المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لا يخالف ما في السجدة فقوله ولا هم يستعتبون مبنيّ - حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي - جـ ٧

[الشهاب الخفاجي]

الفصل: لا يخالف ما في السجدة فقوله ولا هم يستعتبون مبنيّ

لا يخالف ما في السجدة فقوله ولا هم يستعتبون مبنيّ على التشبيه فإنهم لما تعدّوا حدود الله جعلوا بمنزلة الجانين لأنّ العتب والغضب من باب واحد كما صرّح به، وتعديها مجلبة للغضب فقيل لم يبق لهم طلب أعتاب لأنه حق عليهم العذاب فلا يطلب منهم ما يزيل الغضب كما في الدنيا هذا خلاصة ما ذكره المدقق في الكشف

فدفع ما قيل، وما يقال. قوله:(في هذا القرآن) أي في هذه السورة أو المجموع، وهو الظاهر وقوله من كل مثل من فيه تبعيضية، وتحتمل الزيادة وقوله وصفناهم أي الناس، وقوله بأنواع الصفات بيان لمعنى كل وأنّ الكلية باعتبار الأنواع لا الأفراد ولا وجه لتخصيصه بأحوال الآخرة، وقوله التي الخ إشارة إلى وجه إطلاق المثل على الصفة العجيبة مع أنّ أصله ما شبه مضربه بمورده، وأنه استعارة لأنّ المثل إنما يضرب بما هو مستغرب، وقوله مثل الخ بيان لما ذكر من الصفات وأدرج فيه وجه ارتباطه بما قبله. قوله:(أو بينا الخ) فضرب بمعنى بين، وقد كان بمعنى وصف من ضرب الخاتم إذا صنعه كما مرّ والظاهر أنّ المثل فيه على أطله وأن القرآن بمعنى المجموع، وقوله البعث بتقدير مضاف أي اعتقاد البعث وما بعده معطوف عليه، وقوله ولئن جئتهم اللام موطئة والتقدير مع ضربنا كل مثل لو جئتهم الخ، وقوله من آيات القرآن حمل الآيات على معناها المتبادر، ولو حمل على معجزة من المعجزات التي اقترحوها صح قيل وهو الأنسب فتأمّل. قوله:(ليقولق الذين كفروا) أظهره لعموم ما قبله أو لبيان السبب الحامل على ما قالوه ولا ينافيه قوله من فرط، وقوله مزوّرون التزوير الكذب وقد يخص بالشهادة وأصل معناه التزيين والترتيب لكلام في النفس، وقوله مثل ذلك الطبع الإشارة إلى ما يفهم مما بعده كما مرّ تحقيقه وقد يجعل لما يفهم من قوله ليقولن الخ. قوله: الا يطلبون العلم) فهو مراد به لازمه للزوم الطلب له عادة أو المعنى أنهم ليسوا من أولي العلم، وقوله فإن الجهل المركب الخ تعليل لإصرارهم على اعتقادهم وجعله علة لقوله يطبع وكيك وفاء فاصبر فصيحة أي إذا علمت حالهم وطبع الله على قلوبهم فاصبر الخ وقوله بنصرتك الخ هو المناسب لأمره صلى الله عليه وسلم بالصبر، وقد عمم ليشمل ما مرّ من غلبة الروم وله وجه. قوله:(ولا يحملنك الخ (بضئم اللام وفتحها والحمل وان كان لغير. ظاهراً لكن النهي راجع إليه فهو كقوله: {لا أرينك ههنا} كما مرّ تحقيقه كانه قيل لا تخف لهم جزعاً وما قيل إنه لا يحتاج إلى التأويل فيه نظر. قوله: (بتكذيبهم وإءلذائهم) بيان لسبب القلق، وقوله فإنهم شاكون تفسير لقوله لا يوقنون لا تعليل لقوله لا يستخفنك حتى يقال لا وجه لبيان عذر الكفرة في مقام ذمهم وذلك إشارة إلى

التكذيب والإيذاء، ويستبدع بمعنى يستغرب. قوله:(وقرئ لا يستحقنك) أي بفتح الحاء المهملة والقاف مع نون التوكيد الثقيلة، وهي قراءة شاذة رويت عن يعقوب ومعناها كما في الكشاف لا يفتننك فهو مجاز مرسل لأنّ من فتن أحدا استماله إليه حتى يكون أحق به من غيره، واليه أشار بقوله يزيغوك من الإزاغة وهي الإمالة إلى جانبهم، والمراد أمّته وان كان الخطاب له صلى الله عليه وسلم لعصمته. قوله:(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) هو حديث موضوع وقولى كل ملك سبح لأنّ فيها سبحان الله الخ، وقوله ما ضيع الخ لقوله:{حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [سورة الروم، الآية: 17] الخ تمت الس! ورة الشريفة بحمد الله ومنه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سورة‌

‌ لقمان

لقمان علم ممنوع الصرف للعلمية والعجمة أولها وللزيادتين.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (مكية) قال الداني في كتاب العدد إنّ ابن عباس رضي الله عنهما قال إنها مكية إلا ثلاث آيات وقال عطاء إلا اثنتين لأنه صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة قال له أحبار اليهود بلغنا أنك تقول وما أوتيتم من العلم إلا قليلا أعنيتنا أم قومك قال كلا عنيت فقالوا: إنك تعلم أنا أوتينا التوراة، وفيها بيان كل شيء فقال ذلك في علم الله قليل فأنزل الله عز وجل، {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ} الآيتين وآياتها ثلاث

ص: 130

وثلاثون في المكي والمدني وأربع وثلاثون في عدد الباقي اهـ، وأمّ استثناء الآية المذكورة بناء على أنّ الصلاة والزكاة إيجابهما على المؤمنين وقع بالمدينة فغير مسلم لأنّ الصلاة فرضت بمكة ليلة الإسراء كما في البخاري وغير.، ولو سلم فيكفي كونهم مأمورين بها بمكة ولو ندبا فلا يتم التقرير فيها كما ذكره المصنف رحمه الله، وأمّا الزكاة فإيجابها بالمدينة على المشهور، وقيل تقدير الإنصباء هو الذي كان بالمدينة لا إيجابها كما مرّ، واختار المصنف الجواب التسليمي لأنه هو التام فيهما فتأمّل. قوله تعالى:( {الْحَكِيمُ} ) أي المحكم أو الحكيم قائله على الحذف، والإيصال أو المجاز في الإسناد أو الاستعارة المكنية كما مرّ تفصيله، وقيل هو مؤوّل بذي الحكمة، وأورد عليه أنه لا بد فيه من المجاز أو التقدير فتأمّل. قوله:(والعامل فيهما الخ الأنه عامل معنويّ إذ هو بمعنى أشير، ولولاه لم يأت الحال من الخبر على المشهور، وقوله على الخبر بعد الخبر أي لتلك والمحذوف تقديره هي أو هذي الخ مراعاة لظاهر الخبر. قوله: (بيان لإحسانهم) وهو إمّا صفة

كاشفة، أو بدل أو بيان لما قبله أو منصوب أو مرفوع على القطع وعلى كل فهو تفسير للإحسان كقوله:

الالمعي الذي يظن بك الظن كان قد رأى وقد سمعا

فلا وجه لتخصيصه بالأوّل وما بعده استئناف كما فصله في الكشف سواء حمل ما ذكر

على ظاهره أو جعل عبارة عن جميع الأعمال الحسنة تصريحاً، واستتباعا لأن كل الصيد في جوف الفراء كما في الكشاف وظاهر كلام المصنف أنه على الثاني بيان دون الأوّل لأنّ الإحسان لا يختص بما ذكر فلا وجه لما قيل من أنه ينتظمها، وأنه أحسن من صنيع الزمخشري فتأمّل. قوله:(أو تخصيص لهذه الثلاثة من شعبه) أي من أقسام الإحسان جمع شعبة وظاهره أنه إذا كان بياناً عامّ بطريق الاستبتاع فيكون صفة مادحة للوصف أو الموصوف لا مخصصة، أو مبينة كما في الأوّل ولا مخالفة فيه لما في الكشاف كما توهم. قوله:(ولما حيل (بكسر اللام، وتخفيف الميم أي أعيد الضمير للتأكيد ولدفع توهم كون بالآخرة خبراً وجبراً للفصل بين المبتدأ وخبره، وقدم للفاصلة وقد مرّ الكلام عليه والكلام على قوله {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى} تقدّم في البقرة، وقوله لاستجماعهم الخ ذكر العقيدة، وان لم تسبق لاستلزام ما ذكر لها أو لدخولها في عموم الأوّل. قوله: (ومن الناس الخ (عطف على ما قبله بحسب المعنى كأنه قيل من الناس هاد مهدفي ومنهم ضال مضل أو عطف قصة على قصة، وقيل إنه حال من فاعل الإشارة أي أشير إلى آياته حال كونها هد! ورحمة الحال أنّ من الناس الخ، وقوله يعني بفتح الياء معلوما أي يهم وقيل إنه بضمها مجهولاً أي يقصد وهذا كما قال الحسن اللهو ما يشغل عن الله. قوله: (والإضافة بمعنى من الخ) هذا بناء على أنّ إضافة العامّ المطلق بيانية، وهو مذهب لبعض النحاة كما في شرح الهادي وذكره الدماميني في شرح التسهيل إذ جعل إضافة يومثذ بيانية، وان صرّح العصام بخلافه واغترّبا بعض المتأخرين فاعترض على المصنف بأنه مخالف لكلام النحاة، وقوله إن أراد الخ فالتعريف للعهد. قوله:(وتبعيضية إن أراد به الآعتم منه) تبع فيه الزمخشريّ وهو مذهب لقوم من النحاة كابن كيسان والسيرافي قالوا إضافة ما هو جزء من المضاف إليه بمعنى من التبعيضية واستدلوا بفصله بمن كقوله:

كأنّ على الكتفين منه إذا انتحى بذاك عروس أو صلابة حنظل

والأصح كما ذهب إليه إبن السراج والفارسي، وأكثر المتأخرين أنها على معنى اللام كما فصله أبو حيان في شرح التسهيل وذكره شارح اللمع، وقيل المشهور أنّ الإضافة تقوم مقام

التمييز فهي بمعنى من البيانية إلا أنه باعتبار العموم والخصوص الوجهي جاء التبعيض، وليس من مقتض لإضافة فالتبعيضية ترجع إلى البيانية والفرق بين الوجهين إنه على هذا لا يحتاج إلى تقييد الحديث بالمنكر كما في الأوّل لأنّ الحديث الذي هو اللهو لا يكون إلا منكرا وعلى الأوّل لما أريد تمييز اللهو بعضه من بعض، وجب أن يقيد الحديث بالمنكر لأنه اللهو القولي، وهو غفلة عما قرّرناه، وكذا ما قيل إنه عبر عن اللامية بالتبعيضية إظهار الجهة الملابسة الاختاصية تعويلا على ما عرف فيها، وقد مرّ تفصيله في أوّل سورة الفاتحة فتذكره. قوله:(1 لأعثم منه)

ص: 131

جمع بين الألف واللام من كقوله:

ولست بالأكثر منهم حصى

وانما العزة للكاثر وتأويله تأويله فلا يرد عليه إنه لا يجوز بحسب العربية. قوله:) وقيل نزلت الخ) جعله مقابلا للأوّل لأنه فيه عامّ وفي هذا خاص بقصص الأعاجم أو الغناء والاشتراء على الأوّل مستعار لاختيار على القرآن، وانصرافهم عنه واستبداله به، وعلى هذا هو على حفيقته والقيان جمع قينة وهي الجارية، وقد خصمت بالمغنية في العرف وهو المراد هنا ولا يأباه لفظ الحديث، ولا يحتاج إلى تقدير ذات كما قيل لأنه لما اشتريت المغنية لغنائها فكان المشتري هو الغناء نفسه، ورستم واسفنديار من ملوك العجم والأكاسرة جمع كسرى، وهو معرّب خسر وعلم لملك منهم ثم أطلق على كل من ملكهم، ومرّضه لأنّ قوله أولئك لهم يقتضي تعدده كما قيل، وفيه نظر. قوله:(دينه) بالجرّ عطف بيان على سبيل الله مفسر له وكذا ما بعده والأوّل ناظر إلى قوله هدى، والثاني إلى قوله تلك آيات الكتاب ولو عممه ليشملهما كان له وجه وجيه، وقوله ليثبت على ضلاله الخ لأنه ضال قبله واللام للعاقبة وكونها على أصلها كما قيل بعيد، ولم يرتض ما في الكشاف من أنه وضع موضع يضل للعموم لأن من أضل فهو ضالّ، لأنّ الضلال لا يلزمه إلا ضلال وان اعتذر عنه بأنه أراد به الضلال المتجاوز لغيره بقرينة سبب لنزول لأنه تكلف لكن فيه توفق القراءتين معنى وبقاء اللام على حقيقتها. قوله:(بحال ما يشتريه الخ) متعلق بعلم، وقوله بغير علم ظاهر كلام المصنف إنه متعلق بيشتري، وقد جوّز تعلقه بيضل أي جاهلاً إنها سبيله أو أنه يضل أو الحق وهذا الوجه جار على

الوجهين في تفسير ومن الناس من يشتري، وقوله أو بالتجارة حيث استبدل الخ قيل إنه يجوز اعتباره فيهما أيضاً والظاهر من قوله استبدل أنه مخصوص بالأوّل كما صرّح به بعض أرباب الحواشي فتأمّل، والباء داخلة على المتروك. قوله:(ويتخذ السبيل) أو الآيات وقوله أولئك لهم جمع ضمير من بعد إفراده مراعاة للمعنى واشارة لعموم الوعيد، وقوله لإهانتهم إشارة لا أنّ الجزاء من جنس العمل عدلاً منه تعالى، وقوله:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ} أفرد ضمير من مراعاة للفظه بعدما جمع مراعاة لمعناه في قوله يشتري بعد إفراد ضميره رعاية للفظه كما وقع في سورة الطلاق، ولا نظير لهما في القرآن كما قاله أبو حيان وتبعه المحشي وليس كذلك لأنّ لهما نظائر كما فصله المعرب في سورة المائدة، وقوله متكبراً إشارة إلى أنّ الاستفعال بعنى التفعل. قوله:(مثابهاً حاله حال من لم يسمعها) أي أشبهت حاله في عدم التفاته تكبراً حال من لم يسمعها وكأن المخففة ملغاة لا حاجة لتقدير ضمير شأن فيها، كما في الكشاف وفيه إشارة إلى أنّ جملة التشبيه حالية وقوله مشابها من في إذنه الخ بإفراد إذنه وفي نسخة إذنيه بالتثنية، وكلاهما ظاهر والتشبيه الثاني ترق في ذمّه لأنّ فيه دلالة على عدم قدرته على السماع لعدم الانتفاع وأشار بقوله ثقل إلى أنّ أصل معنى الوقر الحمل الثقيل استعير للصمم، ثم غلب حتى صار حقيقة فيه وتثقيل كأن في الثاني كأنه لمناسبته للثقل في معناه، وأذن بضم الذال وقرأها نافع بسكونها تخفيفاً. قوله:(والأولى) أي جملة كان الأولى والمبدل كل من كل والحال على الثاني متداخلة ولتهكم في البشارة مرّ تفصيله في البقرة، والحال المتداخلة تفيد تقييد عدم السماع بحال عدم القدرة، ويجوز كونه حالاً من أحد السابقين. قوله:(فعكس على المبالنة وفي نسخة للميالغة قيل في وجه المبالغة إنه لجعل النعيم أصلَا ميزت به الجنات فيفيد كثرة النعيم وشهرته، وقيل لأن من ملك جنات النعيم كان له نعيمها كلها بطريق برهاني بخلاف ما لو قيل نعيم الجنات فإنه قد يتنعم بشيء غير مالكه) . قوله: (حال من الضمير) أي المجرور أو المستتر فيه لأنه خبر مقدم، أو من جنات على أنه فاعل الظرف لاعتماده بوقوعه خبرا فإن الحال لا تأتي من المبتدأ على الأصح، وهو مبتدأ لهم خبره لو لم يكن فاعلاً والجملة خبران

ولذا حعل العامل متعلقه فيهما إذ رجوعه على الأوّل خلاف الظاهر. قولى: (1 لأوّل) أي وعد الله مؤكد لنفسه أي لما هو كنفسه، وهي الجملة الصريحة في معناه لأنّ قوله لهم جنات النعيم الخ صريح في الوعد بخلاف قوله حقاً فإن الوعد يكون حقا وباطلا، والكلام في المؤكد لنفسه " وغيره والعامل فيه مفصل في النحو، وقوله لغيره يعني به جملة لهم جنات النعيم فمؤى إهما واحد، وقد مرّ في يونس أنّ حقاً مؤكداً لوعد الله المؤكد، وهو محتمل هنا وأما ى ن حمملة أنّ الذين الخ دالة على التحقق والثبوت فلو

ص: 132

جعل مؤكداً لها كان مؤكداً لنفسه أيضا فاحتمال! تركوه لبعده فلا عبرة بما قيل إنّ الأخبار المؤكدة لا تخرج عن احتمال البطلان فتأمّل، وقوله وليس كلى وعد حقا أي في نفسه بقطع النظر عن قائله كما حقق في قولهم الخبر ما يحتمل المدق، والكذب فلا يرد عليه أنّ وعده تعالى حق بلا مرية. قوله:(فيمنعه الخ (إشارة إلى أنلأ تذييل مقرّر لحقية وعده المخصوص بمن ذكر المومي إلى الوعيد لمن عداهم، وقوله الذي لا يفعل الخ الحصر من فحوى الكلام، وقوله سبق في الرعد وكذا تفسير رواسي وتحقيقه مرّ فيها أيضا، وقوله كراهة أن تميد إشارة إلى أنه مفعول له بتقدير مضاف، وقد مرّت نظائره أيضاً وتميد بمعنى تضطرب. قوله: (استئناف) سقط من بعض النسخ لتقديمه في الرعد يعني جملة ترونها مستأنفة في جواب سؤال تقديره ما الدليل على ذلك فلا محل لها مسوقة لإثبات كونها بلا عمد لأنها لسو كان لها عمد رؤيت، وقد جوّز في الرعد كونها صفة لعمد أيضا فالضمير على هذا للسموات لا للعمد كما في الوصفية، وأفرد ولم يقل فيهن لأنه جمع قلة والرؤيه بصرية لا علمية حتى يلزم حذف أحد مفعوليها كما توهم، وعلى الوصفية يجوز أن يكون المراد أنّ لحا عمدا غير مرئية كما مرّ. قوله:(شوامخ) أي عالية، وقد فسر بثوابت أيضا كما مز، وقوله: فإنّ بساطة أجزائها وفي نسخة تشابه أجزائها، وهو تعليل لميدانها وترك الدليل الظاهر، وهو أنها أجرام عظيمة مرتفعة من شأنها أن لا تستقرّ بدون عمد لا سيما إذا كانت بسقف ممتد كما وردت به النصوص الإلهية، والآثار النبوية لظهوره ولإلزام من يقول ببساطتها وكريتها من الحكماء، وأهل الهيئة بما يدل عليه الحس وقد قام عليه الدليل في محله من بساطتها فلا وجه لمنعه، فإن قيل الدليل غير تامّ فأمر آخر، وضمير أجزائها للسموات وما بعده للأجزاء والامتناع المذكور لأنّ تشابه الأجزاء يقتضي الاشتراك في اللوازم فالاختصاص ترجيح بلا مرجح فاحتيج إلى مخصص خارح وهو الجبال، وأما كونه لا عليه ولا شرطية بين الممكظ ت عند المحققين لانتفائهما بالذات إلا بأقداره تعالى وجعله فالآيات والآثار مشحونة بخلافط مح أنّ مط ذكص إلش اميّ، وكون اللازم جواز ما ذكر وامكانه لا وقوعه غير مسلم لأن

مقتض التشابه الواقع الوقوع، وأنه بإرادته تعالى لا يقال ننقل الكلام إلى الجبال أيضاً لأنها من جنس الأرض فيلزم التبدل لأن مقتضى التشابه، والبساطة الكرية ومن حقها الميدان كما في الأفلاك والجبال أخرجتها عن الكرية، وتوجهت لثقلها نحو المركز ومنعها عن الحركة كالأوتاد، والبساطة لها معان ثلاثة على ما بين في علم الحكمة والمراد هنا ما لا يتركب من أجسام مختلفة الطبائع فيشمل العناصر والأفلاك والأعضاء المتشابهة كالعظم. قوله تعالى:( {وَبَثَّ} ) أي أوجد وأظهر، وأصل البث الإثارة والتفريق وفي تأخيره إشارة إلى توقفه على إزالة الميدان، وقوله من كل صنف تفسير لزوح، وكثرة المنفعة تفسير لكرمه. قوله:(وكأنه استدل بذلك) أي ما ذكر من قوله خلق السموات بغير عمد إلى هنا، يشير إلى أن هذه الجملة ذكرت بعد قوله هو العزيز الحكيم لإثبات عزته وحكمته وفسر عزة الله بكمال قدرته وحكمته بكمال علمه فهي جلة مستأنفة لما ذكر، وللتمهيد لقاعدة التوحيد أي أصله المذكور بعده، وهذا إشارة لما ذكر أيضاً كما أشار إليه بقوله هذا الذي ذكر الخ، وفاء فأروني جواب شرط مقدر وأروني بمعنى أعلموني وأخبروني، وقوله اكهتكم تفسير لقوله من دونه لأنه بمعنى غيره من الآلهة، وقوله وماذا الخ لأنه قد يركب ويجعل اسماً واحداً استفهاميا فيكون مفعولاً لخلق مقدما لصدارته، وقد تكون ما وحدها اسم استفهام، وذا اسم موصول مبتدأ وخبر وعليها فالجملة معلق عنها سادّة مسداً لمفعول الثاني، وقد يكون ماذا كله اسماً موصولاً فيكون مفعولاً ثانياً لأروني والعائد محذوف في الوجهين، وما ذكره مبني على جريان التعليق في المفعولين الأخيرين، وفيه كلام في الرض انظره إن أردت. قوله:(الذي لا يخفى) هو ونحوه معنى قوله مببن والظاهر الظالمون وضع موضع أنتم، وقوله بإشراكهم إشارة إلى أنّ المراد بالظلم الشرك لقوله إنّ الشرك لظلم عظيم، وقوله من أولاد آزر الخ هو أحد الأقوال فيه، وقيل كان عبداً أسود، وقوله باعوراء بعين مهملة ممدودا ووقع في الكشاف باعور بدون ألف وهو اسم عبراني، وروي أنه خير بين الحكمة والنبوّة فاختار الحكمة على كلام فيه في شرح الكشاف. قوله:

ص: 133

(استكمال النفس الخ) قيل إنه تعريف

باللازم والمراد كمال حاصل باستكمال النفس الخ أي طلب كمالها بتهذيبها، وهذا في العرف العام وعند الحكماء معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بحسب الطاقة البشرية، واقتباس العلوم تحصيلها وفيه تشبيه لها بالنور، وقوله على الأفعال الخ متعلق بالملكة لما فيها من معنى الاقتدار، وقوله على قدر طاقتها متعلق باستكمال وشمرد من السرد وهو عمل حلق الدرع وفاعل فقال دأود عليه الصلاة والسلام ولبوس بفتح اللام بمعنى ملبوس. قوله:(الصمت حكم الخ) قال الميدإني: الحكم بضم الحاء الحكمة ومنه وآتيناه الحكم صبيا، يعني أنّ استعمال الصمت حكمة ولكن قل من يستعملها وقد صار هذا مثلاً، وقوله أنه أمر بصيغة المجهول أو المعلوم والتقدير أمره داود عليه الصلاة والمملام، وهو المناسب لقوله سأله أو مولاه كما في الكشاف وترك لعدم تحقق كونه عبداً، وقوله فقال الخ إن كان السائل سأل عن الأطيب والأخبث من هذين العضوين مطلقا أي المحمود والمذموم منهما فحاصل جوابه أنّ الخبيث والطيب عارضان لا حقيقيان، وهما في هذين أشد فما أتى به من الشاة مثال لما في الإنسان، وان كان مراده ما في الحيوان المأكول وطيبه وخبثه باعتبار اللذة والنفع وعدمهما، فجوابه من الأسلوب الحكيم لينبهه على أنّ اللائق بالعارف أن يسأل عما فيه ذريعة إلى ما فيه الكمال وترك قبيح الخصال، وهذين العضوين وسيلة لهما فتأمّل. قوله:(لأن أشكر الخ) يعني أن مصدرية على تقدير اللام التعليلية أو على أنها بدل اشتمال من الحكمة بدون تقدير، وهو بعيد أو تفسيرية لتقدم ما فيه معنى القول دون حروفه كما أشار إليه المصنف رحمه الله لأنّ إيتاءها إمّا بوحي أو إلهام، أو تعليم ولا يرد على الأوّل فوات معنى الأمر كما مرّ ولا على الثاني سواء كان تفسير الآتيناه الحكمة أو للحكمة أن الحكمة ليست الأمر بالشكر كما توهم، أمّ على الأوّل فظاهر، وأمّا على الثاني فلأنها ما تضمنه الأمر فتأمّل. قوله:(لأن نفعه الخ) فهو مؤوّل بما ذكر واستحقاق المزيد والدوام لقوله: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [سورة إبراهيم، الآية: 7] لدلالة الزيادة على الدوام التزاماً، وقوله ومن كفر قيل عبر بالماضي للدلالة على الزيادة والتحقق في الكفران، وفيه نظر

ظاهر، وقوله فإن الله غني هو قائم مقام الجزاء، وهو فضرره عائد عليه لأنه مع أنه لا يحتاج للشكر مشكور محمود إمّ بحسب الاستحقاق أو بنطق ألسنة الحال، وحميد فعيل بمعنى مفعول في الوجهين، وأمّا ما قيل من أن قوله غني تعليل لقوله فإنما يشكر لنفسه وحميد للجواب المقدر للشرط الثاني بقرينة مقابله فتكلف لم تقم عليه قرينة ولم يدع إليه داع وان صح في نفسه فتدبر، وقوله جميع مخلوقاته أي سواء كفر أو شكر لدلالته على موجده، واذ قال بتقدير اذكر أو شكر وأنعم وأشكم بوزن أفعل علمان أعجميان، وكذا ما ثان بالمثلثة وجملة وهو يعظه حالية. قوله:(تصغير إشفاق) ومحبة لا تصغير تحقير:

ماقلت حبيبي من التحقير بل يعذب اسم الشخص بالتصغير

وقال آخر:

ولكن إذا ما حب شيء تولعت به أحرف التصغيرمن شدة الوجد

وقوله: يا بني تقدّم اختلاف القراء فيه وتسكين الياء بحذف ياء المتكلم وفتح الياء المشددة لأن ياء المتكلم مبني على الفتح، والكسر على بنائها على السكون وتحريكها بالكسر لالتقاء الساكنين، والكلام عليه مفصل في علم النحو والقراآت، وقوله كان كافرا ولذا نهاه فإن كان مسلما فقد حذره عن صدوره منه في المستقبل وقوله لأنه الخ تعليل لعظمه، وأنا كونه ظلماً فلوضعه في غير موضعه، وقوله وصينا أي أمرنا وقد مرّ تحقيقه، وبوالديه بتقدير رعايتهما. قوله:(ذات وهن) أي المصدر حال بتقدير مضاف أو مفعول مطلق لفعل مقدر والجملة حالية كما صرح به ويجوز جعل المصدر نفسه حالاً مبالغة لكنه مخالف للقياس إذ القياس فيه أن يكون مشتقاً، وقوله تضعف ضعفا الظاهر أنه تفسير له على الثاني ويجوز حمله على الوجهين، وقوله فوق ضعف تفسير لقوله على وهن أي متزايداً بازدياد ثقل الحمل إلى مدة الطلق، وقوله فإنها الخ تعليل أو تفسير لما قبله، وقوله والجملة الخ على الثاني وذو الحال أمّه، وأمّا جعله حالاً من ضمير

ص: 134

حملته فيأباه قوله على ضعف فإن ضعفه لا يتزايد بل ينقص فلا وجه لمن جوّزه. قوله: (يقال وهن يهن الخ) يعني أنه ورد من باب ضرب يضرب فسقطت الواو من مفارعه لوقوعها بين ياء وكسرة، ومن باب علم فأثبتت الواو لعدم شرط حذفها، وقد

ورد من باب كرم أيضا كما في القاموس، وقوله أو وهن يوهن وهنا وقع في النسخ مضبوطا بفتح هاء المصدر فيكون المحرك مصدر الفعل الثاني والساكن مصدر الأوّل فلا يصح ما قيل إنه من باب تحريك العين إذا كانت حرف حلق كالشعر، والشعر على القياس المطرد كما ذهب إليه ابن جنى بل يكون لغة فيه كتعب يتعب تعبا هكذا قال بعض المتأخرين لكنه اعتماد على ضبط القلم فمان ساعدته الرواية فيها ونعمت، وكلام القاموس يدل على عدم اختصاص أحد المصدرين باحد الفعلين وقوله قرئ بالتحريك يعني في الموضعين وقد علمت وجهه.

قوله: (وفطامه) أي ترك إرضاعه والفطام والفصال بكسر الفاء بمعنى الفطم والفصل،

وقوله في انقضاء عامين أي تمامهما أي في أوّل زمان انقضائهما ففيه مضاف مقدّر مع تسمح يسير والقرينة على تقديره قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [سورة البقرة، الآية: 233] . قوله: (وفيه دليل الخ) هو مذهب الشافعي والإمامين، وعند أبي حنيفة ثلاثون شهراً فما ذكر هنا أقل مذته وتفصيله في كتب الفقه. قوله:(تفسير لوصينا) فإن بمعنى أي التفسيرية، وعلى ما بعده مصدرية قبلها لام علة مقدرة، واذا كان بدلاً فكأنه قبل وصيناه بوالدبه بشكرهما وذكر شكر الله لأن صحة شكرهما تتوقف على شكره كما قيل في عكسه لا يشكر الله من لا يشكر الناس، فلذا قرن بينهما في الوصية، وعن ابن عيينة من صلى الصلوإت الخمس فقد شكر الله ومن دعا لوالديه في أدبارها فقد شكرهما وأمّا كون الأمر بالشكر يأبى التفسير والتعليل والبدلية كما قيل فليس بشيء كما مر. قوله:(وذكر الحمل والفصال الخ) أي على الوجوه في إعراب أن اشكر ووجه التوكيد ذكر ما قاسته في تربيته وحمله وأمّا كونه استئنافاً أو المراد بالاعتراض ما يعمه فغير صحيح لأن الكلام المستأنف لا يتعلق ما بعده بما قبله. قوله: (ومن ثئم) أي لأجل ما للأم من عظيم الحق قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن ساله عمن يبره أمّك وأجابه عن سؤاله به ثلاث مرات والحديث المذكور صحيح رواه أبو داود والترمذي وأمّك فيه منصوب بفعل مقدر تقديره برّ أمّك أي أحسن إليها، وقوله فأحاسب تفسيراً وتعليل أو تفريع. قوله:(باستحقاقه الإشراك) تفسير لقوله به بتقدير مضاف فيه بقرينة السياق، وتقليداً تعليل لقوله

تشرك، وقوله وقيل الخ إشارة إلى قول الزمخشريّ أراد بنفي العلم به نفيه أي لا تشرك بي ما ليس بشيء يريد الأصنام كقوله:{مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ} [سورة العنكبوت، الآية: 42] قال في الانتصاف وتبعه الطيبي وغيره من الشراح هو من باب:

على لا حب لا يهتدي بمناره

أي ما ليس بإله فيكون لك علم بالإلهية وليس كما ذكره في قول فرعون ما علصت لكم

من إله غيري فقد زيفناه فيما تقدم انتهى، يعني أنه من الكناية ولا يلزم فيها اللزوم العقلي بل يكفي العرفي كما صرحوا به، وقال المدقق في الكشف ليس هذا من قبيل نفي العلم لنفي وجوده كما مر في القصص والا لقال ما ليس بموجود، بل أراد أنه بولغ في نفيه حتى جعل كلا شيء، ثم بولغ في سلك المجهول المطلق وهذا تقرير حسن فيه مبالغة عظيمة، ومنه يظهر ترجيح هذا المسلك في هذا المقام على أسلوب:

ولا ترى الضسب بها ينجعر

انتهى وكل منهما مسلك حسن، وقد مر أن المصنف و حمه الله فرق بين ما في القصص وغيره في سورة العنكبوت، فليس المراد تمريضه لئلا يتناقض " كلامه فلا تكن من الغافلين، وقال بعض الفضلاء ضعفه لما قيل إنه من خواص العلوم الفعلية دون الانفعالية، إذ لا يلزم من عدم علمنا بشيء أن لا يكون موجوداً والظاهر أن مراد القائل أنه مجاز عنه ولا يلزم فيه اللزوم العقلي بل يكفي العرفي كما مر والذهن ينتقل من نفي العلم إلى انتفائه، وفي شرح المفتاح أنه بناء على اللزوم الادّعائي بمجرّد الأصالة والفرعية وقوله في ذلك أي الشرك. قوله:(صحابا) بكسر الصاد مصدر كالصحبة يعني أن معروفا صفة مصدر محذوف، وقوله يرتضيه الخ تفسير للمعروف كأن يطعمهما ويكسوهما ويعودهما ويدفنهما بعد الموت، وقوله في الدنيا ذكره لمقابلته بقوله:{ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ} [سورة آل عمران، الآية: 55] ووقع في نسخة في الدين والأولى أولى، وأناب بمعنى رجع

ص: 135

إلى الحق وطريقه والمعنى اتبع طريق المخلصين لا سبيلهما، وقوله بالتوحيد تنازعه الفعلان، وقوله مرجعك ومرجعهما إشارة إلى أنّ فيه تغليباً

للخطاب على الغيبة، وقوله بأن أجازيك الخ فهو كناية عن الجزاء وليس المراد بالإعلام ظاهره والآيتان من قوله:{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ} إلى قوله {تَعْلَمُونَ} وقوله لما إمّا صلة التأكيد أو تعليل له وضمير فيها للوصية وفي نسخة فيهما أي الآيتين، وقوله كأنه بيان للمراد من ذكرهما على وجه يتضح به التأكيد، وقوله للمبالغة في ذلك أي في التأكيد للنهي عن الشرك واتباع من يأمر به ولو كان أحق الناس بالطاعة بعد الله وهما الوالدان ومن هنا جاءت المبالغة، وقوله مكثت أي أمّ سعد ولإسلامه بمعنى بعد إسلامه أو لأجل إسلامه، وقوله ولذلك أي لكون نزولهما فيه وضمير فإنه لسعد وضمير بدعوته لأبي بكر رضي الله عنه. قوله:(أي أنّ الخصلة الخ) فالضمير راجع لها لفهمها من السياق، وقوله مثلاً في الصغر أي في غاية الصغر حتى يضرب بها المثل فيه وهو تفسير لمثقال حبة الخ بما يشمل ما دونها وجعل الضمير للقصة على الرفع لعدم العائد فيها إلا بتكلف تقديره، وقوله وتأنيثها أي كان أي مضارعها لما ذكر أولتأويله بالزنة أو الحسنة والسيثة وقوله كما شرقت الخ من شعر للأعشى وأوّله:

وتشرق بالقول الذي قد أذعته

كما الخ وهو يهدّد بالهجاء من هجاه، والشرق وقوف الماء في الحلق كالغصة ب! فعله كعلم، وهو استعارة هنا لتضرّره بما ظنه نافعاً وتشبيه صدر القناة التي عليها الدم بمن شرق في مجرّد وقوف المائع والشاهد فيه ظاهر، والمثقال ما يقدر به غيره لتساوي ثقلهما. قوله:(في أخفى مكان وأحرزه) إشارة إلى أنّ ما ذكر كناية عن الأخفى والا حرز ونحوه، وليس مقصوداً بخصوصه وقوله أو أعلاه عطف على أخفى وقوله كمحدب السموات أي جهة الأوج دون الحضيض وخصه لأنه أعلى ما فيه فهو المناسب للمقام إذ المقصود المبالغة فلا يقال إنه لا وجه للتخصيص، وكلمة في لا تأباه لأنها ذكرت بحسب المكانية أو للمشاكلة أو هي بمعنى على وعبر بها للدلالة على التمكن والمحدب ظاهر الكرة والمقعر باطنها. قوله:(وقرئ بكسر الكاف) أي تغيب من وكن الطائر إذ دخل وكنته بفتح الواو وضمها وسكون الكاف أو ضمها مع ضمّ الواو أي عشه فهو استعارة أو مجاز مرسل كالمشفر وقد جوّز في ضمير تكن أن يكون للابن والمعنى أن تحتف وقت الحساب يحضرك الله، وهو غير ملائم للجواب، وقوله يحضرها

بالجزم وكذا ما عطف عليه وهو إمّا على ظاهره أو المراد يجعلها كالحاضر المشاهد لذكرها، والاعتراف بها. قوله:(يصل علمه إلى كل خفئ) هذا على أنّ معنى اللطيف في أسمائه تعالى العالم بالخفيات، وهو المناسب لما قبله وما بعده هنا وقد جوّز فيه أن يفسر بمعنا. المعروف لأنّ في ذلك لطفاً بأحد الخصمين والأوّل أنسب، وخبير تاكيد له على الأوّل والمصنف رحمه الله فسره بالعالم بكته الخفيّ ليكون تأسيساً فيه أيضاً، وقوله سيما في ذلك أي تكميل نفسك وغيرك أو في الصلاة والأمر بالمعروف لشدة احتياجهما للصبر، أمّا الثاني فظاهر وأمّا الأوّل فلأنّ إتمامها والمحافظة عليها قد يشق، ولذا قيل وانها لكبيرة إلا على الخاشعين والإشارة إلى الصبر تناسب الأفراد والبعد لعلوّ منزلته وعلى ما بعده فهو مؤوّل بما ذكر. قوله:(عزمه الله) أي قطعه وأوجبه، والعزم بهذا المعنى يسند إليه تعالى ومنه ما وود عزمة من عزمات الله وفي الحديث:" لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل " أي يأتي بنية قاطعة وقوله ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل إذا كان بمعنى المفعول فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الأمور المعزومة، وإذا كان بمعنى الفاعل فهو من الإسناد المجازي كمكر الليل لا من الإضافة على! نقثم) وإهذا أصل فعنا أشاولامبقوللنا منتعليليةا أو صحلة فينه ااس! تعملهبمعنىبها اجمهدلر في الأولا للإعراض عن الناس والصيد بفتح الصاد المهملة والياء التحتية كما في الجوهري، وبكسر الصاد كما في القاموس مرض في أعناق الإبل يتشنج به أعصابها فلا تتحرّك وتلتفت، وقد استعير للتكبر كالصعر وقوله داء الخ خبر بعد خبر لهو، وقوله وقرئ، لا تصعر أي من الأفعال وقوله والكل واحد أي بمعنى وعدى المصنف الميل بعن لتضميمة معنى الإعراض لأنه هو المذموم لا مطلق الميل، وقوله فيلوى أي البعير أو الداء لأنه سببه. قوله: (وقرأ نافع الخ (قيل

كان ينبغي تقديمها

ص: 136

لكونها قراءة الأكثر من السبعة وفي الدر المصون إنها قراءة ابن كثير وابن عامر وعاصم فليحرّر فانه قيل إنه سهو والبطر النشاط للغرور ووقوع المصدر حالاً للمبالغة أو لتأويله بالوصف، وقوله أو لأجل المرح فهو مفعول له من غير تأويل. قوله:(علة للنهي (إفادته التعليل لأنه استئناف في جواب السؤال عن السبب والعلة، وقوله وتأخير الخ فهو لف ونشرمشوّس، وقوله مقابل للمصعر لأنه بمعنى المتكبر وهو قريب معنى من الفخور والمختال من الخيلاء، وهو التبختر في المشي كبراً فيناسب الثاني، ولك أن تجعله لفاً ونشرا مرتباً فإنّ الاختيال يناسب الكبر والعجب، وكذا المشي من جانب يناسب الفخر والكلام على رفع الإيجاب الكلي والمراد السلب الكلي، ولك أن تبقيه على ظاهره وصيغة- فخور للفاصلة، ولأن ما يكره منه كثرته فإنّ القليل منه يكثر وقوعه فلطف الله بالعفو عنه. قوله: (توسط فيه) من القصد وهو الاعتدال والدبيب المشي على هينة وبطء ضد الإسراع، وقوله:" سرعة المشي " الخ حديث رواه أبو نعيم وغيره عن أبي هريرة وقال ابن حجر في إسناده ضعف والبهاء الحسن والمراد أنها تورثه حقارة في أعين الناس لأنها تدل على الخفة، والمراد اعتبار ذلك بالإفراط فيه، وقول عائشة الخ في النهاية إنّ عائشة رضي الله عنها نظرت إلى رجل كاد يموت تخافتاً فقالت ما لهذا لقيل إنه من القراء أي الزهاد الفقهاء فقالت كان عمر رضي الله عنه سيد القراء وكان إذا مثى أسرع وإذا قال أسمع واذا ضرب أوجع. قوله: (فالمراد ما فوق دبيب المتماوت (يعني مراد عائشة رضي الله عنها بالسرعة ما فوق البطء الشديد فلا ينافي ما في الآية وكذا ما ورد في صفة مثيه عليه الصلاة والسلام كأنما ينحط من صبب، والمتماوت هو الذي يخفى صوته ويقل حركاته ممن يتزيّ بزيّ العباد كأنه يتكلف في اتصافه بما يقرب من صفات الأموات كما في النهاية ليوهم أنه ضعف من كثرة العبادة، وتسديد السهم توجيهه للغرض ليصيبه فهو

استعارة لتحري الصواب فيه. قوله: (وانقص متة وأ! دصر) أي أجعله قصيرا والمراد عدم شدة الجهر مجازاً، أو هو حقيقة عرفية وضده مدّ الصوت، ولما كان يقال غض الطرف والصوت متعديا جعله في الكشاف مستعارا من قولهم غض من فلان إذا ذمّه لئلا تكون من زائدة في الإثبات كما ذصب إليه بعضهم هنا، وتكلف بعضهم جعلها تبعيضية لكن ظاهر قول الجوهري: غض من صوته أنه يتعدى بمن فلا غبار عليه. قوله: (أوحشها) أي أقبحها كما يقال في العرف للقبيح، وحش وأصله ضدّ الإن! والألفة فهو إمّا مجاز أو كناية. قوله:(والحمار مثل في الذمّ) أي مشهور في الذمّ شهرة المثل، أو يضرب به المثل في معان من الذمّ كالبلادة وقبح الصوت والنهاق بالضمّ اسم للشديد من صوته كالنهيق، وقوله ولذلك أي لاشتهاره بالأحوال الذميمة كنت العرب عنه في الأكثر لأنّ عادتهم الكناية عما يستقبح لاستقذاره وإنما صرّح به هنا لأن بعض ما يقبح في مقام يحسن في آخر، ولما كان هذا مقام الذمّ والمذموم لا يوقر كان ذكره هنا مستحسنا، وهذا مما ذكره أهل البلاغة ولأنّ التصريح أبلغ كما صرّح به المصنف. قوله:(وفي تمثيل الصوت الخ) كذا في الكشاف قال الشارح الطيبي إنه إشارة إلى أنّ قوله إن أنكر الخ تعليل للأمر بالغض على الاستثناف كأنه قيل لم أغض فقيل لأنك إذا رفعته كنت بمنزلة الحمار في أحسن أحواله، ثم ترك المشبه وأداة التشبيه ووجهه وأخرج مخرح الاستعارة المصرّحة التمثيلية انتهى فجعله استعارة وحمله على ظاهره، وقال بعض أهل العصر أنه طوى المشبه على سنن الاستعارة وليس اسنعارة فإنّ المشبه لم يعرض عنه بالكلية لأنه، وإن لم يكن مقدرا منويّ مراد على نهج قوله وما يستوي البحر إن هذا عذب فرات الخ، ولذا قالوا مخرج الاستعارة دون أن يقولوا اسنعارة هذا محصل ما أطال به من غير طائل فإنه لا مانع من حمله على ظاهره بجعل صوت الحمير استعارة لصياح الإنسان والجامع بينهما الشدة مع القبح الموحش فتامّل. قوله:(وتوحيد الصوت الخ) يعني المراد بصوت الحمير صوت هذا الجنس، ولكون المراد من المضاف الجنس لا وجه لجمعه، فإن قلت ينبغي أن يوحد المضاف إليه أيضاً قلت أجيب بأن المراد بالجمع المحلي باللام الجنس بخلاف الجمع المضاف إلى المحلى بها وفيه نظر، وقد أجيب أيضاً بأنّ المقصود من الجمع التعميم، والمبالغة في التفسير فإنّ الصوت إذا توافقت عليه الحمير كان

ص: 137

أنكر وأورد عليه أنه يوهم أنّ الأنكرية في التوافق دون الانفراد، وهو لا يناسب المقام فتأمّل، وما قيل من أنّ المحققين لم يذهبوا إلى أنّ الحمير جمع، وإنما هو بمنزلة أسماء الأجناس فلا وجه للسؤال مما يتعجب منه فإنّ أهل اللغة صرّحوا بجمعيته ولم يخالف فيه غير السهيلي فإنه قال إنّ فعيلَا اسم جمع كالعبيد لعدم اطراد مفرده، واسم الجمع جمع عند أهل اللغة والفرق بينهما اصطلاح للنحاة لا يضرّنا، والنكير كونه منكراً وأمّ التوجيه بمراعاة الفواصل

فلا يكفي في التوجيه دون نكتة معنوية تليق بالتنزيل. قوله: (أو لأنه مصدر) وهو لا يثني ولا يجمع ما لم يقصد الأنواع كما في قوله: {أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ} فلا يتوهم إنه يعارضه الجمع المذكور فتأمّل، وقوله بأن جعله أسبابا الخ فتسخيره لهم بمعنى تسخير ما تسبب عنه من النبات والأمطار فهو ينتفع بها بالذات، وبالواسطة وكذا الأرض سواء أريد بها ظاهرها أو جهة العلو والسفل فقوله بوسط الخ راجع لهما فتأمّل. قوله:(محسوسة ومعقولة) هو أحد التفاسير الظاهرة، والباطنة وفيها تفاسير للسلف ما لها ما ذكره المصنف،! ؤقوله ما تعرفونه الخ إمّا تفصيل للمعقولة أو لها وللمحسوسة فهو عطف بيان أو بدل مما قبله، وقوله وقد مرّ شرح النعمة وأنها ما ينتفع به ويستلذ وهو ينقسم إلى أخرويّ ودنيويّ وقوله بالإبدال أي إبدال السين صادا إذا اجتمعت مع أحد الحروف المستعلية المذكورة سواء فصل بينهما أو لم يفصل، وكلامه يشمل التقدّم والتأخر وقد اشترط بعضهم تقدّم السين فتبدل للتجانس كما قرّره النحاة، وهو إبدال مطرد وهذه قراءة ابن عامر وفي الكشاف إنه قرئ نعمه ونعمة ونعمته فقوله ظاهرة وباطنة حال وعلى التنكير صفة. قوله:(في توحيده) كالمشركين وفي صفاته كمنكري عموم القدرة وشمولها للبعث، وقوله مستفاد من دليل صفة موضحة لا مقيدة، وقوله راجع إلى رسول بأن يكون مأخوذا منه ولو جعل الهدى نفس الرسول مبالغة صح، ومنير أي منقذ من ظلمة الجهل والضلال. قوله:(وهو منع الخ) أي من تقليد من لم يعلم أنه مستند إلى دليل حق فإنه لا خلاف في امتناعه، أمّا تقليد المحق المستند إلى دليل فشيء اخر كما قيل وقد يقال إنه مبنيّ على مغ التقليد في العقائد مطلقاً أمّا التقليد في الفروع فلا خلاف فيه. قوله:(يحتمل الخ) ظاهر كلامه ترجيح الأوّل، وقد قيل إنّ الثاني أرجح لقوله:{أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ} [سورة البقرة، الآية: 170] بعد قوله: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا} [سورة البقرة، الآية: 170] وترك احتمال كون الضمير للمجموع وكلامه يحتمل أن يكون الضمير لكل منهما منفردا أولاً على التعيين فتأمّل. قوله: (من التقليد) على كون الضمير لهم وما بعده جار على

الوجوه أو هو ناظر لكون الضمير لآبائهم، وقوله إلى ما يؤول إليه إشارة إلى أنّ عذاب السعير من ذكر المسبب وارادة السبب أو هو من مجاز الأول. قوله:(وجواب لو محذوف) وان كانت لو وصلية سواء كانت الوأو عاطفة أو حالية لأنّ الشرط لا بد له من جواب مذكور أو مقدر بقرينة لكن كثر الاستغناء عنه في الوصلية حتى ذهب بعضهم إلى أنه انسلخ عنها معنى الشرط، وأنّ تقديره بيان لأصل وضعها لا لزوم بحسب المعنى، والعجب من هذا القائل فإنه ذكر ما قرّرناه في سورة الحج، وغفل عنه هنا ولا يلزم على العطف تخالفهما خبراً وانشاء حتى يقال إنّ لاستفهام إنكاري فهو خبر معنى لتأخر الاستفهام عن العطف فسقط ما قيل إنّ الأولى ما في الكشاف من جعل الواو حالية من غير احتياح إلى تقدير الجواب ولا تأويل المعطوف الإنشائي ولا تعارض بين جعل الواوحالية وتقدير الجواب كما توهم والكلام على لو الوصلية سبق تفصيله. قوله:(والاستفهام الخ أليس فيه جمع بين معنيين مجازيين لأنّ الإنكار معنى الاستفهام، والتعجب مأخوذ من السياق أو على لعكس. قوله: (بأن فوّض أمره إليه) يشير إلى أنّ الإسلام والتسليم بمعنى التفويض وأنّ الوجه بمعنى الذات، وتسليم ذاته كناية عن تسليم أموره! ميعها لله الشراشر بمعنى الكلية كما مرّ والزبون بفتح الزاي بوزن فعول، وهو المشترى من الزبن بمعنى الدفع وكني به عن التبايع لتدافع المتبايعين في الأسواق لكنه بهذا اللفظ مولد كما ذكره الجوهري، وغيره وقوع في بعض النسخ الديون، وهو تحريف من الناسخ وقوله ويؤيده أي يؤيد كون الإسلام بمعنى التفويض لأنّ التفعيل أشهر فيه من الأفعال والأصل توافق القراآت معنى. قوله:(وحيث عدّى باللام الخ) كما في قوله

ص: 138

لنسلم لرب العالمين فإنه وقع في القرآن متعدّياً بـ إلى واللام فالأوّل لأنّ المسلم أموره له يجعلها منتهية إليه، وأمّا الثاني فلإخلاصه له فالمراد بالتضمن في كلامه كونه ملاحظاً في ضمن معناه متعديا بحسبه لا مطاوع التضمين الإصطلاحي، وهذا مراد الشيخين هنا فلا حاجة إلى تبديل الإخلاص بالاختصاص كما ذهب إليه بعض المتأخرين حيث ضرب بالقلم على الإخلاص، وكتب بدله الاختصاص مع أنه قريب من كلام المصنف ولم يرد بالتضمين غير ما ذكرناه إذ المراد أنّ إسلام الوجه منتهيا إلى الله ومختصاً به فبالنظر إلى الأوّل تعدّى يالى، وبالنظر إلى الثاني باللام الدالة على الاختصاص في نحو الجل للفرس فلا وجه للاعتراض عليه بأنه أصابت بديهته، وأخطأت رويته فالاختصاص إنما يتعدّى بالباء ولا للاعتراض على المصنف بأنه لا حاجة إلى ما اعتبره من التضمين والمخطئ في هذا كله ابن أخت خالة المخطئ. قوله:(وهو تمثيل) أي تشبيه تمثيليّ مركب لذكر الطرفين بتشبيه حال المتوكل على الله المحسن في عمله بمن ترقى في جبل شاهق، أو

تدلي منه فتمسك بعرى حبل وثيق متدل منه، وهذا بعينه ما في الكشاف إلا أنه أبدل تدلى بترقي ملاحظة لعلوّ حاله، والتدلي باعتبار أنه المعروف فيه ولكل وجهة وقد ذكر في البقرة إنه استعارة في المفرد وهو العروة الوثقى فيستعار للتوكل النافع المحمود عاقبته واستمسك بمعنى طلب التمسك. قوله:(إذ الكل صائر إليه) تعريف الأمور يحتمل الاستغراق، والعهد كالكل إذ يحتمل كل الأمور وكل ما ذكرمن المجادلة وما بعده لكن كلامه ظاهر في الأوّل وتقديم إلى الله إجلالاً للجلالة ورعاية للفاصلة، ويجوز أن يكون للحصر ردا على الكفرة في زعمهم مرجعية آلهتهم لبعض الأمور، وليس الاستغراق مغنياً عنه كما قيل. قوله:(فلا يضرّك) فنفي الحزن مجاز أو كناية عن نفي الضرر وفسره الزمخشريّ بلا يهمنك وأحزن مزيد حزن اللازم، وقدر لزومه ليكون للنقل فائدة وقوله وليس بمستفيض أي شائع تبع فيه الزمخشري، واللغتان مشهورتان والقراءتان متواترتان لأنّ هذه قراءة نافع لكنه يشير إلى ما نقل عن الزمخشري أن المعروف في الاسنعمال ماضي الأفعال ومضارع الثلاثي، والعهدة في ذلك عليه. قوله:(في الدارين) فسره به لأنّ المراد بالرجوع وما بعده المجازاة كما أشار إليه بقوله بالإهلاك الخ وقوله فيجازي عليه لأنّ علمه تعالى عبارة عن الجزاء عليه وقوله فضلاً ناظر إلى العلم بما خفي مما أكن في الصدور ويصح رجوعه للمجازاة عليه أيضاً، واستعمل فضلا في الإثبات لتأويل فيجازي بمعنى لا يترك، أو عليم بذات الصدور فلا يخفى عليه شيء فلا يقال إنه لم يقع في موقعه. قوله:(تمتيعاً) يعني نصبه على المصدرية لأنه صفة مصدر مقدر أو على الظرفية لأنه صفة زمان مقدر، وقوله فإنّ ما يزول الخ بيان لقلته على الوجهين وأنها نسبية. قوله:(يثقل عليهم الخ) يعني أنّ الغلظ مستعار من الأجرام الغليظة والمراد الشدة والثقل على المعذب كما في الكشاف، والمراد بالاضطرار والإلجاء إلزامهم إلزام المضطر الذي لا يقدر على الانفكاك مما ألجئ إليه، وفي الانتصاف أنّ تفسير هذا الاضطرار ما في الحديث:" من أنهم لشدّة ما يكابدون من النار يطلبون البرد فيرسل عليهم الزمهرير فيكون أشدّ عليهم من اللهب فيتمنون عود اللهب اضطرارا " فهو اختيار عن اضطرار وبأذيال هذه البلاغة تعلق الكندي حيث قال:

يرون الموت قداما وخلفا فيختاروه والموت اضطرار

وكأنّ قول المصنف أو يضمّ الخ إشارة إلى هذا فتأمّل. قوله: (ليقولن الله) أي خلقهن

الله، وهو المطابق للسؤال بحسب المعنى كما فصل في محله، وقوله بحيث اضطروا إلى إذعانه فإنه لا يمكن إنكاره كغيره من العبادة ونحوها، ولذا اضطرهم إلى العذاب، وقوله بطلان معتقدهم وهو إشراك غيره به في العبادة التي لا يستحقها غير الخالق والمنعم الحقيقيّ فيجب أن يكون له الحمد والشكر، وأن لا يعبد معه غيره فتعريف الحمد للاستغراق وقد مرّ في العنكبوت وجهان آخران وكلام فيه. قوله:(أنّ ذلك يلزمهم) ذلك إشارة إلى إقرارهم واعترافهم صريحاً بأنه الخالق لا سواه واقتضاء بأنه المستحق للعبادة والحمد فيلزمهم بفتح الياء مضارع لزم الثلاثي أو بالضم مضارع ألزم، والمعنى اعترافهم بأنه الخالق يلزمهم الإقرار بغيره ويجوز أن يكون المعنى أنهم ليسوا من أولي العلم، وبل للإضراب عن جهلهم وإلزامهم. قوله:(لا يستحق العبادة فيهما غيره) فهذا إبطال لمعتقدهم

ص: 139

من وجه آخر لأن المملوك لا يكون شريكا لمالكه فكيف يستحق ما هو حقه من العبادة وغيرها، وقوله عن حمد الحامدين خصه لمناسبة ما قبله وما بعده ولو عممه صح أيضا، وقوله المستحق الخ ففعيل بمعنى مفعول لا فاعل.

قوله: (ولو ثبت الخ) اختار المذهب اكثر من أنّ أن الواقعة بعد لو الشرطية فاعل ثبت

مقدّر بقرينة كون أن دالة على الثبوت، والتحقق لا مبتدأ مستغني عن الخبر لذكر المسند والمسند إليه بعده أو خبره مقدو مقدم أو مؤخر، واشتراط كون خبرها فعلا إذا كان مشتقا فلا يرد أقلام هنا ولا قوله تعالى:{لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ} [سورة الأحزأب، الآية: 20] لأنها للتمني وليس مما نحن فيه وبقية الكلام مفصل في محله. قوله: (وتوحيد شجرة) أي قيل شجرة بتاء الوحدة دون شجر أو أشجار لأن المراد تفصيل الشجر واستقصاؤها شجرة حتى لا يبقى واحدة من جنسها إلا وقد بريت أقلاما ولو لم يفرد لم يفد هذا المعنى إذ الجمع يتحقق بما فوق الثلاثة إلا آن يذخل عليه لام استغراق وبهذا ظهر وجه التعبير بأقلام لأنها لعمومها في معنى الجمع فلا حاجة إلى اعتبار أغصان الشجرة المتكثرة كما قيل، وان صح هكذا قرروه وفيه بحث فإن إفادة المفرد التفصيل بدون تكرار أو الاسنغراق بدون نفي محل نظر لأنه إنما عهد ذلك في نحو جاؤوني رجلاً رجلا، وما عندي تمرة فقوله في الكشاف فإن قلت لم قيل من شجرة على التوحيد دون اسم الجنس الذي هو شجر قلت أريد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر ولا واحدة إلا وقد بريت أقلاما اهـ لم يظهر لي وجهه. قوله: (والبحر

المحيط) فتعريف البحر للعهد لأنه المتبادر ولأنه الفرد الكامل إذ قد يطلق على بعض شعبه وعلى الأنهار العظام كالنيل، وهذا بيان لحاصل المعنى ينتظم الوجوه، وليس فيه دلالة على كون البحر مرفوعاً بالابتداء كما قيل بل هو ظاهر في خلافه فتأمل، وقوله بشعبه أي مع شعبه جمع شعبة وهي ما تمتدّ منه، وقوله مداداً حال من البحرا وممدودا تفسير له فهو عطف بيان والمراد بالأبحر السبعة بحار أخر كالبحر المحيط، وقوله فأغنى الخ جواب عن عدم ذكره وقد كان الظاهر بعد جعل الشجر أقلاماً أن يقول والبحر مدادا وكان عليه أن يذكر نكتة العدول عن الظاهر وهو تصوير الإمداد على وجه الاستمرار التجددي لأنه من شأن المداد دون الدواة كما أشار إليه في الغشاف، وقوله يمده فاعل أغنى. قوله:(لآنهءمن مدّ الدواة وأمد! ا) أي جعلها ذات مداد وزاد في مدادها ففيه دلالة على المداد الذي هو بمنزلة حبر الدواة ولذا لم يذكره على وجه ما سواء كان يمدّه خبراً أو لا لظهور كون لابحر مداداً على الكل. قوله: (ورفعه) أي البحر بالعطف على محل أن مع معموليها لأنه رفع إذ هو فاعل لثبت المقدر كما مر لأنه اسم تأويلَا، وهو من عطف المفرد على لمفرد على الجملة كما توهم إلا! أنه يلزم أن يلي لو المبتدأ أو الاسم الصريح، وقد قال النحاة " إنه مخصوص بالضرورة كقوله:

لوبغيرالماء حلقي شرق

لكنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع كما في نحو رب رجل وأخيه كما قاله أبو حيان وقوله ويمده حال أي على هذا الوجه. قولهء: (أو للابتداء) أي رفعه للابتداء على أنه مبتدأ نجبره يمده أو محذوف، ويمدّه حال أو مستأنف، واذا كانت هذه الجملة مستأنفة فالواو استثنافية وهذا الاستئناف الظاهر أنه نحوي لا بياني في جواب سؤال مقدّر لأنّ اقتران الجواب بالواو وإن كانت استئنافية غير معهود، وما قيل إنه يقترن بها في جواب السؤال للمناقشة لا للاستعلام مما لا يعتمد عليه فتقديره بماء المداد حينئذ لا يخلو من الاعتراض، ومن قال أو الابتداء على أنه مستانف والواو+ للحال أراد بالاستئناف قطعه جملى-عطفه على ما قبله ولا بعد فيه فإن ابن هشام ح قال في المغنى إن واو الحال تسمى واو الابتداء وسماها الشيخ في دلائل الإعجاز واو الاستثناف، فمن قال إنه وهم عظيم فقد وهم، وأمّا كون الواو واو المعية وان المفعول معه يكون جملة كما نقل عن ابن هشام فبعيد جدّا. قوله:(أير الواو للحال) وهي تكفي في ربطه من غير ضمير لأنها في معنى الظرف إذ معنى جئت والش! مس طالعة ووقع طلوع الشمس واحد، والظرف يربطه بما قبله تعلقد4 به وإن لم يكن فيه ضميراً وهو إذا وقع حالاً استقرّ فيه الضمير فما يشبهه كأنه فيه ضمير مستقر فاعتراض أبي حيان بأن الظرف الواقع حالاً فيه ضمير انتقل إليه من عامله بخلاف الجملة الاسمية، والجواب عنه بانه أراد بالظرف ما انتصب على الظرفية لا ما وقع حالاً

ص: 140

من ضيق العطن وخيانة؟ الفطن، وصاحب الحأل الموصول

أو الضمير الذي في صلته لا الأرض والبحر بمعنى بحرها بنيابة أل عن الضمير الرابط للاسمية على تقدير اعتبار أو أولويته، وما قيل من أن البحر على هذا يعم إلا بحر بقرينة الإضافة ويفيد خروج السبعة عن بحار الأرض والأوّل يحتمل العهد وعدم العموم كما مر ردّ بأنه لا فرق بينهما بل الأوّل في الجنسية، والثاني في العهدية أظهر لأنه أصل الإضافة وكون الأرض شاملة لجميع الأقطار لا ينافي العهدية كما توهم لأن المعهود البحر المحيط، وهو محيط بها كلها. قوله:(بالعطف على اسم أن) ويمده خبر له أي لو ثبت أن البحر ممدود الخ ولا يستقيم أن يكون يمذه حالا لأنه يؤذي إلى تقييد المبتدأ الجامد بالحال، ولا يجوز لأنها البيان هيئة الفاعل أو المفعول والمبتداً أليس كذلك ويؤدي أيضاً إلى كون المبتدأ لا خبر له لأن أقلام لا يستقيم أن يكون خبراً له كما في أمالي ابن الحاجب يعني والتقدبر خلاف الظاهر، واذا كان من الاشتغال تدخل لو على المضارع وهو جائز، والقراءة بالتاء الفوقية شاذة والفعل في هذه الفراءة مضارع مد الثلاثين من مد النهر ومذه، وأمده المزيد قال ابن جنى أنه مستفاد من إمدأد الجيش. قوله:(وقرئ يمدّه) أي مضارع مد ويمدّه أي مضارع أمد، وقوله بالياء والتاء أي فيهما فليحرر وقوله وايثار جمع القلة أي اختياره في النظم على جمع الكثرة المناسب بحسب الظاهر للمبالغة، وهذا بناء على أن جمع المؤنث السالم كجمع المذكر جمع قلة وهو المشهور، وكون ما لا تفي البحار بكتابته قليلاً بالنسبة إلى جميع معلوماته، وقوله للإشعار إشارة إلى أن جمع القلة المعرّف باللام أو الإضافة قد يفيد الاستغراق، والعموم لكنه لكون أصل وضعه القلة يشعر بما ذكر فلا يتوهم أن المفيد للقلة هو المنكر كما قيل، وأمّا اختياره في أقلام فلأنه لم يعهد له جمع سواه وقلام غير متداول فلا يحسن استعماله، وأعلم أدة لو هنا ليست معناها المشهور من انتفاء الجواب لانتفاء الشرط أو العكس لاقتضائها نفاد الكلمات بر هي دالة على ثبوت الجواب، أو حرف شرط في المستقبل وتفصيله في المغني. قوله تعالى:( {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} الخ) تعليل لعدم نفاد كلماته، وقوله سألوا الخ على كونها مدنية كما مر وما بعده على كونها مكية، وهذا سبب النزول ووجه الجواب أن كون فيها علم كل شيء على تقدير تسليمه المراد به كل شيء مما يحتاجون إليه من أمور دينهم كما في قوله ما فرطنا في الكتاب من شيء والا فمعلوماته تعالى، وكلامه المعبر عنها لا نهاية لهما. قوله:(إلا كخلقها وبعثها) يعني أنه على تقدير

مضاف وأن المقصود تشبيه خلق المخلوقات كلها بخلق واحد بالنسبة لقدرته وكذا بعثها لأنه بتعلق الإرادة والقدرة، وهي تتعلق بجميعها معاً وليس كفعل بخلق واحد بالنسبة لقدرته وكذا بعثها لأنه بتعلق الإرادة والقدرة، وهي تتعلق بجميعها معا وليس كفعل العباد العجزة با-لة ومباشرة تقتضي التعاقب فيستوي عنده الواحد والكثير، وقوله كن فيكون معناه ما ذكر كما مر. قوله:(لا يشغله الخ (كذا فسره الزمخشريّ دفعاً لتوهم أن المناسب لما قبله ذكر القدرة، ونحوها لأن الخلق والبعث ليسا من المسموعات والمبصرات بأنه ذكر للاسندلال بأن تعلق علمه، وبصره وسمعه بشيء لا ينافي تعلقه بجميع ما عداه على أن ما يرجع إلى القدوة والفعل كذلك فهو استشهاد بما سلموه فشبه المقدورات فيما يرإده منها بالمعلومات فيما يدرك منها فظهر مناسبته وإرتباطه بما قبله، وقيل إن قوله إن الله سميع بصير تعليل لإثبات القدرة الكاملة بالعلم الواسع وأن شيئاً من المقدورأت لا يشغله عن غيره لعلمه بتفاصيلها وجزئياتها فيتصرّف فيها كيف يشاء كما يقال فلان يجيد عمل كذا لمعرفته بدقائقه، وهذا هو الملائم لما بعده وعمومه لكل مسموع ومبصر من تركه المفعول، وكونه في حالة واحدة من كونه تعليلاً لما قبله، واقتصر على الخلق في قوله فكدّلك الخلق مع أن الظاهر أن يقول والبعث كما قاله الزمخشريّ لأنه هو الذي أنكروه لأن البعث خلق آخر فهو شامل لهما فلا يرد عليه الاعتراض بأنه كان عليه أن يذكر فإن قلت كيف يكون ما ذكر مسلما وقد كان بعضهم إذا طعنوا في الدين يقول: " أسروا قولكم لئلا يسمع إله محمد " فنزل {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [سورة الملك، الآية: 13] قلت لا اعتداد بمثله من الحماقة بعدما رد عليهم ما زعموه، وأعلموا بما أسروه فتأمّل. قوله: (كل من النيرين) أي الشمس والقمر لا جميع ما ذكر، والمراد بجريه في فلكه حركته بحركة فلكه لا حركته الخاصة كما بيته بعده، وقوله إلى منتهى تفسير للأجل لأنه يطلق على نهاية المدّة، وهو المراد د! ان

ص: 141

أطلق على جميعها لكن إلى تقتضي الأوّل فقوله إلى منتهى بدل أو عطف بنان من قوله إلى أجل، أو تعلق بيجري بعدما تعلق به الأوّل فلا محذور فيه والأوّل أولى، وكذا قوله إلى آخر السنة أو هو متعلق بمقدر والمنتهى المعلوم آخر البروج، والمنتهى اسم زمان لا مكان لأن الأجل وقت والمراد بالجري حركته من نقطة معينة إلى أن يرجع إليها فلا يرد أنه يجري دائماً 0 قوله: (وقيل إلى يوم القيامة (لانقطاع حركتهما حينئذ

فالجري مطلق الحركة أو اليومية، وقوله والفرق بينه وبين قوله لأجل الخ توجيه لتعديه بإلى واللام بأن تعديته بالأوّل نظراً إلى كون المجرور غاية، والثاني إلى كونه غرضاً فتكون اللام لام تعليل أو عاقبة، وقد جعلها الزمخشري للاختصاص ولكل وجهة، وقوله حقيقة إن كان الغرض بمعنى الثمرة والفائدة أو لغيره تعالى من الملائكة الموكلين أو قلنا بان أفعاله تعلل بالأغراض كما ذهب إليه المعتزلة وبعض أهل السنة بناء على تفسيرهم الغرض، وليس هدّا بناء على أنهما حيان مدركان وعدمه فإنه مما لا يلتفت إليه، ومجازا على خلافه، وقوله وكلا المعنيين أي الانتهاء والغرض! فإن النهاية قد تكون غرضاً وئمة بتاء التانيث أو هاء سكت ترسم ولا يلفظ بها درجا بمعنى هناك، وغرضه أي غرض الجري، وقوله إلى الذي ذكر توجيه لأفراد اسم الإشارة لتأويله بما ذكر، وقوله اختصاص الباري الخ أي باتفاق المسلمين والمشركين. قوله:(بسبب أنه الثابت في ذاته) إشارة إلى أن الباء سببية وأن الحق بمعنى الثابت المتحقق، ومعنى ثباته وجوده ومعنى كونه في ذاته أن ذلك ليس باستناده إلى شيء آخر فيكون واجب الوجود فلذا فسره بقوله الواجب من جميع جهاته فهو عطف بيان له والمراد بالجهات ليس معناها المعروف بل المراد من جميع الوجوه أي في ذاته، وصفاته وغيرها مما يليق بجنابه فسقط ما قيل إن للحق معنيين الثابت، والواجب ولا حاجة إلى الجواب بأنه على مذهب الشافعية في جواز استعمال اللفظ في معنييه. قوله:(أو الثابت إلهيتة) فذلك إشارة إلى الاتصاف بهذه الصفات، والثابت إلهيته لا بد من اتصافه بها لأنها لا تصلح لغيره فليس هذا كما قيل مبنيا على مذهب أبي هاشم من أن الباري يمتاز بحالة خامسة هي الإلهية، وهي علة لغيرها من الأربعة وهي الوجود والحياة والعلم والقدرة كما قرّر في الأصول، ولذا اختاره الزمخشريّ والمعقول هو العكس فتدبر. قوله:) وان ما تدعون من دونه الباطل (معطوف على أن الله هو الحق، وكونه معد وما في ذاته لأن وجوه عرضي وكذا صفاته باستناده لواجب الوجود فقوله لا يوجد بالفتح أي لا يوجد بذاته فهو كفوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص، الآية: 88] كما سياني أو بالكسر، وقوله إلا بجعله راجع لقوله لا يتصف فقط أي لا يتصف بشيء من الصفات الموجودة أو بالوجود إلا بجعله تعالى وفي نسخة يتصرف وهي أظهر والأولى أولى وهذا ناظر لتفسير الحق الأوّل وما بعده للثاني. قوله: (مترفع الخ) تفسير لانفراده بالعلو، وقوله متسلط لانفراده بالكبرياء، وفوله على كل شيء وقع في نسخة عن كل شيء لتضمنه معنى التنزه، وصيغة التفعل للمبالغة كما قرّروه في قوله المتوحد وفي نسخة مرتفع. قوله:) في تهيئة أسبابه) الضمير للجري المفهوم من تجري ومن أرجعه للفلك لأنه مذكر قدر فيه مضافا أي أسباب جريه،

وقوله استشهاد آخر أي بعد الاستشهاد بقوله يولج الخ وشمول أنعامه للبر والبحر، وقوله والباء للصلة أي للتعدية كمررت به فإنه يتعدى بها أو سببية متعلقة بتجري، وقوله أو الحال أي للملابسة والمصاحبة وأقعة مع متعلقها حالاً كقولهم دخل بثياب السفر أو مصاحبا لها فالمعنى مصحوبة بنعمته، وهي ما يحمله من الطعام والمتاع ونحوه. قوله:(قرئ الفلك بالم! قيل (أي بضم اللام وفي الكشاف أنه يجوز في كل فعل مضموم الفاء ضم عبنه اتباعاً لفائه كما يجوز في فعل بضمتين تسكينها تخفيفا على التقارض، وقوله وبنعمات أي قرئ بنعمات جمع نعمة ويجوز في كل جمع مثلة تسكين العين على الأصل وكسرها اتباعا للفاء وفتحها تخفيفاً، وقوله دلائله أي دلائل ألوهيته وتوحيده. قوله: (على المشاق)) جمع مشقة وهي التعب ولما كان معرفة دلائل التوحيد لا اختصاص لها بمن تعب مطلقاً فكم من تعبان في تمشية كفره دفعه، أوّلاً بأنه ليس المرإد به مطلق التعب بل التعب في كسب الأدلة من الأنفس والآفاق فلذا اختص ذلك به، وثانيا بأنه صبار شكور كناية عن

ص: 142

المؤمن من باب مستوى القامة عريض الأظفار فإنه كناية عن الإنسان لأن هاتين الصفتين عمدتا الإيمان لأنه وجميع ما يتوقف عليه إمّا ترك للمألوف غالباً، وهو بالصبر أو فعل وهو شكر لعمومه لفعل القلب والجوارح واللسان، ولذا جعلا نصف الإيمان في الأثر والمراد بالمؤمنين ما يشمل المشاوفين للإيمان وذكر الصبر والشكر بعد الفلك فيه أتم مناسبة لأنّ راكبه لا يخلو عنهما فتدبر. قوله:(يعرف النعم) بأنها من الله، ويتعرف أي يطلب معرفة مانحها أي من أعطاها ومنحها وهو الله، وقوله واذا غشيهم فيه التفات إن اتحد بالمخاطبين قبله والا فلا وكلام المصنف ناظر للثاني فلا وجه للجزم بالثاني، وقوله علاهم الخ يعني غشي من الغشاء بمعنى الغطاء من فوق لأنه المناسب هنا لا من الغشيان بمعنى إتيان، وقوله موح تنكيره للتعظيم والتكثير، ولذا أفرد مع جمع الظلل، وقوله من جبل أو سحاب بيان لما وأفردهما ولم يقل من جبال أو سحب لا لأنهما أسماء أجناس يفرق بينهما وبين واحدهما بالتاء كموح وموجة فهو في معنى الجمع لأن الجبل ليس كذلك بل لأن المراد جنس الجبل والسحاب، وهو لا يقتضي الوحدة فيكفي بيان جنس المشبه به، والظلة بالضم ما أظل، وقلة بالضم أعلى الجبل وظلال وقلال بكسر أوّلهما جمع فتأمّل. قوله: الزوال ما ينازع الفطرة) أي أصل الخلقة وما ذكر فيها من الإيمان بالله، ومن الهوى الخ بيان لما وبما متعلق بزوال ودهاهم بمعنى عرض بغتة لهم وأصابهم من الدواهي ومن الخوف بيان لما دهاهم. قوله:

(مقيم على الطريق القصد (أي المستقيم لأن أصل معنى القصد استقامة الطريق كما قاله الراغب نوصف به مبالغة والمقتصد سالكه المستمرّ فيه من غير عدول لغيره ولذا فسره بالمقيم الخ، وقوله الذي هو التوحيد تفسير للمراد مجازاً من الطريق المستقيم لأنه الموصل إلى الله تعالى فليس تفسيراً لإخلاص الدين كما توهم. قوله: (أو متوسط في الكفر الخ) تفسير آخر للمقتصد لأن الاقتصاد والقصد يكون بمعنى التوسط والاعتدال ومنه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا} [سورة التوبة، الآية: 42] أي متوسطاً كما قاله الراغب وقوله لانزجاره أي رجوعه وانكفافه تعليل لتوسطه بترك الغلو في الكفر. قوله: (فإنه نقض بالضاد المعجمة (أي إبطال لما كان في الفطرة وضمير أنه الجحد الآيات، وهذا توجيه لإطلاق الغدر وهو إبطال العهد على الكفر والفطرى بكسر الفاء نسبة إلى الفطرة، وقوله أو لما كان في البحر توجيه آخر له أي نقض لما عاهد الله عليه في البحر من الإخلاص له فهو مقابل للمقتصد بتفسيره الأوّل، وأمّا على الثاني فلا واختار مقابل لصبار لأن من غدر لم يصبر على العهد وكفور لشكور. قوله: (لا يقضي عنه) أي شيئاً كما سيأتي فهو من جزى بمعنى قضى، وأغنى بمعنى أفاد ودفع العذاب عته، وقوله والراجع أي على القراءتين فقوله لا يجزي فيه يجوز فيه فتح الياء وضمها. قوله:(عطف على والد) فهو فاعل، والجملة بعده صفة له واداً كان مبتدأ فالمسوّغ للابتداء بالنكرة تقدّم النفي فلا وجه لمنعه والجملة خبر فإن قلت على الأوّل يتناقض الكلام فإنه نفي عنه الجزاء ثم وصفه بأنه جاز قلت المنفي عنه الجزاء في الآخرة والمثبت له الجزاء في الدنيا فلا تناقض أو معنى هو جاز إن من شأنه الجزاء العظيم حق الأب أو المراد بلا يجزي لا يقبل منه ما هو جاز به، وشيئا مفعول به أو هو منصوب على المصدرية لأنه صفة مصدر محذوف وعلى الوجهين تنازعه يجزي وجاز لا وجه لتخصيصه بالثاني فتدبر. قوله:(وتغيير النظم) أي العدول عن الفعلية المذكورة فيما قبله إلى الاسمية التي هي آكد منها على الإعراب الثاني، وقوله للدلالة الخ يعني إنه لما كان ملقى لمن يعتقد أو يظن أنه ينفع والده أكده بالاسمية والضمير رداً لمعتقده لكنه قيل عليه إنه يتوقف على كون الخطاب للموجودين والصحيح أنه عام، ورد بأنه غير مسلم لأن خصوص السبب لا ينافي العموم وقوله أولى لأنه دون الوالد في الحنوّ والشفقة فلما كان أولى بهذا الحكم استحق التأكيد، وهذا وجه آخر غير ما في الكشاف وهو ما أشار إليه بقوله وقطع الخ وقد حققناه آنفا أو لأنّ عظم حق الوالد يقتضي جزاءه فلذا أكد نفيه لأنه محل الاحتمال والتردد، وقوله إن وقع في نسخة بأن لأنّ القطع بمعنى الجزم فهو

متعلق به عليهما، وما قيل من أنّ عمومه مخصوص بغير صبيان المسلمين لثبوت الأحاديث بشفاعتهم لوالديهم وعلى العطف لا حاجة

ص: 143

إلى التخصيص لأن جزاء الوالد في الدنيا يتحقق في الكبار فهو أوجه ليس بشيء لأنّ الشفاعة ليست بقضاء ولو سلم فلتوقفها على القبول يكون لقضاء منه تعالى حقيقة، وتخصيص الاعتراض مما لا وجه له أصلاً وقطع بالجرّ معطوف على مجرور اللام أو على، وترك ما في الكشاف من أن في لفظ المولود أيضاً تأكيداً لأنه من ولد بغير واسطة بخلاف الولد فإنه عام فإذا لم يشفع للأب الأدنى الذي يولد منه فكيف لغيره قيل لأنّ هذه التفرقة لم يثبتها أهل اللغة، وقد رد بأن الزمخشري والمطرزي ذكرا ذلك وكفى بهما حجة. قوله تعالى:( {إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ} الخ) تعليل لعدم الجزاء، وقوله بالثواب والعقاب ففي الوعد تغليب أو هو بمعناه اللغوي، وقوله يرجيكم بالتشديد أي يوقعكم في الرجاء ويجعلكم راجين وهو المراد وقد يرد بمعنى المخفف كقوله:

ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيراً لا يزال يزيد

وقوله بالله صلة يغرّنكم يعني يخدعكم أو قسم. قوله: (علم وقت قيامها) بيان لحاصل المعنى أو إشارة إلى التقدير وهذا على أنّ الساعة اسم للقيامة لا لوقتها ولم يقل إن علم الساعة عند الله مع أنه أخصر لأن اسم الله أحق بالتقدبم ولأن تقديمه وبناء الخبر عليه يفيد الحصر كما قرّره الطيبي مع ما فيه من مزية تكرّر الإسناد، وتقديم الظرف يفيد الاختصاص أيضا بل لفظ عند لأنها تفيد حظه بحيث لا يوصل إليه فتتوافق الآية والحديث في الدلالة على الحصر مع أنه قال في شرح البخاري إن المغيبات لا تنحصر فيما ذكر وإنما خصت لوقوع السؤال عنها أو لنكتة أخرى، وقوله الحرث بن عمر ورجل من محارب وهي قبيلة والحديث المذكور رواه الثعلبي والواحدي بغيو سند، وقوله وعنه عليه الصلاة والاسلام رواه البخاري، وقوله خمس باعتبار تأويل المفتاج بالآلة أو الخزانة وفي نسخة خمسة وهي ظاهرة، والمراد بالمفاتح

الخزائن التي لا يطلع عليها ففيه استعارة. قوله تعالى: ( {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} (إن قلنا علم الساعة فاعل الظرف الواقع خبراً وهذا معطوف على الخبر فلا إشكال وإلا فيحتاج إلى أن يقال أصله أن ينزل الغيث فحذف أن كقوله أحضر الوغى سواء قلنا إنه معطوف على علم أو على الساعة، وكذا قوله ويعلم الخ وابانه بكسر الهمزة وتشديد الموحدة بمعنى وقته، وقوله في علمه راجع لهما والمعنى لا علم لغيره به وهذا على تقدير عطفه على الخبر من تقديم الجلالة وبناء الخبر عليها كما ذكرناه آنفاً وليس المقصود اختصاصه بانزاله لأنه لا شبهة فيه بل يعلمه بزمانه، ومكانه وهو على هذا الوجه الثاني ظاهر وعلى الثالث أظهر ما قيل من أن قول لا علم لغيره به مقدر بقرينة وقوعه جوابا للسائل المذكور لا صحة له إذا ليس كل تال واقفاً على ذلك السؤال فلا يصلح قرينة، وكذا ما قيل إنه مقدّر لقرينة السياق والحال فتدبر، والتشديد على أنه من التنزيل. قوله تعالى: ( {وما تدري نفس بأي أرض تموت} الما كانت نفس نكرة في سياق النفي عامّة جعل نفي العلم عن الجميع كناية عن اختصاصه تعالى بعلم ذلك كما يقال لقوم تكلموا في مسألة بحضرة العلماء أنتم لا تعلمون مثل هذا فيعلم منه أن العالم من كان عندهم، والجملة معطوفة على قوله إن الله عنده لا على الخبر كما اختاره صاحب الكشف، وفيه وجه آخر ذكره الطيبي لم يرتضه المدقق وقوله روي الخ رواه أحمد وابن أبي شيبة موقوفا. قوله: (العلم دلّه والدراية للعبد الخ) لأنّ أصل معنى درى رمى الدرية وهي الحلقة التي يقصد رميها الرماة وما يختفي خلفه الصائد وكل منهما حيلة فلذا كانت الدراية أخص من العلم لأنها علم بتحيل، وتكلف وأما كونها لا يوصف بها الله لذلك وقوله:

لا هم لا أدري وأنت الداري

كلام أعرابي جلف لا يعرف ما يجوز إطلاقه على الله مما يمتنع فكلام ذكره بعض أهل

اللغة وتبعه بعضهم، وقد وقع في البخاوي ما يخالفه من إطلاقه على الله حيث قال خمس لا يدريهن إلا الله تعالى فقال الكرماني أطلقت الدراية على الله لأنه أريد بها مطلق العلم، وقد يقال الممنوع إطلاقه عليه بانفراده أمّ مع غيره تغليباً فلا وقد يقال في البيت إنه مشاكلة. قوله:

(هيدل) أي ما ذكر من استعمال الدراية في جانب العبد، وقوله ما هو الحق أي اللائق به، وفيل إنه أفعل تفضيل من لحق بمعنى لصق ويؤيده إنه وقع في نسخة بدله ألصق أفعل من اللصوق، ومن كسبه بيان لما وكسبه من قوله ماذا تكسب وعاقبته من قوله بأي أرض تموت، وقوله ينصب مجهول نائب فاعله دليل، وقيل معلوم فاعله ضمير

ص: 144