المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(4) ‌ ‌ حكم استعمال المياه النجسة هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بسم الله - أبحاث هيئة كبار العلماء - جـ ٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ نبذ من عقيدته وعقيدة أتباعه:

- ‌ حكم الشريعة فيمن يعتقد هذه العقيدة:

- ‌حكم ورد التجانية

- ‌حكم الصلاة خلف الأئمة المبتدعين - كالتجانية

- ‌ من أحكام القرآن الكريم

- ‌ ما جاء في النهي عن مس المصحف لغير من كان طاهرا

- ‌ النقول من المحدثين:

- ‌ النقول من الفقهاء

- ‌ ما جاء في النهي عن قراءة الجنب والحائض القرآن:

- ‌ النقول عن المحدثين:

- ‌ النقول عن الفقهاء:

- ‌ حكم تعليم الكافر القرآن:

- ‌ النقول من المفسرين:

- ‌ النقل من البخاري وابن حجر:

- ‌ النقول من الفقهاء:

- ‌ حكم الأسورة المغناطيسية

- ‌ قاعدة سد الذرائع

- ‌ الأسباب المادية والأسباب الروحية:

- ‌ نصوص وآثار جزئية في موضوع البحث ونقول عن العلماء في ذلك:

- ‌ حكم استعمال المياه النجسة

- ‌ التمهيد:

- ‌ استحالة المياه المتنجسة بسبب اختلاف أسبابها:

- ‌ استحالة المياه المتنجسة بصب ماء طهور عليها أو نزح بعضه أو زوال التغير بنفسه:

- ‌ طريقة الحنفية:

- ‌ طريقة المالكية:

- ‌ طريقة الشافعية:

- ‌ طريقة الحنابلة:

- ‌ الاستحالة برمي تراب ونحوه فيها:

- ‌ الاستحالة بسقي النباتات بها وشرب الحيوانات إياها:

- ‌ حكم استعمال مياه المجاري بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة منها:

- ‌ جباية الزكاة

- ‌ حق ولي الأمر في تولي جباية الزكاة من الأموال الباطنة:

- ‌ النقول من كتب الحنفية:

- ‌ النقول من كتب المالكية:

- ‌ النقول من كتب الشافعية

- ‌ النقول من كتب الحنابلة

- ‌ النظر في زكاة عروض التجارة:

- ‌ النقل عن الحنفية:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌ الديون التي للإنسان على غيره هل تجب فيها الزكاة

- ‌ النقل عن الحنفية:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية

- ‌ النقل عن الحنابلة

- ‌ الديون التي على الإنسان هل تمنع وجوب الزكاة

- ‌ النقل عن الحنفية:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌ التعزير بالمال:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌الخلاصة:

- ‌ملاحظة بعض التجارعلى جباية الزكاة

- ‌ حق ولي الأمر في الجباية:

- ‌ مناقشة ما لاحظه التجار على ضوئه

- ‌ ملاحظات بعض التجار على تحصيل تأمينات اجتماعية من غير السعوديين الذين يعملون في المملكة

الفصل: (4) ‌ ‌ حكم استعمال المياه النجسة هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بسم الله

(4)

‌ حكم استعمال المياه النجسة

هيئة كبار العلماء

بالمملكة العربية السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم استعمال المياه النجسة

إعداد

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

بناء على ما تقرر في الدورة الثانية لهيئة كبار العلماء المنعقدة في الرياض في النصف الثاني من ربيع الأول سنة 1396 هـ من إعداد بحث في [حكم استعمال المياه النجسة بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة عنها]- أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا في ذلك مشتملا على: تمهيد في بيان معنى الاستحالة، وإيضاح هذا المعنى بكلام أهل العلم في حكم استحالة النجس إلى طاهر بالإحراق أو غيره، وهل تطهر الخمر بالاستحالة؟ ثم بيان كلام أهل العلم في حكم استعمال المياه المتنجسة بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة عنها.

وبالله التوفيق.

أولا:‌

‌ التمهيد:

(أ) معنى الاستحالة: لغة: جاء في معنى حال:

ص: 179

كل شيء تغير عن الاستواء إلى العوج، فقد حال في معنى واستحال وهو مستحيل (1) .

ومعناها اصطلاحا: انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى (2) .

ب- استحالة النجس إلى حقيقة أخرى بالإحراق أو غيره هل تكسبه الطهارة؟:

اختلف أهل العلم في ذلك:

فذهب قوم إلى القول بالطهارة:

وممن قال بذلك: أبو حنيفة ومحمد وأكثر الحنفية والمالكية، وسواء عندهم ما هو نجس لعينه وما هو نجس لمعنى فيه، ووافقهم الشافعية في النجس لمعنى فيه كجلد الميتة، وأما الحنابلة فمنهم من يقول بالطهارة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مذهب الظاهرية.

وفيما يلي ذكر نصوصهم في ذلك وأدلتهم مع المناقشة:

جاء في [البحر الرائق] : من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين

ومضى إلى أن قال: وإن كان في غيره- أي: الخسر- كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا يؤكل والسرجين والعذرة تحترق فتصير رمادا تطهر عند محمد (3) وقال أيضا: وضم إلى محمد أبا حنيفة في [المحيط] ، وكثير من المشايخ اختاروا قول محمد، وفي

(1)[لسان العرب](14\ 197) .

(2)

[رد المحتار](1\ 291) .

(3)

[البحر الرائق] : (1\ 239)

ص: 180

[الخلاصة] وعليه الفتوى، وفي [فتح القدير] : أنه المختار (1) .

والمالكية يذهبون إلى أن ما استحال إلى صلاح فهو طاهر، وأن ما استحال إلى فساد كان نجسا، جاء في [الشرح الكبير] و [حاشية الدسوقي] عليه: من الطاهر لبن الآدمي ولو كافرا لاستحالته إلى الصلاح (2) .

ثم جاء في موضع آخر: إذا تغير القيء وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة كان نجسا وعلة نجاسته الاستحالة إلى فساد، فإن لم يتغير كان طاهرا (3) .

واعتبر المالكية كذلك: أن المسك طاهر، ففي [الحطاب] : الحكم بطهارة المسك؛ لأنها استحالة عن جميع صفات الدم، وخرجت عن اسمه إلى صفات وإلى اسم يختص به، وطهرت بذلك، كما يستحيل الدم وسائر ما يتغذى به الحيوان من النجاسات إلى اللحم فيكون طاهرا، انتهى (4) .

وفرق الشافعية بين ما هو نجس لعينه وما هو نجس لمعنى فيه، فأما الأشياء النجسة لمعنى فيها فإنها طاهرة، قال في [المهذب] : ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان:

(1)[البحر الرائق] : (1\ 239) .

(2)

[الشرح الكبير] مع [حاشية الدسوقي] ص (50) .

(3)

المرجع السابق (1\ 57) .

(4)

[مواهب الجليل](1\ 97) .

ص: 181

أحدهما: جلد الميتة إذا دبغ، والثاني: الخمر (1)

وقال ابن قدامة: ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة (2) .

وقال المرداوي: وعنه بل تطهر وهي مخرجة من الخمرة إذا انقلبت بنفسها، خرجها المجد واختار الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق، فحيوان متولد من نجاسة كدود الجروح والقروح وصراصير الكنيف طاهر نص عليه (3) انتهى المقصود.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتنازعوا فيما إذا صارت النجاسة ملحا في الملاحة أو صارت رمادا أو صارت- الميتة والدم والصديد- ترابا كتراب المقبرة فهذا فيه خلاف، وبعد ذكره للخلاف قال: والصواب أن ذلك كله طاهر، إذا لم يبق شيء من النجاسة، لا طعمها ولا لونها ولا ريحها (4)

وقال ابن حزم: إذا استحالت صفات عين النجس أو الحرام فبطل عنه الاسم الذي به ورد ذلك الحكم وانتقل إلى اسم آخر وارد على حلال طاهر فليس هو ذلك النجس ولا ذلك الحرام، بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر (5) .

وقال أيضا: إذا أحرقت العذرة أو الميتة أو تغيرت فصارت رمادا أو ترابا فكل ذلك طاهر (6) .

(1)[المهذب] : (1\ 48) .

(2)

[المغني] ومعه [الشرح](1\ 59) .

(3)

[الإنصاف](1\ 5، 31) وما بعده.

(4)

[مجموع الفتاوى](21\ 481) .

(5)

[المحلى](1\ 138) .

(6)

[المحلى](1\ 128) ، ويرجع أيضا إلى (1\ 118، 137، 162) من [المحلى]

ص: 182

واستدل لذلك بالكتاب والسنة والاستقراء والمعنى: أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (1)

وجه الدلالة: أن هذه الأشياء بعد استحالتها وزوال أوصاف النجاسة عنها صارت طيبة فهي طاهرة، وقد يعارض ذلك: بأن القول بأنها طيبة وهو محل النزاع، ولا يصح الاستدلال بمحل الخلاف.

وقد يجاب عن ذلك: بأن العبرة بالواقع لا بالدعوى وواقعها أنها طيبة فيسلم الدليل.

وأما السنة: فما ورد من الأدلة في طهارة المسك وجلود الميتة مأكولة اللحم بعد الدبغ ونحو ذلك من الأدلة.

وأما الاستقراء: فقد ذكره شيخ الإسلام، فقال بعد كلام سبق: الاستقراء دلنا أن كل ما بدأ الله بتحويله وتبديله من جنس إلى جنس مثل جعل الخمر خلا والدم منيا، والعلقة مضغة، ولحم الجلالة الخبيث طيبا وكذلك بيضها ولبنها والزرع المستسقى بالنجس إذا سقي بالماء الطاهر وغير ذلك فإنه يزول حكم التنجس ويزول حقيقة النجس واسمه التابع للحقيقة، وهذا ضروري لا يمكن المنازعة فيه، فإن جميع الأجسام المخلوقة في الأرض فإن الله يحولها من حال إلى حال، ويبدلها خلقا بعد خلق ولا التفات إلى موادها وعناصرها، وأما ما استحال بسبب كسب الإنسان كإحراق الروث حتى يصير رمادا ووضع الخنزير في الملاحة حتى يصير ملحا، ففيه خلاف مشهور، وللقول بالتطهير اتجاه

(1) سورة الأعراف الآية 157

ص: 183

انتهى المقصود (1) .

وقد سبق أنه يختار القول بالطهارة.

وأما المعنى: فقد جاء في [فتح القدير] أنه المختار؛ لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة، وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها، فكيف بالكل؟! فإن الملح غير العظم واللحم، فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح عليه (2) ، انتهى المقصود.

القول الثاني: إن استحالة النجس وزوال أعراض النجاسة عنه وتبدلها بأوصاف طيبة لا تصيره طاهرا.

وممن قال بهذا القول: أبو يوسف، وهو أحد القولين في مذهب مالك، وهو قول الشافعي فيما كان نجسا نجاسة عينية، وإحدى الروايتين في مذهب أحمد وهي المقدمة.

جاء في [فتح القدير] : أن أبا يوسف يرى أن الأشياء النجسة لا تطهر بانقلاب عينها، وفي [التجنيس] اختار قول أبي يوسف كذا قال: خشبة أصابها بول فاحترقت ودفع رمادها في بئر يفسد الماء، وكذلك رماد العذرة والحمار إذا مات في مملحة لا يؤكل الملح، هذا قول أبي يوسف (3) ، انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهو أحد قولي أصحاب

(1)[الفتاوى المصرية](2\ 122) .

(2)

[البحر الرائق](1\ 239) ، وقد بسط ذلك ابن حزم في [المحلى](1\ 137، 162) منه (1\ 118) منه أيضا.

(3)

[فتح القدير](1\ 139) .

ص: 184

مالك (1)

وقال الشيرازي: ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان: أحدهما: جلد الميتة إذا دبغ.

والثاني: الخمر.

ثم قال صاحب [المهذب] : وإن حرق العذرة والسرجين حتى صار رمادا لم تطهر (2)

وقال ابن قدامة: ظاهر المذهب: أنه لا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا الخمر إذا انقلبت بنفسها خلا، وما عداه لا يطهر كالنجاسات إذا احترقت فصارت رمادا، والخنزير إذا وقع في الملاحة وصار ملحا، والدخان الصاعد من وقود النجاسة (3) .

وقال المرداوي على قول ابن قدامة: ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة، قال: هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونصروه (4)

واستدل لهذا القول بما ذكره أبو يوسف من أن الرماد أجزاء تلك النجاسة فتبقى النجاسة من وجه فالتحقت بالنجس من كل وجه احتياطا (5) .

وما ذكره الشيرازي بقوله: لأن نجاستها- أي: العذرة والسرجين-

(1)[المجموع](21\ 72) .

(2)

[المهذب](1\ 10) .

(3)

[المغني] مع شرحه (1\ 59) .

(4)

[الإنصاف](1\ 318) .

(5)

[فتح القدير](2\ 139) .

ص: 185

لعينهما (1) .

وأما ابن قدامة فقد استدل لذلك: بأنها نجاسة لم تحصل بالاستحالة فلم تطهر كالدم إذا صار قيحا وصديدا (2)

ج- هل تطهر الخمر بالاستحالة؟:

اتفق أهل العلم- فيما نعلم- على أن الخمر إذا تخللت بنفسها فإنها تكون طاهرة.

قال شيخ الإسلام: اتفقوا على أن الخمر إذا انقلبت بفعل الله بدون قصد صاحبها وصارت خلا أنها تطهر (3)

وأما إذا خللت فقد اختلف العلماء في ذلك:

فمنهم من يقول بطهارتها، ومنهم من يقول بنجاستها.

وممن قال بأنها طاهرة: الحنفية والمالكية وابن حزم ومن وافقهم.

جاء في [بداية المبتدي] وشرحها [الهداية] : وإذا تخللت الخمر حلت، سواء صارت خلا بنفسها أو بشيء يطرح فيها ولا يكره تخليلها (4)

وفي [الحطاب] : ولو تخللت الخمر بإلقاء شيء فيها؛ كالخل والملح والماء ونحوه يطهر الخل وما ألقي فيه (5) .

(1)[المهذب](1\ 48) .

(2)

[المغني] ومعه الشرح (1\ 744) .

(3)

[مجموع الفتاوى](21\ 475) وما بعدها.

(4)

[البداية] وشرحها (4\ 113)

(5)

[مواهب الجليل](1\ 98) .

ص: 186

وقال ابن حزم: إذا تخللت الخمر وخللت فالخل حلال (1) .

واستدل لهذا القول بالسنة والمعنى:

أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: «نعم الإدام الخل (2) » رواه مسلم والأربعة من حديث جابر.

وجه الدلالة: أنه صلى الله عليه وسلم عم ولم يخص.

وعورض هذا الاستدلال بحديث أنس، «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا؟ قال: لا (3) » أخرجه مسلم، وعن أنس «أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا؟ قال: أهرقها قال: أفلا نجعلها خلا؟ قال: لا (4) » .

ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث: بحمل الحديث الأول على الخمر إذا تخللت بنفسها والخل الذي لم يكن أصله خمرا، وحمل الثاني على ما إذا خللت بفعل فاعل قصدا.

وعلى هذا فلا دلالة في الحديث الأول على طهارة الخمر إذا خللت قصدا.

وأما الدليل من جهة المعنى:

فقد جاء في [البداية] وشرحها: إنه بالتحليل يزول الوصف المفسد، وتثبت صفة الصلاح من حيث تسكين الصفراء وكسر الشهوة والتغذي به والإصلاح مباح، وكذا الصالح للمصالح اعتبارا بالمتخلل بنفسه وبالدباغ والأقرياب لإعدام الفساد فأشبه الإراقة والتخليل؛ وذلك لما فيه

(1)[المحلى](1\ 124) .

(2)

صحيح مسلم الأشربة (2052) ، سنن الترمذي الأطعمة (1839) ، سنن أبو داود الأطعمة (3820) ، مسند أحمد بن حنبل (3/371) ، سنن الدارمي الأطعمة (2048) .

(3)

صحيح مسلم الأشربة (1983) ، سنن الترمذي البيوع (1294) ، سنن أبو داود الأشربة (3675) ، مسند أحمد بن حنبل (3/260) ، سنن الدارمي الأشربة (2115) .

(4)

صحيح مسلم الأشربة (1983) ، سنن الترمذي البيوع (1293) ، سنن أبو داود الأشربة (3675) ، مسند أحمد بن حنبل (3/119) ، سنن الدارمي الأشربة (2115) .

ص: 187

من احترام حال يصير حلالا في الثاني فيختاره من ابتلي به.

وقد يجاب عن ذلك: بأنه دليل اجتهادي في مقابل نص، ولا اجتهاد مع النص، والنص هو حديث أنس الذي رواه مسلم:«سئل عن الخمر تتخذ خلا؟ قال: لا (1) » الحديث وقد سبق (2) .

القول الثاني: أن الخمر إذا خللت لا تكون طاهرة.

وممن قال بهذا: الشافعية والحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

قد جاء في [المهذب] : وإن خللت بخل أو ملح لم تطهر (3) .

وقال ابن قدامة: (وإن خللت لم تطهر) .

وقال المرداوي تعليقا على ذلك: اعلم أن الخمرة يحرم تخليلها على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب (4) .

وقال شيخ الإسلام: والصحيح أنه إذا قصد تخليلها لا تطهر بحال (5) .

واستدل لهذا القول بالسنة والأثر والمعنى.

أما السنة:

فما رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة عن أنس رضي الله عنه، «أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا؟ فقال: أهرقها

(1) صحيح مسلم الأشربة (1983) ، سنن الترمذي البيوع (1294) ، سنن أبو داود الأشربة (3675) ، مسند أحمد بن حنبل (3/260) ، سنن الدارمي الأشربة (2115) .

(2)

[البداية] وشرحها (4\ 113) .

(3)

[المهذب](1\ 48) .

(4)

[الإنصاف](1\ 318) .

(5)

[المجموع](21\ 481) .

ص: 188

فقال: أفلا أخللها؟ قال: لا (1) » .

وجه الدلالة: أنه نهاه عن التخليل فدل على أنه لا يجوز.

وأجاب الطحاوي عن ذلك فقال: إنه محمول على التغليظ والتشديد؛ لأنه كان في ابتداء الإسلام، كما ورد ذلك في سؤر الكلب بدليل أنه ورد في بعض طرقه الأمر بكسر الدنان وتقطيع الزقاق، رواه الطبراني في [معجمه] : حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا معتمر، ثنا ليث عن يحيى بن عباد عن أنس عن أبي طلحة قال:«قلت: يا رسول الله، إني اشتريت خمرا لأيتام في حجري، فقال: أهرق الخمر واكسر الدنان (2) » انتهى.

ورواه الدارقطني أيضا، وروى أحمد في [مسنده] : حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم عن حمزة بن حبيب عن ابن عمر رضي الله عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم شق زقاق الخمر بيده في أسواق المدينة،» وقد تقدم بتمامه في أحاديث تحريم الخمر، وهذا صريح في التغليظ؛ لأن فيه إتلاف مال الغير، وقد كان يمكن إراقة الدنان والزقاق وتطهيرها، ولكن قصد بإتلافها التشديد ليكون أبلغ في الردع، انتهى بواسطة الزيلعي (3) .

ويمكن أن يجاب عن ذلك: بأن حمله على التغليظ على خلاف الظاهر، فيحتاج إلى دليل يدل عليه ذلك، فإن وجد وإلا فالأصل بقاء دلالة الحديث على التحريم (4) ، كما سبق.

(1) صحيح مسلم الأشربة (1983) ، سنن الترمذي البيوع (1294) ، سنن أبو داود الأشربة (3675) ، مسند أحمد بن حنبل (3/119) ، سنن الدارمي الأشربة (2115) .

(2)

سنن الترمذي البيوع (1293) ، سنن أبو داود الأشربة (3675) ، مسند أحمد بن حنبل (3/119) .

(3)

[نصب الراية](4\ 311) .

(4)

[نصب الراية](4\ 311) .

ص: 189