الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا قوله الورق قيما قبله لغلبة إطلاقه على أوراق الشجر فلا إشكال فيه كما قيل، وقوله فيستدلون الخ إشارة إلى أنه هو المقصود من النظر وقدّم الأنعام لأنّ انتفاعها مقصور على النبات، وأكثر ولأنّ كلها منه مقدّم لأنها تأكله قبل أن يثمر ويخرح سنبله، وجعلت الفاصلة هنا يبصرون لأنّ الزرع مرئي وفيما قبله يسمعون لأنّ ما قبله مسموع، أو ترقياً إلى الأعلى في الاتعاظ مبالغة في التذكير ودفع العذر. قوله:(النصرا للزومه للفتح، وقوله الفصل بالحكومة هو أحد معاني الفتح، ولذا قيل للقاضي فتاح وفي نسخة بالخصومة أي بسببها وقوله من قوله الخ أو فوله وفتحت السماء، وقوله لا ينفع الذين كفروا إيمانهم إن عمّ غير المستهزئين فهو تعميم بعد تخصيص، وإن خص بهم فإظهار في مقام الإضمار تسجيلَا لكفرهم، وبياناً لعلة عدم النفع وعدم إمهالهم. قوله: (فإنه الخ) بيان لجريان هذا التفسير على الوجهين في معنى الفتح، وقوله وقيل يوم بدر مرضه لبعده عن كون السورة مكية وأمّا كونه يوم الفتح أي فتح مكة فمع ذلك يبعده قلة المقتولين فيه جدّاً. قوله:(والمراد بالذين كفروا الخ) دفع لما يتبادر إلى الذهن من أنّ يوم الفتح ليس زمانه زمان ياس حتى لا ينفع إيمانهم فيه بأن المراد بهم من قتل فيه على الكفر فمعنى لا ينفعهم إيمانهم لا! بمان لهم حتى ينفعهم فهو على حد قوله:
على لا حب لا يهتدى بمناره
سواء أريد بهم قوم مخصوصون استهزؤوا أم لا وسواء عطف وقوله ولا هم ينظرون على المقيد أو على المجموع فتأمّل. قوله: (وانطباقه جوابا عن سؤالهم) بقولهم متى هذا الفتح لأنّ الظاهر في الجواب تعيين ذلك اليوم المسؤول عنه فكأنه قيل لا تستعجلوا أو لا تكذبوا فإنه آت لا محالة، وإنه إذا أتى ندمتم وحصل لكم اليأس ومرّض كونه منسوخاً لاحتمال أنّ المراد الإعراض عن مناظرتهم لعدم نفعها أو تخصيصه بوقت معين، وقوله وقرئ بالفتح اي في منتظرون على أنه سم مفعول والمعنى ما ذكره. قوله:(عن انتبئ صلى الله عليه وسلم الخ) قال ابن حجر رواه الثعلبيّ وابن مردوبه والواحدي مسندا وأشار إلى ضعفه ولم يقل إنه موضوع، وقوله كأنما
الخ تفسير! لمفعول أعطى المحذوف وهو أجرا عظيماً، وأمّا قوله من قرأ الخ فقال إنه لم يجده في شيء من كتب الحديث تمت السورة بحمد الله ومنه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.
سورة
الأحزاب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (ثلاث وسبعون آية) قال! الداني هذا متفق عليه وفي الكشاف عن أبيّ بن كعب إنها
كانت تعدل سورة البقرة طولاً فنسخ أكثرها كآية الشيخ والشيخة إذ! زنيا فارجموهما، وأمّا كونها كانت في صحيفة عند عائشة رضي الله عنها فأكلتها الداجن فمن كذب الملاحدة، وكذبهم في أنه ضاع بأكل الداجن من غير نسخ فلا يرد عليه ما ذكره ابن حجر من أنّ نسخ آيات منها روي في كتب الحديث فانظره. قوله:(تعظيماً! له وتفخيماً لشأن التقوى الف ونشر مرتب أي ناداه بوصفه دون اسمه تعظيماً له فإنّ مواجهة العظماء بأسمائهم في النداء لا تليق بخلاف الأخبار في أنّ محمداً رسول الله، وأمره بما ذكر تفخيماً وتعظيماً للتقوى نفسها حيث أمر بها مثله فإنّ مراتبها لا تتناهى مع أنّ المقصود الدوام والثبات عليها فلا يلزم اللغوية وتحصيل الحاصل، وقيل إنّ النداء المذكور للاحتراس وجبر ما يوهمه الأمر والنهي كقوله عفا الله عنك ولم يجعل الأمر والنهي لأمّته كما في نظائره لأنّ سياق ما بعده لأمر يخصه كقصة زيد رضي الله عنه. قوله: (ليكون ممانعاً عما نص عنه الخ) قيل عليه لو كان كذلك صدر النهي بالفاء فالظاهر أنه تخصيص بعد تعميم لاقتضاء المقام الاهتمام به كما يدلّ عليه سبب النزول وليس بشيء لأنّ التقوى وان منعت عما ذكر فعدم طاعته لهم أمر محقق سابق على الأمر فلو قرن بالفاء أوهم خلاف المراد فلا حاجة إلى جعله موكولاً لفهم المخاطب، ولم يؤوّله بالثبات على عدم ا! ماعة كما في الأمر لتجدّده بتجدد ما طلبوه ولأنّ النفاق حدث بالمدينة فتدبر. قوله:(فيما يعود بوهن في الدين) أي فيما يصير مضعفا للدين وأبو الأعور كنية لرجل من بني سليم يسمى
عمرو بن أبي سفيان والموادعة المصالحة والمراد صلح الحديبية والمعنى في زمان الصلح، وهو زمان ممتدّ مستمرّ فلا يرد عليه ما قيل إنّ أبا سفيان لم يجيء إلا بعد نقض
المشركين العهد لتجديد. فلم يرضه صلى الله عليه وسلم والمناسب ثبات الجانبين على المعاهدة دون تكليف أمر آخر، وقيل إنّ هذا كان بعد أحد والقائمون معهم من أهل نواحي المدينة ومنها، وأرفض بمعنى أترك ذكرها والمراد ذكرها بما يسوء بدلالة المقام، ودلالة الآية على سبب النزول ظاهر وندعك منصوب في جواب الأمر، وجملة إنّ الله الخ مستأنفة لتعليل ما قبلها. قوله تعالى:( {واتَّبَعَ} ) من عطف الخاص على العامّ، وقوله ما يصلحه فاعله ضمير ما هذه ومفعوله ضممير ما تعملون وفي نسخة ما يصلحك ويغني معطوف على يصلح، وفي نسخة مغن بالعطف على موح وفيه إشارة إلى أنّ ذكر إحاطة علمه بعمله وعمل غيره أنه يعلمه بما يليق وينبغي له فيه لأنّ معرفة الطبيب بالداء ليصف الدواء قيل في كلامه ما يومئ إلى أنّ خطاب تعملون للنبيّ صلى الله عليه وسلم وجمع للتعظيم، وليس بمتعين لجواز كونه عامّا ولكن المقصود بالخطاب هو وبيان حاله فهو داخل فيه بالدخول الأولى، وجعل المراد من العمل إذا كان الضمير للكفرة والمنافقين كيدهم ومكرهم لمناسبته للمقام، ثم جعله كناية عن دفعه لأنه المقصود منه وعلى هذه القراءة يجوز كون الضمير عامّاً أيضاً وفي كونه التفاتا تأمّل. قوله:(ما جمع قلبين في جوف) أراد أنّ خصوص الرجل ليس بمقصود، والمعنى ما جعل لأحد أو لذي قلب من لاحيوان مطلقا وجعل بمعنى خلق وتخصيص الرجل بالذكر لكمال لوازم الحياة فيه فإذا لم يكن ذلك له فكيف بغيره من الإناث، وأمّ الصبيان فما-لهم إلى الرجولية، وقوله في جوفه للتأكيد والتصوير كالقلوب التي في الصدور لأنّ القلب معدن الروح أي مقرّ الروح الحيوانيّ وهو البخار اللطيف النورانيّ الذي يتولد من دم رقيق فيه وبه الإدراك عند الحكماء وذكر المعدن إيماء إلى تشبيهه بالجوهر، وقوله المتعلق بفتح اللام أي الذي تتعلق به النفس الناطقة أي تتصل به لتفيض بواسطته ما تدركه عليه، وذكر النفس لتأويلها بالمدرك ونحوه وقوله أوّلاً إشارة إلى تعلقها بالبدن بواسطته، وقوله منبع القوى استعارة والمراد أنه الحامل لها إلى جميع البدن، وهذا على رأي وعند جالينوس أنّ الكبد والدماغ منبعان لبعض القوى أيضاً وقد مرّ ما فيه في سورة الحجر. قوله:) وذلك يمنع التعدّد) أي تعدّد قلب الإنسان أو الحيوان لأنه يؤدّي إلى التناقض كما سيأتي تقريره، وذلك
إشارة إلى كونه منغ جميع القوى، والدعوة بكسر الدال في النسب وبفتحها في الطعام ونحوه. قوله:(والمراد بذلك) أي قوله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ردّ ما زعمته العرب من أنّ لبعض الشجعان ودهاة العرب قلبين حقيقة، واللبيب صاحب اللب وهو العقل أي العاقل والأريب السريع الفطنة والانتقال من الأرب وهو الدهاء فليس بتأكيد وإن كان بمعنى العاقل، والأرب العقل فهو تأكيد. قوله:(ولذلك قيل الخ) في نسخة أو لجميل وفي أخرى وقيل لجميل وفي غيرها ولجميل بالواو وظامره أنه جميل بن أسد غير أبي معمر وفي التيسير أبو معمر جميل بن معمر، وفي البحر روي أنه كان في بني فهر رجل يقال له أبو معمر جميل بن أسد وظاهره أنهما واحد وكلام الكشاف على التردّد وعليه يحمل كلام المصنف على نسخة أو المشهورة، وفي القاموس ذو القلبين جميل بن معمر فيه نزلت ما جعل الله الآية، والذي صححه في كتاب المرصع (أنه ابو معمر جميل بن معمر عبد الفه الفهري، وكان رجلا لبيباً حافظاً لما يسمع فقالت قريش ما حفظ هذا إلا وله قلبان، وكان يقول إنّ لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم أبو معمر لقيه أبو سفيان وإحدى نعليه في رجله والأخرى معلقة بيده فقال له ما حل الناس قال له: هزموا قال: فما بال إحدى نعليك بيدك قال ما شعرت إلا أنهما في رجلي فعرفوا يومئذ كذيه فيما كان يدعيه) وهذه الآية نزلت فيه، وقد ردّ الشاطبي عليهم وقال: إنه ليس بفهري بل الجمعي كما نقلته من خطه، والذي صححه ابن حجر في الإصابة بعدما ذكر فيه اختلافا أنه جميل بن أسيد مصغرا الفهري، وأنه يكنى أبا معمر وضعف قول ابن دريد أنه عبد الله بن وهب، وقول غيره إنه جميل بن معمر الجمعي وبهذاه عرفت ما في كلام المصنف، وغيره وأن العطف لا وجه له وأنّ أسيدا مصغراً لا أسداء مكبرا فأعرفه. قوله:(والزوجة المظاهر عنها) وفي نسخة منها وهو الموافق لما
سيأتي من تعدّبه بمن وهو منصوب عطف على اللبيب ولا يجوز رفعه على أنه مبتدأ وخبر، وكذا قوله: ودعى الرجل ابنه أي له حكم الابن عندهم في التوارث وغير. من الأحكام وان كان معلوم النسب، وقوله كالأمّ أي في الحرمة المؤبدة فقوله أمّهاتكم على التشبيه البليغ كما سيأتي. قوله:(ولذلك كانوا يقولون لزيد الخ) في الاستيعاب زيد بن حارثة بن شرحبيل
من بني كلب سبي في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لخديجة رضي الله عنها فوهبته لنبيّ صلى الله عليه وسلم فتبناه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان وأعتقه لما اختار خدمته على قومه، ولم يرض مفارقته صلى الله عليه وسلم على ما فصله، وقوله: ابن محمد أي هو ابن محمد وقوله عن المظاهر منها الخ لف ونشر مرتب ونفي القلبين معطوف على نفي الأمومة، وقوله لتمهيد أصل أي حكم كلي وهو ما في قوله فإن لم تعلموا الخ، والذي ارتضاه صاحب الانتصاف والطيبيّ تبعاً للزجاج والبغوي، وهو المروي عن الزهري وقتادة إنه ضرب قوله:{مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [سورة الأحزاب، الآية: 4] مثلَا للظهار والتبني فكما لا يكون لرجل قلبان لا تكون المظاهرة أمّا والمتبني ابناً فالمذكورات بجملتها مثل فيما لا حققة له، وهو المناسب لنظمها في نسق وتذييلها بقوله والله يقول الحق، وتعقبه في الكشف بأنّ سبب النزول وقوله بعد التذييل ادعوهم الخ شاهد صدق على أن الأوّل مضروب للتبني، وهم لم يجعلوا الأزواج أمّهات بل جعلوا اللفظ طلاقاً فإدخاله في قرن النبي استطراد، وهذا هو الوجه لا أنه قول لا حقيقة له في نفس الأمر ولا في شرع ظاهر ؤكذا جعلهن كالأمّهات في الحرمة المؤبدة مطلقاً من مخترعاتهم التي لم يستندوا فيها إلى مستند شرعي فلا حقيقة له أيضاً فما ادعاه غير وارد عليهم لا سيما مع مخالفتة لما روي عنهم، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. قوله:(وهو أن يكون كل منهما أصلَا) بيان للتناقض بأنه يلزم من تعدّد القلب كون كل منهما أصلاً للقوى وغير أصل لها أو توارد علتين على معلوم واحد، وهذا أمر إقناعي فإنه يجوز كون أحدهما متبعاً لبعض والآخر لبعض آخر ويجوز اشتراكهما في ذلك كالعينين والأذنين في النظر والسمع فالأولى أن يوكل مثله للإرادة الإلهية وهو لا يسأل عما يفعل، وكونه أصلاً بالنظر لنفسه وغير أصل بالنظر للآخر، وقيل إنه محل الصحبة فلم يكرّر لئلا يكون فيه محبة اقترانية كما قيل:
ما أنصفتني الحادثات رمينني ~ بمفارقين وليس لي قلبان
وقال الآخر:
تملك بعض حبك كل قلبي ~ فإن تردالزيادة هات قلبا
قوله: (اللذين لا ولادة بينهما وبينه) بيان لوجه التناقض فيهما كما في الأوّل لأنّ ذلك يقتضي التوالد والزوجية والدعوة تقتضي خلافه، وهذا كالأوّل فإنهم لم يدعوا أمومة وبنوّة حقيقة حتى يرد عليهم التناقض كما لا يخفى. قوله:(وقرأ أبو عمرو الخ) وقوله بالياء وحده
أي من غير همزة قبله أو من غير ياء أخرى تتبعها لأنها ساكنة وتذكير الضمير لتأويله بالحرف، وقوله فخفف أي بحذف الهمزة والحجازيان نافع وابن كثير، وقوله بالهمزة أي المكسورة، وقوله وحده أي بدون ياء والقراءة الأخرى بهمزة بعدها ياء ساكنة وما ذكر. عن الحجازيين في رواية البزي عن ابن كثير وووش عن نافع في حالة الوقف، وأما في الوصل فيسهل كما ذكره الشاطبي، وقد روي عنهما التسهيل في الحالتين فما قيل إن المصنف لم يفرق بين الإبدال والتسهيل خطأ غرّه فيه كلام النثر. قوله:(وحمزة والكسائئ بالحذف) أي بحذف التاء الثانية، وقوله من الظهور أي من الثلاثيّ فلا ينافي ما سيأتي أنه من الظهر ولا حاجة لهذا فإن الظهور أيضا من الظهر في أصل اللغة لأنّ أصله أن يكون مكشوفا لكونه على ظهر كالبطون لما كان في بطن، ثم شاع في لازم معناه وهو الخفاء وعدمه كما نقله الطيبي عن أهل اللغة وقراءة ابن عامر تظاهرون أصله تتظاهرون فأدغم وهو ظاهر، وقوله باعتبار اللفظ أي باعتباو وقوع لفظه في كلام المظاهر مع قطع النظر عن معناه كلبي فإنّ معناه أن يقول لبيك والاشتقاق قد يكون من اللفظ، ولو كان غير مصدر. قوله:(وتعديتة بمن) إشارة إلى ما في الكشاف من أنه ضمن معنى التباعد لأنه يقال تباعد منه، وفي عبارة المصنف قصور فإنّ ظاهره أن المضمن تجنب مع أنّ
تجنب متعد بنفسه لا بمن يقال تجنبه كما صرّح به أهل اللغة، والمراد كما في الكشف أنه ضمن فعلا فيه معنى المجانية يتعدى بمن، وأما كون الطلاق في الجاهلية أو في الجاهلية والإسلام كما ذكره المصنف رحمه الله فلم ينظروا إليه لأنه إذا وقع استعماله في الجاهلية كذلك بقي لاستعماله بعده فإنه ليس من الإصطلاحات الشرعية فمن ظن أنّ في كلامه وداً على الزمخشريّ لم يصب، وكذا من قال إنّ مسلك المصنف أحسن ما أحسن وكذا الكلام في آلى. قوله:(وهو في الإسلام يقتضي الطلاق والحرمة إلى أداء الكفارة) وفي نسخة أو الحرمة وهما بمعنى لأنّ الواو فيه بمعنى أو التي للتقسيم كما ذكره ابن مالك فالمراد أنه يقتضي الطلاق لو نواه لأنه من محتملات لفظه، والحرمة المجرّدة إن لم ينوه كما فصله في شرح الإشارات وأشار إليه الرازي في الأحكام وكلامه على مذهب الثافعي، فما قيل من أنّ هذا لم يذكره أحد من المذاهب بل قالوا إنه منسوخ فلا يقع به طلاق، وان نواه بلا خلاف إلا أن يكون يقتضي بمعنى يلزم سهو. قوله:(وذكر الظهر للكناية عن البطن لخ) قال الأزهري خصوا الظهر لأنه محل الركوب والمرأة تركب إذا غشيت فهو كناية تلويحية انتقل من الظهر إلى المركوب، ومنه إلى
المغشي والمعنى أنت محرّمة عليّ لا تركبين كما لا تركب الأمّ كذا في الكشف، وتسمية الظهر عمود البطن قاله عمر رض! ي الله عنه، كما ذكره الزمخشريّ لأن به قوامها وعليه اعتماده كما تعتمد الخيمة على عمودها، وقوله الذي صفة البطن وذكره وان كان مؤنثا لتأويله بالعضو ونحوه وضمير هو للظهر وضمير عموده للموصول. قوله:(فإن ذكره الخ) تعليل للكناية وتوجيه لاختيارها بأنهم يستقبحون ذكر الفرج، وما يقرب منه سيما في الأمّ وما شبه بها فلذا عدل إلى الكناية. قوله:(أو للتغليظ في التحريم) توجيه آخر لذكر الظهر بأنه ليس للكناية عن البطن بل إنما ترك ذكر البطن إلى الظهر تغليظاً في تحريم المرأة، لأنّ إتيان المرأة وظهرها إلى السماء كان محرّما عندهم فالظهر مطلقاً حرام عندهم، وظهر الأم أشدّ حرمة وأما ذكر الأم ففيه تغليظ على الوجهين. قوله:(على الشذوذا لأنّ قياس فعيل بمعنى مفعول أن يجمع على فعلي كجريح وجرحى لكنه حمل عليه لكونه موازياً له، وقيل إنه مقيس في المعتل مطلقا وفيه نظر. قوله: (ذلكم) إشارة إلى ما ذكر أي من كونه ليس لأحد قلبان، وليست الأزواج أمّهات ولا الأدعياء أبناء لاشتراكها في كونها لا حقيقة لها، وأما قوله لتمهيد أصل الخ فلا يأبى هذا لأنّ التمهيد حاصل بالتسوية بينهما فما قيل من أن الأظهر جعل الإشارة للأخيرين لأن الأوّل ذكر للتمهيد كما بينه المصنف ليس بشيء، وقوله أو إلى الأخير وهو الدعوة لأنه هو المذكور هنا، ولذا اقتصر على هذا الوجه في الكشاف وقوله لا حقيقة له بيان لقوله بأفواهكم، وإشارة إلى أنه ليس من قبيل نظر بعينه مما قصد به التاكيد والتحقيق والمراد بقوله في الأعيان في الواقع ونفس الأمر، وقوله كقول الهاذى بالذال المعجمة من الهذيان وكونه بالمهملة من الهداية بعيد رواية ودراية وإن صح. قوله:(ما له حقيقة عينية) أي المراد بالحق الثابت المحقق في نفس الأمر، وقوله مطابقة له لقوله بفتح الباء وكسرها لأن المطابقة مفاعلة من الجانبين وقوله سبيل الحق إشارة إلى أنّ تعريفه عهدي، وني الكشاف لا يقول إلا ما هو حق ظاهره وباطنه ولا يهدي إلا سبيل الحق ثم قال ما هو الحق وهدى إلى ما هو سبيل الحق، وهو قوله ادعوهم الخ وتركه المصنف لخفاء وجه الحصر المذكور فيه، ولذا قال بعض شراحه أنه من مقابلة قوله:{ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ} لا من تقديم المسند إليه فإنه يفيد أنه الهادي لا غيره. قوله: (وهو أفراد للمقصود) بيانه هنا من أقواله الحقة أي من جميع أقواله الحقة المذكورة إجمالاً بقوله، وهو يقول الحق أو أفراد للمقصود كاملاً وعلى كل فلا ينافي قوله والمراد نفي الأمومة والبنوّة ونفي
القلبين لتمهيد أصل الخ. قوله: (قصد به الزيادة مطلقاً) أي هو أعدل من كل قول متصف بالعدل لا مما قالوه فإنه زور لا عدل فيه أصلَا ويجوز أن يجعل قسطاً تهكماً، وأما كونه لا يخلو من قسط وصدق بنوع من المجاز فتكلف إلا أن يريد ما ذكرناه. قوله:(ومعناه البالغ) إلى الغاية في الصدق دفع لما يتوهم من أن المقام يقتضي ذكر الصدق لا العدل بأن العدل، والإنصاف هنا المراد به أتم الصدق لأنّ الكذب نوع من الجور، وقوله فتنسبوهم بحذف النون لعطفه على المجزوم واثباتها من
تحريف الناسخ فلا غبار عليه وقوله فهم الخ إشارة إلى أنه خبر مبتدأ مقدّر والجملة جواب للشرط، والمراد بالمولى ذو الموالاة أو السيد. قوله:(بهذا التأويل) أي بتاويل الأخوّة والولاية في الدين، والبنوّة وان صح فيها التأويل أيضا لكن نهي عنها بالتشبيه بالكفرة والنهي للتنزيه، وقوله مخطئين قبل النهي أو بعده الخطا مقابل للعمد هنا فيشمل السهو والنسيان كما أشار إليه المصنف لا بمعنى الذنب، وكون الخطا بالمعنى المذكور قبل النهي، وبعده معفوّاً لا يقتضي أن العمد قبله غير معفوّ والمفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يرد نقضاكما بين في أصول الشافعية فلا حاجة لتأويل مخطئين بجاهلين، وان كان الجمع بين الحقيقة والمجاز فيه على تسليمه جائزاً عند المصنف، ولا يرد على المصنف إنه لا قبح قبل النهي عند أهل السنة فتامّل. قوله:(ولكن الجناح فيما الخ) فهو معطوف على المجرور وقوله ولكن ما تعمدت الخ إشارة إلى احتمال آخر، وهو أن ما مبتدأ خبره جملة مقدرة وفي بعض النسخ فيما تعمدت قلوبكم فيه الجناح والصحيح الأوّل لأنّ هذه تحتاج إلى تكلف جعل الجارّ محذوفاً، وفيه متعلق بتعمدت والجناح مبتدأ خبره الجاز والمجرور. قوله:(لعفوه) وفي نسخة بعفوه بالباء السببية، وهو تفسير وبيان لمعنى الآية، وقوله لا عبرة به عندنا فلا يفيد العتق ولا ثبوت النسب، وعند أبي حنيفة يفيده بشروطه المبينة في الفقه فقوله يوجب عتق مملوكه أي سواء كان مجهول النسب أو لا يمكن الإلحاق أوّلاً بأن يكون أكبر منه سنا خلافا لهما في الثاني، وقوله لمجهوله أي النسب، وقوله الذي يمكن إلحاقه بأن يكون أصغر سناً منه. قوله تعالى:( {النَّبِيُّ أَوْلَى} ) أي أحق وأقرب إليهم من أنفسهم أو أشد ولاية ونصرة، وقوله بخلاف النفس فإنها إمّ أمّارة بالسوء وحالها ظاهر أولاً فقد تجهل بعض المصالح ويخفى عليها بعض المنافع، وقوله فلذلك أطلق أي لم يقيد الأولوية بشيء في النظم ليفيد أولويته في جميع
الأمور، وقوله فيجب أي فإذا كان كذلك يجب الخ، وقوله فنزلت ووجه الدلالة على سبب النزول إنه إذا كان أولى من أنفسهم فهو أولى من الأبوين بالطريق الأولى ولا حاجة إلى جعل أنفسهم عليه بالمعنى السابق في قوله:{وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [سورة النساء، الآية: 29] واطلاق الأب عليه لأنه سبب للحياة الأبدية كما أن الأب سبب للحياة أيضا بل هو أحق بالأبوة منه كما أشار إليه بقوله فإن كل نبيّ الخ، وهو إشارة إلى صحة إطلاقه على غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويلزم من الاً بوة أخوة المؤمنين، وقوله من حيث أنه أصل هو الدين والإسلام. قوله:(منزلات منزلتهن في التحريم) أي تحريم النكاج وهو إشارة إلى أنه تشبيه بليغ ووجه الشبه ما ذكر، وقوله ولذلك أي لكون وجه الشبه مجموع التحريم واستحقاقه التعظيم قالت عائشة رضي الله عنها لمن قال لها يا أمه ما ذكر وهو لا ينافي استحقاق التعظيم منهن أيضاً. قوله:(في التوارث) قيل إنه مخالف لما في الإطلاق من الدلالة على التعميم، ولما سيقوله من أن الاستثناء من أعمّ ما يقدر الأولوية فيه من النفع إلا أن يقال ذكر. على طريق المتمثيل، وقيل في جوابه لما كان ناسخاً لما في صدر الإسلام من توارث الهجرة، والموالاة في الدين صور الأولوية فيه على أنه مراد فقط أو داخل في العموم دخولاً أوّليا ولا يخفى أنه عين ما ذكره من التمثيل مع أنه دعوى بلا دليل، والصواب أن يقال لما كان المراد من النفع نفع الدنيوي الحاصل من الميت بعد موته، وهو إمّا إرث أو وصية لا غير فإذا جعلت الوصية لغير الأقارب بحكم الاستثناء لم يبق إلا الإرث فتفسيره به بيان لحاصل المعنى على وجهي الاتصال والانقطاع فافهم. قوله:(وهو نسخ) قيل الظاهر أن النسخ بآية آخر الأنفال لتقدمها على سورة الأحزاب مع أن هذا يخالف مذهب الشافعي حيث لا يقول بتوريث ذوي الأرحام، وهو غفلة عن تفسير. لذوي الأرحام بذوي القرابات الذي يطلق على ذوي الفروض، والعصبات مع أن الشافعي قال بتوريثهم إذا لم ينتظم بيت المال وكون المراد هذه الآية بعيد والأظهر أن يراد القرآن مطلقاً وقد مرّ ما فيه في الأنفال وكان في صدر الإسلام يرث المهاجرون بالهجرة والمؤمنون بالتواخي كما هو معروف في كتب الحديث، ثم نسخ وقوله فيما فرض الله فكتاب
الله ما كتبه أي فرضه، وقضاه وقدره وهو في القرآن يرد بهذا المعنى أيضا. قوله:(أو صلة لأولى) فهو المفضل عليه ومن ابتدائية، وقوله وأولوا الأرحام بحق القرابة الخ بيان
للمعنى على الوجه الثاني بأن محصله أن الأقرباء أولى بالإرث من غيرهم من المؤمنين المهاجرين وغيرهم وعدى تفعلوا بإلى لتضمينه معنى الإيصاء والإسداء، وقوله من أعتم الخ فهو شامل لكل نفع ما لي إرثا ووصية وهبة ويدخل في حكم الهبة الهدية والصدقة، والمراد بالمعروف الوصية ولا ترد الهبة فإنها غير جائزة للوارث في المرض لأنها في حكم الوصية، ولذا تنفذ من الثلث ولا ترد المعاونة ونحوها فإن المراد النفع المالي ولا ينافيه العموم فافهم. قوله:(أو منقطع) يعني إذا حصلت الألوية بالتوارث كما هو ظاهر كلامه والمعروف أيضاً بمعنى التوصية أو عامّ لما عد التوا رث.
قوله: (كان ما ذكر في الآيتين) من حكم البنوّة والبنوّة والتوارث لا ما سبق في السورة
بعد قوله: {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ} [سورة الأحزاب، الآية: 4] إلى هنا أو إلا الأخير وهو التوارث فقط لأنّ الظهاو لم يبين حكمه هنا وسيأتي في سورة المجادلة، والإشارة بالبعيد تأبى الأخير وتخصيصه به لغو مع قوله فيه في كتاب الله أيضاً والأوّل هو المقصود بالذات هنا فحيث دخلا فيه لزم دخول ما بينهما لئلا يكون ألغازاً، فما قيل الظاهر التعميم أو التخصيص بالأخير لا وجه له. قوله:(وقبل في التوراة) مرضه لأن الكتاب المعرف الظاهر منه إنه عين الأوّل، وكون ما ذكرفي التوراة غير معلوم، وقوله مقدر باذكر على أنه مفعول لا ظرف لفساد المعنى وهو معطوف على ما قبله عطف القصة أو على مقدر كخذ هذا وجوّز عطفه على خبر كان وهو بعيد، وقوله مثاهير أرباب الشرائع وان كان لغيرهم شريعة أيضا ومآله للتعظيم أيضا، وقوله تعظيماً أو لتقدمه الواقع وآدم صلى الله عليه وسلم بين الماء والطين فلا ينافي تقديم نوح عليه الصلاة والسلام لتقدّمه في مقام آخر فإن لكل مقام مقالاً. قوله:(عظيم الشأن) يعني أن الغلظ استعارة للعظم أو للوثاقة على الوجه الثاني لأن الميثاق شبه بالحبل، والغليظ منه أقوى من غيره وتأكيده
باليمين قسماً على الوفاء بما حملوا، وقوله والتكرير أي ذكر الميثاق ثانياً ليوصف بقوله غليظاً الدال على عظمه ووثاقته، وأورد عليه أن الوصف لا يستلزم تكراره إذ لو اقتصر على الثاني أو ذكر لأوّل منكراً موصوفا حصل المقصود، وقيل المراد بالبيان ما كان على وجه التأكيد، وقيل مجموع الميثاق الغليظ يمين فلا تكرار وكله تكلف بارد. قوله:(أي فعلنا ذلك الخ) قوله فعلنا تفسير لقوله أخذنا وهو يحتمل أن يكون هو المتعلق لكنه عبر عنه بمعناه، ويحتمل أن يكون مقدّرا لكنه لكونه معنى أخذنا عبر فيه بضمير العظمة فيه، ومن لم يدر مراده قال الأظهر أن يقول فعل الله ذلك ولا حاجة إلى التقدير مع صحة تعلقه بأخذنا واللام للعاقبة أو للتعليل، وقوله عما قالوه وهو كلامهم الصادق في التبليغ فالصدق عليه بمعنى الكلام الصادق، وقوله أو تصديقهم معطوف على ما في قوله عما الخ فالصدق بمعنى التصديق والضمير المضاف إليه للقوم وضمير إياهم للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهم الصادقون وعلى ما بعده الصادقون الأمم، وقوله تبكيتا مفعول له لتعليل يسأل على الوجهين. قوله:(عطف على أخذنا) ولما كان أخذ ميثاق الأنبياء لا مناسبة له ظاهراً مع إعداد العذاب للكفار قال موجهاً له من حيث الخ يعني أن بعثة الرسل لما كان المقصود منها التبليغ للمؤمنين ليثابوا كان في قوّة أثاب المؤمنين فتظهر المناسبة المقتضية للعطف وهذا على الوجوه كلها في تفسير قوله ليسأل الخ وهو في غير الأوّل ظاهر واً مّا فيه فلان سؤال الأنبياء تبليغهم المقصود منه بيان من قبل من غيره، فما قيل إنه على الأوّل معطوف على يسأل بتأويله بالمضارع لا يخفى ضعفه بل عدم صحته لأنه لا جامع بينهما فلا بدّ من الرجوع إليه، وقيل إنّ الجملة حالية بتقدير قد أو هو من الاحتباك البديعي والتقدير ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعدّ لهم ثواباً عظيماً ويسأل الكافرين عن كذبهم، وأعدّ لهم عذاباً أليما فحذف من كل منهما ما ثبت في الآخر وهو الاحتباك، وقوله أو على ما الخ فالمعطوف عليه مقدر دل عليه ما قبله وعلى الأوّل تقدير فيه. قوله تعالى:( {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ} الخ) شروع في ذكر قصة الأحزاب وهي وقعة الخندق وكانت سنة أربع أو خمس من الهجرة، وقوله إذ جأتكم بدل من نعمة الله أو ظرف لها وزهاء الشيء بضم الزاي المعجمة والمد ما هو قريب منه، وقوله اثني عشر ألفاً وقع في نسخة نوعا أي صنفاً من الناس، وقبيلة قبل والمراد بالنضير وهم قوم من اليهود بقية منهم لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أجلاهم
إلى الشام قبل ذلك، والخندق
معرّب كنده وهو حفر حول المعسكر عميق، وقد فعل برأي سلمان الفارسي رضي الله عنه، وقوله على المدينة المراد على مكان قريب منها كما ذكره أهل السير، وقوله لا حرب بينهم أي بالتقاء الصفوف أو باعتبار الأغلب فانّ عليا رضي الله عنه بارز رجلاً منهم. قوله:(فأخصرتهم) أي اكمتهم بالخصر بالخاء المعجمة والصاد والراء المهملتين وهو شدّة البرد قال المعري:
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم والعذب يهجر للإفراط في الخصر
وفاعله ضمير الليلة أو الريح، والثاني هو المناسب لقوله وسفت التراب بالسين المهملة والفاء أي رمته وقلعت خيامهم أي أطنابهم حتى وقعت، وماجت بالجيم أي اضطربت وقوله فالنجاء النجاء بالنصب على المصدرية أي انجوا النجاء أي أسرعوا وجدوا في الهرب لتنجوا وتسلموا وقوله المحاربة أي قصدها أو فعلها في غير هذه الوقعة فلا ينافي ما مرّ. قوله:(بدل من إذ جاءتكاً) بدل كل من كل، أو هو متعلق بتعملون أو بصيرا، وقوله من أعلى الوادي فالإضافة إليهم لأدنى ملابسة ولم يعبر به لئلا يوصف الكفرة بانعلوّ فإنه أظهر فيه من الفوقية فلا غبار عليه، ويحتمل أن يكون من فوق ومن أسفل كناية عن الإحاطة بالعلوّ فإنه أظهر فيه من الفوقية فلا غبار عليه، ويحتمل أن يكون من فوق ومن أسفل كناية عن الإحاطة من جميع الجوانب، وهذا بيان للواقع وبنو غطفان وقريش بدل من ضمير جاؤكم. قوله:(مالت الأنه من الزيغ وهو الميل ومستوى نظرها اسم مكان أو مصدر واستواء النظر اعتداله على المعتاد فيه، وحيرة مفعول له وشخوصاً بمعنى ارتفاع وامتداد، وهو غير ملائم للزيغ ولذا قيل المراد لازمه وهو الدهشة. قوله: (فإن الرئة الخ) الروع بفتح الراء الخوف، وقوله وهو أي الحنجرة وذكره باعتبار الخبر، وقوله مدخل الطعام والشراب محل دخوله أو إدخاله وهو تفسير للحلقوم لكنه قيل إنه تبع فيه الزمخشري والمعروف إنه مجرى النفس ومجرى الطعام المريء بوزن أمير وهو
تحته، وقيل إنه أطلقه عليه لمجاورته له تسمحا وفيه نظر. قوله:(1 لأنواع من الظن) يعني أنه مصدر شامل للقليل والكثير، وإنما يجمع للدلالة على تعدد أنواعه وظن مبتدأ خبره أنّ الله الخ أو ماض، وهو مفعوله وانجاز وعده بنصرهم، وقوله الثبت بفتح فسكون أو بضم مع فتح الباء المشدّدة جمع ثابت وباء القلوب يجوز فيها الحركات الثلاث والظاهر جرّه بالإضافة، وقوله فخافوا الزلل أي أن تزل أقدامهم فلا يتحملون ما نزل بهم، وقوله أو ممتحنهم أي مبتليهم فيظنون النصر تارة والامتحان أخرى أو بعضهم يظن هذا وبعضهم يظن ذاك، وقوله ما حكى عنهم هو قولهم ما وعدنا الله الخ وأدرج المنافقين فيهم مع أن الخطاب للمؤمنين تكميلَا للأنواع أو لأن المراد المؤمنون ظاهراً والأوّل أولى فلا بعد فيه كما قيل. قوله:(والألف مزيدة في أمثاله) أي فيه، وفي أمثاله من المنصوب المعرّف بأل كالسبيلا والرسولا تشبيهاً لفواصل النثر بقوا في الشعر لكونها مقطعاً في إلحاق ألف الإطلاق به وقفاً ووصلاً لإجرائه مجراه وقد تسقط فيهما، وهو القياس وقد قرئ بالوجوه الثلاثة. قوله تعالى:( {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} ) هنالك ظرف مكان ويستعمل للزمان، وقيل إنه مجاز وهو أنسب هنا، وقوله اختبر المؤمنون أي اختبرهم الله والمعنى عاملهم معاملة المختبر لتبين حالهم فهو تمثيل كما سيأتي تحقيقه في سورة تبارك، وقوله من شدة الفزع أو من كثرة الأعداء والقياس في زلزال الكسر واذ يقول عطف على إذ السابقة، وقوله ضعف اعتقاد وهو ليس بنفاق بل هو لقرب عهدهم بالإسلام ونحوه كحداثة، وقيل المراد بهم المنافقون أيضا والعطف لتغاير الوصف كقوله:
إلى الملك القرم وابن الهمام
وقوله المنافقين ورسوله تقية أو إطلاقه عليه في الحكاية لا في كلامهم ويشهد له ما ذكره المصنف عن معتب لا استهزاء لأنه لا يصح ذلك بالنسبة لغيرهم، وقوله يتبرز أي يخرج من الخندق إلى البراز بفتح الباء، وهو الأرض الخالية لأجل قضاء الحاجة والفرق بفتحتين أي
الخوف وضمير منهم للمنافقين أو للجميع، وأوس بن قيظي بكسر الظاء المعجمة من رؤساء المنافقين وفارس والروم أي بلادهم مجازا أو بتقدير مضاف. قوله:(اسم أرض) وهو عليهما ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث والنسبة فيهما على الحقيقة لا للمجاورة على الثاني كما قيل وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم تسمية المدينة يثرب وهو اللوم والتعيير (وسماها طيبة وطابه) كما رواه المحذّثون والكراهة
تنزيهية، وقوله موضع قيام فهو اسم مكان ويجوز أن يكون مصدرا ميمياً، والمعنى لا ينبغي أو لا يمكن لكم الإقامة ههنا، وقوله فارجعوا الخ أي ليكون ذلك أسلم من القتل أو لاتخاذ يد عند حاضرهم، وقوله أسلموه أي سلموا النبي صلى الله عليه وسلم لأعدائه أو اخذلوه واتركوه. قوله:(أو لا مقام لكم بيثرب) أي لا مقام لكم بعد اليوم بالمدينة أو نواحيها لغلبة الأعداء، أو لأنه علم نفاقهم فخافوا من قتل النبي صلى الله عليه وسلم بعد غلبته، ويجوز أن يراد على هذا ليس لكم محل إقامة في الدنيا أصلاً وفيه مبالغة، وقوله فارجعوا أي عن الإسلام وكفارا حال أو هو خبر وارجعوا بمعنى صيروا، وجملة يقولون حال أو مستأنفة، والضمير للفريق وهو تعليل للاستئذان أو تفسير له. قوله:(وأصلها الخلل) أي في البناء ونحوه بحيث يمكن دخول السارق فيها وهي في الأصل مصدر فوصف به مبالغة أو لتأويله بالوصف، وقيل إنه لا ينافي المبالغة لأنّ ظاهره يكفي لقصد المبالغة لكن المبالغة لا تناسب قوله، وما هي بعورة ولذا قصر بعضهم التأويل على الأوّل. قوله:(ويجوز الخ) على أن يكون صفة والتصحيح حينئذ خلاف القياس لأنّ القياس قلبها ألفاً كما قيل وردّ بأنه إنما يقتضي القياس القلب إذا قلب فعله وفعله لم يقلب حملا على اعورّ المشدد كما ذكره المعرب، وقوله قرئ بها أي في الموضعين، وهي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة وهو صفة مشبهة وقوله دخلت المدينة أو بيوتهم تفسير للضمير المستتر. قوله:(من أقطارها) جمع قطر بمعنى الجانب قيل ولعل فائدته أن لا يخالف قوله وما هي بعورة فإن الدخول من عين أقطارها لا يقتضي الخلل
منها فإن لكل منها بابا، وفي الكشاف من كل جوانبها وهو غير مناسب لذمّهم إذ مقامه يقتضي أنهم يرتدون بأدنى شيء ولو بلا فزع كامل، وليس بشيء لأن الفزع الكامل يقتضي الغارة والعداوة التامّة فالمراد أنهم يطيعون من أمرهم بالكفر ولو كان أعدى أعدائهم، وما في الكشاف هو بعينه ما ذكره المصنف رحمه الله والحاصل أن فرارهم لنفاقهم لا لخوفهم. قوله:(وحذف الفاعل) وهو الداخل عليهم وضمن الإيماء معنى الإشعار، ولذا عداه بالباء والحكم المرتب عليه قوله سألوا الفتنة الخ، وقوله لأعطوها تفسير له على قراءة المدّ فإن آتى بمعنى أعطى والظاهر أنه تمثيل بتشبيه الفتنة المطلوب اتباعهم فيها بأمر نفيس يطلب منهم بذله واطاعتهم ومتابعتهم بمنزلة بذل ما سألو. وإعطائه وفعلوها تفسير له على قراءة القصر، ويحتمل أنه تفسير لهما فتأمّل. قوله:(أو ب! عطائها) وفي نسخة أي بدل أو يعني أن الضمير للفتنة دون تقدير فيه أو بتقدير مضاف يعلم مما قبله والقول بأنه على الأوّل راجع إلى الإعطاء المذكور حكما لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه تعسف وأمّا كون التلبث في الفتنة نفسها لا يكون فلا وجه له لأن لا مانع من حمله على المكث على الردّة، وظاهره أن الباء ظرفية أو للملابسة أو سبية ويجوز أن يكون هذا وجه العطف بأو، وفي الكشاف أن معناه ما ألبثوا إعطاءها على أن الباء للتعدية بتقدير المضاف فيه، ويحتمل أن الضمير للمدينة أو بيوتها كما أشار إليه في الكشاف وأشار إلى ضعفه بتأخيره وتبعه المصنف رحمه الله لما فيه من تفكيك الضمائر، ومن لم يتنبه له قال لو حملوه عليه كان أولى. قوله:(ريثما السؤال والجواب) أي بمقداره، وفي نسخة يكون بعد ريثما وهي أصح قال المطرزي في شرح المقامات الريث في الأصل مصدر راث بمعنى أبطأ أجروه مجرى الظرف كمقدم الحاح قال أبو علي لإضافته إلى الفعل كقوله:
لا يمسك الخير إلا ريث يرسله
صار بمعنى حين وظاهره لزوم الفعل بعده وما زائدة فيه لوروده بدونها كثيراً، وأكثر ما تستعمل مستثنى في كلام منفي ويجوز كونها مصدرية، وقوله إلا يسيراً أي تلبثا يسيراً أو رّماناً يسيرا لأنّ الله يهلكهم أو يخرجهم بالمسلمين أو لتهالكهم على المسلمين يعني أن ارتدادهم للقرار في مساكنهم ولا يحصل لهم مرادهم. قوله:(يعني بني حارثة الخ) فهؤلاء هم الذين
طلبوا الرجوع، وقيل المراد الأنصار مطلقاً وما عاهدوا عليه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وفشلوا بمعنى جبنوا فتركوا الحرب، وقوله مسؤولاً عن الوفاء به يعني أنه على الحذف والإيصال وقد مرّ تحقيقه. قوله:(فإنه لا بدّ لكل شخص! الخ) قيل عليه المعنى لا ينفعكم نفعا دائما أو تامّا في دفع الأمرين المذكورين بالكلية إذ لا بدّ لكل شخص من حتف أنفه، أو قتل في وقت معين لا لأنه سبق
به القضاء لأنه تابع للمقضي فلا يكون باعثاً عليه بل لأنه مقتضى ترتب الأسباب والمسببات بحسب العادة على مقتضى الحكمة فلا دلالة فيه على أن الفرار لا يغني شيئا حتى يشكل بالنهي عن الإلقاء للتهلكة، وبالأمر بالفرار عن المضار، وقوله واذا لا تمتعون إلا قليلا عن أنّ في الفرار نفعا في الجملة ورد بأن ما ذكره المصنف ظاهر على أن الأجل مطلقاً متعين لا يتغير لظاهر ما في الأحاديث كقوله:" لا ينفع حذر من قدر " وآجال مضروبة لا تؤخر، ولا تعجل وعليه كثير والحق أن هذا حال المبرم في علمه تعالى لا للمكنون في اللوح لما في الأحاديث " من زيالة الصدقة، وصلة الوحم " في العمر كما فصل في محله فالمعنى لن ينفع الفرار من الموت المبرم لسبق القضاء به سبقاً زمانيا لا ذاتياً حتى يقتضي سبقيته إذ ليس في كلامه ما يدل عليه، فما زعمه من تبعية القضاء للمقضي لتبعيته للإرادة التابعة للعلم التابع للمعلوم، وهو المقضي ومخالفته لما ذكر ودلالة ما بعده على ما ذكره كله في حيز المنع كما لا يخفى فتأمل، وحتف الأنف الموت بدون قتل وجرى القلم القضاء الأزلي. قوله:(وإق نفعكم الخ) يعني أنه أمر فرضي تقديري، وقوله إلا تمتيعاً الخ يعني أن قليلاً منصوب على المصدرية أو الظرفية لكونه صفة مصدر أو اسم زمان مقدّر، وقوله يعصمكم بمعنى يمنعكم مما قضاه وقدره، وقوله أو يصيبكم الخ دفع لأنّ العصمة والمنع من السوء فكيف عطف على ما بعده الرحمة بان فيه تقديرا كما بينه فحذف إيجازاً كما في قوله:
متقلدا يفاوشا
أي وحاملاً أو معتقلَا لأنّ التقليد بحمائل السيف فلا يكون بالرمح وأوّله:
ورأيت زوجك في الوغى
متقلداً الخ وروي:
يا ليت ؤوجك قد غدا
وقوله أو حمل الثاني الخ فالمعنى من ذا الذي يمنعكم من الله، وما قدر مان خيرا وان
شرّاً وهذا التوجيه جار في البيت أيضاً بل قيل إنه أظهر والآية نظير البيت في مجرّد التقدير بعد العاطف لا في عطف معمول مقدر على معمول مذكور. قوله تعالى: ( {وَلَا يَجِدُونَ لَهُم} الخ) أي لأولى فيجدوه فهو كقوله:
ولا ترى الضب بها ينحجر
وهو معطوف على ما قبله بحسب المعنى فكأنه قيل لا عاصم لهم ولا ولي ولا نصير أو الجملة حالية، وقد في قوله قد يعلم الله للتحقيق، أو لتقليله باعتبار متعلقه وبالنسبة لغير معلوماته، ومنكم بيان للمعوّقين لا صلته واليه أشار بقوله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله من ساكني المدينة وهم الأنصار بيان لأن الأخوّة بالصحبة والجوار. قوله:(قرّيوا أنفسكم) قال المصنف في الأنعام هلم يكون متعدّيا كقوله: {هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ} [سورة الأنعام، الآية: 150] ولازما كقوله هلم إلينا قيل وبينهما مخالفة فإنّ كلامه هنا يقتضي أنه متعد حذف مفعوله، وما مرّ يقتضي أنه في هذه الآية لازم بمعنى أقبل والحوالة عليه تقتضي عدم المخالفة بينهما فإما أن يكون تفسير الحاصل المعنى فإن من أقبل إليك فقد قرب بعينه منك، أو إشارة إلى أنه وان ورد متعديا ولازما يجوز اعتبار كل منهما في هذه الآية فحمله على ظاهره في الأنعام وجوّز هنا كونه متعدّيا. قوله:(أو بأساً) على أنه صفة مفعول مقدّر كما كان صفة المصدر أو الزمان، والمراد بالبأس الحرب وأصل معناه الشدة وقوله:{فإنهم يعتذرون} بيان له على الوجوه الثلاثة لا على بعضها كما يتوهم ومعناه على الثالث يعتذون في البأس الكثير ولا يخرجون إلا في القليل، وقوله أو يخرجون الخ وجه آخر فيكون يأتون البأس بمعنى يقاتلون مجازاً وعلى الأوّل هو على ظاهره، وقيل إنه معطوف على يعتذرون فهو بيان لعدم إتيانهم، وقوله ما قاتلوا إلا قليلا وقع في بعض النسخ وما بالواو وليس ذلك في النظم. قوله:(وقيل إنه الخ) هو على الوجه الأوّل حال من القائلين أو عطف بيان على قد يعلم وهو على هذا من مقول القول وهو ظاهر. قوله:
(بخلاء عليكم بالمعاونة الخ) هو جمع بخيل كاشحة جمع شحيح يعني أنّ المراد عدم إرادتهم نصرة المؤمنين ومعاونتهم في الحرب وخالف فيه الزمخشريّ تبعا للواحدي، والكواشي حيث فسبره بقوله أضناء بكم يترفرفون عليكم كما يفعل الرجل بالذاب عنه المناضل دونه عند الخوف وإنما عدل عنه لأنه معنى قوله:{فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ} [سورة الأحزاب، الآية: 9 ا] الخ للتفرّع عليه وصاحب الكشاف جعله تفسيرا له وقد قيل إنه إنما اختاره ليطابق معنى ويقابل قوله بعده أشحة على الخير لأنّ الاستعمال يقتضيه فإن الشح على الشيء هو أن يريد بقاءه له كما في الصحاح، وأشار إليه أضناء بكم وما ذكره غير لا يساعده الاستعمال قال وهو حقيق فإن سلم له ما ذكرمن الاستعمال كان متعيناً وإلا فلكل وجهة كما لا يخفى على
العارف باساليب الكلام وأما ما قيل من أن ما في الكشاف بعيد إلا أن يحمل فعلهم على الرياء فليس بشيء لأنّ فعلهم ذلك خوفاً على أنفسهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه لو لم يغلبوا لم يكن لهم من يمنع الأحزاب عنهم، ولا من يحمي حوزتهم فلا حاجة إلى حمله على الرياء مع أنه لا يلائم كلامه، وقوله أو النفقة وقع في نسخة عطفه بالواو وله وجه. قوله:(جمع شحيح) على غير القياس إذ قياس فعيل الوصف المضاعف عينه ولامه أن يجمع على أفعلاء كضنين وأضناء وقد سمع أشحاء أيضاً، وقوله ونصبها أي أشحة وفيه وجوه أن ينصب بمقدّر على الذمّ أو على الحال من فاعل يأتون أو من ضمير هلم إلينا أو يعوّقون مضمرا أو من المعوّقين أو القائلين ورد هذان بأن فيهما الفصل بين أبعاض الصلة، وفيه كما قيل إن الفاصل من متعلقات الصلة وإنما يظهر الردّ على كونه من المعوّقين لأنه عطف على الموصول قبل تمام صلته، وقرأ ابن أبي عبلة أشحة بالرفع على أنه خبر مبتدأ مقدّر أي هم أشحة. قوله:(في أحداقهم) وفي نسخة باحداقهم والحدقة سواد العين فإن كانت الأحداق بفتح الهمزة جمع حدفة فالنسخة الثانية ظاهرة لأن الباء للتعدية والمعنى تدير أعينهم أحداقهم أو للمصاحبة، وأما الأولى وهي المشهورة فقد أورد عليها أن الأحداق في العيون لا العكس والقلب غير مناسب هنا، ولذا قيل إنه تحريف والعبارة كانت أي التفسيرية على أنه تفسير للعين بالحدقة، ولو قرئ الأحداق بكسر الهمزة مصدر أحدق إليه إذا أحدّ النظر لم يرد عليه شيء لكن المشهور المتحديق حتى قال المطرزيّ قال الحجاح وقد ارتج عليه قد هالني كثرة رؤسكم وإحداقكم إليّ بأعينكم والصواب تحديقكم إليّ، وقال ابن الجوزي في غلطاته إنها عامية، وفي نظر لأن الحجاج فصيح يستدل بكلامه، وقد ذكر الأحداق الراغب وصاحب القاموس مع أنه يكفي لمثله تداوله في الاستعمال. قوله:(كنظر المغشي عليه الخ) يعني أن قوله كالذي الخ صفة مصدر مع تقدير مضاف أو مضافين بعد الكاف أي نظروك نظراً
كنظر الذي يغشى عليه أو دوراناً كدوران عين الذي يغشى عليه، وقدم الأوّل لموافقته لما صرّح به في سورة القتال، وقوله أو مشبهين به أي هو حال من ضميرهم وما بعده على أنها حال من الأعين، وقوله من معالجة سكرات الموت تفسير لقوله من الموت على أنه أطلق على مفدّماته أو إشارة إلى تقديره في النظم. قوله:(خوفاً ولو أذابك) تعليل لقوله ينظرون أو تدوروا اللواذ إلا لنجاء ومنه الملاذ للملجا، وقوله ضربوكم أصل السلق بسط العضو ومده للقهر سواء كان يداً أو لساناً كما قاله الراغب فسلق اليد بالضرب وسلق اللسان بإعلان الطعن والذمّ، ولذا قيل للخطيب مسلاق فتفسيره بالضرب مجاز كما يقال للذمّ طعن، والحامل عليه توصيف الألسنة بقوله حداد، ويجوز أن يشبه اللسان بالسيف على طريق الاستعارة المكنية، ويثبت له الضرب تخييلاً وذربة بفتح فكسر للراء المخففة، ثم موحدة بمعنى محدّدة مسنونة، وقوله يطلبون الغنيمة تفسير للمراد من قوله سلقوكم وقوله على الحال أي من فاعل سلقوكم، وقوله ويؤيده أي الذمّ لأنه خبر مبتدأ والجملة مستأنفة لا حالية كما هو كذلك على الذمّ وقوله مقيد من وجه يعني أنّ تغاير القيدين جعلهما متغايرين، وفي نسخة مفيد بالفاء والمعنى واحد. قوله:(إخلاصاً) فسره به لأنهم منافقون باطناً مؤمنون ظاهرا، وقوله فأظهر بطلانها لأنها باطلة قبل ذلك إذ صحتها مشروطة بالإيمان وهم مبطنون الكفر فقوله إذ لم تثبمض لهم أعمال مبالغة في عدم الاعتداد بها لكونها هباء منثورا ويصح أن يقرأ مجهولاً من أثبته أي لم يكتب لهم أعمال عند الله لأنها غير مقبولة والفاء لا تأباه وإنما لم يفسره به على الأوّل لأنّ هذا أبلغ، وقوله أو أبطل الخ فالأعمال ما عملوه نفاقاً وتصنعاً وإن لم يكن عبادة والمقصود من قوله وكان ذلك على الله يسيرا التهديد والتخويف. قوله:(وقد انهزموا) حال من ضمير ينهزموا، وقوله ففروا معطوف على قوله يظنون أي يحسبون، وقد تبع فيه الزمخشريّ وفيه إشارة إلى أنّ في النظم مقدرا وهو قوله ففروا وقد ردّه الطيبي رحمه الله بأنه لم ينقل فرار أحد منهم في السير ولا في التفاسير فإمّا أن يكون ظفر برواية فيه أو أخذه من النظم كقوله والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا لدلالته على أنهم خارجون عن معسكره عليه الصلاة والسلام لحثهم لإخوانهم على اللحاق بهم، وقوله ولو
كانوا فيكم الخ، وقوله:{يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا} [سورة الأحزاب،
الآية: 20] فإنه صريح في مفارقتهم للمؤمنين إلا أن يؤوّل قوله هلمّ إلينا بإلى رأينا أو مكاننا الذي في طرف لا يصل إليه السهم، وأن يكون حسبانهم ليلاً أو لدهشتهم أو لظن حيلة منهم ونحوه، وقوله لو كانوا فيكم على تحاد المكان ولو في الخندق أو يرأد بالمعوّقين قوم قعدوا بالمدينة ولم يخرجوا إلى الخندق، وفسر يحسبون بيظنون وهو المشهور ومنهم من فرق بين الظن، والحسبان وقد مرّ.
قوله: (تمنوا) يحتمل أنه معنى يودّوا ويحتمل أنه معنى لو لأنه قيل إنها للتمني وان ورد
على الأوّل وقوع خبر أنّ يعد لو غير فعل، وعلى الثاني إنه يتكرّر مع يودّ وجوابه وتفصيله مبين في العربية، وقوله يسألون حال من ضمير بادون، وقوله هذه الكرّة أي المفروضة بقوله وإن يأت الأحزاب أو الكرّة الأولى السابقة ويؤيده قوله ولم يرجعوا إلى المدينة فمعنى وكان قتال أي محاربة بالسيوف ومبارزة الصفوف. قوله:(خصلة حسنة الخ) يؤتسى بمعنى يقتدي، وقوله أو هو في نفسخ الخ فهو على هذا تجريد كلقيت منه أسدا والتجريد كما يكون بمعنى من يكون بمعنى في كقوله:
وفي الله لم يعدلوا حكم عدل
ومعناه أن ينتزع من ذي صفة آخر مثله فيها مبالغة في الاتصاف، وكذا المثال الذي ذكره، والمراد بالبيضة بيضة الحديد وهي الكرة أوما يوضع على الرأس وهو المغفر والمن بتشديد النون وزن معروف وحديد بدل منه وفي نسخة منا بالقصر والتخفيف والإضافة وهو لغة فيه بمعنى المن أيضا وليست في فيه زائدة كما توهم. قوله:(أي ثواب الله الخ) إشارة إلى تقدير مضاف فيه لأنّ الرجاء يتعلق بالمعاني والرجاء في هذا بمعنى الأمل، واليوم الآخر يوم القيامة وقوله أو أيام الله بتقدير أيام بقرينة المعطوف، وأيام الله وقائعه فإنّ اليوم يطلق على ما يقع فيه من الحروب والحوادث واشتهر في هذا حتى صار بمنزلة الحقيقة وقوله خصوصاً إشارة إلى أنه من عطف الخاص على العامّ لأن اليوم الآخر من أيام الله إن لم يخص بما في الدنيا ويراد باليوم الآخر يوم القيامة، والرجاء على هذا بمعنى الخوف أو بمعنى الأمل إن أريد ما فيها من النصر والثواب. قوله:(هو كقولك أرجو رّيدا وفضله) وأعجبني زيد وكرمه مما يكون ذكر
المعطوف عليه توطئة للمعطوف، وهو المقصود وفيه من الحسن والبلاغة ما ليس في قولك أعجبني زيد كرمه على البدلية، ولما كان هذا إذا كان المعطوف صفة للأوّل أو بمنزلتها في التعلق به وهذا بحسب الظاهر ليس كذلك أشار إلى الجواب عنه بقوله فانّ اليوم الآخر الخ يعني أنه في معنى يوم الله لشدّة اختصاص ذلك اليوم به من بين أيامه بحسب نفوذ حكمه فيه ظاهراً وباطنا من غير احتمال أن يكون لغيره فيه حكم كما في قوله:{لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [سورة غافر، الآية: 6 ا] فتعلقه به لشدة ظهوره مغن عن إضافته لضميره على ما عرف في أشباهه من هذا الباب، وفي نسخة داخل فيها أي في جملة أيامه فهذا مغن أيضا عن إضافته لضميره فإنه غير لازم فيه. قوله:(والرجاء الخ) أي فيحمل على كل فيما يناسبه كما مرّ أو عليهما معا إذا احتمل المقام لأنّ المصنف رحمه الله شافعيّ قائل باستعمال اللفظ المشترك في معنييه أو في حقيقته ومجازه معاً. قوله: (صلة لحسنة) أي متعلق بها أو صفة لها لوقوعه بعد النكرة، وقوله وقيل بدل مرضه لقوله واكثر الخ يعني أن تجويزه مخصوص بضمير الغائب كما صرّحوا به وببدل الكل ففي كلامه تسامح، وقد أجازه الكوفيون والأخفش وقد قيل إنه بدل بعض على أنّ الخطاب عامّ ويحتاج إلى تقدير منكم وهو مخالف للظاهر من أنّ المخاطبين هنا المخاطبون قبله بأنبائكم ونحوه وهم خلص المؤمنين وهذا بناء على أنّ المبدل منه الضمير والمبدل من وأعيد العامل للتأكيد كما مرّ تفصيله فما قيل عليه من أنه بإعادة الجار وعدم جوازه غير مصرّج به غير وارد عليه وهذا مخالف لقوله في سورة الممتحنة. قوله:(أبدل قوله لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} [سورة الممتحنة] من لكم لمزيد الحث على التأسي لكنه جرى هنا على قول وثمة على آخر. قوله: (وقرن بالرجاء الخ) المقارنة من الواو لأنها للجمع المطلق، وتوله فانّ المؤتسى أي المقتدى تعليل لا يراد الرجاء والذكر هنا فالمعنى حصل لكم أسوة به صلى الله عليه وسلم ولا ينافيه قوله من حقها ثمة كما لا يخفى مع أنّ المراد ياتسي بها كل أحد فتأمّل. قوله تعالى:( {قَالُوا هَذَا} ) أي الخطب أو البلاء وما موصولة عائدها محذوف، وهو المفعول الثاني لوعد أي وعدناه أو مصدرية، وقوله:{أَمْ حَسِبْتُمْ} [سورة البفرة، الآية: 214] الآية مرّ تفسيرها في أواخر البقرة وقوله إنهم أي
الأحزاب وهذا لم يوجد في كتب الحديث كما ذكر. ابن حجر، وقوله تسع أو عشر أي تسع ليال من غرّة الشهر أو من وقت إخباره صلى الله عليه وسلم وهذا من الحديث ويحتمل أنه من كلام الراوي، وقوله بكسر الراء أراد إمالتها نحو الكسرة فتسمح والمراد بفتح
الهمزة عدم إمالتها وقد روي إمالتهما وامالة الهمزة دون الراء على تفصيل فيه في النشر فلينظر فيه، وفي راويه. قوله:(وظهر صدق خبر الله الخ) إنما أوّله بالظهور لأنّ صدقهما محقق قبل ذلك والمترتب على رؤية الأحزاب ظهوره سواء عطفت الجملة على مقول القول أو على صلة الموصول أو جعلت حالاً بتقدير قد، وقوله واظهار الاسم أي الله ورسوله مع سبقهما لما ذكر ولأنه لو أضمر قيل وصدقا والجمع بين الله وغيره في ضمير واحد الأولى تركه، ولو قيل صدق هو ورسوله بقي الإظهار في مقام الإضمار فلا يندفع السؤال كما قيل، وقد مرّ تفصيله وماله وعليه في الكهف. قوله:(فيه ضمير لما رأوا) أي في زادهم ضمير مستتر يعود لما رأوا المفهوم من قوله: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ} الخ وما تحتمل الموصولية أو المصدوية، ولم يذكر مصدر رأي المفهوم منه إشارة إلى وجه تذكيره وأما تذكير اسم الإشارة فلتذكير خبره ويجوز رجوعه إلى الوعد، والخطب والبلاء مفهومان من السياق أو الإشارة. قوله:(من الثبات الخ) خص ما ذكر لأنه المقصود هنا بقرينة ما ورد في سبب النزول فلا يقال عليه الظاهر التعميم، ولو عمم لصح ويدخل فيه ما ذكر دخولاً أوليا، وقوله فإنّ المعاهد الخ إشارة إلى ما فصله الزمخشريّ، من أنّ تعديه إلى ما عاهدوا إمّا على نزع الخافض، وهو في والمفعول محذوف والأصل صدقوا الله فيما عاهدوه أو يجعل ما عاهدوا عليه بمنزلة شخص معاهد على طريق الاستعارة المكنية، وجعله مصدورا يحتفل أو على الإسناد المجازيّ. قوله:(نذره) أصل معنى النحب النذر وقضاؤه الوفاء به، وقد كان رجال من الصحابة رضي الله عنهم نذروا أنهم إذا شهدوا معه صلى الله عليه وسلم حربا قاتلوا حتى يستشهدوا وقد استعير قضاء النحب للموت لأنه لكونه لا بدّ منه مشبه بالنذر الذي يجب الوفاء به، فيجوز أن يكون هنا حقيقة واستعارة مع المشاكلة فيه، وقوله في رقبة كل حيوان مبالغة في لزوم الوفاء بالنذر، ولو كان الناذر ليس بإنسان والا كان
الظاهر كل إنسان. قوله: (استعير للموت) ظاهره أنّ النحب وحده مستعار استعارة تصريحية فيكون القضاء ترشيحاً وهو محتمل للتمثيل فإن أراد استعارته بعد هذا أو في هذا المحل فظاهر وإن أراد استعارته هنا فقد أورد عليه أمور منها أنه فسر المعاهد عليه، وهو المنذور بالثبات والمقاتلة وهذا يخالفه ومنها أنه إذا صح الحمل على الحقيقة لا يتأتى المجاز ومنها أنّ قوله ومنهم من ينتظر لا يلائم تفسيره، فإنهم وفوا نذرهم بالثبات، والجواب عنه أن يحمل قولهم في النذر بالقتال حتى يستشهدوا على الثبات التامّ لأنّ الشهادة ليست في أيديهم والموت لا يصح نذره، وهذا المجاز مجاز مشهور فيجوز الحمل عليه، وإن أمكنه الحقيقة بل ربما يرجح عليها وإنّ قوله ومنهم من ينتظر بالنظر إلى حرب آخر أو إلى من لم يشهد الحرب منهم. قوله:(شيئاً من التبديل) إشارة إلى أنّ المصدر صرّح به ليفيد العموم، وقوله روي أنّ طلحة الخ هو حديث صحيح رواه الترمذيّ وغيره عن الزبير رضي الله عنه مرفوعاً، وقوله أوجب طلحة أي استحق الجنة استحقاقا كالواجب على الله بمقتضى وعده وفضله وأصله أوجب الجنة لنفسه على الله، وفي النهاية يقال أوجب الرجل إذا فعل فعلاً وجبت له به الجنة. قوله:(وفيه تعريض الخ) يعني أنه كناية تعريضية تفهم من تخصيصهم به أي ما بدلوا كغيرهم من المنافقين والمراد بالتبديل نقض المعهد، وقوله بالتبديل متعلق بالتعريض. قوله:(تعليل للمنطوق والمعرضر به) لما جعل قوله وما بدلوا الخ تعريضاً للمبدلين من أهل النفاق صار المعنى وما بدلوا كما يدل المنافقون فقوله ليجزي، ويعذب متعلق بالمنفيّ والمثبت على اللف والنشر التقديريّ، وجعل تبديلهم علة للتعذيب على المجاز لكن التعليل في المنطوق ظاهر وهو على الحقيقة، وأمّا في المعرّض به فلتشبيه المنافقين بالقاصدين لعاقبة السوء على نهج الاستعارة المكنية كما أشار إليه
بقوله وكأنّ الخ والقرينة إثبات معنى لتعلل فهي على الحقيقة لا جمع بين الحقيقة والمجاز عند غير السكاكي كما قيل فتأمّل قيل ولا يبعد جعل ليجزي، الخ تعليلا للمنطوق المقيد بالمعرض به كأنه قيل ما بدلوا كغيرهم
ليجزيهم بصدقهم ويعذب غيرهم إن لم يتب وأنه يظهر بحسن صنيعهم قبح غيره:
وبضدّها تتبين الأشياء
فلا حاجة إلى ارتكاب التجوّز كما ارتكبه المصنف أو الحذف كما ارتكبه القائل إنه فذلكة مستأنفة لبيان الداعي لوقوع ما حكى من الأحوال والأقوال تفصيلَا، وغاية له كأنه قيل وقع ما وقع ليجزي الصادقين بصدقهم والوفاء قولاً وفعلَا، وليعذب المنافقين بما صدر عنهم من الأعمال والأحوال المحكية الخ، وقوله قولاً وفعلا نشر للصدق والوفاء فالوفاء في الفعل كالصدق في القول ففي قوله بصدقهم اكتفاء، ولم يقل في المنافقين بنفاقهم لقوله أو يتوب الخ فإنه يستدعي فعلاً خاصاً بهم، ولم يقل ليثيب كمقابله إشارة إلى أنّ الثواب مقصود بالذات، والعذاب بالعرض وهو السرّ في تخصيص! المشبه بجانب التعذيب. قوله:(والتوبة عليهم الخ) يعني أنّ التوبة المسندة إليه تعالى بمعنى قبول توبة العباد إن تابوا، وحذف الشرط لظهور استلزام المذكور له فتكون متأخرة عن توبتهم، أو هي مجاز عن توفيقهم للتوبة فتكون متقدمة وكلا المعنيين وارد كما في القاموص، وقوله يعني الأحزاب من المشركين واليهود ولا يأباه كون مساكن اليهود حول المدينة كما توهم لردّهم من محل تحزبهم إلى مساكنهم، وقوله مغيظين وفي نسخة متغيظين وهو إشارة إلى أنّ الجار والمجرور حال والباء فيه للمصاحبة. قوله:(بتداخل) بأن تكون الجملة حالاً من ضمير غيظهم والتعاقب على أنهما حالان من ضمير كفروا وقد جوّز في هذه الجملة أن تكون مستأنفة لبيان سبب غيظهم أو بدلاً وهو مراد الزمخشريّ بالبيان كما صرّحوا به نلا نظر فيه، وقوله وكفى الله الخ في المغني كفى بمعنى اكتف فتزاد الباء في فاعله نحو كفى بالله شهيدا وبمعنى أغنى فيتعدى لواحد كقوله قليل منك يكفيني، وزيادة الباء في مفعوله قليل ككفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع وبمعنى وقي فيتعدى لاثنين كقوله:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ} [سورة البقرة، الآية: 137] ومنه هذه الآية وتفسيرها بأغنى على الحذف والإيصال لا وجه له. قوله: (ما يتحصن به) يعني القلاع والحصون ويقال بمعنى وتفسيرها بأغنى على الحذف والإيصال لا وجه له. قوله. (ما ينحصن به) يعني القلاع
والحصون ويقال بمعنى يطلق على ما حمر لكونها مما يحتمى به ويمتنع وشوكة الديك ما في رجله كالمخلب، وقوله قرئ بالضم أي ضمّ العين اتباعاً وهي مروية عن ابن عامر رحمه الله والكسائيّ، وأمّ ضمّ سين تأسرون فعن أبي حيوة وهي شاذة والمتواتر فيها الكسر. قوله تعالى:( {فَرِيقاً تَقْتُلُونَ} الخ) جملة مستأنفة، وغير نظمها لما فيه من شبه الجمع والتفريق البديعي، وما قيل إنه للدلالة على الانحصار في االفريقين فيه نظر، وقوله:" صبيحة الليلة " صريح في وقوع غزوة بني قريظة والخندق في منة واحدة لكن النووي قال إنّ الأولى في الخامسة والثانية في الرابعة وما ذكره المصنف رحمه الله موافق لما ني صحيح البخاريّ، ولأمتك بالهمزة بعد اللام وتبدل الفاء بمعنى درعك ونزعها ترك لبسها، وقوله جهدهم الحصار رأى شق عليهم المحاصرة، وقوله تنزلون على حكمي أي تنزلون من الحصن وأنتم راضون بحكمي، وقوله فرضوا به أي بحكم سعد رضي الله عته، وتكبيره صلى الله عليه وسلم فرحا وتعجباً من موافقة حكمه لما حكم به الله، وقد كان أعلمه جبريل عليه الصلاة والسلام به كما ذكره في الكشاف، وقوله سبعة أرقعة جمع رقيع وهي السماء مطلقاً أو سماء الدنيا والمراد سبع سموات حقيقة أو تغليباً، وقوله سبعة لتأويل السماء بالسقف وكون حكم الله من فوقها إما باعتبار اللوح المحفوظ كما قيل أو باعتبار نزول الملائكة بالوحي منه. قوله:(فتكلم فيه الأنصار) أي طلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يشركهم معهم، وقوله فقال:" إنكم في منازلكم " أي أنتم الآن في دياركم غير محتاجين لهذا كالمهاجرين فإنهم غرباء وليس معناه إنكم ما حضرتم الوقعة والغنيمة لمن شهدها كما توهم،
وقد كان ذلك فيئاً غنيمة فمحله أهل الحاجة، وقوله طعمة بضم فسكون أي هو رزق خاص به صلى الله عليه وسلم لأنه صفيّ أو فيء فلذا لم يعط منه الأنصار، وقوله وقيل خيبر قيل إنه أنسب وقوله وقيل كل أرض تفتح الخ فالخطاب لا يخص بالحاضرين. قوله: إ فتعالين) أصل تعال أمر بالصعود لمكان عال، ثم غلب في الأمر بالمجيء مطلقا والمراد به هنا الإرادة وذكر زينة الدنيا تخصيص بعد تعميم، وقوله أعطيكن المتعة الخ المتعة ما يعطى للمطلقة من درع وخمار وملحقة على حسب السعة والإقتار وتفصيله في الفروع، وقوله طلاقا من غير ضرار تفسير للتسريح الجميل، وهو في الأصل
مطلق الإرسال، ثم كني به عن الطلاق فموجبه كالتخيير البينونة لأنه حكم الكناية عندنا، وعند الشافعيّ كما ذكره المصنف الطلاق، ولو كان رجعيا وقد اتفق المفسررن هنا على تفسيره به، والبدعة بمعنى الطلاق البدعي المعروف عند الفقهاء، وقوله لا يحل لك النساء أي الزيادة على عدتهن بعدما كان مرخصا له فيه إحسانا من الله لما اخترن رسوله صلى الله عليه وسلم. قوله:(يدل على أن المخيرة الخ) يعني أنّ التعليق للتسريح بمعنى الطلاق بإرادتهن للدنيا وزينتها الواقع في مقابلة إرادة الرسول صلى الله عليه وسلم دل على أنه مع الإرادة الثانية لا يقع الطلاق، والا لم يقع القسم موقعه كما لا يخفى وما ذكره المصنف مبني على مذهبه من أنه طلاق رجعي كما في شرح الرافعيّ، فما قيل من إنه دليل على أنه لا تقع البينونة وأما إنه لا يقع الطلاق أصلاً فلا دلالة له عليه إلزام له بما لا يلتزمه وكأنه غفلة عن مذهبه نعم هو عندنا يدل على نفي البينونة، ونفي الرجعة معلوم من شيء آخر مثبت عندنا وبدؤه كح! بعائشة رضي الله عنها لأنها أحب إليه وأكمل عقلاً (بقي هنا بحث) أورده بعض المتأخرين على استدلال فقهاء المذاهب على هذه المسألة بهذه الآية، وهو أنّ تخييره صلى الله عليه وسلم لم يكن من التخيير الذي الكلام فيه، وهو أن توقم الطلاق على نفسها بل على إنها إن اختارت نفسها طلقها صلى الله عليه وسلم لقوله:" أسرّحكن " ففي الاستدلال بها وفيما ذكر من النقل نظر، والذي خطر ببالي إذ رأيت كبار أرباب المذاهب استدلوا بهذه الآية على ما ذكر أنه ليس مرادهم أنّ ما فيها هو المسألة المذكورة في الفروع إذ ليس في الآية
ج 7 / م اسلأ
ذكر الاختيار المضاف لنفسها بل المراد أنه إذا كانت الإرادة المخير فيها هنا للطلاق وعدمه كما شهدت به الآثار لا للدنيا والآخرة كما فسره به بعض السلف لزم ما ذكر لأنّ القائل بأنّ اختيارها لزوجها طلاق جعل قوله اختاري كناية وقع بها لطلاق، وقوله أسرّحكن أي أطلقكن المرتب على اختيار غيره إمّا أن يراد به طلاق باختيار غيه كنفسها فتخصيصه به يقتضي أنه لا يقع باختيار. فإن أريد به طلاق أوقع بعده لأنه لم يقع به اقتضى ما ذكرناه بالطريق الأولى فتأمّل. قوله:(خلافاً لزيد الخ) فإنّ قوله اختاري كناية عندهم عن الطلاق فيقع، وان اختارت الزوج وقوله وتقديم التمتيع أي مع أنه يكون بعد الطلاق لتسببه عنه ليذكر إعطاء لهن قبل الطلاق الموحش لهن، ولأنه مناسب لما قبله من الدنيا، وقوله وقيل لأنّ الفرقة الخ يعني أن قوله إن كنتن تردن الحياة الدنيا هو الذي علق عليه الطلاق كأنه قيل إن اخترتن الدنيا فأنتن طوالق كما إذا علق الطلاق على الاختيار بقوله إن اخترت نفسك فأنت طالق فإرادة الدنيا لكونه المعلق عليه بمنزلة الطلاق وذكر المتعة في محله والسراج ليس بمعنى الطلاق بل الإخراح من البيوت بعده وهذا أيضا مما فسرت به الآية كما ذكره الرازي في الأحكام وقوله فإنه أي الاختيار، وفي نسخة فإنها أي الفرقة تعليل لكون الاختيار كالطلاق المعلق، وقوله واختلف في وجوبه أي المتعة وذكره لتأويله بما يعطي ونحوه كالتمتيع وليس في النظم ما يدل على وجوبه كما تمسك به القائل بالوجوب وهي عندنا مستحبة للمدخول بها واجبة في غيرها على تفصيل فيه كما عرف في الفروع وتنكير أجراً للتكثير لا للتعظيم لإفادة الوصل له ودونه بمعنى عنده، وقوله ومن للتبيين قيل ويجوز فيه التبعيض على أنّ المحسنات المختارات لله ورسوله وغنى واختيار الجميع لم يعلم وقت النزول، وهو بعيد. قوله:(ظاهر قبحها) تفسير له على فتح الياء وقد تقدم تفسيره في سورة النساء، وقوله فضل المذنب وهن أفضل من غيرهن والنعمة عليهن برسول
الله صلى الله عليه وسلم في الدارين من أعظم النعم، وقوله لا يمنعه عن التضعيف الخ لأنّ عدّه يسيرا عليه تهديد كما مرّ قريبا، وقوله من يدم على الطاعة لأنّ أحد معاني القنوت الدوام على الطاعة، وله معان عشرة ليس هذا محلها. قوله:(ولعل ذكر الله للتعظيم لقوله الخ) أي لأنّ قوله وتعمل الخ مدلوله طاعة الله والأصل في العطف المغايرة فذكر الله إنما هو لتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بجعل طاعته غير منفكة عن طاعة الله، وفي بعض النسخ أو لقوله وهو من زيادة الناسخ إذ لا معنى لها ولو فسر القنوت بالخشوع خلا من التكرار أيضاً، وقوله أيضا أي كما قرأ به يقنت وقوله ويؤتها أي قرئ يؤتها بالياء التحتية على أنّ فيه ضميراً مستترا لله، وقوله زيادة على أجرها الذي كان مرّتين
وهذا تفسير لكريماً لأنّ معناه الكثير الخير والنفع. قوله: (أصل أحد وحد بمعنى الواخد ثم وضع في النفي العام الخ) قيل عليه الموضوع في النفي العام همزته أصلية غير منقلبة عن الواو كما نص عليه النحاة، وأجيب بأنّ المذكور في النحو إنّ ما همزته أصلية يختص بالنفي ولا يمنعون اسنعمال ما همزته واو في النفي أيضاً وتعقب بأنّ السؤال عن وجه جعل همزته منقلبة باق مع أنّ الذي همزته غير منقلبة هو المختص بالعقلاء، والمشهور باستواء الواحد والكثير فيه وهو أنسب هنا على ما ذكره من المعنى، وقيل أيضا كيف يتأتى الجواب المذكور أوّلاً وهو معنى آخر إلا أن يستعمل لمعنى آخر غير النفي العام، وقد قاك أبو علي همزة أحد المستعمل في النفي للاستغراق أصلية لا بدل من الواو فالأولى أن يقال هـ، ذكر قول لبعض النحاة، وقد قال الرضى إنّ همزته في كل مكان بدل من الواو وكل هذا لاث. ي الغليل كما قاله القرافي في كتابه المسمى بالعقد المنظوم في ألفاظ العموم يستشكلون هذا بأن اللفظين صورتهما واحدة ومعنى الوحدة يتناولهما والواو فيها أصلية فيلزم قطعا انقلاب ألفه عنها وجعل أحدهما منقلبا دون الآخر تحكم، وقد أشكل هذا على كثير من الفضلاء حتى أطلعني الله على جوابه، وهو أنّ أحداً الذي لا يستعمل إلا في النفي معناه إنسان بإجماع أهل اللغة وأحد الذي يستعمل في الإثبات معناه الفرد من العدد فإذا تغاير مسماهما تغاير اشتقاقهما لأنه لا بد فيه من المناسبة بين اللفظ، والمعنى ولا يكفي فيه أحدهما فإذا كان المقصود به الإنسان فهو الذي لا يستعمل إلا في النفي وهمزته أصلية وان قصد به العدد ونصف الاثنين فهو الصالح للإثبات والنفي وألفه منقلبة عن واو اهـ، إذا عرفت هذا فما وقع للمصنف تبعاً للزمخشري هنا ليس كما ينبغي فإنه على تسليم الفرق المذكور ينبغي أن تكون الهمزة هنا أصلية كما قاله أبو حيان رحمه الله
وجواب الطيبي لا يجدي نفعا وكل ما ذكر بعده خبط عشواء فتأمّل. قوله: (والمعنى لستن كجماعة واحدة الخ) في الانتصاف أراد المطابقة بين المتفاضلين فإنّ نساء النبي جماعة ولو حمل على الواحدة كان أبلغ أي ليست واحدة منكن كواحدة من آحاد النساء فيلزم تفضيل الجماعة على الجماعة دون عكس، ورد بأنه لا شك أن اسم ليس ضمير الجماعة وقد حمل عليه كأحد وبين بقوله من النساء وتعريفه للجنس فيجب حمل أحد بمقتضى السياق على الجماعة كقوله فما منكم من أحد عنه حاجزين، ولو حمل على الواحد لزم التفضيل بحسب الوحدات ويرجع المعنى إلى تفضيل كلهن على واحدة واحدة من النساء ولا ارتياب في بطلانه أمّا تأويله بليست واحدة منكن فخلاف الظاهر وأمّا قوله يلزم الخ فجوابه أنّ تفضيل كل واحدة منهن يعلم من دليل آخر كقوله:{وأزّواجه أمّهاتكم} [سورة الأحزاب، الآية: 60] ونحوه فما قيل على هذا يكون الأحد بمعنى الواحد لا موضوعا في النفي العام، والأولى أن يفسر بجماعة واحدة كانت أو أكثر ليعمّ النفي، ويناسب مقام تفضيلهن، ثم هذا يفيد بحسب عرف الاستعمال تفضيل كل منها على سائر النساء لأنّ فضلها يكون عالياً لفضل كل منها فلا حاجة إلى تقدير ليست إحداكن كامرأة لأنه خلاف الظاهر، أو يقال المقصود تفضيل الجماعة لا كل منها إذ لا شك أنّ بعضهن ليست بأفضل من فاطمة رضي الله عنها فليس التقدير أولى كما توهم، اهـ ليس بصحيح أوّله لأنه شامل للقليل والكثير فلا يكون بمعنى الواحد نعم ما ذكره بعده كلام حسن فتأمّله، وقد اغتر بعضهم بما في الانتصاف فقال ما قال. قوله: (مخالفة حكم الله ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أنه من التقوى بمعناها المعروف في لسان الشرع وجعله بمعنى استقبلتن الرجال، وان كان صحيحاً لغة وقد ورد بمعنى الاستقبال في القرآن كثيراً كقوله:{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ} [سورة الزمر، الآية: 24] كما أشار إليه الراغب لا يتأتى هنا لأنه لا يستعمل في مثله إلا مع المتعلق الذي يحصل به الوقاية كقوله بوجهه في الآية وباليد في قول النابغة: فتناولته واتقينا باليد
ليكون قرينة على إرادة غير المعنى الشرعي، فالقول بأنه غير معروف في اللغة فلا يناسب الفصاحة خطأ، وأمّا تمسك من فسره به هنا بأنه أبلغ في المدح لأنهن متقيات فليس بشيء لأن المراد دوامهن على التقوى مع أنّ المقصود به التهييج بجعل طلب الدنيا، والميل إلى ما تميل إليه النساء لبعده من مقامهن بمنزلة الخروج من التقوى. قوله: (مثل قول المريبات (أي الموقعات في الريب في طهارتهن، وهذا هو الصحيح ووقع في بعض النسخ المزينات أي الزانيات
بالمعجمة والأولى أولى، وقوله فجور أي نية فجور واضماره، وقوله عقيب نهيهن
مأخوذ من الفاء وهو إشارة إلى أنه لتعقيب النهي لا المنهي، والعين على قراءة الجزم مكسورة لالتقاء الساكنين، وقوله بعيدا عن الريبة تفسير لقوله حسناً.
قوله: (من وقر يقر وقارا) إذا سكن، وقيل إنه من وقرت أوقر وقراً إذا جلست كذا في مفردات الراغب والمعنى عليهما لا تخرجن من البيوت، ولا تتبرجن وأصله أو قرن ولا خلط في كلامه كما توهم. قوله:(أو من قر يقرّ المضاعف (وهو من باب ضرب وعلى ما بعده من باب علم وعلى الأخير هو أجوف ومعنى قار اجتمع ومته القارة اسم قبيلة وهو على قراءة الفتح كخفن، ومعناه أجمعن أنفسكن في البيوت وحذف الأولى من الراءين، وقيل المحذوف الثانية إمّا ابتداء لكراهة التضعيف أو بعد قلبها ياء، ونقل الكسرة إلى ما قبلها. قوله: (ويؤيده الخ (إذ لا يحتمل المعتل حينئذ لكنه قيل عليه انّ مجيئه من باب علم لغة قليلة أنكرها المازني، وأمّا كون التضعيف لا يجوّز الحذف بدون الكسر فقياس الزمخشري له على ظل غير سديد فغير مسلم. قوله: (ولا تتبختزن) هو منقول عن قتادة ومجاهد وقد فسر أيضا بلا تظهرن الزينة وتقدم تفصيله، وقوله مثل تبرج النساء الخ إشارة إلى أنّ المصدر تشبيهيّ مثل له صوت صوت حمار، وبيان لحاصل المعنى، وقيل إنه لبيان أنّ فيه إضمار مضافين أي تبرح نساء أيام الجاهلية، وأن إضافة النساء على معنى في، وقوله وقيل الخ عطفه لأنّ ما قبله تفسير لها بالقديمة مطلقا من غير تعيين كما في هذا فلا يقال إنّ الظاهر ترك الواو، وما بين آدم ونوح عليهما الصلاة والسلام قيل إنه ثمانمائة سنة والنساء فيه قباج والرجال حسان فلذا كانت تدعوهن لأنفسهن، وقوله كانت المرأة هو على الأخير كما في الكشاف لا عليهما كما قيل. قوله:(جاهلية الكفر) هي ما كان قبل ظهور الإسلام من التكبر والتجبر والتفاخر بالدنيا، وكثرة البغايا وقوله ويعضده أي يقوّي إطلاقه على الفسق في الإسلام، والمعنى نهيهن عن التشبه بأهل جاهلية الكفر وقوله لأبي
الدرداء تبع فيه الزمخشريّ، وهو غلط كما قاله العراقي وغيره وإنما هو أبو ذرّ رضي الله عنهما كما في الصحيحين وليس في الحديث جاهلية الكفر، وكان شاتم رجلاً أمّه أعجمية فعيره بها فشكاه للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى:{أَقِمْنَ الصَّلَاةَ} [سورة الأحزاب، الآية: 33] الخ خصهما لأنهما أساس العبادات البدنية والمالية كما مرّ. قوله: (الذنب المدنس لعرضكم) إشارة إلى أنّ أصل الرجس ما يدنس من المستقدرات استعير للإثم كما استعير الطهر لضده، ولذا يقال هو نقي العرض كما سيأتي، وقوله وهو تعليل الخ أي جملة مستأنفة في جواب سؤال مقدر فيفيد التعليل، وقوله ولذلك أي ولكون المقصود تعليل أمره ونهيه بإرادة تطهيرهم من الذنوب عمم الحكم بقوله أطعن الرسول على ما فسره به بعد تخصيصه بالصلاة والزكاة فيقتضي الطهارة التامّة ليطابق التعليل المعلل، أو عمم الحكم بقوله اطعن الرسول على ما فسره به بعد تخصيصه بالصلاة والزكاة فيقتضي الطهارة التامّة ليطابق التعليل المعلل، أو عمم الحكم المذكور في التعليل لغيرهن فقيل أهل البيت، وأتى بضمير الذكور تغليباً ليشمل الرجال والنساء لوجود العلة فيهم، وقوله نصب على المدح فيقدر أمدح أو أعني وأمّا نصبه على الاختصاص فضعيف لقلة وقوعه بعد ضمير المخاطب كما قاله ابن هشام، وقوله واستعارة الخ تقدم بيانه، وقوله والترشيح لمناسبة الطهارة له وهو ظاهر، وما قيل الملائم للمشبه به النجس سهو ويصمح أن يكون مستعارا لصونهم أيضا. قوله:(لما روي الخ) الحديث صحيح لكنه لا يدل على ما
ذكره كما سيأتي، والمرط بكسر فسكون الإزار والمرحل بالإهمال كمعظم برد فيه تصاوير رحال وتفسير الجوهري له بازار خزفية علم غير جيد إنما ذلك تفسير المرجل بالجيم كما في القاموس، والواقع في الحديث بالحاء المهملة كما ضبطه النووي رحمه الله ونقله عن الجمهور والاسندلال به على عصتهم لتطهيرهم من الذنوب ليس بصحيح لأنه يجوز كونه بالعفو عنها بل هو أظهر لاقتضاء التطهير وقوع المطهر عته، وكون إجماعهم حجة مبني على العصمة من الكذب، وقوله لا يناسب ما قبل الخ أي من ذكر أزواجه. قوله:(الجامع بين الأمرين) أي كونه آيات الله وحكمته ويجوز أن يراد بالحكمة نصائحه صلى الله عليه وسلم وأحاديثه، وقوله جعلهن الخ من قوله في بيوتكن وبرحاء بضم الباء والمد شدّته لأنه كان يعتريه صلى الله عليه وسلم شبه الغشي أحياناً، وقوله مما يوجب بيان لما أنعم، وقوله حثا الخ تعليل لقوله تذكير. قوله:(يعلم ويدبر ما يصلح في الدين) بيان لقوله لطيفا
خبيرا، وقيل اللطيف ناظر للآيات لدقة إعجازها والخبير للحكمة لمناسبتها للخبرة، وقوله أو يعلم قيل الظاهر عطفه بالواو وفيه نظر، وقوله الداخليه في السلم وهو ضدّ الحرب أو المفوّضين أمرهم لله كقوله:{أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ} [سورة أن عمران، الآية: 20] وفسرهما بالمعنى اللغوي ليفيد ذكرهما معا، وقوله الداخلين تفسير للمسلمين والمسلمات معاً على التغليب لا للمسلمات لعدم صحته ولا للمسلمين والا لقدم. قوله:(بما يجب أن يصدّق به) وفي نسخة يصدّق بدون صلة فحمل على الحذف والإيصال على أنّ أصله يصدق
به، وقوله في القول والعمل لأنه يتعدى لهما فيقال صدق القتال كما يقال صدق الحديث، ولكن الظاهر أنّ الأوّل مجاز فالجمع بينهما وان جاز عند المصنف لكن لا حاجة إليه مع أن القنوت يغني عنه، وقوله بقلوبهم هو الأصل وخشوع الجوارح تابع له وقوله بما وجب لو أطلقه كالذي بعده كان أشمل وأولى كما في الكشاف، وما قيل إنّ استحقاق الوعد به فيه نظر وكذا قوله عن الحرام كان الأولى تركه، وأخر الذكر لعمومه وشرفه ولذكر الله أكبر، ولذا جمع الذكر القلبي مع اللساني، وقوله لما اقترفوا أي اكتسبوا وخص الصغائر لأنه الوارد أو لاستلزام ما قبله لعدمها لا على ما ذهب إليه المعتزلة. قوله:(والتدرع بهذه الخصال (أي الاتصال وفيه استعارة حسنة لتشبيهها بالدرع في صيانة صاحبها، وقوله: فما فينا خير أي أمر يحمد ليثني الله عليه، وهو يحتمل النفي والاستفهام بتقدير أفما والظاهر أنّ ضمير فينا للأزواج وقيل إنه للنساء على العموم وإلا يلزم تأخر نزول يا نساء النبي الآية عن هذه الآية لأنه خاص بهن لا يتجاوز غيرهن، وقد قيل بعدم لزوم ما ذكره لأنّ تلكا لآيات في بيان شرفهن فتأمّل. قوله: (وعطف الإناث على الذكور الخ) وجه كونه ضروريا أنّ تغاير الذوات المشتركة في حكم يستلزم العطف ما لم يقصد السرد على طريق التعديد، وقوله وعطف الزوجين أراد بالزوجين مجموع كل مذكر ومؤنث كعطف مجموع المؤمنين والمؤمنات على مجموع المسلمين، والمسلمات فإنه لا يلزم عطفه لكنه عطف هنا للدلالة على اجتماع الصفات، ولو ترك العطف جاز والمعدّ لهم المغفرة والأجر العظيم وعطف مبتدأ خبره لتغاير الخ، وقوله فليس معطوف على الخبر لا خبر لأنّ الفاء لا تزاد في مثله وفيه إشارة إلى أنّ الأزواج معطوفة على أمثالها لا كل على ما قبله على تهج الأوّل والآخر والظاهر والباطن. قوله:(ما صح له) بناء على ما ذكره الزمخشريّ من أنه يلزم الإفراد في نحو ما جاءني من رجل ولا امرأة إلا أكرمته حتى وجه الجمع في يكون لهم الخيرة بأنه أرجع الضمير على المعنى لا على اللفظ لعمومه إذ وقع تحت النفي، وإن كان ما ذكر غير مسلم عند أكثر النحاة حتى قال أبو حيان إنّ ما في الكشاف غير صحيح لأنّ العطف بالواو والمذكور في النحو إذا كان العطف بأو نحو من جاءك من شريف أو
وضيع أكرمه فلا يجوز ذلك إلا بتأويل الحذف وفي هذه المسألة كلام طويل في شرح التسهيل لا يهمنا هنا، والمراد عدم صحته شرعا أو ما أمكن لأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن والقضاء بعد المشيئة. قوله:(ودّكر الله لتعظيم أمره) أي ما أمر به أو شأنه فإنّ ذكر الله مع أنّ الآمر لهم الرسول صلى الله عليه وسلم للدلالة على أنه بمنزلة من الله بحيث تعد أوامره أوامر الله، أو أنه لما كان ما يفعله بأمره لأنه لا ينطق عن الهوى ذكرت الجلالة، وقدمت للدلالة على ذلك فالنظم على هذا على نمط والله ورسوله أحق أن يرضوه، وعلى الأوّل من قبيل فإنّ لله خمسه وللرسول فالواو بمعنى أو وليسا وجها واحدا كما قيل فإنه بعيد لحمل قوله قضاءه قضاؤه على دعوى الاتحاد حقيقة والحامل على هذا العطف بالواو وهو سهل. قوله:(لآنه نزل الخ) تعليل لكونه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الله للتعظيم ونحوه والسبب الأوّل أصح رواية ولذا قدم، وأمّ كلثوم رضي الله عنها أول من هاجر من النساء ولما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بتزوّج زيد قالت هي وأخوها أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوّجني عبده، وقوله والخيرة ما يتخير فهو صفة مشبهة والمذكور في النحو أنه مصدر وأنه لم يجيء من المصادر على وزنه غير طيرة والمعنى المصدري أنسب هنا وهو مختاره في القصص، وقوله من أمرهم متعلق بالخيرة أو حال منها. قوله:(أن يختاروا) كذا في الكشاف مع جعله الخيرة بمعنى المتخير فقال بعض شراحه أن أوّل كلامه إشارة إلى مصدريته وما بعده إشارة إلى أنه يكون بمعنى المفعول، ولا يخفى تعسفه فالصواب أنّ أن
يختاروا تفسير لأن يكون لهم الخيرة لا للخيرة وفائدته الإشارة إلى أن يكون هنا ليس بمعنى يصح ككان السابقة بل هي للذلالة على الوقوع فافهم. قوله: (وجمع الضمير الآوّل) قد قدمنا تقريره، واعتبر عمومه وإن كان سبب نزوله خاصا دفعا لتوهم اختصاصه بسبب النزول أو ليؤذن بأنه كما لا يصح ما اختاروه مع الانفراد لا يصح مع الجمع أيضا كي لا يتوهم أن للجمعية قوّة تصححه. قوله:(وجمع الثاني) أي ضمير من أمرهم مع أنه للرسول صلى الله عليه وسلم أو له ولله وعلى كل فليس مقتضى الظاهر جمعه قيل لا يظهر امتناع عوده على ما عاد عليه الأوّل مع ترجيحه بعدم التفكيك فيه على أن يكون المعنى ناشئة من أمرهم المعنى دواعيهم السابقة إلى اختيار خلاف ما أمر الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم أو المعنى الاختيار في شيء من أمرهم أي دواعيهم فيه
بعد، وردّ هذا بأنه قليل الجدوى ضرورة أن الخيرة ناشئة من دواعيهم أو واقعة في أمورهم وهو بين مستغن عن البيان بخلاف ما إذا كان المعنى بدل أمره الذي قضاه صلى الله عليه وسلم أو متجاوزين عن أمره لتأكيده وتقرير للنفي فهذا هو المانع من عوده إلى ما عاد عليه الأوّل، وهو كلام حسن والقراءة بالياء للفصل ولأنّ تأنيثه غير حقيقي ولبعضهم هنا كلام واه تركه أولى من ذكره. قوله:(وتوفيقك لعتقه واختصاصه) بالمحبة، والتبني ومزيد القرب منه صلى الله عليه وسلم وهو من أجل النعم ولو أخر هذا كان أولى وزيد بن حارثة رضي الله عنه تقدم ذكره وبيانه، ومقامه أجل من أن يخفى قيل وايراده هنا بهذا العنوان لبيان منافاة حاله لما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من إظهار خلاف ما في ضميره إذ هو يقع للاستحياء أو الاحتشام، وهو لا يتصوّر في حق زيد ويجوز أن يكون بيانا لحكمة إخفائه صلى الله عليه وسلم لأنه مما يطعن به الناس كما قيل:
وأظلم أهل الظلم من بات حط سداً لمن بات في نعمائه يتقلب
فأعرفه. قوله: (وذلك أنه الخ) هذا الحديث ذكره الثعلبي، وهو في الطبرى بمعناه عن
عبد الرحمن بن أسلم وفي شرح المواقف إن هذه القصة مما يجب صيانة النبي عوو عن مثله فإن صحت فميل القلب غير مقدور مع ما فيه من الابتلاء لهما، والظاهر أن الله لما أراد نسخ تحريم زوجة الدقي أوحى إليه بتزوّج زينب إذا طلقها زيد فلم يبادر له صلى الله عليه وسلم مخافة طعن الأعداء فعوتب عليه، وهو توجيه وجيه، وقوله لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم صريح فيه والقضة شبيهة بقصة داود عليه الصلاة والسلام لا سيما، وقد كان النزول عن الزوجة في صدر الهجرة جارياً بينهم من غير حرج فيه وقوله: وقعت في نفسه أي وقعت محبتها وهي كناية عن الميل الاضطرارفي، وكان لم يمل لتزوّجها حين إرادته فلذا قال مقلب القلوب أي مغير أحوالها ودواعيها، وقوله لشرفها أي شرف نسبها بقرابتها من النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل إنها كانت تطمع في طلاقها وتزوّج النبي صلى الله عليه وسلم بها وفعل زيد رضي الله عنه كان لذلك، ولكنه لم يصرّح به تأدبا وقوله أرابك أي أوقعك في ريب أو شك فيها لأنه يقال رابه وأرابه ويجوز كون الهمزة للاستفهام. قوله:(فلا تطلقها ضرارا) إنما ذكره لاقتضاء أمره بالتقوى مخالفة الطلاق لها فإما
أن يكون الطلاق نفسه ضرراً لأنه منهي عنه ويورث وحثة أو يكون ضرراً إذا كان بغير سبب ظاهر لأنه يوهم أنه علم منها ما يكره فلا يقال إن الأولى الاقتصار على قوله لا تطلقها، وقوله أو تعللا أي تكلفا لعلة وسبب هو تكبرها وعطفه بأو لأنه أراد بالضرار ما لا وجه له، فلا وجه لما قيل الأولى عطفه بالواو وجعله في الكشاف وجهاً آخر مقابلاً للتطليق، وهذا أحسن وتعدية أمسك بعلى لتضمينه معنى الحبس. قوله:(وهو نكاحها الخ) الأوّل هو الأصح، وأمّا قوله أو إرادة طلاقها فقد رده القاضي عياض في الشفاء، وقال لا تسترب في تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الظاهر وأن يأمر زيداً بإمساكها وهو يحب تطليقه إياها كما ذكره جماعة من المفسرين الخ، وليس المراد به أنه حسده عليها حتى يكون حسدا مذموماً بل مجرّد خطوره بباله بعد العلم بأنه يريد مفارقتها فلا محذور فيه فتأمّل. قوله:(تعييرهم إياك به) أي عذهم نكاحها عارا عليك فليس المراد بالخشية هنا الخوف، بل الاستحياء من قول
الناس تزوّج زوجة ابنه كما قاله ابن فورك، وقوله إن كان فيه أي في ذلك الأمر ويجوز أن يراد تخشاه في كل أمر فيفيد ما ذكر على الوجه الأبلغ والمعنى والله وحده أحق بالخشية كما يفيده مقابلة خشية الناس. قوله:(والواو للحال) يعني الواو الثالثة، وأمّا الأوليان فعاطفتان على تقول وتحتملان الحالية على تقدير المبتدأ أي وأنت تخفى، وأنت تخشى لكونه مضارعا مثبتا، واختاره الزمخشريّ وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتمله قال صاحب الكشف كلامه صريح في أنه تجوز الحالية بدون تقدير على خلاف المشهور وكأنه مذهبه، وقد صرّح به في مواضعمن كتابه وتبعه أبو حيان فليس التقدير متفقاً عليه. قوله:(وليست المعاتبة الخ) فإن كتم ما لا يحتاج إليه في الشرع جائز له، وقاله الناس أي قولهم فهو مصدرا والقائلين منهم فهو جمع كالسادة، وهذا وما بعده لف ونشر مرتب ناظر لقوله وهو نكاحها أو إرادة طلاقها، وقوله فإن الأولى الخ إشارة إلى أن العتاب على ترك الأولى لا على ذنب منه، وقوله أن يصمت الخ غير قوله في الكشاف كأنّ الذي أراد منه عز وجل أن يصمت لأنه مبني على مذهب المعتزلة مع أنه لا يواقفه أيضاً كما في الكشف. قوله:(حاجة) تفسير للوطر لأنه الحاجة المهمة كما قاله الراغب وقوله ملها وفي نسخة بحيث ملها ولم يبق الخ والملل السآمة من الشيء، ولعل ملله منها كان لتفرسه في أنها لا تدوم على زوجيته، وقوله وطلقها الخ قدّره لتوقف التزويج عليه، ولذا جعله بعضهم كناية عن الطلاق. قوله:(وقيل قضاء الوطر كناية الخ) مرضه لأنه عدول عن الظاهر مع أنه لا يغني عن التقدير لقوله وانقضت عدتها وجعلها كناية عن الطلاق وانقضاء العدة يم يقولوا به، وأمّ قوله إذا قضوا
منهن وطراً فهو كهذا أيضاً يقدر فيه ما قدر هنا، ولذا لم يفسره لأنه معلوم مما هنا لسقط قول بعضهم لا أدري ما وجه عدم ارتضائه هذا القول مع تعين ما ذكر من التعليل في قوله إذا قضوا منهن وطراً لإرادة الطلاق، وانقضاء العدة منه كناية أو مجازاً ولا يشترط الحكم ببلوغ الحاجة منهن والظاهر الاتحاد فيهما. قوله:(بلا واسطة عقد (أصالة ووكالة، وقوله وقيل مؤيد للأوّل وفي كان ضمير مستتر لزيد والسفير الرسول، والخطبة بكسر الخاء في النكاج وضمير إيمانه لزيد أيضاً، وقوله علة أي قوله لكيلا الخ علة ومتعلق بقوله زوّجناكها، وقوله وهو دليل الخ أي ما ثبت له صلى الله عليه وسلم من الأحكام ثابت لأمته إلا ما علم أنه من خصوصياته بدليل، وهو على الأوّل ظاهر، وأما إذا كان بلا واسطة فالمراد مطلق تزوّج زوجات الأدعياء، وقوله أمره الذي يريده الأمر واحد الأمور أي ما يريده من الأمور يوجد لا محالة ومكوّنا بمعنى مخلوقاً، وقوله لأرزاقهم جمع رزقة بفتح الراء والعامة تكسرها وهو ما يقطعه السلطان ويرسم به كما في الكشف، والحرج الإثم والضيق وقد فسره بهما بعضهم بناء على جواز استعمال المشترك في معنييه مطلقاً أو في النفي. قوله: (سن ذلك سنة) إشارة إلى أنه مصدر منصوب بفعل مقدر من لفظه لا على الإغراء كما قاله ابن عطية ولا بتقدير عليكم لما مرّ ولم يرض ما في الكشاف من كونه اسماً موضوعا موضع المصدر كتربا وجندلاً وكأنه لم يثبت عنده مصدريته، وقوله ذلك ليس إشارة إلى المطلق الذي في ضمن المقيد، وهو عدم الحرج كما توهم بل إلى المقيد، وقوله سنة في الذين الخ مصدر تشبيهي، وقوله وهي أي سنته فيهم تفسير للمشبه به ولى ذ اوقع في نسخة هي بضمير المؤنث وفي أخرى هو رعاية لتذكير الخبر، وليس راجعا لذلك كما قيل وأباح لهم بمعنى أحل لهم ولذا عداه باللام. قوله تعالى:( {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} الخ) القضاء الإرادة الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه والقدرة عبارة عن إيجاده إياها على تقدير مخصوص معين، وفي التفسير الكبير القضاء ما يكون مقصوداً في الأصل والقدر ما يكون تابعاً والخير كله بقضاء، وما في العالم من الضرر بقدر كالزنا والقتل فلذا لما قال زوّجناكها ذيله بقوله وكان أمر الله مفعولاً لكونه مقصوداً أصليا، وخيراً مقضيا ولما قال الله في الذين خلوا إشارة إلى قصة داود عليه الصلاة والسلام، وامرأة أوريا قال قدراً مقدوراً، وهو مخالف للمشهور في معنى القضاء والقدر ولما اختاره في غير هذا المحل من انّ قصة أوريا لا أصل لها
مع أن ما ذكره لا يناسب السياق من كونه لنفي الحرج ولو كان كما ادعاه كان المقابل له القضاء لا الأمر. قوله: (قضاء مقضياً) فسر القدر بالقضاء، وقد مرّ الفرق
بينهما لكن كل منهما يستعمل بمعنى الآخر فالمراد إيجاد ما تعلقت به الإرادة، وقوله قدرا مقدوراً وقضاء مقضياً كظل ظليل وليل أليل في قصد التأكيد، واليه أشار بقوله حكما مبتوتا أي مقطوعا به والأمر مصدر والمراد أنّ اتباعه والعمل بموجبه لازم مقضي في نفسه أو هو كالمقضي في لزوم اتباعه، أو اسم والمعنى كان مراده ذا قدر أو عن قدر، وقوله قرئ رسالة الله الإفراد لجعلها لاتفاقها في الأصول وكونها من الله بمنزلة شيء واحد وان اختلفت أحكامها. قوله:(تعريض بعد تصريح (بأنّ الله أحق أن تخشاه والتعريض لأنه وصف به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو أولى بالاقتداء بسيرتهم والاتصاف بصفتهم، وقوله كافيا لأنّ الحسب يكون بمعنى الكفاية ومنه حسبي الله أو هو بمعنى المحاسب على الذنوب، وقوله فينبغي الخ على التفسيرين. قوله: (ولا ينتقض عمومه) أي عموم حكم هذه الآية من أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن أبا لأحد من رجالهم بما ذكر من أولاده الذكور فإنهم لم يبلغوا مبلغ الرجال بل ماتوا صغارا فلو فرض بلوغهم أو قيل الرجل مطلق الذكر خرج هؤلاء عن حكم النفي بقيد الإضافة، وأولاده صلى الله عليه وسلم مذكورون في السير تفصيلا، ولا يرد على المصنف رحمه الله أن القاسم والطاهر أيضا ولدا بمكة كما صح في السير وهذه السورة مدنية لأنّ المراد أنه لم يكن في الماضمي وقيل هذا مطلقا فتأمل، وقوله فيثبت منصوب على جوأب النفي، فإن قلت كيف يختص الرجل بالبالغ مع أنه في القرآن حيث ورد عام كقوله:{وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} وغيره وقول الفقهاء لو حلف لا يكلم رجلا وكلم صبياً حنث، قلت اختصاصه به في عرف اللغة مما لا شبهة فيه وما ورد في النظم وارد على أصل اللغة أو هو على الأصل وثبوت حكم البالغ فيه بدلالة النص، وكذا ما ذكره الفقهاء على الأصل مع أن الإيمان عندهم مبناها العرف لا اللغة فلا يرد على هذا شيء كما توهم، وقد أورد على الشق الثاني أنه لا ينتظم مع التأكيد بقوله خاتم النبيين وسيأتي دفعه وما فيه وما ذكر أيضاً جوأب عن الحسن والحسين رضي الله عنهما. قوله: (وكل رسول أبو أمته (ظاهره أنه يصح إطلاق الأب عليه صلى الله عليه وسلم كما تطلق الأم على زوجاته، ونقل الطيبي فيه خلافا عن الشافعية وفي الروضة لا يجوز أن يقال هو أبو المؤمنين لظاهر هذه الآية، وقوله وزيد منهم أي من
أمته، وقوله خبر مبتدأ تقديره هو وقوله من عرفتم الخ في نسخة أب من غير وراثة، والنصب مع التخفيف بتقدير كان أو للعطف بالواو وقيل يتعين الأوّل. قوله. (وآخرهم) هو على قراءة الكسر لأنه اسم فاعل بمعنى الذي ختم، وقوله أو ختموا به على قراءة الفتح لأنه اسم آلة لما يفعل به كالطابع لما يطبع به والقالب، وإن كان مآل معناه للآخر أيضاً فقوله على قراءة عاصم قيد للثاني. قوله:(ولو كان له ابن بالغ الخ (كذا في الكشاف ورده في الكشف ومنعه بعضهم فقال الملازمة ممنوعة إذ كثير من أولاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يكونوا أنبياء فإنه أعلم حيث يجعل رسالاته والحديث على تقدير صحته لا يدل على كليته التي هي المدّعي (أقول) إمّا صحة الحديث فلا شبهة فيها لأنه رواه ابن ماجه وغيره كما ذكره ابن حجر، وأمّا الكلية فليس مبناها على اللزوم العقلي والقياس المنطقي بل على مقتضى الحكمة الإلهية، وهي أنّ الله أكرم بعض الرسل بجعل أولادهم أنبياء كالخليل ونبينا صلى الله عليه وسلم أكرمهم وأفضلهم فلو عاس أولاده اقتضى تشريف الله له ذلك وأمّا كونه يجوز أن يكون أبا رجل ولا يكون نبيا لعدم وصوله لسن النبوّة يعني الأربعين فليس بشيء لأنّ تعين ذلك السن للنبوّة غير متعين، ولا يتوقف عليه كما يتبادر إلى الذهن من غير نظر لما جرت به العادة في الواقع، ثم أجاب عن الملازمة في الكشف بأنها مستفادة من الآية لأنه لولاها لم يكن للاستدراك معنى إذ لكن تتوسط بين متقابلين فلا بد من منافاة بنوّتهم له لكونه خاتم الرسل، وهو إنما يكون باستلزام بنوّتهم لنبوّتهم ولا يقدح فيه قوله رسول الله كما يتوهم لأنه لو سلم رسالتهم لكانت إما في عصر. وهي تنافي رسالته أو بعده، وهي تنافي خاتميته وقد تكلف بعض أهل العصر لتوجيه الاستدراك الغث والسمين، وقد يقال الاستدراك يكفي فيه أنه لما كان عدم النسل من الذكور يفهم منه أنه لا يبقى حكمه، ويدوم ذكره استدراك بما ذكر، أو أنه لما نفيت أبوته مع اشتهار أن كل رسول أب لأمته ربما يوهم نفي رسالته فاستدرك ذلك
فعلم منه أنّ المنفي الأبوّة الحقيقية، وما قيل من أنّ قوله لو كان له ابن بالغ ناظر إلى الوجه الأوّل من الجواب عن النقض، وأما على الثاني فيجوز أن يقال كما أنّ قوله رسول الله يفيد كونه أبا لأمته من الحيثية التي ذكرها يفيد قوله خاتم النبيين امتداد هذه الأبوة إلى القيامة، وهذا لا يحصل من قوله رسولط الله وهو دفع لما أورد من أنّ الثاني لا ينتظم مع التأكيد يعني أنه لما قال إنه ليس أبا حقيقيا قال لكنه أب من حيث شفقته فما ذكر مؤكد للأبوة المثبتة لا للمنفية إذ لا يتعين ذلك فإنّ قوله رجاله لا رجالكم الخطاب فيه للأمة وأولاده من أمته فيدخلون في رجالكم (قلت (هذه مغالطة باردة لأن الإضافة للعهد الخارجي فالمراد به من أولاده لا من أولادكم.
قوله: (ولا يقدح فيه نزول عيسى الخ) أي لا يقدح في كونه خاتم النبيين ما ذكر، وقيل
عليه كونه على دينه لا ينافي استقلاله في الرسالة كما لم يناف ذلك أوّل بعثته مع أمره بالعمل بالتوراة فالجواب هو أنه كان نبيا قبله لا بعده فلا ينافي كونه خاتماً للأنبياء على معنى أنه آخرهم بعثة، والجواب بأنّ ما ذكره المصنف رحمه الله جواب واحد وقدم قوله لأنه الخ اهتماماً به، ثم أشار بمع الدالة على المتبوعية إلى أن ما بعدها هو العمدة في الجواب وسياق المصنف رحمه الله ينادي على خلافه فالظاهر أن المراد من كونه على دينه انسلاخه عن وصف النبوّة، والرسالة بأن يبلغ ما يبلغه عن الوحي وإنما يحكم بما يلقي عن نبينا، ولذا لم يتقدم لإمامة الصلاة مع المهدي فلا يتهم ورود ما ذكر بوجه. قوله:(ينلب الأوقات) يعني أنّ كثرته بالعدد وكونه في أغلب الأوقات فجعل الأوقات مغلوبة مجازا وبجوز نصب الأوقات على الظرفية أي يغلب على غيره في الأوقات، وقوله ويعمّ الأنواع يعني إنّ كثرته بكثرة أنواعه، وقوله بما هو أهله في نسخة أنواع ما هو أهله وهما بمعنى، والجملة صفة ذكراً مفسرة له والضمير المرفوع لله والمجرور للموصول، وهو أولى من عكسه وان جازوا لتمجيد التعظيم بما يليق فهو من ذكر العام بعد الخاص. قوله:(خصوصاً) إشارة إلى أنه يجوز أن يراد العموم كما يقال صباحا ومساء بمعنى دائما. قوله: (لكونهما مشهودين) أي يحضرهما ملائكة الليل والنهار لالتقائهما فيهما، وهذا يدل على فضلهما وأما قوله صلى الله عليه وسلم:" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار " فدلالته على ما ذكر محل نظر، وقوله لأنه العمدة إذ هو تنزبه وتخلية مقدمة على غيرها، وقوله وقيل الفعلان أي اذكروا وسبحو. ومرضه لأنه على تفسيره بغلبة الأوقات يكون شاملا لهما فلا حاجة لتعلقه بالأوّل على التنازع. قوله:(وقيل المراد بالتسبيح الصلاة) بإطلاق الجزء على الكل ومرضه لأنه تجوز من غير ضرورة. قوله: (وملانكتة) معطوف على الضمير في يصلي للفصل
بينهما لا على ما هو، وقوله بالرحمة تفسير لصلاة الله بالاستغفار لصلاة الملائكة كما هو المشهور، وقوله والاهتمام الخ راجع لهما يعني أن المراد بالصلاة هنا معنى مجازي شامل لهما فهو من عموم المجاز لا من استعمال اللفظ في معنييه، وان كان جائزا في مذهبه لكن الاهتمام من الله يقتضي رحمتهم ومن الملائكة يقتضي الاستغفار لهم، واليه أشار بقوله والمراد الخ وهو مراد صاحب الكشاف كما حمله عليه الطيبي رحمه الله وان كانت عبارته ظاهرة في خلافه فلا يرد عليه أنه مخالف لمذهبه فيحتاج إلى ما وجهه به شراحه من أنّ الفاعل لتعدده يصيره كتعدد لفظ يصلي، وهو مخالف لكلامهم، أو هو من المشاكلة كقوله خذوا حذركم وأسلحتكم وان كان لكل وجهة. قوله:(مستعار) أي لفظ الصلاة بمعنى الدعاء لأنه الأشهر، والمراد بالاستعارة معناها المشهور فإنّ العناية تشبه الدعاء لمقارنة كل منهما للميل، أو المعنى اللغوي ليشمل المجاز المرسل لأنّ الدعاء مسبب عن العناية فذكر المسبب وأريد السبب. قوله:) وقيل الترحم) معطوف على قوله والمراد بالصلاة الخ أي المراد بها هنا الترحم وأصله عطف صلويه، وهما عرقان في منتهى الفخذ ينعطفان من المنحنى ومنه المصلى في خيول الحلية لأن رأسه محاذية لصلا ما يقدمه، ثم وضعت للصلاة المعروفة لما فيها من الانحناء والانعطاف في الركوع والسجود، وصارت حقيقة مشهورة فيها، ثم تجوز بها من الانعطاف الصوري إلى الانعطاف المعنوي، وهو الترحم والرأفة وقال الطيبي هذا أقرب لقوله:{لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [سورة الحديد، الآية: 9] الخ لأنه نص عليه بقوله وكان
بالمؤمنين رحيما فدلّ على أن المراد بالصلاة الرحمة، وأشار المصنف رحمه الله إلى جوابه بقوله في تفسيره حتى اعتنى الخ لكنه عدول عن الظاهر. قوله:(واستغفار الملائكة الخ (إشارة إلى أنّ استغفارهم أي دعاءهم بالمغفرة داخل فيه لأنه ترحم عليهم وسبب لرحمة الله لهم، وقوله من ظلمات الكفر الخ إشارة إلى أنّ الظلمات والنور هنا استعارة، وإنافة قدرهم بمعنى إعلائه وتشريفه، وقوله واستعمل الخ بيان لدخول صلاة الملائكة فيه لأنه تذييل لهما. قوله:) من إضافة المصدر إلى المفعول) وبجوز أن يكون مضافاً للفاعل والمعنى يحيي بعضهم بعضاً به والمحيي لهم على الأوّل الملائكة أو الله، وقوله إخبار أي لادعاء لأنه أبلغ هنا على إضافته للمفعول، وقوله سلام المراد به لفظه وهو خبر تحية هنا فلا يتوهم أنه جملة أخرى مع أنه لا
محذور فيه وقوله ولعل اختلاف النظم إذ عدل عن الاسمية في تحيتهم سلام إلى الفعلية في أعد الخ، والمبالغة في التعبير بالماضي الدال على التحقق، والظاهر أنّ الأعداد مقدم على الدخول واقع أوّلاً فالعدول لموافقة الواقع فتأمّل. قوله:(ونجاتهم) أي هدايتهم بدليل قوله بعد. وضلالهم فعبر عن السبب بالمسبب، وقوله وهو حال مقدرة لأنه لم يكن وقت الإرسال شاهداً إذ الشهادة عند التحمل والأداء، وتخصيص كونها مقدرة بهذا يشير إلى أنّ ما بعده ليس منها كما صرّح به في الكشف فيجعل الإرسال ممتذ التحقق المقارنة، وعليه لا تتحقق الشهادة بالتحمل وحده كما قيل لأنه إذا لوحظ امتداده وأطلقت الشهادة على التحمل فقط يكون هذا مقارناً أيضا وكونه خلاف العرف فيه نظر ويجوز أن لا يعتبر الامتداد وتكون مقدرة في الكل وليس في كلامه ما ينافيه. قوله تعالى:( {وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} الم يقل ومنذراً بل عدل إلى صيغة المبالغة لعموم الإنذار للمؤمنين العاصين والكافرين وخصوص الأوّل بالمؤمنين، ولذا قدم لشرفهم ولأنه المقصود الأصلي إذ هو صلى الله عليه وسلم إنما أرسل رحمة للعالمين على أنه جبر ما فيه من المبالغة بقوله وبشر المؤمنين. قوله: (بتيسيره الخ (يعني أن الإذن هنا مجاز عن التيسير والتسهيل لأنّ من أذن له في أمر يسهل عليه الدخول فيه لا سيما إذا كان الاذن هو الله لأنه إذا أذن في شيء فقد أراده، وهيأ أسبابه ولم يحمله على حقيقته وان صح هنا أن يأذن له الله حقيقة في الدعوة لأنّ قوله أرسلناك يدل على الإذن فهذا أتم فائدة، وقوله أطلق له أي أطلق الإذن على التيسير مجازا مرسلاً لأنه سببه، ولم يقل استعمل فيه ليطابق قوله قيد به أي بالإذن إشارة إلى تعلقه بدا عيادون ما قبله وإن جاز رجوعه للجميع لكن صعوبة الدعوة تناسب التخصيص. قوله: (يستضاء به الخ) قال الفاضل اليمني إنه تشبيه إمّا مركب عقليّ أو تمثيليّ منتزع من عدّة أمور أو مفرّق وكلام المصنف رحمه الله محتمل للوجوه أيضاً فيشبه في ذاته بالسراج، وما يدعو إليه بالنور أو المجموع بالمجموع وقوله يستضاء به بالنسبة للضالين، وقوله يقتبس بالنسبة للمهديين ولم يلتفت إلى ما جوّزه الزمخشريّ من جعل السراج المنير القرآن لما فيه من التكلف. قوله:(على سائر الآمم) متعلق بفضلا على أنه بمعنى زيداً لأن أصل معنى لفضل
الزيادة ولو جعل بمعنى العطاء والإحسان لم يحتج إلى ما ذكر، وقوله جزاء أعمالهم في نسخة أجر أعمالهم وهما بمعنى واحد وجعله عطفاً على أمر مقدر لئلا يعطف الإنشاء على الخبر حتى يجعل من عطف القصة، أو يجعل المعطوف عليه في معنى الأمر لأنه في معنى إدعهم مبشراً ومنذراً وبتقديره أيضا تتم المقابلة واللف والنشر كما سيأتي، وقوله تهييج الخ لأنه لم يطعهم حتى ينهى أو هو لأمّته، وقوله إيذاءهم الخ يعني على أنّ المصدر مضاف للفاعل أو المفعول، وتحتفل بمعنى تبال وقوله ولذلك أي لحمله على الثاني وكون إيذاء بمعنى أذى ذكره الراغب فلا عبرة بقوله في القاموس لا تقل إيذاء وقد تقدم تفصيله. قوله:(ولعله ثعالى لما وصفه الخ) يعني أنه تعالى وصفه بخمس صفات من قوله شاهداً إلى منيراً وقابل كلاً منها بما يقتضيه فقابل الشاهد براقب المقدّر لأنّ الشاهد لا بدّ له من مراقبة ما يشهد عليه، وقوله كالتفصيل يعني فيدلي عليه ويغني عنه والمبالاة معطوف على مراقبة وهو مبنيّ على الأوّل في أذاهم، وقد قيل عليه إنه كذا وقع في جميع النسخ لكنه تصحيف عن موافقة فانه المناسب لقوله ولا تطع ولا حاجة إليه فإنّ المراقبة الاحتراز كما في كتب اللغة، وهي تقتضي الخوف والمبالاة فاستعمل في لازم معناه فلذا عطف عليه، والمبالاة ليبين المراد منه، وقوله بالاكتفاء يعني
في قوله وكفى بالله وكيلاً، ومن أناره الله هو الرسول صلى الله عليه وسلم وبرهاناً حال أو مفعول ثان لتضمنه معنى الجعل، وقوله يكتفي أي بالله عما سواه وهو موافق لما في الكشاف في غير تقدير المراقبة، ومقابلتها للشاهد. قوله:(بألف الخ) أي تماسوهن، وقوله من عددت يعني أنه مطاوعه، وقوله أو تعدونها فافتعل بمعنى فعل وقوله حق الأزواج قيل عليه ليس كذلك بل هي حق الولد والشرع، ولذا لا تسقط بإسقاطه كما صرّحوا به وليس بشيء لأنه ليس المراد أنها صرف حقه بل أنّ نفعها وفائدتها عائد عليه لأنها لصيانة مائه ونسبه الراجع إليه، وهو لا ينافي كون الشرع والولد له حق فيها يمنع إسقاطها مع أنّ بعض حقوق العبد لا تسقط بإسقاطه كما بين في الفروع. قوله: (وعن ابن كثير الخ الم يذكر هذه القراءة في النشر، وقال ابن عطية إنها لم تصح عن ابن كثير وردّه في الدر المصون، وقوله على إبدال الخ قيل عليه إنه تخريج غير صحيح لأنّ عد يعد من باب نصر كما في كتب اللغة فلا وجه لفتح التاء لو كنت مبدلة من الدال فالظاهر حمله على حذف إحدى
الدالين تخفيفاً، وأمّا حمل كلام المصنف عليه فلا تساعده العبارة، وقوله تعتدون فيها إشارة إلى أنه على الحذف والإيصال في هذا الوجه. قوله:(وظاهره) أي ظاهر النظم لتقييده، وجوب العدة بالمماسة ونفيه قبلها وعند عدمها وليس هذا من مفهومه حتى يقال إنا لا نقول به كما توهم لأنه منطوق صريح لكن ما ذكروه مبنيّ على تفسير المس بالجماع، وقد قيل إنّ حقيقته اللمس فالنص ساكت عن الجماع والخلوة إلا أنه لم يرد ظاهره حتى لو مسها بيده في غير خلوة لم تلزم العدّة بلا خلاف فدلّ ذلك على أنه يكنى به عن معنى آخر من لوازم الاتصال فهو الجماع، وما في معناه من الخلوة الصحيحة قيل ولكون منطوقه ساكتا عنهما سماه بعضهم مفهوماً، وما قيل من أنه لا تجب ديانة حتى لو تزوّجت وهي متيقنة بعدم الدخول حل لها، وإنما تجب قضاء فلا يصدقها القاضي لوجود المقتضى وانتفاء المانع لا يخفى بعده وهو وان نقله فقهاؤنا فقد صرّحوا بأنه لا يعوّل عليه والعجب من المحشي أنه أجاب به مع نقل كلامهم فالحق ما سمعته أوّلاً. قوله:(وتخصيص المؤمنات الخ) يعني أنه لبيان الأخرى والأليق بعدما فصل في البقرة نكاح الكتابيات، وقوله والحكم عامّ حال، وقوله وفائدة ثم الخ يعني نفي العدة مع تراخيه وبعد مدته لأنه ربما يتوهم أنّ له دخلا في إيجاب العدة كالخلوة لاحتمال الملاقاة سراً، وقوله ريثما تمكن الإصابة أي مقدار إمكانها وتأثيره في النسب إذا ادّعت أنّ ما ولد لها منه ومضى زمن مدة الحمل. قوله:(ويجورّ أن يؤوّل التمتيع الخ) أي يحمل الأمر بالمتعة هنا على ما يعمّ نصف المهر والمتعة المعروفة في الفقه على أنها بمعنى العطاء مطلقاً فيكونا لأمر عليهما للوجوب أو تحمل المتعة على معناها المعروف، والأمر على ما يشمل الوجوب والندب بناء على استحبابها لغير المفروض لها، وهو قول الشافعيّ الجديد وفي القديم أنها واجبة وعندنا مختلف فيه فبعضهم على الاستحباب وآخرون على نفي الاستحباب والوجوب ووقع لصاحب الهداية سهو في هذه المسألة في قوله وتستحب المتعة لكل مطلقة لا لمن طلقها قبل الدخول، وقد سمي لها مهراً فإنّ الصواب ولم يسم لها مهرا كما قاله الفاضل المحشي، وقوله أخرجوهن الخ أصل التسريح الإخراح للرير، ثم شاع فيما ذكر وقوله ولا يجوز تفسيره الخ أي السراح الجميل، وقوله مرتب على الطلاق لعطفه على متعوهن الواقع بعد الفاء فيلزم رتب الطلاق السنيّ على الطلاق ولا وجه له. قوله:(والضمير لغير المدخول بهن) يعني فلا
يمكن أن يكو طلاقاً آخر مرتبا على الطلاق الأوّل لأنّ غير المدخول بهن لا يتصوّر فيها لحوق طلاق بعد طلاق آخر مع أنها إذا طلقت بانت. قوله: (لأنّ المهر) بيان لوجه إطلاق الأجر عليه، وقوله لإعطائها أي الأجور معجلة قبل الدخول كما يفهم من معنى آتيت ظاهراً، وان جاز أن يؤوّل الإعطاء أوّلاً بالإعطاء، وما في حكمه كالتسمية في العقد كما في الكشاف كما جعل إعطاء الجزية شاملا لالتزامها في قوله حتى يعطوا الجزية إذ كل منهما لا يمكن إبقاؤه على ظاهره، وجعل وجه التخصيص عليه أيضاً اختياراً للأولى، وهو التسمية لأنه أولى من تركها وان جاز العقد بدونها وعليه مهر المثل، وظن بعضهم لعدم فهم مراده مع ظهوره أنّ بين طرفي كلامه تدافعا وهو من بعض الظن نعم ما فعله المصنف أظهر، وأحسن وكون التعجيل أفضل لبراءة الذمّة
وطيب النفس معروف مشهور. قوله: (بكونها مسبية) أي باشر سباءها وشاهده، وقوله لا يتحقق بدء أمرها لجواز كون السبي ليس في محله ولذا نكح بعض المتورّعين الجواري بعقد بعد الشراء مع القول بعدم صحة العقد على الإماء لكنه قيل إنه يشكل بمارية رضي الله عنها فإنها لم تكن مسبية وعندي أنه غير وارد لأنّ هدايا أهل الحرب للإمام لها حكم الفيء، ولذا أمر السلطان بوضعها في بيت المال، وتقييد بالجرّ عطف على قوله كتقييد والقرائب جمع قريبة، والمعية للتشريك في الهجرة لا للمقارنة في الزمان كقوله أسلمت مع سليمان قال أبو حيان رحمه الله يقال دخل فلان معي وخرج معي إذا كان عمله كعمله دمان لم يقترنا في الزمان، وهو كلام حسن. قوله تعالى:( {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ} ) الآية قد سئل كثيراً عن حكمة أفراد العمّ والخال دون العمة، والخالة حتى إنّ السبكيّ رحمه الله صنف جزأ فيه سماه بذل الهمة في أفراد العئم وجمع العمة وقد رأيت لهم فيه كلمات ضعيفة كقول الرازي أنّ العمّ والخال على زنة المصدر وقيل إنه يعمّ إذا أضيف والعمة، والخالة لا تعمّ لتاء الوحدة، وهي إن لم تمنعه حقيقة تأباه ظاهراً ولا يأباه قوله في سورة النور {بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ} لأنه على لأصل وأحسن منه ما قيل إنّ أعمامه صلى الله عليه وسلم العباس وحمزة رضي الله عنهما وأبو طالب وبنات العباس كن ذات أزواج لا يليق ذكرهن، وحمزة رضي الله عنه أخوه من الرضاع لا تحل له بناته، وأبو طالب ابنته أمّ هانئ لم تكن مهاجرة ومعنى كلام المصنف أن النساء المهاجرات أفضل من غيرهن فلذلك خصصن بالذكر لا لأنّ من لم يهاجر يحرم عليه، وهو أحد قولين في المسألة. قوله:(ويحتمل تقييد الحمل بذلك في حقه خاصة) هذا هو القول الثاني قال السيوطي رحمه الله في خصائصه الصغرى مما حرّم عليه صلى الله عليه وسلم خاصة نكاح من لم تهاجر في أحد الوجهين انتهى، وفي بعض شروح الكشاف أنه حرّم عليه، ثم نسخ فقد علمت
أنّ فيه قولين عندهم ذكراً في الحديث وكتب الشافعية فما قيل عليه من أنّ كونه للتقييد، وما قبله لبيان الأفضل يفيد معارضة في النقل، وهي لا تمنعه مما لا ووجه له. قوله:) ويعضده) أي يعضد القول الثاني ومن ذهب إلى خلافه يقول بعد تسليم صحة هذا الخبر هذا فهم من تول أم هانئ لا رواية عنه صلى الله عليه وسلم أو المراد إنهن يشبهن المحرّمات لاختياره الأفضل منهن، وأمّ هانى اسمها فاختة، وقوله فاعتذرت إليه أي قالت له صلى الله عليه وسلم إني مصيبة أي ذات صبية وأطفال والطلقاء من أسلم بعد فتح مكة كالطلقى لكون النبيّ صلى الله عليه وسلم من عليهم وأطلقهم عامّة دون أسر لهم، والطليق الأسير الذي يطلق ووقع في بعض النسخ من الطلقى، وهو الأصح فنزول هذه الآية يكون بعد الفتح، ويكون قوله خالصة متعلقاً بقوله أحللنا كما سيشير إليه. قوله:(نصب بفعل يفسره ما بعده) وفي نسخة ما قبله، وهي أصلح ولذا اقتصر عليها القاضي زكريا وتقديره ونحل لك امرأة وإنما قدره لما ستعمله في الوجه الآتي وتقديره مضارعا أولى لما سيأتي ومن قدر أحللنا فهو مستقبل أيضاً لوقوعه جوابا للشرط فلا يرد عليه أنه لو صح تعلقه بأحللنا لم يحتج للتأويل كما قيل، وقوله ولا يدفعه أي يدفع نصبه بالعطف على ما قبله بأحللنا إن امرأة موصوف بهذين الشرطين، والفعل بعد الشرط مستقبل، وان كان لفظه ماضيا سواء الشرط والجواب وأحللنا ماض معنى فلا يصح كونه جوابا ولا قائما مقامه كما قاله أبو البقاء والجواب إن أحللنا بمعنى أعلمنا بالحل، وهو مستقبل كما تقول أبحت لك أن تكلم فلانا إن سلم عليك والتأويل به يكون بالنسبة للجميع لا للأخير فقط فإنه مع ما فيه من الجمع بين الحقيقة، والمجاز تعسف لكون لفظ واحد ماضيا ومستقبلاً معا وهو بعيد (وفيه بحث) فإنّ الإعلام بحل ذوات الأجور على هذا قد مضى إليها فالمحذور باق إلا أن يراد تجرّده عن الزمان المخصوص، والمعنى نعلمك بحل كل من هذه بعد وقوعه كما قيل، ولا يخفى ما فيه وأمّا حمل قوله إن وهبت على الحال أو النعت أي مفروضة أو مقدورة فلا يحتمله كلام المصنف رحمه الله ولا وجه لحمله عليه فتأمّل. قوله:(إن اتفق) وقوع هبة له، وهو إشارة إلى القول بعدم وقوعه أو وقوعه مع عدم قبوله على ما ذكر. بعض شراح الكشاف، وقوله ولذلك نكره أي امرأة مؤمنة إذ ليست معلومة وأيضاً إن الدالة على أنه أمر مفروض تشير لذلك. قوله:(ميمونة الخ) ميمونة بنت الحرث توفي زوجها
فتزوّجها النبيّ صلى الله عليه وسلم سنة سبع، وأمّ شريك بنت جابر طلقها النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها، وكانت وهبت نفسها له صلى الله عليه وسلم وخولة بنت حكيم وهبت
نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم فأرخاها فتزوّجها عثمان بن مظعون بإذنه، وقوله أو مدة إن وهبت فيكون في محل نصب على الظرفية وأكثر النحاة لا يجيزونه في غير المصدر الصريح كآتيك خفوق النجم، وغير ما المصدرية فقول المصنف إنه كقولك ما دام الخ غير متجه إلا أنّ من النحويين من أجازه، وقد جوّز في هذه القراءة أن يكون بدلاً من امرأة. قوله:(شرط للشرط الأوّل) يعني أنّ الشرط في مثله قيد للأوّل، ولذا أعربه النحاة حالاً لأنها قيد واشترط الفقهاء تقدم الثاني في الوجود حتى لو قال إن ركبت إن أكلت فأن طالق لا تطلق ما لم يتقدم اكل على الركوب ليتحقق تقييد الحالية لكن السمين استشكله بما هنا لأنهم جعلوه بمنزلة القبول لأن القصة في الواقع كذلك على ما عليه عامّة المفسرين فمن غير القبول في عبارة المصنف بالإيجاب لينطبق على القاعدة لم يصب، ثم قال إنه غرضه على علماء عصره فلم يجدوا مخلصا منه إلا بأنّ هذه القاعدة ليست بكلية بل مخصوصة بما لم يقم قرينة على تأخر الثاني كما في نحو إن تزوّجتك إن طلقتك فعبدي حرّ فإنّ الطلاق لا يتقدّم التزوّج، وما نحن فيه من هذا القبيل، ثم قال فمن جعل الشرط الثاني هنا مقدما لم يصب فإرادة طلب النكاح كناية عن القبول، وليس المراد بها الإرادة المتقدمة. قوله:(والعدول عن الخطاب) في قوله بنات عمك الخ وقوله مكرّراً أي لفظ النبيّ، وقوله الرجوع إليه أي إلى الخطاب، وقوله لأجله أي لأجل شرف النبوّة وهذا شامل لتخصيص الله له بهذا ولهبتهن أنفسهن فإنه لم يكن حرصاً على الرجال بل على الفوز بشرف خدمته، والنزول في معدن الفضل فيرتفع ما في هبتهن الصادر من عائشة غيرة عليه سك! ب! فليس محل هذا العدول بعد قوله خالصة لك، وليس هذا محل تقرير النبوّة كما توهم. قوله:(واحتج به) أي بقوله خالصة لكونه من خصوصياته صلى الله عليه وسلم فلا حجة فيه لأبي حنيفة رحمه الله، وقوله لأنّ اللفظ تابع للمعنى يعني لما خص به جواز المعنى خص به جواز اللفظ، وعليه منع ظاهر فالآية لا تصلح دليلا لا لنا ولا لهم لأنّ معنى وهبت ملكت بعضها بلا مهر بأفي عبارة كانت إن اتفق ذلك، وحيث لم يكن هذا نصا في كون تمليكه بلفظ الهبة لم يصلح لأن يكون دليلا على صحة النكاح بلفظ الهبة خصوصاً إذا كان من خواصه صلى الله عليه وسلم وادّعاء الاشتراك في اللفظ يحتاج إلى دليل فكيف يصح استدلال أبي حنيفة على الشافعيّ بهذه الآية كما فصله شرّاح الكشاف والحق أبلج، ولهم في هذا المقام كلام طويل أكثره مدخول فلذا تركناه. قوله:(والاستنكاح طلب النكاح) هذا أصل معناه لغة، وقد مرّ أنّ المراد به القبول هنا فسقط ما قيل إن الأولى تفسيره بالنكاح لأن الاستفعال يجيء بمعنى الثلاثيّ ولا تكرار فيه كما توهم ولا ركاكة بناء على أنّ
حاصله طلب القبول، وقوله مصدر مؤكد أي للجملة قبله كوعد الله وصبغة الله، وفاعلة غير عزيز في المصادر كما قاله الزمخشريّ: وقوله أو إحلال ما أحللنا لك فإن كان معناه لا تحل أزواجه واماؤه لأحد بعده ورجع لما تقدم لم يبق فيها متمسك للشافعيّ أصلاً وشرائط العقد مفصلة في الفقه، وقوله حيث لم يسم أي يعين ويعلم منه وجوبه إذا سمي بالطريق الأولى. قوله:(من توسيع الأمر فيها) بعدم تعيين العدد كالحرأئر، وقوله كيف ينبغي الخ معمول علمنا أي علمنا ما ينبغي فيه وفعلناه على مقتضى علمنا وحكمتنا، وقوله اعتراض خبر أي قوله علمنا إلى هنا جملة معترضة بين التعليل، والمعلل وقوله لا لمجرّد قصد التوسيع عليه والعلة وان دلت على أنه للتوسيع بصريحها لكن الاعتراض الدال على أنّ الفرق بينه وبين العباد على ما ينبغي من الحكمة دال على عدم القصر عليه، وهذه الدلالة عند الاعتراض أقوى من التأخير ولو جعل الاعتراض لتقرير الخلوص جاز أيضاً والتوسيع في زيادة العدد، والتضييق في مغ غير المهاجرات معه، وقوله لما يعسر التحرز عنه أو لما يشاء وهو الأولى. قوله:(تؤخرها) بتأخير قسمها لأنه رخص له فيه في قول أو بترك مضاجعتها فما بعده تفسير له، وكذا قوله تضم إليك أي في القسم أو المضاجعة، وقوله بالياء أي بدل الهمزة ومعناه تؤخر أيضاً، وقوله أو تطلق هو تفسير ابن عباس رضمي الله
عنهما قيل وهو تمثيل إذ لا مانع من إرادة الجميع، وقوله في شيء من ذلك أي المذكور قيل ظاهره أنه جعل من ابتغيت عطفاً على من تشاء الثاني، والمراد غير المطلقة بقرينة المقابلة ولا يخفي قلة فائدته والعموم لا يمنع ما جوّز فيه من كون من هذه شرطية منصوبة بما بعدها، وقوله فلا الخ جوابها أي من طلبتها من النسوة التي عزلتها فليس عليك في ذلك جناح ويجوز كونها موصولة، والجملة خبرها والتقدير من ابتغيتها لا جناح عليك في ابتغائها، وقيل فيه حذف معطوف أي ممن عزلت ومن لم تعزل سواء لا جناج عليك كما تقول من لقيك ممن لم يلقك جميعهم لك شاكر ولا يخفى بعده وقد جوّز في من أن تكون بدلية لا سيما إذا كانت الآية الثانية منسوخة بها.
قوله: (ذلك التفويض) أو الإيواء والأوّل أنسب لفظاً لأنّ ذلك للبعيد وهذا معنى لأن قزة عيونهن بالذات إنما هي بالإيواء، وأقرب تفسير أدنى، وقوله إلى قرّة إشارة إلى أنه على نزع الخافض وهو قياسي فيه، وقوله عيونهن إشارة إلى أنّ جمع القلة أريد به الكثرة هنا وهو جائز، وقوله قلة حزنهن إشارة إلى أن مع الترجيح لا يخلون من حزن مّا ولذا قال والله يعلم ما في قلوبكم للتهديد وقيل القلة بمعنى النفي اختيرت لمجانسة القرّة، والأوّل أظهر، وقيل إنه! هـ مع تفويض القسم له لم يترك التسوية أصلاً كرما منه إلا لسودة رضي الله عنها فإنها وهبت نوبتها لعائشة رضي الله عنها، وقوله فتطمئن نفوسهن أي لكونه بأمر الله ولأنّ الله سوى بينهن لكنه فوّض له ما يقتضيه شأنه، وقوله تأكيداً لهن أي من آتيتهن إما على أنّ الإشارة للإيواء فظاهر، وأمّا إذا كان للتفويض فآتيتهن بتأويل صنعت معهن فيعم ترك القسم والمضاجعة، وقوله فاجتهدوا أي جدوا في تحسين ما في القلوب من الرضا والنية الحسنة. قوله:) بذات الصدور) خصه للتصريح به في غير هذا المحل ولقوله قبله ما في قلوبكم، وقوله فهو حقيق بأن يتقي لأنّ غضب الحليم أعظم فانتقامه أشدّ، وقوله تأنيث الجمع غير حقيقي وقد وقع الفصل أيضا والمراد بالنساء الجنس الشامل للواحدة ولم يؤت بمفرد لأنه لا مفرد له من لفظه، والمرأة شامل للجارية وليست بمرادة هنا واختصاص النساء بالحرائر بحكم العرف، فما قيل إنه لا دلالة على ما ذكر والاستثناء دال على خلافه ليس بشيء ولا يلزمه كون الاستثناء منقطعا على أصل اللغة ولو التزم لا محذور فيه. قوله: (من بعد التع (بناء على أنه حزم عليه ما فوقها وهو قول لهم، وقوله أو من بعد اليوم أخره لأنه ليس لقوله ولا أن تبدل بهن فائدة تامّة، وقوله من مزيد الخ فيشمل النهي تبدل الكل والبعض، وقوله حسن الأزواج فالضمير على تفسيره للأزواج والمراد بهن من يعرضن بدلاً من أزواجه فتسميتهن أزواجاً باعتبار ما يعرض مآلاً والداعي له إن الباء تدخل في المتروك دون المأخوذ فلو كانت داخلة على المأخوذ كان ضمير بهن للنساء وكانت الأزواج على ظاهرها أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم من غير تجوز وكان ضمير حسنهن للنساء لا
للأزواح، وهو أسلم من التكلف والداعي له ما ذكرنا وسيأتي تفصيله في سورة سبأ. قوله:(لتوغله قي التنكير) هذا مخالف لكلام النحاة فإنهم جوّزوا الحال من النكرة إذا وقعت منفية لأنها تستغرق فيزول إبهامها كما صرّح به الرضى فما ذكره مقتض. لا مانع، وأما ما قيل من أن منع التنكير لذلك للزوم التباس الحال بالصفة، وهو مندفع بالواو فليس له وجه لأن المصنف تابع للزمخشريّ في جواز دخول الواو على الصفة لتأكيد لصوقها كما صرّحوا به، وأما كون ذي الحال إذا كان نكرة يجب تقديمها فغير مسلم في الجملة المقرونة بالواو لكونه بصورة العاطف. قوله:(وتقديره مفروضاً إعجابك الخ) دفع لما يتوهم من أن لو تقتضي امتناع مدخولها والحال تدل على ثبوت أمر لذيها فبينهما تناف بأنه مؤوّل بوصف وجودي، وهو ما ذكر له، وقوله في أنّ الآية الدالة على عدم حل النساء له بعد ذلك منسوخة أم لا والناسخ إنا أحللنا كما قيل أو قوله تؤوي الخ كما ذكره المصنف رحمه الله لكنه على تفسيرها بالطلاق، وعدمه وتقدير تأخير نزولها إذ لا يمكن النسخ مع التقدّم فقول بعضهم إنه من الأعاجيب إذ نسخت آية متقدمة آية متأخرة نظر الظاهر ترتيب المصحف والا فهو غير متصوّر، ووجه النسخ على تفسيرها بتطلق من تشاء إنه يدل بعمومه على أنه أبيح له الطلاق، والإمساك لكل من يريد فيدل على أنه له تطليق منكوحاته، ونكاح من يريد
من غيرهن إذ ليس المراد بالإمساك إمساك من سبق نكاحه فقط لعموم من يشاء وقوله تؤوي ليس مقيدا بمنهن ولا حاجة إلى جعل ما ذكر هنا قرينة على إرادة ذلك كما توهم. قوله: (وقيل الخ) مرضه لأنّ بعد بمعنى غير حينئذ ولا إن تبدل تكرير للتأكيد والاستثناء لا يخلو من شيء لاندراج مملوك اليمين في الأربعة السابقة. قوله: (وقيل متقطع الاختصاص الشاء بالحرائر في الاستعمال كما مر وتبديلهن أزواجاً كالصريح فيه. قوله: " لا وقت أنّ يؤفإن لكم) يعني أن هذا أصله فحذف المفماف وحل المضاف إليه محله فانتصب على الظرفية وفي انتصاب المصدر غير الصمريح وغير ما فيه ما الدوامية على الظرفية قولان للنحاة أشهرهما أنه لا يجوز وقد جوّزه بعضهم فاعتراض أبي حيان ومن تابعه ليس بشيء ومن توهم إن حذف المضاف غير النصب على الظرفية فقد زاد في الطنبور نغمة. قوله: (أو إلا مأذوناً لكم) أي المصدر المؤوّل باسم المفعول في محل نصب على الحال مستثنى من أعتم الأحوال كما كان ما قبله مستثنى من أعتم الأوقات وهو مفرع فيهما إلا أن في هذا مخالفة لقول
النحاة المصدر المسبوك معرفة دائماً كما صرّح به في المغني والحق أنه سطحي وأنه قد يكون نكرة كما قيل في قوله ما كان هذا القرآن أن يفتري معناه مفترى فمن قال كون المصدر بمعنى المفعول غير معروف في المؤوّل لم يصب ويجوز أن يقدر قبله حرف جرّ وهو باء المصاحبة والمعنى إلا مصحوبين بالإذن. قوله: (لأنه متضمن معنى يدعى الأنه يقال إذن له في كذا ولا يتعدى بإلى وقوله وإن أذن أي في الدخول إلى الدار ولو صريحاً ما لم يكن مدعواً للطعام فإنّ كل إذن ليس دعوة إذ الدعوة أخص لأنها الإذن بالدخول واكل فلا وجه لما قيل إنّ الإذن هنا الإذن دلالة كفتح الباب ورفع الحجاب ولزوم الإذن في كل دخول من دليل خارج إذ ليس في الآية ما يقتضي التكرّر كما قاله الزيلعي رحمه الله. قوله: (كما أشعر به الخ) وجه الإشعار أنه حال من فاعل تدخلوا كما صرح به فيفيد أن الإذن المطلق بالدخول من غير إذن في الحضور للطعام لا يكون إذناً بحضوره كما ترى الحكماء يؤذن في الدخول عليهم لحوائج الناس دون حضور مائدتهم فلذا قيد النهي بعدم انتظارهم لإحضار الطعام فيدخلون عند وضعه وقد أذن في الدخول مطلقاً أو لأنّ المدعوّ للطعام لا ينتظره لأنه هيئ له وهذا مع ظهوره قد تكلفوا له ما لا حاجة إليه. قوله: (حال من فاعل لا تدخلوا الخ) وفي الكشاف إنه وقع الاستثناء على الوقت والحال معاً كأنه قيل لا تدخلوا بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقت الإذن ولا تدخلوها إلا غير ناظرين وردّه أبو حيان بأنه لا يقع بعد إلا في الاستثناء إلا المستثنى أو صفته إذ لا لا يتعدّد الاستثناء بأداة واحدة عند الجمهور وأجازه الكسائيّ والأخفش فيجوز ما قام القوم إلا يوم الجمعة ضاحكين والمانعون له يؤوّلون ما ورد منه بتقدير فيقدرون هنا أدخلوها غير ناظرين وهذه الحال يحتمل أن تكون مقدّرة واذا كان أن يؤذن حالاً فهي مترادفة. قوله: (أو المجرور في لكم) فالعامل يؤذن ولا محذور فيه وقوله وهو غير جائز عند البصريين ويجوز عند الكوفيين إذا لم يقع لبس كما هنا ولو أبرز قيل غير ناظر أنتم لا ناظرين أنتم كما قدره الزمخشري فإنه على لغة ضعيفة وتوله مصدر أنى الطعام الخ وقيل إنه بمعنى الوقت والآن وقوله ولا تمكثوا تفسير لقوله تفرّقوا لأنّ التفرّق ليس بلازم حتى لو ذهبوا جميعاً حصل المقصود. قوله: (والآية الخ) يتحينون بالحاء المهملة من الحين أي ينتظرون حين الطعام ويقصدونه وقوله مخصوصة خبر بعد
خبر أو حال وقوله وبأمثالهم ممن يفعل مثله في المستقبل فالنهي مخصوص بمن دخل بغير دعوة وجلس منتظراً للطعام من غير حاجة فلا يفيد النهي عن الدخول بإذن لغير طعام ولا الجلوس لمهمّ آخر ولذا قيل إنها آية الثقلاء وقد قيل بتنازع الفعلين تدخلوا ويؤذن في قوله إلى طعام ولا بأس به وأما ما قيل من إنها عامة لغير المحارم وخصوص السبب له يصلح مخصصاً كما قرّروه وتقيد الإذن بقوله إلى طعام معتبر هنا دون المفهوم فمعناه أنّ الآية ليست مخصوصة بهم نعم يكون وجهاً لتقييد الإذن بائطعام فيندفع وهم إعتبار مفهوم الموافقة عند الحنفية لا المخالفة عند الشافعية حتى يقال أين هذا من ذاك فتأمل. قوله: (لحديث بعضكم بعضا) فاللام تعليلية أو زائدة وقوله بالتسمع له أي سمعه أو استراقه وقوله عطف على ناظرين فهو مجرور ولا زائدة
ويجوز عطفه على غير فيكون منصوبا كقوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} والفعل المقدر معطوف على المذكور ومستأنسين حينئذ حال مقدرة أو مقارنة، وقوله اللبث فسره به لأنه هو المؤذي له في الحقيقة وأما كونه إشارة إلى الدخول على غير الوجه المذكور فيشمل النظر والاستئناس، أو إليهما باعتبار المذكور فغير ملائم للسياق والسباق، وقوله إشغاله من أشغله وهي لغة، وإن كانت رديئة حتى وقع الصاحب لمن كتب له إن رأى مولانا أن يأمر لإشغالي ببعض أشغاله فوقع له من كتب إشغالي لا يصلح لأشغالي. قوله:(من إخراجكم) يعني أنّ فيه تقدير مضاف، وهو إخراج ب! ليل ما بعده فإنه يدل على أنّ المستحيي منه معنى من المعاني لا ذوإتهم ليتوارد النفي، والإثبات على شيء واحد كما يقتضيه نظام الكلام فمعناه لا يترك تأديبكم والتأديب بإخراجهم لأنه كان يؤذيه ووضع الحق موضمع الإخراح لتعظيم جانبه، كما أشار إليه بقوله يعني الخ وهذا على أنّ الإشارة للبث فإن كانت لغيره قدر المنع عما ذكر، وقيل إنّ فيه مقدراً أي ولا مخرجكم فيستحيي للفاء التعليلية واولاه عطف بالواو ورد بأنّ الفاء إنما تدخل على المسبب ودخولها على السبب بتأويله به فالفاء في محلها وفيما ذكره كثرة الإضمار، وعدم توارد النفي والإثبات على مورد واحد وفيه ما لا يخفى. قوله:(يعني أن إخراجكم الخ) في الكشف يريد أنه لو كان الاستحياء من أنفسهم لقال: {والله لا يستحى منكم} فإن قلت الاستحياء من زيد للإخراج مثلا هو الحقيقة والاستحياء من إخراجه توسع بجعل ما نشأ منه الفعل كأصله وكلاهما صحيح فيصح إيقاع أحدهما موقع الآخر، قلت أراد أنه لا بد من ملاحظة معنى الإخراج فإما أن يقدر الإخراج، ويوقع عليه فيكثر الإضمار ولا يتطابق اللفظ نفيا وإثباتا، وأما أن يقدر
المضاف فيقل ويتطابق ومع وجود المرجح وفقدان المانع لا وجه للعدول فلا بد من ذكره وهذا بناء على أنّ الأصل في من أن تدخل على من يحتشمه لا على ما احتشم لأجله، وأما كون أصله يستحيي منكم من إخراجكم والله لا يستحيي منكم من إخراجكم على أنه من الاحتباك فيكاد أن يكون من الهذيان فضلا عن كونه أنسب بإعجاز القرآن كما توهم. قوله:(كما لم يتركه الله ترك الحي) يشير إلى أنّ إطلاق الاستحياء عليه، وإن كان منفياً كما مر على نهج الاستعارة بأنه شبه تركه له على أنه غير مرضي محمود كترك من ترك الفعل لاستحيائه منه أو هو مجاز مرسل استعمل الاستحياء في لازمه، وهو الترك ويجوز أن يكون مشاكلة، وقوله ترك الحي ظاهر في استعارة ومن ردّ على من جوّزها بأن المذكور في النظم الاستحياء لا الترك لم يصب بوجه، والله لا يستحي من الحق وحذف إحدى الياءين لغة شائعة وهي إما الأولى والثانية واعلالها ظاهر. قوله:(روي أن عمر رضي الله عنه الخ) رواه النسائي والحديث الذي بعده أيضاً رواه البخاري والنسائي وما ذكره أحد موافقات عمر رضي الله عنه وهي مشهورة، وقوله المستعيذة بالعين المهملة والذال المعجمة وهي امرأة تزوّجها النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل بها ورأته قالت أعوذ بالله منك فقال لها:" لقد عذت بمعاذ وطلقها وأمر أسامة فمتعها بثلالة أثواب " وذكر ابن سيد الناس في السيرة في اسمها خلافاً عند ذكر زوجاته التي فارقهن فقيل عمرة بنت يزيد الكلابية، وقيل فاطمة بنت الضحاك الكلابي وقيل غير ذلك، وقوله فهثم عمر رضي الله
عنه برجمهما لأنه لا ينعقد النكاج على أمهات المؤمنين فيكون زنا، وتوله قبل أن يمسها يقتضي أنّ المراد بالدخول بها مجامعتها لا مجرّد الخلوة، وهو كذلك وظاهره أنّ هذا الحكم مخصوص بنبينا صلى الله عليه وسلم، وقوله على ألسنتكم متعلق بتبدوا. قوله: (وفي هذا التعميم الخ (في قوله بكل شيء وشيئا دون أن يقول به وتبدوه، وقوله مع البرهان أي على إثبات علمه بما يتعلق بزوجاته لأنّ علمه بكل شيء خفي وظاهر يدل على علمه به بطريق برهاني والتهويل المزيد ومبالغة الوعيد لأنّ العالم بتفاصيل كل شيء إذا أرأد العقاب عليه يكون عقابه أشد، وأكثر كما ورد في الحديث:" من نوقش الحساب عذب ". قوله: (أو لأنه كره ترك الخ (هو قول للفقهاء كما نص عليه المفسرون لكنه قيل عليه إنّ هذه العلة، وهو احتمال أن يصفا لأبنائهما وهما يجوز لهما التزوّج بها جار في النساء كلهن ممن لم يكن أمهات محارم فينبغي التعويل على الأوّل. قوله: (من العبيد والإماء (هو مذهب الشافعي رحمه الله ومذهب أبي حنيفة أنه مخصوص بالإماء فمن تبع المصنف
رحمه الله من الحنفية هنا فقد وهم، وقد مز تفصيله في سورة النور. قوله:(يعتنون بإظهار شرقه (إشارة إلى ما تقدم من أن الصلاة بمعنى الدعاء تجوز بها عن الاعتناء بصلاح أمره واظهار شرفه، وقد مرّ أنه أرجح من جعله بمعنى الترحم مجازاً من الصلاة بمعنى العبادة المعروفة ومعنى الاعتناء بما ذكر إعلاء ذكره، وإبقاء شريعته واشاعة جلالته في الدنيا والآخرة، وليس فيه جميع بين الحقيقة والمجاز. قوله: (وقولوا اللهئم صل على محمد) فيكون اعتناء الناس بالطلب من الله أن يعتني به للإشارة إلى قصور وسعهم عن أداء
حقه، وهو من عموم المجاز لكن قال بعض الفضلاء إن سوق الآية لا يجاب اقتدائنا به تعالى فناسب، اتحاد المغني مع اتحاد اللفظ فاندفع به اعتراضه في التلويح فانظره. قوله:(وقولوا الخ) أي قولوا ما يدل عليه بأي عبارة كانت أو هو تمثيل وتسليماً مصدر مؤكد قال الإمام ولم يؤكد الصلاة لأنها مؤكدة بقوله إن الله وملائكته الخ، وقيل إنه من الاحتباك فحذف عليه من أحدهما والمصدر من الآخر، وقد قال بعض الفضلاء إنه سئل في منامه لم خص السلام بالمؤمنين دون الله والملائكة، ولم يذكر له جوابا قلت وقد لاح لي فيه نكتة سرّية وهي أن السلام تسليمه عما يؤذيه فلما جاءت هذه الآية عقيب ذكر ما يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم والأذية إنما هي من البشر، وقد صدرت منهم فناسب التخصيص بهم، والتأكيد وإليه الإشارة بما ذكر بعده، وقوله وانقادوا الخ فالسلام من التسليم والانقياد. قوله:(والآية تدل على وجوب الصلاة والسلام) لأنّ الأصل في الأمر الوجوب، وقوله في الجملة أي من غير تعيين مقدار وزمان وتكرار ولذلك اختلف فيه السلف، وقوله كلما جرى ذكره ذهب إليه الإمام الطحاوي من الحنفية، وقوله رغم الخ رواه الترمذي وغيره ورغم بكسر الغين المعجمة وفتحها في الماضي وبفتحها وضمها في المضارع وأرغمه بمعنى ألصقه بالرغام، وهو التراب ثم صار عبارة عن الذلة وهي جملة دعائية تدل على إثم تاركها وكذا ما بعده، وهو حديث صحيح أيضا رواه الطبراني والبزار من طرق، وفي الشفاء أنه صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال:" آمين ثم صعد فقال آمبن ثم صعد فقال آمين فسأله معاذ رضي الله عنه عن ذلك فقال. إن جبريل أتاتي فقال: يا محمد من سميت بين يديه فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله فقل آمين فقلت آمين وقال من أدرك رمضان فلم يقبل منه فمات مثل ذلك ومن أدرك أبويه أو أحدهما فمات مثل ذلك " انتهى والكلام عليه مفصل في شرح الشفاء. قوله: (وتجوز الصلاة على غيره تبعاً (وكذا السلام أيضاً في غير سلام تحية الأحياء، واختلف في الكراهية هل هي تحريمية أو تنزيهية والصحيح الثاني، وكذا اختلف في دعاء البشر للنبيّ صلى الله عليه وسلم بالرحمة وصحح السيوطي رحمه الله في نكت
الأذكار إنه يجوز تبعاً للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ويكره استقلالاً. قوله؟ (يرتكبون الخ) فالمراد بالأذية لهما ارتكاب ما لا يرضيا به مجازاً مرسلاً لأنه سبب أو لازم له، وان كان بالنسبة لغيره فإنه كاف في العلاقة وذكر الله ولرسوله على ظاهره، وقوله أو يؤذون رسول الله على أنّ الأذية على حقيقتها والمقصود ذكر الرسول، وذكر الله إنما هو لتعظيمه ببيان قربه وكونه حبيبه المختص به حتى كان لم يؤذيه يؤذيه كما أن من يطيعه يطيع الله. قوله:(ومن جوّرّ إطلاق اللفظ الخ) كاستعمال اللفظ المشترك في معنييه أو في حقيقته، ومجازه الذي جوّزه الشافعية، وقوله باعتبار المعمولين الواقع في بعض النسخ إشارة إلى ما ذكره في الإنصاف من أنّ تعدد المعمول بمنزلة تكرّر لفظ العامل فيجيء فيه الجمع بين المعنيين، وان كان قد ادعى هو أنه ليس من الجمع الممنوع وردّه الشرّاح كما مرّ والمراد بالمعنيين معنيي الأذية فيكون بالنسبة إلى الله ارتكاب ما يكره مجازا وبالنسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم على ظاهره، ويمكن إرجاعه إلى عموم المجاز كما عرف في أمثاله ورباعيته بفتح الراء المهملة سن بين الثية والناب، وقد كسرت في غزوة أحد كما هو مشهور. قوله:(كانوا يؤذون علياً كرّم الله وجهه) حال أو استئناف، وقوله يبتغون بالغين المعجمة أو بالمهملة ومرّض هذا لأنّ قوله بغير ما اكتسبوا يأباه ظاهره إلا أن يحمل على قصد الاكتساب وارادته، وقوله فقد احتملوا خبر الموصول المتضمن معنى الشرط. قوله:(ومن للتبعيض الخ) وقد قال في الكشاف: إنه يحتمل وجهين إن يتجلبين
ببعض ما لهن من الجلابيب فيكون البعض واحداً منها أو يكون المراد ببعضه جزأ منه بأن ترخى بعض الجلباب، وفضله على وجهها فتتقنع به والتجلبب على الأوّل لبس الجلباب على البدن كله، وعلى هذا التقنع بستر الرأس والوجه مع إرخاء الباقي على بقية البدن، وقوله يدنين يحتمل أن يكون مقول القول، وهو خبر بمعنى الأمر أو جواب الأمر على حذ {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلَاةَ} [سورة إبراهيم، الآية: 31] والجلباب إزار واسع يلتحف به فما قيل إنّ النظم عليهن دون على
وجوههن، وقد فسره يستر وجوههن وأبدانهن به فكيف يصح الحمل على التبعيض حينئذ إذ لا يصح لفظ البعض في موضع من إلا أن يبقى بعض من الجلباب غير مستعمل في الوجه، والبدن ليس بشيء لأن قوله عليهن إما على تقدير مضاف أي على رؤسهن أو وجوههن، أو على أنه مفهوم منه وإن لم يقدر، وأما قوله وأبدانهن فبيان للواقع لأنها إذا أرخت على الوجه بعضه بقي باقيه على البدن لكن المأمور به ضم بعض منه لأنّ به الصيانة. قوله:(عن الإماء والقينا!) إما من عطف أحد المترادفين أو المراد بالقينات البغايا وأما إرادة المغنية فلا وجه له، وقوله يميزن فالمراد بالمعرفة التمييز مجازاً لأنه المقصود ولو أبقى على معناه صح، قال السبكي في طبقاته واستنبط أحمد بن عيسى من فقهاء الشافعية من هذه الآية أنّ ما يفعله العلماء والسادات من تغيير لباسهم وعمائمهم أمر حسن، وان لم يفعله السلف لأن فيه تمييزا لهم حتى يعرفوا فيعمل بأقوالهم. قوله:(لما سلف أليس المراد به أمر التجلبب قبل نزول هذه الآية حتى يقال إنه لا ذنب قبل الورود في الشرع فهو مبني على الاعتزال، والقبح العقلي بل المراد ما سلف من ذنوبكم المنهيّ عنها مطلقا فيغفرها إن شاء ولو سلم إرادته فالنهي عنه معلوم من آية الحجاب التزاماً، وقيل المراد لما عسى يصدر من الإخلال في التستر. قوله تعالى: ( {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} الخ) إمّا أن يراد بالمنافقين والمرّاض والمرجفين قوم مخصوصون، ويكون العطف لتغاير الصفات مع اتحاد الذات على حد:
إلى الملك القرم وابن الهمام
أو يراد بهم أقوام مختلفون في الذوات والصفات فعلى الأوّل تكون الأوصاف الثلاثة للمنافقين، وهو الموافق لما عرف من وصفهم بالذين في قلوبهم مرض كما مرّ في البقرة، والأراجيف بالمدينة أكثرها منهم لكنه لا يوافق ما ذيل به من الوعيد بالإجلاء والقتل فإنه لم يقع للمنافقين، وعلى الثاني هم المنافقون، وقوم ضعاف الدين كالمؤلفة قلوبهم أو الفسقة وأهل الفجور والأوّل أصح لأنه لم يكن الثاني في صدر الإسلام، والمرجفون اليهود الذين كانوا مجاورين لهم بالمدينة، وهذا هو الظاهر من كلام الشيخين وقد وقع القتال والإجلاء لمن لم ينته منهم وهم اليهود وهذا لا عبار عليه، وقوله عن تزلزلهم متعلق بينته وهو على طريق اللف والنشر فهذا ناظر لضعف الإيمان وقلة الثبات وما بعده للفجور وقوله إخبار السوء كالهزيمة،
وقوله الأخبار الكاذب بصيغة المصدر وفي نسخة الأخبار الكاذبة بصيغة الجمع، وقوله لكونه متزلزلاً أي في نفسه أو لاضطراب قلوب المؤمنين به، وقوله بقتالهم واجلائهم أي بقتال بعض منهم وإجلاء بعض آخر، وقوله لنأمرنك إشارة إلى أنّ الإغراء وهو التحريش تجوز به هنا عن الأمر، وقوله ما يضطرّهم ما مصدرية وهو معطوف على إجلائهم. قوله:) وثم للدلالة على أنّ الجلاء الخ) يعني أنها للتفاوت الرتبى والدلالة على أنّ ما بعدها أبعد مما قبلها وأعظم وأشد عندهم، وقوله زماناً الخ فهو منصوب على الظرفية أو المصدرية وأما نصبه على الحال والمعنى أنهم قليلون أي أذلاء وملعونين صفته فلا يخفى حاله. قوله:(نصب على الشتم) أي بفعل مقدّر كأذم ونحوه مما يدل على الشتم، وهذه العبارة نما أتستعملها النحاة في النعت المقطوع، واذا كان حالاً فهو من فاعل يجاورونك، وقوله والاستثناء شامل له أي للحال بناء على أنه يجوز أن يستثنى بأداة واحدة معا شيئان، وقد تقدم ما فيه ومنع أكثر النحاة له. قوله:) ولا يجورّ أن ينتصب الخ) أي على أنه حال من ضمير أخذوا وقتلوا الخ أي لأنّ ما بعد أداة الشرط لا يعمل فيما قبلها مطلقا وفي المسألة ثلاثة أقوال للنحاة، المنع مطلقاً والجواز مطلقاً، والجواز في معمول الجواب والمنع في معمول الشرط وقوله لأنه لا يبذلها على أنّ المبدل هو الله. قوله:(عن وقت قيامها) إمّا لأنّ الساعة اسم الزمان أو لأنه على تقدير مضاف وقيامها وقوعها، وقوله استهزاء إن كان السؤال من المشركين المنكرين لها والتعنت من
المنافقين، والامتحان من اليهود لأنهم يعلمون من التوراة أنها مما أخفاه الله فيسألونه ليمتحنوه هل يوافقها وحياً أو لا. قوله:(شيئاً قريباً) توجيه لتذكير. وهو خبر عن ضمير الساعة المؤنث بأنه صفة للخبر المذكور لا خبر بحسب الأصل، أو هو ظرف منصوب على الظرفية فإنّ قريبا وبعيداً يكونان ظرفين فليس صفة مشتقة حتى تجري عليه أحكام التذكير والتأنيث، وقوله في معنى اليوم والوقت كما مرّ والوقت شاملى لليوم فليس فية مخالفة لما مرّ كما توهم، وقد تقدم في أنّ وحمة الله قريب
وجوه أخر، وقوله وفيه الخ أي في ة وله وما يدريك الخ، والمستعجلين هم المستهزؤون لأنّ استعجالهم استهزاء نشأ عن إنكارهم، وفي نسخة بدل الممتحنين المتعنتين، وقوله شديدة الاتقاد لأنّ تسعير النار إيقادها في الشدّة من فعيل صيغة المبالغة، وقوله يحفظهم لأنّ الولي يكون بمعنى الحافظ المتولى للأمر.
قوله: (كاللحم يشو!) وفي الكشاف تشبيه بقطعة لحم في قدر تغلي ترامى بها الغليان
من جهة إلى جهة، وقوله أو من حال إلى حال فالمراد تغيير هيآتها من سواد وتقدير وغيره، وقوده وقرك! تقلب أي بفتح التاء وأصله ما ذكر ونقلب بنون العظمة أو بالتاء والبناء للفاعل لأنه قرئ بهما، والظرف يوم وهو متعلق بيقولون، وقد جوّز فيه تعلقه بمحذوف كاذكر أو بيجدون أو نصيراً فيقولون حال أو استئناف، والقادة كالسادة لفظا ومعنى، وقوله الذين لقنوهم الكفر إشارة إلى ما أطاعوهم فيه. قوله:(على جمع الجمع) فهو شاذ كبيوتات وكون سادة جمعاً هو المشهور، وقيل اسم جمع فإن كان جمعاً لسيد فشاذ، وان كان جمعاً لمفرد مقدّر وهو سائد كان ككافر وكفرة لكنه شاذ أيضاً لأنّ فاعلاً لا يجمع على فعلة إلا في الصحيح، وقوله السبيلا بالف الإطلاق تقدّم توجيهه ومعناه جعلونا ضالين عن السبيل، وقوله أشدّ اللعن وأعظمه لأنّ الكبر يستعار للعظمة مثل كبرت كلمة، وليس هذا من التنوين وان كان للتعظيم أيضا. قوله:(فأظهر براءته صلى الله عليه وسلم من مقولهم يعني مؤذ! ومضمونه) يعني أنّ القول هنا بمعنى المقول سواء كانت ما موصولة أو مصدرية والمصدر مؤوّل بالمفعول، والمراد بالمقول مدلوله الواقع في الخارج، وبرأه بمعنى أظهر براءته وكذبهم فيما أسند إليه وإنما أوّل الفعل بإظهاره لأنّ المرتب على أذاهم ظهور تبرئته لا تبرئته لأنها مقدمة عليه، واستعمال الفعل مجاز عن إظهاره والمقول بمعنى المضمون كما يقال قالة للسبة وهي ما يسب به أمر شائع لا يكاد لكثرته يعدّ تأويلَا فما قيل إنه تعالى لما أظهر براءته مما افتروه عليه انقطعت كلماتهم فيه فبرئ من قولهم على أن برّأه بمعنى خلصه من قولهم لقطعه عنه فهو تكلف لأنّ قطع قولهم ليس مقصوداً بالذات، حتى لو
انقطع باي طريق كان طابق ما في النظم بل المراد انقطاعه لظهور خلافه فلا بد من ملاحظة ما ذكره المصنف، وأما كون البراءة لا تكون إلا من الدين أو الجب فليس مسلماً عند القائل، وان ذكره شراح الكشاف لتأويله البراءة بما ذكره. قوله:(قذفوه بعيب في بدنه الخ) الأدرة بضم الهمزة وسكون الدال المهملة وراء مهملة مفتوحة، وهاء تأنيث مرض ينتفخ منه الخصيتان ويكبران جدا لانصباب مادّة أو ريح غليظ فيهما ورجل آدر بالمد كآدم به أدرة، وفرط تستره لأنه صلى الله عليه وسلم يكره أن يكشف شيئاً من جسده فظنوه لمرض فيه يخفيه، واطلاع الله عليه لما اغتسل ووضمع ثيابه على حجر فذهب الحجر بها، وظل يجري خلفه عريانا وهم ينظرون إليه كما هو مشهور في الآثار، وقوله ذا قربة ووجاهة لأ نه من الجاه عند العظماء وهو التقرّب والعظمة والعزة. قوله:(قاصدا إلى الحق الخ) أي متوجهاً إليه كما يتوجه السهم إلى الهدف لأنه من قولهم سدد سهمه إذا وجهه للغرض المرمى، وقوله من سدج يسد أي بكسر سين مضارعه ومصدره السداد بفتح أوّله وأما سد يسد بالضم فمعناه من سد الثلمة والسداد بالكسر ما يسد به، وقوله والمراد النهي عن ضده، وهو القول الذي ليس بسديد لأنّ الأمر بشيء يلزمه النهي عن ضده والمقام للنهي عما يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، ولذا عطفه على ااضهي السابق وهو المناسب لما مرّ والمراد بزينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها وحديثها فصتها من تطليق زيد رضي الله عنه لها، وتزوّح النبيّ صلى الله عليه وسلم بها. قوله:(تقرير للوعد السابق الخ) أي بيان له على وجه التأكيد، ولذا لم يعطف والوعد قوله فاز فوزا عظيما لأنّ المراعي لها فائز كما أشار إليه وقوله إنه
كان ظلوماً جهولاً بتقدير إن لم يراع حقا فلا يأباه كما قيل مع أن قوله بتعظيم الطاعة يدفعه فتأمّل. قوله: (وسماها) أي الطاعة أمانة ظاهره أنّ الأمانة مستعارة هنا للطاعة، وليس بمراد بل هو بيان لحاصل المعنى على الوجهين وسياتي الكلام عليهما، وقوله والمعنى الخ شروع في بيان معنى الآية وما فيها من الاستعارة وقد قرّره الزمخشري على وجهين وله ولشراحه فيه كلام طويل الذيل، والذي ارتضاه المدقق في الكشف أنّ فيه وجهين الأوّل أنه أريد بالأمانة الطاعة المجازية ليتناول اللائق بالجماد والمكلفين والعرض والإشفاق والإباء عن الحمل أي الخيانة،
وعدم الأداء مجازات متفرّعة على التمثيل الذي مداره على تشبيه الجماد بمأمور متبادر إلى الامتثال تعريضا للأنسان بأنه كان أحق بذلك، وفيه تفخيم لشأن الطاعة بأنّ مشابهها يتسارع له الجماد لعظمة شأنه فكيف بها ونظيره ما مرّ في قوله:{اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [سورة فصلت، الآية: اا] وهو من المجاز الذي يسمى التمثيل كما نص عليه ثمة وان اختلف الغرض فيهما والثاني أريد فيه بالأمانة الطاعة الحقيقية لما كلفه الإنسان والعرض والإشفاق والإباء حقيقة والحمل بمعنى الاحتمال لا الخيانة، وحقيقة التمثيل إنه مثل حال التكليف في صعوبته وثقل محمله الخ والغرض تصوير عظم الأمانة وهو المراد بقوله ثمة، ويجوز أن يكون تخييلاً ومنه ظهر أنّ التخييل تمقيل خاص والتصوير لا ينافي كونه تمثيلاً وما لهج به بعضهم من الكناية الإيمائية وأخذ الزبدة من غير نظر لحقيقة التمثيل لا يطابق الحقيقة، والإصطلاج ولا يغني عن الرجوع لما مرّ مع تناقضه في مواضع وهذا أبسط موضع حقق المصنف فيه التمثيل فليحذ على مثاله فيما يرد من أمثاله، وهذا زبدته بعد مخضه وتبيين خالصه ومخضه وللنظر فيه مجال، ولكن لكل مقام مقال. قوله:(بحيث لو عرضت الخ) هذا هو الوجه الثاني فالمراد بالأممافة الطاعة الحقيقية، وهو استعارة مركبة وتمثيل تخييليّ على حد قولهم لو قيل للشحم أين تذهب لقال أسوّي العوج، والمراد أنّ ما كلفه الإنسان على ضعفه لو كلف هذه الأجرام حمله أبته فشبهت حالة الإنسان المحققة بحالة مقدرة مفروضة ومفرداته على حفيقتها والإشفاق الخوف مع الاعتناء. قوله:(حيث لم يف بها (أي بالأمانة، وهو إشارة إلى أنّ فيه مقدراً بعد قوله حملها أي وغذر أو لم يف، وقوله وهذا وصف للجنس الخ لأنّ منهم من وفى بما عاهد الله عليه كالنبيين الصديقين، وهذه الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا وتأكيدها لأنها مظنة للتردد. قوله: (وقيل المراد بالأمانة الطاعة الخ) يعني إنّ هذه الأجرام انقادت لأمر الله انقياد مثلها تكويناً وتسوية والإنسان لم يكن حاله كذلك وهو عاقل مكلف فالأمانة الطاعة المجازية الشاملة للإنسان والجماد وهو الوجه الأوّل وهو مختار الزجاج والمقصود تعظيم شأن الطاعة وتوبيخ الإنسان ففيه تقرير لما قبله أيضا، وهو تجوّز في مفردات عدة أو تمثيل يتفرع عليه تلك المجازات على ما مرّ في الكشف فالطاعة قبول الأمر وسرعة الانفعال، وقوله استدعاؤها أي تسخيرها كما بينه بقوله الذي يعم الخ، والمراد بالمختار ما يقابل الجماد من المخلوقات،
وقوله وبحملها الخيانة بتشبيه الأمانة قبل أدائها والمراد إتيان ما يتأتى منها ولا يخفى بعدهما. قوله: (وقيل إنه تعالى الخ) هذا التفسير نقله البغوي والطيبي عن السلف ولا بعد أن يخلق الله فيها فهما لخطابه فأجابت بأنها ميسرة لما خلقت له وأما كونها استحقرت أنفسها عن التكليف فلا يتم به الجواب. قوله: (ولعل المراد بالآمانة العقل أو التكليف) وفي نسخة والتكليف بالواو وهي أولى ليخرج الملك وعلى الأوّل تخصيص الإنسان دون الملك والجن لأن الكلام معه، وليس الأوّل ناظرا إلى كون السموات إحياء عاقلة والثاني إلى خلافه كما توهم فإنه مما لا يلتفت إليه، وهذا وجه رابع في الآية وليس من تتمة الثالث كما يتوهم، وقيل المراد بالأمانة المختصة بالإنسان وهي مظهر لصفات الألوهية، ولذا سمي بالعالم اكبر كما قيل:
وتزعم إنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
قوله: (اعتبارها بالإضافة إلى استعدادهن (أي من حيث الخصوصيات كالإعراض والصفات