الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاسترداد من التجارة، كما لو قصد القنية بمال التجارة الذي عنده فإنه يصير قنية بالاتفاق. فلو نوى بعد ذلك جعله للتجارة لا يؤثر حتى تقترن النية بتجارة جديدة. ولو خالع وقصد بعرض الخلع التجارة في حال المخالعة، أو زوج أمته أو تزوجت الحرة ونويا حال العقد التجارة في الصد اق، فطريقان:
(أصحهما) : - وبه قطع المصنف وجماهير العراقيين - يكون مال تجارة، وينعقد الحول من حينئذ؛ لأنها معاوضة ثبتت فيها الشفعة كالبيع.
(والثاني) : وهو مشهور في طريقة الخراسانيين، وذكر بعض العراقيين، فيه وجهان:(أصحهما) : هذا، (والثاني) : لا يكون للتجارة؟ لأنهما ليسا من عقود التجارات والمعاوضات المحضة، وطرد الخراسانيون الوجهين في المال المصالح به عن الدم، والذي أجر به نفسه أو ماله إذا نوى بهما التجارة، وفيما إذا كان يصرفه في المنافع بأن كان يستأجر المستغلات ويؤجرها للتجارة، فالمذهب في الجميع مصيره للتجارة. هذا كله فيما يصير به العرض للتجارة، ثم إذا صار للتجارة ونوى به القنية صار للقنية وانقطع حكم التجارة بلا خلاف؟ لما ذكره المصنف رحمه الله تعالى (1) .
(1)[المهذب] ، و [المجموع](6 \ 45) وما بعدها.
4 -
النقل عن الحنابلة:
أ - قال الخرقي: (والعروض إذا كانت لتجارة قومها إذا حال عليها
الحول وزكاها) .
ب- وقال ابن قدامة في شرح ذلك: العروض: جمع عرض، وهو غير الأثمان من المال على اختلاف أنواعه، من النبات والحيوان والعقار وسائر المال. فمن ملك عرضا للتجارة فحال عليه حول، وهو نصاب قومه في آخر الحول، فما بلغ أخرج زكاته، وهو ربع عشر قيمته. ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في اعتبار الحول.
وقد دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول (1) » .
إذا ثبت هذا فإن الزكاة تجب فيه في كل حول.
وبهذا قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي.
وقال مالك: لا يزكيه إلا لحول واحد، إلا أن يكون مدبرا؛ لأن الحول الثاني لم يكن المال عينا في أحد طرفيه، فلم تجب فيه الزكاة كالحول الأول إذا لم يكن في أوله عينا. ولنا: أنه مال تجب الزكاة فيه في الحول الأول لم ينقص عن النصاب، ولم تتبدل صفته فوجبت زكاته في الحول الثاني، كما لو نص في أوله. ولا نسلم أنه إذا لم يكن في أوله عينا لا تجب الزكاة فيه، وإذا اشترى عرضا للتجارة تعرض للقنية جرى في حول الزكاة من حين اشتراه. (فصل) : ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين: أحدهما: أن يملكه بفعله؛ كالبيع والنكاح والخلع وقبول الهبة والوصية والغنيمة واكتساب المباحات؛ لأن ما لا يثبت له حكم الزكاة
(1) سنن الترمذي الزكاة (632) .
بدخوله في ملكه لا يثبت بمجرد النية كالصوم، ولا فرق بين أن يملكه بعوض أو بغير عوض. ذكر ذلك أبو الخطاب وابن عقيل؛ لأنه ملكه بفعله أشبه الموروث. والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة، فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة، وإن نواه بعد ذلك، وإن ملكه بإرث، وقصد أنه للتجارة لم يصر للتجارة؛ لأن الأصل القنية، والتجارة عارض، فلم يصر إليها بمجرد النية، كما لو نوى الحاضر السفر، لم يثبت له حكم بدون الفعل. وعن أحمد رواية أخرى أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية؛ لقول سمرة:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع (1) » ، فعلى هذا لا يعتبر أن يملكه بفعله، ولا أن يكون في مقابلة عوض، بل متى نوى به التجارة صار للتجارة (2) وقال ابن قدامة: تجب الزكاة في قيمة عروض التجارة في قول أكثر أهل العلم.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول. روي ذلك عن عمر وابنه وابن عباس.
وبه قال الفقهاء السبعة والحسن وجابر بن زيد وميمون بن مهران وطاوس والنخعي والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو عبيد وإسحاق وأصحاب الرأي.
(1) سنن أبو داود الزكاة (1562) .
(2)
[المغني] ومعه [الشرح الكبير](2 \ 623) .
وحكي عن مالك وداود: أنه لا زكاة فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق (1) » .
ولنا: ما روى أبو داود بإسناده عن سمرة بن جندب قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يأمرنا أن نخرج مما نعده للبيع (2) » ، وروى الدارقطني عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته (3) » قال: بالزاي، ولا خلاف أنها لا تجب في عينه، وثبت أنها في قيمته.
وعن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال: (أمرني عمر، فقال: أد زكاة مالك. فقلت: مالي مال إلا جعاب وأدم، فقال: قومها ثم أد زكاتها) رواه الإمام أحمد وأبو عبيد.
وهذه قصة يشتهر مثلها ولم تنكر، فيكون إجماعا. وخبرهم المراد به: زكاة العين لا زكاة القيمة، بدليل ما ذكرنا، على أن خبرهم عام وخبرنا خاص فيجب تقديمه (4) . ج - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما العروض التي للتجارة ففيها الزكاة.
وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة إذا حال عليها الحول. روي ذلك عن عمر وابنه وابن عباس، وبه قال الفقهاء السبعة والحسن وجابر بن زيد وميمون بن مهران وطاوس والنخعي والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو
(1) سنن الترمذي الزكاة (620) ، سنن النسائي الزكاة (2477) ، سنن أبو داود الزكاة (1574) ، سنن ابن ماجه الزكاة (1790) ، مسند أحمد بن حنبل (1/132) ، سنن الدارمي الزكاة (1629) .
(2)
سنن أبو داود الزكاة (1562) .
(3)
مسند أحمد بن حنبل (5/179) .
(4)
[المغني] ومعه [الشرح الكبير](2 \ 622)
عبيد. وحكي عن مالك وداود: لا زكاة فيها. وفي سنن أبي داود، عن سمرة قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم «يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع (1) » وروي عن حماس قال: (مر بي عمر فقال: أد زكاة مالك، فقلت: ما لي إلا جعاب وأدم، فقال: قومها ثم أد زكاتها) ، واشتهرت القصة بلا منكر فهي إجماع.
وأما مالك، فمذهبه: أن التجار على قسمين: متربص ومدير. فالمتربص: وهو الذي يشتري السلع ينتظر بها الأسواق، فربما أقامت السلع عنده سنين- فهذا عنده لا زكاة عليه، إلا أن يبيع السلعة فيزكيها لعام واحد.
وحجته: أن الزكاة شرعت في الأموال النامية، فإذا زكى السلعة كل عام - وقد تكون كاسدة - نقصت عن شرائها فيتضرر. فإذا زكيت عند البيع، فإن كانت ربحت فالربح كان كامنا فيها. فيخرج زكاته ولا يزكي حتى يبيع بنصاب، ثم يزكي بعد ذلك ما يبيعه من كثير وقليل.
وأما المدير: وهو الذي يبيع السلع في أثناء الحول، فلا يستقر بيده سلعة، فهذا يزكي في السنة الجميع، يجعل لنفسه شهرا معلوما يحسب ما بيده من السلع والعين، والدين الذي على المليء الثقة، ويزكي الجميع. هذا إذا كان ينض في يده في أثناء السنة، ولو درهم، فإن لم يكن يبيع بعين أصلا، فلا زكاة عليه عنده (2)
(1) سنن أبو داود الزكاة (1562) .
(2)
[مجموع الفتاوى](25 \ 15، 16) .
د - قال ابن مفلح: وهي واجبة، واحتج الأصحاب رحمهم الله بما روي عن جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، حدثني حبيب بن سليمان ابن سمرة عن أبيه سليمان بن سمرة قال:(أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان «يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع (1) » رواه أبو داود.
وروي أيضا بهذا السند نحو ستة أخبار، منها:(من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله) . ومنها: (من كتم غالا فإنه مثله) وهذا الإسناد لا ينهض مثله لشغل الذمة؛ لعدم شهرة رجاله ومعرفة عدالتهم، وحبيب تفرد عنه جعفر ووثقه ابن حبان. وقال ابن حزم: جعفر وحبيب مجهولان. وقال الحافظ عبد الحق: حبيب ضعيف وليس جعفر ممن يعتمد عليه. وقال ابن القطان: ما من هؤلاء من يعرف حاله (2) وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم. وأفرد الحافظ عبد الغني المقدسي بقوله: إسناده مقارب عن أبي ذر مرفوعا: «وفي البز صدقة» رواه أحمد، ورواه الحاكم عن طريقين، وصحح إسنادهما، وأنه على شرطهما، ورواه الدارقطني وعنده قاله بالزاي.
وذكر بعضهم: أن جميع الرواة رووه بالزاي، وفي صحة هذا الخبر نظر، ويدل على ضعفهما أن أحمد إنما احتج بقول عمر رضي الله عنه
(1) سنن أبو داود الزكاة (1562) .
(2)
في الطبعة الأولى: وقال ابن القطان: (هو ممن لا يعرف حاله) والتصويب من المخطوطين.
لحماس: أد زكاة مالك، فقال: ما لي إلا جعاب وأدم. قال: قومها ثم أد زكاتها. رواه أحمد: ثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبد الله بن أبي سلمة، عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه.
ورواه (سعيد، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أخبرني أبو عمرو ابن حماس أن أباه أخبره) .
ورواه أبو عبيد وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهما وهو مشهور.
وسأل الميموني أبا عبد الله عن قول ابن عباس في الذي يحول عنده المتاع للتجارة، قال: يزكيه بالثمن الذي اشتراه فقلت: ما أحسنه! فقال: أحسن منه حديث: (قومه)، وروى ابن أبي شيبة: ثنا أبو أسامة، ثنا عبيد الله عن نافع (1) عن ابن عمر قال: يعمل في العروض زكاة إلا عرضا (2) في تجارة.
ورواه سعيد بمعناه في طريق آخر، وهذا صحيح عن ابن عمر، وأما (أبو عمرو)(3) عن أبيه، فحماس لا تعرف عدالته، واحتج صاحب [المحرر] بأنه إجماع متقدم، واعتمد على قول ابن المنذر، وإنما قال: أجمع عامة أهل العلم على أن في العروض التي تراد للتجارة الزكاة. وذكر الشافعي في القديم: أن الناس اختلفوا في ذلك: فقال بعضهم:
(1) في الطبعة الأولى: (عبيد الله عن عبد الله عن نافع) ، والتصويب من المخطوطين.
(2)
في مخطوط الأزهر: إلا عرض.
(3)
أبو عمرو: زيادة منا.
لا زكاة، وقال بعضهم: تجب. قال: وهو أحب إلينا، ومن أصحابه (1) من أثبت له قولا في القديم لا تجب، وحكى أحمد هذا عن مالك وهو قول داود، واحتج بظواهر العفو عن صدقة الخيل والرقيق والحمر، ولأن الأصل عدم الوجوب.
ويتوجه هنا ما سبق في زكاة العسل، وقد يتوجه تخريج من نية الأضحية مع الشراء لا تصير أضحية فلم تؤثر النية مع الفعل في نقل حكم الأصل.
وفرق القاضي من وجهين:
أحدهما: أنه يمكن أن ينوي بها أضحية بعد حصول الملك فهذا لم يصح مع الملك، وهنا لا تصح نية التجارة بعد حصول الملك، فلهذا صح أن ينوي مع الملك.
والثاني: أن الشراء يملك به، ونية الأضحية سبب يزيل الملك فلم يقع الملك، وسبب زواله بمعنى واحد، والزكاة لا تزيل الملك ولا هي سبب في إزالته والشراء يملك به؛ فلهذا صح أن ينوى بها الزكاة حين الشراء، كذا قال وفيهما نظر (2) وقال ابن مفلح: ومن طولب بالزكاة فادعى أداءها أو بقاء الحول أو نقص النصاب أو زوال ملكه أو تجدده قريبا أو أن ما بيده لغيره، أو أنه
(1) في الطبعة الأولى: ومن أصحابنا.
(2)
[الفروع](2 \ 502) .
منفرد أو مختلط أو نحو ذلك - قبل قوله (و) بلا يمين، نص عليه، قاله بعضهم، وظاهر كلامه لا يشرع. نقل حنبل: لا يسأل المتصدق عن شيء ولا يبحث، إنما يأخذ ما أصابه مجتمعا.
قال في [عيون المسائل] : ظاهر قوله: (لا يستحلف الناس على صدقاتهم) لا يجب ولا يستحب؛ لأنها عبادة مؤتمن عليها، كالصلاة والكفارة بخلاف الوصية للفقراء بمال، ويأتي ما يتعلق بهذا في آخر باب الدعاوى.
وقال ابن حامد: يستحلف في الزكاة في ذلك كله ويتوجه احتمال إن اتهم (وم) .
وفي [الأحكام السلطانية] : إن رأى العامل أن يستحلفه فعل، وإن نكل لم يقض عليه بنكوله، وقيل: بلى، وكذلك الحكم في من مر بعاشر وادعى أنه عشره آخر.
قال أحمد رحمه الله: إذا أخذ منه المصدق كتب له براءة، فإذا جاء آخر أخرج إليه براءته.
قال القاضي: وإنما قال ذلك لنفي التهمة عنه. وهل يلزمه الكتابة؟ يأتي فيمن سأل الحاكم أن يكتب له ما ثبت عنده، وإن ادعى التلف بجائحة فسبق في زكاة الثمر، وإن أقر بقدر زكاته ولم يذكر قدر ماله صدق، والمراد وفي اليمين الخلاف (1)
(1)[الفروع](2 \ 546) ، ويرجع إلى [الإنصاف](3 \ 190) .