الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: علم الأديان في القرآن الكريم وكتابة المسلمين فيه:
القرآن الكريم كتاب أنزله الله عز وجل لهداية البشرية جمعاء وهو خاتم الكتب السماويه، وهو كتاب دعوة وهداية لهذا ذكر الله عز وجل فيه أديان الناس السابقة والمتزامنة مع نزوله، لأن ذلك وسيلة من وسائل دعوة أصحاب الأديان، فإن عرض ما هم عليه من الباطل وبيان أوجه بطلانه مع عرض الحق والتركيز على مميزاته، وأوجه رجحانه.
كل ذلك مما ينير الأذهان التي غلفها التقليد، والجهل، والهوى، ويفتح أمامها أفاق المعرفة السليمة من أجل المقارنة والموازنة ثم الإيمان عن اقتناع ويقين.
وإذا نظرنا في القرآن الكريم نجد أنه حوى من ذلك الشيء الكثير.
فمن ذلك أن الله عز وجل قد حصر الأديان التي عليها الناس في قوله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الله عَلَى كُلِ شَيء شَهِيد} الحج آيه (17)
فأديان البشر لاتخرج عن واحد من هذه وهي: الإسلام، واليهودية والصابئة 1، والنصرانية، والمجوسية2، والوثنية.
(1) الصابئة اختلف فيهم اختلافاً عريضاً، وأنقل هنا كلام غضبان رومي أحد الصابئة في كتابه عن جماعته فمما ذكر عنهم:"أنهم يؤمنون بالله رباً وخالقاً " ويشركون مع الله في العبادة بدعاء الأنبياء والملائكه، ويعتقدون أن عالم الأنوار وهم من الملائكة وبعض الأنبياء يمنح الخالق بواسطتهم للناس الهداية والصحة والقوة والفضيلة، ويؤمنون بالحساب بعد الموت مباشرة فالصالحون عندهم يذهبون إلى عالم الأنوار، والمذنبون إلى عالم الظلام أو النار الموقده ولا يعتقدون ببعث الأجساد، ويؤمنون من الأنبياء بآدم وشيث وإدريس وسام وإبراهيم ويحيى ويصلون إلى الشمال ناحية القطب الشمالي ويوجد الآن منهم قرابة ثلاثين ألفاً في العراق - هؤلاء هم الذين يسمون الصابئه المندائية. وهناك صابئة حران،وهم وثنيون يعبدون الكواكب وقد انقرضوا ولم يبق إلا المندائية. انظر كتاب "الصابئة" ص26،27،30،60،93،146.
2 المجوس: هم القائلون بأن الله خالق الخير وهو النور وخرجت الظلمة من النور، ويعبدون النار ويسجدون للشمس إذا طلعت. انظر الملل والنحل (1/233) ، البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان ص57.
كما ذكر الله عز وجل الأنبياء عليهم السلام وأبان أن دعوتهم كانت واحدة وهي الدعوة إلى التوحيد قال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِنْ رَسُول إِلَاّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاْعُبُدون} الأنبياء آية (25)
وقال عز وجل {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِ أُمَّة رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت} النحل آية 16
وأن دينهم واحد وهو الإسلام قال عز وجل عن نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِيَتِنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَكَ} البقره آية (128) .
وقال عن نبيه إبراهيم ويعقوب عليهما السلام {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِ الْعَالَمِيَن وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ياَ بني إِنَّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَاّ وَأَنْتُم مُسْلِمُون} البقرة آية (134)
وقال عز وجل {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُم بِالله فَعَلَيْهِ تَوَكَلُوا إِنْ كُنْتُم مُسْلِمِين} يونس آية (84) .
وقال عز وجل {قاَلَ الْحَوَارِيُونَ نَحْنُ أَنْصَارُ الله آمَنَّا بِالله وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُون} . آل عمران آية (52) .
كما ذكر الله عز وجل مجادلة الأنبياء لأقوامهم وإقامتهم للحجة عليهم من أوجه عديدة.
وذكر الأديان التي يدين بها الناس، فذكر الديانة التي أنزلت على موسى عليه السلام وذلك في آيات عديدة أيضا ومن المثال على ذلك:
وذكر الله عز وجل انحراف بني إسرائيل وكفرهم وتحريفهم لكلام الله في آيات عديدة منها قوله عز وجل {وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} آل عمران آية (78)
وقال عز وجل {وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون} المائدة (62-63) .
وذكر الله عز وجل النصارى وعقائدهم وانحرافاتهم في آيات عديدة منها قوله عز وجل {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم} المائده (72) .
{لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسَّن الذين كفروا منهم عذاب أليم} المائده آية (73) .
كما ذكر أقوالاً أخرى عديدة لهم في المسيح وأمه وذكر ادعاءهم صلبه
وأبان عن الحق في كل ذلك.
وإضافة إلى أقوال أصحاب الديانات ذكر الله عز وجل أيضاً أصول بعض تلك المقالات المنحرفة فمن ذلك قوله عز وجل {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنَّى يؤفكون} التوبة آية (31) .
فبين سبحانه أن هذه المقالة اقتبسها اليهود والنصارى من الكفار قبلهم، وهذا أمر ثابت واضح لكل من نظر في الأديان السابقة على اليهودية والنصرانية فإنه سيجد ادعاء الولد لله- تعالى الله عن ذلك - منتشراً لدى الكفار من الفراعنة واليونان والرومان وغيرهم.
كما ذكر الله ?عز وجل المشركين الوثنيين فذكر عباداتهم وآلهتهم في مثل قوله عز وجل {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} النجم (19-20) .
وقال عز وجل {أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين} الصافات (125)
كما ذكر حججهم مجملة ومفصله، فمن المجملة قوله عز وجل {ألم يأتكم نبؤ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعونا إليه مريب قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين} إبراهيم (9-10)
ومن حجج المشركين المفصله وجدالهم لأنبيائهم عليهم السلام قوله عز وجل
{وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاؤا إنك لأنت الحليم الرشيد قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
…
إلى قوله: قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب} هود آية (84-93)
كما عقد جل وعلا المقارنات العديدة بين الحق والباطل ليفسح المجال أمام العقل للمقارنة والموازنة من ذلك قوله ?عز وجل {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} يوسف آية (39)
وقوله عز وجل {أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون إن الذين تدعون من دون الله
عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم أذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين} الأعراف (191-196) .
كما ذكر الله عز وجل الملاحدة الذين ينكرون وجود الخالق وينكرون بالتالي الأديان حيث ذكر إمامهم فرعون في مواطن كثيرة منها قوله عز وجل {وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين} القصص (38)
بل بين سبحانه أن فرعون هو إمام الإلحاد وذلك في قوله عز وجل {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين} القصص (42-43)
فبين سبحانه أن فرعون وأتباعه هم أئمة الدعاة إلى النار، ولاشك أن أعظم الدعاة إلى النار هم الفلاسفة الملاحدة والمؤلهة منهم. وهذا خلاف ما هو مشتهر لدى كثير من الناس من عزو الفلسفة والإلحاد إلى فلاسفة اليونان فإن الصحيح أن الفراعنة كانوا هم أئمة اليونان في هذا، فقد أخذ اليونان فلسفتهم الوثنية عنهم، وكل من نظر في أساطير اليونان وفلسفتهم وكذلك أساطير الرومان الذين ورثوا ذلك عن اليونان، ثم نظر في أساطير وفلسفة الفراعنه قبلهم علم أن هذه الأقوال بعضها من بعض، وإن كان اليونان قد توسعوا في ذلك وانتشرت عنهم تلك الأقوال فنسبت إليهم.
قال د. محمد دراز "لم يبق الآن مجال للشك في أن القدامى من علماء اليونان وفلاسفتهم تخرجوا في مدرسة الحضارات الشرقية، والحضارة المصرية بوجه أخص 1. وليس معنى هذا أن الإغريق (اليونان) كانوا بمثابة أوعية مصمتة نقلت علوم الشرق ومعارفه نقلاً حرفياً، فذلك ما لا يستسيغه عقل، ولم يقم عليه دليل من صحيح النقل، ولكن المعنى أنهم لم ينشئوا هذه العلوم إنشاءاً على غير مثال سابق كما ظنه بعضهم، بل وجدوا مادتها في الشرق فاقتبسوا منها وأفادوا كثيراً. وإن قدماء اليونان أنفسهم يذهبون إلى الإعتراف بهذه التلمذة إلى القول بأن عظماءهم أمثال فيثاغورس 2 وأفلاطون3 مدينون بأرقى نظرياتهم إلى المدرسة المصرية، والناقدون المحدثون وإن استبعدوا حصول نقل حرفي لهذه النظريات، لم يسعهم إلا التسليم بتبعية هؤلاء الفلاسفة في الدين والأخلاق، للنظريات المصرية4 ".
1 يؤكد العديد من الباحثين من بداية القرن العشرين أن الفلسفة اليونانية اقتبست مادتها من الفلسفة الشرقية، وخاصة المصرية، ومن هؤلاء:"ذيوجانس اللائرسي" و"أبل ريه"،وغيرهم. ويستدلون لذلك بأشياء عديدة من أهمها: أن طاليس الملطي الذي اشتهر بأنه منشىء الفلسفة اليونانية كان قد جمع علوم البابليين والمصريين، إضافة إلى أن أفلاطون وفيثاغورس قد زارا مصر واستفادا من علومها. انظر في ذلك:موسوعة الفلسفة1/411،2/183، الموسوعة الفلسفية ص 278، بحوث مقارنات في تاريخ العلم وتاريخ الفلسفة لعمر فروخ ص62، الدين المقارن " بحث في سائر الديانات العالمية" ص103-109.
2 فيثاغورس فيلسوف ورياضي يوناني. عاش مع أتباعه حياة مشتركة في الزهد، يقول بتناسخ الأرواح عاش في القرن 6 ق. م. انظر المنجد في الإعلام ص535.
3 أفلاطون: من كبار فلاسفة اليونان وهو تلميذ سقراط ومعلم أرسطو توفي سنة 347ق. م. المنجد في الإعلام ص55.
4 الدين، محمد عبد الله دراز، ص11.
كما أمر الله عز وجل بمجادلة أهل الكتاب لا زالة شبههم وإقامة الحجة عليهم وذلك بالحسنى كما قال عز وجل {وَلَا تُجَاِدلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَاّ بِالتَّىِ هِيَ أَحْسَن إِلَاّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} العنكبوت (46) .
كما حكم الله عز وجل في هذا القرآن بين بني إسرائيل فيما اختلفوا فيه من القضايا الدينية {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُ عَلَى بني إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} النمل (76)
فبرأ الله ?عز وجل فيه سليمان ?عليه السلام مما اتهمه به اليهود من الكفر وأثبت له النبوة التي كانوا ينكرونها، كما برأ مريم رضي الله عنها مما اتهمها به اليهود، وأبان عن حصانتها وعفتها وطهارتها، وبرأ ابنها مما نبزه به اليهود من الكفر والضلال، كما برأه مما ادعاه فيه النصارى من الألوهية والبنوة، ورد على اليهود والنصارى دعوى صلبه، وأخبر أنه أنجاه منهم ورفعه إليه.
فهذه المعلومات الغزيرة والمتنوعة عن الأديان التي وردت في القرآن الكريم، تدل دلالة واضحة على عظيم أهمية هذا العلم في مجال الدعوة إلى الله عز وجل، فتنبه لذلك علماء المسلمين فكتبوا في الأديان قاصدين بذلك الدعوة إلى الله من خلال ذلك فكان من أوائل من كتب في ذلك:
علي بن ربن الطبري1 في كتابيه "الرد على النصارى2 " وكتاب "الدين والدوله في إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم 3 ".
1 أبو الحسن علي بن سهل المعروف بـ "ابن ربن الطبري". كان طبيباً نصرانياً أسلم زمن المتوكل العباسي وكان حياً سنة 247هـ ولا يعرف سنة وفاته على التحديد. انظر المنجد في الإعلام ص434 مقدمة كتاب الدين والدولة ص 5.
2 وهو كتاب مفقود وإنما ذكره المؤلف في كتابه "الدين والدولة".
3 وهو مطبوع بتحقيق عادل نويهض من منشورات دار الآفاق الجديدة في بيروت ويقع الكتاب في 210 صفحة من القطع المتوسط.
والجاحظ 1في كتابه:" الرد على النصارى"2. والأشعري3 في كتابه "الفصول في الرد على الملحدين4 ". والمسعودي5 في كتابه " المقالات في أصول الديانات6". والبيروني7 في كتابه "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذوله8". وابن حزم9 في كتابه "الفصل في الملل
1 عمرو بن بحر أبو عثمان الجاحظ المعتزلى صاحب كتاب الحيوان توفي سنة 255هـ. البداية والنهاية (11/22) .
2 هو كتاب صغير مطبوع مع رسائل أخرى باسم "ثلاث رسائل لأبي عثمان الجاحظ". طبع المطبعه السلفيه بالقاهرة، كما طبع باسم "المختار في الرد على النصارى" تحقيق محمد عبد الله الشرقاوي دار الصحوة للنشر والتوزيع بالقاهرة.
3 علي بن إسماعيل أبو الحسن الأشعري ولد سنة 260 هـ وتوفى سنة 330هـ، وهو الذي تنتسب إليه الأشاعره. سير أعلام النبلاء (15/85) .
4 ذكر الكتاب الذهبي في السير (15/87) وابن عساكر في تبين كذب المفترى ص128 وقال عنه " رد فيه على البراهمة واليهود والنصارى والمجوس، وهو كتاب كبير،يشتمل على اثنى عشر كتاباً" وهو في حكم المفقود.
5 أبو الحسن على بن الحسين بن علي المسعودي صاحب كتاب مروج الذهب توفي سنة 345هـ سير أعلام النبلاء (15/569) .
6 ذكر الكتاب المسعودي نفسه في كتابه المشهور "مروج الذهب"، ويتحدث في كتابه عن صابئة الصين وصابئة المصريين وعن المذاهب النصرانية ومذاهب الوثنية والمجوس وغير ذلك. انظر منهج المسعودي في بحث العقائد والفرق الدينية ص52.
7 محمد بن أحمد ابو الريحان البيروني الخوارزمي فيلسوف رياضي مؤرخ، أقام في الهند بضع سنين وصنف كتباً كثيرة جداً توفي في خوارزم سنة 440هـ. الأعلام للزركلي (5/314) .
8 هو كتاب كبير مطبوع بمطبعة دائرة المعارف العثمانية الهندية 1377هـ، ويتحدث فيه مؤلفه عن أديان الهند وعادات أهلها وأخلاقهم.
9 علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمد إمام في الفقه وكان من بيت وزراة ورياسة توفي سنة 456هـ انظر البداية والنهاية (12/99) .
والأهواء والنحل1". والشهرستاني2 في كتابه "الملل والنحل3".والقرافي4في كتابه "الأجوبة الفاخره عن الأسئلة الفاجره5"وشيخ الإسلام ابن تيميه6 في كتابه "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح7".
وغيرها كثير أرسى به المسلمون قواعد هذا العلم حيث أوردوا عقائد أصحاب الديانات وعباداتهم ونقلوا ذلك عن كتبهم ومصادرهم المعتبرة لديهم وناقشوهم فيها وأبانوا عن بطلان أقوالهم وأقاموا الحجة عليهم بالأدلة النقلية والعقلية، وسلكوا في ذلك منهجاً دعوياً متأسين بذلك بالقرآن الكريم.
وقد سبق المسلمون في هذا المضمار الغربيين الذين لم يعتنوا بهذا العلم إلا في العصور المتأخرة بعد ما يسمى بعصر النهضة في القرنين 15،16م.
لأن النصارى بعد عصر النهضة وابتداء عصر الإستعمار أخذوا يرسلون
1 وهو كتاب كبير مطبوع في مصر، مكتبة الخانجي وقد رد فيه مؤلفه على النصارى واليهود إضافة إلى كلامه عن الفرق.
2 أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني الشافعي الفيلسوف والمتكلم المتوفي سنة 548هـ. الأعلام (6/215) .
3 وهو كتاب كبير الحجم مطبوع في مجلدين بتحقيق محمد سيد كيلاني مطبعة الباب الحلبي.
4 أبو العباس شهاب الدين أحمد بن ادريس بن عبد الرحمن الصنهاجي المصري المشهور بالقرافي من كبار المالكيه وهو صاحب كتاب الذخيره في المذهب المالكي توفي سنة 684هـ. الأعلام 1/94.
5 هو كتاب مطبوع بدار الكتب العلميه في بيروت وقد رد مؤلفه على النصارى حيث احتجوا في رسالة لهم بالقرآن على صحة مذهبهم فرد المؤلف على صاحب الرسالة النصراني بهذا الكتاب.
6 شيخ الإسلام الامام العالم تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيميه المتوفى سنة 728هـ انظر البداية والنهاية (14/148.
7 وهو كتاب مطبوع في مجلدين كبيرين،طبعته مطابع المجد التجارية. كما طبعته دار العاصمة في الرياض في ستة مجلدات تحقيق د/ عبد العزيز العسكر وزملائه.
البعوث من رجال دينهم إلى الشرق الأدنى والأقصى، للإطلاع على ديانات الناس والتعرف عليها والكتابة فيها وتلك البعوث لم تكن في الواقع إلا طلائع الاستعمار.
ومن الأشياء الجديدة التي استطاع الغربيون إضافتها إلى هذا العلم، البحث في الديانات القديمة، وساعدهم على ذلك التنقيب عن الآثار، وتعلم اللغات القديمه، فأفادوا في هذا الباب معرفة ديانات الأقوام القديمة التي اندثرت.
فأكملوا بذلك ما كان بدأه المسلمون، مع أن المسلمين يتميزون عن الغربيين أن بين أيديهم مرجعاً عظيماً قد حوى في هذا الباب علماً جماً ذا دلالات مفيدة نافعة لهداية الإنسان ومصلحته الدينيه، ذلك هو الوحي الإلهي في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
وهو مصدر علمي معصوم من الخطأ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيعصم العقل البشري من البحث في علوم لا تعود بفائدة على الإنسان في دينه أو دنياه، كالبحث في أديان أقوام غبرت واندثرت من أهل الشرق والغرب.
كما يعطيه المعلومات الصحيحة عن أمور لا يمكن للبشر التوصل إليها والقطع فيها بالحق إلا بالعلم الألهي كما في بحثهم في نشأة التدين وباعثه –كما سيأتي- فإن البحث في ذلك كثير منه هو من باب التخرص إذا لم يستند إلى الوحي الإلهي.