المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توطئة في ترتيب النصوص المجموعه - أبو تراب اللغوي وكتابه الاعتقاب - جـ ١١٤

[عبد الرزاق بن فراج الصاعدي]

الفصل: ‌توطئة في ترتيب النصوص المجموعه

‌القسم الثاني: نصوص من كتاب الإعتقاب

‌توطئة في ترتيب النصوص المجموعه

القسم الثّاني

نصوص من كتاب "الاعتقاب"

"جمع وترتيب"

توطئة: في ترتيب النّصوص المجموعة

تقدّم في دراسة الكتاب أنّ أبا تراب جعل كتابه مبوّباً على الحروف، لكل حرفين متعاقبين بابٌ، غير أنّ النّصوص المتفرّقة في المعاجم، وعلى رأسها "تهذيب اللّغة" للأزهريّ لا تسعف في التّعرف على نظام الكتاب في ترتيب الأبواب، والرّاجح أنّها لم تكن مرتّبة، كما تقدّم ذكره في الدراسة.

وقد رأيت أن أرتّب ما جمعته من مادّة الكتاب على حروف الهجاء، بحسب أبوابها مقدّماً أسبق الحرفين في الهجاء ثم أجعل التّرتيب له، فمثلاً: مدهمس ومدغمس، التّبادل فيهما بين الهاء والغين، والغين أسبق من الهاء في الهجاء، فيكونان في باب الغين والهاء، ويكون "اختزع واختزل" في باب العين واللام، و "حلتُّه وحلأته" في باب الهمزة والتّاء، و "الجرماق والجلماق" في باب الرّاء واللام، و "هرهرت الشّيء وفرفرته" في باب الفاء والهاء، وهكذا.

وإذا تساوى بابان أو أكثر في الحرف الأوّل قدّمت الأسبق من الحرفين الثّانيين، نحو أبواب:(البّاء والتّاء) و (البّاء والثّاء) و (البّاء

والحاء) و (البّاء والدّال) وهكذا في جميع الأبواب 1، وهي الطّريقة الّتي سار عليها أبو الطّيّب

1 قد يشكل على القارئ أن صاحب الكتاب - فيما ورد فيه ذكر لأسماء الأبواب وهو قليل جداً - قد يقدم في التسمية الحرفَ المتأخّر على الحرف المتقدّم، كما جاء في قول الأزهري فيما نقله عن أبي تراب:((جاء به في باب الظّاء والزّاي)) (التّهذيب 4/461) لم يقل: الزّاي والظّاء و ((قال ابن الفرج في باب الميم والباء)) (التّهذيب 11/244) ولم يقل: الباء والميم.

و ((قد طلبته في باب العين والحاء لأبي تراب

)) (التّهذيب 4/110) لم يقل: الحاء والعين.

ونحو ذلك، فهل عليّ أن التزمَ في هذه الأبواب خاصة بهذا الترتيب بين الحرفين وهذه التسمية، أو لا ألتزم بذلك؟

ولقد رأيت ألا ألتزم بذلك للأسباب التالية:

أولاً: أن الالتزام به يؤدّي إلى خلل كبير في الترتيب الذي وضعته للأبواب.

ثانياً: أن أبا تراب نفسه - فيما نقل عنه - لم يلتزم به في المواد القليلة التي ورد فيها إشارة إلى تسمية الباب، فهو قد يقدم الحرف الأسبق من الحرفين، كما جاء في قول الأزهري مثلاً:((ذكره في باب اعتقاب الباء والذّال)) (التّهذيب (16/210) و ((قال أبو تراب في باب التّاء والميم)) (التّهذيب /259) .

و ((ذكره في باب الجيم والحاء)) (التّهذيب 11/8) .

و ((رواه ابن الفرج..... في باب الصّاد والفاء)) (التّهذيب 15/573) .

و ((نظرت في باب ما تعاقب من حرفي الصاد والطاء)) (التّهذيب 11/295) .

وهكذا، وهو يوافق المنهج الذي وضعته للأبواب في مادة الكتاب المجموعة.

ثالثاً: أنني وجدت الأزهريّ يقول: ((أبو تراب

ومثله مما تعاقب فيه الدّال والباء)) (التهذب 14/70) في حين يقول ابن منظور: ((ومثله مما تعاقب فيه الباء والدال)) فقدم الباء.

رابعاً: أنني تأملت المادة المجموعة كاملة مما نص فيها على الأبواب وهو قليل، ومما لم ينص عليه وهو الكثير، وتأملت الكلمات المتعاقبة وكيفية ترتيبها، فتبين لي أنه ليس ثمة طريقة ثابتة لترتيب الأبواب والمواد ولعلَّ جهد المؤلف رحمه الله كان منصباً على تعاقب الحرفين في الباب فحسب.

ص: 425

اللّغويّ في كتابه "الإبدال" وليس بعيداً أن يكون قد اطّلع على ترتيب أبي تراب وتأثّر به، وقد وجدته ينقل عنه بعض النّصوص، كما تقدّم في الحديث عن أثر أبي تراب في غيره.

ثمّ رتّبتُ المادّة في كلّ باب بحسب أسبق الكلمتين المتعاقبتين في التّرتيب الهجائيّ الأبجديّ سواء كانت الكلمة الأولى أو الثّانية، فمثلاً "داك الرجل المرأة

ص: 426

وباكها" أسبق في الترتيب من "حدجه بالعصا حدجاً، وحبجه بها حبجاً" لأنّ "باكها" هي الأسبق، فقدّم النصّ الأوّل بها.

وبمثل هذا أرجو أن يكون التّرتيب محكماً في الأبواب، وفي الموادّ داخل كل باب، وما من بأس إن كان ثمّة ألفاظ من المادة المجموعة من كتاب الاعتقاب لا يتضح فيها الإبدال أو الاعتقاب بمعناه النّاضج الذي تبلور عند بعض علماء العربية الذين يشترطون فيه حروفاً محددة يسمونها حروف الإبدال، ويشترطون فيه اتحاد الدلالة بين الكلمتين، وهذا أمر مهم نبّهت عليه في الدراسة، وذكرت أن أبا تراب يتّسع في جمع المادة وينزع إلى الاستفاضة في جمع الأشباه والنّظائر، ويستطرد أحياناً.

وثمة مواد قليلة جاء الاعتقاب فيها في ثلاثة أحرف من ثلاث كلمات نحو "جبس وعبس ولبس" و "احتفد واحتمد واحتفل" ولمثل هذا باب خاص، يشار فيه إلى الأحرف الثلاثة المتعاقبة، فيكون النّصّ الأوّل المشار إليه في باب "الجيم والعين واللام" ويكون الثّاني في باب:"الدّال واللام والميم".

وربّما جاء الاعتقاب في حروف مختلفة في كلمتين أو ثلاثة، مثل "مرط فلان فلاناً وهرده" فالاعتقاب بين أربعة أحرف في كلمتين الميم والهاء من ناحية والطّاء والدّال من ناحية أخرى.

ونحو "بَضَّعَهُ وكَنَّعَهُ وكَوَّعَهُ" وهذا تعاقب بين حروف مختلفة في ثلاث كلمات، وهو ضرب من الاتّساع في مفهوم الإبدال أو الاعتقاب عند أبي تراب.

وجعلت لهذا النّوع باباً يلمّ شتاته سمّيته "باب الاعتقاب في حروف مختلفة" جاء في نهاية الأبواب الهجائيّة قبل الباب الأخير الّذي جعلته لما روى عن أبي تراب، ممّا لا يدخل في شيء من الأبواب السّابقة؛ لأنّ ما فيه ليس من الاعتقاب إنّما هو من الفوائد اللّغوية المتفرّقة، واللّغات، وأقوال العلماء أو

ص: 427