الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "تنازع الناس هل يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ مع اتفاقهم بأنه لا يحلف بشيء من المخلوقات المعظمة كالعرش والكرسي والكعبة والملائكة. فذهب جمهور العلماء كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد في أحد قوليه إلى أنه لا يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا تنعقد اليمين، كما لا يحلف بشيء من المخلوقات، ولا تجب الكفارة على من حلف بشيء من ذلك وحنث. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" 1.
وفي رواية: " ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله "2. وقال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" 3. وفي رواية: "فقد كفر".
1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم حديث (66646) انظر فتح الباري (11/ 530) . وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى (5/ 80) .
2 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية.
انظر فتح الباري (7/ 48 1) ح 3836 واللفظ له. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الأيمان باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى (5/ 81) .
3 أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 34، 86، 25 1) . وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله وقال: حديث حسن (4/ 110) ح 1535، وأخرجه أبو داود في السنن، كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهة الحلف بالآباء (3/ 0 57) ح 1 325 وأخرجه ابن حبان كما في الموارد (ص 286) ح 1177
والحاكم في المستدرك (1/ 18) كتاب الأيمان (4/279) كتاب الأيمان والنذور وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافق الذهبي".
وعن أحمد بن حنبل رواية: أنه يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يجب الإيمان به خصوصًا، ويجب ذكره في الشهادتين والأذان فلإيمان به اختصاص لا يشركه فيه غيره، واختار هذا طائفة من أصحاب الإمام أحمد كالقاضي أبي يعلى1 وغيره خصوا ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عقيل2: بل هذا كونه نبيًا وطرد ذلك في سائر الأنبياء.
والصواب: قول الجمهور وأنه لا تنعقد اليمين بمخلوق لا بنبي ولا غيره، بل ينهى عن الحلف به. وإيجاب الكفارة بالحف بمخلوق وإن كان نبيًا قول ضعيف في الغاية مخالف للأصول والنصوص. فالذي عليه عامة علماء المسلمين سلفهم وخلفهم أنه لا يحلف بمخلوق، لا نبي ولا غير نبي، ولا ملك من الملائكة، ولا ملك من الملوك، ولا شيخ من الشيوخ. والنهي عن ذلك نهي تحريم عند أكثرهم. وروي عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر: لئن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أحلف بغير الله صادقًا3 وذلك لأن الحلف بغير الله شرك، والشرك أ-تظم من الكذب4.
1 هو: محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء،؟ أبو يعلى عالم عصره في الأصول والفروع وأنواع الفنون، ومن كبار الحنابلة ولد سنة 380 هـ، وتوفي سنة 458 هـ.
الأعلام (6/99 - 100) .
2 هو: على بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي، عالم العراق وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته، ولد سنة 431هـ وتوفي سنة 513 هـ. الأعلام (4/ 313) .
3 أخرجه عبد الرزاق في المصنف (8/ 469) .
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 177) وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح وهو في الطبراني (9/05 2) ح 8902
4 انظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص 84- 86) ومجموع الفتاوى (27/349) والرد على الأخنائي (106، 107) .