الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموضع الخامس تأويل إدناء المؤمن من ربه يوم القيامة
في التعليق على "رياض الصالحين" للإمام النووي رحمه الله
* لمَّا أورد الإِمام النووي (1) رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول: "يُدْنَى المؤمنُ يوم القيامة من رَبِّه، حتى يضع كَنَفَهُ عليه، فيقَرِّرُهُ بِذُنُوبه، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: ربِّ أعرف، قال: فإني قد سَتَرْتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فَيُعطى صحيفة حسناته" متفق عليه (2).
(1)"رياض الصالحين"(ص 225) حديث رقم (433).
(2)
"صحيح البخاري"(2441) كتاب المظالم: باب قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [سورة هود، الآية: 18]؛ وفي (7514) كتاب التوحيد: باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، وفي موضعين آخرين. "صحيح مسلم"(2768) =
• علَّق الشيخ شعيب الأرنؤوط على قوله: "يُدْنَى المؤمن يوم القيامة من ربِّه" فقال:
يدنى: أي: يقرب المؤمن يوم القيامة من ربه، دنو كرامة وإحسان، لا دنو مسافة، فإنه سبحانه منزَّهٌ عن المسافة. ا. هـ.
* قلت:
وتفسير إدناء المؤمن من ربه يوم القيامة بأنه دنو كرامة وإحسان وتنزيه الله سبحانه عن المسافة، هذا التفسير لم يقل به السلف رحمهم الله والحديث واضح وهو على ظاهره، وهو أن المؤمن يُدنى ويقرب من خالقه سبحانه، وهذا معلوم في لغة العرب، أما الكيفية فلم يطلعنا الله عليها وهو سبحانه أعلم بها.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: "والذين يثبتون تقريبه العباد إلى ذاته هو القول المعروف للسلف والأئمة، وهو قول الأشعري وغيره من الكُلَّابية، فإنهم يثبتون قرب العباد إلى ذاته، وكذلك يثبتون استواءه على العرش بذاته"(1).
= كتاب التوبة: باب قبول توبة القاتل، وإن كثر قتله.
(1)
"مجموع الفتاوى"(5/ 466).
وقال رحمه الله -أيضًا: "ومَنْ جعل قرب عباده المقربين ليس إليه، وإنما هو إلى ثوابه وإحسانه، فهو مُعَطِّلٌ مبطل"(1).
وتقرب العبد إلى الله وتقريبه له نطقت به نصوص متعددة، مثل قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [سورة الإسراء، الآية: 57]، وقوله سبحانه:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} [سورة المطففين، الآية: 28]، وقوله صلى الله عليه وسلم:"أقربُ ما يكون العبدُ من رَبِّه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء"(2) وما أخبر به صلى الله عليه وسلم من نزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، ودنوه جلَّ وعلا من أهل الموقف عشية عرفة (3).
(1) المرجع السابق (6/ 12).
(2)
رواه مسلم في "صحيحه"(482) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود، وأبو داود (875) في الصلاة: باب في الدعاء في الركوع والسجود، والنسائي (2/ 226) في الصلاة: باب أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل.
(3)
بسط هذه المسألة شيخ الإِسلام ابن تيمية في أكثر من موضع. =
وأما قول الشيخ الأرنؤوط: "فإنه سبحانه منزه عن المسافة" فهذه عبارة لم يوردها السلف ولم تعرف عنهم، وإنما ذكرها غيرهم ليتوصلوا بها إلى نفي بعض صفات الله تعالى الفعلية مثل الاستواء والنزول والمجيء ونحو ذلك (1)، والله تعالى أعلم.
= انظر: "مجموع الفتاوى"(5/ 226 وما بعدها).
(1)
فالواجب تركها. (عبد العزيز بن عبد الله بن باز).
الموضع السادس تأويل صفة الفرح لله -تعالى-
في التعليق على مسند الإِمام أحمد رحمه الله -