الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين (1) » .
ب- قال ابن حجر: (قوله: باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب) .
المراد بالكتاب الأول: التوراة والإنجيل، وبالكتاب الثاني: ما هو أعم منهما ومن القرآن وغير ذلك. وأورد فيه طرفا من حديث ابن عباس في شأن هرقل، وقد ذكره بعد بابين من وجه آخر عن ابن شهاب بطوله، وإسحاق شيخه فيه هو ابن منصور، وهذه الطريق أهملها المزي في الأطراف وإرشادهم منه ظاهر، وأما تعليمهم الكتاب فكأنه استنبطه من كونه كتب إليهم بعض القرآن بالعربية وكأنه سلطهم على تعليمه إذ لا يقرءونه حتى يترجم لهم ولا يترجم لهم حتى يعرف المترجم كيفية استخراجه، وهذه المسألة مما اختلف فيه السلف، فمنع مالك من تعليم الكافر القرآن، ورخص أبو حنيفة، واختلف قول الشافعي.
والذي يظهر أن الراجح التفصيل بين من يرجى منه الرغبة في الدين والدخول فيه مع الأمن منه أن يتسلط بذلك إلى الطعن فيه، وبين من يتحقق أن ذلك لا ينجع فيه أو يظن أنه يتوصل بذلك إلى الطعن في الدين والله أعلم. ويفرق أيضا بين القليل منه والكثير كما تقدم في أوائل كتاب الحيض (2) .
(1) صحيح البخاري بدء الوحي (7) ، صحيح مسلم الجهاد والسير (1773) ، مسند أحمد بن حنبل (1/263) .
(2)
[فتح الباري] ومعه [الصحيح](6 \81) .
3-
النقول من الفقهاء:
1 -
قال العيني: قال أبو حنيفة: لا بأس بتعليم الحربي والذمي القرآن
والعلم والفقه رجاء أن يرغبوا في الإسلام، واحتج الطحاوي لأبي حنيفة بكتاب هرقل وبقوله عز وجل:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (1)
وروى أسامة بن زيد: «مر النبي صلى الله عليه وسلم على ابن أبي قبل أن يسلم، وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود فقرأ عليهم القرآن (2) » .
2 -
وقال الأبي نقلا عن القاضي عياض: ومنع مالك تعليمهم شيئا من القرآن (3) .
3 -
وقال الباجي: ولا يجوز أن يعلم أحد من ذراريهم القرآن؛ لأن ذلك سبب لتمكنهم منه، ولا بأس أن يقرأ عليهم احتجاجا عليهم، ولا بأس أن يكتب لهم بالآية ونحوها على سبيل الوعظ، كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (4) انتهى. (5) .
واستدل به -أي: بحديث النهي عن السفر بالقرآن- على منع تعليم الكافر القرآن، وبه قال مالك مطلقا (6) 4 - وفصل بعض المالكية بين القليل؛ لأجل مصلحة قيام الحجة:
(1) سورة التوبة الآية 6
(2)
[العيني على البخاري](4\207) ، و [الأبي على مسلم](5\216) .
(3)
[الأبي على مسلم](5\216) .
(4)
سورة آل عمران الآية 64
(5)
[المنتقى للباجي على الموطأ](3\165)
(6)
[الزرقاني على الموطأ](1\10) .
فأجازه، وبين الكثير فمنعه، ويؤيده كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل بعض آيات (1) .
5 -
وقال الأبي: وحجة المانع: أنه نجس في الحال وعدو لله وكتابه فقد يعرضه للمهانة، انتهى (2) .
6 -
قال النووي: الثانية عشرة: قال أصحابنا: لا يمنع سماع القرآن ويمنع مس المصحف، وهل يجوز تعليمه القرآن؟
ينظر إن لم يرج إسلامه لم يجز وان رجي جاز في أصح الوجهين، وبه قطع القاضي حسين، ورجحه البغوي وغيره.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيعه المصحف، وإن رجي إسلامه. قال البغوي: وحيث رآه معاندا لا يجوز تعليمه بحال، وهل يمنع التعليم؟ فيه وجهان حكاهما المتولي والروياني. هما أصحهما: يمنع (3) .
7 -
ومحل منع قراءة الجنب إذا كان مسلما، أما الكافر فلا يمنع منها؛ لعدم اعتقاده حرمتها، ولا يجوز تعليمه للكافر المعاند، ويمنع تعلمه في الأصح، وغير المعاند إن لم يرج إسلامه لم يجز تعليمه وإلا جاز، وإنما منع من مس المصحف؛ لأن حرمته آكد بدليل حرمة حمله مع الحدث، وحرمة مسه بنجس بخلافها، إذ تجوز مع الحدث وبفم نجس، وبذلك علم اندفاع ما في الإسعاد هنا أخذا من كلام المهمات من
(1)[الفتح](6\134) ، [العيني](14\207)، [والزرقاني] :(10\10) .
(2)
[الأبي على مسلم](5\216) .
(3)
[المجموع](2\78) .
قياسها عليها كما رد ذلك العلامة الجوجري. انتهى (1) .
8 -
قوله: (أما الكافر فلا يمنع منها) أي: القراءة، بل يمكن منها، أما قراءته مع الجنابة فتحرم عليه؛ لأنه مخاطب بفروع الشريعة خطاب عقاب. انتهى زيادي.
وظاهر كلام الشارح أنه لا يمنع ولو كان معاندا، وعبارته على [البهجة] : نعم شرط تمكين الكافر من القراءة: أن لا يكون معاندا، أو رجي إسلامه كما في [المجموع]، والقياس أيضا منعه من كتابة القرآن حيث منع من قراءته. قوله:(يمنع تعليمه) والقياس منعه من التلاوة حيث كان معاندا ولم يرج إسلامه. ولا يشترط في المنع كونه من الإمام، بل يجوز من الآحاد؛ لأنه نهي عن منكر وهو لا يختص بالإمام. قوله:(بخلافها) أي: القراءة.
قوله: (من قياسها) انظر مرجع الضمير فيه وفيما بعده، ولعله تثنية الضمير في عليهما وعليه فضمير قياسها للقراءة، وضمير عليهما لمس المصحف وحمله. انتهى (2) .
9 -
وقال القليوبي: ويجوز تعليمه لكافر غير معاند ورجي إسلامه، سواء الذكر أو الأنثى، وهذا مراد من عبر بقراءته؛ لأنها بمعنى إقرائه؛ إذ قراءته لا يمنع منها مطلقا وعبروا في الكافر بعدم المنع من المكث والقراءة، ولم يعبروا بالجواز لبقاء الحرمة عليه؛ لأنه مكلف بفروع
(1)[نهاية المحتاج](1\221) .
(2)
[حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج](1\221) .
الشريعة، ويمنع من مس المصحف وحمله؛ لأن حرمته أبلغ؛ بدليل جواز قراءة المحدث دون نحو مسه (1) .
10 -
وقال ابن قدامة: ولا يجوز تمكينه من شراء مصحف ولا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فقه، فإن فعل فالشراء باطل؛ لأن ذلك يتضمن ابتذاله، وكره أحمد بيعهم الثياب المكتوب عليها ذكر الله تعالى، قال مهنا: سألت أحمد أبا عبد الله هل تكره للرجل المسلم أن يعلم غلاما مجوسيا شيئا من القرآن؟ قال: إن أسلم فنعم، وإلا فأكره أن يضع القرآن في غير موضعه، قلت: فيعلمه أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم. وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله عن الرجل يرهن المصحف عند أهل الذمة؛ قال: لا، نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو، اهـ (2) .
11 -
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وكذلك تلميذه ابن القيم رحمه الله تعالى: أن من الشروط العمرية: (ولا نعلم أولادنا القرآن) .
12 -
وقال ابن القيم: صيانة للقرآن أن يحفظه من ليس من أهله ولا يؤمن به، بل هو كافر به، فهذا ليس أهلا أن يحفظه ولا يمكن منه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم؛ فلهذا ينبغي أن يصان عن تلقينهم إياه، فإن طلب أحد منهم أن يسمعه منهم، فإن له أن يسمعه إياه إقامة للحجة عليهم، ولعله أن يسلم. انتهى (3) .
(1)[حاشيتا قليوبي وعميرة على منهاج الطالبين](1\ 95) .
(2)
[المغني ومعه الشرح الكبير](10\ 624، 625) .
(3)
[أحكام أهل الذمة](2\ 775) .
13 -
ويمنع كافر من قراءته ولو رجي إسلامه (قياسا على الجنب وأولى) . انتهى (1) .
14 -
ويمنع في المنصوص كافر القراءة (هـ) ولو رجي إسلامه (ش) ونقل مهنا أكره أن يضعه في غير موضعه، قال القاضي: جعله في حكم الجنب. انتهى (2) .
15 -
الكافر كالجنب يمنع من قراءته ولو رجي إسلامه، نقل مهنا أكره أن يضعه في غير موضعه. انتهى (3) هذا ما تيسر ذكره من النقول.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1)[مطالب أولي النهى] ومعه [الغاية](1\172) .
(2)
[الفروع](1\203) .
(3)
[المبدع على المقنع](1\188) .