الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأخيه ما يحب لنفسه» ، رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم في خطبه العظيمة التي ألقاها في آخر حياته في حجة الوداع، مؤكدا بها ما أمر به من قبل:«يا أيها الناس إن ربكم واحد، وأباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: أبلغ رسول الله» ، وقال - أيضا -:«إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، وفي بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، فرفع أصبعه إلى السماء، وقال: اللهم اشهد» (1) .
[سادسا في السياسة الداخلية]
سادسا: في السياسة الداخلية أمر الله المسلمين أن يُولّوا على أنفسهم إماما يُبايعونه بالإمارة، وأمرهم أن يجتمعوا ولا يتفرقوا فيكونوا أمة واحدة، وأمرهم الله بطاعة إمامهم وأمرائهم إلا إذا أمروا بمعصية الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأمر الله المسلم - إذا كان في بلد لا يقدر فيها على إظهار دين الإسلام والدعوة إليه - أمره أن يهاجر منها إلى بلاد
(1) وهي خطب عظيمة جامعة متفرقة في كتب الحديث النبوي.
الإسلام، وهي التي يحكم فيها في جميع الأمور بالشريعة الإسلامية، ويحكمها إمام مسلم بما أنزل الله.
فالإسلام لا يعترف بالحدود الإقليمية والجنسيات القومية أو الشعوبية، وإنما جنسية المسلم هي الإسلام، والعباد عباد الله، والأرض أرض الله، يتنقل فيها المسلم بدون معارض، شريطة أن يلتزم شريعة الله، وإذا خالفها في شيء يجري عليه حكم الله، وفي العمل بشريعة الله، وإقامة حدوده استتباب الأمن واستقامة الناس، وحقن دمائهم وسلامة أعراضهم وأموالهم، والخير كله، كما أن في العدول عنها الشر كله.
وحمى الله - تعالى - العقول: بتحريم المسكرات والمخدرات والمفترات، وجعل حدًّا لشارب المسكر، وهو الجلد من 40 - 80 جلدة كلما فعل ذلك ردعا له وصيانة لعقله، وحماية للناس من شره.
وحمى دماء المسلمين: بالقصاص من المعتدي بغير حق، فيقتل القاتل، وشرع في الجروح القصاص، كما شرع للمسلم الدفاع عن نفسه وعرضه وماله، قال الله - تعالى -:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]
[سورة البقرة، الآية: 197]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قُتل دون نفسه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد» .
وحمى الله أعراض المسلمين: بما شرعه من تحريم التكلم في غيبة المسلم بكلام يكرهه إلا بحق، وبما شرع من حدّ القاذف الذي يرمي المسلم بالجريمة الخلقية مثل الزنى واللواط دون أن يثبت ذلك إثباتا شرعيًّا.
وحمى الله الأنساب من الاختلاط غير المشروع، وحمى الأعراض أن تدنس بالجريمة الخلقية بتحريم الزنا تحريما كبيرا واعتباره من أكبر الكبائر: وجعل عقوبة رادعة على فاعله إذا توافرت شروط إقامة حد الزنى عليه.
وحمى الله الأموال: بتحريم السرقة والغش والقمار والرشوة وغير ذلك من المكاسب المحرمة، وبما شرعه من عقوبة السارق وقاطع الطريق العقوبة الرادعة، وهي القطع إذا توافرت شروطه أو عقابه بما يردعه إذا لم تتوافر الشروط مع ثبوت السرقة.
والذي شرع هذه الحدود هو الله العليم الحكيم، وهو