الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (1) إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة. وقد روي مرفوعا من وجه آخر، فقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا شريك عن الأشعث يعني: ابن سوار عن الحسن، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك إلا أهل العهد وخدمهم (2) » تفرد به الإمام أحمد مرفوعا، والموقوف أصح إسنادا. وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي: كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيه قول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (3) وقال عطاء: الحرم كله مسجد؛ لقوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (4) ودلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك، كما ورد في الصحيح «المؤمن لا ينجس (5) » ، وأما نجاسة بدنه فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات؛ لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب، وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم، وقال أشعث عن الحسن: من صافحهم فليتوضأ. رواه ابن جرير (6) .
(1) سورة التوبة الآية 28
(2)
مسند أحمد بن حنبل (3/392) .
(3)
سورة التوبة الآية 28
(4)
سورة التوبة الآية 28
(5)
رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
(6)
[تفسير ابن كثير](2\346) .
2 -
النقول من المحدثين:
أ- قال الزيلعي: الحديث الخامس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يمس القرآن إلا طاهر (1) » قلت: روي من حديث عمرو بن حزم ومن حديث ابن عمر،
(1) موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
ومن حديث حكيم بن حزام، ومن حديث عثمان بن أبي العاص، ومن حديث ثوبان.
أما حديث عمرو بن حزم فرواه النسائي في [سننه] ، في كتاب الديات، وأبو داود في [المراسيل] من حديث محمد بن بكار بن بلال عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه عن جده: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن في السنن والفرائض والديات «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (1) » انتهى.
وروياه أيضا من حديث الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة، ثنا سليمان بن داود الخولاني، حدثني الزهري، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده بنحوه، قال أبو داود: وهم فيه الحكم بن موسى (يعني قوله: سليمان بن داود) وإنما هو سليمان بن أرقم، قال النسائي: الأول أشبه بالصواب وسليمان بن أرقم متروك. انتهى.
وبالسند الثاني رواه ابن حبان في [صحيحه] في النوع السابع والثلاثين، من القسم الخامس، قال: سليمان بن داود الخولاني من أهل دمشق ثقة مأمون، انتهى، وكذلك الحاكم في [المستدرك] (2) وقال: هو من قواعد الإسلام وإسناده من شرط هذا الكتاب. انتهى. أخرجه
(1) موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(2)
في باب زكاة الذهب (1\ 397) في حديث طويل.
بطوله، ورواه الطبراني في [معجمه] والدارقطني (1) ثم البيهقي في [سننهما] ، وأحمد في [مسنده] ، وابن راهويه.
طريق آخر: رواه الدارقطني في [غرائب مالك] من حديث أبي ثور هاشم بن ناجية عن مبشر بن إسماعيل، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده، قال: كان فيما أخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يمس القرآن إلا طاهر، قال الدارقطني: تفرد به أبو ثور عن مبشر عن مالك، فأسنده عن جده، ثم رواه من حديث إسحاق الطباع، أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، قال: كان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (2) » ، قال: وهذا الصواب عن مالك، ليس فيه عن جده. انتهى.
قال الشيخ تقي الدين في [الإمام] : وقوله فيه: عن جده أن يراد به جده الأدنى، وهو محمد بن عمرو بن حزم، ويحتمل أن يراد به جده الأعلى، وهو عمرو بن حزم، وإنما يكون متصلا إذا أريد الأعلى، لكن قوله: كان فيما أخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي أنه عمرو بن حزم؛ لأنه الذي كتب له الكتاب.
طريق آخر أخرجه البيهقي في [الخلافيات] من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب في عهده، «ولا يمس القرآن إلا طاهر (3) » ، انتهى.
(1) ص: (45، 283)، والبيهقي في [سننه] ص: 88، والدارمي في باب: لا طلاق قبل النكاح ص: (293) .
(2)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(3)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
قلت: لم أجده عند عبد الرزاق في [مصنفه] وفي تفسيره إلا مرسلا فرواه في [مصنفه] في (باب الحيض) أخبرنا معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال: كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، ورواه في [تفسيره] في سورة الواقعة: أخبرنا معمر عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لهم كتابا فيه:«ولا يمس القرآن إلا طاهر (1) » ، انتهى. ومن طريق عبد الرزاق، رواه الدارقطني ثم البيهقي في [سننهما] هكذا مرسلا. قال الدارقطني: هذا مرسل ورواته ثقات. انتهى.
طريق آخر، رواه البيهقي في [الخلافيات] أيضا من حديث إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر يخبرانه عن أبيهما عن جدهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن. وأبو أويس صدوق، أخرج له مسلم في [المتابعات] ، وقد روى هذا الحديث من طرق أخرى مرسلة، وسيأتي في الزكاة وفي الديات بعض ذلك إن شاء الله تعالى، قال السهيلي في [الروض الأنف] (2) حديث:«لا يمس القرآن إلا طاهر (3) » مرسل لا يقوم به الحجة، وقد أسنده الدارقطني من طرق أقواها رواية أبي داود الطيالسي عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه
(1) موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(2)
في (فصل تطهير عمر ليمس القرآن) .
(3)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
عن جده. انتهى.
وأما حديث ابن عمر، فرواه الطبراني في [معجمه] والدارقطني (1) ثم البيهقي من جهته في [سننهما] من حديث ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري، قال: سمعت سالما يحدث عن أبيه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يمس القرآن إلا طاهر (2) » انتهى.
وسليمان بن موسى الأشدق مختلف فيه، فوثقه بعضهم، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي، وأما حديث حكيم بن حزام، فرواه الحاكم في [المستدرك] ، في كتاب الفضائل من حديث سويد بن أبي حاتم، ثنا مطر الوراق عن حسان بن بلال، عن حكيم بن حزام قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، قال:«لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر» انتهى.
قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، رواه الطبراني. والدارقطني، ثم البيهقي في [سننهما] .
وأما حديث عثمان بن أبي العاص، فرواه الطبراني في [معجمه] حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا هشام بن سليمان عن إسماعيل بن رافع، عن محمد بن سعيد، عن عبد الملك، عن المغيرة بن شعبة، عن عثمان بن أبي العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يمس القرآن إلا طاهر (3) » انتهى.
(1) ص: (45)، والبيهقي: ص: (88) .
(2)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(3)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
وأما حديث ثوبان فلم أجده موصولا، ولكن قال ابن القطان في كتابه [الوهم والإيهام] : وروى علي بن عبد العزيز في [منتخبه] حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا مسعدة البصري عن خصيب بن جحدر، عن النضر بن شفي عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يمس القرآن إلا طاهر، والعمرة هي الحج الأصغر (1) » انتهى.
قال ابن القطان: وإسناده في غاية الضعف، أما النضر بن شفي، فلم أجد له ذكرا في شيء من مظانه، فهو مجهول جدا، وأما الخصيب بن جحدر، فقد رماه ابن معين بالكذب، وأما مسعدة البصري، فهو ابن اليسع تركه أحمد بن حنبل، وخرق حديثه، ووصفه أبو حاتم بالكذب، وأما إسحاق بن إسماعيل فهو ابن عبد الأعلى يروي عن ابن عيينة وجرير وغيرهما، وهو شيخ لأبي داود، وأبو داود إنما يروي عن ثقة عنده، انتهى كلامه.
وفي الباب أثران جيدان:
أحدهما: أخرجه الدارقطني (2) عن إسحاق الأزرق، ثنا القاسم بن عثمان البصري، عن أنس بن مالك، قال: خرج عمر متقلدا بالسيف، فقيل له: إن ختنك وأختك قد صبوا، فأتاهما عمر، وعندهما رجل من المهاجرين، يقال له: خباب وكانوا يقرءون (طه) فقال: أعطوني الذي عندكم فأقرأه - وكان عمر يقرأ الكتب- فقالت له أخته: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل، أو توضأ، فقام عمر فتوضأ، ثم أخذ
(1) موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(2)
في [سننه] ص: (45، 46)، والبيهقي كلاهما في ص:(88) ، والثاني من طريق الدارقطني أيضا.
الكتاب فقرأ (طه) انتهى.
ورواه أبو يعلى الموصلي في [مسنده] مطولا، قال الدارقطني: تفرد به القاسم بن عثمان، وليس بالقوي، وقال البخاري: له أحاديث لا يتابع عليها. الثاني: أخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: كنا مع سلمان، فخرج فقضى حاجته، ثم جاء فقلت: يا أبا عبد الله، لو توضأت لعلنا نسألك عن آيات، قال: إني لست أمسه، إنه لا يمسه إلا المطهرون، فقرأ علينا ما شئنا، انتهى. وصححه الدارقطني (1) .
ب- وقال ابن حجر: حديث: «لا يمس القرآن إلا طاهر (2) » أبو داود في المراسيل والنسائي من حديث عمرو بن حزم، في أثناء حديثه الطويل.
(1)[نصب الراية](1\ 196- 199) .
(2)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
وأخرجه الدارقطني (1) من طريق أبي ثور عن مبشر بن إسماعيل، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه عن جده، قال: كان فيما أخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (2) » ، تفرد به أبو ثور، وقال: الصواب ليس فيه عن جده، ثم أخرجه من طريق إسحاق بن الصباغ عن مالك كذلك.
وأخرجه عبد الرزاق والدارقطني والبيهقي من طريقه، عن معمر عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، ليس فيه عن جده. وقد أخرجه الطيالسي من طريق أبي بكر بن محمد عن أبيه عن جده نحوه.
وفي الباب: عن ابن عمر، أخرجه الطبراني والبيهقي. وعن حكيم بن حزام أخرجه الحاكم والطبراني والدارقطني. وعن عثمان (3) بن أبي العاص، أخرجه الطبراني.
وعن ثوبان رفعه: «لا يمس القرآن إلا طاهر، والعمرة هي الحج الأصغر (4) » أخرجه علي بن عبد العزيز في [منتخب المسند] ، وإسناده
(1) رواه الدارقطني في (غرائب مالك) .
(2)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(3)
وفيه إسماعيل بن رافع، ضعفه النسائي وابن معين، وقال البخاري: ثقة مقارب الحديث.
(4)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
ضعيف. وعن أخت عمر أنها قالت له عند إسلامه: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون، أخرجه أبو يعلى والطبراني. وعن عبد الرحمن بن يزيد، عن سلمان: أنه قضى حاجته فخرج ثم جاء، فقلت: لو توضأت لعلنا نسألك عن آيات؟ قال: إني لست أمسه، لا يمسه إلا المطهرون، فقرأ علينا ما شئنا، أخرجه الدارقطني وصححه (1) .
وقال ابن حجر أيضا: حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام: «لا يمس المصحف إلا طاهر (2) » ، الدارقطني والحاكم في المعرفة من [مستدركه] . والبيهقي في [الخلافيات] والطبراني من حديث حكيم، قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن: قال: «لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر» ، وفي إسناده سويد أبو حاتم، وهو ضعيف، وذكر الطبراني في [الأوسط] : أنه تفرد به، وحسن الحازمي إسناده.
واعترض النووي على صاحب [المهذب] في إيراده له عن حكيم بن حزام، بما حاصله أنه تبع في ذلك الشيخ أبا حامد، يعني: في قوله عن حكيم بن حزام، قال: والمعروف في كتب الحديث أنه عن عمرو بن حزم قلت: حديث عمرو بن حزم أشهر، وهو في الكتاب الطويل، كما سيأتي الكلام عليه في الديات إن شاء الله تعالى، ثم إن الشيخ محيي الدين في الخلاصة، ضعف حديث حكيم بن حزام وحديث عمرو بن
(1) [الدراية، (1\ 86) .
(2)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
حزم جميعا، فهذا يدل على أنه وقف على حديث حكيم بعد ذلك. والله أعلم، وفي الباب عن ابن عمر رواه الدارقطني وإسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أن أحمد احتج به، وعن عثمان بن أبي العاص، رواه الطبراني وابن أبي داود في المصاحف، وفي إسناده انقطاع، وفي رواية الطبراني من لا يعرف وعن ثوبان أورده علي بن عبد العزيز في [منتخب مسنده] ، وفي إسناده خصيب بن جحدر، وهو متروك، وروى الدارقطني في قصة إسلام عمر أن أخته قالت له قبل أن يسلم: إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، وفي إسناده مقال، وفيه عن سلمان موقوفا، أخرجه الدارقطني والحاكم.
قوله: ويروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحمل المصحف ولا يمسه إلا طاهر» ، هذا اللفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث، ولا يوجد ذكر حمل المصحف في شيء من الروايات، وأما المس ففيه الأحاديث الماضية.
حديث: «أنه صلى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى هرقل، وكان فيه: (2) » الآية متفق عليه من حديث ابن عباس عن أبي
(1) صحيح البخاري بدء الوحي (7) ، صحيح مسلم الجهاد والسير (1773) ، مسند أحمد بن حنبل (1/263) .
(2)
سورة آل عمران الآية 64 (1){تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}
سفيان صخر بن حرب في حديث طويل (1) .
ج- وجاء في [بلوغ المرام] : وعن عبد الله بن أبي بكر: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (2) » . رواه مالك مرسلا. ووصله النسائي وابن حبان وهو معلول.
د- وقال الصنعاني: وإنما قال في [المصنف] : إن هذا الحديث معلول؛ لأنه من رواية سليمان بن داود، وهو متفق على تركه، كما قال ابن حزم ووهم في ذلك، فإنه ظن أنه سليمان بن داود اليماني وليس كذلك، بل هو سليمان بن داود الخولاني وهو ثقة، أثنى عليه أبو زرعة وأبو حاتم وعثمان بن سعيد وجماعة من الحفاظ، واليماني هو المتفق على ضعفه، وكتاب عمرو بن حزم تلقاه الناس بالقبول.
قال ابن عبد البر: إنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم كتابا أصح من هذا الكتاب، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم.
وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز وإمام عصره الزهري بالصحة لهذا الكتاب.
وفي الباب من حديث حكيم بن حزام «لا يمس القرآن إلا طاهر (3) » وإن كان في إسناده مقال إلا أنه ذكره الهيثمي في [مجمع الزوائد] من حديث عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يمس القرآن إلا طاهر (4) » قال الهيثمي: رجاله موثقون، وذكر له شاهدين ولكنه يبقى النظر في
(1)[التلخيص الحبير](1\ 131، 132) .
(2)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(3)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(4)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
المراد من الطاهر فإنه لفظ مشترك يطلق على الطاهر من الحدث الأكبر والطاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على المؤمن وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولا بد لحمله على معين من قرينة، وأما قوله تعالى:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (1) فالأوضح أن الضمير للكتاب المكنون الذي سبق ذكره في صدر الآية، وأن المطهرون هم الملائكة (2) .
هـ- وجاء في [المنتقى] للمجد: وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فيه: «لا يمس القرآن إلا طاهر (3) » - رواه الأثرم والدارقطني. وهو لمالك في [الموطأ] مرسلا عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (4) » ، وقال الأثرم: واحتج أبو عبد الله -يعني: أحمد - بحديث ابن عمر: «ولا يمس المصحف إلا على طهارة» .
ووقال الشوكاني: الحديث أخرجه الحاكم في [المستدرك] ، والبيهقي في [الخلافيات] والطبراني، وفي إسناده سويد بن أبي حاتم، وهو ضعيف.
وذكر الطبراني في [الأوسط] : أنه تفرد به وحسن الحازمي إسناده، وقد ضعف النووي وابن كثير في إرشاده وابن حزم حديث حكيم بن حزام، وحديث عمرو بن حزم جميعا. وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني والطبراني قال الحافظ: وإسناده لا بأس به، لكن فيه سليمان
(1) سورة الواقعة الآية 79
(2)
[سبل السلام](1\70) .
(3)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
(4)
موطأ مالك النداء للصلاة (468) .
الأشدق وهو مختلف فيه، رواه عن سالم عن أبيه ابن عمر قال الحافظ: ذكر الأثرم أن أحمد احتج به.
وفي الباب أيضا عن عثمان بن أبي العاص عند الطبراني وابن أبي داود في المصاحف وفي إسناده انقطاع، وفي رواية الطبراني من لا يعرف، وعن ثوبان أورد علي بن عبد العزيز في منتخب مسنده، وفي إسناده خصيب بن جحدر وهو متروك، وروى الدارقطني في قصة إسلام عمر أن أخته قالت له قبل أن يسلم: إنه رجس ولا يمسه إلا المطهرون، قال الحافظ: وفي إسناده مقال، وفيه عن سلمان موقوفا أخرجه الدارقطني والحاكم، وكتاب عمرو بن حزم تلقاه الناس بالقبول.
قال ابن عبد البر: إنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم كتابا أصح من هذا الكتاب، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم.
وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز والزهري لهذا الكتاب بالصحة. والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرا، ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن، والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة: ويدل لإطلاقه على الأول قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (1) وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: «المؤمن لا ينجس (2) » ، وعلى الثاني:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (3) وعلى الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين: «دعهما فإني أدخلتهما
(1) سورة التوبة الآية 28
(2)
رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
(3)
سورة المائدة الآية 6
طاهرتين (1) » ، وعلى الرابع: الإجماع على أن الشيء الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهرا، وقد ورد إطلاق ذلك في كثير فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هنا. والمسألة مدونة في الأصول وفيها مذاهب: والذي يترجح أن المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يبين، وقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمس المصحف، وخالف في ذلك داود.
(استدل المانعون للجنب) بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (2) وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعا إلى القرآن، والظاهر رجوعه إلى الكتاب، وهو اللوح المحفوظ؛ لأنه الأقرب، والمطهرون: الملائكة، ولو سلم عدم الظهور فلا أقل من الاحتمال فيمتنع العمل بأحد الأمرين، ويتوجه الرجوع إلى البراءة الأصلية، ولو سلم رجوعه إلى القرآن على التعيين لكانت دلالته على المطلوب -وهو منع الجنب من مسه- غير مسلمة؛ لأن المطهر من ليس بنجس والمؤمن ليس بنجس دائما؛ لحديث «المؤمن لا ينجس (3) » وهو متفق عليه، فلا يصح حمل المطهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية، بل يتعين حمله على من ليس بمشرك، كما هو في قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (4) لهذا الحديث، وحديث النهي عن السفر
(1) رواه البخاري في باب إذا أدخل رجليه، وهما طاهرتان في المسح على الخفين، ورواه مسلم في المسح على الرأس والخفين، ورواه غيرهما.
(2)
سورة الواقعة الآية 79
(3)
صحيح البخاري الغسل (285) ، صحيح مسلم الحيض (371) ، سنن الترمذي الطهارة (121) ، سنن النسائي الطهارة (269) ، سنن أبو داود الطهارة (231) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (534) ، مسند أحمد بن حنبل (2/235) .
(4)
سورة التوبة الآية 28
بالقرآن إلى أرض العدو، ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثا أكبر أو أصغر، فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملا في معانيه فلا يعين حتى يبين: وقد دل الدليل هاهنا أن المراد به غيره؛ لحديث «المؤمن لا ينجس (1) » ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحا بلا مرجح وتعيينه لجميعها استعمالا للمشترك في جميع معانيه وفيه الخلاف، ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه لما صح؛ لوجود المانع وهو حديث «المؤمن لا ينجس (2) » .
واستدلوا أيضا بحديث الباب.
وأجيب: بأنه غير صالح للاحتجاج؛ لأنه من صحيفة غير مسموعة وفي رجال إسناده خلاف شديد، ولو سلم صلاحيته للاحتجاج لعاد البحث السابق في لفظ طاهر وقد عرفته.
قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير: إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر لا يصح لا حقيقة ولا مجازا ولا لغة، صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه، فإن ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائما فلا يتناوله الحديث سواء كان جنبا أو حائضا أو محدثا أو على بدنه نجاسة- (فإن قلت) : إذا تم ما تريد من حمل الطاهر على من ليس بمشرك فما جوابك فيما ثبت في المتفق عليه من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم: «أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين
(1) صحيح البخاري الغسل (285) ، صحيح مسلم الحيض (371) ، سنن الترمذي الطهارة (121) ، سنن النسائي الطهارة (269) ، سنن أبو داود الطهارة (231) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (534) ، مسند أحمد بن حنبل (2/235) .
(2)
صحيح البخاري الغسل (285) ، صحيح مسلم الحيض (371) ، سنن الترمذي الطهارة (121) ، سنن النسائي الطهارة (269) ، سنن أبو داود الطهارة (231) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (534) ، مسند أحمد بن حنبل (2/235) .