المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة - جـ ٢

[محمد بن خليفة التميمي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث: وجوب تعزيره وتوقيره وتعظيمه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأول: بيان عظيم قدره صلى الله عليه وسلم ورفعة مكانته عند ربه عز وجل

- ‌المبحث الأول: بيان بعض الخصائص التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم في الحياة الدنيا

- ‌المبحث الثاني: بيان بعض الخصائص التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم في الآخرة

- ‌المبحث الثالث: بيان بعض الخصائص التي خص الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثاني: وجوب تعزيره وتوقيره وتعظيمه صلى الله عليه وسلم على أمته في حياته وبعد مماته

- ‌المبحث الأول: معنى التعزير والتوقير والتعظيم

- ‌المبحث الثاني: وجوب توقيره وتعظيمه صلى الله عليه وسلم والأدلة على ذلك

- ‌المبحث الثالث: تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته

- ‌المبحث الرابع: تعظيم الأمة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته

- ‌المطلب الأول: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم محله القلب واللسان والجوارح

- ‌المطلب الثاني: توقير النبي صلى الله عليه وسلم في آله وأزواجه أمهات المؤمنين

- ‌المطلب الثالث: توقيره صلى الله عليه وسلم في أصحابه رضوان الله عليهم

- ‌المطلب الرابع: حفظ حرمة المدينة النبوية

- ‌الفصل الثالث: الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: المعنى اللغوي للفظة الصلاة

- ‌المطلب الثاني: المعني الشرعي لصلاة الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: الأدلة على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكيفيتها ومواطنها وفضلها

- ‌المطلب الأول: الأدلة من القرآن والسنة على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الرابع: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثالث: السلام عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند حجرته التي دفن فيها

- ‌الباب الرابع: النهي عن الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الأول: تعريف الغلو وسد الشارع لطرق الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: تعريف الغلو وموقف الشرع منه

- ‌المطلب الأول: المعنى اللغوي

- ‌المطلب الثاني: التعريف الشرعي للغلو وموقف الشرع منه

- ‌المبحث الثاني: الفرق بين ما هو حق لله وحده لا يشركه فيه غيره وبين ما هو حق للرسول

- ‌المبجث الثالث: بيان توسط السلف في حق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثاني: بيان الأمور التي حصل فيها غلو في حقه صلى الله عليه وسلم وحكم الشرع فيها

- ‌المبحث الأول: نماذج من الغلو الحاصل في شأن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثاني: حكم التوسل والاستغاثة والاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: الكلام على مسألة التوسل

- ‌المطلب الثاني: الكلام على مسألة الشفاعة

- ‌المطلب الثالث: الكلام على مسألة الاستغاثة

- ‌المبحث الثالث: حكم ما يفعل عند حجرته التي دفن فيها من الأمور المبتدعة

- ‌المبحث الرابع: حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس: حكم الاحتفال بمولده

- ‌المطلب الأول: حكم فعل المولد

- ‌المطلب الثاني: بيان ما يفعل في الموالد من الغلو والمنكرات

- ‌المبحث السادس: حكم القول بحضوره في مجالس المحتفلين ورؤيته بالعين الباصرة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الثاني: كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

‌المطلب الثاني: كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

ورد في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عدد من الأحاديث منها:

1-

حديث كعب بن عجرة رضى الله عنه:

فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا: يارسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" متفق عليه1.

والمراد بالسلام في قوله: "قد علمنا كيف نسلم عليك" السلام الذي في التشهد وهو قول " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"2.

2-

حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه:

عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يارسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال:"قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" متفق عليه3.

3-

حديث أبي سعيد الخدري4 رضي الله عنه

1 تقدم تخريجه (ص 480) .

2 فتح الباري (11/ 155) .

3 تقدم تخريجه (ص 348) .

4 واسمه سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي أبو سعيد الخدري، مشهور بكنيته استصغر بأحد واستشهد أبوه بها، وشهد هو ما بعدها، كان من أفاضل الصحابة وحفظ حديثا كثيرا، مات بعد الستين من الهجرة. الإصابة (2/ 32- 33) .

ص: 517

عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يارسول الله، هذا السلام عليك فكيف نصلي؟ قال:"قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم"1.

4-

حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري2 رضي الله عنه

عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد3 أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يارسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم"4.

1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم انظر: فتح الباري (11/ 152) ح 6358

2 عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري أبو مسعود البدري، مشهور بكنيته شهد العقبة، والمشاهد كلها، مات بعد سنة أربعين للهجرة. الإصابة (2/ 483- 484) .

3 بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري البدري شهد العقبة وشهد بدرا والمشاهد بعدها، استشهد بعين التمر مع خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة. الإصابة (1/ 162) والاستيعاب (1/ 155- 156) .

4 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بمد التشهد (2/17) .

ص: 518

5-

حديث طلحة بن عبيد الله:

عن طلحة بن عبيد الله قال: قلت يارسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: "قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد"1.

والملاحظ في هذه الأحاديث هو اختلاف ألفاظها، ومن أجل ذلك فإن المرء قد يسأل بأي هذه الألفاظ يدعو؟

قال ابن القيم: " لقد سلك بعض المتأخرين في ذلك طريقة، وهو أن الداعي يستحب له أن يجمع بين تلك الألفاظ المختلفة، ورأى ذلك أفضل ما يقال فيها، فرأى أنه يستحب للمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى أزواجه وذريته، وارحم محمدا وآل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" وكذلك في البركة والرحمة.

وعلل ذلك بقوله: حتى يصيب ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم يقينا فيما شك فيه الراوي وليجتمع له ألفاظ الأدعية الأخر فيما اختلفت ألفاظها.

ونازعه في ذلك آخرون وقال: هذا ضعيف من وجوه:

أحدها: أن هذه الطريقة محدثة لم يسبق إليها أحد من الأئمة المعروفين.

الثاني: أن صاحبها إن طردها لزمه أن يستحب للمصلي أن يستفتح بجميع أنواع الاستفتاحات، وأن يتشهد بجميع أنواع التشهدات، وأن يقول في

1 أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 262) . وأخرجه النسائي في السنن، كتاب السهو، باب كيف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 48) وإسناده حسن.

ص: 519

ركوعه وسجوده جميع الأذكار الواردة فيه، وهذا باطل قطعا فإنه خلاف عمل الناس، ولم يستحبه أحد من أهل العلم وهو بدعة، وإن لم يطردها تناقض وفرق بين متماثلين.

الثالث: أن صاحبها إن طردها لزمه أن يستحب للمصلي والتالي أن يجمع بين القراءات المتنوعة في التلاوة في الصلاة وخارجها. قالوا: ومعلوم أن المسلمين متفقون على أنه لا يستحب ذلك للقارئ في الصلاة ولا خارجها إذا قرأ قراءة عبادة وتدبر، وإنما يفعل ذلك القراء أحيانا ليمتحن بذلك حفظ القارئ لأنواع القراءات، وإحاطته بها واستحضاره إياها، والتمكن من استحضارها عند طلبها، فذلك تمرين وتدريب لا تعبد مستحب لكل تال وقارئ، ومع هذا ففي ذلك للناس كلام ليس هذا موضعه، بل المشروع في حق التالي أن يقرأ بأي حرف شاء، وإن شاء أن يقرأ بهذا مرة وبهذا مرة جاز ذلك.

وكذلك الداعي إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة بلفظ هذا الحديث، ومرة بلفظ الآخر، وكذلك إذا تشهد، فإن شاء تشهد بتشهد ابن مسعود، وإن شاء بتشهد ابن عباس، وإن شاء بتشهد ابن عمر، وإن شاء بتشهد عائشة رضي الله عنهم أجمعين ولا يستحب له أحد أن يجمع بين ذلك كله. وقد احتج غير واحد من الأئمة منهم الشافعي رحمه الله تعالى على جواز الأنواع المأثورة في التشهدات ونحوها بالحديث الذي رواه أصحاب الصحيح

ص: 520

والسنن وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"1. فجوز النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بكل حرف من تلك الأحرف، وأخبر أنه "شافي كافي" ومعلوم أن المشروع في ذلك أن يقرأ بتلك الأحرف على سبيل البدل لا على سبيل الجمع كما كان الصحابة يفعلون.

الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين تلك الألفاظ الختلفة في آن واحد، بل إما أن يكون قال هذا مرة وهذا مرة كألفاظ الاستفتاح والتشهد، وأذكار الركوع والسجود وغيرها، فاتباعه صلى الله عليه وسلم يقتضي أن لا يجمع بينها، بل يقال هذا مرة وهذا مرة.

وإما أن يكون الراوي قد شك في أي الألفاظ قال، فإن ترجح عند الداعي بعضها صار إليه وإن لم يترجح عنده بعضها كان مخيرا بينهما، ولم يشرع له الجمع، فإن هذا نوع ثالث لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيعود الجمع بين تلك الألفاظ في آن واحد على مقصود الداعي بالإبطال لأنه قصد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ففعل ما لم يفعله قطعا.

ومثال ما يترجح فيه أحد الألفاظ حديث الاستخارة فإن الراوي شك هل قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري" أو قال: "وعاجل أمري وآجله" 2 بدل "وعاقبة أمري" والصحيح اللفظ الأول وهو قوله "وعاقبة أمري" لأن عاجل الأمر وآجله هو مضمون قوله "ديني ومعاشي وعاقبة أمري" فيكون الجمع بين المعاش وعاجل الأمر وآجله تكرارا، بخلاف ذكر المعاش والعاقبة، فإنه لا تكرار فيه، فإن

1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف. فتح الباري (9 / 23) ح 4992، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه (2/ 202) .

2 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، فتح الباري (3/ 48) ح 1162 وقد جاءت رواية البخاري على الشك الذي ذكره ابن القيم.

ص: 521

المعاش هو عاجل الأمر والعاقبة أجله.

ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال" رواه مسلم1.

واختلف فيه فقال بعض الرواة "من أول سورة الكهف".

وقال بعضهم "من آخرها" وكلاهما في الصحيح لكن الترجيح لمن قال: "من أول سورة الكهف" لأن في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان2 في قصة الدجال "فإذا رأيتموه فاقرأوا عليه فواتح سورة الكهف"3 ولم يختلف في ذلك، وهذا يدل على أن من روى العشر من أول السورة حفظ الحديث، ومن روى من آخرها لم يحفظه.

الخامس: أن المقصود إنما هو المعنى والتعبير عنه بعبارة مؤدية له، فإذا عبر عنه بإحدى العبارتين حصل المقصود، فلا يجمع بين العبارات المتعددة.

السادس: أن أحد اللفظين بدل عن الآخر، فلا يستحب الجمع بين البدل والمبدل معا كما لا يستحب ذلك في المبدلات التي لها إبدال والله أعلم4

1 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي (2/ 199) وذكر مسلم أيضا هذا الاختلاف فقال قال شعبة من آخر الكهف، وقال "همام من أول الكهف كما قال هشام

2 النواس في سمعان بن خالد بن عمرو العامري الكلابي له ولأبيه صحبة وحديثه عند مسلم فى صحيحه الإصابة (3/ 546) .

3 أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه (8/196-197)

4 جلاء الأفهام (177- 179) بتصرف.

ص: 522