الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيما قاله المصنف. وتأوله الأكثرون القائلون بالأول على أن المراد أنه أولى من الوكيل لا من الدفع إلى الإمام وتعليله يؤيد هذا التأويل؛ لأن أداءها عنه يحصل بيقين بمجرد الدفع إلى الإمام وإن جار فيها لا إلى الوكيل.
أما إذا كان الإمام جائرا فوجهان حكاهما المصنف والأصحاب:
أحدهما: الدفع إليه أفضل لما سبق، وأصحهما التفريق بنفسه أفضل ليحصل مقصود الزكاة هكذا صححه الرافعي والمحققون. . .
فرع: قال الرافعي حكاية عن الأصحاب: لو طلب الإمام زكاة الأموال الظاهرة وجب التسليم إليه بلا خلاف. وأما الأموال الباطنة فقال الماوردي: ليس للولاة نظر في زكاتها، بل أصحاب الأموال أحق بتفرقتها، فإن بذلوها طوعا قبلها الإمام منهم، فإن علم الإمام من رجل أنه لا يؤديها بنفسه فهل له أن يقول: إما أن تفرقها بنفسك وإما أن تدفعها إلي لأفرقها. فيه وجهان يجريان في النذور والكفارات.
قلت: أصحهما: له المطالبة، بل الصواب أنه يلزمه المطالبة، كما يلزمه إزالة المنكرات (1) .
(1)[المهذب والمجموع](6\161) وما بعدها.
4 -
النقول من كتب الحنابلة
أ - قال الخرقي: ولا يجوز إخراج الزكاة إلا بنية إلا أن يأخذها الإمام قهرا.
ب - وقال ابن قدامة: مقتضى كلام الخرقي: أن الإنسان متى دفع زكاته طوعا لم تجزئه إلا بنية، سواء دفعها إلى الإمام أو غيره، وإن أخذها الإمام منه قهرا أجزأت من غير نية؛ لأن تعذر النية في حقه أسقط
وجوبها عنه كالصغير والمجنون، وقال القاضي: متى أخذها الإمام أجزأت من غير نية، سواء أخذها طوعا أو كرها، وهذا قول للشافعي؛ لأن أخذ الإمام بمنزلة القسم بين الشركاء، فلم يحتج إلى نية، ولأن للإمام ولاية في أخذها، ولذلك يأخذها من الممتنع اتفاقا ولو لم يجزئه لما أخذها أو لأخذها ثانيا وثالثا حتى ينفد ماله؛ لأن أخذها إن كان لإجزائها فلا يحصل الإجزاء بدون النية، وإن كان لوجوبها فالوجوب باق بعد أخذها.
واختار أبو الخطاب وابن عقيل: أنها لا تجزئ فيما بينه وبين الله تعالى إلا بنية رب المال؛ لأن الإمام إما وكيله وإما وكيل الفقراء، أو وكيلهما معا، وأي ذلك كان فلا تجزئ نيته عن نية رب المال، ولأن الزكاة عبادة تجب لها النية فلا تجزئ عمن وجبت عليه بغير نية إن كان من أهل النية كالصلاة، وإنما أخذت منه مع عدم الإجزاء حراسة للعلم الظاهر كالصلاة، يجبر عليها ليأتي بصورتها ولو صلى بغير نية لم تجزئه عند الله تعالى.
قال ابن عقيل: ومعنى قول الفقهاء: يجزئ عنه: أي في الظاهر، بمعنى: أنه لا يطالب بأدائها ثانيا كما قلنا في الإسلام، فإن المرتد يطالب بالشهادة، فمتى أتى بها حكم بإسلامه ظاهرا، ومتى لم يكن معتقدا صحة ما يلفظ به لم يصح إسلامه باطنا.
قال: وقول أصحابنا لا تقبل توبة الزنديق معناه لا يسقط عنه القتل الذي توجه (1) عليه؛ لعدم علمنا بحقيقة توبته؛ لأن أكثر ما فيه أنه أظهر إيمانه وقد كان دهره يظهر إيمانه ويستر كفره، فأما عند الله عز وجل فإنها
(1) هكذا في الأصل، ولعلها: توجب عليها
تصح إذا علم منه حقيقة الإنابة وصدق التوبة واعتقاد الحق، ومن نصر قول الخرقي قال: إن للإمام ولاية على الممتنع فقامت نيته مقام نيته كولي اليتيم والمجنون، وفارق الصلاة، فإن النيابة فيها لا تصح فلا بد من نية فاعلها، وقوله: لا يخلو من كونه وكيلا له أو وكيلا للفقراء أولهما.
قلنا: بل هو وال على المالك، وأما إلحاق الزكاة بالقسمة فغير صحيح، فإن القسمة ليست عبادة، ولا يعتبر لها نية بخلاف الزكاة.
(فصل) يستحب للإنسان أن يلي تفرقة الزكاة بنفسه، ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقها، سواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة، قال الإمام أحمد: أعجب إلي أن يخرجها، وإن دفعها إلى السلطان فهو جائز، وقال: الحسن ومكحول وسعيد بن جبير، وميمون بن مهران: يضعها رب المال في موضعها.
وقال الثوري: احلف لهم وأكذبهم ولا تعطهم شيئا إذا لم يضعوها مواضعها. وقال: لا تعطهم، وقال عطاء: أعطهم إذا وضعوها مواضعها. فمفهومه: أنه لا يعطيهم إذا لم يكونوا كذلك.
وقال الشعبي وأبو جعفر: إن رأيت الولاة لا يعدلون فضعها في أهل الحاجة من أهلها.
وقال إبراهيم: ضعوها في مواضعها، فإن أخذها السلطان أجزأك.
وقال سعيد: أنبأنا أبو عوانة عن مهاجر أبي الحسن قال: أتيت أبا وائل وأبا بردة بالزكاة، وهما على بيت المال فأخذاها، ثم جئت مرة أخرى فرأيت أبا وائل وحده، فقال لي: ردها فضعها مواضعها.
وقد روي عن أحمد أنه قال: أما صدقة الأرض فيعجبني دفعها إلى
السلطان، وأما زكاة الأموال كالمواشي فلا بأس أن يضعها في الفقراء والمساكين.
فظاهر هذا أنه استحب دفع العشر خاصة إلى الأئمة؛ وذلك لأن العشر قد ذهب قوم إلى أنه مؤونة الأرض فهو كالخراج يتولاه الأئمة بخلاف سائر الزكاة والذي رأيت في [الجامع] قال: أما صدقة الفطر فيعجبني دفعها إلى السلطان، ثم قال أبو عبد الله: قيل لابن عمر: إنهم يقلدون بها الكلاب ويشربون بها الخمور، قال: ادفعوها إليهم.
وقال ابن أبي موسى وأبو الخطاب: دفع الزكاة إلى الإمام العادل أفضل، وهو قول أصحاب الشافعي، وممن قال يدفعها إلى الإمام: الشعبي ومحمد بن علي وأبو رزين والأوزاعي؛ لأن الإمام أعلم بمصارفها ودفعها إليه يبرئه ظاهرا وباطنا، ودفعها إلى الفقير لا يبرئه باطنا؛ لاحتمال أن يكون غير مستحق لها، ولأنه يخرج من الخلاف وتزول عنه التهمة، وكان ابن عمر يدفع زكاته إلى من جاءه من سعاة ابن الزبير أو نجدة الحروري.
وقد روي عن سهيل بن أبي صالح قال: أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت: عندي مال وأريد أن أخرج زكاته، وهؤلاء القوم على ما ترى فما تأمرني؟ قال: ادفعها إليهم، فأتيت ابن عمر فقال مثل ذلك، فأتيت أبا هريرة فقال مثل ذلك، وأتيت أبا سعيد فقال مثل ذلك، ويروى نحوه عن عائشة رضي الله عنها. وقال مالك وأبو حنيفة وأبو عبيد: لا يفرق
الأموال الظاهرة إلا الإمام؛ لقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (1) ولأن أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها، وقال: لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها، ووافقه الصحابة على هذا، ولأن ما للإمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولى عليه كولي اليتيم. وللشافعي قولان كالمذهبين.
ولنا على جواز دفعها بنفسه أنه دفع الحق إلى مستحقه الجائز تصرفه، فأجزأه كما لو دفع الدين إلى غريمه وكزكاة الأموال الباطنة، ولأنه أحد نوعي الزكاة فأشبه النوع الآخر، والآية تدل على أن للإمام أخذها ولا خلاف فيه، ومطالبة أبي بكر لهم بها؛ لكونهم لم يؤدوها إلى أهلها ولو أدوها إلى أهلها لم يقاتلهم عليها؛ لأن ذلك مختلف في إجزائه فلا تجوز المقاتلة من أجله، وإنما يطالب الإمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقيها، فإذا دفعها إليهم جاز؛ لأنهم أهل رشد فجاز الدفع إليهم بخلاف اليتيم.
وأما وجه فضيلة دفعها بنفسه فلأنه إيصال الحق إلى مستحقه مع توفير أجر العمالة وصيانة حقهم عن خطر الخيانة ومباشرة تفريج كربة مستحقها وإغنائه بها مع إعطائها للأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة رحمه بها، فكان أفضل كما لو لم يكن آخذها من أهل العدل.
فإن قيل: فالكلام في الإمام العادل إذ الخيانة مأمونة في حقه، قلنا: الإمام لا يتولى ذلك بنفسه، وإنما يفوضه إلى سعاته ولا تؤمن منهم
(1) سورة التوبة الآية 103
الخيانة، ثم ربما لا يصل إلى المستحق الذي قد علمه المالك من أهله وجيرانه شيء منها وهم أحق الناس بصلته وصدقته ومواساته. وقولهم: إن أخذ الإمام يبرئه ظاهرا وباطنا، قلنا: يبطل هذا بدفعها إلى غير العادل، فإنه يبرئه أيضا، وقد سلموا أنه ليس بأفضل ثم إن البراءة الظاهرة تكفي، وقولهم: إنه تزول به التهمة، قلنا: متى أظهرها زالت التهمة، سواء أخرجها بنفسه أو دفعها للإمام، ولا يختلف المذهب إن دفعها إلى الإمام، سواء كان عادلا أو غير عادل، وسواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة، ويبرأ بدفعها، سواء تلفت في يد الإمام أو لم تتلف، أو صرفها في مصارفها، أو لم يصرفها لما ذكرنا عن الصحابة رضي الله عنهم، ولأن الإمام نائب عنهم شرعا فبرئ بدفعها إليه كولي اليتيم إذا قبضها له، ولا يختلف المذهب أيضا في أن صاحب المال يجوز أن يفرقها بنفسه.
(فصل) إذا أخذ الخوارج والبغاة الزكاة أجزأت عن صاحبها، وحكى ابن المنذر عن أحمد والشافعي وأبي ثور في الخوارج: أنه يجزئ، وكذلك كل من أخذها من السلاطين أجزأت عن صاحبها، سواء عدل فيها أو جار وسواء أخذها قهرا أو دفعها إليه اختيارا، قال أبو صالح: سألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابرا وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة: فقلت: هذا السلطان يصنع ما ترون أفأدفع إليهم زكاتي؟ فقالوا كلهم: نعم. وقال إبراهيم: يجزئ عنك ما أخذ منك العشارون، وعن سلمة بن الأكوع أنه دفع صدقته إلى نجدة، وعن ابن عمر أنه سئل عن مصدق ابن الزبير ومصدق نجدة فقال: إلى أيهما دفعت أجزأ عنك،
وبهذا قال أصحاب الرأي فيما غلبوا عليه، وقالوا: إذا مر على الخوارج فعشروه لا يجزئ عن زكاته، وقال أبو عبيد في الخوارج يأخذون الزكاة: على من أخذوا منه الإعادة؛ لأنهم ليسوا بأئمة، فأشبهوا قطاع الطريق.
ولنا قول الصحابة من غير خلاف في عصرهم علمناه، فيكون إجماعا، ولأنه دفعها إلى أهل الولاية فأشبه دفعها إلى أهل البغي (1) .
ج - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
أما ما يأخذه ولاة المسلمين من العشر، وزكاة الماشية والتجارة وغير ذلك فإنه يسقط ذلك عن صاحبه.
إذا كان الإمام عادلا يصرفه في مصارفه الشرعية باتفاق العلماء، فإن كان ظالما لا يصرفه في مصارفه الشرعية فينبغي لصاحبه أن لا يدفع الزكاة إليه، بل يصرفها هو إلى مستحقيها. فإن أكره على دفعها إلى الظالم بحيث لو لم يدفعها إليه لحصل له ضرر فإنها تجزئه في هذه الصورة عند أكثر العلماء.
وهم في هذه الحال ظلموا مستحقيها كولي اليتيم وناظر الوقف إذا قبضوا ماله وصرفوه في غير مصارفه (2) .
د - قال ابن قدامة: ويستحب للإنسان تفرقة زكاته بنفسه.
هـ - وقال المرداوي على ذلك: سواء كانت زكاة مال أو فطرة، نص عليه، قال بعض الأصحاب منهم ابن حمدان - يشترط أمانته قال في
(1)[المغني] ومعه [الشرح الكبير](1\506) وما بعدها.
(2)
[مجموع فتاوى شيخ الإسلام](25\81) .
الفروع: وهو مراد غيره، أي: من حيث الجملة. انتهى.
وقال ابن قدامة: (وله دفعها إلى الساعي وإلى الإمام أيضا) .
ز - وقال المرداوي على ذلك: وهذا المذهب في ذلك كله مطلقا، وعليه أكثر الأصحاب، وهو من المفردات. قال ناظمها:
زكاته يخرج في الأيام
…
بنفسه أولى من الإمام
وقيل: يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها وفاقا للأئمة الثلاثة.
وعنه يستحب أن يدفع إليه العشر، ويتولى هو تفريق الباقي.
وقال أبو الخطاب: دفعها إلى الإمام العادل أفضل. واختاره ابن أبي موسى؛ للخروج من الخلاف وزوال التهمة.
وعنه: دفع الفطرة إليه أفضل: نقله المروذي، كما تقدم في آخر باب الفطرة.
وقيل: يجب دفع زكاة المال الظاهر إلى الإمام ولا يجزئ دونه.
فوائد:
الأولى: يجوز دفع زكاته إلى الإمام الفاسق، على الصحيح من المذهب، وقال القاضي في [الأحكام السلطانية] : يحرم عليه دفعها إن وضعها في غير أهلها، ويجب كتمها إذن عنه، واختاره في [الحاوي] .
قلت: وهو الصواب.
ويأتي في باب قتال أهل البغي: أنه يجزئ دفع الزكاة إلى الخوارج والبغاة، نص عليه في الخوارج.
الثانية: يجوز للإمام طلب الزكاة من المال الظاهر والباطن على
الصحيح من المذهب إن وضعها في أهلها.
وقال القاضي في [الأحكام السلطانية] : لا نظر له في زكاة المال الباطن إلا أن يبذل له، وقال ابن تميم فيها: تجب فيه الزكاة.
قال القاضي: إذا مر المضارب أو المؤذن له بالمال على عاشر المسلمين أخذ منه الزكاة، قال: وقيل: لا تؤخذ منه حتى يحضر المالك.
الثالثة: لو طلبها الإمام لم يجب دفعها إليه، وليس له أن يقاتله على ذلك إذا لم يمنع إخراجها بالكلية نص عليه، وجزم به ابن شهاب وغيره وقدمه في [الفروع] و [مختصر ابن تميم] وهو من المفردات.
وقيل: يجب عليه دفعها إذا طلبها إليه ولا يقاتل لأجله؛ لأنه مختلف فيه جزم به المجد في شرحه. قال في [الفروع] : وصححه غير واحد في الخلاف.
قلت: صححه في [الرعايتين] ، و [الحاويين] .
وقيل: لا يجب دفع الباطنة بطلبه، قال ابن تميم وجها واحدا.
وقال الشيخ تقي الدين: من جوز القتال على ترك طاعة ولي الأمر جوزه هنا، ومن لم يجوزه إلا على ترك طاعة الله ورسوله: لم يجوزه (1) .
ح - قال ابن مفلح:
يجوز لمن وجبت عليه الزكاة تفرقتها بنفسه (وش) ؛ لقول الله تعالى:
(1)[الإنصاف](3\191) .
{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} (1) الآية، وكالدين، ولأن القابض رشيد قبض ما يستحقه والإمام وكيله ونائبه فجاز الدفع إليه كالموكل، ويحمل ما خالف ذلك على الجواز، أو أن الإمام أخذها أو على من لا يعرف مصارفها أو على من تركها جحودا أو بخلا، وقيل: يجب دفع زكاة المال الظاهر إلى الإمام، ولا يجزئ دونه (وهـ م) وزاد: وزكاة المال الباطن.
قال أبو حنيفة: وأموال التجار التي تسافر بها كالظاهرة، فيأخذ العاشر زكاتها إن بلغت نصابا للحاجة إلى حمايتها من قطاع الطريق، إلا أن يكون مما يسرع إليه الفساد كالفاكهة فلا تعشر؛ لأن قطاع الطريق لا يقصدونه غالبا إلا اليسير منه للأكل، وعند أبي يوسف ومحمد: يعشر أيضا.
وله دفع الزكاة إلى إمام فاسق (وهـ) قال أحمد - رحمه الله تعالى -: الصحابة رضي الله عنهم يأمرون بدفعها وقد علموا فيما ينفقونها.
وفي [الأحكام السلطانية] : يحرم إن وضعها في غير أهلها، ويجب كتمها عنه إذن (وم ش) وتجزئ مطلقا (م ش) : لما رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه عن أبي هريرة مرفوعا: إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك.
ولأحمد عن أنس مرفوعا: «إذا أديتها إلى رسولي فقد برأت منها إلى الله ورسوله فلك أجرها وإثمها على من بدلها (2) » ، وللإمام طلب الزكاة من
(1) سورة البقرة الآية 271
(2)
مسند أحمد بن حنبل (3/136) .
المال الظاهر والباطن إن وضعها في أهلها (و)، ولو من بلد غلب عليه الخوارج فلم يؤد أهله الزكاة ثم غلب عليهم الإمام (هـ) ؛ لأنهم وقت الوجوب ليسوا تحت حمايته وفي الأحكام السلطانية لا نظر له في زكاة الباطن إلا أن تبذل وذكر ابن تميم فيما تجب فيها الزكاة: قال القاضي: إذا مر المضارب أو المأذون له بالمال على عاشر المسلمين أخذ منه الزكاة، قال: وقيل: لا تؤخذ منه حتى يحضر المالك، وإذا طلب الزكاة لم يجب دفعها إليه.
وليس له أن يقاتل على ذلك إذا لم يمنع إخراجها بالكلية نص عليه وجزم به ابن شهاب وغيره.
قال في [الخلاف] : نص عليه في رواية أحمد بن سعيد في صدقة الماشية والعين: إذا أبى الناس أن يعطوها الإمام قاتلهم عليها إلا أن يقولوا: نحن نخرجها وقيل: ويجب دفعها إليه إذا طالبها (و) ولا يقاتل لأجله؛ لأنه مختلف فيه، جزم به في [منتهى الغاية] وجمع به بين الأدلة وصححه غير واحد.
قال في [الخلاف] : لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد كالحكم بشفعة الجوار على من لا يراها، وقيل: لا يجب دفع الباطن بطلبه، وقال بعضهم: وجها واحدا، وذكر شيخنا: أن من أداها لم تجز مقاتلته، للخلاف في إجزائها، ثم ذكر نص أحمد فيمن قال: أنا أؤديها ولا أعطيها للإمام، لم يكن له قتاله، ثم قال: من جوز القتال على ترك طاعة ولي الأمر جوزه، ومن لم يجوزه إلا على ترك طاعة الله ورسوله لم يجوزه.
ويستحب تفرقة زكاته بنفسه، قال بعضهم: مع أمانته، وهو مراد
غيره، أي: من حيث الجملة، نص عليه، وقال أيضا: أحب إلي أن يقسمها هو. وقيل: دفعها إلى إمام عادل أفضل للخروج من الخلاف، وزوال التهمة، واختاره ابن أبي موسى وأبو الخطاب (وش) وقاله (هـ م) حيث جاز الدفع بنفسه، وعنه: دفع الظاهر أفضل، وعنه: يختص بالعشر، وعنه: بصدقة الفطر، ونقله المروذي، ويجوز الدفع إلى الخوارج والبغاة، نص عليه في الخوارج: إذا غلبوا على بلد وأخذوا منه العشر وقع موقعه.
وقال القاضي في موضع: هذا محمول على أنهم خرجوا بتأويل وقال في موضع آخر: إنما يجزئ أخذهم إذا نصبوا لهم إماما، وظاهر كلامه في موضع من [الأحكام السلطانية] : لا يجزئ الدفع إليهم اختيارا، وعنه: التوقف فيما أخذه الخوارج من الزكاة، وقال القاضي: وقد قيل: تجوز الصلاة خلف الأئمة الفساق، ولا يجوز دفع عشر وصدقة إليهم ولا إقامة حد. وعن أحمد نحوه.
والظاهر: أن المراد بجواز الدفع الإجزاء؛ لأنه لا يجوز (1) الدفع إليهم في المنصوص، وإن أجزأ في المنصوص، وهل للإمام طلب النذر والكفارة؟ على وجهين:(م 6) أحدهما: له ذلك، نص عليه في كفارة الظهار، وقال الحنفية: إذا أخذ الخوارج زكاة السائمة، فقيل: تجزئ؛ لأن الإمام لم يحمهم، والجباية بالحماية، وقيل: لا؛ لأن مصرفها
(1) في الطبعة الأولى: إلا أنه لا يجوز