الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: السلام عليه صلى الله عليه وسلم
المطلب الأول: الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم
…
المطلب الأول: الأدلة على مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم
إن نصوص الكتاب والسنة متظاهرة بأن الله أمرنا أن نصلي على النبي ونسلم عليه صلى الله عليه وسلم1.
أما في القرآن:
فقد أمر الله عباده المؤمنين أن يسلموا على نبيهم مع أمره لهم بالصلاة عليه فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 2.والشاهد من الآية معنا هو قوله عز وجل: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
فهذا نص في مشروعية السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان لحق من حقوقه صلوات الله وسلامه عليه، وإظهار لشرفه ورفعة منزلته.
والآية في جملتها فيها من تشريف الله وتكريمه ما لا يوجد في غيرها من الآيات.
وأما في السنة:
فقد جاء تشريع السلام عليه صلى الله عليه وسلم مع تعليمهم التشهد الذي كان متقدما على تعليمهم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
فتعليم الصلاة عليه إنما كان بعد نزول الآية فلهذا سأل الصحابة عن كيفية الصلاة ولم يسألوا عن كيفية السلام فقالوا: يارسول الله قد علمنا كيف نسلم
1 قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص 159) .
2 الآية (56) كا سورة الأحزاب.
عليك فكيف نصلى عليك1 فقولهم "قد علمنا كيف نسلم عليك" إشارة إلى السلام الذي في التشهد وهو قول "الكلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"2.
قد بينت السنة المواطن التي يشرع فيها ال سلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
فالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم مشروع في التشهد عند كل صلاة ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده السلام على فلان وفلان.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا السلام على لله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله الصلوات الطيبات، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين- فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في السماء أو بين السماء والأرض أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو"3.
وشرع السلام كذلك عند دخول المسجد والخروج منه.
فعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك.
1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم صح الباري (11/152) ح 6357
2 فتح الباري (11/ 155) .
3 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد. وليس بواجب. فتح الباري (2/320) ح 835. وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة (2/ 13) .
وإذا خرج قال: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" 1.
وقد ورد كذلك في فضل السلام على النبي صلى الله عليه وسلم عدد من الأحاديث أورد بعضا منها هنا:
1-
عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام"2.
2-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله عز وجل إلى روحي حتى أرد عليه السلام"3.
1 تقدم تخريجه ص 536.
2 أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 387، 1 44، 452) . وأخرجه النسائي ني السنن، كتاب السهو، باب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 43) . وأخرجه أيضا في اليوم الليلة، فضل السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ح 66. وأخرجه الدارمي في السنن، كتاب الرقائق، باب فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 317) ح 2777، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب الأدعية، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: موارد الضمآن (ح 2393) . وأخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص 11) ح 21، وقال ابن القيم في جلاء الأفهام (ص 54) : إسناده صحيح.
3 أخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 527) . وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب زيارة القبور (2/ 534) ح 41 0 2، وعزاه السخاوي في القول البديع (ص 161) إلى الطبراني والبيهقي أيضا والحديث لا يسلم من مقال في إسناده. قال ابن عبد الهادى: أما المقال في إسناه فمن جهة تفرد أبي صخر به عن ابن قسيط عن أبي هريرة. ولم يتابع ابن قسيط أحد في روايته عن أبي هريرة ولا تابع أبا صخر أحد في روايته عن ابن قسيط. الصارم المنكي (ص 250) وحميد بن زياد أبو صخر، ويزيد بن عبد الله بن قسيط فيهما كلام قال ابن عبد الهادي: وأبو صخر حميد بن زياد قد اختلف الأئمة في عدالته والاحتجاج بخبره مع الاضطراب في اسمه وكنيته واسم أبيه، فما تفرد به من الحديث ولم يتابعه عليه أحد لا ينهض الى درجة الصحة بل يستشهد به ويعتبر به. انتهي كلامه. وهذا الحديث مما تفرد به كما سبق بيانه من كلام ابن عبد الهادى. وقد ذكر ابن عبد الهادي أقوال أئمة الجرح والتعديل في كل من حميد بن زياد أبي صخر ويزيد بن عبد الله بن قسيط وقال في نهاية نقله والحديث إسناده مقارب وهو صالح أن يكون متابعا لغيره عاضدا له والله أعلم. الصارم المنكى (ص 259) .
3-
وقد تقدم حديث عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتاني جبريل فقال: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه" 1
4-
وكذلك حديث أبي طلحة وفيه "أما يرضيك ألا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا، ولا سلم عليك، إلا سلمت عليه عشرا"2.
وبما تقدم من نصوص يعلم أن السلام هو حق من الحقوق التي للنبي صلى الله عليه وسلم على أمته، والمسلم مأمور بالقيام بهذا الحق حيث كما إن إما مطلقا، وإما عند الأسباب المؤكدة لذلك كما في التشهد وعند الدخول إلى المسجد أو الخروج منه. وهذا السلام فيه من الخاصية للنبي صلى الله عليه وسلم والفضل على هذه الأمة ما فيه. أما الخاصية التي فيه للنبي صلى الله عليه وسلم.
فالأمر بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم مع الغيبة من خصائصه التي خصه الله بها، فلم يرد في الشرع الأمر بالسلام على معين مع مغيبه إلا عليه صلى الله عليه وسلم وذلك كما في التشهد فليس فيه سلام على معين إلا عليه وكذلك عند دخول المسجد والخروج منه3.
وأما الفضل الذي جعله الله لهذه الأمة بهذا السلام فهو جعله سبحانه وتعالى
1 تقدم تخريجه ص 564.
2 تقدم تخريجه ص 565
3 مجموع الفتاوى (27/412) .
هذا السلام مطلقا لا يتكلف فيه المرء قطع المسافة ولا يشترط فيه اللقاء به في حياته أو المجيء إلى قبره بعد وفاته.
فالمسلم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في أي مكان في هذه الدنيا وفي أي وقت وزمان يشاء وهذا من الفضل والنعمة التي امتن الله بها علينا.