الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرحمة وتوجيهه في الكشف بأنّ المنفي هو الرجاء، والتفريغ منه غير صحيح والإلقاء مثبت لا يصح التفريغ منه فلذا جعله بمعنى ما
ألقى الخ، وفيه نظر وقوله والتحمل عنهم ضممنه معنى التجاوز فلذا عدّاه بعن، وقوله من أصدّ لأنه يقال أصده كصذه في لغة كلب كما في الكشاف. قوله: (هذا وما قبله للتهييج (لأنه لا يتصوّر منه ذلك حتى ينهي عنه فكأنه لما نهاه عن مظاهرتهم، ومداراتهم قال إنّ ذلك مبغوض لي كالشرك فلا تكن ممن يفعله، أو المراد نهي أمّته، وان كان الخطاب له صلى الله عليه وسلم، وقوله: إلا ذاته فالوجه أطلق عليها مجازا لتنزهه عن الجوارج وسيأتي فيه وجه آخر، وقله هالك في حذ ذاته لأنّ وجوده ليس ذاتياً بل لاستناده إلى واجب الوجود فهو بالقوّة وبالذات معدوم حالاً، والمراد بالمعدوم ما ليس له وجود ذاتيئ لأن وجود غيره كلا وجود إذ هو في كل آن قابل للعدم، وسيأتي تفصيله وتحقيق المشايخ فيه، وأما حمل هالك على المستقبل، وتفسيره بأنّ كل عمل لغو إلا ما كان لوجهه فكلام ظاهرفي، وضمير إليه ترجعون لله وقيل إنه للحكم. قوله: (من قرأ طسم الخ (القصص بدل منه لأنهما اسمان للسورة، وقوله من صدق موسى خصه ىتجف لتفصيل قصته فيها، وقوله وكذب أي به، وقوله كان صادقا أي في إيمانه، وهذا الحديث من حديث أبيّ بن كعب الموضوع وهو مشهور (تمت (سورة القصص بحمد الله ومنه اللهمّ ببركة كلامك الكريم، ونبيك الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم، ألطف بنا في الدنيا والآخرة، واجعل منازلنا في الدارين عامرة لا غامرة، ويسر لنا نيل الأماني، وانشراح الصدور إنك أنت الوهاب الكريم الغفور، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
سورة
العنكبوت
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله: (مكية) وعن ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة أنها مدنية، وقيل إنها مكية إلا عشر
آيات من أوّلها إلى قوله تعالى وليعلمن المنافقين، وقوله وكأين من دابة الآية، وقيل إنها آخر ما نزل بمكة. قوله:(وهي سبع وستون آية) وفي نسخة تسع بالتاء الفوقية وهو الصحيح، وقال الدانيّ إنه متفق عليه، وقوله سبق القول فيه أي في البقرة، وقوله دليل الخ أي على أنه حروف مقطعة مستقلة أو خبر مبتدأ ونحوه مما يقدر لا مرتبطة بما بعدها لأنّ الاستفهام مانع منه (وفيه بحث) لأنّ اللازم في الاستفهام تصدره في جملته، وهو لا ينافي وقوع تلك الجملة خبراً ونحوه كقولك زيد هل قام أبوه فلو قيل هنا المعنى المتلو عليك أحسب الخ صح فلا يقال أيضا إنّ المانع منه عدم صحة ارتباطه بما قبله معنى نعم هو خلاف الظاهر، ومثله يكفي فيه فتأمّل. قوله:(الحسبان) مصدر كالغفران مما يتعلق بمضامين الجمل لأنه من الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر ودخولها عليها للدلالة على وجه ثبوتها في الذهن أو في الخارج من كونها مظنونة أو متيقنة ونحوه مما ذكر في أفعال القلوب، وقوله ولذلك أي لتعلقه بمضمون الجملة، أو دلالته على جهة الثبوت اقتضى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر متلازمين، أي لا ينفك أحدهما عن الآخر ذكرا وحذفا فلا بد من ذكرهما أو حذفهما فلا يجوز ذكر أحدهما بدون الآخر مطلقاً على ما اشتهر عند النحاة، وعليه المصنف تبعاً للزمخشريّ والفرق بينهما وبين المبتدأ والخبر حيث جاز حذف أحدهما إذا قامت عليه قرينة أنها أفعال تعلقت بمضمون الجملة، وذلك التعلق أمر خفيّ ومع الحذف يزيد الخفاء فربما ضعفت القرينة عن دفعه، كما حقق في شرح المفصل أو لأنه قصد تعلقه بهما معاً فكانا ككلمة واحدة، وحذف أحدهما كحذف بعض أجزاء الكلمة، وهو لا يجوز أمّا إذا حذفا معا فلأنه حينئذ يقطع النظر عن التعلق وبكون النظر لنفس ذلك الفعل نحو من يسمع يخل، ولا يرد عليه جواز الحف في إنّ مع تعلقها بمضمون الجمل لأنّ تعلقها ليس مقصوداً بالذات إذ المقصود مضمون الجملة في نفسه، وإنما إنّ مؤكدة له وجوّز ابن مالك ذلك نادراً لأنّ المحذوف لقرينة كالموجود، وهو مذهب الكوفيين وتبعهم المصنف، والزمخشريّ فيه في آل عمران.
قوله: (أو ما يسدّ مسدّهما (هو أن
المفتوحة مشددة ومخففة فإنها لكون مدخولها جملة استغنى بمدخولها عن المفعولين، وأمّا سد أن المصدرية مسدهما فكذلك كما تسد مسد الجزأين في عسى أن يقوم زيد قاله ابن مالك ونقله الدماميني عنه في شرح التسهيل من غير فرق، واليه أشار المصنف فقوله في الكشف إن السذ مسدّهما إنما ذكره النحاة في أنّ المضدّدة والمخففة منها، وأمّا المصدرية فقد تجري مجراها لدخولها على الجملة، وقد تجري مجرى المفرد مخالف لما ذكره أهل العربية. قوله:(فإنّ معناه الخ) يعني أنه كان قبل دخول أن المصدرية عليه فيه احتمالان الأوّل أنّ تركهم مفعوله الأوّل وهم لا يفتنون حال منه بمعنى غير مفتونين، وهو معنى قوله من تمامه، ولقولهم هو معنى أن يقولوا لأنه بتقدير اللام، وهو المفعول الثاني وكونه علة لا ينافيه كما يتوهم كما في المثال المذكور، والثاني أنّ المفعول الأوّل ضمير الناس فإنه يجوز في أفعال القلوب اتحاد الفاعل والمفعول كما في قراءة لا يحسبنهم بالغيبة كما مرّ تحقيقه، والثاني متروكين الدال عليه يتركوا، وعلى هذا فأن يقولوا بتقدير اللام متعلق به، وقوله وهم لا يفتنون حال من ضمير المتروكين أيضاً، هذا تحقيق كلامه على وجه يزيل عنه الأوهام لأنّ منهم من توهم أنه على الوجه الأوّل مشتمل على المفعولين، وعلى الثاني على ما يسذ مسدهما ولم يتنبه لما ذكر ولا لأنه غير مطابق لقوله قبيله إنّ أن يتركوا الخ سادّ مسد المفعولين، وأمّا الفصل بين الحال وذيها بالمفعول الثاني، وهو أجنبيّ فوهم لأنه بعد السد مسده ليس ثمة مفعول ثان، وقبله كان مقدماً في التقدير فلا حاجة إلى توجيهه كما توهم، وأمّا الاعتراض! على تقدير أن يكون المعنى أحسبوا تركهم غير مفتونين لقولهم آمناً بأنه يقتضي أنهم تركوا غير مفتونين لأنّ الكلام في العلة، وهي مصب الإنكار، وليس كذلك لأنّ المعنى أحسب الذين نطقوا بكلمة الشهادة أن يتركوا غير ممتحنين بل يمتحنون فيميز الراسخ دينه من غيره، ولسبب النزول فالوجه كونه ساذاً مسدّ المفعولين فغير وارد لأنّ هذا بيان لأصل التركيب المعدول عنه فيجوز أن يكون وجه العدول عنه هذا المحذور مع أنه أجيب عنه بأنه إنما يلزم ما ذكر لو كان التقدير ما ذكره، أمّا لو قدر أحسبوا تركهم غير مانتونين بمجرد قولهم آمناً دون إخلاص وعمل صالح استقام ذلك كما صرّح به الزجاح مع أنه بناء على اعتبار المفهوم، ثم إنّ الترك هنا بمعنى التصيير كما في قوله تعالى:{وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَاّ يُبْصِرُونَ} [سورة البقرة، الآية: 17] لا بمعنى التخلية ذكره الزمخشريّ وهو يتعدى لمفعولين حينئذ، وجملة أن يقولوا سادّة مسد المفعولين كما مرّ وحينئذ فلا يرد عليه أنّ الواو لا تتوسط بين المفعولين حتى يتكلف له أنه يجوز كما في قوله: وضرني هواك ~ وبي وطيبي يضرب المثل
قوله: (لقولهم آمنا الخ) إشارة إلى ما قاله الزجاج: وقوله بالصبر عليها أي على المشاق
أو على جميع المذكورات، وقوله فإنّ مجرّد الإيمان تعليل لما قبله، وعمار هو ابن ياسر رضي
الله عنه، وكان المشركون عذبوه بمكة بعد الهجرة " ويفجع " بكسر الميم وفتح الجيم بوزن منبر صحابيّ استشهد ببدر، وهو من عك سبى فمن عليه عمر رضي الله عنه وأعتقه، وقوله عمار بن الحضرمي وقع في الكشاف عامر بدله فليحرّر فإنّ ابن حجر ذكر في الإصابة أن عامر ابن الحضرمي قتل مشركا ببدر، ولهذه القصة تفصيل وهذا أوّل من قتل ببدر من المسلمين، وقوله يوم بدر يدلّ على أنّ أوّل السورة مدنيّ كما مرّ. قوله:(متصل بأحسب أو بلا يفتنون) أي هو حال من فاعل أحد ذينك الفعلين، وعلى الأول هو علة لإنكار الحسبان أي أحسبوا ذلك وقد علموا أنّ سنة الله على خلافه {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} ، [سورة الفتح، الآية: 23] وعلى الثاني بيان لأنه لا وجه لتخصيصهم أنفسهم بعدم الافتنان، ولذا قيل الأوّل تنبيه على الخطأ وتقرير لجهة الإنكار، والثاني تخطئة. قوله:(فليتعلقن علمه الخ) دفع لما يتوهم من صيغة الفعل من أنّ علمه حدث مع أنه قديم وعلمه بالشيء قبل وجوده، وبعده لا يتغير بأن الحادث تعلق علمه بالمعلوم بعد حدوثه، وقوله بالامتحان متعلق بقوله يتعلقن والباء للتعدية والمراد تعلفه بما يشبه الامتحان والاختبار في ابتلائهم بالمشاق، وقيل إنها للسببية أو الطلابسة، وقوله: يتميز به أي بالتعلق أو الامتحان وقوله والذين كذبوا إشارة إلى أنّ صلة أل فعل غير للاسمية لكونها على صورة حرف التعريف
فهو مشاكلة لما قبله لكنه اختير للفاصلة، وقوله وينوط به أي بالتميز إشارة إلى وجه آخر وهو أنّ يعلمن مجاز بوضع السبب موضع المسبب، وهو المجازاة فيظهر وجه التعبير بالفعل أيضا وهما وجهان، ولذا قال وليميزنّ أو ليجازين، وقوله ولذلك أي لإرادة التمييز أو المجازاة. قوله:) وليعرّفنهم) فأعلم مزيد علم بمعنى عرف فيتعدّى لاثنين أحدهما محذوف إمّا الثاني أو الأوّل فالتقدير ليعرّفنهم منازلهم وجزاءهم أو هو
من الإعلام وهو وضع العلامة والسمة فيتعدى لواحد. قوله: (الكفر والمعاصي) فالذين يعملون السيئات شامل للكفرة والعصاة، وخصه في الكشاف بالثاني لأنّ الناس فيما قبله المراد به المؤمنون فيختص بهم ما يقابله، ولما كان السبق والفوت عبارة عن عدم لحوق الجزاء والعقاب بهم بنجاتهم منه، وهم لا يحسبون ذلك وبظنونه جعلهم لإصرارهم بمنزلة من يقدر ذلك ويطمع فيه لغفلتهم كما حمله على ذلك الشارح الطيبيّ وردّ بأنّ الوجه أن يكون المراد الكفار، وهم لم يطمعوا في الفوت رأسا ولكن نزلوا تلك المنزلة لقوله:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ} [سورة الأنفال، الآية: 59] والمصنف جعل شموله لهما أولى ليشمل المؤمنين السابق ذكرهم، وأمّا إطلاق العمل على الكفر سواء قلنا إنه ما كان عن فكر وروية أو عن قصد أولاً فلا ضمير فيه كما توهم لاشتماله على ذلك كعبادة الأصنام مع أنه غير مسلم عند المصنف لقوله فإن العمل الخ ولو سلم فهو تغليب فلا يحتاج دفعه إلى عمل. قوله:(فلا نقدر أن نجارّيهم) إشارة إلى أنّ الفوت كناية عما ذكر وقوله وهو ساذ الخ أي حتما كما مرّ تحقيقه، وقد فصله في الكشاف وهذا بناء على أنها متعدية لمفعولين فإن كانت متعذية لواحد لتضمينها معنى قدر كما ذكره الزمخشريّ فليس من هذا القبيل، وقوله أو أم منقطعة بمعنى بل لفقد شرط الاتصال، وهو إفراد ما بعدها إن قيل باشتراطه وكونها لأحد الشيئين والإضراب إبطاليّ وكون هذا أبطلى لما فيه من نفي القدرة على الجزاء، وهو أبطل من تركه مع القدرة وقد جوّز فيه الاتصال والانتقال والإضراب مبتدأ وقوله لأن الخ خبره. قوله:) بئس الذي يحكمونه الخ (يعني أنّ ساء بمعنى بئس وما موصولة يحكمون صلتها وهي فاعل ساء، والمخصوص محذوف أي حكمهم أوموصوفة يحكون صفتها وهي تمييز والفاعل ضمير مفسر بالتمييز والمخصوص محذوف أيضا، وقال ابن كيسان ما مصدرية والمصدر المؤوّل مخصوص بالذمّ فالتمييز محذوف، ويجوز كون ساء بمعنى قبح وما إمّا مصدرية أو موصولة أو موصوفة والمضا) ع للاستمرار إشارة إلى أنه دأبهم أو هو واقع موقع الماضي لرعاية الفاصلة، والأوّل أولى وفي نسخة هنا ومصدرية أيضا أي بئس هو حكمهم على أنه المخصوص بالذمّ والمميز محذوف أي بئس حكماً حكمهم. قوله:(في الجنة) فلقاء الله مشاهدة الأنوار الإلهية، ويلزمها كل خير ونعيم، وقوله وقيل المراد الخ هو ما ذكره في الكشاف فلقاء الله بمعنى الوصول إلى
الثواب وحسن العاقبة والتخصيص لقوله يرجو فإنه لا يرجى إلا الأمر المرغوب فهو بتقدير مضاف أو مجاز مرسل لاستعماله في لازمه أو استعارة مصرّحة في لقاء، ويصح أن يكون تمثيلاً أيضا فشبهت حال المثاب في نيل ما فوق أمانيه بمن لقي ملكاً عظيماً أمّله أو الجزاء مطلقا وإليه أشار بقوله على تمثيل الخ فهو كالاستعارة في قوله:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} [سورة الفرقان، الآية: 23] ويرجو بمعنى يخاف أو يترقب لأنّ الرجاء وقع في كلامهم بمعناه ولم يرتضه لأنه لا حاجة للخروج عن الظاهر من غير ضرورة. قوله: (الوقت المضروب) أي المعين يقال ضرب له أجلاً إذا عين له وقتاً وقوله واذا كان الخ يعني أنّ مجيء الزمان كناية عن وقوع ما فيه، وقوله فليبادر الخ هو جواب الشرط لكنه أقيم دليله مقامه كما أشار إليه، أو المراد أنه عبارة عنه وقوله ما يحقق أمله ناظر إلى التفسيرين الأوّلين وما بعده إلى الأخير ويصح جعل الكل للكل فتأمّل، وقوله فإنما الخ القصر فيه إضافيّ أو قصر قلب وقوله وإنما كلف الخ بيان للحكمة حينئذ، وقوله الكفر بدل من سيآتهم، وقوله السميع لأقوال العباد الخ إشارة إلى أنه تذييل لحصول المرجوّ والمخوف وعدا ووعيدا. قوله:(أحسن جزاء أعمالهم) إشارة إلى أنّ فيه مضافاً مقدراً والتقدير بالأحسن لأنه مضاعف ولو قدر بأحسن أعمالهم، أو جزاء أحسن أعمالهم لإخراج المباج جاز، وقوله بإيتائه بالمد في أكثر النسخ وهي أصح وفي بعضها بإتيانه بالنون وهو عليهما مصدر مضاف
للفاعل والمفعول هو المذكور في النظم لا محذوف وهو والديه، فما قيل لو قال بإيتائهما على أنه إشارة إلى تقدير مضاف في النظم كان أظهر لا وجه له، وقيل إنّ الضمير للوالدين بتأويل كل واحد منهما وهو خلاف الظاهر مع أنه غير مراده. توله:(فعلا دّا حسن) يعني أنّ حسناً معمول للمضاف المقدر وهو إيتاء إمّا بتقدير مضاف في المفعول أو على قصد المبالغة، وأورد عليه أنّ حذف المصدر وإبقاء معموله لا يجوز وهو غير مسلم وفيه وجوه أخر مفصلة في الإعراب. قوله:) ووصي يجري مجرى أمر) في كلام العرب فيستعمل بمعناه ويتصرّف تصرّفه ولذا عدى بالباء مثله، وقوله هو أي وصي بمعنى القول لأنّ الوصية تكون به فاستعمل بمعناه، والتقدير على هذا وصيناه أحسن
حسناً أي قلنا له ذلك وهذا على مذهب الكوفيين القائلين بأنّ ما يتضمن معنى القول يجوز أن يعمل في الجمل من غير تقدير له فبوالديه متعلق بو! ينا ولم يتجوّز به عن معنى قلنا حتى يرد عليه أنّ بوالديه إذا تعلق بأحسن لا يصح أن يقال بوالديه بالغيبة وليس محلا للالتفات كما قيل، وقوله وقيل هو على المذهب الآخر فيقدّر القول لأنّ وصينا يدل على قول مضمر مقوله فعل أمر وهو أولهما من أولاه كذا إذا أعطاه أو أفعل، وذلك الفعل ناصب لقوله حسناً على أنه مفعوله، وهو أوفق لما بعده من الخطاب والنهي الذي هو أخو الأمر إذ على الأوّل مقتضى الظاهر وإن جاهداه وبه يتمّ الارتباط، وقوله يحسن الوقف لأنه على تقدير قلنا له أفعل بهما حسنا وهي جملة مستأنفة مفسرة لما قبلها جواب سؤال مقدر وتقديره ما قلت لهم لا ما تلك الوصية كما قيل لأنه لا يناسب تقدير قلنا كما قيل وفيه نظر، ومرضهما لما في الأوّل من أعمال ما ليس بلفظ القول في الجملة، وهو مذهب مرجوح ولما في الثاني من كثرة التقدير. قوله:(بالهيتة) فهو على تقدير مضاف، وقوله عبر الخ قيل عليه إنه ينافي ما قدمه في القصص من أنه من خواص العلوم الفعلية، وأجيب بأنه منها لأنّ الأوثان من مصنوعاتهم، وهو مع إن ما عام لما سواه تعالى بمقتضى المقام فلا يخص الأصنام غير صحيح في نفسه لأنّ المراد بالعلم الفعلي علم الله الحضوري لا علم غيره كما صرّحوا به هناك، وكذا الجواب بأنّ المراد بالنفي النفي في نفس الأمر فإنه ناشئ من عدم التدبر فإنّ ما مرّ هناك أنه يلزم من نفي العلم مطلقا نفي المعلوم فيكون باطلاً لأنّ النفي والبطلان متلازمان، وهو قد صرّح به هنا بقوله وان لم يعلم بطلانه، وعدم الاتباع شيء آخر فإن ما لا يعلم صحته ولو إجمالاً كما في التقليد لا يجوز اتباعه كما لا يخفى فالمعنى عدل عن نفي المعبودية، والإلهية بحق ضها أي عن ذى هـ إلى ذى نفي العلم لأنه أبلغ هنا لا أنه مراد من اللفظ مجازا أو كناية حتى يرد ما ذكر مع أنه غير مسلم كما مرّ فتدبر. قوله:(لا طلاعة الخ) هو حديث مخرّح في السنن، وقوله ولا بد من إضمار القول إن لم يضمر قبل لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر لأنّ الجملة الشرطية إذا كان جوابها إنشاء فهي إنشائية كما صرّحوا به فإذا لم يضمر القول لا يليق عطفها على وصينا لما ذكر، ولا
على معمول وصينا الذي عمل فيه لكونه في معنى القول وهو أحسن كما مز، وإن توافقا في الإنثائية لأنه ليس من الوصية بالوالدين لأنه نهى عن مطاوعتهما، وأمّا عطفه على قلنا المفسر للتوصية فلا يضرّ لما فيه من تقييدها بعدم الإفضاء إلى المعصية مآلا فكأنه قيل أحسن إليهما وأطعهما ما لم يأمراك بمعصية فسقط ما قيل من أنه إذا كان وصي بمعنى قال لا يحتاج للإضمار أيضا وأورد مثله على قوله أوفق، والاعتذار عنه بأنه أسقط عن حيز الاعتبار لأنه غير متعارف، أو بأنّ المراد بالإضمار ما يشمل التضمين من بعض الظن فأعرفه. قوله:(مرجع من آمن الخ) إشارة إلى أنه مقرّر لما قبله ولذا لم يعطف، وقوله بالجزاء عليه إشارة إلى أنه المراد مجرّد الإعلام لأنهم إذا أعلموا بما صدر منهم جازاهم عليه والضح بفتح الضاد المعجمة وتشديد الحاء المهملة ما يقع عليه ضوء الشمس، وحرّها وخفتة بفتح الحاء المهملة، وسكون الميم وفتح النون وتفصيل القصة في الكشاف وكون ما في الأحقاف نزل فيه رواية فلا ينافي ما سيأتي فيها من أنها نزلت في أبي بكر رضي الله عنه مع أنهم جوّزوا تعدد سبب النزول. قوله:(في جملتهم) إشارة إلى أنّ معنى إدخالهم فيهم كونهم معدودين من جملتهم لاتصافهم بصفتهم، ولما كان دخولهم فيهم معلوما مما قبله فيكون مستدركا أشار إلى دفعه بوجهين
الأول أن الصلاج ضد الفساد، وهو جام لكل خير وله مراتب غير متناهية فالمراد بالصالحين الكاملين في الصلاج، ومرتبة الكمال فيه مرتبة عليا، ولذا تمناها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقول سليمان صلى الله عليه وسلم:{وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [سورة النمل، الآية: 19] والمراد بالتمني هنا الطلب، والثاني أنه بتقدير مضاف أي مدخل الصالحين، وموضع دخولهم هو الجنة فهو كقوله تعالى:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم} وفي في قوله في الله للسببية أو المراد في سبيل الله وعلى في قوله على الإيمان تعليلية. قوله: (في الصرف) أي التحويل والمنع أي في شأن الصرف وأمره أو بسببه، وكذا قوله في الصرف عن الكفر وذكر الغنيمة لأنها لازمة للنصر ولأنها الباعثة على قولهم إنا كنا معكم، وقوله في الدين إشارة إلى أنه المراد لا الصحبة في
القتال لأنها غير واقعة، وقوله والمراد المنافقون يقتضي أنّ هذه الآية مدنية لأنّ النفاق ظهر بالمدينة، وأمّا تعذيب الكفرة فلا يقتضيه كما لا ينافيه، ولذا قيل إنه قبل الوقوع وعلى طريق الفرض!. قوله:(أو قوم ضعف للمانهم (وفي نسخة ضعيف إيمانهم، وارتدادهم بعد غيبة المؤمنين حتى إعتذروا لهم بالإكراه، وقوله ويؤيد الأوّل للتصريح بالنفاق فيها، وتقدير أو ليس الله أيخفى حالهم وليس الله الخ أو أليس حالهم ظاهر لمن له فراسة أو لا تقدير فيها، وأعلم على أصله أو بمعنى عالم وفي تلوين الخطاب في الذين آمنوا والمنافقين معنى لرعاية الفواصل، واطلاق العلم على المجازاة مرّ تحقيقه، وقوله في ديننا متعلق بنسلكه أو بقوله سبيلنا فالمراد بالسبيل دينهم، وقوله إن كان ذلك أي اتباع السبيل، وقوله أو إن كان بعث يعني بإبقاء الخطيئة على ظاهرها وعمومها بخلافه على الأوّل، ولذا عطفه بأو وقوله على أمرهم أي أمر المؤمنين. قوله: (مبالغة في تعليق الحمل الخ) يعني أنّ أصل الكلام اتبعونا أو إن تتبعونا نحمل خطاياكم فعدل عنه إلى ما ذكر مما هو خلاف الظاهر من أمرهم لأنفسهم بالحمل وعطفه على أمر المخاطبين للإشارة إلى أنّ الحمل لتحققه كأنه أمر واجب أمروا به من آمر مطاع، والتعلق على الشرط الذي تضمنه الأمر كما في قولهم أكرمني أنفعك لا يفيد ذلك فقوله أمرهم مضاف للفاعل أو المفعول، وقوله والوعد بالجرّ عطف على تعليق أو هو مرفوع خبره ثمة بمعنى هناك، وكان في قوله إن كانت تامّة أي وجدت والضمير للأوزار، وتشجيعا أي حملا على الشجاعة والإقدام على الاتباع مفعول له تعليل لقوله مبالغة الخ لا لقوله أمروا أنفسهم أو للوعد، وقوله وبهذا الاعتبار أي اعتبار كونه تعليقا ووعداً لأنه في المآل خبر، ولو كان أمراً لم يحتمل الكذب لأنه لا يجري في الإنشاء والشرطية جملة خبرية، والتكذيب راجع إلى الجواب إذ الشرط قيد له عند أهل العربية والكلام المقيد هو الجزاء، وعند أهل المعقول الكلام مجموع الشرط والجزاء والتصديق والتكذيب يرجع إلى التعليق، وقيل إنّ قوله تعليق الحمل إشارة إليه ولا يخفى ما فيه من التكلف على أنّ ما هو مؤوّل بالشرط ليس حكمه حكم الشرط الصريح فتأمّل. قوله:(وما هم بحاملين شيئاً الخ) فيه إشارة إلى أنّ البيان فيه مقدّم من تأخير، وإن من في من شيء مزيد لتأكيد الاستغراق، ودفع لما قيل إنّ من ضمن شيئا ولم يف به لم يكن كاذباً
لأنه إخبار عن فعل ذلك إذ لا تقع الكفالة في الأوزار. قوله: (وأثقالاً أخر معها (هي أوزار التسبب لأنّ " من سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها " وما في لما تسببوا مصدرية وهو دفع لما يتوهم من أنه يعارض قوله ولا تزر وازرة وزر أخرى، وفي نسخة إليها أي مضمومة إليها، وقوله من غير أن ينقص الخ دفع لما يتراءى أيضا من معارضة هذا لقوله: {وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم} لأنّ المنفي الحمل بازالة أثقالها عن أصحابها وهذا حمل لمثلها في الحقيقة. قوله: (سؤال تقريع) دفع لمعارضة هذا للآيات التي نفى فيها السؤال كما مرّ، وقوله من الأباطيل التي من جملتها هذا الوعد، وقوله بعد المبعث ظرف للبث، وهذا هو المتبادر من الفاء التعقيبية، وقد قيل إنه جميع عمره، وقوله ولعل اختيار الخ أي لم يقل تسعمائة وخمسين وكمال العدد بمعنى كونه متعيناً نصا دون تجوّز وإن صرّح أهل الأصول بأنّ العدد مطلقا نص، لا يحتمل زبادة ونقصا وللشافعية خلاف فيه لكن الاحتياط، ودفع التوهم لا ينافيه مع أن هذا أخصر وأعذب وقوله من تخييل طول المدة عبر بالتخييل لأنه في أوّل قرعه للسمع، وبعد الاستثناء لا يبقى احتمال وقوله فإنّ
المقصود الخ تعليل لتخييل طول المدة، والدلالة على كمال العدد، وقوله المميزين بالتثنية يعني سنة وعاما والنكتة في اختيار السنة أولاً أنها تطلق على الثذة والجدب بخلاف العام فناسب اختيار السنة لزمان الدعوة لما قاساه فهيا ويكابده بمعنى يتحمله ويقاسيه. قوله:(طوفان الماء الخ) إشارة إلى ما قاله الراغب من أنّ معنى الطوفان كل ما طاف أي أحاط بالإنسان لكثرته، وقوله لما طاف أي هو اسم لما طاف ماء كان أو غيره لكنه غلب في الماء كما هو المراد هنا، وقوله نصفهم ذكور هو على الأقوال كلها، وقوله أي السفينة
لبقائها زمانا طويلا ولاشتهارها، والحادثة قصة نوح عليه الصلاة والسلام المفهومة مما ذكر والآية العبرة والعظة. قوله:(بإضماو اذكر) معطوفاً على ما قبله عطف القصة على القصة فلا ضير في اختلافهما خبرا وانشاء وقدر الخبر من المرسلين لدلالة ما بعده وما قبله عليه وقوله أوسلناه حين كمل عقله الخ إشارة إلى ما مرّ في الأنعام من محاجته بعدما راهق قبل البعثة لا إلى دعوة الرسالة فإنها بعد ذلك لا قبله كما هو مقتضى إذ فإنّ المضيّ بالنسبة لزمان الحكم فما قيل إنّ دلالة الآية على تقدّم هذا القول غير مسلمة ففي الوقت سعة، أو القصد الدلالة على مبادرته إلى الامتثال تكلف ما لا داعي إليه إذ الغرض بيان فضيلته على كثير من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما ذكر، وقوله إن قدر باذكر لأنه حينئذ لا يتعلق بالعامل فالتقدير اذكر إبراهيم، وقوله هذا. قوله:(مما أنتم عليه) أي على تقدير الخيرية فيه على زعمكم، وقيل التقدير خير من كل شيء لأنّ حذف المفضل عليه يقتضي العموم مع عدم احتياجه إلى التأويل إذ المراد بكل شيء كل شيء فيه خيرية فلا يتوهم احتياجه للتأويل كما قيل ويجوز كونه صفة لا اسم تفضيل. قوله:(تعلمون الخير والشرّ) أو تفاوت مراتب الخير فحذف المفعول للفاصلة مع دلالة المقام عليه، وقوله وتميزون الخ إشارة إلى أنّ المراد بعلمهما ليس إحصاء إفرادهما بل ما ذكر، وقوله أو كنتم تنظرون الخ وفي نسخة تبصرون على أنه نزل منزلة اللازم وقطع النظر عن متعلقه، وقوله وتكذبون كذبا إشارة إلى أنّ إفكا منصوب على أنه مصدر لتخلقون من معناه، وقوله في تسميتها الخ لأنّ الكذب لا يكون في العبادة لأنها فعل ولا يوصف به إلا الخبر فصرفه إلى خبر يعلم من عبادتها، وهو ما ذكر وأما كونه حكما ضمنياً تضمنته تلك التسمية كما يشير إليه كلمة في وهو أنها مستحقة للمعبودية فلا وجه له. قوله:(أو تعلمونها وتنحتونها) تفسير لتخلقون من خلق إذا اخترع وأحدث عملا وأفكاً مفعول له حينئذ لكن لا يخفى أنهم لم يعملوها لأجل الكذب، إلا أن يكون تهكما أو هي لام العاقبة، ولذا قيل إنّ الأظهر كونه مفعولاً به على جعلها كذبا مبالغة، أو الإفك بمعنى المأفوك وهو الصرف عما هو عليه لأنها مصنوعة وهم يجعلونها صانعاً. قوله:(وهو استدلال على شرارة ما هم عليه الخ) يعني لما فهم
من قوله ذلكم خير أنّ ما هم عليه شرّ لا خير فيه أثبته بقوله إنما الخ لخصر أعمالهم فيما هو شرّ محض وقوله من حيث الخ تعليل لشرارته، وقوله للتكثير الخ وهو من الخلق بمعنى الكذب وصيغة التكلف المراد بها المبالغة، وقوله في القاموس خلقه كاختلقه وتخلقه لا دلالة فيه على أن تفعل بمعنى فعل كما قيل، وقوله وافكاً أي قرئ أفكاً بفتح الهمزة وكسر الفاء على أنه مصدر أو وصف صفة لمصدر مقدر. قوله:(دليل ثان الخ) أي دليل على أنّ علمهم شرّ لا خير فيه لتركهم عبادة الرازق القدير إلى عبادة ما لا طائل في عبادته، وقوله رزقاً يحتمل المصدر أي هو مفعول به على احتمال أن يكون مصدرا وأن يراد به المرزوق بأن يكون مصدرا بمعنى المفعول، ويحتمل على المصدرية أن يكون مفعولاً مطلقا ليملكون من معناه، ويجوز أن يكون أصله لا يملكون أن يرزقوكم رزقا وأن يرزقوكم مفعول به له ورزقاً مصدره كما ذكره المعرب، وقوله وتنكيره للتعميم على الوجهين لكونه مصدراً في سياق النفي وتنوينه للتحقير والتقليل. قوله:(كله) إشارة إلى أنّ تعريفه للاستغراق، وهو مغاير لما قبله لأنه فرد منتشر وهذا جملة الإفراد وان كانت النكرة إذا أعيدت معرفة عينا أي غالبا مع أنه جائز هنا أيضا لأنهما بحسب المآل شيء واحد، وقوله متوسلين الخ أخذه من ذكره عقبه، وقوله حفكم أي أحاط بكم والشكر يزيدها ويكون سببا لبقائها فإنّ المعاصي تزيل النعم، وعلى هذا فذكرهما بعد طلب الرزق لأنّ الأوّل سبب لحدوثه والثاني
سبب لبقائه فتكون الجملتان ناظرتين لما قبلهما، وعلى الوجه الثاني وهو قوله أو مستعدين الخ هو ناظر لما بعده، ولذا قال فإنه الخ وعطفه بأو لتغايرهما بهذا الاعتبار فما قيل من أنّ الظاهر تبديل أو الفاصلة بالواو لأنه على ما ذكره لا يظهر وجه الإتيان بقوله إليه ترجعون على الأوّل غفلة عما ذكر، وقوله إليه ترجعون لا يلزم اتصاله بما قبله إذ يجوز فيه الاستئناف النحوفي مع أنه على الأوّل تذييل لجملة ما سبق مما حكى عن إبراهيم أو لأوّله والمعنى إليه ترجعون بالموت، ثم بالبعث لا إلى غيره فافعلوا ما أمرتكم به وما بينهما اعتراض لتقرير شرارتهم كما أشار إليه بعض المتأخرين.
قوله: (بفتح التاء) من رجع رجوعا، والأولى من رجع رجعا لا من أرجع لأنها لغة رديئة وتقديم إليه للفاصلة ويحتمل التخصميص، وقوله وان تكذبوني إشارة إلى أنّ المفعول محذوت للعلم به، وقوله من قبلي من موصولة مفعول كذب، ومن قبل إبراهيم كنوح وهود وصالح عليهم الصلاة والسلام، وقوله فكذا تكذيبكم إشارة إلى أنّ ما ذكر دليل الجزاء أقيم مقامه،
والجزاء في الحقيقة لا يضرّني تكذيبكم. قوله: (الذي زال معه الشك (يحتمل أنه من أبان بمعنى ظهر لأنّ ما ظهر ظهورا تاما لا يبقى معه الشك، ويحتمل أن يريد أنه من أبانه إذا فصله وأزاله لأنه يزيل الشك، وقوله وما عليه أن يصدق إشارة إلى أنه حصر إضافيّ وقوله ويحتمل أن تكون اعتراضاً الخ والواو في قوله وأن يكذبوك الخ اعتراضية والخطاب منه تعالى أو من النبيّ صلى الله عليه وسلم على معنى وقل لهم وهو ظاهر كلام المصنف، وقيل الأظهر أنه مع ما قبله اعتراض! وعلى الأوّل عاطفة على ما قبلها أو على مقدّر تقديره فإن تصدقوني فقد ظفرتم بسعادة الدارين الخ وقوله توسط صفة قوله اعتراضا، وقوله من حيث الخ بيان لوجه مناسبته لأنّ الاعتراض لا يكون أجنبيا صرفا، والتنفيس بمعنى التفريج بسعة الصدر وقوله ممتوا بصيغة المفعول أي مبتلى وفعله مناه ومنه المنية. قوله: (بالتاء (أي بالتاء الفوقية في ألم تروا، وقوله على تقدير القول أي قال لهم رسلهم ولا يجوز أن يكون الخطاب لمنكري الإعادة من أمّة إبراهيم أو محمد صلى الله عليه وسلم وهم المخاطبون بقوله وان تكذبوا لأنّ الاستفهام للإنكار أي قد رأوا والا فلا يلائم قوله قل سيروا الخ لأنّ المخاطبين فيها هم المخاطبون، أوّلاً يعني إن كانت الرؤية علمية فالأمر بالسير والنظر لا يناسب لمن حصل له العلم بكيفية الخلق، والقول بأنّ الأوّل دليل لنفسي والثاني آفاقي ليم يرض به المصنف لأنه مخالف للظاهر من وجوه كما قيل، وقد قيل عليه إنه تحكم بحت وأن ما منعه كله في ساحة الإمكان فالحق أنّ المصنف رحمه الله بني كلامه على أنّ قوله أولم يروا على قراءة الغيبة ضميره لأمم في قوله أمم من قبلكم فكذا هو في الخطاب ليتحد معنى القراءتين، وحينئذ يحتاج لتقدير القول الأوّل ليحكي خطاب رسلهم معهم إذ لا مجال للخطاب بدونه والاستدلال على مثله إقناعي فافهم، وقوله وقرئ يبدأ أي على أنه مضارع بدأ الثلائي مع إبدال الهمزة ألفاً كما ذكره الهمدانيّ. قوله: (معطوف على أولم يروا الخ) والاستفهام فيه إنكارفي فالمعطوف والمعطوف عليه جملة خبرية وعلل امتناع عطفه على يبدئ بأنّ الرؤية إن كانت بصرية فهي واقعة على الإبداء دون الإعادة فلو عطفه عليه لم يصح، وكذا إن كانت علمية لأنّ المقصود الاستدلال بما علموه من أحوال المبدأ على المعاد لإثباته فلو كان معلوما
لهم كان تحصيلاً للحاصل إلا أن يراد بهما الاستدلال على أنّ المراد بالإبداء إبداء ما نشاهده كالنبات، والثمار وأوراق الأشجار وبالإعادة إعادتها بعد فنائها في كل عام فيصح فيه العطف لكنه غير ملاق لما وقع في غير هذه الآية وبهذا التقرير سقط ما قيل إن أريد بالرؤية العلم فكلاهما معلوم، وان أريد الأبصار فهما غير مرئيين مع أنه يجوز أن يجعل ما يجعل ما أخبر به الله تعالى لتحققه كأنه مشاهد. قوله:(1 لإشارة إلى الإعادة) والتذكير لتأويله بما ذكر أو بان والفعل، وهذا على التفسيرين بأن يراد على الثاني بالإعادة الإعادة الحقيقية لكونها في حكم المذكور وكذا ما بعده، وقيل الأوّل على الأوّل، والثاني على الثاني وقوله إذ لا يفتقر أي لا يحتاج ويتوقف إيجاده على شيء آخر خارج عن ذاته فلا ينافي توقفه على القدرة إن قلنا إنها مغايرة للذات، وقوله لإبراهيم متعلق بكلام وهذا على الوجهين كونه من قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام أو اعتراض. قوله:
(على اختلاف الأجناس والأحوال) إشارة إلى تغاير الكيفيتين بأنّ الأولى باعتبار المادّة وعدمها وهذه باعفار تغاير الأجناس والأحوال ولا يضرّ كون الأوّل ملقى للأمم، وهذا لغيرهم لأنه كلما تمّ التغاير كان أكثر فائدة، وكذا ما قيل هذا عينيّ وذاك علمي أو هذا آفاقيّ والأوّل أنفسيّ. قوله:(بعد النشأة الخ) النشأة والنشاءة بالمد الإيجاد والخلق، وقوله من حيث إنّ كلا الخ هذا بناء على أنّ الجسد يعدم بالكلية، ثم يعاد خلقا جديداً لا تجمع أجزاؤه المتفرّقة على ما فصل في الكلام. قوله:(والإفصاح باسم الله (أي إظهاره في مقام الإضمار بعد الإضمار أوّلاً والقياس أن يظهر ثم يضمر كما في الجملة الأولى، وهو معنى قوله الاقتصار عليه وفي نسخة عكسه، وقوله للدلالة الخ لأنّ إسناده إلى اسم الذات معاداً صريحا يدل على الاعتناء التامّ لما فيه من تكرير الإسناد والإشعار بأنه من مقتضيات الألوهية، ولأنه لا بد في مخالفة مقتضى الظاهر من نكتة مناسبة للمقام، وقوله وأنّ من عرف بالقدرة وهو الله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [سورة البقرة، الاية: 109] وان كان الحكم على ضميره يفيده لكن الضمير لا يدل عليه ابتداء فهذا أنسب ولذا قال ينبغي وقوله أهون يعني فلا ينبغي لمن اعترف بالأوّل إنكار الثاني، فإن قلت على ما ذكر كان ينبغي فيما سبق أن ينسج على منواله قلت الأوّل ورد على مقتضى الظاهر فلا يحتاج للتوجيه بخلاف هذا، وأمّا الجواب بأنّ المراد من الأوّل ليس إثبات الإعادة لمن أنكرها فغير مسلم. قوله: (والكلام في العطف الخ) يعني أنه معطوف على سيروا ولا يضرّ تخالفهما خبراً وانشاء
فإنه جائز بعد القول وما له محل من الإعراب لأنه لا يصلح موقعا للنظر إن كان بمعنى التفكر لأنّ التفكر في الدليل لا في النتيجة فإن كان النظر بمعنى الأبصار فظاهر والرآفة بالمدّ مصدر كالسماحة بمعنى الرأفة، وهي الشفقة وقوله لأنّ قدرته لذاته يعني أنها صفة ذاتية ثابتة بمقتضى الذات، وجميع الممكنات لتجانسها بالذات بالإمكان مستوية لديه، وقوله من يشاء تعذيبه لأنّ مفعول المشيثة يقدر من جنس ما قبله وحذفه كاللازم احترازا من العبث وهذه الجملة مستأنفة لبيان ما بعد النشأة الآخرة، وقوله وأليه تقلبون تقرير للإعادة وتوطئة لما بعده. قوله:) عن إدراككم) الإدراك معناه اللحوق، والمراد أن يدرككم عذابه والتواري الاستتار، وقوله أو الهبوط أي النزول، والمهاوي جمع مهواة وهي البقعة المنخفضة جدا كالبئر، والمراد مكان بعيد الغور والعمق بحيث لا يوصل إليه، وان كان يرى من فيه ولذا عطفه بأو فلا وجه لما قيل، أنّ الأظهر العطف بالواو كما في بعض النسخ ولا حاجة لتأويله بجهة السفل، وقوله أو القلاع فالمراد بالسماء ما ارتفع، وقوله الذاهبة فيها أي المرتفعة في جهتها. قوله:(وقيل ولا من في السماء) يعني أنه حذف منه اسم موصوف هو مبتدأ محذوف الخبر والتقدي ولا من في السماء بمعجزه والجملة معطوفة على جملة أنتم بمعجزين في الأرض، ووجه ضعفه ظاهر لما فيه من حذف الموصوف مع بقاء صلته وهو ضعيف وحذف الخبر أيضا مع عدم الحاجة إليه. قوله: (كقول حسان رضي الله عنه من قصيدة أجاب بها أبا سفيان لما هجا النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل إسلامه، والتقدير ومن يمدحه الخ والحذف فيه ظاهر لأنه لو عطف على صلة من الأولى كان الهاجي والمادح شخصاً واحداً، ولا يصح الإخبار عنه بسواء لما فيه من مساواة الشيء لنفسه، إلا أن يجعل الموصول عبارة عن اثنين أو فريقين وهو خلاف الظاهر أيضا، وقد قيل إنه ضرورة فلا يقاس عليه مع أنّ أبن مالك اشترط في جوازه عطفه على موصول آخر كما في البيت. قوله: (يحرسكم ويدقعه الف ونشر فالأوّل تفسير لوليّ بمعنى من يلي جانب الخوف بالحراسة، والثاني لنصير وقوله من الأرض، ومن السماء أخذه مما قبله، وقوله بدلائل الخ إشارة إلى أنّ الآيات بمعنى العلامات أريد بها الدلائل أو ظاهرها وفسر اللقاء بالبعث، ولم يفسره بالرؤية لعدم مناسبته للمقام، واليأس انقطاع الطمع بعد الرجاء فأريد به مطلق انقطاع
الطمع أو هو على حقيقته لظنهم ذلك، والمبالغة لجعل اليأس كأنه مضى وانقطع فتدبر. قوله:(أو أيسوا في الدنيا) كأنه جعل ذلك الإنكار يأساً بالقوّة على حذ قوله فما أصبرهم على النار أي أجرأهم على المعصية. قوله: (وكان ذلك قول بعضهم البعض لبعد قولهم له جميعا ولئلا يتحد الآمر، والمأمور واسناد
ما صدر من البعض إلى الكل والمراد بالقتل ما كان بسيف ونحوه فتظهر مقابلة الإحراق له، ولا حاجة إلى جعل أو بمعنى بل، واشتراط الرضا فيه مرّ تحقيقه، وقوله قبل منهم من القبول وفي نسخة قيل فيهم وقوله فقذفوه إشارة إلى أن الفاء فصيحة، وقوله واخمادها أي إطفاؤها في مقدار طرفة عين بحيث لا تؤذيه ولكن أحرقت وثاقه لينحل، وهذا لا ينافي جعلها بردا وسلاما لأنه بعده أو المراد بالإخماد عدم التأثير أو هما روايتان، وقد قيل: إنه أنبت له فيها زهر وجعلت روضة أنيقة، وقوله في زمان يتعلق بالإخماد. قوله:(لتتواذوا) يعني أنه مفعول له وقوله لاجتماعكم على عبادتها بيان لحاصل المعنى المراد، وقوله محذوف تقديره ا-لهة وجوّز أن يكون متعدّياً لواحد من غير تقدير كاتخذتم العجل، وردّ بأنه مما حذف مفعوله أيضا وقوله بتقدير مضاف أي ذات مودّة وترك لشهرته، ويجوز جعلها نفس المودّة مبالغة، وقوله أي اتخذتم أوثانا سبب المودّة تفسير له على الوجهين لا بيان لتقدير المضاف حتى يكون واقعاً في غير موفعه لأنه ينبغي تقديمه على التاويل الثاني، أو تأخير الأوّل وأورد عليه أنه كان ينبغي أن يقول سبب موذة بالتنكير لثلا يكون المفعول الأوّل نكرة والثاني معرفة وهو غير جائز لأنهما في الأصل مبتدأ وخبر وفيه نظر. قوله: (والوجه (أي على هذه القراءة في إعرابه ما سبق من كونه مفعولاً له أو مفعولاً ثانيا الخ، وبينكم منصوب بمودّة أو
صفة له، وقوله والجملة الخ ويجوز كونها المفعول الثاني، واذا كانت ما مصدرية أو موصولة بمودّة أو صفة له، وقوله والجملة الخ ويجوز كونها المفعول الثاني، دىاذا كانت ما مصدرية أو موصولة فمودّة خبر بالتأويل السابق وفتح بينكم لبنائه لإضافته للمبنيّ فمحله الجرّ، وتقطع بينكم بالفتح في قراءة لما ذكر، وهو قول الأخفش ولم يذكره المصنف رحمه الله في تفسيرها، وقراءة إنما مودّة بينكم بالإضافة، وجرّ بين قراءة ابن مسعود رضي الله عنه، وقد وقع في نسخة وقرأ ابن مسعود. قوله:(يقوم التناكر والتلاعن) أي يظهر وهو تفسير للكفر، وقوله أو بينكم وبين الأوثان وهو المناسب لجعلها مودّة وفيه تغليب الخطاب وضمير العقلاء، وقوله ابن أخته هو رواية، ومرّ في الأعراف أنه عمّ لوط عليهما الصلاة والسلام وهي رواية أخرى فلا تنافي بين كلاميه وفي جامع الأصول إنه ابن أخيه هاران بن تارج، وقد قيل إنّ التاء الفوقية هنا تصحيف فيوافق ما في الأعراف فتأمّله، وقوله وأوّل من آمن به أي بنبوّة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وان كان مؤمناً قبل ذلك، وقوله وقيل الخ مرضه لضعفه رواية ودراية لأنه يقتضي عدم إيمانه قبل، وهو غير لائق بلوط عليه الصلاة والسلام، وضمير قال إني مهاجر لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لئلا يلزم التفكيك. قوله:) من كوني) بضم الكاف والمثلثة والقصر بلدة بالعراق ومحله بمكة، وقال ابن خالويه رحمه الله إنها اسم مكة فلذا أضافها لسواد الكوفة لتتميز عن غيرها، ويحتمل سواد أن يكون عطف بيان لها أو بدلاً، والسواد الناحية، وسدوم اسم قرية لوط عليه الصلاة والسلام ودالها معجمة ومهملة. قوله:(ووهبنا) معطوف على ما قبله ولا حاجة إلى عطفه على مقدر كاصلحنا أمره، والنافلة تقدم تفسيرها، وقوله ولذلك لم يذكر إسماعيل عليه الصلاة والسلام أي لأنه في مقام الامتنان وذكر الإحسان وذلك بهما لما ذكر بخلاف إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وكأنه لم يرتض ما في الكشاف من أنه ذكر ضمنا وتلويحاً بقوله:(وجعلنا في ردته النبوّة والكتاب) ولم يصرّح به لشهرة أمره وعلوّ قدره خصوصاً والمخاطب نبينا صلى الله عليه وسلم وهو من أولاده وأعلم به، وقيل إنه لا يناسب ذكره هنا أيضا لأنه ابتلى بفراقه ووضعه بمكة دون أنيس له، ولا ينافي ما ذكره المصنف قوله الحمد لله الذي وهب لي على الكبو إسماعيل لأنه لا يدل على أنه كان في سن العقر فتأمّل. قوله: (يريد به الجنس
الخ) المراد الجنس على سبيل الاستغراق فإنّ الجنس صادق عليه فلا يرد عليه أنّ الجنس يتحقق في ضمن فرد فلا يتحقق الشمول مع أنّ تقديم في ذريته يفيد القصر، وقصر الجنس يستلزم اختصاص جميع الإفراد كما مرّ، وقوله: واستمرار النبوّة قيل إنه يفهم من قصر النبوّة فالعطف يأباه، والجواب ما مرّ وقوله واللاة عليه آخر الدهر أي إلى آخر الدهر وهو قولنا كما صليت على إبراهيم في الصلاة، وقوله لفي عداد الكاملين في الصلاح مرّ تحقيقه. قوله:(بإعطاء الولد في غير أوانه) فهو وما بعده من التعميم بعد التخصيص كأنه لما عدد ما أنعم به عليه من
النعم الدينية والدنيوية قال وجمعنا له مع ما ذكر خير الدارين، وعطف العامّ على الخاص كثير في القرآن فلا وجه للاعتراض عليه بأنه يأباه العطف، وقيل كون ذلك في مقابلة هجرته إلى الله لم يفهم مما سبق، وفيه نظر لأنه وان لم يفهم منه فهو مطلق صادق عليه. قوله:(عطف على إبراهيم) على الوجهين وآثره لأنه قرن به في كثر المواضمع أو هو معطوف على ما عطف عليه، وهو نوحاً لتقدمه، وقوله البالغة في القبح من تاء المبالغة والاستفهام للإنكار والثاني ما بعده، وقوله استئناف أو حال أي مبتدعين لها غير مسبوقين بها لا صفة واشمأزت بمعنى نفرت، وقوله لخبث طينتهم أي طبيعتهم والطينة تستعار لها لأنها أصل خلق منها فالطبيعة المجبول عليها تشابهها والسابلة أبناء السبيل، وقوله أو بالفاحشة عطف على قوله بالقتل أي تقطعون الطرق بسبب تكليف الغرباء، والمارّة ذلك والفاحثة السابقة ما يفعلونه بقومهم من غير إكراه فلا تكرار في هذا مع ما مرّ، والمراد بالحرث النساء كما في قوله:{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} [سورة البقرة، الآية: 223] وهو استعارة مرّ تحقيقها. قوله: (الخذف (بالخاء والذال المعجمتين هو لعبة يرمى فيها الحصى الصغار بطرفي الإبهام والسبابة، والبنادق جمع بندق وبندقة بضم الباء معرب حصى مدوّر من الطين يلعب به أو الجلوز الذي يلعب به أيضا كما هو معروف عند أهل البطالة والقمار. قوله تعالى: ( {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} الخ) هذا
الحصر لا ينافي ما وقع في الأعراف والنمل من قوله: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ} [سورة النمل، الآية: 56] لأنّ كلا من الحصرين بالإضافة إلى الجواب الذي يرجوه في متابعته، أو أنّ هذا صدر عنهم في مقام ومرّة ولم يصدر عنهم غيره فيه وذلك كذلك، وأمّا كون أحدهما أولا وذاك بعده فتعيينه مما لا يوقف عليه أو أنّ هذا جواب القوم له إذ نصحهم، وذاك جواب بعضهم لبعض إذ تشاوروا في أمره. قوله:(أو في دعوى النبوّة المفهومة من التوبيخ) المعلوم من الاستفهام الإنكاري والمفهومة صفة للدّعوى، وقوله بإنزال العذاب كأنه كان طلبه وتوعدهم به، وسنها أي جعلها سنة سيئة وطريقة لهم ابتدعوها، وقوله وصفهم بذلك أي بكونهم مفسدين دون أن يقول قومي والمبالغة كما في شرح الكشاف بوصفهم بالحمل للناس على الفساد مما ابتدعوه وسنوه، والكافر إذا وصف بالفسق أو الفساد كان محمولاً على غلوه والتمرد، وتعجيل العذاب لإزالة الفساد. قوله:(بالبشارة بالولد والنافلة) يعني في قوله فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب، واعترض عليه بأنّ يعقوب ليس معمولاً للبشارة حتى يكون مبشرا به لكن ذكره في سياقها مشعر به، ولا يلزم كون فعل البشارة عاملا فيه وقد تقدم الكلام عليه فانظره ثمة، وقوله هذه القرية يفهم منه أنها كانت قريبة من محل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقوله والإضافة لفظية أي إضافة مهلكو وليس في ذكر هذا كثير فائدة وأمّا جعلها معنوية لتنزيلها منزلة الماضي لتحققها مبالغة فمما لا داعي له. قوله:(بإصراوهم وتماديهم) متعلق بتعليل، وهو ماخوذ من كان الدالة على الاستمرار ومن اسم الفاعلى أيضا، وقال إنّ أهلها دون أنهم مع أنه أظهر وأخصر تنصيصا على اتفاقهم على الفساد، وأمّا دلالته على أنّ منشأ فساد جبلتهم خبث طينتهم إذ المراد بأهل القرية من نشأ بها فلا يتناول لوطاً عليه الصلاة والسلام ففيه خفاء، وبعد مع أنّ استثناءه منهم يأباه إلا أن يكون احتراساً فتامّل. قوله:(اعتراض عليهم الخ) بناء على أنّ المتبادر من إضافة الأهل لها العموم، وقيل عليه إنه غفلة عما مرّ من أنه يفهم من أهلها من نشأ بها ليخرج لوط عليه الصلاة وال صلام، وقد مرّت الإشادة إلى دفعه مع أن أهلها كل من سكن بها وان لم يش تولده بها، وهو لكمال شفقته عليه السلام وان لم يغفل عما مرّ احتاط فيه كما في قصة نوج عليه الصلاة والسلام، وابنه فطلب التنصيص عليه ليطمئن قلبه. قوله: (أو معارضة للموجب (بالفتح والكسر وهو الهلاك أو
ما يقتضي هلاك أهلها بالمانع، وهو أنه بين أظهرهم من لم يتصف بصفتهم فلا وجه للعموم، وقوله تسليم لقوله أي في لوط، وقوله مزيد العلم به أي بمن ذكر من لوط وأهله أو بلوط فالمزيد في الكمية أو الكيفية والظاهر الثاني والحمل على التخصيص إن حمل قوله على الاعتراض على العموم، والتأقيت إمّا تحديد المهلكين وتبيينهم، أو بيان
وقت إهلاكهم بوقت لا يكونون فيهم، وهذا معطوف على تخصيص وناظر إلى المعارضة، وقوله وانهم الخ أي مريدون لإنجائه فليس مكرّراً مع ما قبله. قوله:(وفيه تأخير البيان عن الخطاب) أي فيما ذكر في هذه القصة في النظم لأنهم قالوا مهلكوا أهلها من غير بيان للمراد من الأهل أهو الجميع أو من عد الوطأ وأهله ثم بينوه بعد ذلك فإن أراد المصنف أنّ ما ذكر يدل على جواز تأخيره في الجملة فله وجه، وإن أراد- الردّ على الحنفية فليسى بوارد لأنّ الممنوع تأخيره عن وقت الحاجة، وهذا ليس كذلك مع أنه حكاية لما وقع في غير شرعنا وأمّا رده بأنه ليس خطابا أصولياً أي حكماً شرعيا فغير مستقيم لأنه لا يخصه كما ذكر في قصة ابن الزبعري في الأصول فانظره، وقوله في العذاب ناظر للتخصيص وما بعده للتأقيت فهو لف ونشر، ويجوز التعميم فيهما. قوله:(جاءته المساءة) إشارة إلى أنّ النائب عن الفاعل ضمير المصدر والغم تفسير للمساءة وبسببهم إشارة إلى أنّ الباء سببية، وقوله مخافة الخ بيان لوجه غمه وسببه، وقوله وأن صلة أي زائدة وفائدتها تأكيد الفعلين أي شرط لما وجوابها، واتصالهما بالجرّ معطوف على تأكيد والاتصال مدلول لما أي هي مزيدة لتأكيد الكلام التي زيدت فيه فتؤكد الفعلين، واتصالهما المستفاد من لما فسقط ما اعترض به في المغني من أن الزائد إنما يفيد التأكيد كما فصلناه في نكت المغني. قوله:(بشأنهم الخ) إشارة إلى أنّ فيه مضافا مقدراً، وقوله ذرعه إشارة إلى أنّ التمييز محوّل عن الفاعل، وقوله قصير الذراع إشارة إلى أنّ الضيق مجاز في القصر وأنّ ضيقه وسعته كناية عن القدرة وعدمها كما صرّح به الزمخشري في سورة هود وقيل إنّ الذرع مجاز مفرد للطاقة، وقيل إن ضاق ذرعه استعارة تمثيلية ولكل وجه، وقوله وبإزائه أي مقابله فهو ضده. قوله تعالى:( {وَقَالُوا} ) معطوف على سيء أو على مقدر أي قالوا إنا رسل ربك كما صرّح به في هود وقوله: {لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ} ما وقع في الفروق من الفرق بين الحزن والخوف بأنّ الحزن للواقع والخوف للمتوقع على فرض صحته أكثريّ، وعليه فالتمكن
لم يقع فلذا قيل على تعليلية أو المراد على ظن تمكنهم منا ولا حاجة إليه لما مرّ، وما قيل من أنّ الحزن والخوف اندفع بإعلامهم أنهم رسل الله ليس بشيء لأنه لا دليل على تقدّم الإخبار عن النهي، والواو لا تقتضي ترتيبا مع أنه يجوز أن يكون لتأنيسه وتأكيد ما أخبروه به ونحوه. قوله:(وموضع الكاف جرّ) بالإضافة ولذا حذفت النون، وقيل إنّ محلها نصب وحذف النون لشدة اتصال الضمير به، ولا مانع من أن يكون لها محلان جرّ ونصب والفعل المقدر ننجي والأصل منجون أهلك وقوله كانت من الغابرين مستأنفة وقد تقدم الكلام فيه وفي الاستثناء مفصلاً. قوله:(عذاباً) هذا معناه بحسب عرف اللغة وأصل معناه الاضطراب فسمي به أي أطلق عليه لما ذكر، وقوله بسبب فسقهم إشارة إلى أنّ الباء سببية وما مصدرية والمراد فسقهم المعهود المستمرّ لأنّ ما المصدرية موصولة فتفيد العهد في الجملة وكان لا سيما إذا دخلت على المضارع تفيد الاستمرأر وهذا من الإضافة التقديرية والآية بمعنى العلامة وضمير منها للقرية أو للفعلة، وأنهارها معروفة إلى الآن، ولا ينافيه كونها خربت وقوله يستعملون إشارة إلى أنه منزل منزله اللازم والمراد بالتعلق ما يعم النحوقي والمعنوفي والا ظهر تعلقه ببينة، وقوله والى مدين متعلق بارسلنا مقدرا وهو يؤيد عمله أو تقديره فيما مرّ. قوله:(وافعلوا ما ترجون به ثوابه) ضمير به عائد لما وضمير ثوابه لليوم وهو إشارة إلى تقدير مضاف أو إلى المراد منه بقرينة الرجاء على معناه المتبادر منه أو هو من إطلاق الزمان على ما فيه وما قيل من أن الأمر برجائه أمر بسببه اقتضاء بلا تجوّز فيه بعلاقه السببية كما أشار إليه المصنف لا يخالف كلام أهل العربية كيف وأهل الأصول ذكرو. في النصوص القرآنية لأنه إمّا تقدير لقرينة عقلية كما في أعتق عبدك عني أو دلالة التزامية، ولا تكلف في الوجهين كما توهم وكون الرجاء بمعنى الخوف مما أثبته أهل اللغة كما هو مشهور، ومفسدين حال مؤكدة لأن العثوّ الفساد وترجف بمعنى رجفت. قوله: (في بلدهم (لأن الدار تطلق على البلد، ولذا قيل للمدينة دار الهجرة أو المراد مساكنهم وأقيم فيه الواحد مقام الجمع لا من اللبس لأنهم لا يكونون في دار واحدة، وباركين
بالباء الموحدة من البروك وهو الجثو على الركب والمراد ميتين مجازاً. قوله: (منصوبان بإضمار اذكر) أي
بإضمار فعل من هذه المادة، وهو اذكروا كما مرّ والمراد ذكر قصتهما أو هو على ظاهره وجملة، وقد تبين الخ حالية فلا يقال إنه لا يلائمه أو أنه على تقدير القول أي، وقل قد تبين الخ أو قائلا قد مررتم على ديارهم في أسفاركم، وقد تبين الخ حتى يقال إنه تعكيس للأمر وتمحل لتنزيل المقرّر على الموهوم المقدر كما قيل وقوله ما قبله هو أخذتهم الرجفة، وعطفه على ضميره يأباه المعنى.
قوله: (بعض مساكنهم) فمن تبعيضية وفيما بعده ابتدائية، وقيل سببية وقوله إذا نظرتم
بيان لطريق التبيين لا لأنه للاستمرار كما في قوله: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا} [سورة البقرة، الآية: 14] والتزيين مرّ تحقيقه، وقوله السوقي أي المستقيم إشارة إلى أن التعريف عهدفي وحمله على الاستغراق حصراً له في الموصل إلى النجاة تكلف. قوله:(متمكنين من النظر (إشارة إلى أنه مجاز من قبيل التعبير بالفعل عن القدرة عليه كإطلاق المسكر على الخمر قبل شربها وأصله طلب البصر أو البصيرة، ويجوز أن يكون المعنى كانوا من أولي البصيرة، وان لم يبصروا وهو قريب مما ذكر وقوله أو متبينين الخ فمفعوله محذوف، والضمير لعاد وثمود لا لأهل مكة كما توهم، وقوله لجوا أي داموا على اللجاج والعناد، ومنه المثل لج حتى حج أي غلب. قوله: (وتقديم قارون لشرف نسبه) بقرابته من موسى عليه الصلاة والسلام كما مز وشرفه بإيمانه في الظاهر وعلمه بالتوراة وغيرها فتقديمه في مقام الغضب أدل على أنه لا يفيد شيء وينقذ من غضب الله مع الكفر فلا يرد أنّ قصد التشريف لا يناسب المقام الممهد لبيان مظاهر الغضب بالكفر، والاستكبار كما قيل، ولو قيل إنّ التقديم لأنّ المقصود تسلية النبي صلى الله عليه وسلم فيما لقي من قومه لحسدهم له وقارون كان من قوم موسى عليه الصلاة والسلام، وقد لقي منه ما لقي أو كان من أبصر الناس وأعلمهم بالتوراة ولم يفده الاستبصار فهو مناسب لما قبله، كان
وجهاً وجيهاً وأيضاً هلاكه كان قبل هلاك فرعون وهامان فتقديمه على وفق الواقع، وأمّا توسيط عذابه فلمناسبته للغرق في كون كل منهما عذاباً سفلياً، وقوله من سبق الخ أي مأخوذ منه، وقوله كقوم لوط عليه الصلاة والسلام في نسخة وعاد وفي الكشاف الحاصب لقوم لوط، والمراد ما وموا به ومثله يكون مع ريح عاصف فلا إشكال فيه والحاصب إمّا صفة الرّيح أو الملك، وقوله كقوم نوح عليه الصلاة والسلام لسبق ذكرهم في هذه السورة وتركهم لعدم ذكرهم هنا فله وجه ولا إشكال فيه كما توهم. قوله:(ليعاملهم معاملة الظالم) يعني أنّ هذه الهيئة بمقتضى وعده لا أنه لو وقع كان ظلماً لأنه مالك الملك يتصرّف فيه كما شاء فله أن يثيب العاصي، ويعذب المطيع على مذهب أهل الحق، والتعرّض للعذاب مجاز عن فعل ما يقتضيه. قوله:(فيما 6سخذوه الخ) يتعلق بمثل، وكذا قوله فيما نسجته والمعتمد والمتكل من يعتمد ويتكل عليه آلهة أو غيرها، والمثل بمعنى الصفة العجيبة أو بمعنى الشبه كما مرّ والوهن والخور بفتح الخاء المعجمة والواو والراء المهملة كلاهما بمعنى الضعف، أعلم أنيه قال في الكشاف الغرض تشبيه ما اتخذوه متكلَا ومعتمدا في دينهم وتولو. من دون الله بما هو مثل عند الناس في الوهن وضعف القوّة، وهونسج العنكبوت ألا ترى إلى مقطع التشبيه، وهو قوله وأنّ أوهن البيوت الخ ومعنى قوله لو كانوا يعلمون أنّ هذا مثلهم وأنّ أمر دينهم بالغ في هذه الغاية من الوهن، ووجه آخر وهو أنه إذا صح تشبيه ما اعتمدوه في دينهم ببيت العنكبوت، وقد صح أنه أوهن البيوت فقد تبين أنّ دينهم أوهن الأديان لو كانوا يعلمون، أو أخرج الكلام بعد تصحيح التشبيه مخرج المجاز فكأنه قال وانّ أوهن ما يعتمد عليه في الدين عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون ولقائل أن يقول مثل المشرك الذي يعبد الوثن بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله مثل عنكبوت يتخذ بيتاً بالإضافة إلى رجل يبني بيتاً بآجر وجص أو ينحتة من صخر، وكما أنّ أوهن البيوت إذا استقريتها بيتا بيتا بيت العنكبوت كذلك أضعف الأديان إذا استقريتها ديناً دينا عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون، اهـ يعني أنّ الغرض من التشبيه تقرير وهن دينهم وأنه بلغ الغاية فيه بوجوه، الأوّل إنه تشبيه مركب في الهيئة المنتزعة كما أوما إليه بقوله اتخذوه متكلاً ومعتمدا بذكر الاتخاذ والمتخذ، والاتكال عليه وقوله وأنّ أمر دينهم بالغ الخ تصريح بالغرض منه ومدار قطبه على أنّ أولياءهم بمنزلة نسج العنكبوت في ضعف الحال، وعدم الصلاحية
للاعتماد وإنّ أوهن البيوت على هذا تذييل يعرّف الغرض من التشبيه ولذا استشهد به فقال: ألا ترى الخ وقوله لو كانوا يعلمون أيغال في تجهيلهم لأنهم لا يعلمونه مع وضوحه لدى من له أدنى مسكة، والثاني مثله إلا أنه يخالفه في أنّ قوله وانّ أوهن البيوت مقدمة مقصودة، والنتيجة مطوية في قوله لو كانوا يعلمون لأنه لنعي جهلهم بالمقصود ومجموع المقدمتين، وما بعده يدلّ
على المراد بطريق الكتابة الإيمائية والثالث يخالفه في أنّ التذييل استعارة تمثيلية تقرّر الغرض بتبعية تقرير المشبه وكان به ليدلّ به على تقرير المشبه، وأمّا قوله ولقائل الخ فوجه مستقل مبنيّ على التفريق والغرض! إظهار تفاوت المتخذين والمتخذ مع توهين أحدهما، وتقوية الآخر فيجوز كون قوله وانّ أوهن البيوت الخ جملة حالية أو اعتراضية لأنه لو لم يؤت به كان في ضمنه ما يرشد إليه، وكلامه إى هذا أميل وهو أوجه والأولى أن يكون من تشبيه المفرد لأنّ المقصود بيان حال العابد والمعبود وهذا زبدة ما في الكشف، ولا عطر بعد عروس فقوله مثلهم الإضافة الخ عطف بحسب المعنى على قوله فيما اتخذوه، وهو إشارة إلى أنه تشبيه مركب ويحتمل التفريق كما مرّ وفيه إيماء إلى قوّة الإسلام، وبنيانه وقوله كتاء طاغوت أي زائدة وجمعه على عكاب يدلّ على زيادتها، وزيادة النون أياضق لكن قال السجستانيّ في غريب سيبويه إنه ذكر عناكب في موضعين فقال في موضع وزنه فناعل، وفي آخر فعالل والنحويون يقولون عنكبوت فعللوت فعلى الأوّل النون زائدة وهو مشتق من العكب، وهو الغلظ وحكى فيه أبو زيد عنكبوت وعنكبات وعنكب انتهى. قوله:(بل ذاك أوهن) هذا لا ينافي كون وجه الشبه في المشبه به أقوى لأنه من تشبيه المعقول بالمحسوس، ووهن المعقول معقول غير محسوس لامتناع قيام المحسوس به فهو من هذا الوجه في المشبه به أقوى، وان كان في المشبه أقوى من وجه آخر ولو لم يرد هذا ناقض قوله بعده لا بيت أوهن منه مع أنّ اشتراطه في كل تشبيه ليس بصحيح كما صرّح به أهل المعاني بل قد يكتفي بكونه أشهر، وبيت العنكبوت مشهور بذلك متعارف ضرب به المثل وأيضا هذا كله إذا لم يصرّح بوجه الشبه، ويعلم الحال كما هنا واليه أشار القائل بقوله:
والله قد ضرب الأقل لنوره مثلاً من المشكاة والنبراس
قوله: (أو مثلهم بال! ! افة الخ) الظاهر أنه على هذا أيضا من التشبيه المركب لأنّ لفظ
المثل صريح فيه والفرق بينه وبين الأوّل أنه فيه شبهت حالهم في أنفسهم من غير إيماء إلى قوّة بنيان الإيمان، وفي هذا نظر إليه وأما كونه مفردا أو مفرقا فبعيد من كلامه بمراحل، وقوله يقع على الواحد الخ والظاهر أنّ المراد الجمع لا الواحد لقوله الذين وأمّا أفراد البيت فلأن المراد الجنس، ولذلك أنث اتخذت لا لأنّ المراد المؤنث لمناسبته للضعف فإنه لا يفرق بين مذكره ومؤنثه به لأنّ تأنيثه لفظيّ، وقوله كتاء طاغوت أي زائدة كما مرّ لا للتأنيث، وقوله ويجمع أي جمع تكسير فإنه يجمع على عنكبوتات أيضاً، وقوله في القاموس إنّ ما عداه اسم جمع لا وجه له لأن أعكب لا يصح فيه ذلك، وقوله وانّ أوهن الخ حالية أو مستأنفة لبيان حال بيت
العنكبوت. قوله: (لا بيت أوهن وأقل الخ) هذا يفيد أيضا نفي مساواته له في العرف كما يقال ليس في البلد أعلم من فلان فيطابق المفسر المفسر، والعدول عما في النظم مع أنه أصرج دلالة على ما ذكر لأن فيما ذكره عموم المفضل عليه لوقوعه نكرة في سياق النفي بخلاف المذكور قيه، ولو ترك ذكر الوقاية أو بدله بأقل بناء وانتفاعا كان أولى لا لتحصيل الدلالة اللغوية والعرفية كما توهم فإنه ليس بلازم هنا الدلالة على ذلك المعنى بطريقين ولا لإظهار اختلاف المقدمتين إثباتاً ونفيا حتى يكون من الشكل الثاني المنتج أن لا شيء أوهن من دينهم فإنه لو أبقى على ظاهره وأرجع إلى الشكل الأوّل هكذا، وهن المشركين كبيت العنكبوت، وهو أوهن البيوت أنتج أنّ دينهم أوهن من الجميع مع أنه مما لا داعي لارتكابه. قوله:(يرجعون إلى علم الخ) إشارة إلى أنّ لو شرطية جوابها محذوف، وأنّ يعلمون منزل منزلة اللازم وكونها
للتمني غير ظاهر، وقوله أوهن من ذلك وفي نسخة أو هي وهما بمعنى، وذلك إشارة إلى بيت العنكبوت. قوله:(ويجوز أن يكون المراد الخ) على أن يكون قوله وأنّ أوهن البيوت الخ استعارة تمثيلية مبنية على التشبيه المتقدم والمستعار له أضعف الأديان دينهم لا تصريحية في المفرد كما قيل، وقوله تحقيقاً للتمثيل أي تفريرا للتشبيه المتقدم لأنّ هذه الاستعارة مبنية عليه فإن قلت إذا كان تشبيها قبله، وقد ذكر فيه الطرفان فكيف تتوجه هذه الاستعارة أو تحسن مع ذكر الطرفين تلت ذكر الطرفين إنما يمنع من كونه استعارة في جملته، وأمّ في جملة أخرى فلا فيكون هذا جاريا مجرى الترشيح والتجريد كما إذا قيل فلد في الكرم بحر والبحر لا يخيب من أتاه على أنّ البحر الثاني مستعار للكريم، وقد صرّج بما ذكر في الكشاف وكشفه فاحفظه. قوله:(على إضمار القول الخ) أي على قراءة الخطاب أو عليهما، وقد قيل عليه إنه لا حاجة إليه لا لجواز أن يكون من باب الالتفات للغضب كما قيل تبعا للبقاعيّ لأنّ الخطاب في قوله وقد تبين لكم مسوق منه تعالى كفار مكة، وتقدير القول فيه بعيد وقوله مثل الذين اتخذوا الخ معناه منكم ومن غيركم، وأمّا قوله:{وَاتْلُ مَا أُوحِيَ} الخ فمن تلوين الخطاب فلا ينافيه، وقوله والبصريان وفي نسخة عاصم وأبو عمرو والمذكور في النشر قرأ عاصم، والبصريان بالغيبة وقرأ الباقون بالخطاب وانفرد به في التذكرة ليعقوب وهو غريب، انتهى فيعقوب وأبو عمرو من طريق الطيبة والنشر ومن طريق الشاطبية أبو عمرو وعاصم لاقتصاره على السبعة، وقوله حملاً على ما قبله في الغيبة وهو الذين اتخذوا الخ. قوله:(ومن للتبيين) أي الثانية لا الأولى لتعلقها بتدعون أو بمقدر على أنها حال أي أيّ شيء تدعونه كائنا
من دون الله وبجوز كونها تبعيضية أيضاً، وقوله مصدرية بمعنى الدعوة وشيء مصدر بمعناه أيضاً، وقوله وتنوينه للتحقير أي يعرف دعوتكم من دونه دعوة حقيرة فمن بيانية أو زائدة، ولا يخفى بعده ولو جعلت تبعيضية أي دعاءكم بعض شيء من دونه كان أولى كما قيل وقوله مفعول ليعلم على أنها بمعنى يعرف ناصبة لمفعول واحد، ومن إمّ بيان للموصوف أو تبعيضية لا زائدة في الإيجاب لضعفه. قوله:(والكلام على الأوّلين) أي كونها استفهامية أو نافية والأخيرين المصدرية والموصولية لأنه نفي للتشبيه عن معبودهم والاستفهام عنه الذي هو في معناه لأنه إنكار فيدل على التجهيل وعلى الأخيرين العلم بما ادّعوا الهيته عبارة عن مجازاتهم عليه فهو وعيد، وهذا بناء على الظاهر إذ يجوز إرادة التجهيل والوعيد في الوجوه كلها، وقوله توكيد للمثل لأنّ كونه ليس بشيء يعبؤ به مناسب له، ولذا لم يعطف وعلى الأخيرين ترك عطفه لأنه استئناف. قوله:(تعليل على المعنيين) أي التجهيل والوعيد، وقوله فإنّ الخ بيان لوجه التعليل فيه، وقوله الغاية بالنصب على أنه مفعول لقوله البالغ وهو على اللف والنشر المرتب فقوله فإنّ من فرط الخ ناظر إلى التجهيل، وقوله وانّ الخ ناظر إلى الوعيد، وقوله هذا شأنه إشارة إلى كونه عزيزاً حكيماً والقادر يفهم من كونه حكيماً والقاهر يفهم من كونه عزيزا والتعليل يفهم من التذييل بالجملة الحالية كما في نحو لا تهني وأنا صديقك القديم، وقيل إن قوله من فرط الخ على كونها نافية، وقوله وان الجماد الخ على كونها استفهامية ولا وجه للتخصيص فيه وذكر الجماد لأنه مسوق لكفار مكة وهم عبدة الأوثان فسقط ما قيل إنّ الأولى التعميم لكل ما عبد من دون الله ليشمل الملك، والبشر وأنّ كل شيء بالإضافة إليه كالعدم. قوله:(هذا المثل ونظائره) يعني أنّ اسم الإشارة البعيد ليس لما ذكر فقعل، ولذا جمع الأمثال بل له ولما ضرب به الله المثل في كتابه العزيز لما روي في سبب النزول من أنّ سفهاء قريش قالوا إنّ رب محمد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت، ويضحكون ونحوه ما وقع لأبي تمام لما اعترض! عليه بعضهم ني قوله في مدح الخليفة:
إقدام عمروفي سماحة حاتم في حلم أحنف في ذكاء إياس
وقال: ما زدت على تشبيه الخليفة بإجلاف العرب والقصة مشهورة، وقوله تقريبا الخ إشارة إلى ما في الكشاف من أنّ الأمثال والتشبيهات طرق تبوز فيها المعاني المحتجبة للأفهام،
وقوله يعقل حسنها إشارة
إلى أنه على تقدير مضاف، وقوله وعته الخ قال ابن الجوزي رحمه الله إنه موضموع لكن ابن حجر رحمه الله تعقبه بأنه أخرجه بعض المحدّثين عن جابر رضي الله عنه، ونحوه حديث:" الكيس من دان لنفسه وعمل لما بعد الموت " والمراد بالعالم فيه الكامل في صفة العلم والحقيق بأن يسمى عالماً. قوله: (محقاً) فالباء للملابسة والجارّ والمجرور حال، وقوله غير قاصد به باطلَا كقوله:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [سورة الأنبيأء، الآية: 6 ا] فتقييده بذلك إمّا لأنّ القرآن يفسر بعضه بعضاً أو لأنه لو التبس بالباطل وحده أو مع الحق لم يكن ملتبساً بالحق أمّا الأوّل فظاهر، وأمّا الثاني فلأنّ ما تركب من الباطل والحق ليس بحق فتأمّل وعدل عن قوله في الكشاف بالغرض الصحيح لما فيه. قوله:(فإنّ المقصود بالذات الخ) عبر بالخير لأنه لا يكون الأحقا، وأشار بقوله بالذات إلى أنّ فعله قد يستلزم الشرّ لكنه ليس المقصود منه ذلك، وان لزمه والدلالة على ذأته من حيث إنّ الأثر لا بد له من مؤثر، ومثل هذه الآثار تدلّ على كمال العلم والقدرة وغير ذلك وقوله كما أشار إليه أي إلى دلالته على ذاته وصفاته وأنّ المقصود بالذات ذلك، وقوله لأنهم المنتفعون بيان لوجه التخصيص. قوله:(فإن القارئ المتأمل اليئ) إشارة إلى أنّ المراد دم على ذلك لأنه كان تالياً له قبل الأمر لا لأنّ الأمر يدلّ على التكرأر، وقوله بأن تكون سببا الخ إشارة
إلى أنّ فيه تجوّزاً في الإسناد لأنها ليست بناهية في الحقيقة، وقوله حال الاشتغال منصوب على الظرفية أي في حال الاشتغال بها، وقوله وغيرها معطوف عليه والضمير للحال لأنها مؤنثة، وليس هذا كلياً حتى يرد أنه كم من مصل لا ينتهي، ويجوز عطفه على المعاصي والمعنى ينتهي بها عن المعاصي وغيرها من المكروهات والمباحات، وقوله من حيث الخ تعليل له، وقوله روي الخ قال ابن حجر أنه لم يجده في كتب الحديث لكنه وقع في ابن حبان حديث بمعناه وقوله فلم يلبث أي لم يمض عليه زمان إلى أن تاب بل رزق التوبة على الفور. قوله:(ولا لصلاة) تفسير للذكر واشارة إلى وجه التجوّز به عنها وجعلها من ا! بر لئلا يقال إنّ الإيمان أكبر منها ولو أبقاه على ظاهره صح، وقوله للتعليل أي لبيان علة كونها كذلك وعلى هذا فهو مصدر مضاف للمفعول! ، وقوله أوولذكر الله الخ فهو مضاف للفاعل والمفعول محذوف، والمفضل عليه في الأوّل غيرها من الطاعات وفي هذا قوله من ذكركم. قوله:(إلا بالخصلة) فهي صفة لهذا المقدّر، والكظم إخفاء الغيظ وتحمله، والمشاغبة بالغين المعجمة من الشغب وهو الخصومة، وقوله منسوخ لأنّ السورة مكية نزلت قبل الأمر بالقتال وهو معطوف على مقدر يعلم من السياق أي وهي مخصوصة بمن دخل في الذمّة وأدّى الجزية ونحوه، وقيل الخ فليس الظاهر ترك الواو كما توهم وهو قول قتادة، وقوله إذ لا مجادلة أشد منه مجاز كقولهم عتابه السيف. قوله:(وجوابه أنه أخر الدواء) يعني أنّ مجادلتهم بالحسنى في أوائل الدعوة لأنها تتقدم القتال فلا يلزم النسخ، ولا عدم القتال بالكلية وأمّا كون النهي يدلّ على عموم الأزمان فيلزم النسخ فلا يتمّ الجواب فيدفعه أنه تخصيص بمتصل لدخوله في المستثنى، وهو قوله إلا الذين ظلموا منهم كما أشار إليه المصنف رحمه الله وأما كونه يقتضي مشروعية القتال بمكة، وهو مخالف للإجماع فليس بصحيح لأنه مسكوت عنه وقوله آخر الدواء يحتمل أن يراد ظاهره، وأن يكون إشارة إلى ما هو كالمثل وهو آخر الدواء الكي فيكون استعارة تمثيلية. قوله:(وقيل المراد به دّوو العهد الخ) معطوف على قيل قبله ولا حاجة إلى عطفه على مقدر مفهوم من السياق والمراد أهل الكتاب عموما وهذا جواب آخر ومرضه لأنّ السورة مكية ووضع
العهد والحرب شرع بالمدينة، وكونه قبل الوقوع بعيد ولأنه لا قرينة على هذا التخصيص. قوله:(بالإفراط في الاعتداء) الإفراط مأخوذ من ذمّ الكافر بالظلم فإنه يقتضي أنه نوع من الظلم أشدّ من الكفر كما مرّ ولا يلزم منه مشروعية القتال بمكة، أو ترك المجادلة غير منحصر فيه على أنه قيل إنه شرع بمكة إذا كانوا بادئين وهذه السورة آخر ما نزل بها، وقوله أو بنبذ العهد الخ يعني إذا أريد بأهل الكتاب ذوو العهد ويرد عليه ما مرّ أنه لم يكن بمكة عهد ولا نبذ وكونه بيانا للحكم الآتي بعيد فلعل المصنف رحمه الله يجوز كون هذه الآية نزلت بعد الهجرة. قوله:(وعن النبئ صلى الله عليه وسلم الخ) هو بيان لكون القول
المذكور مجادلة لأنه كناية عن أنا لا نصدّق نقلكم ما لم نعلم به، والتكذيب والتصديق ليسا نقيضين فيجوز ارتفاعهما كما في حال السكوت والحديث المذكور صحيح وأصله مرويّ في الببخاري وقوله مطيعون له خاصة التخصيص من تقدّم له وهو المفيد للتعريض أيضاً والآية المذكورة تقدّم تفسيرها. قوله:(ومثل ذلك الإنزال) المذكور بعده، وقد مرّ تحقيقه وأنه يفيد أنه أمر عجيب الشأن أو هو إشارة إلى ما سبق من إنزال الكتب على ما ارتضاه المصنف هناك فتذكره، وقوله وحيا مصدقا مؤيد للأوّل لأنه كالبيان له وكون المراد ما ذكر بقرينة ما بعده مع التصريح به في محل آخر. قوله:(وهو تحقيق الخ) أي تقرير له كالدليل عليه فإنّ تصديقه للكتب الإلهية التي قبله يقتضي إيمان أهل الكتاب لأنه يدل على أنه مثلها في كونه وحياً إلهيا لا من حيث إنه إجمال ذلك التفصيل لأن التفصيل يحقق الإجمال بدون العكس، ولا من حيث أنه توطئة لما بعده، وأمّا كون المراد بقوله لقوله ما سبق فتعمية والغاز، وقوله عبد الذ بن سلام بتخفيف اللام، وأضرابه بمعنى أمثاله ممن أسلم من الأحبار، وصار من كبار الصحابة وضي الله عنهم، وقوله من أهل الكتابين في نسخة من الكتابيين، وهذا يؤيد ما مرّ من أنّ المصنف يرى أنّ هذه الآية مدنية إذ كونها مكية وعبد الفه ممن أسلم بعد الهجرة بناء على أنه إعلام من الله بإسلامقم في المستقبل، والتفصيل باعتبار
الإعلام بعيد جداً، واذا كان لمن مضى فالمضارع لاستحضار تلك الصورة في الحكاية. قوله تعالى:( {وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ} ) قيل الظاهر أنّ من التبعيضية هنا واقعة موقع المبتدأ كما مرّ في سورة البقرة ميلاً مع المعنى، وقد مرّ ما فيه والكلام عليه وأنّ المعنى شاهد له ونحوه ومنهم المؤمنون، وقول الحماسي:
منهم ليوث لاترام وبعضهم مما قمشت وضمّ حبل الحاطب
قيل إنه مؤيد بقوله: {مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ} فمنهم مهتد وبهذه الآية وقد غفل عن هذا السعد
فأيده بهذا البيت (قلت الم يغفل وإنما دعاه له ذكر بعض صريحاً. قوله: (أو من تقدّم عهد الرسول) فإنه ورد في الحديث إيمان بعض المتقدمين به لما رأوا نعته في كتبهم، وقوله أو ممن في عهد الرسول هذا على تفسيره الثاني، ولذا أخره ففيه لف ونشر، وقوله المتوغلون في الكفر إن كان الجحد الإنكار عن علم فهو ظاهر والا وهو ظاهر كلام المصنف رحمه الله كما مرّ في سورة النمل فهو من فحوى الكلام لأنّ الكفر به مع ظهوره يدل عليه، وقوله كما أشار إليه أي إلى كونه معجزة الخ لكونه أميا. قوله تعالى:( {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} ) قال ابن حجر في تخريج الرافعيّ قال البغوي في التهذيب: هل كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يحسن الخط ولا يكتب ويحسن الشعر ولا يقوله الأصح أنه كان لا يحسنهما ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئه وادّعى بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم صار يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها، وعدم معرفته سبب المعجزة لهذه الآية فلما نزل القرآن واشتهر الإسلام وظهر أمر الارتياب تعرّف الكتابة حينئذ، وروى ابن أبي شيبة وغيره ما مات صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ ونقل هذا للشعبيّ فصدّقه وقال سمعت أقواما يذكرونه وليس في الآية ما ينافيه، وروى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" رأيت ليلة أسرى بي مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر أمثالها والقرض! بثمانية عشر " والقدرة على القراءة فرع الكتابة ورد باحتمال أقدار الله له عليها بدونها معجزة، أو فيه مقدر وهو فسألت عن المكتوب فقيل الخ، ويشهد للكتابة أحاديث في البخاري وغيره
كما ورد في صلح الحديبية أنه صلى الله عليه وسلم كتب ولم يكن يحسن الكتابة وممن ذهب إليه أبو ذز الهروي وأبو الفتح النيسابوري وأبو الوليد الباجي من المغاربة وصنف فيه كتابا وسبقه إليه ابن منية، ولما قال أبو الوليد ذلك طعن فيه ورمى بالزندقة وسبّ على المنابر، ثم عقد له مجلس فأقام الحجة على مدعاه وكتب به إلى علماء الأطراف فأجابوا بما يوافقه ومعرفة الكتابة بعد أمّية لا تنافي المعجزة بل هي معجزة أخرى لكونها من غير تعليم وردّ الإمام محمد بن مفوز كتاب الباجي لما في الحديث الصحيح:" إنا أمّة أمّية لا نكتب ولا نحسب " وقال كل ما ورد في الحديث من قوله كتب فمعناه أمر بالكتابة، وتقديم قوله من قبله على قوله ولا تحطه كالصريح فيه، وكون القيد
المتوسط راجعاً لما بعده غير مطرد مع أنه مفهوم ليس بحجة عندنا فمن استدل به لم يصب، وقوله على أمي أي من أمي والأمي من لا يكتب ولا يقرأ ولما كان بعض الأميين قد يتعلم القرآن ونحوه بأخذه من أفواه الرجال وهو لم يقع أيضاً ذكر قوله والتعلم ليكون خارقاً للعادة ولأنّ الخط إنما يعرف بالتعلم، وقد قيل إنه مأخوذ من تنكير الكتاب في سياق النفي، وقوله لم يعرف إشارة إلى ما مرّ وقوله زيادة تصوير لأنّ الخط باليمين فهو مثل نظرت بعيني في تحقيق الحقيقة، وتأكيدها حتى لا يبقى للمجاز مجاز. قوله:(أي لو كنت ممن يخط ويقرأ) هو من قوله إذا فالمراد بالمبطلين كفار قريش، وقوله سماهم مبطلين الخ أي على هذا التفسير وعلى تقدير كفرهم بنبوّته لو لم يكن أميا لإبطالهم حينذ إذ كفروا أو ارتابوا وشكوا بمجرّد كونه غير أميّ مع أنّ انتفاء وجه واحد من وجوه الإعجاز لا ينفي غيره مع كثرته وظهوره، فمدعي مثله مبطل سواء أكان أمياً أم لا لأنهم لم يؤمنوا به ولم ينظروا لما جاء به من المعجزات المثبتة لرسالته صلى الله عليه وسلم فالتعريف في المبطلين للعهد كما في شرح الكشاف وأمّا احتمال تعلمه فغير متوجه لأنّ مثله من الكتاب المفصل الطويل لا يتلقن ويتعلم إلا في زمان طويل بمدارسة لا يخفى مثلها.
قوله: (وقيل لارتاب الخ) فالمراد بالمبطلين أهل الكتاب وهم على تقدير كونه صلى الله عليه وسلم ولم
غير أميّ يشكون في كونه النبيّ المنعوت في كتبهم لأنه أميّ، ولما ورد على هذا التفسير أنهم لا يكونون حينئذ مبطلين بل محقين في مدعاهم لم! لفة نعته لما نعت به في الكتب المنزلة أشار إلى دفعه بقوله فيكون إبطالهم يعني على هذا الوجه دون الأوّل كما توهم، وقوله باعتبار
الواقع دون المقدر المراد بالواقع كونه أميا، وبالمقدر كونه قارئا كاتبا لأنهم على فرض تقديره لا يكونون مبطلين كما في الوجه الأوّل فانهم فيه مبطلون على الحالين، ومرضه لمخالفته لظاهر النظم إلا بتكلف وهو أن يقال أصله لارتابوا لكنه عدل عنه للإشارة إلى أنه غير واقع فهم مبطلون في نفس الأمر لا على هذا التقدير أو المراد أنه على هذا الوجه يكون إبطالهم أي إبطال أهل الكتاب لكونه النبيّ المنعوت في كتبهم باعتبار الواقع يتحقق من كونه غير أميّ فإنه حينئذ إبطال محقق فلذا نفى، وأمّا إبطال المشركين فباعتبار أمر مقدر، وهو قولهم أخذه من كتب المتقدّمين فلشى كونه مقدراً بالنظر للثاني كما قيل فتامّل. قوله:(بل هو الخ) إضراب عن ارتيابهم أي ليس مما يرتاب فيه لوضوح أمره، والمراد بكونه في الصدور كونه محفوظا بخلاف غيره من الكتب، ولذا جاء في وصف هذه الأمّة صدورهم أنا جيلهم كما أشار إليه بقوله يحفظونه، وقوله لا يقدر أحد تحريفه أي على تحريفه وعداه بنفسه لتضميته معنى يطيق، وقوله المتوغلون بمعنى البالغين، وأصل معنى التوغل الدخول وقد تقدم توجيهه، وقوله وقالوا أي كفار قريش لتعليم أهل الكتاب لهم اقتراحه، أو أهل الكتاب مطلقاً لا بعض اليهودا إذ هم لا يقرّون بمعجزة عيسى عليه الصلاة والسلام وكونه مجرّد تشه، واقتراح وأن لم يؤمنوا بمثله بعيد، والبصريان أبو عمرو وعاصم وحفص وواية فكان تركه أولى. قوله:(ليس من شأني إلا الإفذار) أي لا الإتيان بما اقترحتموه فهو قصر قلب وابانته بما أعطيت تفسير لقوله مبين، وقوله تدوم الخ من صيغة المضارع الدالة على الاستمرار، وقوله متحدين لأنّ التلاوة على الكفرة إنما هي للتحذي ويجوز في آية الرفع والنصب، وتضمحل بمعنى تفني وتذهب وقوله يعني اليهود إشارة إلى أنّ الضمير على هذا مخصوص بهم بخلافه على الأوّل، وخص اليهود لأنه بين أظهرهم دون النصارى، وإن كان ما ذكر جاريا فيهم والباء في قوله بتحقيق للملابسة، وقوله آية مستمرّة على التفسير الأوّل وما بعده على التفسير الثاني، وقوله لنعمة تفسير للرحمة وعظيمة من تنوينها. قوله:(وتذكرة لمن همه الإيمان) إشارة إلى أنّ ذكرى بمعنى تذكوة والجار
والمجرور متعلق به لا برحمة وأن يؤمنون المرإد به إلاستقبالد لا الحال لأنّ التذكير نافع ومشوّق لهم، والكلام مع الكفار، وقيل إنّ يؤمنون مجاز عن يهمون بالإيمان ولا حاجة إليه، ويجوز أن يكون من التنازع- والهمّ بمعنى التقيد. قوله:(وقيل إنّ ناساً من المسلمين الخ) فيكون يؤمنون على ظاهره، وهذا الحديث رواه أبو داود والطبري مرسلاً مع زيادة واختلاف فيه وهو سبب النزول، والكتف عظمه لأنهم كانوا في الصدر الأوّل يكتبون على الخشب
والعظام والجلود-، وقوله كفى بها الباء فيه زائدة والضمير للخصلة المفهومة من المقام كما في فبها ونعمت لا للكتف كما توهم والمراد بها رغبة الناس عما جاء به نبيهم صلى الله عليه وسلم فقوله أن يرغبوا بدل من الضمير مفسر له، وضلالة قوم منصوب على التمييز أو بنزع الخافض وهو في لا مفعول كفى، والمراد نهيهم عما في كتب أهل الكتاب كما مرّ ومرضه لأنّ السياق والسباق مع الكفرة، وهو جواب لقولهم لولا أنزل الخ وعلى هذا لا يصلح جواباً على الوجهين كما في الكشف فتأمّل وقوله إلى الخ متعلق بيرغبوا لتضمينه معنى يعدلوا أو يميلوا والا فتعديته بفي. قوله:(بصدقي) متعلق بشهيداً! والمراد أنه شاهد على ما أتى به أي مصدق له تصديق الشاهد لدعوى المدعي، وعلى الوجه الثاني المراد كفى علم اله* بتيليغي الخ، ومقابلتكم بالجر معطوف على تبلغيي أو منصوب على أنه مفعول معه، وما قيل إنّ التفسير الأوّل لا يناسب قوله بيني وبينكم سواء تعلق بكفى أو شهيدا، ولا قوله يعلم ما في السموات الخ ولذا ارتضى المحشي الثاني لا وجه له وقوله يعلم الخ صفة شهيداً أو حال أو استئناف لتعليل كفايته. قوله: (منكم الو أبقاه على عمومه كان أولى، وقوله في صفقتهم حيث اشتروا الخ يشير إلى أنّ في قوله والذين آمنوا بالباطل استعارة مكنية شبه استبدال الكفر بالإيمان المستلزم للعقاب باشتراء مستلزم للخسران، ففي الخسران استعارة تخييلية هي قرينتها، وقوله حيث الخ تعليل للخسران، وقوله ما يعبدون الخ شامل لعيسى عليه الصلاة والسلام ولا ينافيه قوله بالباطل لأنّ الباطل عبادتهم وقوله لكل
عذاب فالمراد بالأجل وقته المعين له فيهما، وقيل هو في الأوّل بمعنى الوقت وفي الثاني بمعنى المدة. قوله:(كوقعة بدر) ظاهره أنه إخبار عن نزول العذاب آجلا، ويحتمل أن يكون هذا معطوفا على الجزاء تفسيراً له كأعجبني زيد وكرمه فيراد به النزول عاجلاً وكون وقعة بدر بغتة لأنهم لغرورهم كانوا لا يتوقعون غلبة المسلمين على ما بين في السير، وقوله عند نزول الموت بهم إمّا لعدّه من الآخرة أو هو بتقدير مضاف أي عند عقب نزول الموت. قوله:(ستحيط بهم) على إرادة المستقبل من اسم الفاعل، وقوله أو هي الخ على أنه تشبيه بليغ أو استعارة أو مجاز مرسل بإطلاق المسبب على السبب أو تجوز في الإسناد، وقيل الزمان بالنسبة إلينا وأمّا بالنسبة إليه تعالى فهو على حد سواء فلا تجوز فيه، وفيه بحث وقوله واللام أي في الكافرين، وظاهره أنها حرف تعريف لا موصولة لإجراء الكافر والمؤمن مجرى الأسماء الجامدة، والمراد على العهد المستعجلون وموجب الإحاطة هو الكفر على قاعدة التعليق بالمشتق، ووجه الاستدلال أنه يلزم من إحاطتها بالجنس الإحاطة ببعض أفراده. قوله:) ظرف لمحيطة) أي على الوجهين، وقيل إنه مخصوص بالأوّل لا على كونها كالمحيطة ولا على كونه مجازا فتأمّل، وقوله كان كيت وكيت الإبهام للتفخيم أي حدث أمر عظيم من قهرهم واهلاكهم وغير ذلك مما يشفي صدور المؤمنين، ويغشاهم بمعنى يلحقهم ويأتيهم وقوله من جميع جوانبهم فما ذكر للتعميم كما في بالغدوّ والآصال قيل وذكر الأرجل للدلالة على أنهم لا يقرّون ولا يجلسون وهو أشد في العذاب. قوله:(الله أو بعض ملائكته بأمره) وما كان بأمره كان قوله في الحقيقة وهو المناسب للقراءة بنون العظمة فإنها لله والأصل توافق معنى القرا آت فقوله لقراءة الخ بيان لوجه التقييد بالأمر فتأمّل فإنّ كلامه لا يخلو من الخفاء، والذي في النشر أنه قرأ نافع والكوفيون بالياء والباقون بالنون. قوله:(إذا لم تتسهل لكم الخ) كون أرض الله واسعة مذكور للدلالة على المقدر وهو كالتوطئة لما بعده لأنها مع سعتها وامكان التفسح فيها لا ينبغي الإقامة بأرض لا يتيسر بها للمرء ما يريده كما قيل:
وكل مكان ينبت العزطيب
وقال آخر:
إذا كان أصلي من تراب فكلها بلادي وكل العالمين أقاربي
ويتمشى بمعنى يتيسر وهو مجاز مشهور والحديث المذكور رواه الثعلبي مرسلا،
وقوله فز بدينه الباء للسببية أو للملايسة وجوّز فيها أن تكون للتعدية وهو بعيد، وقوله رفيق إبراهيم ومحمد خصهما لأنهما هاجرا هجرة معروفة في الله. قوله:) والفاء جواب شرط محذوف) أي الفاء الأولى لأنّ الثانية
تفسيرية، والشرط المحذوف هو قوله إن لم تخلصوا العبادة لي في أرض وجوابه فإياي فاعبدون، ومعناه اعبدوني ولا تعبدوا غيري كما يفيده تقديم الضمير الدال على الحصر والتخصيص، ولذا فسره بقوله فأخلصوها في غيرها وجعل الشرط المقدّر إن لم تخلصوا لدلالة الجواب المذكور عليه وجملة الشرط المقدر مستأنفة وليس فيها فاء كما في الكشاف والمفتاح، وأمّ الثانية فتكرير ليوافق المفسر المفسر أو عاطفة أي فاسبدون عبادة بعد عبادة وصح التفسير لاتحاد النوع كما في العطف، وعوّض تقديم المفعول ست الشرط الصحذوف لوقوعه موقعه كقولهم أمّا اليوم فاني ذاهب، وفي شرح المفتاج الشريفي، وقد يقال موقع الشرط قبل الفاء فالمفعول ليس في موقعه وردّ بأنّ تقديم المفعول قبل حذف الشرط ليفيد إخلاص العبادة ولا يخفى ما فيه وقد تقدم تفصيله فانظره لتعلم ما فيه. قوله:(كل نفس! ذائقة الموت) فيه استعارة لتشبيه الموت بأمر كريه الطعم مرّه واليه أشار بقوله تناله لا محالة، وعبر بالمضارع إشارة إلى أنّ اسم الفاعل للمستقبل كما في قوله محيطة، وقوله لا محالة من الاسمية والكلية، وثم للتراخي الزماني أو الرتبي وقوله من هذا عاقبته الخ الإشارة للرجوع للجزاء، وهو بيان لارتباطه بما قبله من إخلاص العبادة، ومن الحث على الهجرة لله لأنّ الدنيا ليست دار مقرّ بل منزل سفر فلا تعسر النقلة منها. قوله:(لننزلنهم) لأنّ المباءة منزل الإقامة ومباءة الإبل أعطانها كما قاله الخطابي، ومحل الذين إمّا رفع على الابتداء، والجملة بعده خبر أو نصب على الاشتغال وهو معطوف على ما قبله أتى به لبيان أحوال المؤمنين بعدما ذكر من أحوال الكفرة، وعطفه على مقدر تقديره الذين كفروا مسوقون إلى جهنم وبئس مثوى الكافرين والذين آمنوا الخ مما لا حاجة إليه. قوله:(علالى) تفسير لغرفا وهو جمع علية بكسر العين، وقد تضم وأصلها عليوة فأعلت الإعلال المعروف ومعناها القصر، وعلالي بتشديد الياء وقد تخفف،
وقوله وقرأ الخ أي بالثاء المثلثة الساكنة بعد النون وابدال الهمزة ياء من الثواء وهو الإقامة، وقوله فيكون انتصاب الخ أي على أنه أجرى مجرى ننزلنهم، وحمل عليه في التعدية فنصب غرفاً على أنه مفعول به له لأنه بمعناه ا. لأصلي لا ينصب إلا مفعولاً واحداً فتعديته للثاني بأحد الوجوه المذكورة، ونزع الخافض على أن أصله بغرف فلما حذف الجارّ انتصب أو على أنه منصوب على الظرفية، والظرف المكاني إذا كان مؤقتا أي محدوداً كالدار والغرفة لا يجوز نصبه على الظرفية فأجرى هنا مجرى المبهم توسعاً كما في قوله:{لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [سورة الأعراف، الآية: 16] على ما فصل في النحو. قوله:) وقرئ فنعم) بفاء الترتيب، وقوله دل عليه ما قبله فتقديره الغرف أو أجرهم ويجوز كون التمييز محذوفا أي نعم أجراً أجر العاملين، وقوله الذين صبروا صفة العاملين أو خبر مبتدأ محذوف وقوله والهجرة للدين بيان لارتباطه بما قبله، وقوله ولا يتوكلون الحصر من تقديم المتعلق وكأين بمعنى كم للتكثير والكلام فيها مفصل في المغني، وقوله أو لا تدخره فهو مجاز بذكر السبب وارادة المسبب كما في الوجه الذي قبله، وقوله وإنما تصبح بيان لحاصل المعنى المراد منه. قوله:(ثم إنها مع ضعفها وتوكلها) التوكل هنا مجاز عن عدم الادّخار واعداد القوت لكنه عبر به لمناسبة المقام له، وقوله لا يرزقها واياكم إلا الله الحصر بناء على مذهب الزمخشريّ في أنّ مثل هذا التركيب يفيده كما قرّره في قوله:{اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} أو هو مأخو من فحوى الكلام وقرينة السياق فإنه كثيرا ما يفيده، وقوله فلا تخافوا الخ هو لازم لما ذكر مراد منه فإذا تكفل برزق كل شيء حتى صغار الهوامّ لزم العاقل ذلك، ولذا قدمها ولم يقل يرزقكم وإياها، والمعاس ما به قوام الحياة وقوله فإنه أي الأمر والشأن بيان لسبب النزول الدال على تفسير الآية بما ذكر وأنّ المقصود نهيهم عن الخوف المذكور وبه يظهر مناسبته لما قبله. قوله:) المسؤول عنهم) كان الظاهر أن يقال منهم لكنه يقال سأل عنه بمعنى سأل منه أيضاً، وإن ظنه بعضهم خطأكما فصلناه في حواشي شرح السراجية، وقد صرح به الطيبي في شرح المشكاة فلا وجه
للاعتراض عليه ولا إلى ادّعاء القلب فيه فإنه ورد في الحديث " ما المسؤول عنه " بمعنى المسؤول منه كما صرح به في شروحه فلا تكن من الغافلين. قوله: (لما تقرّر الخ) يعني أنه راسخ ثابت في كل عقل إجمالاً، وان لم يعلمه بطريق برهاني
ولا من رسول وشرع صدق به ولذا ترى كل أحد من الكفرة إذا غلبه الخوف لا ينادي صنمه ولا معبوده غير الله، والفاء في قوله فإني للترتيب أو هي جواب شرط مقدر أي فإن صرفهم الهوى، والشيطان فإني الخ والاسنفهام للإنكار والتوبيخ. قوله:(يحتمل أن يكون الموسع) بصيغة المفعول على الحذف والإيصال وأصله الموسع عليه، وعلى هذا الاحتمال لا تتعين الفاء كما توهم لأنّ التضييق يكون مقدماً ومؤخرا ولذا عبر المصنف بالتعاقب دون التعقيب للفرق بينهما، وهو الذي غره مع أنه لو سلم ذلك فقد يترك تفويضاً لفهم السامع ولم يذكر التوسط لأنه تقتير بالنسبة للسعة، ولذا قيل في المثل أخو الدون الوسعل. قوله:(على وضع الضمير موضع من يشاء) فيكون المقتر عليه غير الموسع عليه وأصله ويقدر لمن يشاء بأن يجعل بعض النالس غنيا وبعضهم فقيرا وقد كان المعنى على الأوّل أنه تعالى يوسع على شخص واحد رزقه تارة ويضيقه أخرى، والمراد أنّ الضمير راجع إلى من يشاء آخر غير المذكور لفهمه منه لأنه إذا ذكر من يشاء يوسع رزقه فهم منه ذلك فهو نظير قوله وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره، وعندي درهم ونصفة أي نصف درهم آخر وهو قريب من الاستخدام وعود الضمير على من يشاء بقطع النظر عن متعلقه لا يغايره كما توهم. قوله:(وإبهامه) لأنّ من يشاء مبهم يحتمل الجر بالعطف على وضع والرفع على أنه مبتدأ ما بعده خبر.، يعني أنّ من يشاء مبهم غير معين فلذا ساغ وضع الضمير المبهم بعدم ذكر مرجعه موضعه للمناسبة بينهما فلا يرد عليه ما قيل إنه غير سديد لأنّ إبهامه لا يقتضي إبهام ضميره بل عدمه لرجوعه إلى معين بالإبهام، ولذا كان ضمير لنكرة معرفة على الأصح لكن كلامه لا يخلو من تعقيد في المعنى، وقوله أصولها كالمطر وفروعها كالنبات، وقوله ثم إنهم مأخوذ من المقصود بالسؤال مع علم السائل والمسؤول وثم للتفاوت في الرتبة وهو إشارة إلى ما مرّ من تقرير ذلك في العقول وعدى يشركون المتعدي بنفسه بالباء لتضمينه
معنى التسوية. قوله: (على ما عصمك) أي على عصمتك مما هم عليه من الضلال في إشراكهم مع اعترافهم بأنّ أصول النعم وفروعها منه تعالى فيكون كالحمد عند رؤية المبتلى، وعلى ما بعده هو حمد على ما أنعم به عليه، وقوله وقيل الخ فالمعنى أحمد الله عند جوابهم المذكور على إلزامهم وظهور نعم لا تحصى فإنهم لا يفطنون لم حمدت الله ومرضه، وإن ارتضاه الزمخشريّ لخفائه وقلة جدوا. وتكلف الإضراب فيه. قوله:(إشارة تحقيرا لأن اسم الإشارة يدل على ذلك كما فصل في المعاني، وقوله لا تزن الخ كناية عن حقارتها عند الله بأسرها كما ورد في الحديث فيعلم حقارة ما فيها من الحياة بالطريق الأولى، وتوله إلا كما يلهى ويلعب به الصبيان الفعلان تنازعا قوله به الصبيان وفيه إشارة إلى أنه تشبيه بليغ ووجه الشبه سرعة الزوال، وعدم النتيجة غير التعب ولو قال كما يلهون كان أظهر لأنه ليس للأفعال موقع هنا وقوله يجتمعون حال أو استئناف، ويبتهجون بمعنى يسرون ويفرحون. قوله: (لهي دار الحياة) إشارة إلى أنّ فيه مضافا مقدراً وقوله لامتناع طريان الموت أي عروضه لمن فيها وعبر بالامتناع دون العدم لأنه أبلغ وان كان الامتناع ليس بذاتي لها، وهو تعليل لكون حياتها حقيقية وقوله أو هي الخ فلا تقدير لقصد المبالغة كرجل عدل، والحيوان مصدر سمي به ذو الحياة في غير هذا المحل وكلاهما مصدر لكن الحيوان أبلغ لأنّ فعلان بفتح العين في المصادر الدالة على الحركة، ولذا لا يقلب فيه حرف العلة ألفا وقوله فقلبت الخ أي على خلاف القياس بناء على أنّ لا مهاياء، وقيل إنه واو وأدلة الفريقين مفصلة في الصرف. قوله:(لم يؤثروا الخ) هو جواب الشرط المقدر لعلمه من السياق، وكونها للتمني بعيد وقوله متصل الخ يعني أنّ الفاء للتعقيب على ما قبله باعتبار ما يدل عليه أو المراد أنه يقدّر فيه ما ذكر كما في الكشاف. قوله:
(كائنين في صورة من أخلص!) فهو تهكم بهم سواء أريد بالدين الملة، أو الطاعة أمّا الأوّل فظاهر وأمّا الثاني فلأنهم لا يستمرّون على هذه الحال فهي قبيحة باعتبار المآل، وقوله فاجؤوا إشارة إلى أن إذا فجائية. قوله:(ليكونوا كافرين بشركهم نعمة النجاة) يشير إلى أنّ الكفر هنا كفران النعمة التي أوتوها وهي النجاة، وأشار بالباء السببية إلى أنّ الشرك سبب لهذا الكفران فأدخلت لام كي على