المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين ‌ ‌مدخل … الشعر الجاهلي في دراسات العرب - الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا

[عفيف عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌جهود القدماء:

- ‌المستشرقون والشعر الجاهلي

- ‌دراسات باللغة الإنجليزية:

- ‌الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين

- ‌مدخل

- ‌جهود الجامعات:

- ‌الدواوين الشعرية:

- ‌الدراسات الأدبية "الكتب

- ‌أولا: في تاريخ الأدب

- ‌ثانيًا: دراسة الشعراء

- ‌ثالثًا: مجتمعات جاهلية

- ‌رابعًا: فنون شعرية

- ‌خامسًا: دراسة ظاهرة

- ‌سادسًا: لغة الشعر الجاهلي

- ‌سابعًا: دراسة مجموعة شعرية أو ما يشبهها

- ‌ثامنًا: شعر القبائل أو ما يشبهها

- ‌تاسعًا: الطبيعة والحيوان

- ‌عاشرًا: مناهج دراسة الشعر الجاهلي ونقده

- ‌حادي عشر: النثر الجاهلي

- ‌ثاني عشر: موضوعات أخرى

- ‌الدراسات والبحوث "الدوريات

- ‌مدخل

- ‌أولًا: تاريخ الجاهلية

- ‌ثانيًا: تاريخ الأدب

- ‌ثالثًا: فكر الجاهلية ومعتقداتها

- ‌رابعًا: دراسة شعراء

- ‌خامسًا: دراسة ظاهرة فنية

- ‌سادسًا: مناهج دراسة الأدب الجاهلي

- ‌سابعًا: دراسة نصوص

- ‌ثامنًا: أغراض الشعر

- ‌تاسعًا: اللغة واللهجات

- ‌عاشرًا: النثر الجاهلي

- ‌حادي عشر: موضوعات أخرى

- ‌خلاصة الدراسات الحديثة:

- ‌الأدب الجاهلي والمناهج الحديثة

- ‌مدخل

- ‌المنهج الأسطوري:

- ‌المنهج البنيوي:

- ‌المنهج الاجتماعي:

- ‌المنهج النفسي:

- ‌المنهج التكاملي:

- ‌دراسات أخرى:

- ‌النصوص الجاهلية التي درست

- ‌فهرس الموضوعات:

الفصل: ‌ ‌الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين ‌ ‌مدخل … الشعر الجاهلي في دراسات العرب

‌الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين

‌مدخل

الشعر الجاهلي في دراسات العرب المحدثين:

يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي في مقدمة كتاب "دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي" مشيرًا إلى عدم إفادة الباحثين العرب من بحوث المستشرقين: "والشيء المؤسف حقًّا هو أن هذه الأبحاث قد بدأت في الستينات من القرن الماضي، نمت واتسعت، بينما ظل المشتغلون بالأدب العربي في العالم العربي والإسلامي بمعزلٍ تامٍّ عنها، وفي جهل فاحش بها"1.

ولقد فات الباحث أن الحملة الفرنسية على مصر كانت ناقوس الخطر الذي دعا الناس للتنبه لما هم عليه وما وصلت إليه أوروبا2، فقد حملت هذه الحملة من جملة ما حملت معها المطبعة، وحتى ذلك الوقت لم يكن العرب على علم بلغات أوروبا، وما فعله الاستشراق والمستشرقون، وحار القوم في أمرهم إلى أين يتجهون إلى الثقافة الغربية أم إلى أين؟

وقد حلّ جمال الدين الأفعاني لهم المشكلة، وكان الحل عدم الاستسلام للحضارة الغربية والاتجاه إلى التراث القديم، ففزعوا إلى تراثهم القديم في مواجهة الغزو الثقافي الغربي، ويسَّرت لهم المطبعة نشر هذا التراث الذي ظلَّ سمة النهضة في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن3.

ولا يخفى على أحد أن بداية اتصالنا بالغرب وبثقافته كانت ممثَّلة في تلك البعثات التي كان يرسلها محمد علي حاكم مصر، وهي بعثات ذات أهداف محددة،

1 عبد الرحمن بدوي، دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي، ص13.

2 إبراهيم سعافين، مدرسة إحياء التراث، بيروت، دار الأندلس، 1981م، ص16.

3 المرجع السابق ص25.

ص: 55

وإن لم تخل من انفتاح ثقافي، ولكن هذا الانفتاح لم يكن ليحقق في بداياته اتصالًا واسعًا بما في أوربا من جهود في خدمة أدبنا ولغتنا، ومما قلل هذا الانفتاح أنَّ البعثات كانت تتجه إلى فرنسا فحسب.

وحينما بدأت النهضة في عالمنا العربي كانت الجهود موزَّعة، فلم يعودوا جميعًا إلى عصر واحد أو اتجاه واحد ليكرِّسوا جهدهم فيه، بل اتجه كلٌّ إلى العمل الذي يرضى ذوقه، ولذلك لم يحظ عصر معين من عصور الأدب العربي بالجهد كله، أضف إلى ذلك أن الحضارة العربية الإسلامية قد بهرت الكثيرين، ومناهلها كثيرة ومتنوعة.

ولا ننس أن التوجه كان لإحياء تراث الأمة، فلم يشغلوا بنقده؛ لأنهم كانوا بعد هذا السبات الطويل مبهورين به، فأقبلوا ينشرونه وينهلون منه، ويتداولون النصوص، ولعل الطبعات الأولى منه تلقي ضوءًا ساطعًا على ما نذهب إليه، وقد كان نشرهم لذلك التراث انتقائيًّا، فنشروا منه ما خلب لبهم أولًا، وسنرى في الصفحات التالية من البحث كيف اتسعت دائرة اهتمامهم إلى أن شملت دقائق هذا التراث.

ولقد سقت ذلك كله لأبيِّن أن في مقولة الدكتور بدوي تجانيًا على أمتنا وباحثينا، فهو يعقد مقارنة بين من أوتي الأدوات والإمكانيات، وبين من نام نومًا عميقًا ثُمَّ صحا، يطالب باحثينا وندرة منهم كانت تعرف العربية جيدًا فيكف باللغات الأخرى؟ والطباعة دخلت مع الحملة الفرنسية، وعلى نطاق رسمي ضيق في بداية الأمر، ولا يفوتني أن أنوّه أن بداية التعريف بروائع الأدب الجاهلي انطلقت من سورية ولبنان على يد الآباء اليسوعيين ومطابعهم، وما تيسر لهم من إمكانات لم تتح لغيرهم.

وقد كان أول ناقوس خطر دقَّ منبهًا كتاب طه حسين "الشعر الجاهلي"، الذي صدر عام 1926م، تلاه كتابه المعدَّل له "الأدب الجاهلي" عام 1927م، وأستطيع أن أزعم أن هذين الكتابين وما أثاراه من مقولات كانا نقطة الانطلاق في البحث الحقيقي الجادّ في الأدب الجاهلي وما يتصل به من قضايا، بالرغم من كل ما ورد فيهما من مقولات صحيحة أو غير صحيحة.

وقد نستبق النتائج حينما نقرر بادئ ذي بدء بأن عصرًا من عصور أدبنا العربي

ص: 56

لم يحظ بعناية الباحثين العرب كما حظي أدبنا الجاهلي، مخالفًا بذلك الكثيرين، فقد بلغت الدراسات حوله ما بين رسالة جامعية وكتاب وبحث باللغات المختلفة، والعربية غالبة عليها، ما يقرب من ألف وأربعمائة دراسة، سنأتي على ذلك بالتفصيل في حينه.

ويتساءل المرء: ما سر هذا الاهتمام وبشكل خاصٍّ في الخمسة والعشرين سنة الأخيرة؟ لقد ذهب الباحثون في تعليل ذلك مذاهب شتى، فمنهم من زعم بأن الهدف إغناء معرفتنا ورفد تجربتنا بتجارب الأجداد1، وذهب آخر إلى أن الاهتمام بالأدب الجاهلي في العصر الحديث قد نشأ بحثًا عن الذات العربية.. فقد ارتبط حركة النهضة الحديثة ببداية الحماس للشعر القومي في مقاومة السيطرة التركية على العالم العربي، ثم ارتبط ذلك كله بعد ذلك بمحاولة إحياء القديم والاهتمام بالتراث الموروث، وتأكيد الذات العربية في مواجهة الاستعمار الغربي2، ويعلل باحث ثالث إعجابنا بالشعر القديم بأنه أشبه ما يكون بتطلعاتنا إليه على أنه الأنموذج الأمثل3، ويمثل هذا الشعر جذور العربي الممدودة في الأرض4.

ولو شئنا لملأنا صفحات تبيِّن مختلف الدوافع والأسباب، ولكنها جميعًا تكاد تجمع على أن الاهتمام بأدب ذلك العصر نابع من الحقائق التالية:

1-

إن أدب ذلك العصر يمثّل فجر أدب أمتنا، فمَنْ يبحث فيه يبحث عن أصوله الفكرية والحضارية.

2-

إن الأدب حينئذ كان يمثّل الأدب العربي النقيّ قبل أن يتأثّر بشكل واضح بآداب الأمم الآخرى التي دخلت الإسلام أو أثَّرت فيه.

3-

إن أدب تلك الفترة فيه غناء لحلِّ رموز وألغازٍ ما زالت تبحث عن حلٍّ لندرة مصادر تلك الفترة، والأدب هو المصدر الذي بين أيدينا.

1 محمد على دقة، السفارة السياسية في العصر الجاهلي وأدبها، وزارة الثقافة، دمشق، 1984، ص7.

2 عفت الشرقاوي، دروس ونصوص في قضايا الأدب الجاهلي، دار النهضة العربية، بيروت 1979م، ص10.

2 فتحي أبو عيسى، من قيثارة الشعر العربي، دار المعارف بمصر، 1980م، ص5.

4 صلاح عبد الصبور، قراءة جديدة لشعرنا القديم، 1973م، المقدمة.

ص: 57

4-

لقد حدث للأمة العربية نفس ما حدث لها حين تصدت للشعوبية في العصر العباسي، فعندها فزعت إلى أدبها وتاريخها الجاهلي تدونه وتوثّقه وتشرحه وتلوذ به، وفي العصر الحديث تكرَّر ما حدث بالأمس، فمن أجل البحث عن الذات، ومن أجل تحقيقها في مواجهة محاولات طمس هذه الذات، لجأت إلى ذلك الأدب الذي يربطها بالأصول والجذور.

وتشكل الدارسات التالية بدايات التنبه إلى دراسة الأدب القديم بعامَّة والجاهلي بخاصة، دراسات تختلف عمَّا كانت عليه الدراسات في العهود الماضية، وقد حاول أصحابها الإفادة بشكل أو بآخر مما تناهى إليهم من الشرق والغرب ممتزجًا برغبة الدراسات، فنميز منها: الوسيلة الأدبية للشيخ المرصفي، و"الشعر الجاهلي" و"الأدب الجاهلي" لطه حسين، و"تاريخ آداب العرب" و"تحت راية القرآن" للرافعي، و"تاريخ آداب اللغة العربية"، "وتاريخ العرب قبل الإسلام"، و"تاريخ التمدن الإسلامي" لجروجي زيدان، وما كتبه العقاد، وأولئك الذين تصدّوا للرد على طه حسين.

وقد شكَّلت هذه الدراسات قاعدة انطلاق للتوجه نحو بعث التراث وتحقيقه وتنقيته من المنحول، ولفت أنظار الباحثين إلى زوايا وقضايا كثيرة لم يلتفت إليها في السابق.

ونستطيع أن نفرز القطاعات الفاعلة التالية التي كان لها دور في خدمة الأدب الجاهلي:

1-

الجامعات العربية في أقطار الوطن العربي: وقد تمثَّلت جهدها في دور أساتذتها في تعريف طلبتهم بالأدب الجاهلي، ومناهج دراسته المختلفة، كما تمثَّلت في بحوثهم، والرسائل الجامعية لنيل الدرجتين الماجستير والدكتوراه، وتمثَّل كذلك في الدوريات التي أصدرتها، وكذا في المؤتمرات العلمية.

2-

المجامع اللغوية في كلِّ من دمشق والقاهرة وبغداد وعمان: وتمثَّلت جهودها في نظر التراث المحقق تحقيقًا علميًّا، وفي دوريات تلك المجامع، والمؤتمرات الدورية.

3-

جهود فردية لا يقل أثرها عن جهد السابقين.

وسنتحدث عن جهود كلٍّ بقدرٍ من التفاصيل بما يبرز دوره، ومدى ما أفاده الشعر الجاهلي منه.

ص: 58