الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي تكتسب منها لنفسها أو لتساعد زوجها بكسبها، ولكن ذلك مشروط بأن يكون العمل الذي تقوم به بعيدا عن الرجال بحيث لا تختلط بهم، وذلك كأن يكون في بيتها أو في مزرعتها هي أو مزرعة زوجها أو أهلها، أما العمل الذي يعرضها للاختلاط بالرجال في المصنع أو المكتب أو المتجر أو نحو ذلك فإن هذا لا يجوز للمرأة، ولا يجوز لزوجها، ولا لوالديها وأقاربها السماح لها لو رضيته لنفسها، لما في ذلك من تعريضها وتعريض المجتمع للفساد، فالمرأة ما دامت محفوظة مصونة في بيتها غير معرضة للرجال في أمان لا تمتد إليها الأيدي الآثمة، ولا تنظر إليها الأعين الخائنة، أما إذا خرجت بين الناس فإنها حينئذ قد ضاعت، وصارت كالشاة بين الذئاب، لا تلبث وقتا قصيرا إلا وقد مزق أولئك الأشرار شرفها وكرامتها.
[مفاسد الإلزام بالاقتصار على زوجة واحدة]
وإذا لم يكتف الزوج بالزوجة الواحدة فقد أباح الله له التعدد إلى أربع فقط، على شرط العدل بينهن فيما يقدر عليه من المسكن والنفقة والمبيت، أما محبة القلب فليس العدل فيها شرطا؛ لأنها أمر لا يملكه الإنسان ولا يلام عليه،
والعدل الذي نفى الله استطاعته بقوله سبحانه: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129] هو المحبة وما يلحق بها، فهذا عدل لم يجعل الله - سبحانه - عدم تحققه مانعا من التعدد؛ لأنه غير مستطاع، وقد شرع الله التعدد لرسله ولمن يعدل العدل المستطاع؛ لأنه - سبحانه - أعلم بما يصلحهم فهو خير للرجال والنساء.
وذلك لأن الرجل السليم لديه استعداد في الناحية الجنسية يستطيع بسببه أن يسد الحاجة الجنسية لدى أربع نسوة وأن يعفهن، فإذا قُصر على امرأة واحدة كما هي الحال عند النصارى (1) وغيرهم، وكما ينادي بذلك أدعياء الإسلام إذا قُصر على واحدة حصلت المفاسد الآتية:
الأولى: إن كان مؤمنا مطيعا لله يخاف الله فإنه قد يعيش حياته يشعر بشيء من الحرمان، وكبت حاجة النفس الحلال؛ لأن الواحدة يمنع الحمل في الأشهر الأخيرة والنفاس والحيض والمرض زوجها من التمتع بها، فيعيش بعض حياته
(1) نبي الله عيسى عليه السلام لم يحرم التعدد، وإنما الذي منعه النصارى اتباعا لأهوائهم.
كأنه بدون زوجة، هذا إذا كانت تعجبه ويحبها وتحبه، أما إذا كانت لا تعجبه فالأمر أضر من ذلك.
الثانية: وإن كان الزوج عاصيا لله خائنا فإنه يرتكب فاحشة الزنا، وينصرف عن زوجته، وكثير ممن لا يرى التعدد يرتكب جرائم الزنا والخيانة في تعدد غير محدود، وأعظم من هذا أنه محكوم بكفره إذا كان يحارب التعدد المشروع، ويعيبه وهو يعلم أن الله أباحه.
الثالثة: أن كثيرا من النساء يحرمن من الزواج والذرية إذا منع التعدد، فتعيش الصالحة العفيفة منهن أيِّما مسكينة محرومة، وتعيش الأخرى فاجرة عاهرة يتلاعب المجرمون بعرضها.
ومن المعلوم أن النساء أكثر من الرجال بسبب تعرض الرجال للموت بصفة أكثر بسبب الحروب والأعمال الخطرة التي يقومون بها، كما أنه من المعلوم أن المرأة مستعدة للزواج منذ البلوغ، أما الرجال فليسوا كلهم مستعدين؛ لأن كثيرا منهم لا يستطيع الزواج لعجزه عن المهر، وعن تكاليف الحياة الزوجية إلخ، وبهذا يعلم أن الإسلام أنصف المرأة ورحمها، أما الذين يحاربون التعدد المشروع فإنهم أعداء
للمرأة وللفضيلة وللأنبياء، فالتعدد سنّة أنبياء الله، عليهم الصلاة والسلام، إذ إنهم يتزوجون النساء، ويجمعون بينهن في حدود ما شرع الله لهم.
وأما الغيرة والحزن الذي تحس به الزوجة حينما يأخذ زوجها الأخرى فهو أمر عاطفي، والعاطفة لا يصح أن تقدم في أي أمر من الأمور على الشرع، ويمكن للمرأة أن تشترط لنفسها قبل عقد الزواج أن لا يتزوج عليها زوجها، فإذا قبل لزمه الشرط، وإذا قرر الزواج عليها فلها الخيار في البقاء أو الفسخ، ولا يأخذ شيئا مما أعطاها.
وشرع الله الطلاق، وبوجه أخص في حال الخلاف والشقاق بين الزوجين، وفي حال عدم محبة أحد الزوجين للآخر، لكي لا يعيشا في شقاء وخلاف، ولكي يجد كل منهما زوجا يرضاه يسعد به بقية حياته وفي آخرته (1) إذا مات كل منهما على الإسلام.
(1) النساء المسلمات الصالحات إذا أدخلهن الله الجنة بعد البعث والحساب، يخيرهن في أهل الجنة من الرجال المسلمين، فيتزوجن من يرضينه، والزوجة المسلمة إذا ماتت وقد تزوجت أكثر من مرة تختار أحب أزواجها إليها في الدنيا إذا كان من أهل الجنة.