المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل الثاني ‌ ‌حياته العلميّة يعنينا في حياة أبي تراب العلمية ثلاثة عناصر: - أبو تراب اللغوي وكتابه الاعتقاب - جـ ١١٤

[عبد الرزاق بن فراج الصاعدي]

الفصل: الفصل الثاني ‌ ‌حياته العلميّة يعنينا في حياة أبي تراب العلمية ثلاثة عناصر:

الفصل الثاني

‌حياته العلميّة

يعنينا في حياة أبي تراب العلمية ثلاثة عناصر: شيوخه، وتلامذته، مؤلفاته، فيما يلي تفصيل الحديث عن كل منها:

أوّلاً: شيوخه:

شحّت المصادر الّتي ترجمت لأبي تراب فلم تزوّدنا بكثير من التّفاصيل المهمّة في حياته العامّة كما تقدّم، ولم تزوّدنا - أيضاً - بمعلومات تساعد على التّعرف على أكثر شيوخه الّذين أخذ عنهم علومه، ولا سيّما في اللّغة، ومع ذلك أمكن التّعرف على ثلاثة منهم، وهم:

1-

أبو سعيد الضّرير اللّغويّ:

وهو أحمد بن خالد المعروف بأبي سعيد الضّرير البغداديّ اللّغويّ 1، من علماء اللّغة المعروفين في القرن الثّالث، وكان من أهل بغداد، وأخذ فيها عن محمّد بن زياد الأعرابيّ

وأبي عمرو الشّيبانيّ، ثم استقدمه ابن طاهر إلى نيسابور 2 ليستفاد من علمه هناك، فلقي الأعراب الفصحاء الذين استوردهم ابن طاهر نيسابورَ 3، فشافههم وحفظ عنهم فوائد كثيرة أودعها كتبه.

قال ياقوت: "لمّا قدم عبد الله بن طاهر نيسابورَ وأقدم معه جماعة من فُرسان طَرَسوس ومَلَطْيَة، وجماعة من أدباء الأعراب منهم: عرّام وأبو العميثل

1 ينظر ترجمته في: التّهذيب 1/24، ومعجم الأدباء 1/253، وإنباه الرواة 1/76، وتلخيص ابن مكتوم 11، ونكت الهميان 96.

2 ينظر: التّهذيب 1/24، وإنباه الرواة 1/76.

3 ينظر: معجم الأدباء 1/253.

ص: 366

وأبو العيسجور وأبو العجنّس وعوسجة وأبو العُذافر، وغيرهم فتفرّس أولادُ قواده وغيرهم بأولئك الفرسان، وتأدّبوا بأولئك الأعراب، وبهم تخرّج أبو سعيد الضّرير

فصار إماماً" 1.

وكان شَمِر بن حَمْدَوَيه وأبو الهيثم الرازيّ يوثّقان أبا سعيد الضّرير ويثنيان عليه.

وله من التّصانيف في اللّغة والأدب:

1-

كتاب النّوادر.

2-

كتاب معاني الشّعر.

3-

كتاب الرّدّ على أبي عبيد في غريب الحديث.

وقد لازم أبو تراب أبا سعيد سنين طويلة في نيسابور وأخذ عنه كتباً جمة، وفي ذلك يقول الأزهريّ:"فأمّا أبو تراب فإنه شاهد أبا سعيد الضّرير سنين كثيرة، وسمع منه كتباً جمة" 2

وكان ينقل عنه، ويقول: "سمعت أبا سعيد

" 3

ويبدو أنّ أبا تراب تأثّر بشيخه أبي سعيد في ملازمته الأعراب، فأكثر في كتابه "الاعتقاب" من الرواية عنهم، كما سيأتي في الحديث عن مصادره.

وتوفّي أبو سعيد الضّرير بعد منتصف القرن الثّالث تقريباً، وليس في المصادر التي بين أيدينا ما يُعيّن تاريخ وفاته.

2-

شَمِر بن حَمْدَوَيه الهرويّ:

1 معجم الأدباء 1/254.

2 ينظر: التّهذيب 1/34، وإنباه الرواة 1/145.

3 المصدر السابق 4/27.

ص: 367

وهو أبو عمرو شَمر بن حَمْدَوَيه الهرويّ 1، كانت له عناية صادقة باللّغة في هراة؛ فاشتهر فيها بعد رحلته إلى العراق في شبابه ولقائه ابن الأعرابيّ وغيره من اللّغويّين من أصحاب أبي عمرو الشّيبانيّ وأبي زيد الأنصاريّ، وأبي عبيدة والفرّاء وغيرهم، ثمّ عودته إلى نيسابور، ولقائه أصحاب النَّضِر بن شميل واللّيث بن المظفّر 2.

ولمّا ألقى شمر عصاه بهراة ألّف كتاباً كبيراً في اللّغة جعله على حروف المعجم، وابتدأ بحرف الجيم، فجوّده وأشبعه بالشّواهد والرّوايات الجمّة عن أئمّة اللّغة والأعراب، فكتمه ضناً به في حياته، ولم ينسخه طُلابه، فلم يبارك له فيما فعله - كما يقول أصحاب التّراجم 3 - حتى مضى لسبيله وضاع، ولم يصل منه إلا تفاريقُ في كتب اللّغة نقلها عنه تلامذته.

وكان من هؤلاء التّلامذة أبو تراب اللّغويّ أخذ عنه عند قدومه هراة. قال الأزهريّ: "وكان أبو تراب الّذي ألّف كتاب الاعتقاب قدم هراة مستفيداً من شمر، وكتب عنه شيئاً كثيراً"4.

وقد ذكر أبو تراب سماعه عن شمر 5، وكان يذاكره ويراجعه ويأنس برأيه كقوله مثلاً: "فذكرته لشمر بن حمدويه، وتبّرأت إليه من معرفته

" 6

1 من مصادر ترجمته: التّهذيب 1/25، ونزهة الألباء 151، ومعجم الأدباء 3/1420، وإنباه الرواة 2/77، وإشارة التعيين 141، وبغية الوعاة 2/4.

2 ينظر: التّهذيب 1/25، وإنباه الرواة 2/77.

3 ينظر: المصدر السابق 1/25، ونزهة الألبا 151، ومعجم الأدباء 3/1421.

4 التّهذيب 1/26، وإنباه الرواة 4/103.

5 ينظر: التّهذيب 4/27.

6 ينظر: المصدر السابق 3/262، 263.

ص: 368

وكانت وفاة شمر بن حمدويه في سنة 255هـ.

3-

أبو الوَازع الخراساني:

وهو محمّد بن عبد الخالق أبو الوازع الخراسانيّ اللّغويّ النّحويّ1، من علماء القرن الثالث.

قال القفطيّ: "كان عالماً بالنّحو والغريب، صادقاً فيما يروي، روى عنه أبو تراب وغيره، وروى أبو2 الوازع نوادر الأعراب الذين

كانوا مع ابن طاهر بنيسابور، وجمعها ورويت عنه" 3

وروى عنه أبو تراب في كتابه "الاعتقاب" فيما نقله الأزهريّ 4، وابن منظور 5

ولأبي الوازع كتاب "نوادر الأعراب" ولعلّ أبا تراب اطّلع عليه، وأفاد منه، وقد نقل الأزهريّ عن هذا الكتاب نقولاً كثيرة 6.

ثانياً: تلامذته:

لم أعرف من تلامذة أبي تراب سوى اثنين، وهما:

1-

الخارْزَنجي البُشْتيّ:

1 من مصادر ترجمته: إنباه الرواة 3/168، وتلخيص ابن مكتوم 219.

2 في إنباه الرواة 3/168: ابن، ولعله سهو أو تحريف.

3 إنباه الرواة 3/168.

4 ينظر: التّهذيب

5 ينظر: اللسان (ندش) 6/352.

6 ينظر: التّهذيب 1/26، 98، 207، 213، 287، 359، 2/2/11، 63، 175، 3/154.

ص: 369

وهو أبو حامد أحمد بن محمّد الخارْزَنجي البُشتّي 1، من علماء اللّغة والأدب المشهورين في أواخر القرن الثّالث ومطلع القرن الرّابع في مدينة نيسابور موطن أبي تراب، وله من المصنّفات:"تكملة كتاب العين" وهو أشهر كتبه و "كتاب التّفصلة" وكتاب "تفسير أبيات أدب الكاتب"

أخذ الخارْزَنجيّ العربيّة عن جماعة من علماء زمانه في نيسابور، ومنهم أبو تراب اللغوي، وعنه نقل الخارزنجي في كتابه "التكملة" وذكره في مقدّمته الّتي اقتبس منها الأزهريّ 2.

وأشار إلى ذلك الصّاحب بن عبّاد في "المحيط في اللّغة"3.

وتوفيّ أبو حامد الخارْزَنجيّ في رجب سنة 348هـ.

2-

ابن حَمَّوَيه:

وهو أحمد بن علىّ بن حَمَّوَيه النيسابوريّ النحويّ، ذكره الحافظ ابن البيِّع في تاريخه، وسمّاه النّحويّ، وأوجز القول في ترجمته 4، ولم أعرف تاريخ وفاته.

سمع من أبي تراب ألفاظاً في غريب اللغة، وأخذ عنه. قال الأزهري: "أخبرني المنذري عن ابن حمَّوَيه قال: سمعت أبا تراب يقول: كتب أبو محلّم إلى رجل:

1 من مصادر ترجمته: التّهذيب 1/32، والأنساب 5/12، ومعجم الأدباء 1/461، وطبقات ابن قاضي شهبة 1/247، وبغية الوعاة 1/388.

2 ينظر: التّهذيب 1/33، 34، 35، وإنباه الرواة 1/142 - 145، واللسان (ثعثع) 12/40.

3 3/64.

4 ينظر: إنباه الرواة 1/125، وتلخيص ابن مكتوم 15، وبغية الوعاة 1/340.

ص: 370

اشتر لنا جَرَّة ولتكن غير قَعْراء ولا دَنّاء ولا مُطربلة

"1.

ثالثاً: مؤلّفاته:

تفيد المصادر بأنّ لأبي تراب كتابين في اللّغة، وهما:

1-

الاعتقاب:

وهو هذا الكتاب الّذي نعنى به في هذه الدّراسة، وسيأتي الحديث عنه مفصّلاً في الباب الثّاني من هذا القسم من الدّراسة.

2-

الاستدراك على الخليل في المهمل والمستعمل:

استدرك فيه أبو تراب على الخليل بن أحمد في معجم العين، وخطّأه في أماكن، وزاد ما رأى أنّ الخليل نقصه من اللّغة في أبوابه، ونقص ما رأى أنّ الخليل زاده في غير بابه، وهذّب ذلك تهذيباً "زعم أنّه الصّواب"2.

والكتاب مفقود، فلا يمكن الحكم عليه، ولكن يبدو أنّ أبا تراب ألّفه في شبابه، فاندفع في الاستدراك والتّخطئة، فأثار معاصريه من اللّغويّن ومن جاء بعدهم، فردّ عليه جماعة منهم 3، ونقضوا عليه ما استدركه 4، وانتصروا للخليل.

1 ينظر: التّهذيب 14/57.

2 إنباه الرواة 4/102، 103، وينظر: المعجم العربي 298.

3 ينظر: إنباه الرواة 4/102.

4 ينظر: الفهرست 124.

ص: 371