الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيمته العلمية وأثره
…
الفصل الرّابع
قيمة الكتاب العلمية وأثره
يُعَدُّ كتاب "الاعتقاب" من المصادر اللّغويّة القديمة المتخصّصة في التّعاقب (الإبدال اللّغويّ) الّتي وجدت مادّتها طريقها إلى بعض المعاجم الكبيرة، وقد أفاد منه من اطّلع عليه، وأثنى عليه من خبره وعرف قيمته، كالأزهريّ الّذي رفع من قدره، وعدّه في المصنّفات اللّغويّة المعتمدة الموثّقة، ومدحه بخُلَّتين:
إحداهما: خُلوّه من التّصحيف والتّحريف.
والأخرى: بُعْدُ مؤلّفه عن المجازفة فيما أودعه في نصوصه.
وفي ذلك يقول حين ذكر مؤلّفه أبا تراب: "وقد قرأت كتابه، فاستحسنته، ولم أره مُجازفاً فيما أودعه، ولا مُصحّفاً في الّذي ألّفه"1.
ومما يرفع من قيمة الكتاب أنّه كبير 2، غزير المادّة الّتي أخذها عن علماء عصره، كشمر، وأبي سعيد الضّرير، وملازمته إيّاهما سنين عدّة، وسماعه منهما كتباً جمّة، سوى ما سمع من الأعراب الفصحاء لفظاً، وحفظه عن أفواههم خطاباً 3.
ولكتاب "الاعتقاب" نصيب من الأثر في مصنفات اللّغويّين الّذين جاءوا بعده، الّتي نقل أصحابها عنه منذ أواخر القرن الثّالث، فقد وَجَدَتْ نصوصُهُ اللّغويّة طريقها إلى مصنّفات كثير من اللّغويّين، وبخاصّة الأزهريّ في التّهذيب، كما سيأتي، ومن هؤلاء من صرّح باسم أبي تراب أو كتابه، ومنهم
1 التّهذيب 1/26.
2 ينظر: إنباه الرّواة 4/102.
3 التهذيب 2/145.
من لم يصرّح بشيء من ذلك إلا في النّادر، تمشّياً مع منهجه في الاختصار، كما فعل الصّاحب بن عبّاد في "المحيط في اللّغة".
ولما تعذّر القطع بأثر "الاعتقاب" في نصوص لم يصرّح أصحابها بالنّقل عنه أو عن مؤلّفه فقد اكتفيت بتتبّع أثره في مصنّفات وجدت فيها تصريحاً بذلك، ورتّبتها زمنياً، وهي:
1-
"التّكملة" لأبي حامد الخارْزَنجي البُشتيّ (348هـ)
وهو تكملة لكتاب العين للخليل، ويتعذّر أن نعرف – على وجه الدّقّة – مقدار الأثر الذي كان لأبي تراب في هذا الكتاب، لأنّه مفقود، فيبقى لنا تلمس ذلك من خلال ما نقل عن "التّكملة" من نصوص، وهي قليلة، ومن ذلك ما أورده الأزهريّ 1 من مقدّمة كتاب "التّكملة" هذا، وفيها ذكر لأبي تراب، وإشارة إلى اعتماده مصدراً من مصادره، وروى الصّاحب بن عبّاد نصاً عنه عن أبي تراب، وهو في الإبدال والتّعاقب، قال الصّاحب:"الخارْزَنجي عن أبي تراب: حَمَظَهُ وحَمَزَهُ: بمعنى واحد، أي: عصره"2.
ونقل عنه شاهداً من الشّعر، أورده الأزهريّ 3، والقفطيّ 4.
2-
"الإبدال" لأبي الطّيّب اللّغويّ (351هـ)
نقل عن أبي تراب في موضعين 5، هما في كتاب الاعتقاب، كما يأتي في القسم الثّاني.
1 ينظر: التّهذيب 1/32 -34. .
2 المحيط في اللّغة 3/64.
3 ينظر: التّهذيب 1/34.
4 ينظر: إنباه الرّواة 1/146.
5 ينظر: الإبدال 2/275، 278.
ولعله نقل عنه في غير هذين الموضعين دون أن يشير إليه.
3-
"تهذيب اللّغة" للأزهري (370هـ)
اطّلع الأزهريّ على كتاب "الاعتقاب" فأعجب بمادّته، ودقة مؤلفه، وبعده عن التصحيف فأفرغ أكثر الكتاب في معجمه، وفَرَّقَه على موادّه، وقال في مُقدِّمته:"وما وقع في كتابي لأبي تراب، فهو من هذا الكتاب"1.
وبهذا العمل حفظ لنا الأزهريّ جلّ الكتاب، وعن طريقه وصلت مواد "الاعتقاب" إلى كثير من معاجم اللّغة، كـ "التّكملة" و "العباب" للصّغانيّ، و "اللّسان" لابن منظور، و"القاموس" للفيروزاباديّ، و "التّاج" للزّبيديّ، كما يتّضح من الرّسم البيانيّ التّالي:
1 التّهذيب 1/26.
التهذيب
…
التّكملة والذيل والصلة
…
العباب
…
اللسان
القاموس
…
التاج
…
...
…
...
وقد بلغت النّصوص الّتي نقلها الأزهريّ عن "الاعتقاب" ونصّ عليّها أكثر من ستين وثلاثمائة نصّ، كما يظهر من القسم الثّاني من هذه الدراسة، ويظهر - من الإحالات الّتي أوردتها عند الحديث عن اسمه والاضطراب فيه.
4-
"المحيط في اللّغة" للصاحب بن عباد (385هـ) .
فيه نصّان لأبي تراب أحدهما من نصوص التّعاقب وهو الذي رواه الصاحب عن شيخه البشتي الخارزنجي 1، وأشرت إليه فيما سبق، والآخر رواه الصاحب - فيما يظهر - عن أبي تراب 2، ولا أدري هل اطّلع على كتاب أبي تراب أو لا، ولا أدري هل هذا النّصّ من كتاب "الاعتقاب" أو من "الاستدراك" لأنّ المادة ليست من مواد التّعاقب (الإبدال)
ولعلّ الصاحب أفاد من كتاب الاعتقاب في مواضع أخرى ولكننا لم نتبيّنها بسبب منهجه القائم على الاختصار الذي قاده إلى حذف مصادره.
5-
"الصحاح" للجوهريّ (392هـ) .
نقل عن كتاب "الاعتقاب" في ثلاثة مواضع 3، وذكر اسم الكتاب نصاً 4 في أحدها.
6-
"فقه اللّغة وسِرّ العربيّة" للثّعالبيّ (429هـ)
فيه ثلاثة نصوص منقولة عن أبي تراب 5.
7-
"الفائق في غريب الحديث" للزّمخشريّ (583هـ) .
نقل عن أبي تراب في سبعة مواضع 6، كلّها من الاعتقاب، ويبدو أنّه
1 ينظر: المحيط 3/64.
2 ينظر: المحيط 3/31.
3 ينظر: الصحاح (هرر) 2/854، (حرشف) 4/1343، (كمل) 5/1813.
4 ينظر: الصحاح (حرشف) 4/1343.
5 ينظر: فقه اللّغة وسر العربية 48، 52، 316.
6 ينظر: الفائق 1/27، 2/7، 46، 154، 416، 3/347، 4/13.
أخذها من كتاب "الاعتقاب" بغير واسطة، أو نقلها عن غير التّهذيب 1، فبعض النّصوص الّتي أوردها ليست في التّهذيب، أو هي فيه لكنّها ليست منقولة عن أبي تراب 2.
8-
"العباب" للصّغانيّ (650هـ)
فيه نصوص كثيرة 3 عن أبي تراب من كتاب "الاعتقاب" ولعلّها مأخوذه من التّهذيب للأزهريّ، لأنّه يسمّيه أبا تراب تارة، وابن الفرج تارة أخرى.
9-
"التّكملة والذّيل والصّلة" للصّغانيّ (650هـ)
نقل فيه الصّغانيّ عن أبي تراب في مواضع متعدّدة 4، ولعلّه -أيضاً - ينقل عن الأزهريّ؛ لأنّه يسمّي صاحب الاعتقاب بالأسماء الثّلاثة الّتي وردت في التّهذيب.
1 ينظر: المصدر السابق 2/7.
2 ينظر: المصدر السابق 2/416، والذي في التّهذيب 3/318 عن أبي حاتم عن أبي عمرو.
3 ينظر: العباب (حرف الهمزة) 110 (لفأ) ، وحرف الغين 34 (دوغ) ، 76 (مشغ) ، 82، (نشغ) وحرف الفاء 37 (أنف) ، 287 (سلخف) ، 287 (سلغف) ، 293 (شنغف) ، 319 (شرهف) ، 330 (شلخف) 330 (سلعف) ، 331 (شلغف) ، 447 (عفف) 482 (غلف) ، 610 (يغف) ، 632 (وضف) ، 659 (هلغف) .
4 ينظر: التّكملة 1/48 (لفأ) ، 50 (مطأ) ، 214 (عظب) ، 342 (نثت) ، 2/13 (ثعجج) ، 146 (ريخ) ، 3/127 (عمر) ، 219 (نمر) ، 227 (وهر) ، 381 (طهس) ، 382 (عبس) ، 456 (نبش) ، 500 (فنش) ، 517 (ندش) 4/43 (معض) ، 99 (نوض) ، 192 (بنط) 198 (شظظ) ، 227 (حجلجع) ، 244 (خهفع) ، 328 (قزع) ، 330 (قطع) ، 342 (كبع) ، 348 (كمع) ، 367 (نصع) ، 425 (مشغ) 438 (أنف) ، 5/415 (صمل) ، 503 (كعظل) ، 6/140 (كمم) ، 275 (غسن) .
10-
"لسان العرب" لابن منظور (711هـ) .
وصلت إليه نصوص "الاعتقاب" عن طريق التّهذيب، وفيه منها الكثير 1، وفي "اللّسان" أيضاً اضطراب في اسم أبي تراب، على النّحو الّذي تقدّم ذكره،
1 ينظر: اللسان 1/95 (سطأ) ، 153 (لكأ) ، 157 (مطأ) ، 450 (زعب) ، 525 (صغب) ، 587 (عرب) ، 670 (قرطب) ، 2/25 (حلت) ، 42 (سحت) ، 83 (لحت) ، 105 (هلت) 189 (مثث) ، 232 (حدج) ، 299 (سلج) ، 371 (نبج) ، 393 (هملج) ، 450 (رضح) ، 390 (سمح) ، 549 (فلطح) ، 557 (قذح) ، 568 (قيح) ، 618 (نضح) ، 639 (ويح) ، 3/54 (مرخ) ، 264 (سمح) ، 549 (فلطح) ، 557 (قذح) ، 568 (قيح) ، 618 (نضح) ، 639 (ويح) ، 3/54 (مرخ) ، 264 (صدد) ، 266 (ضهد) ، 298 (عقد) ، 402 (مرد) ،410 (ملد) ، 501 (غذذ) ، 4/480 (صبر) ، 611 (عنقر) ، 5/133 (كثر) ، 135 (كدر) ، 236 (نمر) ، 6/ 85 (دغس) ، 127 (طهس) ، 127 (طوس) ، 129 (عبس) ، 217 (مرجس) ، 231 (نشش) ، 271 (جحش) ، 276 (جنش) ، 285 (حشش) ، 306 (رمش) ، 324 (غطش) ، 341 (كشش) ، 285 (حشش) ، 306 (رمش) ، 324 (غطش) ، 341 (كشش) ، 350 (نبش) ، 352 (نخش) ، و352 (ندش) ، 358 (نقش) 373، (وقش) 7/17 (حقص) ، 037 (دلص) ، 67 (فصّ) ، 122 (بهض) ، 136 (حضض) ، 162 (رمض) ن 199 (غضض) ، 248 (هضض) ، 266 (بهط) ،320 (سقط) ، 337 (شمعط) ، 446 (شنط) ، 8/40 (حجلجع) ، 50 (جعع) ، 52 (جلع) ، 81 (خهفع) ، 118 (رجع) ، 271 (قزع) ، 364 (نكع) ، 450 (مشغ) ، 9/19 (توف) ، 96 (درق) ، 183 (شلخف) ، 183 (شلغف) ، 184 (شنغف) ، 315 (لحف) ، 10/96 (درنق) ، 144 (زلق) ، 173 (شذق) ، 204 (صفق) ، 207 (صمق) ، 239 (عذق) ، 295 (غهق) ، 463 (ضزك) ، 11/79 (تلل) ، 80 (تنبل) ، 153 (حسكل) 160 (حقل) ، 312 (زيجل) ، 370 (شمل) ، 381 (صقل) ، 385 (عثم) ، 400 (طربل) ، 555 (قرقل) ، 588 (كعظل) ، 624 (مصل) ، 662 (نشل) ، 688 (هبركل) ، 694 (هرجل) ، 698 (هضل) ، 12/140 (حظم) ، 209 (دمم) ، 241 (رسم) ، 257 (رنم) ، 325 (شلم) ، 371 (طمم) ، 447 (فأم) ، 484 (قشم) ، 605 (هدم) ، 611 (هزم) ، 13/8 (أحن) ، 88 (جزن) ، 160 (دفن) ، 277 (عثن) ، 281 (عذن) ، 285 (عسن) ، 313 (غسن) ، 321 (فدن) ، 376 (فلن) 324، (لبن) ، 408 (مشن) ، 429 (نون) ، 14/172 (حذذ) ، 429
(شرى) ، 15/ 104 (عنا) ، 140 (غنذى) ، 371 (هوا) .
وقد لاحظت عند مقابلة نصوص التّهذيب باللّسان أنّ ابن منظور قد يسقط اسم أبي تراب، ويكتفي بذكر من روى عنه أبو تراب، أو يكتفي بذكر المادّة اللّغويّة الّتي فيها التّعاقب، وهو نوع من الاختصار.
11-
"وفاق المفهوم في اختلاف المقول والمرسوم" لابن مالك (672هـ)
وهو كتاب في التّعاقب (الإبدال) وفيه نقل عن أبي تراب في موضعين 1 أحدهما عن طريق الأزهريّ، ويبدو أنّ ابن مالك لم يطلّع على كتاب "الاعتقاب" ولو اطّلع عليّه لأكثر من النّقل عنه؛ لأنّ موضوع كتابيهما واحد، وهو التّعاقب.
12-
"تاج العروس" للزّبيديّ (1205هـ)
1 ينظر: وفاق المفهوم 146، 210.
وصلت إليه نصوص "الاعتقاب" عن طريق "القاموس المحيط" و "اللّسان" وأكثرها كان عن طريق هذا الأخير؛ ولهذا يمكن القول: إنّ أكثر ما في "اللّسان" من نصوص "الاعتقاب" هو في "التّاج" أيضاً 1.
هذا أثر "الاعتقاب" لأبي تراب في المادّة اللّغويّة، أي من خلال النّصوص اللّغويّة المنقولة عنه.
وثمّة أثر له في المنهج، فقد كان أبو تراب يروي أحياناً عن علماء لم يدركهم كالخليل وأبي عمرو بن العلاء، فتابعه على ذلك الخارزنجيّ البشتيّ واحتجّ بصنيعه، وفي ذلك يقول الخارزنجي في مقدّمة كتابه "التّكملة": "ولعلّ بعض النّاس يبتغي العنت بتهجينه والقدح فيه، لأنّي أسندت ما فيه إلى هؤلاء العلماء من غير سماع
…
وإنّما إخباري عنهم إخبار عن صحفهم، وقد فعل مثل ذلك أبو تراب صاحب كتاب الاعتقاب، فأنّه روى عن الخليل بن أحمد، وأبي عمرو بن العلاء والكسائيّ، وبينه وبين هؤلاء فترة" 2.
أمّا المنهج في التّرتيب فإنّني لا أستبعد أن يكون أبو الطيب اللغوي قد تأثّر بمنهج أبي تراب في ترتيب الأبواب، وقد أشرت إلى هذا فيما تقدّم.
1 ينظر على سبيل المثال وليس الحصر: التاج 1/80 (شقأ) ، 118 (مطأ) ، 592 (نقت) ، 2/103 (نبج) ، 3/499 (مرد) ، 516 (كثر) ، 4/395 (دلص) ، 416 (فصص) 5/325 (خثفع) ، 7/40 (غهق) ، 323 (دقل) ، 8/389 (عثم) ، 9/276 (عذن) .
2 ينظر: إنباه الرّواة 1/144.