الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتوى حول تأويل آيات الصفات من إجابات سماحة النسخ العلَّامة عبد العزيز بن باز
(1)
يقول السائل: سمعنا من بعض العلماء أن أهل السُّنَّة والجماعة يتأوَّلون بعض الآيات التي في الصفات، فهل هذا صحيح أن مذهبهم التأويل أم أنهم يضطرون إلى ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: الصواب الذي أقرَّه أهل العلم من أهل السُّنَّة والجماعة أنه لا تأويل في آيات الصفات ولا في أحاديثها، وإنما المؤولون هم الجهمية والمعتزلة، والأشاعرة في بعض الصفات، وأما أهل السُّنَّة والجماعة المعروفون بعقيدتهم النقيَّة فإنهم لا يؤولون، وإنما يقرون آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، لا استواء، ولا القدم، ولا اليد، ولا الأصابع، ولا الضحك، ولا الرضا، ولا الغضب، كلها يمرونها كما جاءت مع الإيمان بأنها
(1)"فتاوى نور على الدرب"(1/ 73 - 75). إعداد الشيخ محمَّد بن موسى الموسى، والشيخ عبد الله بق محمَّد الطيار. ط دار الوطن، الرياض 1418 هـ.
حق، وأنها صفات لربنا سبحانه وتعالى، يجب إثباتها له سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به -سبحانه- من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.
وبعض الناس يؤول الضحك بأنه الرضا، ويؤول المحبة بأنها إرادة الثواب، والرحمة كذلك، وهذا كله لا يرضاه أهل السُّنَّة والجماعة، بل الواجب إمرارها كما جاءت، وأنها حق، فهو سبحانه يحب محبة حقيقية تليق به لا يشابهها محبة المخلوقين، ويرضى، ويغضب، ويكره، وهي صفات حقيقية قد اتصف بها ربنا على الوجه اللائق به لا يشابه فيها خلقه، كما قال عز وجل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [سورة الشورى، الآية: 11].
وهكذا، يضحك ربنا كما جاء في النصوص ضحكًا يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، وهكذا استواؤه على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته لا يشابه الخلق في شيء من صفاته سبحانه وتعالى.
والمقصود أن التأويل لا يجوز عند أهل السُّنَّة بل الواجب إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، لكن مع الإيمان بأنها حق، وأنها صفات الله لائقة به، أما التفويض فلا يجوز،
والمفوضة قال أحمد فيهم: إنهم شر من الجهمية، والتفويض أن يقول القائل: الله أعلم بمعناها فقط وهذا لا يجوز؛ لأن معانيها معلومة عند العلماء.
قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم والكيف مجهول، وهكذا جاء عن الإِمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعن غيره من أهل العلم، فمعاني الصفات معلومة، يعلمها أهل السُّنَّة والجماعة؛ كالرضا والغضب والمحبة والاستواء والضحك وغيرها وأنها معاني غير المعاني الأخرى، فالضحك غير الرضا، والرضا غير الغضب، والغضب غير المحبة، والسمع غير البصر، كلها معلومة لله -سبحانه- لكنها لا تشابه صفات المخلوقين، يقول ربنا سبحانه وتعالى:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [سورة النحل، الآية: 74]، ويقول -سبحانه-:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)} [سورة الثورى، الآية: 11].
ويقول عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [سورة
الإخلاص، الآية: 4]، هذا هو الحق الذي عليه أهل السُّنَّة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان، ومن تأوَّل ذلك فقد خالف أهل السُّنَّة في صفة أو في أكثر.