الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الأول معرفة الله الخالق العظيم]
[البراهين الدالة على وجوده]
الفصل الأول
معرفة الله (1) الخالق العظيم اعلم - أيها الإنسان العاقل - أن ربك الذي خلقك من العدم ورباك بالنعم هو (الله) رب العالمين، والعقلاء المؤمنون بالله - تعالى - (2) لم يروه بأعينهم، ولكنهم رأوا البراهين الدالة على وجوده، وعلى أنه الخالق المدبر لجميع الكائنات فعرفوه بها، ومن هذه البراهين:
البرهان الأول: الكون والإنسان والحياة: فهي أشياء حادثة لها بداية ونهاية، ومحتاجة إلى غيرها، والحادث والمحتاج إلى غيره لا بد أنه مخلوق، والمخلوق لا بد له من خالق، وهذا الخالق
(1)" الله " اسم خاص بإله الكون والناس، وكل شيء، وهذا الاسم علم عليه سمى به نفسه المقدسة ومعناه:" الإله الحق ".
(2)
تعالى: كلمة تعظيم وثناء على الله، ووصف له بالعلو والتنزه، وكلمة: سبحانه: أي تقدس الله وتنزه.
العظيم هو (الله) ؛ والله هو الذي أخبر عن نفسه المقدسة، بأنه الخالق المدبر لجميع الكائنات، وهذا الإخبار جاء من الله - تعالى - في كتبه التي أنزلها على رسله.
وقد بلّغ رسل الله كلامه للناس، ودعوهم إلى الإيمان به، وعبادته وحده، قال الله - تعالى - في كتابه القرآن العظيم:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]
المعنى الإجمالي للآية الكريمة: يخبر الله - تعالى - الناس جميعا أنه ربهم الذي خلقهم، وخلق السماوات والأرض في ستة أيام (1) ويخبر أنه مستوٍ (2) على عرشه، والعرش فوق
(1) هذا التدرج في الخلق لحكمة أرادها الله - سبحانه - وإلا فهو قادر على خلق الخلق كلهم في أسرع من لمح البصر، لأنه أخبر أنه إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون.
(2)
استوى على الشيء في لغة العرب التي هي لغة القرآن معناه: علا عليه وارتفع، واستواء الله على عرشه هو علوه عليه علوًّا يليق بجلاله لا يعلم كيفيته إلا هو، وليس معنى: استوى: استولى على الملك كما يزعمه الضلال الذين ينكرون حقيقة صفات الله التي وصف بها نفسه، ووصفه بها رسله، زاعمين أنهم إذا أثبتوا صفات الله على حقيقتها شبهوا الله بخلقه، وهذا زعم فاسد؛ لأن التشبيه هو أن يقال فيها: هي شبه كذا أو مثل كذا من صفات المخلوق، أما إثباتها على الوجه اللائق بالله بدون تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تأويل فهو طريقة الرسل التي سار عليها السلف الصالح، وهي الحق الذي يجب على المؤمن أن يتمسك به وإن تركه أكثر الناس.
السماوات، وهو أعلى المخلوقات وأوسعها، والله فوق هذا العرش، وهو مع جميع المخلوقات بعلمه وسمعه ورؤيته، لا يخفى عليه شيء من أمرهم، ويخبر الله - جل شأنه - أنه جعل الليل يُغطي النهار بظلامه، ويتبعه مسرعا، ويخبر أنه خلق الشمس والقمر والنجوم، وجعلها جميعا مُذلّلة تسير في أفلاكها بأمره، ويخبر أن له وحده الخلق والأمر، وأنه العظيم الكامل في ذاته وصفاته، الذي يُعطي الخير الكثير الدائم، وأنه رب العالمين الذي خلقهم، وربَّاهم بالنعم.
وقال الله - تعالى -: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37]
المعنى الإجمالي للآية الكريمة: يخبر الله تعالى - أن من آياته الدالة عليه: الليل والنهار والشمس والقمر، وينهى عن السجود للشمس والقمر؛ لأنهما مخلوقان كغيرهما من المخلوقات، والمخلوق لا يصح أن يُعبد، والسجود نوع من العبادة، ويأمر الله الناس في هذه الآية - كما يأمرهم في غيرها - أن يسجدوا له وحده؛ لأنه هو الخالق المدبر المستحق للعبادة.
البرهان الثاني: أنه خلق الذكر والأنثى: فوجود الإناث والذكور دليل على الله.
البرهان الثالث: اختلاف الألسن والألوان: فلا يوجد اثنان صوتهما واحد، أو لونهما واحد، بل لا بد من فرق بينهما.
البرهان الرابع: اختلاف الحظوظ: فهذا غني، وهذا فقير، وهذا رئيس، وهذا مرؤوس، في حين أن كلا منهم صاحب عقل وفكر وعلم، وحرص على ما لم يتحصل عليه من الغنى والشرف
والزوجة الحسناء، ولكن لا يقدر أحد أن ينال سوى الذي قدره الله له؛ وذلك لحكمة عظيمة، أرادها الله - سبحانه - وهي اختبار الناس بعضهم ببعض، وخدمة بعضهم البعض الآخر، حتى لا تضيع مصالحهم جميعا.
والذي لم يقدّر الله له حظًّا في الدنيا، أخبر الله - تعالى - أنه يدخر له حظه زيادة في نعيمه في الجنة إذا مات على الإيمان بالله، مع أن الله منح الفقير مزايا يتمتع بها نفسيًّا وصحيًّا في الغالب لا توجد عند كثير من الأغنياء، وهذا من حكمة الله وعدله.
البرهان الخامس: النوم والرؤيا الصادقة التي يُطْلع الله - سبحانه - فيها النائم على شيء من الغيب بشارةً أو إنذارا.
البرهان السادس: الروح: التي لا يعرف حقيقتها إلا الله وحده.
البرهان السابع: الإنسان: وما في جسمه من الحواس، والجهاز العصبي، والمخ، والجهاز الهضمي، وغير ذلك.