمّا استعارة أو مثاكلة، وإن كان النفي بحسب الظاهر لا يحتاج إلى التأويل لكنه مؤوّل لأنه يشعر باحتماله كما مر تحقيقه في، لبقرة، والتذكير مفهوم من مجيء الرسل والتدمير ايلاك، وتقديم أنفسهم على يظلمون للفاصلة أو للحصبر بالنسبة للأنبياء الذين ص يدعونهم، وقوله ثم هي إما للتراخي الحقيقي أو للاستبعاد والتفاوت في الرتبة. قوله:(العقوبة الخ) بيان لموصوفه المقدر وقولمه " للدلالة الخ وهو كونهم أساؤوا فجوزوا من جنس أعمالهم، ولو أتى بالضمير فاتت هذه الأدلة وقوله جاؤوا كذا في النسخ؟ والأولى أن يقول جوزوا وقوله علة أي هو بتقدير اللام، والأصل لأن كذبوا وهو تعليل لسوء عاقبتهم وقوله للسو أي متعلق بالوجهين الأخيرين لا بالوجوه لمثلاثة لأنه ليس علة للسوأى بل لكون عاقبتهم سوأى، وهو يتعلق حبنئذ بكان أو بمقدر لا بالسوأى كما قيل لأنّ المعنى ليس عليه ولا بأساؤوا لئلا يلزم الفصل بالأجنبيّ، وهو الخبر ولا يرد على العلية أنها بينت قبل بوضع الظاهر موضع الضمير لأنها مجملة وهذه مبنية لها، ولك أن تجعلها خبر مبتدأ محذوف على أنها بيان للإساءة كما أشرنا إليه، وتوله والسوأى مصدر الخ أي إذا كان أن كذبوا خبر كان فالسوأى مفعول مطلق لأساؤوا من- غير لفظه لا بحذف الزوائد كما توهم أو مفعول به له لأنّ أساؤوا بمعنى اقترفوا واكتسبوا، والسوأى بمعنى الخطيئة لأنه صفة أو مصدر مؤول بها وهو مصدر من غير فعله لأنّ مصدره الإساءة وأمّا كونه صفة مصدره أي الإساءة السوأى
فبعيد لفظا ومستدرك معنى، ثم كون التكذيب عاقبتهم مع أنه! م لم يخلوا عنه إمّ باعتبار استمراره أو باعتبار أنه عبارة عن الطبع كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى. قوله:(ويجوز أن تكون السوأى صلة الفعل الا خبراً بأن يكون مصدراً أو مفعولاً به له ولا يأباه كون أن كذبوا تابعاً له أي بدلاً أو عطف بيان ويجوز أيضاً كونه علة وتقديره لأن كذبوا وتقدير الخبر وخيمة، ونحوه والإبهام باحتماله وجوها في التقدير والتهويل لإيهامه أنه لا يمكن التعبير عنه، وهذا لا ينافي كون المحذوف لا بدّ له من القرينة فتأمل. قوله: (لأن الإساءة الخ) أي لأنّ الإساءة تكون فعلية، وقولية والمراد على هذا
الوجه الثاني فيوجد شرطها وهو كون ما قبلها متضمناً لمعنى القول دون حروفه، والمفسر إمّا أساؤوا أو السوأى من غير تكلف. قوله:(على الوجوه المذكورة) يعني إذا كان اسم كان السوأى فإن كذبوا بدل أو عطف بيان أو علة، واذا كان أن كذبوا اسمها فالسوأى مفعول به أو مطلق. قوله:(والعدول إلى الخطاب الخ) يعني أنّ الأصل هنا، ومقتضى الظاهر الغيبة لكنه عدل عنه إلى خطاب المشركين لمكافحتهم بالوعيد ومواجهتهم بالتهديد، والمبالغة في إيهام أنه مخصوص بهم وتقديم إليه للتخصيص، والمراد بالمقصود المقصود من هذا الكلام، وهو وعيدهم. قوله:(يقال ناظرته فأبلس) قال الراغب: الإبلاس الحزن المعترض من شدة اليأس، ولما لزمه السكوت ونسيان ما يعنيه قيل أبلس بمعنى سكت وانقطعت حجته، وقوله لا ترغو بالغين المعجمة أي لا تصوت والرغاء صوت ذوات الخف، وقوله من أبلسه ظاهره أنه يكون متعديا وقد أنكره أبو البقاء والسمين وغيرهما حتى تكلفوا، وقالوا: أصله يبلس إبلاس المجرمين على إقامة المصدر مقام الفاعل، ثم حذف وأقيم المضاف إليه مقامه ولا يخفى عدم صحته لأنّ إبلاس المجرمين مصدر مضاف لفاعله، وفاعله هو فاعل الفعل بعينه فكيف يكون نائب الفاعل فتأمل. قوله:(ممن أشركوهم بالله) من الأوثان أو الشياطين أو رؤسائهم كما في مر النحل أي ممن أشركوهم في العبادة، ويجوز أن تكون الإضافة لإشراكهم في أموالهم والمراد بالماضي المضارع المنفي بلم، وقوله كانوا واليه أشار بقوله يكفرون الخ، وذكرها للدلالة على الاستمرار لا المحافظة على رؤس الفواصل كما توهم فإنها ليست بزائدة، ولو سلم بأن يراد الزيادة على أصل المعنى مع أنّ قصد الاستمرار يأباه فلو قيل وهم بشركائهم كافرون كان هو المناسب للفاصلة الواوية، وقوله بآلهتهم في نسخة بآلهيتهم وهو إشارة إلى وجه إقامة الظاهر مقام المضمر إذ لم يقل بهم، وقوله وقيل الخ على أنه على ظاهره من المضيّ والباء سببية حينئذ ولم يرتضه لقلة فائدته، ولأنّ المتبادر أنّ يوم تقوم الساعة ظرف له، ولذا قيل إنّ المناسب عليه جعل الواو حالية فالمعنى أنهم لم يشفعوا لهم مع أنهم سبب كفرهم، وهو أحسن من جعله معطوفاً على مجموع الجملة مع الظرف مع أنه عليه ينبغي القطع للاحتياط إلا أن يقال إنه ترك تعويلاً على القرينة العقلية فيه، وهو خلاف الظاهر. قوله:
(وكتب في المصحف) على خلاف القياس بواو بعدها ألف والقياس ترك الواو أو تأخيرها عن الألف لكن الأوّل أحسن كما ذكر في الرسم، وكذا رسم علماء في الإمام على خلاف القياس، وأما السوأى فرسمها في المصحف العثماني كما في شرح الرائية فصورت فيها الهمزة ألفا مع سكون ما قبلها والقياس خلافه لأنها ترسم بصورة تسهيلها، ولا ياء فيها بعد الألف كما ذكره السخاوي والقياس إثباتها والتنظير به في مجرد مخالفة القياس مع ذكره في هذه السورة، وكذا هو مذكور في كتب الرسم وان كان كلامهم فيه لا يخلو عن الإشكال لكن لا حاجة إلى حمل كلام المصنف رحمه الله تعالى عليه، وقوله إثباتاً للهمزة الخ راجع لهما فإن الواو هي صورة الهمزة في شفعاء، والألف صورتها أيضاً وأمّا الألف بعد الواو كما في بعض الكتب فزيادة بعدها كما بعد واو الجمع كما ذكره الشاطبيّ رحمه الله تعالى فقال:
وصورت طرفا بالواو مع ألف في الرفع في أحرف وقد علت خطرا
أبنواء مع شفعواء مع دعواءبغا فرنشواءبهود وحده شهرا
وفيه كلام في الكشف والمقام لا يحتمل الزيادة فإن أردت فانظره من قال إنه راجع للأخير فقد وهم. قوله: (يتفرّقون) أي في المحال والأحوال، وقوله المؤمنون والكافرون أي الدال عليهما ما قبلهما من عموم الخلق
وما بعده بقوله فامّا الذين الخ، والروضة البستان وتخصيصها بذات الأنهار بناء على العرف وتهلل الوجه ظهور أثر السرور عليه، وقوله مدخلون أخذه من لفظ في العذاب ولا يغيبون معنى قوله محضرون.
قوله: (أخبار في معنى الآمر) ذكر عقب الوعد والوعيد ما هو وسيلة للفوز والنجاة من
تنزيه الذات عما لا يليق به والثناء عليه بصفاته الجميلة وأداء حق العبودية فالفاء للتفريع على ما قيل فكأنه قيل إذا صح، واتضح عاقبة المطيعين والعاصين فقولوا نسبح سبحان الخ والمعنى فسبحوه تسبيحا دائماً، وقدره خبرا في معنى الأمر لأنّ سبحان مصدر لا يتصرف، ولا ينصبه فعل الأمر لأنه إنشاء من نوع آخر لكنه نائب مناب الأمر، والشرط والجواب مقول على ألسنة العباد على ما فصله في الكشاف وفيه بحث. قوله:(في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته) هي أوقات الصباح والمساء بالإخراج من الظلمات إلى النور وعكسه، وقدم الإمساء لتقدم الليل والظلمة وقوله وتتجدد فيها نعمته هي أوقات الظهيرة والآصال لأنها أوقات التعيش وا! ل
والشرب، ولذا خص الأوّلين بالتنزيه والأخيرين بالتحميد كما أشار إليه الممصنف رحمه الله تعالى. قوله:(أو دلالة الخ) معطوف على قوله إخبار في معنى الأمر فلا يكون في معنى الأمر بل هو باق على أصله، وقوله من الشواهد خبر أنّ وضميبر فيها لجميع هذه الأوقات ولعل ارتباطه حينئذ بما قبله من عقوبة الكافرين واستحقاقهم للعقاب كأنه قيل هؤلاء مستحقون للعذاب الشديد فإنهم كفروا مع قيام الشواهد على التوحيد ونداء الكون على التنزيه والتحميد فلا وجه لما قيل إنه لا يظهر ارتباطه بما قبله، ولا لما قيل إنّ الظاهر عطفه بالواو لأنه لا يصلح وجهاً مستقلَا لما ذكر فتدبر، وقوله ممن له تمييز الخ توجيه لذكر قوله في السموات والأرض وأنهما كناية عن العموم لمن فيهما. قوله:(ويجوز أن يكون عشياً الخ) وعلى الأوّل كان معطوفا على قوله في السموات والأر ض، ووجه التخصيص ما مر وعلى هذا لا تخصيص فيه كذا قيل وأورد عليه أنه لا يتأتى هذا العطف فإنه لا يعطف ظرف الزمان على المكان ولا عكسه كما مر في سورة التوبة في قوله:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} [سورة التوبة، الآية: 25] وهذا غير وارد على المصنف رحمه الله تعالى لأنه لم يصرح به فيحتمل أن يكون معطوفا على مقدر تقديره، وله الحمد في السموات والأر ض دائماً وعشياً على أنه تخصيص بعد تعميم فتأمل، وجعل الجملة على هذا معترضة لا حالية كما قيل لأنه خلاف الظاهر. قوله:(ولذا زعم الحسن الخ) عبر بالزعم إشارة إلى ضعفه لأنّ الصلاة فرضت بمكة على الصحيح، ويدلّ عليه حديث المعراج الثابت في الصحيحين، وقوله في أفي وقت اتفقت أي اتفقت الصلاة فيه، وترك ما في الكشاف " عن عائشة رضي الله عنها من أنها فرضت بمكة وكعتين في كل وقت فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة أقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر " وهو القول الثالث لأنه دليل الحنفية في أن قصر الصلاة عزيمة لا رخصة، والذي
ارتضاه ابن حجر في شرح البخاريّ جمعا بين الأدلة أنّ الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت عقب الهجرة إلا الصبح كما روي عن عائشة رضي الله عنها من طرق شتى، ثم لما استقرّ الحال فيها خفف منها في السفر عند نزول آية القصر فتكون رخصة، وعلى قول ابن عباس التسبيح والتحميد عبارة عن الصلاة كما مر في التعبير عنها بالذكر. قوله:(وعته عليه الصلاة والسلام الخ) أخرجه أبو داود والترمذي والعقيلي، وقال البخاري: إنه ليس بصحيح ورواه الثعلبيّ بسند ضعيف وقوله يكال الخ القفيز مكيال معروف والا وفي بمعنى التامّ الكبير وهو استعارة عن كثرة العطاء والثواب ومعنى أدرك ما فاته وصل إلى ثواب عظيم فاته أو جبر به ما وقع من التقصير منه لأنها مكفرة له، وقدر فيه على التنوين لأنّ الجملة صفة حينئذ لا بد لها من عائد، وإذا أضيفت لا يجوز ذكر الضمير. قوله:(كالإنسان) فيخرج بمعنى ينشئ هنا لا فيما بعده، وقوله أو يعقب الحياة الموت، وفي نسخة بالموت وهذا تفسير لهما أو للثاني والأوّل أظهر فتدبر، وقوله بالنبات إشارة إلى أنه استعارة كالموت بالنسبة لها، وقوله ومثل ذلك الإخراج الإشارة إلى الإخراح المذكور بعده كما مر تحقيقه أو إلى إخراح النبات المفهوم مما قبله، وقوله أيضاً أي كحياة الأرض بعد موتها. قوله:(لأنه خلق أصلهم منه) يعني آدم عليه الصلاة والسلام، أو النطفة والمادّة كما مر فهو مجاز أو على تقدير مضاف، ومعنى من آياته من
دلائل قدرته ووقوع البعث المذكور سابقاً. قوله: (ثم فاجأتم) إشارة إلى أنّ إذا فجائية، وثم للتراخي الحقيقيّ لما بين الخلق والنشر من المدّة كما قاله أبو حيان وقال الطيبي إنها للتراخي الرتبي لأنّ المفاجاة تأبى الحقيقيّ وردّ بأنه لا مانع من أن يفاجئ أحد أمرا بعد مضي مدة من أمر آخر أو أحدهما حقيقيّ، والآخر عرفيّ ولا يخفى أنه على تسليم صحته يأباه الذوق فإنه كالجمع بين الضب، والنون فما ذكره الطيبي أنسب بالنظم القرآني، والمراد بالانتشار في الأرض الذهاب للمحشر. قوله:(لأن حوّاء خلقت من ضلع آم) عليه الصلاة والسلام فمن تبعيضية والأنفس
بمعناها الحقيقيّ، والمعنى خلق أصل هذا الصنف من أصل الصنف الآخر فنسب ما للبعض للكل، وقوله أو لأنهت الخ فمن إبتدائية والأنفس مجاز عن الجنس كما في قوله:{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} [سورة التوبة، الآية: 128] أي من جنسكم كما مز، وقوله لتميلوا إليها يقال سكن إليه إذا مال وفسر الميل بالإلفة، وقوله تألفوا أصله تتألفوا ولذا عداه بالباء، وقوله الجنسية علة للضمّ يعني تجانس ذوي الاً رواح سبب لانضمام بعضها البعض وكون أحدهما مع الآخر واختلاف الجنس سبب لضده، وهو بيان لتعليل الخلق من الأنفس بالميل على الوجهين أو على الثاني لظهور ميل كل أحد لحزبه، وقوله بينكم فيه تغليب كما أشار إليه المصنف رحمه الله، وقوله بواسطة الزواج بالكسر على التفسير الأوّل، وقوله نظما لأمر المعاش تعليل لعدم اختط صه بحال الشبق، وخصه بالأوّل وإن كان الثاني كذلك أيضاً لأنّ قوله تعيش الإنسان في معناه فلا ركاكة فيه كما توهم، وقوله أو بأن الخ معطوف على قوله بواسطة، وهو على الثاني ففيه لف ونشر، والشبق هيجان القوّة الشهوانية وغيرها بالنصب عطف على حال والضمير لها لأنها مؤنث سماعيّ، وقوله بخلاف سائر الحيوانات فإنها إنما تتوإدّ حال الشبق والباء فيهما للعببية، أو للاستعاشة. قوله:(وقيل المودّة الخ (كون المودّة بمعنى المحبة كناية عن الجماع للزومها له ظاهر، وأمّا كون الرحمة كناية عن الولد للزومها له فلا يخلو عن بعد والآية المذكورة في سورة مريم ولم يفسرها ثمة بما ذكر هنا، وقوله لغاتكم إشارة إلى وجه التخصيص، وذلك إشارة إلى جميع ما تقدّم لأنه تذييل له أو إلى ما قبله، وقوله لغاتكم إشارة إلى أنّ اللسان بمعنى اللغة لا الجارحة، وقوله بأن علم الخ بناء على أنّ وأضع اللغة هو الله وما بعده على أنه البشر بإلهامه على ما عرف في الأصول، وقوله أو أجناس نطقكم بالجرّ عطف على لغاتكم واختلافها جهرا وفصاحة وغير. مما هو مشاهد. قوله: (بياض الجلد وسواده) هو تمثيل فيشمل غيره،
وقوله أو تخطيطات الأعضاء أي تصويرها فالمراد بالألوان الضروب والأنواع كما يقال ألوان الطعام لأصنافه فهو أعمّ من التفسير الأوّل، وحلاها بضمّ الحاء وكسرها جمع حلية بالكسر وهي معروفة، وقوله بحيث الخ بيان لحكمته ونتيجته، وقوله من ملك الخ بيان لعموم العالمين وقراءة حفص بالكسر لأنهم المنتفعون بها، والمعتدّ بهم وما عداهم كالهوام. قوله:(منامكا) أي نومكم واستراحتكم في الزمانين الليلى على المعتاد فيه، والنهار كنوم القيلولة وكذا الابتغاء، والكسب نهارا على المعتاد وليلاً كما يقع في الليل من بعض الأعمال لا سيما في البلاد الحارة وفي أطول الليالي كما نشاهده فيكون الليل والنهار راجعاً لكل من المنام والابتغاء من غير لف، ونشر فيه وهو المتبادر ولذا قدّمه والمراد بالقوى النفسانية المدركة والطبيعية ما عداها كالمحركة ونحوها. قوله:(أو منامكم بالليل وابتناؤكا بالنهاو الخ) هذا على أنّ الآية من اللف والنشر على جعل الليل للمنام، والنهار للابتغاء لوروده في كثير من الآيات كذلك وأصله ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار على أنّ الجار والمجرور حال مقدّمة من تأخير أي كائنين بالليل والنهار، أو خبر مبتدأ محذوف والجملة معترضة أي وذلك بالليل والنهار فلا يحتاج إلى حذف حرف الجرّ والتكلف الذي تكلفه المعرب ويكون لفاً ونشراً اصطلاحيا، ومعنى قول أهل المعاني في تعريفه ذكر متعدّد على جهة التفصيل أو الإجمال، ثم ذكر ما لكل من غير تعيين ولو تقديراً لأنه في نية التأخير والنكتة فيه الاهتمام بشأن الظرف لأنّ الآية الليل والنهار في الحقيقة لا المنام والابتغاء مع تضمن توسطهما مجاورة كل لما وقع فيه فقوله فلف أي لفا اصطلاحيا لا لغوياً كما قيل وقوله وضم بين الزمانين أي الليل
والنهار والمراد بالفعلين معناهما اللغوي، وهو النوم والابتغاء وقد وقع في نسخة العاملين وظاهره أنّ المصدرين عاملان قي الجار والمجرور لا يصح توارد عاملين على معمول واحد ولا مجال للتنازع هنا فإن كان على التوزيع لزم كون النهار سولاً للابتغاء مع تقدّمه، وعطفه على معمول منامكم مع حذف حرف الجرّ وهو تعسف ظاهر ولو أريد بالعاملين ما يصلح للعمل وإن لم يعمل هنا، وقوله بعاطفين أي لم يكتف بعاطف بأن يقال منامكم بالليل، وابتغاؤكم بالنهار. قوله:(1 شعارا الخ) يعني أنه على تقدير اللف غير الترتيب مع أنّ القصد التوزيع للأشعار بأنّ كلاً من الزمانين الليل والنهار، وان اختص على هذا التقدير لا أنهما صالحان لكل منهما أمّ صلاحيتهما للمنام فظاهر من ذكرهما عقبه وتبادر تعلقهما به، وأمّا صلاحيتهما للابتغاء فلأنّ القيد المتوسط متعلق بالمتعاطفين، وإطلاق الابتغاء يدل على
عدم اختصاصه بزمان ولا يرد عليه أنّ الإشعار حاصل لو قيل منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار لأنه قد يقال المتبادر منه تعلقه يما جاوره خصوصاً إذا قيل إنّ عمل المصدو الميمي قليل، وقوله! يؤيده الخ فإنها صريحة في التوزيع ولذا ارتضاه الزمخشريّ، وقال إنه الوجه وقد علمت إندفاع ما أورده عليه ابن! شام من لزوم كون النهار معمولاً للابتغاء مع تقدمه عليه، وعطفه على معمول منامكم وم! وبالليل وان كانت عبارة المص! نف مقتضية لما أورده، وبعد كل كلام فما ذكروه غير صاف من الكدر. قوله:(فإنّ الحكمة فيه) أي فيحا محر ظاهرة فيكفي مجرّد سماعها لمن له فهم وبصيرة ولا تحتاج إلى المشاهدة وأن كانت مبصرة، وقوله مقدّر بان المصدرية لأنّ الآية الإراءة بل المرئي وإذا حذفت أن من الفعل يرتفع كما في الآية وقد يبقى صنصوباً لكنه شاذ وعليه روي قوله ألا أيهذا البيت بنصب الراء وه! ومن قصيدة طرفة بن العبد البكري المشهورة التي أوّلها:
لخلولة إطلال ببرقة تهمد ظلل! ت بها أبكي وأبكي إلى الغد
والا للتنبيه وأيّ منلاى حذف منه حرف النداء، وهذا صفة لأيّ والزاجري بدل منه وأل
فيه موصولة ولذا ساغ فيه الإضافة لياء المتكلم والوغى الحرب وهل للاستفهام الإنكاري، ومخلدي مضاف إلى ضمير المتكلم وعطف قوله وأن أشهد دليل على الحذف مما قبله يقول لمن منعه من حضور المحاربات، والافهماك في اللذات هل أنت ضامن لي الخلود في الدنيا حتى لا ألج المهالك ولا أستعجل الشهوات. قوله:(أو الفعل فيه منزل منزلة المصدر) أي من غير تقدير لأن المصدرية بل هو من استعماله في جزء معناه، وهو الحدث وقطع النظر عن الزمان فيكون اسماً في صورة الفعل كما أنّ صلة أل فعل في صورة الاسم فيكون يريكم بمعنى الرؤية كما في المثل المذكور فإن تسمع بمعنى سماعك واقع موقع المبتدأ وخير خبره، وكذا البيت لأنّ مراده أنّ الدهر ليس إلا تارتان وحالان أحدهما الموت والآخر الكدح أي الكد والتعب في طلب المعيشة وال! مثل مشهور يضرب لمن علاصيته، وذكره وهو دودط ذلك عند المشاهدة، وقد جوّز في المثل أن يكون مما حذف فيه أن أيضاً وأيد بانه روي فيه تسمع بالمنصب أيضاً، وإن كان المشهور خلافه لكنه قيل إنّ المصنف رحمه الله لم يرتضه لأنّ المعنى س ليس على الاسنقبال، وأمّا أن تراه فالاستقبال فيه بالنسبة إلى السماع فلا ينافيه. قوله:(من الصاعقة أو للمسافر) وفي نسخة إسقاط أو والصحيح الأولى، وهو المطابق لما في الكشاف
وخوف المسافر لأنّ المطر يضرّه لعدم ما يكنه ولا نفع له فيه، وقوله على العلة على أنه مفعول له ولما اشترط فيه الجمهور اتحاد المصدر والفعل المعلل في الفاعل، وهنا ليس كذلك لأنّ فاعل الإراءة هو الله وفاعل الطمع والخوف العبد أشار إلى توجيهه بوجوه مستأتي فإن قلت الخوف والطمع مخلوقان لله فحينئذ يوجد الشرط من غير تأويل قلت قال في الانتصاف وغيره من شروج الكشاف إنّ معنى قول النحاة لا بد أن يكون فعل الفاعل أنه لا بد من كونه متصفاً به كالإكرام في قولك جثتك إكراما، وهذا مما لا شبهة فيه فإنّ الفاعل اللغوي غير الفاعل الحقيقيئ فالتوقف فيه، وادّعاء أنه لا حجر في النصب على التشبيه في المقارنة والاتحاد المذكور مما لا وجه له. قوله:(فإن إراءتهم تستلزم الخ) قيل عليه الخوف والطمع ليسا غرضين للرؤية ولا داعيين لها بل يتبعانها فكيف يكونان علة على فرض الاكتفاء بمثله عند
من اشترط ذلك ووجه بأنه ليس المراد بالرؤية مجرّد وقوع البصر عليه بل الرؤية القصدية بالتوجه والالتفات فهو مثل قعدت عن الحرب جبنا، وتأويله بالإخافة إمّا بأن يجعل أصله ذلك على حذف الزوائد أو بأن يجعل مجازا عن سببه وعلى الحالية فهو مؤوّل بالوصف وكذا إذا جعل مصدر الفعل فهو حال أيضاً. قوله:(وقرئ بالتشديد) هذا على خلاف معتاده في التعبير بمثله في الشواذ وهي قراءة عن ابن كثير والبصريين لكنه لا ضير فيه فإنه وقع فيه مثله كثيرا تعويلا على الشهرة، والباء في قوله به للسببية والضمير للماء، وقوله بالنبات باؤه للملابسة فلا يلزم تعلق حرفي جرّ بمعنى بمتعلق واحد، وقوله يستعملون عقولهم إشارة إلى تنزيله منزلة اللازم وضممير أسبابها للمذكورات. قوله تعالى:( {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء} الخ) إظهار كلمة أن هنا التي هي علم في الاستقبال لأنّ القيام بمعنى البقاء، لا الإيجاد وهو مستقبل باعتبار أواخره وما بعد نزول هذه الآية وما قيل إنه للإعلام بانهما يبقيان مدّة معلومة له تعالى في المستقبل لا وجه له إلا أن يريد ما ذكرناه. قوله:(قيامهما بإقامتة لهما الخ) يعني أنّ القيام هنا بمعنى البقاء بعد الإيجاد، وقوله واوادته لقيامهما تفسير للأمر واشارة إلى أنه كقوله:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} والمراد الدخول تحت الوجود على وفق إرادته من غير توقف وامتناع، ولا قول ولا أمر حقيقة ثمة، قال الإمام قوله بامره أي بقوله قوما وارادته قيامهما وهذا وإن كان الأمر عند المعتزلة الإرادة أو مستلزم لها لا عندنا لكن الخلاف بيننا وبينهم في الأمر التكليفي لا في
التكويني فإنه لا نزاع في أنه موافق للإرادة ففيه استعارة تصريحية في أمره ومكنية وتخييلية أو تمثيلية في تقوم السماء وكون المقيم غير محسوص كقوله بغير عمد من قوله بأمره، واليه أشار بقوله والتعبير الخ. قوله:(على ئأويل مفردا لأنها جملة شرطية ممدرة بإذا الشرطية، واذا الثانية فجائية واقعة في جوابها والجملة لا تعطف على المفرد إلا إذا تجانسا بالتأويل كما صرّح به الرضى فلذا أوّلها بمفرد، والداعي له هنا أيضاً كون المعطوف كليه مبتدأ والمبتدأ لا يكون جملة إن لم يقصد لفظه كما في نحو لا إله إلا الله كلمة الشهادة، ولم يجعلها معطوفة على جملة من آياته أن تقوم الخ وإن كان لا تكلف فيه لأنّ المقصود عده آية لكن في وقوع الجملة مبتدأ بالتأويل نظر إلا أن يقال إنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع فتأمّل وواحدة من التاء وبناء المرّة. قوله: (والمراد تشبيه الخ) فهو استعارة تمثيلية، أو تخييلية ومكنية بتشبيه الموتى بقوم يريدون الذهاب إلى محل ملك عظيم يتهيؤون لذلك، واثبات الدعوة لهم قرينتها، أو هي تصريحية تبعية في قوله دعاكم الخ فإنه على وجه التشبيه وليس وجهاً آخر كما توهم حتى يكون حقه العطف بأو وعليه لا يحتاج إلى توجيه الخطاب للموتى وهم كالجماد، والسرعة مستفادة من تنكير دعوى واذا الفجائية والتجشم التكلف، وقوله إجابة الداعي مضاف للمفعول أي إجابة المدعو للداعي، وقوله بسرعة متعلق بتشبيه. قوله:(وثم إمّا لتراخي رّمانه) فتكون على حقيقتها، ولذا قدّمه لأنه الأصل، وقوله أو لعظم ما فيه أي ما في المعطوف من إحياء الموتى فتكون للتفاوت في الرتبة لا للتراخي الزماني، والمراد عظمه في نفسه وبالنسبة إلى المعطوف عليه فلا ينافي قوله وهو أهون عليه، وكونه أعظم من قيام السماء والأرض! لأنه المقصود من الإيجاد والإنشاء وبه استقرار السعداء والأشقياء في الدرجات والدركات، وهو المقصود من خلق الأرض والسموات فاندفع اعتراض صاحب الانتصاف بأنه على تسليمه مرتبة المعطوف عليه هنا هي العليا مع أنّ كون المعطوف في مثله أرفع درجة أكثريّ لا كليّ كما صرّح به الطيبي هنا فلا امتناع فيما منعه وهي فائدة نفيسة، ويجوز حمله على مطلق البعد الشامل للزماني والرتبى كما في شرح الكشاف. قوله: (متعلق بدعا الا بدعوة ولا بتخرجون لما ذكره من لابتداء الغاية لا للانتهاء، وإن أثبته بعض النحاة لأنّ كلام المصنف يخالفه لأنّ قوله فطلع إليّ مناد على خلافه، ونيابة إذا الفجائية عن الفاء لاشتراكهما في التعقيب، وقوله منقادون لفعله وإن لم ينقد بعضهم لأمره، وقوله عليه الضمير لله أو لفعله وأعاد قوله، وهو الذي يبدؤوا الخلق
لشذة إنكارهم للبعث، وقوله الاً صل هو الإنشاء ابتداء. قوله:
(بالإضافة إلى قدركم) هو جمع قدرة والجارّ والمجرور متعلق بأسهل، ولا حاجة لتأويله بالحكم بزيادة السهولة بل لا فائدة فيه لأنه يكفيه رائحة الفعل، وإنما الممتنع نصبه للمفعول كما صرّحوا به، يعني أنّ الأهونية على طريقة التمثيل بالنسبة لما يفعله البشر مما يقدرون عليه فإنّ إيجاد شيء ابتداء أصعب على الناس من إعادة فعله ثانياً من مادّته الأولى، وقوله والقياس على أصولكم أي على قواعد الناس المقرّرة عندهم فهو تقريب لعقول الجهلة المنكرين له، وقوله ولذلك أي لكونهما عليه سواء جعل بعضهم ضمير عليه للخلق بمعنى المخلوق لأنّ ذلك أسهل عليه من ابتدائه، وتكميله في أطواره تدريجاً من دعوته ليخرج أو أنهم يهون عليهم إعادة شيء وفعله ثانيا بعدما زالوا فعله وعرفوه أوّلاً فإذا كان هذا حال المخلوق فما بالك بالخالق، وبهذا تظهر مناسبته للمقام، وقوله وتدكير هو أي ضمير الإعادة لرعاية الخبر أو لتأويله بأن، والفعل وهو في حكم المصدر المذكر أو لتأويله بالبعث، ونحوه وكونه راجعاً إلى مصدر مفهوم من يعيد وهو لم يذكر بلفظ الإعادة لا يفيد لأنه اشتهر به فكأنه إذا فهم منه يلاحظ فيه خصوص لفظه كما ذكره الشريف في البقرة فتأمّل. قوله:(الوصف العجيب الشأن الخ) لأنّ المثل يستعار لذلك كما مرّ في سورة البقرة، وقوله كالقدرة إشارة إلى رتباطه بما قبله لأنه لما جعل ذلك أهون عليه على طريق التمثيل عقبه بهذا فكأنه قيل هذا لتفهم العقول القاصرة أنّ صفاز (عجيبة، وقدرته عامّة وحكمته تامّة فكل شيء بداءة، واعادة وايجادا وإعداما عنده على حدس س اء، ولا مثل له ولا نذ وكذا تفسيره بلا إله إلا إلله على إرادة الوحدانية في ذاته وصفاته فهو مرتبط بما قبله لأنه لا يشاركه فيها أحد بوجه من الوجوه فكيف يمثل به في أفعاله بدأ، واعادة فلا وجه لما قيل إنه متعلق بما بعده فقط فتأمّل. قوله: (الذي ليس لنيره ما يساويه) أي في صفاته على أنّ المثل بمعنى الصفة كما مرّ ونفي المساواة من تقديم له المفيد للحصر وعدم المداناة من الفحوى، وقال الزجاج المراد بالمثل قوله وهو أهون عليه فاللام فيه للعهد فحمل المثل على ظاهره، وعلى ما ذكره المصنف هو مجاز عن الوصف العجيب فيشمل القول، وغيره مما هو جار على ألسنة الدلائل، ولسان كل قائل، وقوله وصفه به تفسير لكون صفته فيهما بأن من فيهما من العقلاء وغيرهم يصفه بها إمّا بالدلائل العقلية على صانعه أو بالنطق بها فهو كقوله وان من شيء إلا يسبح بحمده. قوله:(القادر الخ) فسره به لأنّ العزيز بمعنى الغالب، والغلبة مقتضى القهر والقدرة،
وقوله عن إبداء الخ من المقام وبه يرتبط أتم ارتباط بما قبله، وقوله منتزعا إمّا لأنّ متعلقه خاص أو هو بيان لحاصل المعنى، وقوله أقرب الخ يعني أنها أظهر، وأتم كشفا، وقوله وغيرها كالحقوق والأزواج. قوله:(فتكونون أنتم وهم فيه شرع) تفسير لقوله فأنتم فيه سواء وفي نسخة فتكونوا بالنصب في جواب الاستفهام، وقوله وهم أي المماليك إشارة إلى أن أنتم شامل لهم بطريق التغليب لأنه مقتضى المقام والتفريع وشرع بالرفع خبر أنتم وهم والجملة خبر كان فلا يتوهم أنّ حقه النصب وشرع بفتح الشين المعجمة وفتح الراء المهملة وبعده عين مهملة بمعنى سواء كما في الفصيح وفي اللامية:
مجدي أخيرا ومجدي أوّلاً شرع
قال ابن درستويه في شرح الفصيح كانه جمع شارع كخادم وخدم أي كلكم يشرع فيه شروعاً واحداً ويستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد وغيره وأجاز بعض اللغويين تسكين رائه وأنكره يعقوب في الإصلاح، اهـ فمن قال إنه بكسر الشين بمعنى مثل فقدوهم وقوله يتصرّفون الخ بيان لمعنى التسوية، وقوله وانها أي الأمور التي في أيديكم عارية لأنّ المالك هو الله ومن الأولى في من أنفسكم والثانية في مما ملكت، وجعل الاستفهام الإنكاري في معنى النفي لأنّ من تزاد باطراد بعده. قوله:(أن يستبدوا) أي يستقلوا وهو مفعول تخافون، وقوله كما يخاف الأحرار الخ بيان لمعنى الأنفس وأنّ المراد منه النوع كما مرّ تحقيقه مراراً، وقوله مثل ذلك التفصيل فيه الوجهان السابقان، وجملة تخافونهم حال من فاعل سواء أو مستأنفة. قوله:(فإنّ التفصيل الخ) توجيه لتفسيره به وفي نسخة فإن التمثيل، وهو إشارة إلى أنّ المراد التبيين بالتمثيل السابق لأنّ التمثيل تصوير للشيء بصورة هي أظهر منه ليتضح، وهو المناسب لقوله في تدبر الأمثال، وقوله بل أتبع إضراب
مع التفات وأقيم الظاهر فيه مقام الضمير للتسجيل عليهم، وقوله فإنّ العالم الخ تعليل وتوجيه لذكر قوله بغير علم والفاء في قوله فمن في جواب شرط مقدّر لا سببية لأنه يأباه قوله من أضل الله، والاستفهام إنكاريّ وقوله يقدر إشارة إلى أنه
مستعمل في القدرة مجازاً لأنّ مجرّد الدلالة واقع من غيره كالرسل عليهم الصلاة والسلام. قوله: (فقوّمه له) أي أجعله مستقيماً متوجها له، ولذا قال حنيفا أي مستقيماً من حنف إذا استقام فهي حال مؤكدة حينئذ، وقوله غير ملتفت بوزن اسم الفاعل تفسير له على أنه حال من فاعل أقم أو مفعوله، وقوله أو ملتفت عنه بزنة اسم الفاعل تفسير له على أنه حال من فاعل أقم أو مفعوله، وقوله أو ملتفت عنه بزنة المفعول على أنه من الدين وهو فعيل بمعنى مفعول من حنف كضرب إذا مال ولم يجعله بمعنى مستقيما لنبوّ قوله:{ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [سورة التوبة، الآية: 36] عنه وعنه تنازع فيه الاسمان كذا قيل وأوود عليه أنّ ما بمعنى الاستقامة أحنف لا حنيف كما في القاموس فهو من الميل عليهما كما فسره سابقاً بقوله مائلاً عن الباطل الخ، ووجه عدم تفسيره بمستقيما على الثاني حينئذ ظاهر، وما ذكره من النبوّ سهل والمفهوم من القاموص أنّ حنيفا لا يكون بمعنى المفعول أصلَا وليس هذا كله بشيء لأنّ أصل الحنف الميل عن الضلال إلى الاستقامة، وضده الجنف بالجيم ففيه دلالة على الميل والاستقامة معاً وكلام القاموس في مثله ليس بحجة فهو على الحالين بمعنى، وما ذكره لمصنف توضيح للوجهين لأنّ معنى اسنقامة الدين استقامة متبعه فتأمّل. قوله:(وهو) أي قوله أقم الخ تمثيل الخ الظاهر أنه أراد أنه استعارة تمثيلية بتشبيه المأمور بالتمسك بالدين ورعاية حقوقه وعدم مجاوزة حدوده والاهتمام بأموره بمن أمر بالنظر إلى أمر وعقد طرفه به وتسديد نظره وتوجيه وجهه له لمراعاته والاهتمام بحفظه، وما قيل من أنه كناية عن كمال الاهتمام لأنّ المهتئم بأمر يسدد. بنظره ويقوّم وجهه له أراد بالكناية المجاز المتفرّع على الكناية فلا يشترط فيه إرادة إمكان المعنى الحقيقيّ، كما ورد في شرح المفتاح في قوله ولا ينظر إليهم، فلا يرد عليه أنه لا يصح الكناية لعدم إمكان المعنى الحقيقيّ فيه، وقوله عليه أي على لدين تنازع فيه الإقبال والاستقامة. قوله:(نصب على الإغراء) أي بتقدير ألزموا لا عليكم اسم فعل لما فيه من حذف العوض، والمعوّض فإن جوّزناه جاز تقديره كما يجوز تقدير أعني، وما دلّ عليه ما بعد. فطركم فطرة الله فيكون مفعولاً مطلقا ولا يصح عمل المذكور لأنه من صفته أو هو منصوب بما دل عليه الجملة السابقة على أنه مصدر مؤكد لنفسه، أو بدل من حنيفا والأوّل أولى وفاعل أدّى ضمير ما خلقوا عليه وهو الجبلة الأصلية فإنّ " كل مولود يولد على الفطرة " كما ورد في الحديث الصحيح وأمّا ما ورد
في الغلام الذي قتله الخضر عليه الصلاة والسلام من أنه طبع على الكفر فقيل إنّ المعنى إنه قدّر أنه لو عاس يصير كافراً بإضلال غيره له، وهذا هو المراد من قوله:" الشقئ شقي في بطن أمّه " فتأمّل والعهد المأخوذ هو الإيمان الفطري في قوله: {أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ} [سورة الأعراف، الآية؟ 172] الآية ومغايرة هذا لما قبله اعتبارية. قوله: (لا يقدر أحد أن ينيره) إن قلنا إنها ما جبل عليه من قبول الحق فحينثذ الأمر المقدر وهو إلزموا على تفسيرها بما ذكر أمر بلزوم موجبها لئلا يكون تحصيلَا للحاصل، وقوله أو ما ينبغي الخ على غير ذلك ففيه لف ونشر، وقوله أو الفطرة فالتذكير للخبر أو لتأويله بما ذكر وقوله إن فسرت بالملة لا مانع منه على غيره أيضاً وان تغاير إظهاراً، وقوله لا يعلمون استقامته قدره لأنه المناسب للاستدراك، وأمّ تنزيله منزلة اللازم على أنّ المعنى لا علم لهم فلو علموا لعلموا استقامته فيرجع بالآخرة إليه ولا فائدة فيه غير كثرة التقدير. قوله:(من أناب إذا وجع الخ) ومنه النوبة لتكرّرها وهذا ما صححه الراغب وأمّا كونه من الناب بمعنى آخر لأنه بيان لانقطاعه عن غيره فبعيد مع أنّ الناب يائيّ وهذا واويّ، وقوله وهو حال الخ أي من فاعل ألزموا المقدر أو من فاعل أقم على المعنى إذ لم يرد به واحد بعينه أو لأنّ الخطاب له صلى الله عليه وسلم ولأمّته كما ذكره المصنف رحمه الله، أو على أنه على حذف المعطوف عليه أي أقم أنت وأمّتك والحال من الجميع كما زعم الزجاج أو هو حال من الناس أو هو خبر كونوا المقدر لدلالة قوله ولا تكونوا عليه فاختر لنفسك ما يحلو. قوله:(غير أنها الخ) على العادة في خطاب الرئيس بما يخاطب به قومه لأنهم تابعون له، ولما فيه من حثهم على الاتصاف بما يليق به وللتنبيه على أنّ غيره لا يليق بخطابه تعالى، وقوله لقوله واتقوه الخ
فإنّ الجمع يدلّ على أنّ الخطاب ليس مخصوصاً به صلى الله عليه وسلم كما في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} [سورة الطلاق، الآية: ا] لكنه يجوز عطفه على ألزموا المقدر فلا يتم الاستدلال
به على كل وجه. قوله: (بدل من المشركين) بتنوبن بدل لأنّ البدل قوله الذين لكنه على إعادة العامل، ويجوز ترك تنوينه بالإضافة إلى قوله من المشركين لأنّ المراد به لفظه، وقوله وتفريقهم الخ مرّ في الأنعام تفسيره باختلاف أهل كل ملة في اعتقاداتهم مع اتحاد معبودهم وفي قوله على اختلاف أهوائهم إشارة إليه، وقوله والمعنى الخ يعني على قراءة فارقوا، وقوله الذي أمروا به توجيه لأنهم لم يكونوا على دين أوّلاً حتى يفارقوه فلذا جعلهم لكونهم مأمورين كانهم تدينوا به أو هو باعتبار الفطرة. قوله:(تشايع كل) أي كل فرقة وضمير إمامها ودينها راجع لها، ومعنى أضل دينها أضاعه ومنه الضالة وضبطه بعضهم بالصاد المشدّدة المهملة من التأصيل ضدّ التفريع بمعنى مهده وقرّره ووضع أصوله، وشيعاً جمع شيعة بمعنى فرقة وهو خبر والجملة بعده صفة بتقدير العائد أو مستأنفة لا حال، وقوله ويجوز الخ تعبيره بيجوز إشارة إلى أنه ضعيف لأنّ الصفة والضمير الأصل فيه أن يعود للمضاف إليه. قوله:) على أنّ الخبر من الذين فرّقوا) والمراد من الذين فرّقوا الكفرة لما في الصلة من العهد فلا يرد عليه أنه يدخل فيه المؤمنون لأنهم فرحون بدينهم الذي ارتضاه الله مع أنّ هذا إذا كان كلاماً منقطعاً عما قبله لا ضير في دخولهم فيه. قوله: (راجعين إليه الم يقل مرّة بعد أخرى كما مرّ وان كان معتبراً في معناه لغة لأنه غير مناسب هنا، وكذا منقطعين إليه، وإنما قال من دعاء غيره لا عن المعاصي لأنه المناسب لمقابله، وتنكير ضرّ ورحمة للتقليل إشارة لأنهم لعدم صبرهم يجزعون لأدنى مصيبة ويطغون لأدنى نعمة، وثم للتراخي الرتبيّ أو الزمانيّ، وقوله بالإشراك أي قابلوه به أو الباء زائدة. قوله: (اللام فيه للعاقبة) قد مرّ تحقيقه في الأنعام، وكونها تقتضي المهلة ولذا سميت لام المآل والشرك والكفر متقارنان لا مهلة بينهما كما قيل لا وجه له ألا ترى أنّ مثالها المشهور لدوا للموت صادق بما كان عقب الولادة بلا مهلة، وكذا الما! لا يقتضيها مع أنّ الشرك ممتدّ فيجوز اعتبار المهلة بالنسبة لأوّله. قوله:(للأمر بمعنى التهديد) كما يقال عند الغضب اعضي ما استطعت، وقوله لقوله فتمتعوا الخ فإنّ بينهما مناسبة في الأمر التهديدي والفاء للسببية والتمتع التلذذ، وقوله غير أنه التفت من الغيبة إلى الخطاب ولا يخفى أنه على ما قبله فيه التفات أيضاً فلا وجه للتخصيص كما قيل والظاهر أنّ الالتفات على الوجهين، وانما
خص الثاني به لأنّ ما قبله أمر والأصل فيه أن يكون للمخاطب فربما يتوهم بأدنى النظر أنه لا التفات فيه، وقوله وقركما وليتمتعوا على الوجهين، وقوله عاقبه تمتعكم على أنّ اللام لملعاقبة والفاء تفصيلية أو عاطفة على تشركون لا لأنه ماض! معنى كما قيل لاستقباله بالنظر إلى الحكم، ولذا صدر بإذا ويأتي تحقيقه فتأمّل. قوله:(وقرئ بالياء التحتية الخ) وأورد عليه أنّ هذا الاحتمال قائم على قراءته بالتاء الفوقية فالالتفات حينئذ في تعلمون، ثم يجوز على القراءة بالتحتية أن يكون تمتعوا أمرا على الالتفات ويكون في يعلمون التفات آخر من الخطاب إلى الغيبة إعراضا، وغاية ما قيل إنه مستبعد فيه لوقوعه بين غايتين فهو خلاف الظاهر فلا يصار إليه مع ما هو قريب متبادر، وقوله ماض! أي بحسب المعنى لأنّ المراد الأخبار عن أحوالهم الماضية كما في الحواشي السعدية، وردّ بأنه ممنوع لأنّ إذا هنا للاستمرار كما في قوله، وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض أي إنه دأبهم المألوف فالصواب أنه صيغة الماضي مع الشرط، وجوابه فليست على معنى المضيّ وايثار المضارع في المعطوف عليه للفاصلة فقد ظهر لك وجه التخصيص. قوله:(حجة) فالإنزال مجاز عن التعليم أو الإعلام وهو الحامل على التفسير الثاني، وان كان فيه مجاز آخر وأم منقطعة، وقوله تكلم دلالة على إرادة الحجة ففيه استعارة تصريحية أو مكنية، وقوله أو نطق على إرادة الملك فهو لف ونشر وقوله: بإشراكهم على أنّ ما مصدرية وضمير به لله، وقوله أو بالأمر فما موصولة والضمير لها والباء سببية وقوله في ألوهيته وقع في نسخة وألوهيته، وهو معطوف على الأمر والضمير للشريك والتعبير بإذا لتحقق الرحمة وكثرتها فيه دون مقابله وفي إسناد الرحمة إليه دون السيئة تعليم للعباد أن لا يضاف إليه الشرّ، وهو
كثير كقوله: {أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ} في الفاتحة [سورة الفاتحة، الآية: 6،. قوله: (إذا هم يقنطون) عبر بالمضاوع لرعاية الفاصلة والدلالة على الاستمرار فيه، واذا كان المراد بالناس فريق آخر غير الأوّل على أنّ التعريف للعهد أو للجنس أو الأوّل لكن الأوّل في حال تدهشهم كمشاهدة الغرق، وهذا في حال آخر لم يكن مخالفا لقوله: {دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ} [سورة الروم، الآية: 33] فلا يحتاج إلى تكلف التوفيق بأنّ الدعاء اللسانيّ جار على العادة فلا ينافي القنوط القلبيّ، ولذا سمع بعض الخائضين في ذم عثمان رضي الله عنه يدعو في طوافه، ويقول اللهم اغفر لي ولا أظنك تفعل أو المراد يفعلون فعل القانطين كالادخار في الغلاء ولا يخفى ما في المفاجأة من النبوة عته، وقوله بكسر النون والباقون بفتحها. قوله:(فما لهم الخ) إشارة إلى أنه
لإنكار فرحهم وقنوطهم في حالتي الرخاء والشدة وهو أحمسن من اقتصاره في الكشاف على الثاني حيث! قال: ثم أنكر عليهم بأنهم قد علموا أنه هو الباسط القابض فما لهم يقنطون من رحمته، ولم يتوبوا عن المعاصي التي عوقبوا من أجلها والمعطوف عليه ما قبله أو مقدر يناسبه. قوله تعالى:( {إِنَّ فِي ذَلِكَ} ) أي القبض وضده أو جميع ما ذكر، وقوله فيستدلون بها أي بتلك الآيات كما قيل:
نكد ألا ريب وطيب عيش الجاهل قد أرشداك إلى حكيم كامل
قوله: (كصلة الرحم (أي بأنواعها، وقوله واحتج به أي بكل ذي رحم محرم ذكراً أو أنثى
إذا كان فقيراً أو عاجزاً عن الكسب وعند الشافعيّ رحمه الله لا نفقة بالقرابة إلا على الولد والوالدين كما بين في الفقه ووجه الاحتجاج أن آت أمر للوجوب، والظاهر من الحق بقرينة ما قبله أنه ماليّ، ولو كان المراد الزكاة لم يقدم حق ذوي القربى إذ الظاهر من تقديمه المغايرة فقوله إنه غير مشعر به دون دال عليه انتصار لمذهبه وجوابه ما سمعت، وما قيل من أنه إذا فسر حق الأخيرين بنصيب الزكاة وجب تفسير الأوّل بالنفقة الواجبة لئلا يكون لفظ الأمر للوجوب، والندب معاً ولهذأ؟ استدل به أبو حنيفة وردّ بأنه إذا فسر حق الأوّل بالزكاة لا يلزم ما ذكر مع أنّ الأمر في الأخيرين ليس للوجوب، لأنّ السورة مكية والزكاة إنما فرضت بالمدينة، ولذا لم تذكر هنا بقية الأصناف مع أنّ ما ذكر ليس بمحور عند المصنف (وفيه بحث) لأنّ تحمله على الزكاة يأباه الإفراد وذكر حقه، والعطف مع دخوله في المسكين وأمّ كون الأمر للندب لما ذكر فالخصم مصرّح بخلافه لقوله وظف فكأنّ هذه الآية عنده مدنية، وأمّ كونه محذوراً فقد ثبت عندنا كما بين في الأصول فلا يفيده ما تقرّر بطلانه عندنا فتأمّل. قوله: (ما وظف الخ ال! س هو مفعوله المقدر بدلالة حقه وفيه نظر كما ذكرناه وهو مخالف لما ذكره في سورة الأنعام في قوله: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [سورة الأنعام، الآية: 141] وسبق النزول على الحكم بعيد، وقوله ولذلك أي لكون الخطاب لمن بسط له من غير تعيين أتى بالفاء الدالة على تسبب الأمر بالإيتاء على العلم بالبسط أو تسبمبد الإيتاء على البسط، وهو كذلك فيما قبله لكنه في هذا أظهر فلذا ذكره، واذا كان خطاب آت له صلى الله عليه وسلم لعلمه من المقام يحتمل أن يكون هو المقصود أصالة وغيره من المؤمنين تبعاً لينفقوا في السرّاء والضرّاء والتقدير إذا علمت ذلك فات أو فآتوا وهذا كما قيل:
إذا جادت الدنيا عليك فجد بها على الناس طرا إنها تتقلب
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت ولا البخل يبقيها إذا هي تذهب
قوله: (ذاته أو جهتة) لأنّ الوجه يكون بمعنى الذات أو بمعنى الجهة لكنهما هنا متقاربان
كما في الكشاف، وقوله أي يقصدون الخ على تقدير أن يراد بالوجه الذات وقوله أو جهة التقرب على تقدير أن يراد الجهة ففيه لف ونشر مرتب، وانفصال إياه لتقدم متعلق الفعل عليه، وقيل المعنى ما يقصدون إلا إياه وفيه نظر لأنّ قوله خالصاً يغني عنه، واستفادة القصر من المقام. قوله:(حيث حصلوا الخ) تعليل لفلاحهم لأنّ اسم الإشارة لمن اتصف بما سبق من الإيتاء مما بسط له، وقوله زيادة محرمة تفسير للربا ومن بيان لما على الوجهين، وقوله أو عطية تفسير ثان له فيكون تسميتها ربا مجازاً لأنها سبب للزيادة، وما قيل لأنها فضل لا تجب على المعطي بعيد، وهذا كمن يهدي ليثاب ويعوّض أكثر مما أعطاه كما ورد
في الحديث " المستعزر يثاب من هبته " أي ينبغي الزيادة لمن علم أنّ قصده ذلك، ولكن في شرح الكشاف أنه لا ثواب فيه، ولو جعلت من البيانية للتعليل تكرّر مع قوله ليربو، وقوله بالقصر أي قصر مد آتيتم وهو على التفسيرين وإن كان آتر الممدود بمعنى أعطى والمقصود بمعنى جاء. قوله:(ليزيد ويزكو الخ) فالمراد بالمؤتين من يؤتى المرابي زيادة على ما أخذه والمرأد بالناس المرابى، أو المهدي للزيادة والزيادة تكون في ماله بما أخذه على الوجهين، وقوله عند الله أي في تقديره وحكمه وقوله لتربوا بضمّ التاء على أنه من الأفعال وتزيدوا من زاد المتعدي، والهمزة مزيدة للتعدية والمفعول محذوف أي تربوه أو هو من قبيل تجرح في عراقيبها نصلي أو للصيرورة واليه أشار بقوله لتصيروا الخ، ولو قال: ذوي ربا كان أظهر وقوله خالصاً لما مرّ. قوله: (ذوو الآضعاف) يعني أنه اسم فاعل من أضعف إذا صار ذا ضعف بكسر فسكون بأن يضاعف له ثواب ما أعطاه كأقوى، وأيسر إذا صار ذا قوّة ويسار فهو لصيرورة الفاعل ذا أصله والأضعاف بفتح الهمزة جمع ضعف، وجوّز بعضهم كسرها على أنه مصدر والأوّل أولى، وقوله أو الذين الخ على أنه من أضعف والهمزة للتعدية ومفعوله محذوف وهو ما ذكره، ولذا أتبعه بقراءة الفتح لأنها تؤيده. قوله:(وتغييره عن سنن المقابلة) أي لم يؤت به على نمط ما قبله لأنه نفي في الأوّل ما قصدو. من الربا بعينه إذ قيل فلا يربو فكان الظاهر هنا أن يثبت ما قصدوه، ويقال فهو
يزكو عند الله فغير في العبارة إذ أثبت غير ما قبله والنظم إذ أتى في الأوّل بجملة فعلية وفيه بجملة اسمية مصدرة باسم الإشارة مع ضمير الفصل لقصد المبالغة فأثبت لهم المضاعفة التي هي أبلغ من مطلق الزيادة على طريق التأكيد بالاسمية، والضمير وحصمر ذلك فيهم بالاستحقاق مع ما في الإشارة من التعظيم لدلالته على علوّ المرتبة، وترك ما آتوا وذكر المؤتي إلى غير ذلك مما مرّ في قوله أولئك هم المفلحون. قوله:(والالتفات فيه للتعظيم (يعني أنه لم يقل فأنتم المضعفون تعظيما لهم للإشارة المنبئة عن بعد رتبتهم وتنبيه الملائكة على مدحهم، والتنويه بذلك وإشاعته في الملا الأعلى وخطاب الملائكة بكاف الخطاب، وقوله وللتعميم وفي نسخة أو وهو الظاهر لأنه إذا عمّ هؤلاء وغيرهم لا يكون التفاتا بالمعنى المتعارف كما صرّح به بعض شراح الكشاف، وكذا إذا كان التقدير فمؤتوه فجعله وجهاً واحداً لا وجه له ومن غفل عنه رجح النسخة الأولى فتأمّل. قوله: (والراجع منه محذوف إن جعلت ما موصولة) وكذا إن جعلت شرطية على الأصح لأنه خبو على كل حال، وقوله فمؤتوه الخ على صيغة اسم الفاعل كما صحح رواية قال في الكشف وهو الوجه لأنّ الكلام في المربى، المزكي لا في آخذ الربا والزكاة فما في بعض الحواشي من أنّ الصواب أنه على صيغة المفعول تفضيلا لآخذي الزكاة على آخذي الربا ليس بشيء، وهذا وجه آخر ذكر في الكشاف أنه أسهل مأخذاً والأوّل أملأ بالفائدة، وسوق كلامه يدلّ على أنه على تقدير المبتدأ يخرج عن الالتفات قيل، وهو مشكل لأنه يصدق على المبتدأ المحذوف تعريف الالتفات فإنه نقل من الخطاب إلى الغيبة إلا أنه لكون المؤتين أعمّ من المخاطبين يخرج عنه فتأمّله فإنّ كلام المصنف رحمه الله مخالف له. قوله:(ونفاها وأساً) أي بالكلية لأنّ الاستفهام الإنكاري نفي، ومن شيء يفيد العموم بزيادة من وقوله مؤكداً بالإنكار أي مؤكداً للنفي بالتعبير عنه بالإنكار الذي هو أبلغ من صريحه، وقوله على ما دلّ الخ العيان بكسر العين المشاهدة فإنهما يدلان على أنّ ما ذكر لا يصدر عن غير.، وهو مما اتفق عليه العقلاء، وقوله ثم استنتج الخ أي ذكر ما هو نتيجة لمقدمتين معلومتين مما ذكر، وهو قول سبحانه الخ يشير إلى أنه يؤخذ من الإثبات والنفي مقدّمتان على طريقة الشكل الثاني فينتج سالبة كلية، وهي إنه لا شريك له في الألوهية، وأنه مقدس منزه عن أن يشرك به غيره. قوله:(ويجوز أن تكون الكلمة الموصولة) وهي الذي التي هي خبر بحسب الظاهر صفة
لله والخبر هل الخ، والرابط اسم الإشارة لأنه كالضمير في وقوعه رابطاً ووقعت الجملة خبراً لأنها خبر منفيّ معنى، وان كانت إنشاء ظاهرا فتقديره الخالق الرازق المحيي لا يشاركه شيء ممن لا يفعل أفعال! هـ هذه، واعترض عليه أبو حيان بأنّ اسم الإشارة لا يكون رابطا! لا إذا أشير به إلى المبتدأ وهو هنا ليس إشارة إليه لكنه شبيه بما أجازه الفراء من الربط بالمعنى في قوله:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ} [سورة البقرة، الآية: 234] كما مرّ وخالفه
النحاة فيه فقدر والربط بمضاف إلى ضمير الذين كما قدر ذلكم بأفعاله المضاف إلى ضمير المبتدأ، وهذا من بدائعه فمن قال فالأولى جعل الرابط محذوفا وهو من أفعاله لم يقف على مراده. قوله:(ومن الأولى والثانيه يفيدان شيوع الحكم) كذا في الكشاف، وقال أبو حيان لا أدري ما أراد بهذا الكلام والذي عناه أنّ الأولى بيان لمن قدم على المبين للعناية والإبهام فيفيد التأكيد، والثانية كذلك بيان لشيء والثالثة مزيدة لتأكيد النفي، وقيل من الأولى للتبعيض فيفيد أنّ ما منهم فاعلا قط، والثانية إمّ للتبعيض فتفيد أنّ. بعضاً من تلك الأفعال لا يتأتى من الشركاء فضلا عن الكل، واما لبيان المستغرق فيتأكد والأوّل أولى، وما قيل إنّ الأوليين زائدتان مناف لكلام المصنف رحمه الله والحكم ما دل عليه ذلكم وقوله لتعميم النفي في نسخة المنفي، وقوله لتعجيز الشركاء متعلق بتاكيد، ولو تركت الأولى لم تحصل الدلالة على تعجيز كل واحد من الشركاء ولم يستجمع شرائط الإنتاج بالسلب الكلي. قوله:(كالجدب) بالمهملة ضد الخصب، والموتان بضم الميم وسكون الواو كثرة موت الشيء والحرق والغرق بسكون الراء، فهما أو بفتحهما اسم مصدر بمعنى الإحراق والإغراق، والإخفاق بالخاء المعجمة والفاء الحبسة، والغاصة بتخفيف الصاد المهملة كسادة جمع أو اسم جمع لغائص وهو من ينزل لقعر البحر لإخراج اللؤلؤ، ونحوه فإنه إذا لم يقع المطر لم يتكوّن اللؤلؤ في الصدف لأنه قيل إنه يحصل من- قطرات المطر التي يتلقاها الصدف في نيسان ومحق البركات إفناؤها، وقيل المراد بالبحر البلاد التي على سواحله وفي جزائره فسميت بحرا لمجاورتها له، وعن عكرمة أنّ العرب تسمى الأمصار بحاراً لسعتها، وقيل المراد بظلم البحر أخذ العدوّ وسفنه كما هو مشاهد الآن. قوله:(بشؤم معاصيهم) فالباء سببية وما موصولة أو مصدرية وضمير إياه للفساد بمعنى لظلم والضلال وقوله وقيل الخ مرّضه لأنه لا وجه للتخصيص إلا أن يراد التمثيل لأنه أوّل ما وقع فيهما، وجلنداً بضم الجيم وفتح اللام بعدها نون ساكنة ودال مهملة وهو مقصود، ويمد وهو الملك الذي ذكر
في قصة الخضر عليه الصلاة والسلام، وعمان بضم العين وتخفيف الميم، وبفتح العين وتشديد الميم. قوله:(بعض جزائه (فهو على تقدير مضاف أو على إطلاقه عليه مجارّاً لأنه سببه، وقوله فإن الخ بيان لوجه ذكر البعض هنا، وقوله واللام للعلة الأوّل على تفسير الفساد الأوّل والثاني على الثاني وقد يقال إنه راجع لهما فتأمّل، وقوله لتشاهدوا بالفوقية أو! التحتية، وقوله مصداق ذلك بكسر الميم أي ما يصدقه والإشارة إمّا لظهور الفساد أو الإذاقة. قوله: (لفشوّ) بوزن عتوّ ظهوره وانتشاره ف! فناؤهم وذهاب آثارهم بشؤم معصيتهم كما قال: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لَاّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} [سورة الأنفال، الآية: 25] وعلى ما بعده كانوا كلهم مجرمين بعضهم بالشرك وبعضهم بغيره من المعاصي، وقوله البليغ الخ لأنها صيغة مبالغة كفعيل. قوله:(لا يقدر الخ) فسره به لأنّ نفي القدرة أبلغ من نفي الفعل، وقوله متعلق بيأتي سيأتي في الشورى تضعيفه من المصنف فكان ينبغي تأخيره، وقوله ويجوز أن يتعلق بمرد الخ كذا في الكشاف ففيه انتفاء رد غير. بطريق برهاني، وقيل عليه تبعا للمعرب إنه لو كان كذلك لزم تنوينه لمشابهته للمضاف إلا أنه يجوز تعلقه بمحذوف يدل عليه المردّ أي لا يردّه، وحمل كلام المصنف عليه بعيد وهذا غفلة عما ذكر. النحاة من أنّ الثبيه بالمضاف قد يحمل عليه في ترك تنوينه كما ذكر. ابن مالك في التسهيل، وعليه حمل ما في الحديث:" لا مانع لما أعطيت "، وتفصيله في شرحه فلينظر فيه. قوله:(يتصدّعون) إشارة إلى أنه الأصل فقلبت تاؤه، والصدع أصله تفريق أجزاء الأواني ونحوها فاستعمل في مطلق التفريق، وقوله فريق الخ قيل عليه المناسب للمبالغة المفهومة من ااضعبير بالتصديع الذي هو شق الأجسام الصلبة أن يفسر بتفريق الأشخاص كالفراس المبثوث المصرّح به في غير هذه الآية وما ذكره من المبالغة لا نزاع
فيه، وكون التفريق لا اجتماع بعده لتكون المبالغة من جهته وتضمنه لتفرّق الأشخاص في الدرجات والدركات مما لا دلالة في هذا الكلام عليه فالصواب أن يقال إنما اختار هذا المصرّح به في محل آخر كما أشار إليه لأنه المناسب للسياق والسباق إذ الكلام في المؤمنين والكافرين فما ذكر بيان لتباينهم في الدارين ويكفي للمبالغة شدة بعدما بين المنزلتين حساً، ومعنى كما أشار بقوله كما قال الخ.
قوله تعالى: ( {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} أو وباله) ففيه مضاف مقدر أو هو مجاز عن جزائه بل عن جميع المضارّ التي لا ضرر وراءها لأنها كلمة جامعة كما في الكشاف، وأفراد الضمير باعتبار لفظ من لقلتهم وحقارتهم عند الله، ولذا جمع فيما بعده مع رعاية الفاصلة فيه، وقوله يسوّون أي يوطؤنه توطئه الفراس لمن يريد الراحة عليه كقولهم في المثل للمشفق أم فرشت فانامت، وقابل الكفار بمن عمل صالحاً دون المؤمن لأنّ المراد بالعمل ما يشمل العمل القلبي كالإيمان، أو لأنه كناية عنه لأنه لا يخلو عن عمل ما. قوله:(للدلالة على الاختصاص) لأنّ ضرب الكفر لا يلحق غير صاحبه كما أنّ فائدة العمل الصالح إنما هي لمن عمله، وهذا لا ينافي كونه استئنافا للسؤال عن حال الفريقين لأنّ الزيادة في البيان لا تضرّ مع أنه يجوز أن يقدر السؤال كيف يتفرّقون كما قاله الطيبي. قوله:(علة ليمهدون أو ليصدّعون) والأوّل ظاهر وإنما يحتاج إلى التوجيه الثاني لأنّ التفريق للفريقين، وما ذ! مخصوص بالمؤمنين فلذا قال والاقتصار الخ والاكتفاء معطوف على الإشعار يعني أنه في قوّة أن يقال وليعاقب الكافرين فإنه يفهم من عدم المحبة، وقوله فإنّ فيه إثبات البغض الخ تعليل لدلالة الفحوى على العلة فإنّ عدم المحبة كناية عن البغض في العرف، وهو يقتضي الجزاء بموجبه، وقوله والمحبة للمؤمنين إشارة إلى ما في الكشاف من أنه تقرير بعد تقرير على الطرد والعكس، وهو كون الجملتين أولاهما مقرّرة بمنطوقها لمفهوم الثانية وبالعكس كقول ابن هانئ:
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يصير الجود حيث يصير
وقد فصل في المصباح. قوله: (وتثيد اختصاص الصلاح) بالفريق الثاني المفهوم من المقابلة والتأكيد بتكراره في من عمل صالحا وعملوا الصالحات، وكان الظاهر الإضمار وأن يقال ليجزيهم وتأكيد مبتدأ خبره قوله تعليل له والمفهوم صفته أي لم يضمر، وأتى بالظاهر المؤكد لبيان أنّ علة الجزاء عملهم الصالح على قاعدة التعليق بالمشتق في إفادة أنّ مبدأ
الاشتقاق علة له، وقوله تفضل محض لأنه لا يجب عليه شيء عند أهل الحق، وقوله وتأويله ردّ على الزمخشريّ وغيره من المعتزلة القائلين بالوجوب إذ أوّلوا الفضل بالعطاء الشامل للواجب أو بالزيادة على ما يستحقونه من الثواب. قوله:(الشمال) بفتح الشين والميم، وبعدها ألف أو بسكون الميم وبعدها همزة، وأصول الرياح أربعة كما ذكره المصنف والثلاثة الأول تلقح السحاب الماطر وتجمعه فلذا كانت رحمة وكان اكثر ذكرها مجموعة إذا أريد الرحمة ومفردة إذا أريد العذاب وقد ورد خلافه أيضاً كقوله:{وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [سورة يونس، الآية: 22] وقوله ولسليمان الريح والحديث المذكور أخرجه البيهقيّ والطبرانيّ وهو ضعيف لكنه ورد من طرق تجبر ضعفه، وقوله فانها الخ تعليل لتفسيره بالثلاثة وقوله على إرادة الجنس يعني به أنه في معنى الجمع، ولذا قيل مبشرات فهو لا يخالف الحديث ولا القراءة المشهورة. قوله:(يعني المنافع التابعة لها) أي للمبشرات كتذرية الحبوب وتجفيف العفونة وسقي الأشجار إلى غير ذلك من اللطف والنعم وما بعده داخل فيه، ولذا مرّضه لأنه لا وجه للتخصيص فيه، والروح بفتح الراء الراحة والعلة المحذوفة لتبشركم، وقوله باعتبار المعنى لأنه قد يقصد بها التعليل كزرته كريماً فانّ المعنى لكرمه والفعل المضمر تقديره ويرسلها ليذيقكم ولم يجعله معطوفا على جملة ومن آياته أن يرسل الخ بتقدير وليذيقكم أرسلها أو فعل ما فعل لأنّ المقصود اندراجها في الآيات وقيل الواو زائدة وفاعل دل قوله ولتجري الخ لقصد لفظه لا ضمير يرسل على أنّ التقدير ولتجري الرياح ليذيقكم، وهو بعيد ولا بطلان فيه كما توهم وأمّا ترجيحه بأنّ جري الفلك والابتغاء من الفضل لا تعلق له بإرسال الرياح المبشرات فليس بشيء لأنّ المقدر ليس هو يرسل الرياح فقط مع أنه لا يلزم تخصيص التبشير بالمطر ولا تعميمه لكل الناس، وقوله ولتشكروا تقدم تأويله. قوله تعالى:( {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا} الخ) اعتراض لتسليته صلى الله عليه وسلم بمن قبله على وجه يتضمن الوعد له والوعيد لمن عصاه، وقوله إلى قومهم المراد به أقوامهم
وأفرد لعدم اللبس، وقوله فانتقمنا الخ الفاء إمّا فصيحة والتقدير فعصاه أكثر قومه فانتقمنا الخ أو هي تفصيل للعموم بأنّ فيهم مجرما مقهوراً ومؤمنا منصورا. قوله:(إشعار الخ) أي في هذا الكلام إشعار الخ ووجه الإشعار أنّ نصرهم على عدوّهم
لا يكون بعد هلاكه بل هو بإهلاكهم فيفهم منه ذلك بقرينة ذكره بعده، وقوله مستحقين إشارة إلى أنّ كونه حقاً عليه بجعله ووعده لأنه لا يجب عليه شيء، وتوله حقا بمعنى إنه كالحق فهو تشبيه بليغ وليس هذا ما ذكره المصنف كما توهم، والمؤمنين شامل للرسل عليهم الصلاة والسلام ولا حاجة لتخصيصه بهم بجعله تعريفاً عهديا وان صح. قوله:(وعنه عليه الصلاة والسلام الخ (رواه الترمذقي وحسنه، ومعنا. أنه إذا ذكر بسوء فنفاه عنه وذلث عن عرضه جازاه الله عليه من جنس عمله ونصره في الآخرة فالظاهر أنّ ذكره صلى الله عليه وسلم للآية عقبه لبيان أنّ النصر المذكور لا يختص بالدنيا، وأنه عامّ لجميع المؤمنين فيشمل من بعد الرسلى من الأمّة، ولذا أورده المصنف وهو توطئة أيضا لأن نصر المؤمنين اسم كان لا ضممير الانتقام فلا يوقف علي حقا وفيه حث على التخلق بأخلاق الله في حماية المؤمنين لحقية نصرهم. قوله: (وقد يوقف علي حقاً) ومعناه وكان الانتقام حقاً على حد عدلوا هو، وأشار بقد والفعل المجهول إلى ضعفه لأنه خلاف الظاهر وما قاله الكواشي من أ-له ليس بمختار لأنه يوجب نصر المؤمنين، ويوجب الانتقام مع أنه قد نقض ليس بشيء لأن إيجاب الانتقام به كما مرّ، ولا ينافي وقوع العفو فتأمّل. قوله:(فيبسطه) كل البسط أي بسطاً تامّا لأنه في ذاته منبسط فما ذكر زيادة فيه، وقوله متصلاً أخذه من مقابلته بكونه كسفا أي قطعا، وقوله في سمتها أراد به جهة العلوّ لأنها ليست في السماء بالمعنى المتبادر، وقوله سائرا الخ إشارة إلى أنّ الجملة حال وان كانت الإنشائية لا تقع حالاً لتأويلها بما ذكر، وقوله مطبقا اسم مفعول من الأفعال أو التفعيل يقال أطبقه وطبقه إذا غشاه وغطاه، ويجوز كونه بزنة اسم الفاعل، وقوله من جانب الخ تفسير لغير المطبق وقوله بالسكون أن سكون السين، وهو إمّا مخفف من المفتوح أو جمع مصدر كعلم وصف به مبالغة أو بتأويله بالمفعول أو تقدير ذا،
والكسفة القطعة، وفوله في التارتين أي الاتصال والتقطع. قوله:(وأراضيهم) جمع أرض على خلاف القياس كما في الصحاح وغيره ولا عبرة بإنكار الحريري له في الدرّة وأراد به ما انفصل عن العمران والباء في قوله به للتعدية. قوله: (وإن كانوا الخ) إن مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة، ولا ضمير شأن فيها مقدر كما قيل لأنه إنما يقدر في المفتوحة وأما المكسورة فيجب إهمالها كما فصله في المغنى. قوله:(تكرير للتثيد الخ (يعني أنه أكد ليدل على بعد عهدهم بالمطر فيفهم منه استحكام يأسهم وعكسه ابن عطية رحمه الله فقال: إنه يدل على سرعة تقلب القلوب البشرية من الإبلاس إلى الاستبشار، واعترض عليه بأنّ التأكيد إنما يدل على تقرر القبلية، وهي تحتمل فسحة الزمان وأتصاله فلا دلالة على ما ذكر من الطول والقصر، وقيل إنه راجع إلى عرف الاستعمال، وهو محتاج إلى الإثبات لأنّ مثله لا يثبت بسلامة الأمير، وما ذكره ابن عطية أقرب لأنّ المتبادر من القبلية الاتصال وتأكيده دال على شدة اتصاله. قوله: (وقيل الضمير للمطرا لا للإنزال حتى يكون تأكيداً وهذا قول قطرب، وهو ركيك ولا وجه للعدول فيه عن الظاهر مع أنه يرد عليه وعلى ما بعده تعدى فعل بحر في جرّ بمعنى فلا بد من حمله على التأكيد أو البدلية والا لزم العطف فالأوّل أسلم وأقرب، وكذا ما قيل إنه للاستبشار، وقوله: أثر الغيث إشارة إلى أنه المراد من لارحمة، وقوله ولذلك أي لكون آثاره متعددة كما أشار إليه قوله على إسناده الخ وعلى القراءة الأخرى هو مسند لله لا للرحمة لأنها بمعنى المطر. قوله: (لقادر على إحيائهم) فسره بالقدرة لأنه كالنتيجة لما قبله، وهو اللازم منه ولأن الثابت في الحال هو القدرة، وقوله فإنه أي إحياءهم، وقوله المثل الخ صادق على القولين في إعادة المعدوم وعدمه ولس مبنيا على القول بامتناع إعادة المعدوم، ولذا أقحم مثل كما قيل لأنّ المثل ليس واقعاً على الموادّ بل القوي فتأمل. قوله:(ومن المحتمل الخ) يعني أن يكون النبات الحادث من أجزاء نباتية تفتتت، وتبددت لاختلاطها بالتراب الذي فيه عروقها فيكون كالإحياء بعينه بإعادة مواده وقواه لا بإعادة القوى فقط كما في الوجه السابق، وأمّا كون من ينكر إحياء الموتى ينكر هذا أيضاً فلا يحصل به التنبيه عليه فلا ضير فيه لأنّ المسلم المسترشد
يعلم، وقوعه والمعاند لا عبرة به فإن تولد مثله في تربته الأولى يرشد إليه، وقوله ما تفتتت إن كانت ما زائدة فتفتتت صفة مواد وان كانت موصولة فتفتتت صلته والتأنيث لرعاية
معناه، ومن جنسها متعلق به أو حال، وقوله من الكائنات الراهنة أي الموجودة المشاهدة الثابتة كما في قولهم الحالة الراهنة هذه، والرهن مأخوذ منه كما بينه في المفردات، فمن قال: الرهن ما وضع عندك لينوب مناب ما أخذ منك، والمراد الكائنات النائبة المتجذدة فقد عكس الموضوع وغفل عن معنى هذه اللفظة إذ ظنها مستعارة من المعنى الفقهي، وإن كان حام حول الحمى. قوله:(لأنّ نسبة الخ) دليل لعموم القدرة وقوله فرأوا الأثر أي المذكور في قوله أثر رحمة الله على ما مرّ من تفسيره، وقوله فإنه مدلول الخ متعلق بالثاني ولا يخفى دخوله في الأثر فلا وجه للمغايرة بينهما، وكون الضمير للريح على أنه تعبير عن المسبب بالسبب كما قاله البقاعي تكلف، ومصفرّ اسم فاعل بمعنى ما عرضت له الصفرة، وقوله جواب أي للقسم سادّ مسدّ جواب الشرط، وقوله ولذلك الخ إنما كان مستقبلاً لأنه في المعنى جواب إن وهو لا يكون إلا مستقبلا قال الفاضل اليمني وإنما قدروا الماضي بمعنى المستقبل من حيث إنّ الماضي إذا كان متمكناً متصرّفاً ووقع جواباً للقسم فلا بدّ فيه من قدو اللام معاً فالقصر على اللام لأنه مستقبل معنى، وفيه نظر. قوله:(وهذه الآيات ناعية على الكفار) أي مشهرة لهم منادية على جهلهم وخذلانهم، ووقع في نسخة هذه الآية بالإفراد ووجهها ظاهر وهي أنسب بكلامه هنا لأنها دالة على أنهم فاجؤا الكفر بمجرّد اصفرار زرعهم وغفلوا عن نعمة الخضراء، وما هم متقلبون فيه من ألوانها فما قيل إنه لا وجه له لا وجه له. قوله:(فإنك لا تسمع الموتى) هو تعليل لما يفهم من الكلام السابق كأنه قيل لا تحزن لعدم اهتدائهم بتذكيرك فانك الخ، وقال ابن الهمام: أكثر مشايخنا على أنّ الميت لا يسمع استدلالاً بهذه الآية ونحوها، ولذا لم يقولوا بتلقين القبر وقالوا لو حلف لا يكلم فلانا فكلمه ميتاً لا يحنث وأورد عليهم قوله صلى الله عليه وسلم في أهل القليب: " ما أنتم بأسمع منهم) وأجيب تارة بأنه روي عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرته وأخرى بأنه
من خصوصاته صلى الله عليه وسلم معجزة له أو أنه تمثيل كما روي عن عليّ كرّم الله وجهه، وأورد عليه ما في مسلم من " أن الميت يسمع قرع نعالهم إدّا انصرفوا " إلا أن يخص بأوّل الوضع في القبر مقدّمة للسؤال جمعا بينه وبين ما في القرآن، وقوله وهم مثلهم قدره ليرتبط بما قبله وقيل إنه إشارة إلى أنه استعارة مكنية وللتنصيص عليه أظهر في مقام الإضمار، وحذف المفعول أي لا تسمعهم شيئاً ما. قوله:(قيد الحكم الخ أليس المراد بالاستحالة الاستحالة العقلية بل العادية وضمن يفطن معنى يفهم فلذا نصب المفعول إذ هو غير متعد بنفسه بل باللام وقوله سماهم عميا الخ إشارة إلى أن فيه استعارة تصريحية والمقصود من الإبصار التفكر، والتدبر في مصنوعات الله والمراد بالهداية الدلالة الموصلة وعداه بعن لتضمينه معنى الإبعاد. قوله: (فإن إيمانهم الخ) المعنى الأوّل على أن يراد بيؤمن الحال وقدمه لأنه المناسب لقوله فهم مسلمون، والوجه الثاني على أن يراد به المستقبل ولا حاجة إلى جعله من مجاز المشارفة إلا على القول بأنه حقيقة في الحال، وما قيل من أنه ينتقض الحصر على الأوّل بالثاني وعكسه فينبغي حمله عليهما معاً على أنه من عموم المشترك أو عموم المجاز أو يفسر بمن هو في علم الله كذلك فإنه يعمهما كما مرّ في سورة النمل مدفوع بأن الحصر بالإضافة إلى من سبق من العمي الصم المطبوع على حواسهم فلا نقض بالتخصيص بالذكر على أنه يعلم حكم أحدهما من الآخر
لدلالة النص وقوله لما تأمرهم به إشارة إلى أن الإسلام بمعناه اللغوي، وهو الإذعان لأنه لو كان بمعناه المعروف لزم تحصيل الحاصل، ولم يقع التفريع موقعه وقد فسره في النمل بمخلصون وهو قرب مته. قوله:(أي ابتدكم ضعفاء لخ) أي أنهم ضعفاء في أوّل الأمر وهو حال الطفولية، ومن على الوجهين ابتدائية كما أشار إليه بقوله ابتدأكم، وقوله وجعل الضعف الخ إشارة إلى أن فيها استعارة مكنية بتشبيه الضعف بالأساس والمادّة وفي إدخال من عليه تخييل، وقوله أو خلقكم الخ على إطلاق الضعف على الضعيف مبالغة أو بتقدير ذي ضعف أو بتاويله بالصفة وأخره لأنه غير مناسب لما بعده، وقوله:{خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ} مثال لجعل ما طبع عليه بمنزلة ما طبع منه، وفي نسخة خلق الإنسان ضعيفاً وهي مثال لابتدائهم ضعفاء، وقوله وذلك الخ لف ونشر على التفسيرين السابقين للضعف، ويجوز فيه التعميم لكن الأوّل أولى. قوله تعالى:
( {ضعفاً وشيبة} ) المراد بالضعف هنا ابتداؤه ولذا أخر الشيب عنه أو الأعتم فقوله وشيبة للبيان أو للجمع بين تغير قواه وظاهره، وقوله إذا أخذ منكم السن هو مجاز يقال أخذ منه السن إذا كبر وهرم كأنّ آخر سنه أخذ قوّته أو عمره وهو على الوجهين. قوله:(والضتم أقوى الخ) قال في المعالم الضمّ لغة قريش والفتح لغة تميم، ولذا اختار النبيّ مجيد قراءة الضم لأنها لغته لا رداً للقراءة الأخرى فانهما متواترتان في السبعة، والحديث المذكور حديث حسن رواه أبو داود والترمذفي في السنن ورواه في النشر وقال: إنّ القرّاء لهذا اختاروا قراءة الضمّ، وهي مروية عن عاصم وفي رواية عنه ضئم الأوّلين وفتح الثالثة والفقر بالضمّ، والفتح ضدّ الغني. قوله:(والتنكير مع التكرير الخ) مراده بالمتأخر الأخير لمغايرته للأوّل إذ هو ضعف الشيخوخة وذاك ضعف الطفولية، وأمّا الثاني فهو عين الأوّل ونكر لمشاكلته لهما وكذا قوّة فلا وجه لما قيل إنه ظاهر في ضعف الأوّل، وأمّا الثاني مع الأوّل وقوّة الثانية فباعتبار أنّ المتقدّم أريد به الابتداء والمتأخر يشمل مراتب الابتداء والانتهاء، والتوسط وكلمة ثم لتراخي الابتداء واليه أشار المصنف بقوله أخذ منكم السن الخ، وكذا ما قيل إنّ هذا ليس لأنّ النكرة إذا أعيدت كانت غيرا لأنه أغلبيّ، ولعله قصد في كل منهما مغايرته للمقدم بحسب المراتب، ولذا أورده بثم في الجميع إشارة إلى أنّ لكل منها مراتب مع
الدلالة على الاهتمام فإنّ كلامه صريح في خلافه فتامّل. قوله: (من ضعف الخ) وخلقها بمعنى خلق أسبابها أو محالها أو إيجادها لأنها ليست بعدم صرف، وقوله فإنّ الترديد أي الانتقال والتغير من حال إلى أخرى من قولهم فلان يتردّد لفلان إذا كان يجيء له حينا بعد حين، وقوله سميت بها اليئ فالتعريف فيها للعهد، ثم غلبت عليها حتى صارت كالعلم وسميت باسم زمانها كتسمية الحال بما يحل فيه والمراد بقيامها وجودها أو قيام الخلائق فيها، وقوله لأنها تقع بغتة فالساعة عبارة عن لاسرعة فإنه ورد كذلك في العرف، ولذا قيل أيضا إنها سميت بها لأنها كساعة عند الله فالمراد بها لازمها، وهو السرعة فسميت بها لسرعتها، وليس هذا من الوقت الحاضر في شيء كما توهم والزهرة بضمّ الزاي وفتح الهاء وتسكينها لحن والكوكب غلب عليها غلبة الكتاب على كتاب سيبويه، وقوله في الدنيا الخ متعلق بلبثوا والمراد بالقبور ما بعد الموت دفنوا أو لم يدفنوا، وقوله فناء الدنيا المراد فناء أهلها فلا ينافي كونها في آخر ساعات الدنيا فإنه قد يعد ما قبل دخول الجنة والنار من الدنيا، وقد يعد من الآخرة وقد يعد برزخا. قوله:(وانقطاع عذابهم) هو بعد إخراجهم من القبور إلى أن يدخلوا في النار، والحديث المذكور صحيح من رواية الشيخين لكنه بلفظ ما بين النفختين وهذا لا ينافي ما سبق من أنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا لأنّ ساعات الدنيا تنقضي بقيامها كما توهم لأنّ المراد بالدنيا ثمة غير ما أريد بها هنا أعني ما يقابل الآخرة، وهي الجنة والنار والمحشر أو دار التكليف والحياة الدنيا. قوله:(استقلوا مدة لبثهم الخ) أي عدوّا اللبث الذي مز ذكره قليلا وقوله إضافة منصوب على نزع الخافض أي هو ليس بقليل فقلته إمّا نسبية أو أنهم نسوه فظنوه كان ساعة والتنكير للتقليل، والإفراد والاعتراض بأنّ هذا القسم قبل عذاب الآخرة والوقوف على هدته فلا وجه للإضافة إليه مع أنّ القسم ظاهر في خلافه غير وارد إن أريد بالآخرة المحشر، وكذا إن أريد ما بعده لجواز علمهم بالخلود بأخبار الله أو الملائكة، أو هو قولهم بعد دخول النار على حد قوله فلا تقعد بعد الذكرى كما مرّ وأمّا تفريع نفيه وعدم ظهوره على القسم فلا وجه له لأنّ القسم كما يقتضي الحقيقة يقتضي التحقق إلا إذا قصد المبالغة، وأما كون المراد عذابهم في القبر فلا يناسب كلام المصنف، ولا يشمل من مات عند النفخة الأولى
فتأمّل أو هو تأسف على إضاعته كما مرّ في طه، وفي قوله الساعة وساعة جناس تام. قوله:(مثل ذلك الصرف الخ) قد تقدم الكلام عليه وعلى كون الإفك بمعنى الصرف، وقوله عن الصدق والتحقيق ذكر في الكشاف أنّ تقدير لبثهم بالساعة إمّ لاستقصاره كما قيل:
وكذلك أيام السرور قصار
أو لنسيانهم أو كذب أو تخمين، ولم يذكر المصنف الاً خيرين ولذا قيل إنّ ما ذكره ظاهر
على النسيان إذ لا كذب في الاستقلال المبنيّ على التشبيه والمبالغة، وكونه بناء على التشبيه والظاهر كما قيل تكلف فكان عليه أن يذكره أو يبدل
ماهنا إلا أن يحملى على التوزيع بجعل التحقيق في مقابلة التخييل في قوله ما لبثوا غير ساعة لأنه تخييل مثل الخمر ياقوتة سيالة يعني يجعل لفاً ونشرا غير مرتب فالصرف عن الصدق راجع إلى النسيان لأنه غير مطابق للواقع وان طابق اعتقادهم بحسب الظن، والتحقيق راجع إلى الاستقلال فيكون عين ما في الكشاف بأدراج التخمين في الاستقلال والكذب في النسيان، وفيه كلام من أراده فعليه بالكشاف وشروحه. قوله:(يصرفون في الدنيا) يصرفهم الشيطان والهوى عن لحق وما يطابق الواقع، والمراد تشابه حاليهم في الكذب وعدم الرجوع إلى مقتضى العلم لأنّ مدار أمرهم على الجهل والباطل والغرض من سوق الآية وصف المجرمين بالتمادي في الباطل والكذب الذي ألفوه. قوله:) من الملافكة أو من الإنس) أو منهما جميعاً. قوله: (في علمه تعالى أو قضائه (لأن الكتاب يطلق على ما ذكر من المعاني والنسخ مختلفة ففي بعضها عطفه بأو وفي بعضها بالواو وهو مبنيّ على تفسيري القضاء المذكور في كتب الكلام فانه فسر تارة بعلمه أزلاً كما أنّ القدر إيجاده بقدرته الأزلية على وجه مطابق لعلمه به، وتارة أرجع القضاءة إلى الإرادة والقدر إلى الخلق كما قرّره في شرح المواقف فإن قلت الأوّل مسلك الفلاسفة، والثاني للأشاعرة فلا يناسب ما هنا الأوّل قلت الأشاعرة لا يخالفونهم في كون القضاء يكون بمعنى العلم، وإنما الخلاف بينهم في المراد بالعلم فإنه عند الفلاسفة العلم بما يكون عليه الوجود من أحسن نظام، وأكمل انتظام كما صرّح به في شرح المسايرة فاندفع ما قيل إنّ الوجه أو لأنّ القضاء غير العلم ثم إن المعنى معلومه ومقضيه أو هو على ظاهره وفي ظرفية مجازية أو تعليلية. قوله:) أو ما كتبه الخ) فهو مجاز مرسل أو استعارة، وقوله وهو أي القرآن الذي ذكر فيه لبثهم إلى البعث ما ذكر لكنه ذكر في هذه الآية ضمنا لأنّ استمرار البرزخ إلى البعث يقتضي لبثهم مذثه ولم يذكر تتمة الآية وهو إلى يوم يبعثون اكتفاء بما وقع في النظم هنا، وهذا على غير الوجه الأوّل. قوله:) ردوا الخ (قيل هذا تذكير لهم بتفاصيل المدة وبه يزول نسيانهم، وهو على الإضافة مشكل لعلمهم بحقيقة
المدة حينئذ إلا أن يكون المراد توبيخهم وتفضيحهم، والتهكم بهم وجعله توطئة لما بعده مما فرّع على إنكار البعث فتأمّل. قوله:(أنه حق) إشارة لمفعوله المقدر لأنّ تنزيله منزلة اللازم خلاف الظاهر من غير داع له هنا، وقوله لتفريطكم الخ دفع لما يتوهم من أنّ عدم العلم عذر لهم. قوله:(والفاء لجواب شرط الخ) فهي فصيحة وجوّز فيها أيضاً أن تكون عاطفة والتعقيب ذكريّ، أو تعليلية وقوله فقد تبين الخ أي فأخبركم بأنه قد تبين الخ، وإنما أوّل به ليظهر تسبب الجزاء على الشرط والفاء في قوله فيومئذ الخ تفصيل لما يفهم مما قبله من أنه لا يفيدهم الاستقلال أو النسيان أو هوجواب شرط مقدر أيضا، وقوله معذرتهم كأنهم توهموا الاستقلال ونحوه عذراً في عدم طاعتهم كقوله:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ} [سورة فاطر، الآية: 37] الآية، وقوله وقد فصل بالتخفيف وهو راجح قال الرضى فإن كان منفصلا فترك العلامة أفضل. قوله:(لا يدعون إلى ما يقتضي الخ) العتب هو اللوم على ما صدر في حق العاتب والمراد به هنا الشذة والمكرو. لأنه المعتوب عليه، والأعتاب يكون بمعنى الحمل على عتب المعتب أو إزالته كما قاله الراغب فهو من الأضداد والاستعتاب طلب الأعتاب فإنّ الطلب قد يكون للثلاثيّ، والمزيد وهو من قبيل الثاني فقوله لا يدعون بيان لمعنى الطلب، وقوله إلى ما يقتضي الخ إشارة إلى أن دعوتهم للأعتاب وطلبه بمعنى طلب ما يقتضيه وهو سببه وما يؤدى إليه، وقوله من التوبة والطاعة بيان لما والظاهر أنه حينئذ مجاز عن السبب البعيد لأنّ ما ذكر سبب لإزالة المكروه المعتوب عليه، وأزالته سبب لإزالة العتب فالمعنى لا يطلب منهم طاعة ورجوع عما كانوا عليه من الكفر والعصيان لعدم فائدته حينئذ فلا مخالفة بينه وبين ما ذكره في حم السجدة كما توهم، وفي القاموس لا يستعتبون لا يستقيلون فيستقالون بردّهم إلى الدنيا وهو وجه آخر لكنه غير بعيد مما هنا. قوله:(من قولهم استعتبني فلان الخ) الاستعتاب طلب العتبى وهو الاسم من الإعتاب كالعطاء والستعطاء، وتفسيره بالاسترضاء والإرضاء تفسير باللازم توضيحا جعلهم بمنزلة مجنيّ عليه عاتب على الجاني، ولذا قال في الكشاف شبهت حالهم بحال قوم جنى عليهم فهم عاتبون على الجاني، وهو