المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: بعض العبادات والشعائر عند النصارى - دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية

[سعود بن عبد العزيز الخلف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة

- ‌المقدمة

- ‌مدخل إلى دراسة الأديان

- ‌أولاً: تعريف الدين

- ‌ثانياً: تقسيم الأديان

- ‌ثالثاً: علم الأديان في القرآن الكريم وكتابة المسلمين فيه:

- ‌رابعاً: باعث التدين:

- ‌خامساً: بيان أن التوحيد سبق الشرك:

-

- ‌الباب الأول: اليهودية

- ‌الفصل الأول: التعريف باليهودية

- ‌المبحث الأول: تعريف كلمة يهود

- ‌المبحث الثاني: مجمل تاريخ اليهود

-

- ‌الفصل الثاني: مصادر اليهود

- ‌المبحث الأول: التوراة والكتب الملحقة بها

- ‌المطلب الأول: تعريف التوراة

- ‌المطلب الثاني: تاريخ التوراة

- ‌المطلب الثالث: تحريف التوراة

- ‌المطلب الرابع: صفات الله عز وجل في التوراة المحرفة:

- ‌المطلب الخامس: وصف اليهود للأنبياء عليهم السلام في التوراة المحرفة

- ‌المطلب السادس: اليوم الآخر لدى اليهود

- ‌المبحث الثاني: التلمود

- ‌المبحث الثالث: بروتوكولات حكماء صهيون

- ‌الفصل الثالث: بعض عبادات وشعائر اليهود

- ‌الفصل الرابع: فرق اليهود

- ‌الفصل الخامس: أخلاق اليهود من خلال القرآن الكريم

-

- ‌الباب الثاني: النصرانية

- ‌الفصل الأول: التعريف بالنصرانية

- ‌المبحث الأول: تعريف كلمة النصرانية

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالمسيح عليه السلام إجمالاً من خلال القرآن الكريم وما يتفق معه مما ورد في أناجيل النصارى

- ‌المبحث الثالث: تاريخ النصرانية إجمالاً

-

- ‌الفصل الثاني: مصادر النصرانية

-

- ‌المبحث الأول: الكتاب المقدس:

- ‌المطلب الأول: إسناد وتاريخ الأناجيل الأربعة

- ‌المطلب الثاني: الأناجيل الأربعة متناً

- ‌المطلب الثالث: إنجيل برنابا

- ‌المبحث الثاني: المجامع النصرانية

-

- ‌الفصل الثالث: عقيدة النصارى

- ‌المبحث الأول: التثليث

- ‌المطلب الأول: تعريفه ومرادهم به:

- ‌المطلب الثاني: استدلالات النصارى على التثليث

- ‌المطلب الثالث: إبطال ونقض ما استدلوا به على التثليث

- ‌المطلب الرابع: أدلة إثبات الوحدانية وإبطال التثليث من العهد القديم والأناجيل:

- ‌المطلب الخامس: الأقانيم الثلاثة تعريفها وأدلتهم عليها وبيان بطلان تلك الأدلة

- ‌المطلب السادس: الإتحاد: (التجسد)

-

- ‌المبحث الثاني: الصلب والفداء

- ‌المطلب الأول: الصلب:

- ‌المطلب الثاني: الفداء

- ‌المطلب الثالث: بيان بطلان دعوى النصارى في الصلب والفداء إضافة لما سبق

- ‌المبحث الثالث: محاسبة المسيح الناس

- ‌المبحث الرابع: قول النصارى في البعث والجنة والنار

- ‌الفصل الرابع: بعض العبادات والشعائر عند النصارى

- ‌الفصل الخامس: العوامل التي أدت إلى تحريف رسالة المسيح عليه السلام

- ‌الفصل السادس: أهم الفرق النصرانية المعاصرة

- ‌الفصل السابع: التنصير

- ‌الفصل الثامن: البشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الفصل الرابع: بعض العبادات والشعائر عند النصارى

‌الفصل الرابع: بعض العبادات والشعائر عند النصارى

المسيح عليه السلام من بني إسرائيل، وكان ملتزماً بما كان من الشريعة قبله، وفي هذا يذكر صاحب إنجيل متى (5/17) أن المسيح قال للجموع شارحاً دعوته "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل".

إلا أن النصارى بعد المسيح بدلوا وغيروا ديانته في العقيدة والشريعة فألغى "بولس" الناموس أو شريعة موسى، وأبطل العمل بها، بل إعتبر العمل بها لا ينجى الإنسان بل يهيئه للعنه. وفي هذا يقول في رسالته لأهل غلاطية (2/16) "إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس

لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما".

وفي (3/10) يقول: "لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة، لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به".

لهذا إنقطعت صلة النصارى بالعبادات والشرائع الموجودة في العهد القديم. وصارت عندهم عبادات وشعائر مختلفة نذكر منها.

ص: 339

أولاً: العبادات:

أ- الصلاة:

وهي سبع صلوات في اليوم والليلة، وليس لها كيفية محدودة وإنما هي دعاء. ويختارونه في الغالب من الأدعية المنسوبة للمسيح عليه السلام، أو الأدعية المنسوبة إلى داود عليه السلام، كما ذكروها في المزامير من العهد القديم. وللصلاة عندهم شرطان فقط وهما:

1-

أن تقدم الصلاة باسم المسيح لأنه الواسطة عندهم- وهذا أصرح ما يكون في عبادتهم له.

2-

أن يتقدم الصلاة الإيمان الكامل بالتثليث وغيره من العقيدة.

والصلاة أنواع: منها صلاة فردية سرية، وصلاة عائلية في البيت، ومنها الصلاة العامة في الكنيسة، وأهمها صلاة يوم الأحد حيث يقرأ الكاهن عليهم شيئاً من المزامير أومن غيرها من الكتاب المقدس، والجميع وقوف يستمعون، وعند نهاية كل مقطع يؤمنون1.

ومما يجدر ملاحظته هنا أن النصارى يوردون عن المسيح أنه حض على الصلاة فقد ذكر متى في (6/5) "ومتى صليت فلا تكن كالمرائين

وأما أنت فمتى صليت فادخل مخدعك وأغلق بابك وصل إلى أبيك في الخفاء".

ولكن لم يرد عن المسيح عليه السلام بيان لكيفية الصلاة - والذي يظهر أن المسيح عليه السلام كان يصلي مثل صلاة بني إسرائيل، وحواريوه كانوا

1 انظر: دستور الكنيسة الإنجيلية بمصر ص40-41 في العبادات المسيحية ص16-17.وحقائق أساسية في الإيمان المسيحي ص200

ص: 340

يعرفون الصلاة لأنهم من بني إسرائيل فلهذا لم يعرفهم المسيح عليه السلام كيفيه الصلاة.

ومما يلاحظ أن المسيح حين صلى كان يقع على وجهه على الأرض كما يقول متى في (26/39)"ثم تقدم (المسيح) قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي".

فهذا يفهم منه أن المسيح كان يسجد في صلاته، وهو ما لا يفعله النصارى، وهذا يدلنا على أن النصارى لا يعرفون كيف كان يصلي المسيح على التفصيل وإنما أخذوا من أمره بالصلاة المعنى العام وهو الدعاء والتزموه بدون دليل صحيح.

ب- الصوم:

وهو الإمتناع عن الطعام حتى بعد منتصف النهار، ثم تناول طعام خال من الدسم عند البعض، والبعض منهم يرى أن الصوم امتناع عن الأكل والشرب من الصباح إلى المساء، وهم يصومون يوم الأربعاء لأنه يوم المشاورة على موت المسيح عندهم ويوم الجمعة لأنه صلب عندهم فيه المسيح، وصوم الميلاد وعدد أيامه 43 يوماً تنتهي بعيد الميلاد، وأياماً أخرى غيرها وضعوها لمناسبات خاصة تختلف من كنيسة إلى كنيسة. وبعضهم يرى أنه لا يوجد صيام دوري على النصراني بل يصوم الإنسان وقت الحاجة للصيام، ويَعْتِبر كل صيام محدد بدعة غير مشروعه1.

وما سبق أن قلناه في الصلاة نقوله في الصوم، فإن المسيح حض على الصوم

1 انظر: حقائق أساسية في الإيمان المسيحي ص216، العبادات المسيحية ص24.

ص: 341

عموماً ولم يحدد فيه كيفية ولازماناً ولا شيئاً من ذلك، فتأوله كل جماعة منهم على ما أرادوا بدون أن يكون هناك أي دليل يعتمد عليه من قبل المسيح.

وهذا كله لأن النصارى فصلوا بين العبادة الواردة في العهد القديم والعبادة في العهد الجديد، فحرم عليهم بولس العمل بشيء من تعاليم الناموس (التوراة) كما سبق بيانه - فصارت ديانتهم دعوة عامه ليس فيها تفصيل لشيء من العبادات.

ص: 342

ثانياً: الشعائر عند النصارى:

أ- التعميد:

هو مفتاح الدخول في النصرانية، فمن لم يعمد فليس نصرانياً عندهم ولو كان من أبوين نصرانيين، ويمكن أن يعمد الشخص وهو طفل أو في أي وقت من حياته، كما يمكن تعميده وهو على فراش الموت، ومرادهم بالتعميد أن يكون الإنسان طاهراً مبرءاً من الذنوب.

وطريقته عندهم رش الماء على الجبهة، أو غمس أي جزء من الجسم في الماء، أو غمس الشخص كله في الماء، ولا يكون إلا في الكنيسة وعلى يد كاهن1.

ب - العشاء الرباني أو القربان المقدس:

هو قطع من الخبز مع كأس من الخمر، يتناوله النصارى في الكنيسة رمزا وتذكارا لصلب المسيح عندهم.

وعند الكاثوليك من النصارى أن من أكل هذا الخبز وشرب الخمر فقد أكل لحم المسيح، وشرب دمه، لأنه عندهم يتحول حقيقة إلى لحم المسيح ودمه.

بينما يرى غير الكاثوليك أن هذا رمز لما حل بالمسيح، أو أن المسيح يحضر روحياً هذا العشاء، وليس له وقت محدد، وإنما يرون ممارسته مراراً عديدة في العام، ويجب أن يبلغ الناس عنه قبل موعده بأسبوعين على الأقل -وهاتان الفريضتان الأخيرتان هما أهم شعائر النصارى إذ هما فقط الذي ورد

1 دستور الكنيسة الانجيلية ص51، حقائق أساسية في الإيمان المسيحي ص240. وانظر علم اللاهوت لنظامي ص1074.

ص: 343

عن المسيح في زعمهم الأمر بهما1.

ج- الإعتراف للقسس وصكوك الغفران:

التوبة عند النصارى لا تتم إلا بالاعتراف بالذنوب والخطايا أمام القس أو الكاهن في الكنيسة، ثم يمسحه هذا الكاهن فتغفر ذنوبه2.

ثم إن ذلك تطور حيث قُرر في المجمع الثاني عشر سنة 1215م أن الكنيسة الكاثوليكية تملك حق الغفران للذنوب وتمنحه لمن تشاء.

فاستغلت الكنيسة والقسس هذا الأمر، وطبعوا صكوك الغفران، وباعوها وربحوا من ورائها أموالاً طائلة، وهذه الصكوك يغفر فيها جميع الذنوب السابقة واللاحقة وتخلص صاحبها من جميع التبعات والحقوق التي في ذمته 3.

وهذا وصمة عار في جبين النصارى، ومظهر من مظاهر تلاعبهم وعبثهم، لأن من المعلوم أن الإنسان لا يتجاوز ويتسامح عما لا يملك فكيف يسقط الكاهن أو القسيس حقوق الآخرين التي في ذمة الإنسان، وأكبر منها وأعظم الذنوب التي يرتكبها الإنسان مخالفاً بها أمر الله ومتعدياً حدوده فمغفرتها حق لله عز وجل وحده.

فهل الله جل وعلا عاجز عن تولي ذلك؟ أم أنه غائب لا يدري؟ أم أن البابوات والقسس أعلم منه بخلقه؟ أم هم أرحم منه بخلقه؟

1 دستور الكنيسة الانجيلية ص53، حقائق أساسية ص250.

2 انظر: العبادة المسيحية ص88،115.

3 انظر: تاريخ الكنيسة. جون لوريمر (4/37-39) .

ص: 344

لاشك أن كل ذلك غير حاصل، وإنما هو جرأة على الله وتعد على حقوقه جل وعلا، واستعباد لخلقه، وتأليه لأنفسهم وتعظيم، ومما لاشك فيه أن أعظم رجاء للإنسان وأمل هو أن يغفر الله له ذنوبه ويتجاوز عن سيآته وخطاياه، فإذا جعل البابوات والقسس هذا الأمر بأيديهم فإنهم يحولون بذلك بين الخلق وربهم ويحجبونهم عنه فلا يسألونه، ولا يرجونه وتصبح آمالهم معلقة بأمثالهم من الناس في الخطيئة والجهل والنقص.

وصدق ربنا جل وعلا إذ يقول عنهم {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} التوبة آية (31) .

ثم يقول جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} التوبة آية (34) .

د - الزواج عند النصارى:

الزواج عند النصارى جائز عندهم ما عدا القسس والرهبان اقتداءاً في زعمهم بالمسيح عليه السلام الذي لم يتزوج.

وعندهم أن الذي يستطيع أن يضبط نفسه عن الزنا فالأفضل أن لا يتزوج، ولا يجوز عندهم الزواج بأكثر من واحدة، ولا طلاق عندهم إلا في حالة الزنا عند الأرثوذكس وإذا طلق أحدهما الآخر فلا يتزوج مرة أخرى. ويجوز الطلاق عندهم في حالة اختلاف الدين بين الرجل والمرأة إذا لم يتم التوافق بينهما.

هـ - حمل الصليب وتقديسه:

النصارى يرمزون بالصليب الذي يحملونه والذي لا تكاد تجد نصراني إلاّ

ص: 345

وهو يحمله، إلى صلب المسيح عليه السلام عندهم.

ويزعمون أن حمله يشعرهم بإنكار النفس واقتفاء أثر المسيح في هذا الإنكار والسير وراء مخلصهم وفاديهم 1. ولا يوجد لدى النصارى دليل على حمل الصليب فضلاً عن تقديسه، كما أنه لا يعرف متى صار الصليب مقدساً، حيث لا يوجد له أي ذكر لدى المتقدمين من النصارى، ولا يعرف من الذي دعى إلى حمله على التحقيق، وإنما هو أمر استحسنوه ودرجوا عليه في زمن متأخر حتى صار من أظهر شعائرهم.

وـ تقديس يوم الأحد:

من المعلوم أن المسيح عليه السلام من بني إسرائيل، وبنو إسرائيل يعظمون يوم السبت ويقدسونه، فكان المسيح عليه السلام على ذلك، إلا أن النصارى فيما بعد بوقت طويل تركوا السبت وأخذوا يعظمون الأحد رغبة منهم في مخالفة اليهود الذين يكنون لهم العداء والبغض. وهذا يعد من النصارى تحريف وتغيير لدين المسيح عليه السلام بما يوافق أهواءهم بدون أن يكون عندهم دليل على ذلك.

1 انظر في الموضعين: محاضرات في النصرانية (110-117) ، والمسيحية أحمد شلبي ص 171-175، 235، 236.

ص: 346