الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
179 - بَابُ الِاسْتِيَاكِ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ
1171 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي- أَوْ: عَلَى النَّاسِ (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) -، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ (عِنْدَ) كُلِّ صَلاةٍ)).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م) دون الروايتين فلمسلم.
[الفوائد]:
قال ابن رجب: "في الحديث دليلٌ على استحباب السِّواك مع كل صلاة، فدخل في ذلك صلاةُ الجمعة وغيرها. والسِّواك مع الصلاة نوعان: أحدهما: السواك مع الوضوء للصلاة، والثاني: السواك للصلاة عند القيام إليها"(فتح الباري 8/ 123).
وقال ابن دقيقِ العيدِ: "الحديث بعمومه يدلُّ على استحباب السِّواك لكل صلاة، فيدخلُ فيه استحبابُ ذلك في الصلاتين الواقعتين بعد الزوال للصائم، ويَستدل به مَن يرى ذلك، ومَن يخالف في ذلك يحتاجُ إلى دليل خاصٍّ بهذا الوقت، يخصُّ به ذلك العموم، وهو حديث الخُلُوف
(1)
، وفيه
(1)
يعني حديثَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ» متفق عليه من حديث أبي هريرة، وسيأتي تخريجُه - إن شاء الله تعالى - برواياته في "موسوعة الصيام".
بحثٌ" (إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 1/ 48).
[التخريج]:
[خ 887 "واللفظ له"، 7240 مختصرًا / م 252 "والروايتان له ولغيره" / د 46 "والزيادة له ولغيره" / ت 22 / ن 7، 544 / كن 6، 3219، 3220، 3221، 3225، 3227، 3229، 3231 / جه 289 / طا 170 "مختصرًا" / حم 607، 967، 7339، 7342، 7853، 7854، 9179، 9180، 9549، 10618، 10868 / مي 701، 1509/ خز 149/ حب 1063/ عه 546، 547/ عل 6270، 6343 / بز 8070، 8422 / حمد 995 / طس 7424 / شف 55 / حرملة (هقع 571) / تخ (6/ 462) / علت 13 / منذ 1030 / جع 166 / زمب 1231 / طوسي 22، 151 / سراج 589، 1134 / سرج 596، 597، 1922، 1999 - 2004، 2295 / طح (1/ 43 - 44/ 231 - 238) / تمام 662، 907 / مسن 588 / عد (4/ 358)، (7/ 391) / حل (8/ 386) / نز 45، 46، 47/ هق 147، 151، 152، 153، 157، 158 / هقغ 75 / هقع 570، 571 / شعب 2515، 2517 / هقش (ص 115، 116) / محلى (2/ 219) / بغ 197 / خط (10/ 473) / مخلص 1345 / زهر 649 / مطغ 518 / تمهيد (7/ 196)، (7/ 199)، (18/ 300) / كر (32/ 247)، (55/ 60 - 61) / نبلا (15/ 581) / معكر 1525 / تذ (3/ 72) / جهمي 131، 132 / خلع 1132 / حداد 234 / طاهر (تصوف 54) / طهارة (منده- إمام 1/ 357 - 358) / نعيم (سواك- إمام 1/ 358 - 359) / خبر (1/ 39)].
[السند]:
قال البخاري (887): حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك،
عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به.
الأعرج هو: عبد الرحمن بن هُرْمُزَ، وأبو الزِّناد هو: عبد الله بن ذَكْوانَ، ومالك هو: ابن أنس إمامُ دار الهجرة.
وعبد الله بن يوسفَ هو التِّنِّيسيُّ، "ثقة متقنٌ من رجال البخاري"(التقريب 3721).
وأخرجه البخاري (7240) قال: حدثنا يحيى بن بُكَيْر، حدثنا اللَّيْث، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن، سمِعتُ أبا هريرةَ، به.
وأخرجه مسلم (252) قال: حدثنا قُتَيْبة بن سعيد، وعَمرٌو الناقِدُ، وزُهَير بن حَرْب، قالوا: حدثنا سُفيان، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه ابن مَنْدَه من طريق مالكٍ وسُفيانَ، وقال:"هذا حديث مجمَعٌ على صحته"(الإمام لابن دقيق 1/ 357).
[تنبيه]:
ورد في بعض المصادر زيادةٌ في تأخير العشاء، وفي بعضها زيادةٌ في نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا، وهاتان الزيادتان لا تعلُّقَ لهما ببابنا؛ ولذا أرجأنا الكلامَ عليهما هنا، على أن يأتي الكلامُ عليهما- إن شاء الله تعالى- في "موسوعة الصلاة"، و"موسوعة التوحيد".
ونقتصر هنا على ذكر الروايات التي تتعلق ببابنا، كما في الروايات الآتية:
* * *
رِوَايَة: ((مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ (عِنْدَ) 1 كُلِّ وُضُوءٍ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2 بِلَفْظ: (( .. لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ
…
)).
[الحكم]:
صحيح، وصحَّحه: ابن خُزَيمة، والحاكمُ، والنَّوَوي، وابن المُلَقِّن، والسُّيوطي، والألباني. وعلَّقه البخاري بصيغة الجَزْم.
[فائدة]:
قال الحافظ ابن رجب: "فيه دليل على أن السِّواك ليس بفرض كالوُضوء للصلاة، وبذلك قال جمهورُ العلماء، خلافًا لمَن شذَّ منهم مِن الظاهرية"(فتح الباري له 8/ 122).
[التخريج]:
[خ معلقًا تحت باب: "سواك الرَّطْب واليابس للصائم" / كن 3217 "والرواية الثانية له ولغيره"، 3218 "والرواية الأولى له ولغيره"، 3222، 3223، 3228 / حم 7412، 9194، 9591، 9928 "واللفظ له"، 10696 / خز 150 / حب 1527، 1536/ ك 523 / عب 2124 / ش 1798 / أم 64 "والزيادة له" / جا 63 / منذ 334 / زهر 303 / مب 63 / طح (1/ 43/ 234) / نز 38، 39، 42، 43 / هق 148، 149، 150، 151 / شعب 2514، 2516 / هقع 572، 577، 578 / هقغ 77 / هقش (ص 111، 113 - 115) / عق (2/ 326) / علقط (5/ 234) / معر 2108 / تمهيد (7/ 196، 197) / مطغ 153 / سلمي (طبقات ص 378) / شيو 438، 640 / ميمي 226 / ذهبي (1/ 389) /
تذ (1/ 246) / نبلا (9/ 418) / غلق (3/ 160 - 161) / خبر (1/ 40) / أحاديث مالك التي ليست في الموطأ للدارقطني (إمام 1/ 355) / كجي (إمام 1/ 356) / نعيم (سواك- إمام 1/ 358) / إمام (1/ 354 - 355)].
[التحقيق]:
رُوي الحديثُ بهذا اللفظ من عدة طرق عن أبي هريرة:
الطريق الأول: عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (9928)، قال: قرأتُ على عبد الرحمن: مالك، عن ابن شِهاب، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه النَّسائي في (الكبرى 3043)، وابن خُزَيمة في (الصحيح 150)، والطَّحاوي في (شرح معاني الآثار 234)، وغيرُهم، من طرق، عن مالك، عن ابن شِهاب، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ولهذا علَّقه البخاري بهذا اللفظ في "صحيحه" بصيغة الجَزْم، وصحَّحه ابن خُزَيمة، والألباني في (الإرواء 1/ 108 - 111).
قلنا: وهذا الحديث مما اختُلِف فيه على مالكٍ في رفْعه ووقْفِه.
- فرواه مرفوعًا كلٌّ من:
1 -
عبد الرحمن بن مَهْدي، عند أحمدَ في (مسنده 9928)، ومِن طريقه البَيْهَقيُّ في (بيان خطأ مَن أخطأ على الشافعي ص 114).
2 -
الشافعي، كما في سنن حَرْمَلةَ، حكاه البَيْهَقي في (السنن الكبير
147)، وفي (المعرفة 572)، وفي (بيان خطأ مَن أخطأ على الشافعي ص 108)، وعلَّقه ابن خُزَيمة في (صحيحه عقب 150).
3 -
عبد الله بن مَسْلَمةَ القَعْنَبي، عند البَيْهَقي في (معرفة السنن والآثار 572).
4 -
رَوْح بن عُبادةَ، عند أحمدَ في (مسنده 10696)، وابنِ خُزَيمةَ في (صحيحه 150)، وغيرِهما.
5 -
بِشر بن عُمر، عند النَّسائي في (الكبرى 3228)، وابنِ الجارُود في (المنتقى 63)، والبَيْهَقي في (الشُّعَب 2514)، وفي (بيان خطأ مَن أخطأ على الشافعي ص 113)، وغيرِهم.
6 -
إسماعيل بن أبي أُوَيْس، عند البَيْهَقي في (السنن الكبرى 148)، وفي (بيان خطأ مَن أخطأ على الشافعي ص 115).
7 -
ويحيى بن بُكَيْر، عند البَيْهَقي في (بيان خطأ مَن أخطأ على الشافعي ص 107).
8، 9 - أبو قُرَّة موسى بن طارق الزَّبيدي، وعبد الله بن نافع، عند البَيْهَقي في (بيان خطأ من أخطأ على الشافعي ص 116).
10، 11 - يحيى بن صالح، وعُبَيد بن حَيَّانَ، بلفظ:((مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ))، عند البَيْهَقي في (بيان خطأ من أخطأ على الشافعي ص 117).
كلُّهم: عن مالك بن أنس، عن الزُّهْري، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، به، مرفوعًا.
ورواه مرفوعًا أيضًا: مَعْن بن عيسى، وأيوب بن صالح، وحوثرة،
ومُطَرِّف بن عبد الله اليَساري الأصَمُّ، وابن القاسم، وسعيد بن عُفَير، عن مالك، به، كما أشار إلى ذلك ابن عبد البر في (التمهيد 7/ 194).
ورواه موقوفًا كلٌّ مِن:
1 -
يحيى بن يحيى اللَّيْثي، كما في (الموطأ 171)،
2 -
أبو مصعب الزُّبَيرى في (الموطأ بروايته 454).
3 -
القَعْنَبي، عند البَيْهَقي في (بيان خطأ من أخطأ على الشافعي ص 113)، كما ذكره البَيْهَقي، فقال:"ورواه أبو عبد الله الصَّفَّار، عن إسماعيلَ موقوفًا، وهو المحفوظ عن القَعْنَبيِّ موقوفٌ"(معرفة السنن والآثار 573).
4 -
عبد الله بن وَهْب، كما ذكره ابن عبد البر (التمهيد 7/ 194).
أربعتُهم: عن مالك بن أنس، عن الزُّهْري، عن حُمَيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، به موقوفًا.
ولذا قال البَيْهَقي: "هذا حديث رواه مالك خارج الموطأ مرفوعًا، ورواه في الموطأ موقوفًا، والحديث في الأصل مرفوعٌ في غير هذا الموضع"(شُعَب الإيمان عقب رقم 2514).
وقال ابن عبد البر: "هذا الحديث يدخل في المسنَد؛ لاتصاله من غير ما وجه؛ ولِمَا يدلُّ عليه اللفظُ، وبهذا اللفظ رواه أكثرُ الرواة عن مالك"(التمهيد 7/ 194).
قلنا: وهذا الاختلاف مما لا يضرُّ الحديثَ؛ فإن من عادة الإمام مالكٍ- رحمه الله أنه إذا شكَّ في الحديث وقفه؛ قال الشافعي: "الناس إذا شكُّوا في الحديث ارتفعوا، وكان مالكٌ إذا شكَّ في الحديث انخفض"، أسنده
البَيْهَقي في (بيان خطأ من أخطأ على الشافعي ص 110) بإسناد صحيح إليه.
قال الزَّرْكَشي: "يعني: إذا حصَل عنده أدنى شكٍّ في الرفع أو في الإسناد أو الوصْل، وقفَ وأرسل وقطع؛ أخْذًا بالتحَرِّي"(النكت على ابن الصلاح 2/ 59).
ولذا قال ابن خُزَيمة: "يُشْبِه أن يكون مالكٌ قد كان حدَّث به مرفوعًا، ثم شكَّ في رفْعِه فوقفَه"(البدر المنير 1/ 700).
الطريق الثاني: عن الأعرج، عن أبي هريرة:
أخرجه الشافعي في (الأم 64) - ومن طريقه البَيْهَقي في (الصغرى 77) - قال: أخبرنا سُفيان بن عُيَيْنة، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، به.
وأخرجه أحمد (9194)، والبَيْهَقي في (الشُّعَب 2516)، من طريقين عن اللَّيْث بن سعد، عن خالد بن يزيدَ الجُمَحي، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، به. وزاد في آخره:
…
وقال أبو هريرة: "لَقَدْ كُنْتُ أَسْتَنُّ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ، وَبَعْدَ مَا أَسْتَيْقِظُ، وَقَبْلَ مَا آكُلُ، وَبَعْدَ مَا آكُلُ؛ حِينَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا قَالَ". واللفظ لأحمد.
وهذان إسنادان صحيحان، رجالهما كلُّهم ثقاتٌ رجالُ الشيخين.
وقال الهَيْثمي والألباني: "رواه أحمد، ورجالُه ثقات"(المجمع 1119)، (الإرواء 1/ 110).
قلنا: والحديث مَرْويٌّ في الصحيحين من طريق الأعرج عن أبي هريرة بلفظ: ((السِّوَاك عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ))، وكلا اللفظين محفوظٌ عن أبي هريرة، والله أعلم.
الطريق الثالث: عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (7412، 9591) عن يحيى القَطَّان، عن عُبيد الله بن عُمر، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه عبد الله بن المبارَك في (المسند 63) - ومن طريقه النَّسائي في (الكبرى 3218) -، وابنُ حِبَّان (1527)، وغيرُهم، من طريق عُبيد الله بن عُمر، به.
وهذا إسناد صحيحٌ على شرط الشيخين، وصحَّحه ابن حِبَّان في (صحيحه 1527)، وابنُ المُلَقِّن في (البدر 1/ 716)، والألبانيُّ في (المشكاة 390).
* وأخرجه (النَّسائي 3217) قال: أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا أبو النُّعْمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عبد الرحمن السَّرَّاج، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، به، بلفظ:((لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ)).
ورواه الحاكم في (المستدرك 523) - وعنه البَيْهَقي في (الكبرى 150) -: من طريق إسماعيلَ بن إسحاقَ القاضي، عن أبي النُّعْمان، به.
ورواه البَيْهَقي في (الكبرى 150): من طريق عبد الله بن عبد الوهاب الحَجَبي، عن حمَّاد بن زيد، به.
وهذا إسناد صحيحٌ، رجاله كلُّهم ثقات.
ولذا صحَّحه الحاكم، فقال - عَقِبه-:"ولم يُخَرِّجا لفظَ الفَرْضِ فيه، وهو صحيحٌ على شرطهما جميعًا، وليس له علةٌ".
قلنا: وكذا لم يخرِّجا لفظَ الوُضوء، إنما أخرجاه بلفظ (الصَّلَاة).
وقال النَّوَوي: "وهو حديث صحيحٌ، رواه ابن خُزَيمةَ والحاكمُ في صحيحهما،
وصحَّحاه، وأسانيدُه جيدة، وذكره البخاري في صحيحه في كتاب الصيام تعليقًا بصيغة جَزْمٍ" (المجموع شرح المهذب 1/ 273).
وقال ابن المُلَقِّن: "هذا الحديث صحيحٌ"(البدر المنير 1/ 716).
ورمز السُّيوطي له بالصحة في (الجامع الصغير 7511).
وصحَّحه الألباني في (الصحيحة 3067).
هذا، وقد رواه بَقِيَّة، عن عُبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، نحوَه. أخرجه النَّسائي في (الكبرى 3223)، عن عَمرو بن عثمان، عن بَقِيَّة، به. ثم قال:"هذا خطأٌ".
وهو كما قال؛ فقد خالف بَقِيَّةَ في إسناده الثقاتُ الحفاظُ من أصحاب عُبيد الله بن عُمر، كـ (يحيى القَطَّان، وابنِ نُمَير، وأبي أُسامة، وحمَّاد بن سلَمة، وعَبْدةَ بن سُلَيمان، وابنِ المبارَك، وحمَّاد بن زيد، وغيرِهم)؛ حيث رَوَوْه عن عُبيد الله، عن سعيدٍ المَقْبُري، عن أبي هريرة، بدون ذكر أبيه كما في الروايات السابقة.
ولهذا ذكره الدارَقُطْني في (الأفراد)، وقال:"تفرَّد به بَقِيَّةُ، عن عُبيد الله، عن المَقْبُري، عن أبيه"(أطراف الغرائب والأفراد 5552).
* * *
رِوَايَة: ((مَعَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ)):
•وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ وَقْتَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
غير محفوظ بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[نعيم (سواك- إمام 1/ 359)]
[السند]:
رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 359) -: عن محمد بن المُظَفَّر، عن أبي محمد سفيانَ بن هارونَ القاضي، عن محمد بن يحيى بن غَيْلان، عن عَمرو بن جَرير، عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلَمةَ، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ليِّنٌ؛ فيه سفيانُ بن هارونَ أبو محمد القاضي؛ ترجم له الخطيب في (تاريخ بغداد 10/ 259)، والذهبي في (تاريخ الإسلام 7/ 253)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وشيخُه محمد بن يحيى بن غَيْلان، وشيخُه عَمرو بن جَرير، لم نعرفهما. ونخشى أن يكون في السند تحريفٌ أو تصحيف، والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: ((عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ، وَمَعَ الْوُضُوءِ بِسِوَاكٍ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى النَّاسِ، لَأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ، وَمَعَ الْوُضُوءِ بِسِوَاكٍ)).
[الحكم]:
منكَر بهذا السياق.
[التخريج]:
[كن 3224 "واللفظ له" / حم 7513 / طي 2448 / مستغفط (ق 16)].
[التحقيق]:
هذا الحديث يُروَى بهذا اللفظ من طريقين عن أبي هريرة:
الأول:
أخرجه أحمد (7513)، قال: حدثنا أبو عُبَيدة الحَدَّاد- كوفيٌّ ثقة-، عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلَمةَ، عن أبي هريرة، به مرفوعًا، بلفظ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ - أَوْ: مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ بِسِوَاكٍ-، وَلَأَخَّرْتُ عِشَاءَ الْآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ)).
وهذا إسناد ظاهرُه الحُسْن، ومشَى مع ظاهره المُنْذريُّ في (الترغيب 1/ 98)، والسُّيوطي في (الدر 1/ 588)، والألباني في (صحيح أبي داود 1/ 81) وفي (الثمر المستطاب 1/ 9)، فحَسَّنوه.
وصحَّحه مَجْدُ الدِّين ابنُ تيميَّةَ في (المنتقى 250)، وابنُ المُلَقِّن في (البدر المنير 1/ 699)، ورمز لصحته السُّيوطي في (الجامع الصغير 7509)، - وأقرَّه المُناوي في (التيسير 2/ 314) - وشمسُ الدِّين السَّفِيري في (المجالس الوعظية
2/ 232)! ! .
وقد فاتهم أن أبا عُبَيدة قد خُولِف في متنه مِن جُلِّ أصحاب محمد بن عَمرو؛ فقد رواه:
1 -
يحيى القَطَّان، عند أحمدَ (9549).
2 -
وزائِدةُ، عند أحمدَ أيضًا (9179).
3 -
وعَبْدة بن سُلَيمان، عند التِّرْمذي (22).
4 -
وإسماعيلُ بن جعفر، كما في (حديث عليِّ بن حُجْر عنه 166)، وعنه النَّسائي في (الكبرى 3227).
كلُّهم: عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلَمةَ، عن أبي هريرة، بلفظ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
ولا ريب أن هذا السياق هو المحفوظُ في هذا الحديث؛ لاتفاق هؤلاء الثقاتِ الأثبات على روايته هكذا.
وعليه؛ فروايةُ أبي عُبيدةَ الحَدَّادِ شاذَّةٌ، ويؤكِّد ذلك أنه شكَّ في متْنِه، والله أعلم.
الطريق الثاني:
رواه النَّسائي في (الكبرى 3224)، قال: أخبرنا قُتَيْبة بن سعيد، قال: حدثنا اللَّيْث، عن أبي مَعْشَر، عن سعيد المَقْبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.
ورواه المُسْتَغْفري في (الطب النبوي ق 16): من طريق أبي مَعْشَر، به.
ورواه الطَّيالسي في (المسند 2448): عن أبي مَعْشَر، عن سعيد المَقْبُري،
عن أبي هريرة، ليس فيه ذِكر أبيه.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه أبو مَعْشَر وهو نَجيح بن عبد الرحمن السِّنْدي، مشهور بكنيته؛ قال أحمد:"لا يُقيم الإسنادَ"(الكاشف 5802)، وقال ابن حَجَر:"ضعيف، أسنَّ واختلط"(التقريب 7100).
قلنا: ومما يدلُّ على أنه لا يقيم الإسنادَ؛
أنه رواه مرةً عن سعيد المَقْبُريِّ عن أبيه عن أبي هريرة، كما في رواية النَّسائيِّ والمُسْتَغْفري،
ومرةً أخرى عن سعيد المَقْبُري عن أبي هريرة، كما في رواية الطَّيالسي.
وقد انفرد عن المَقْبُري بالجمع في الحديث بين الوُضوء لكل صلاةٍ والسِّواكِ لكل وُضوء، وقد رواه عن المَقْبُري عُبيدُ الله العُمَري الثقة الثبْتُ، وغيرُ واحد، مقتصرين على ذِكر السِّواك عند كل صلاة، وفي رواية:((عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ)).
وقد أشار الألباني إلى ضعْف هذا اللفظ الذي ذكره أبو مَعْشَر، فقال:"وجمَعَ بين اللفظين أبو مَعْشَر عن سعيد به، فقال: ((عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَمَعَ كُلِّ وُضُوءٍ)). أخرجه الطَّيالسي، لكنَّ أبا مَعْشَر- واسمُه نَجيح- سيِّئُ الحفظ"(الإرواء 1/ 109، 110).
* * *
رِوَايَة: ((عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وُضُوءًا، وَمَعَ كُلِّ صَلَاةٍ سِوَاكًا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ: عَلَى النَّاسِ، لَأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وُضُوءًا، وَمَعَ كُلِّ صَلَاةٍ سِوَاكًا، وَلَأَخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)).
[الحكم]:
منكر بهذا السياق.
[التخريج]:
[نعيم (سواك- إمام 1/ 359)، (بدر 1/ 717)]
[السند]:
رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 359) -: من حديث أبي الرَّبيع، قال: حدثنا أبو مَعْشَر، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيفٌ كسابقه؛ لأجل أبي مَعْشَر، وقد تقدَّم الكلامُ عليه.
* * *
رِوَايَة: ((لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)):
◼ وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
إسناده تالفٌ بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[نعيم (سواك- إمام 1/ 360)]
[السند]:
رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 360) -: عن أحمد بن عُبيد الله بن محمود، عن عبد الله بن وَهْب، عن إبراهيمَ بن عبد الله بن خالدٍ الأَصَمِّ، عن خالد بن يزيدَ القَسْري، ثنا عيسى بن المسيِّب، سمِعتُ أبا زُرْعةَ بن عَمرو بن جَرير يحدِّث عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ مسلسَلٌ بالعِلل:
الأولى: عبد الله بن وَهْب، وهو ابن محمد بن وَهْب الدِّينَوَري؛ فهو وإن كان حافظًا، فقد قال عنه الدارَقُطْني "يضع الحديث"(سؤالات السلمي 216)، وقال مرةً:"متروك"، وكذَّبه عُمر بن سَهْل، واتَّهمه ابن عُقْدةَ، انظر (ميزان الاعتدال 4566).
الثانية: إبراهيمُ بن عبد الله بن خالد وهو المِصِّيصِي؛ قال الذهبي: "أحد المتروكين"، ثم ذكر عن ابن حِبَّان أنه قال: "يسرق الحديث، ويروي عن
الثقات ما ليس من حديثهم"، وذكر له جملةً من الأحاديث الباطلة، علَّق عليها الذهبي بقوله: "قلتُ: هذا رجلٌ كذاب"، وقال الحاكم: "أحاديثُه موضوعة". (الميزان 124)، (اللسان 178).
وذكره الدارَقُطْني في (الضعفاء والمتروكين 21)، وقال أبو نُعَيم:"ساقط"(الضعفاء له ص 59).
الثالثة: خالد بن يزيدَ القَسْري (أمير العراق)؛ ساق له ابن عَدِي جملةً من الأحاديث، ثم قال:"أحاديثه كلُّها لا يتابَع عليها، لا إسنادًا ولا متنًا، ولم أرَ لهم فيه قولًا، بل غفَلوا عنه، وهو عندي ضعيف"، كذا قال، وقد قال فيه أبو حاتم:"ليس بقوي"، وقال العُقَيلي:"لا يتابَع على حديثه". (لسان الميزان 2913).
الرابعة: عيسى بن المسيِّب البَجَلي (قاضي الكوفة)؛ قال يحيى بن مَعين وأبو داودَ والنَّسائيُّ والدارَقُطْني: "ضعيف"، وقال أبو حاتم وأبو زُرْعة:"ليس بالقوي"، وتكلَّم فيه ابنُ حِبَّانَ وغيرُه. (لسان الميزان 5950).
* * *
1172 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:((لَوْلَا [أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُرِدْ] أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِهِ لَأَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ [صَلَاةٍ، أَوْ مَعَ كُلِّ] وُضُوءٍ)).
[الحكم]:
صحيح موقوفًا، وقد صحَّ مرفوعًا كما تقدَّم.
[التخريج]:
[طا 171 "واللفظ له" / كن 3229، 3230 "والزيادة الثانية له" / عب 20512 "والزيادة الأولى" / هقش (ص 107)]
[السند]:
أخرجه مالك في "الموطأ"- ومن طريقه النَّسائي في (الكبرى 3229، 3230)، والبَيْهَقي في (بيان خطأ مَن أخطأ على الشافعي ص 107) -: عن ابن شِهاب، عن حُمَيد بن عبد الرحمن بن عَوْف، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيحٌ موقوفًا، رجاله ثقاتٌ رجال الصحيح، وقد صحَّ مرفوعًا أيضًا عن مالك كما تقدَّم بيانُه قريبًا.
وأخرجه عبد الرزاق في (المصنف 20512): عن مَعْمَر، عن الزُّهْري، عن رجل، عن أبي هريرة، به.
وقد أُبهِم الراوي عن أبي هريرة في هذا الإسناد، والظاهر أنه حُمَيد بن عبد الرحمن كما في رواية مالك عن الزُّهْري.
وقد قال ابن عبد البر: "هذا الحديث يَدخل في المسنَد؛ لاتصاله من غير ما وجه، ولِمَا يدلُّ عليه اللفظُ، وبهذا اللفظ رواه أكثر الرواة عن مالك"
(التمهيد 7/ 194)، وتبِعه ابنُ دقيقِ العيدِ في (الإمام 1/ 354)، وابنُ التُّرْكُماني في (الجوهر النقي 1/ 36)، وابن المُلَقِّن في (البدر المنير 1/ 699)، وابن حَجَر في (التلخيص الحبير 1/ 103)، وبدرُ الدِّين العَيْني في (نخب الأفكار 1/ 390).
* * *
1173 -
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ:
◼ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
إسناده صحيح، وصحَّحه الألباني.
[التخريج]:
[حم 17048].
[السند]:
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا حَرْب - يعني: ابنَ شَدَّاد-، عن يحيى، حدثنا أبو سلَمة، عن زيد بن خالد الجُهَني، به.
يحيى هو: ابن أبي كثير، وأبو سلَمةَ هو: ابن عبد الرحمن؛ ثقتان من رجال الصحيح.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجالُ الصحيح.
ولذا قال الألباني: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين"(صحيح أبي داود 1/ 83).
كذا ظاهر هذا الإسناد في غاية الصحة، لكن في القلب منه شيءٌ؛ لعدم وجودِ هذا الطريقِ إلا في مسنَد أحمدَ، مع أن الحديث مشهورٌ مستفيض من حديث محمد بن إسحاقَ، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلَمةَ، عن زيد بن خالد الجُهَني، به، كما سيأتي في الرواية التالية، فنخشَى أن يكون أحدُ رواة المسنَد دخل له حديثٌ في حديث، والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: ((وَإِنَّ السِّوَاكَ مِنْ أُذُنِهِ
…
)) مَوْقُوفًا:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ (لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاك) عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ)).
قَالَ [أَبُو سَلَمَةَ] 1: فَكَانَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ وَسِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ، مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، لَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا اسْتَنَّ [قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ] 2، ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَوْضِعِهِ.
[الحكم]:
المرفوع صحيحٌ بما تقدَّم، وإسنادُه ضعيف، وضعَّفه كذلك الألباني، لكنه صحَّحه بطريقه المتقدِّم.
وصحَّحه التِّرْمذي، والبَغَوي، والسُّيوطي. وحسَّنه ابنُ عساكرَ.
[التخريج]:
[د 47 / ت 23 "واللفظ له" / كن 3226 "والرواية له" / حم 17032، 21684 "والزيادة الثانية له" / ش 1797 / بز 3767 "والزيادة الأولى له" / طب (5/ 243 - 244/ 5223، 5224) / طح (1/ 43/ 231) / طحق 11 / لي (رواية ابن مَهْدي 117) / تجر (1/ 455) / صحا 3014 / نعيم (سواك- إمام 1/ 362 - 363) / هق 159 / بغ 198 / غيب 1565 / طاهر (تصوف 53) / عساكر (بلدانية ص 132 - 133) / سر 32 / بحير (ق 15/ب) / فق (1/ 219) / متفق 1776 / ضيا (صغير 7507) / عوارف (ص 315) / غلق (3/ 162 - 163) / خبر (1/ 37)].
[السند]:
قال التِّرْمذي: حدثنا هَنَّادٌ، قال: حدثنا عَبْدةُ، عن محمد بن إسحاقَ، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلَمةَ، عن زيد بن خالد الجُهَني، به.
ومدارُه- عندهم- على محمد بن إسحاق
(1)
، عن محمد بن إبراهيم التَّيْمي، عن أبي سلَمةَ بن عبد الرحمن، عن زيد بن خالد الجُهَني
…
به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه محمد بن إسحاق؛ وهو "صدوق يدلِّس" كما في (التقريب 5725)، وقد عنعنه عندَهم جميعًا
(2)
.
وبهذه العلةِ أعلَّه ابنُ المُلَقِّن، فقال:"فيه ابنُ إسحاقَ، وقد عنعن"(البدر المنير 2/ 67).
وقال الألباني: "وهذا إسناد رجالُه ثقات؛ لكن ابن إسحاق مدلِّس وقد عنعنه؛ إلا أنه قد تُوبِع كما يأتي؛ فالحديثُ صحيح"(صحيح أبي داود 37). يعني: طريقَ يحيى بنِ أبي كَثير المتقدِّمَ.
وقد علَّقه البخاري في "صحيحه" تحت باب: "سواك الرَّطْب واليابس للصائم" بصيغة التمريض، فقال- عَقِبَ حديثِ أبي هريرةَ السابقِ-:"ويُروَى نحوُه عن جابر، وزيدِ بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
هذا، وقد رواه محمد بن عَمرو بن عَلْقَمة، عن أبي سلَمة، عن
(1)
تصحف في مطبوع (شرح معاني الآثار): "أبي إسحاق" بدلًا من "ابن إسحاق"، وقد جاء على الصواب في (إتحاف المهرة 5/ 24)، و (أحكام القرآن 11)، وباقي مصادر التخريج.
(2)
إلا أنه وقع في مطبوع (أحكام القرآن 11) للطحاوي التصريحُ بالتحديث، لكنه جاء في (شرح معاني الآثار) بالإسناد نفْسِه بالعنعنة، وإن لم نقف على النسخ الخطية للكتابين للتأكُّد أيُّهما أصحُّ؛ فهي شاذَّةٌ على كل حال؛ فكل من رواه عن ابن إسحاق رواه بالعنعنة.
أبي هريرة، وقد سبق تخريجُه في الباب.
وأشار النَّسائي إلى ترجيح حديثِ أبي هريرة هذا؛ حيث قال عَقِبَ حديثِ زيد: "كان يحيى القَطَّانُ يقول: محمد بن عَمرو أصلحُ من محمد بن إسحاقَ في الحديث"(السنن الكبرى عَقِب رقم 3226).
بينما رجَّح البخاريُّ حديثَ زيد بن خالد هذا على حديث أبي هريرةَ السابقِ؛ فقال: "حديث زيد بن خالدٍ أصحُّ"(العلل الكبير للترمذي 14).
قال الحافظ: "كأنه ترجَّح عنده بمتابعة يحيى بن أبي كثير، وهو مُتَّجهٌ، ومع ذلك فعلَّقه بصيغة التمريض؛ للاختلاف الواقع فيه، والله أعلم"(التغليق 3/ 163).
وعلَّل الحافظُ صنيعَ البخاري بأمرين:
أحدهما: أن فيه قصةً، وهي قول أبي سلَمةَ:"فكان زيدُ بن خالد يضع السِّواكَ منه موضعَ القلم من أُذُن الكاتب، فكلما قام إلى الصلاة استاك".
ثانيهما: أنه تُوبِع، فأخرج الإمام أحمدُ من طريق يحيى بن أبي كَثير، حدثنا أبو سلَمة، عن زيد بن خالد
…
فذكر نحوَه. (الفتح 4/ 159).
ويمكن أن نضيف أمرًا ثالثا، وهو: أن رواية أبي سلَمةَ عن أبي هريرة جادَّةٌ مشهورةٌ، بخلاف روايته عن زيد بن خالد.
وأمَّا التِّرْمذي، فذهب إلى تصحيح الحديثين، فقال:"وحديثُ أبي سلَمةَ عن أبي هريرةَ عندي هو صحيحٌ أيضًا؛ لأن هذا الحديثَ معروفٌ من حديث أبي هريرة، وفي حديث أبي سلَمةَ عن زيد بن خالدٍ زيادةُ ما ليس في حديث أبي هريرة، وكلاهما عندي صحيحٌ"(العلل الكبير 14).
وقال أيضًا- عَقِبَ حديثِ أبي هريرة-: "قد روَى هذا الحديثَ محمدُ بن إسحاقَ، عن محمد بن إبراهيمَ، عن أبي سلَمةَ، عن زيد بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وحديثُ أبي سلَمة، عن أبي هريرةَ، وزيدِ بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كلاهما عندي صحيحٌ؛ لأنه قد رُوي من غير وجه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديثُ. وحديثُ أبي هريرةَ إنما صحَّ؛ لأنه قد رُوي من غير وجه. وأمَّا محمدٌ فزَعَم أن حديث أبي سلَمة عن زيد بن خالدٍ أصحُّ"(السنن 22).
وقال أيضًا- عَقِبَ حديثِ زيد بن خالد-: "حديث حسَنٌ صحيح"(السنن 23).
وصحَّحه البَغَوي في (شرح السُّنَّة 198)، وحسَّنه ابنُ عساكرَ في (الأربعين البلدانية ص 133).
ورمز السُّيوطي لصحته في (الجامع الصغير 7507).
[تنبيه]:
قال العَيْني: "وأخرجه الحاكم أيضًا، وصحَّحه"(نخب الأفكار 1/ 389).
كذا قال! ولم نجدْه في "مستدرك" الحاكم، ولا عزاه له أحدٌ غيرُه، وإنما أخرج الحاكم حديثَ أبي هريرة، وحديثَ العباس بن عبد المُطَّلِب. والله أعلم.
رواية: ((لفرضت عليهم السواك عند كل وضوء)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاك عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ)).
عزاه السُّيوطي في (الجامع الكبير 7/ 160) بهذا اللفظِ لابن جَرير، عن زيد بن خالد.
يعني: في كتاب "تهذيب الآثار"، ولم نقف على الحديث في الأجزاء المطبوعةِ منه.
* * *
1174 -
حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:
◼ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ هَبَطَ اللهُ تبارك وتعالى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمْ يَزَلْ هُنَالِكَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، يَقُولُ: أَلَا سَائِلٌ فَيُعْطَى، أَلَا دَاعٍ يُجَابُ، [أَلَا سَقِيمٌ يَسْتَشْفِي فَيُشْفَى]، أَلَا مُسْتَشْفِعٌ فَيُشَفَّعُ، أَلَا تَائِبٌ مُسْتَغْفِرٌ فَيُغْفَرَ لَهُ؟ )).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((
…
لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسنادُه حسن. وحسَّنه: المُنْذري، والهَيْثمي، والسُّيوطي، والمُناوي، والألباني. وصحَّحه مُغْلَطاي.
[التخريج]:
[حم 968 / عم 607 / مي 1510/ بز 477، 478 "واللفظ له" / عل 657 "والزيادة له" / طس 1238 "والرواية له" / تطبر (مُغْلَطاي 3/ 328) / طح (1/ 43/ 228) / طحق 8 / جهمي 133 / نز 1، 2 / خط (5/ 422 - 423) / مقد (1/ 68)]
[السند]:
أخرجه أحمد (968) قال: حدثنا يعقوب، حدثنا أَبي، عن ابن إسحاقَ، حدثني عمِّي عبدُ الرحمن بن يَسَار، عن عُبيد الله بن أبي رافِع- مولى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، عن أبيه، عن عليِّ بن أبي طالب
…
إلا أنه لم يَسُقْ متْنَه، وإنما أحاله على حديث أبي هريرةَ السابقِ.
وكذا رواه الدارمي في (مسنده 1510)، عن محمد بن يحيى الذُّهْلي، عن يعقوبَ به، وقال:"مِثْل حديثِ أبي هريرة".
ورواه البزَّار في (مسنده 477، 478) قال: حدثنا سُلَيمان بن سَيْف الحَرَّاني، قال: نا سعيد بن بَزِيع، عن ابن إسحاقَ، قال: حدثني عبد الرحمن بن يَسَار، (ح)
وحدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، والفضْل بن سهْل، وأحمد بن منصور، قالوا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاقَ، قال: حدثني عبد الرحمن بن يَسَار، عن عُبيد الله بن أبي رافِع، عن أبيه، عن عليِّ بن أبي طالب، به. وساق متْنَه كاملًا.
قال البزَّار: "وهذا الحديثُ قد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، لا نعلمُه يُروَى عن عليٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
ورواه الطبراني في (المعجم الأوسط 1238) من طريق الحسن بن بَكْر المَرْوزي، عن يعقوبَ بن إبراهيم بن سعد، به بلفظ:((مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ)).
ثم قال: "لا يُروَى هذا الحديثُ عن عليٍّ إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به محمد بنُ إسحاق".
[التحقيق]:
هذا إسناد حسن؛ رجاله ثقاتٌ عدا محمد بن إسحاقَ فهو "صدوق يدلِّس"، وقد صرَّح بالتحديث في جُلِّ المصادر؛ فانتفتْ شبهةُ تدليسه.
وعمُّه عبدُ الرحمن بن يَسَار، وثَّقه ابنُ مَعين (الجرح والتعديل 5/ 301)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 7/ 67).
ولذا قال المُنْذري: "رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسَنٍ" (الترغيب
والترهيب 1/ 100).
وقال مُغْلَطاي: "رواه أبو جعفر في تهذيب الآثار بسند صحيح
…
"، وذكره من طريق ابن إسحاقَ به، (شرح ابن ماجه 3/ 328).
وقال الهَيْثمي: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ابنُ إسحاق، وهو ثقة مدلِّس، وقد صرَّح بالتحديث، وإسناده حسَنٌ"(المجمع 1117).
وقال أيضًا: "رواه أحمد، وأبو يَعْلَى بنحوه، وزاد: "أَلَا تَائِبٌ"، ورجالهما ثقاتٌ، وقد صرَّح ابن إسحاقَ بالسماع"(المجمع 17247).
وكذا حسَّنه السُّيوطي في (الدر المنثور 1/ 592)، والمُناوي في (التيسير 2/ 314)، والألباني في (الإرواء 1/ 110).
هذا، وقد رواه بعضُهم فقَصَّر في سنده، فأسقط من سنده (أبا رافِع) والدَ عُبيد الله، والصواب إثباتُه، كما رواه الثقات الأثباتُ عن ابن إسحاقَ.
وإن كان هذا الخلافُ غيرَ مؤثِّر؛ فقد سمِع عُبيد الله بن أبي رافِع من عليٍّ رضي الله عنه، وروايتُه عنه في الصحيحين وغيرِهما، والله أعلم.
[تنبيه]:
جاء عند الهيثمي في (غاية المقصد 4805): "حدثنا عَفَّان، حدثنا حَمَّاد، وحدثنا يعقوب، عن ابن إسحاقَ، حدثني عمِّي عبدُ الرحمن بن يَسَار، عن عُبيد الله بن أبي رافِع- مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبيه، عن عليِّ بن أبي طالب".
قلنا: والإسناد الأول (عفَّان عن حمَّاد) غيرُ موجود في المسنَد، وأما الثاني فالصواب (عن يعقوب عن أبيه عن ابن إسحاقَ)، كذا في المسنَد، و (إتحاف المهرة 14616، 19596).
* * *
1175 -
حَدِيثُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ:
◼ 1 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقُّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ مَعَ الْوُضُوءِ أَوْ: مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 3، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِي السِّوَاكَ، كَمَا فَرَضْتُ (فُرِضَ) عَلَيْهِمُ الطُّهُورَ (الْوُضُوء))).
[الحكم]:
صحيحٌ. وجوَّد إسنادَه ابنُ المُلَقِّن. وصحَّحه العَيْني، والألباني. ووثَّق رجالَه الهَيْثمي.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [حم 23486 "واللفظ له" / مسد (خيرة 463)]
تخريج السياق الثاني: [طح (1/ 43/ 229) / طحق 15 "واللفظ له"]
تخريج السياق الثالث: [ش 1808 "اللفظ له" / مش 974 / نعيم (سواك- إمام 1/ 353 - 354) "والروايتان له"]
[السند]:
قال أحمد (23486): حدثنا يحيى بن سعيد، قال: سمِعْناه من الأعمش، حدثني عبد الله بن يَسَار، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، به. بلفظ الرواية الأولى.
وكذا أخرجه مُسَدَّد في "مسنده"- كما في (الإتحاف 463) -: عن يحيى به، إلا أنه قال: عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
ورواه الطَّحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 43/ 229)، و (أحكام القرآن 15) قال: حدثنا أبو بكْرة
(1)
، قال: حدثنا يحيى بن حَمَّاد، قال: حدثنا أبو عَوانة، عن سُلَيمان الأعمشِ، قال: حدثنا عبد الله بن يَسَار، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثَنا أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم
…
فذكره بلفظ الرواية الثانية.
وأخرجه أبو بكر ابنُ أبي شَيْبة في "كتابيه"، قال: حدثنا عَبيدة بنُ حُمَيد، عن الأعمش، عن عبد الله بن يَسَار، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، به. بلفظ الرواية الثالثة.
وكذا أخرجه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 353) -: من طريق جَرير، عن الأعمش، به.
فمدارُه - عندهم- على الأعمش، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقاتٌ رجال الصحيحِ، عدا عبد الله بن يَسَار الجُهَني الكوفي، وهو "ثقة"؛ وثَّقه النَّسائي، وذكره ابنُ حِبَّانَ في "الثقات"(تهذيب الكمال 16/ 327)، واعتمده الحافظان: الذهبيُّ في (الكاشف 3065)، وابنُ حَجَر في (التقريب 3717).
(1)
تصحَّف في مطبوع "أحكام القرآن" إلى "بكر"، والصواب المثبَت، كما في (شرح معاني الآثار)، وهو القاضي بكَّار بن قُتَيبة، من شيوخ الطَّحاوي المشاهير.
وجهالةُ الصحابي لا تضرُّ؛ فكلُّهم عُدول.
ولذا قال ابن المُلَقِّن: "رواه أبو نُعَيم بإسناد جيِّد"(البدر 2/ 32).
وقال العَيْني عن سند الطَّحاوي: "إسناده صحيح، وجهالةُ الصحابي لا تضرُّه"(نخب الأفكار 1/ 386).
وصحَّحه الألباني في (الصحيحة 3067).
وقال الهَيْثمي: "رواه أحمد، ورجاله ثقاتٌ"(المجمع 2546).
وأما البُوصِيري فقال: "هذا إسناد فيه مقالٌ؛ عبد الله بن يَسَار، قال ابن المَدِيني: شيخ مجهولٌ. وذكره ابن حِبَّان في الثقات. وباقي رجال الإسنادِ ثقاتٌ"(إتحاف الخيرة 1/ 286).
كذا قال! وفيه نظرٌ؛ فإن الذي عنَاه ابنُ المَدِيني هو عبد الله بن يسار أبو هَمَّام الكوفيُّ الذي يقال له: عبد الله بن نافع، وأما صاحبُنا الذي يَروي عنه الأعمشُ فهو الجُهَني، آخَرُ، وثَّقه النَّسائيُّ وغيرُه، كما تقدَّم.
ثم إن الحديث على كل حالٍ ثابتٌ من حديث أبي هريرة وغيرِه، كما تقدَّم في الباب؛ ولذا قال البُوصِيري- عَقِبَ كلامِه السابق-:"قلت: أصلُه في الصحيحين من حديث أبي هريرة".
* * *
1176 -
حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ:
◼ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسنادُه تالف.
[التخريج]:
[نعيم (سواك- إمام 1/ 322، بدر 1/ 701)].
[السند]:
رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 322) -: عن أحمد بن عُبيد الله بن محمود، عن عبد الله بن وَهْب، عن عمرو بن (خُلَيف)
(1)
، ثنا يعقوب بن داود بن مُطَرِّف، حدثني أبو غَسَّانَ محمد بن مُطَرِّف، عن أبي حازم، عن سَهْل بن سعد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: عبد الله بن وَهْب، وهو: ابن محمد بن وَهْب الدِّينَوَري؛ فهو وإن كان حافظًا، فقد قال عنه الدارَقُطْني " يضع الحديث"(سؤالات السلمي 216)، وقال مرة:"متروك"، وكذَّبه عُمر بن سَهْل، واتَّهمه ابنُ عُقْدةَ، انظر (ميزان الاعتدال 4566).
الثاني: عَمرو بن خُلَيف أبو صالح؛ قال ابن حِبَّان: "كان ممن يضع
(1)
تصحَّف في مطبوع "الإمام" إلى (خلف)! والصواب ما أثبتْناه كما في (البدر المنير 1/ 701)، وكتبِ التراجم.
الحديث" (المجروحين 627)، وقال ابن عَدِي بعد أن ذكر له عدةَ أحاديثَ: "ولعَمرو بنِ خُلَيف أحاديثُ غيرُ ما ذكرتُ موضوعاتٌ، وكان يُتَّهَم بوضْعها" (الكامل 8/ 17).
الثالث: يعقوب بن داود بن مُطَرِّف؛ لم نقف له على ترجمة، ولم يَعرِفْه الألباني (الضعيفة 10/ 279 - 280).
وبقية رجالِه ثقاتٌ، والمتن في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وقد تقدَّم في أول الباب.
* * *
1177 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده تالف.
[التخريج]:
[نعيم (سواك- إمام 1/ 361)].
[السند]:
رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 361) -: عن أحمد بن عُبيد الله بن محمود، عن عبد الله بن وهْب، عن إبراهيم بن سُلَيمان بن هشام الإفريقي، ثنا أَبي، ثنا معاوية بن صالح، حدثني عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه، عن عبد الله بن عَمرو، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه عبد الله بنُ وَهْب، وهو ابن محمد الدِّينَوَري؛ متروك متَّهَم، وقد تقدَّم الكلامُ عليه.
وفيه أحمد بنُ عُبيد الله بن محمود، وهو ابن شابُورَ، أبو العباس الأصبهانيُّ، الفقيه المقرئ، ولقبُه خَرْطَبةُ، ترجم له أبو نُعَيم في (تاريخه 1/ 195) - وهو شيخُه-، وابنُ نُقْطةَ في (الإكمال 3409)، والذهبي في (التاريخ 8/ 223) وغيرُهم؛ ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وإبراهيم بن سُلَيمان بن هشام الإفريقي؛ هو وأبوه لم نجد لهما ترجمةً.
ولكن المتن صحيحٌ كما تقدَّم.
* * *
1178 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف بهذا السياق، وضعَّفه البزَّار، والهَيْثمي.
[التخريج]:
[حب 1064"واللفظ له" / بز (18/ 170/152)]
[التحقيق]:
هذا الحديث له طريقانِ عن عائشة:
الطريق الأول: عن المَقْبُري، عن أبي سلَمةَ، عن عائشة:
أخرجه ابن حِبَّان (1064) قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عَوْن، حدثنا يعقوب بن حُمَيد، حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا سُلَيمان بن بلال، عن ابن عَجْلان، عن المَقْبُري عن أبي سلَمةَ، به.
وهذا إسناد منكَرٌ؛ فيه إسماعيلُ بن عبد الله، وهو ابن أبي أُوَيس؛ ضعيف لا يُحتجُّ به إلا ما انتقَى البخاري من حديثه.
أما محمد بن عَجْلان؛ فقال عنه ابن حجر: "صدوق إلا أنه اختلطَتْ عليه أحاديثُ أبي هريرة"(التقريب 6136).
ويعقوب بن حُمَيد بن كاسب "صدوق ربما وَهِمَ"(التقريب 7815)
وبقية رجاله ثقاتٌ.
ثم إن الحديث محفوظٌ من رواية الثقات عن المَقْبُري عن أبي هريرة،
وعن أبي سلَمة عن أبي هريرة أيضًا. وقد تقدَّم في أول الباب.
وعليه؛ فهذا السند منكَرٌ.
ومع ذلك صحَّحه ابن حِبَّان؛ في (صحيحه)! فلم يُصِب.
الطريق الثاني: عن عُرْوة، عن عائشة:
أخرجه البزَّار (152) قال: حدثنا إدريس بن يحيى الواسِطي، ثنا محمد بن الحسن الواسِطي، ثنا معاوية بن يحيى، عن الزُّهْري، عن عُرْوة
…
به.
وهذا إسناد منكَر أيضًا؛ فيه معاويةُ بن يحيى الصَّدَفي، قال الذهبي:"ضعَّفوه"(الكاشف 5536) وقال الحافظ: "ضعيف"(التقريب 6772).
ومع ضعْفِه، قد خُولف في سنده؛ فقد رواه مالك وغيرُه عن الزُّهْري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وقد تقدَّم.
وقد قال البزَّار- عَقِبه-: "وهذا الحديث رواه الحُفاظ عن الزُّهْري، عن أبي سلَمةَ، عن الأَغَرِّ، عن أبي هريرة. ولا نعلمُ أحدًا تابع معاويةَ بن يحيى على روايته، وقد تقدَّم ذِكرُنا لمعاويةَ بلِينِ حديثِه".
وقد اختَصر الهَيْثَمي عبارتَه، فقال:"وقال البزَّار: رواه الحُفاظ عن الزُّهْري بسنده إلى أبي هريرة، ولا نعلم أحدًا تابَع معاويةَ على هذه الرواية، ومعاويةُ ليِّنُ الحديث"(كشف الأستار 493).
وقال الهَيْثمي أيضًا: "رواه البزَّار، وفيه معاوية بن يحيى الصَّدَفي، وهو ضعيف"(المجمع 2548).
وأما المتن فلم يأتِ بهذا السياق في رواية صحيحة؛ وإنما الثابتُ من
حديث أبي هريرة وغيرِه بلفظ: ((لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ (أَوْ: عِنْدَ) كُلِّ صَلَاةٍ))، وبلفظ:((لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ (أو: عِنْدَ) كُلِّ وُضُوءٍ)).
أما بلفظ هذا الحديثِ: ((لَأَمَرْتُهُمْ مَعَ الْوُضُوءِ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ))، فقد رُوي نحوُه من حديث أبي هريرة، ولكن بإسنادٍ تالف.
* * *
1179 -
حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ:
◼ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، كَمَا
(1)
يَتَوَضَّؤُونَ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، دون قوله:((كَمَا يَتَوَضَّؤُونَ))، وإسناده مقارِب، وحسَّنه الحافظ.
[التخريج]:
[حم 26763 "واللفظ له" / عل 7127، 7143 / تخ (الكنى 148) / تخث (السفر الثالث 2502) / لي (رواية ابن مَهْدي 118) / تطبر (كبير 7/ 160) / نعيم (سواك- إمام 1/ 361) / غيب 1566 / كما (33/ 185 - 186) / مُغْلَطاي (1/ 117)]
[السند]:
أخرجه أحمد (26763) - ومن طريقه المِزِّي في (تهذيب الكمال 33/ 186) قال: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، قال: حدثني محمد بن طَلْحةَ بن يزيدَ بن رُكانة، عن سالم بن عبد الله بن عُمر، عن أبي الجَرَّاح مولى أمِّ حَبيبة، عن أمِّ حَبيبة، به.
ورواه البخاري في (الكنى 148): عن عليِّ بن المَدِيني.
وأبو يَعلَى (7127)، وابن أبي خَيْثَمة في (تاريخه/ السفر الثالث 2502)، كلاهما: عن أبي خَيْثَمة.
(1)
تصحَّفت في مطبوع (الكُنى) للبخاري إلى: "كلما".
وأبو يَعلَى (7143): عن رَوح بن عبد المؤمن.
والمَحَامِلي في (الأمالي/ رواية ابن مَهْدي 118) - ومن طريقه قَوَّامُ السُّنَّة في (الترغيب 1566) -: عن عُبيد الله بن سعد.
كلُّهم: عن يعقوبَ بن إبراهيمَ، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد مقارِب، رجالُه ثقات، غير أبي الجَرَّاح مولى أمِّ حَبيبة، ويقال: الجَرَّاح؛ وَثَّقه العِجْلي كما في (سؤالات ابنه له 213)، وأقرَّه السخاوي في (التحفة اللطيفة 747)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 5/ 561)، وقال الذهبي:"ثقة"(الكاشف 6557)، وقال مرة:"وُثِّق"(ميزان الاعتدال 10060)، وقال ابن حجر:"مقبول"(التقريب 8012).
ومحمد بن إسحاقَ صدوقٌ يدلِّس، وقد صرَّح بالتحديث؛ فانتفتْ شبهةُ تدليسه.
وقال الهَيْثمي: "رواه أحمد وأبو يَعْلَى، ورجالُه ثقات"(المجمع 2544).
وحسَّن إسنادَه الحافظ ابنُ حَجَر في (التلخيص 1/ 107).
قلنا: وقد رُوي عن ابن إسحاقَ بإسقاط (أبي الجَرَّاح) من سنده:
علَّقه كذلك البخاري في (الكُنى 148)، عن عُبَيد بن يَعيشَ، عن ابن إسحاقَ، عن محمد بن طَلْحة، عن سالم، عن أمِّ حَبيبةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله. كذا بإسقاط (أبي الَجَّراح) من سنده.
ثم قال البخاري: "وأبو الجَرَّاح، أكثرُ وأصحُّ".
وهذا يَحتمل معنيين: الأول: أنه يعني: أن مَن قال: عن (أبي الجَرَّاح) أصحُّ
ممن قال: (عن الجَرَّاح)، فقد ذَكر خلافًا كبيرًا في ذلك، فيكون كلامُه عائدًا على الترجمة برُمَّتِها.
الثاني: أنه يعني ترجيحَ ذِكرِه في الإسناد، دون روايةِ مَن أسقطه.
والذي يبدو- لنا- أن مراد البخاري الأولُ، وأما السقْط الذي في هذا الإسنادِ فمِن النُّسَّاخ، وليس أصلًا في الرواية، والله أعلم.
وعلى فرْض صحةِ الروايةِ به هكذا، فروايةُ إبراهيمَ بن سعد بإثباته أصحُّ وأقوى؛ فإن إبراهيم من أوثقِ أصحابِ ابن إسحاقَ.
وقد وقفْنا له على متابعة؛ فقد رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 361) -: من طريق محمد بن حُمَيد الرازي، عن سلَمة بن الفَضْل، عن ابن إسحاقَ، به.
ولكن هذه متابعةٌ واهية؛ فإن محمد بن حُمَيد متَّهَمٌ بالكذب.
قلنا: وعلى كل حالٍ، فالمتنُ صحيح، بما تقدَّم في الباب، دون قولِه:((كَمَا يَتَوَضَّؤُونَ))، فلم يأتِ من وجه ثابت. والله أعلم.
* * *
1180 -
حَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ:
◼ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، كَمَا يَتَوَضَّؤُونَ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، دون قوله:((كَمَا يَتَوَضَّؤُونَ))، وإسناده مقارِب. وجوَّده المُنْذري، والعَيْني. وحسَّنه الألباني.
[التخريج]:
[حم 27415]
[السند]:
قال أحمد: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، حدثني محمد بن طَلحةَ بن يزيدَ بن رُكانة، عن سالم بن عبد الله بن عُمر، عن أبي الجَرَّاح مولى أمِّ حَبيبةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم، عن أمِّ حَبيبة، أنها حدَّثتْه عن زينبَ بنتِ جحش، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد مقارِب، وقد تقدَّم الكلامُ عليه في الحديث السابق، فهو بالإسناد نفْسِه.
وقال المُنْذري: "رواه أحمد بإسناد جيِّد"(الترغيب والترهيب 1/ 100)، وتبِعه العَيْني (نخب الأفكار 1/ 402).
وقال الهَيْثمي: "رواه أحمد، ورجاله ثقات"(المجمع 2545).
وحسَّنه الألباني في (صحيح الترغيب والترهيب 207).
قلنا: هكذا جاء الحديث من مسنَد زينبَ بنتِ جحش، وقد تقدَّم من مسنَد
أمِّ حَبيبة، بهذا الإسناد نفْسِه، ولكن بدون ذكر (زينب)، وهذا يرجع لأحد أمرين:
أولهما: أن تكون أمُّ حَبيبةَ سمِعتْه من زينبَ، فكانت تارة تحدِّث به عنها على الاتصال كما في هذه الرواية، وتارة تُرسِلُه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومرسَلُ الصحابي مقبولٌ كما هو معلوم.
ثانيهما: أن يكون ذِكر (زينبَ) في هذا الإسناد خطأً مِن رواة المسنَد، أُقحمتْ خطأً في السند، والله أعلم.
وعلى أي حال، فهذا لا يضرُّ الحديثَ في شيء؛ إذِ الصحابة كلُّهم عدول، والله أعلم بحقيقة الأمر.
والمتنُ تقدَّم الكلامُ عليه في الحديث السابق.
* * *
1181 -
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:
◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُ السِّوَاكَ، [وَلَأَخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ])).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده معلول، وخطَّأه أبو حاتم.
[التخريج]:
[كن 3215 "واللفظ له"، 3216 "والرواية له" / علحا 29، 254 "معلَّقًا، والزيادة له"].
[السند]:
قال النَّسائي في (السنن الكبرى 3215): أخبرنا سُلَيْمان بن عُبيد الله بن عَمرو الغَيْلاني البصري، قال: حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا محمد - وهو: ابن عبد الرحمن-، عن سعيد المَقْبُري، أنه سمع أبا سعيد الخُدْري، يقول:
…
فذكره باللفظ الأول.
ورواه النَّسائي أيضًا (3216): عن عبد الرحمن بن إبراهيم دُحَيْم، عن مَرْوان الفَزَاري، عن محمد بن عبد الرحمن بن مِهْران، به.
وعلَّقه أبو حاتم في (العلل) عن مَرْوان الفَزَاري، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ظاهرُه الحُسْن؛ فرجاله كلُّهم ثقات، عدا محمد بن عبد الرحمن بن مِهْرانَ فـ"صدوق"(التقريب 6083).
إلا أنه معلول؛ فقد رواه الثقات مثْلُ (عُبيد الله بن عُمر، وعبد الرحمن السَّرَّاج، وغيرُهما) عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة، كما تقدَّم في أول الباب.
ولذا سأل ابنُ أبي حاتم أباه عن هذا الحديث؟ فقال: "هذا خطأٌ؛ رواه الثقاتُ عن المَقْبُري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضُهم يقول: عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو الصحيح"(العلل 29). أي: من حديث أبي هريرة، كما قال في موضع آخَرَ من العلل:"إنما هو: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"(العلل 254).
ولذا قال ابن المُلَقِّن عن هذا الحديث: "متكلَّم فيه"(البدر المنير 1/ 719).
[تنبيه]:
عزاه السُّيوطي في (الجامع الكبير 7/ 160) لابن جَرير عن أبي سعيد. ولم نقف على سنده.
* * *
1182 -
حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ:
◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ كَمَا يَتَوَضَّؤُونَ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، دون قولِه:((كَمَا يَتَوَضَّؤُونَ))، وهذا إسناد معلولٌ بالإرسال، وأعلَّه أبو حاتم، وأقرَّه ابن المُلَقِّن.
[التخريج]:
[خ معلقًا بصيغة التمريض "تحت باب سواك الرَّطْب واليابس للصائم" / عد (7/ 199) "واللفظ له" / علحا (1/ 502) / فضش 511 / نعيم (سواك- إمام 1/ 323) / غلق (3/ 161 - 162)].
[السند]:
قال ابن عَدِي: حدثنا يحيى بن زكريا بن حَيَّوَيْه، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا إسحاق الفَرْوي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي المَوَالي، عن عبد الله بن محمد العُقَيلي، عن جابر بن عبد الله، به.
وأخرجه ابن أبي حاتم، وابنُ شاهينَ، وأبو نُعَيم، والحافظُ، من طريق إسحاقَ الفَرْوي، عن ابن أبي المَوَالي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: إسحاق بن محمد الفَرْوي؛ قال الآجُرِّى: "سألتُ أبا داودَ عنه، فوهَّاه جدًّا"، وقال الساجي:"فيه لِينٌ، روَى عن مالكٍ أحاديثَ تفرَّد بها"، وقال العُقَيلي:"جاء عن مالك بأحاديثَ كثيرةٍ لا يتابَع عليها"، وقال
النَّسائي: "متروك"، وقال أبو حاتم:"كان صدوقًا، ولكن ذهب بصرُه فربما لُقِّن، وكُتُبُه صحيحةٌ"، وقال مرة:"مضطرِبٌ"، وقال الحاكم:"عِيب على محمد إخراجُ حديثِه، وقد غمزوه"، وقال الدارَقُطْني:"ضعيفٌ، وقد روَى عنه البخاري، ويوبِّخونه في هذا"، وقال أيضًا:"لا يُترَك"(تهذيب التهذيب 1/ 248)، وقال الدارَقُطْني أيضًا:"ضعيف، تكلَّموا فيه، قالوا فيه كلَّ قول"(سؤلات الحاكم 281)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 8/ 115) وقال:"يُغرِب ويتفرَّد"، وقال الحافظ:"صدوق، كُفَّ؛ فساءَ حِفْظُه"(التقريب 381). ودافع عن البخاري في (هدي الساري ص 389)، فذكر أنه روَى عنه ثلاثةَ أحاديثَ، منها حديثٌ مقرونًا بغيره، وقال:"وكأنها مما أَخذه عنه من كتابه قبل ذهاب بصرِه".
قلنا: والحديثان الآخَران محفوظان من وجوه أخرى في صحيح البخاري نفْسِه، فهذا عذرُ آخَرُ للبخاري.
فالراجح فيه: أنه سيِّئ الحفظ، لا يُحتجُّ به. والله أعلم.
الثانية: المخالفة؛ فقد رواه عبد الله بن وَهْب المصريُّ- وهو ثقة حافظٌ- عن ابن أبي المَوَالي، عن ابن عَقِيل، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
به مرسلًا، كما سيأتي في الشاهد التالي.
وهو الراجح؛ فعبدُ الله بن وَهْب أوثقُ وأحفظُ من إسحاقَ الفَرْوي.
ولذا قال أبو حاتم الرازي: "ليس بمحفوظ؛ حدثَنا به حَرْمَلةُ، عن ابن وَهْب، عن ابن أبي المَوَالي، عن ابن عَقِيل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسَلٌ". وقال: "والمرسَل أشْبَهُ"(العلل 70). وأقرَّه ابنُ المُلَقِّن في (البدر المنير 1/ 702).
ولعله لذلك علَّقه البخاري في "صحيحه" تحت باب: "سواك الرَّطْب واليابس للصائم" بصيغة التمريض، فقال- عَقِبَ حديثِ أبي هريرة-:"ويُروَى نحوُه عن جابر، وزيدِ بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
ومع ذلك حسَّن ابنُ حَجَر إسنادَ هذا الحديثِ جريًا على ظاهره، وقال:"والإسناد حسَن، وذكر ابنُ أبي حاتم في العلل أنه سأل أباه عنه، فقال: المحفوظ مرسَلٌ. والله أعلم"! (تغليق التعليق 3/ 162).
قلنا: وعلى كل حالٍ فالمتن صحيح؛ بما تقدَّم في الباب، دون قوله:((كَمَا يَتَوَضَّؤُونَ))؛ فلم تأتِ من وجه ثابت. والله أعلم.
* * *
1183 -
حَدِيثُ ابْنِ عَقِيلٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّواكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسنادُه ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[علحا (1/ 502)].
[السند]:
قال أبو حاتم الرازي: حدثنا به حَرْمَلةُ، عن ابن وَهْب، عن ابن أبي المَوَالي، عن ابن عَقِيل، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
به مرسَلًا.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيفٌ؛ لإرساله؛ فابنُ عَقيل هو: عبد الله بن محمد بن عَقيل؛ من الرابعة، طبقة تلي الوُسطى من التابعين (التقريب 3592).
وقد تقدَّم أن هذا الوجهَ هو المحفوظ، كما قال أبو حاتم، وأنَّ مَن وصلَه بذِكر جابرٍ قد أخطأَ، والله أعلم.
هذا، والمتن صحيحٌ من حديث أبي هريرة وغيرِه، كما تقدَّم.
* * *
1184 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسنادُه ضعيف، وضعَّفه ابن عَدِي، والدارَقُطْني، وابنُ المُلَقِّن، والهَيْثمي. واستغربه الطَّحاوي، وابنُ حَجَر.
[التخريج]:
[طب (12/ 375/13389)، (12/ 435/13592) "واللفظ له" / طس 8448 / عق (2/ 325 - 326) "واللفظ له" / طح (1/ 43/ 230) / طحق 9 / عد (2/ 379) / فقط (أطراف 3297، لسان 4220)]
[التحقيق]:
هذا الحديث رُوي من طريقين عن ابن عُمر رضي الله عنهما:
الطريق الأول: عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر:
أخرجه الطبراني في (الكبير 13592) قال: حدثنا محمد بن يوسف التركي، ثنا عيسى بن إبراهيم البِرَكي، ثنا سعيد بن راشِد، عن عطاء، عن ابن عُمر
…
به.
وأخرجه في (الأوسط 8448) من طريق حاتم بن عُبيد الله النُّمَيْري، عن سعيد بن راشِد، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه سعيد بن راشِد وهو أبو محمد السَّمَّاك المازِني البصري؛ قال يحيى بن مَعين: "ليس بشيء"، وقال البخاري:"منكر الحديث"، وقال النَّسائي:"متروك"(ميزان الاعتدال 3169)، وقال
أبو حاتم: "ضعيف الحديث، منكَر الحديث"(الجرح والتعديل 4/ 20).
وبه ضعَّفه ابن المُلَقِّن، فقال- عَقِبه-:"وسعيدٌ هذا تركه النَّسائي"(البدر المنير 1/ 704).
وقال الهَيْثمي: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه سعيدُ بن راشد، وهو ضعيف"(المجمع 2551).
الطريق الثاني: عن عُبيد الله بن عُمر، عن نافع، عن ابن عُمر:
وله عن عُبيد الله طريقان:
الأول: عن عبد الله بن خلَف الطُّفَاوي، عن هشام بن حَسَّان، عن عُبيد الله:
أخرجه الطَّحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 43/ 230): عن ابن مرزوق.
وأخرجه العُقَيلي في (الضعفاء 2/ 325 - 326): من طريق عثمانَ بن طالُوتَ.
كلاهما، عن عبد الله بن خلَف الطُّفاوي، عن هشام بن حَسَّان، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمر، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه عبدُ الله بن خلَف الطُّفاوي؛ قال عنه العُقَيلي: "في حديثه وهَمٌ ونكارةٌ"، ثم أسند له هذا الحديثَ.
وقد خالفه الثقاتُ من أصحاب هشام بن حَسَّان، فرَوَوْه عنه، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة:
كذا رواه عبد الوهاب الثَّقَفي، عند النَّسائي في (الكبرى 3220)، والسَّرَّاجِ في (مسنده 589) وغيرِهما.
ومحمدُ بن بكر، عند السَّرَّاج في (حديثه 2003).
وعبدُ الأعلى السامي، عند العُقَيلي في (الضعفاء 2/ 325 - 326).
ويزيدُ بن هارونَ، حكاه الدارَقُطْني في (العلل 2734).
جميعًا عن هشام بن حَسَّان، عن عُبيد الله، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة، به.
وكذا رواه الثقات الأثباتُ عن عُبيد الله بن عُمر؛ كيحيى القطان، وابنِ المبارَك، وابنِ نُمَيْر، وأبي أُسامة، والحَمَّادَيْن، وغيرِهم، كما تقدَّم في حديث أبي هريرة.
ولذا قال الدارَقُطْني: "رواه عبد الله بن خلَف الطُّفَاوي، عن هشام بن حَسَّان، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمر، ووهِمَ فيه.
وغيرُه يرويه عن هشام بن حَسَّان، عن عُبيد الله بن عُمر، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة.
وكذلك رواه أصحابُ عُبيدِ الله بن عُمر عنه، عن المَقْبُري، عن أبي هريرة.
ولا يصحُّ هذا عن نافع، عن ابن عُمر" (العلل 2893).
وقال في موضع آخَرَ: "وخالفه عبدُ الأعلى، ويزيدُ بن هارونَ، فقالا: عن هشام بن حَسَّان، عن عُبيد الله، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة، وهو الصواب"(العلل 2734)، وبنحوه في (الأفراد)، كما في (الأطراف 3297).
وقال ابن عَدِي: "رُوي عن هشام بن حَسَّان، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمر، وهذا خطأٌ"(الكامل 2/ 379).
ولهذا قال الطَّحاوي- عَقِبَه-: "هذا حديث غريب"(شرح معاني الآثار).
ووصفه بالغرابة أيضًا الحافظُ في (اللسان 4220).
الطريق الثاني: عن أَرْطاة أبي حاتم، عن عُبيد الله:
أخرجه الطبراني في (الكبير 13389)، قال: حدثنا عليُّ بن سعيد الرازي، عن محمد بن صالح النَّطَّاح، عن أَرْطاة أبي حاتم، عن عُبيد الله بن عُمر، عن نافع، عن ابن عُمر، به.
وأخرجه ابن عَدِي في (الكامل 2/ 379) من طريق محمد صالح به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه أَرْطاةُ أبو حاتم، وهو ابن المنذر البصري
(1)
؛ ترجم له ابن عَدِي وذكر له هذا الحديثَ وحديثًا آخَرَ، ثم قال:"ولأَرْطاةَ أحاديثُ كثيرةٌ غيرُ ما ذكرْتُه، في بعضها خطأٌ وغلَط"(الكامل 2/ 380).
وقال الدارَقُطْني: "رواه أَرْطاةُ أبو حاتم، وكان بصْريًّا ضعيفًا"، وقيل له: فهذا أَرْطاة أبو حاتم، ابنُ مَن؟ قال:"لا يُعرَف"
(2)
(العلل 2893).
وقال في "الأفراد": "تفرَّد به أَرْطاةُ أبو حاتم، عن عُبيد الله"(أطراف الغرائب 3348).
وقال أبو نُعَيم الأصبهاني: "يقال: إن هذا مما تفرَّد به أَرْطاةُ، عن عُبيد الله"(تاريخ بغداد 3/ 328).
(1)
وهو غير أَرْطأةَ بنِ المُنْذر السَّكُوني الشامي، فهذا من طبقة متقدمةٍ عن طبقة البصري، وقد نصَّ على التفريق بينهما الدارَقُطْنيُّ في (العلل 2893)، والذهبيُّ في (الميزان 689)، وقد خلَط بينهما الضِّياءُ في (المختارة 11/ 241) فلم يُصِب.
(2)
كذا لم يعرفه هنا، وقد عرفه في "الأفراد" فسمَّاه:"أَرْطأة بن المُنْذر"(الأطراف 2715).
وقال الهَيْثمي: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أَرْطاةُ أبو حاتم، ولم أجد مَن ذكره، وبقية رجالِه ثقاتٌ"(المجمع 2552).
وقال الألباني: "شِبْه مجهولٍ"(الضعيفة 7/ 224).
قلنا: وقد أخطأَ فيه أَرْطأةُ؛ حيث سلك الجادَّةَ، فجعله من حديث عُبيد الله عن نافع عن ابن عُمر، وإنما المحفوظُ عن عُبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة، كما تقدَّم بيانُه.
ولذا قال ابن عَدِي: "والحديث الثاني عن عُبيد الله عن نافع عن ابن عُمر خطأٌ، إنما يرويه عُبيد الله عن سعيد المَقْبُري عن أبي هريرة
…
وهذا الطريق كان أسهلَ عليه إذا قال: عُبيد الله عن نافع عن ابن عمر؛ لأنه طريق واضحٌ، وبهذا الإسنادِ أحاديثُ كثيرةٌ، من أن يقول: عُبيد الله عن سعيد المَقْبُري عن أبي هريرة. ولأَرْطاةَ أحاديثُ كثيرةٌ غيرُ ما ذكرْتُه، في بعضها خطأٌ وغلَط" (الكامل 2/ 379)، وأقرَّه الذهبي في (الميزان 1/ 71)، وتبِعه ابنُ حَجَر في (اللسان 2/ 19).
[تنبيه]:
قال الحافظ في ترجمة الطُّفاوي من (اللسان) عَقِبَ ذِكرِه طريقَ أَرْطأةَ المتقدِّمَ: "ورواه أحمدُ من طريق عبد الله بن لَهِيعة، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عُمر"(اللسان 4/ 472).
كذا قال! وهو وهَمٌ من الحافظ رحمه الله؛ فإن الذي في مسنِد أحمدَ بهذا الإسنادِ هو حديثُ: ((عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ؛ فَإِنَّهُ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ، وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)). كذا أخرجه أحمدُ (5865) من طريق ابن لَهِيعة، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عُمر، به.
* * *
رِوَايَة: ((عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ)). قال: ((وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا اسْتَاكَ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسنادُه ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[عد (5/ 491)]
[السند]:
قال ابن عَدِي: ثنا عَبْدانُ، ثنا طالُوتُ بن عَبَّاد، ثنا سعيد بن راشِد، عن عطاء، عن ابن عُمر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه سعيدُ بن راشد السَّمَّاك؛ "متروك"، وقد سبق الكلامُ عليه في الرواية السابقة.
ولكنَّ المتْنَ بشَطْرَيْه ثابتٌ صحيح.
فالشَّطْر الأول: (السِّواك عند الوضوء) ثابتٌ من حديث أبي هريرةَ وغيرِه، كما سبق في الباب.
والشَّطْر الثاني: (السِّواك عند القيام من الليل) ثابتٌ من حديث حُذيفةَ وغيرِه، وسيأتي في باب:"السواك لمن قام من الليل".
* * *
رِوَايَة: ((أَنْ يَكُونَ سُنَّةً)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْلَا أَنْ يَكُونَ سُنَّةً لَأَمَرْتُ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
ضعيف بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[طس 9435 "واللفظ له" / لا 791
(1)
/ خط (3/ 328 - 329) / فقط (أطراف 3348) / نعيم (سواك- إمام 1/ 372)].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا هيثم بن خلَف، نا محمد بن صالح بن النَّطَّاح، ثنا أَرْطاةُ أبو حاتم، عن ابن جُرَيج، عن نافع، عن ابن عُمر
…
به.
ومدارُه- عندهم- على محمد بن صالح، عن أَرْطأةَ، عن ابن جُرَيج، به.
ورواه الدُّولابي في (الكُنى)، عن محمد بن صالح، عن أَرْطأةَ، عن عُبيد الله، عن نافع، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لأجْل أَرْطأةَ أبي حاتم البصري، وقد تقدَّم الكلامُ عليه في الرواية الأُولى.
* * *
(1)
حيث وقع عقب رقم (790)، ورُقِّم خطأً في المطبوع (774).
رِوَايَة: ((أَخَافُ ضَعْفَ النَّاسِ))
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ ضَعْفَ النَّاسِ وَغَفْلَتَهُمْ لَجَعَلْتُ السِّوَاكَ مَعَ كل الصَّلَاةِ)).
[الحكم]:
منكر بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[عد (8/ 186)]
[السند]:
قال ابن عَدِي: حدثنا عليُّ بن العباس، قال: ثنا عُمر بن محمد بن الحسن، قال: ثنا أَبي، قال: ثنا أَشْعَث- يعني: ابنَ سعيد-، عن عاصم بن عُبيد الله، عن سالم، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: أشعثُ بن سعيد؛ "متروك" كما في (التقريب 523).
الثانية: عاصم بن عُبيد الله العُمَري؛ ضعَّفه جمهورُ النُّقَّاد، وقال الحافظ:"ضعيف"(التقريب 3065)، وانظر (تهذيب التهذيب 5/ 46 - 49).
* * *
1185 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف، وضعَّفه ابن المُلَقِّن، والبُوصِيري.
[التخريج]:
[ش 1806 "واللفظ له" / مش (مط 64/ 2)، (خيرة 462/ 2، 1227/ 2) / طب (14/ 266/ 14908)، (14/ 267/ 14909) / مسد (مط 64/ 1، 3)، (خيرة 462/ 1، 1227/ 1) / نعيم (سواك- إمام 1/ 363) / جواليقي (ق 179/ب)]
[السند]:
أخرجه ابن أبي شَيْبة- ومن طريقه الطبراني في (الكبير 14908) - قال: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا سُلَيمان بن قَرْم، عن أبي حبيب، عن رجل من أهل الحجاز، عن عبد الله بن الزُّبَير، به.
ومدارُه- عند الجميع- على أبي حبيب وهو: سِنان بن حبيب، عن رجل، عن ابن الزُّبَير، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لإبهام الراوي عن ابن الزبير.
وبه أعلَّه ابن المُلَقِّن، فقال:"رواه أبو نُعَيم والطبراني في (أكبر معاجمه)، وفي إسناده مجهولٌ"(البدر 1/ 703).
وقال البُوصِيري: "هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة التابعي" (إتحاف الخيرة 1/
285).
وفي سند ابن أبي شَيْبة: سُلَيمان بن قَرْم؛ وهو مختلَفٌ فيه، والجمهور على ضعْفِه، وانظر (تهذيب التهذيب 4/ 214)، ولخَّصه الحافظ بقوله:"سيئ الحفظ، يتشيَّع"(التقريب 2600).
وقد تابعه أبو عَوانة، كما عند الطبراني في (الكبير 14909) وغيرِه، لكن من رواية خالد بن يوسفَ السَّمْتيِّ، عنه.
وخالد، قال عنه الدارَقُطْني:"تكلَّموا فيه"(سؤالات السُّلَمي 430)، وقال ابن حِبَّان:"يُعتبَر حديثُه من غير روايته عنه"، أي: عن أبيه (الثقات 8/ 226)، وقال الذهبي:"ضعيف، وأما أبوه فهالكٌ"(الميزان 1/ 648).
قلنا: لكن المتن يَشهَد له ما سبق في الباب، والله أعلم.
* * *
رِوَايَة: ((كَانَ يَأْمُرُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالسِّوَاكِ)).
[الحكم]:
منكَر بهذا اللفظ، وضعَّفه الهيثمي.
[التخريج]:
[بز 2233]
[السند]:
قال البَزَّار: حدثنا خالد بن يوسف، قال نا أبو عَوانة، عن سِنان بن حَبيب، عن رجل، عن ابن الزُّبَير، به.
وقال - عَقِبه-: "ولا نَعلَم يُروَى عن ابن الزُّبَير هذا الكلامُ إلا من هذا الوجه".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لإبهام الراوي عن عبد الله بن الزُّبَير؛ وضعْفِ خالدِ بن يوسفَ، وقد تقدَّم الكلامُ عليه.
وذكره الهَيْثَمي بهذا اللفظ، وقال:"رواه البَزَّار والطَّبَراني في الكبير، وفيه رجلٌ لم يُسَمَّ"(المجمع 2547).
كذا عزاه بهذا اللفظ للطبراني، وقد تقدَّم تخريجُ الحديث من "المعجم الكبير"، بلفظ الرواية السابقة، فالله أعلم.
وقد قال العِراقي: "الأحاديث التي ورد فيها الأمرُ - يعني: في السواك- لا يصحُّ منها شيْءٌ"(طرح التثريب 2/ 63).
* * *
1186 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((لَوْلَا أَنْ تُضَيِّعُوا (تَضْعُفُوا) لَأَمَرْتُكُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَجَعَلْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق، وضعَّفه ابن عَدِي، وابنُ القَيْسَراني، والهَيْثمي، والألباني.
[التخريج]:
[حق (مسند ابن عباس 875) "واللفظ له" / بز 4938 "والرواية له"، 4939 / طب (11/ 85/ 11125) "والرواية الثانية له"، (11/ 87/ 11133) / تطبر (كبير 7/ 160) / محد (2/ 239 - 241) / عد (1/ 546) / غيل 458 / سمك (الثاني ق 103/ ب) / شذا (مشيخة كبرى 2/ ق 129/ أ)]
[السند]:
أخرجه إسحاق بن راهويه: أخبرنا جَرير، عن مسلم الأعور، عن مجاهِد، عن ابن عباس، به.
وأخرجه البَزَّار (4938)، عن يوسفَ بن موسى، عن جَرير، به.
وأخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 11125)، من طريق إسرائيلَ، عن مسلم، به.
ومدارُه عندَهم- عدا ابن عَدِي في (الكامل) - على مسلم الأعور- وهو
المُلَائي-، عن مجاهِد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه مسلم بن كَيْسانَ المُلَائي الأعور؛ وهو ضعيف جدًّا، ولذا قال الذهبي:"واهٍ"(الكاشف 5426). وقد تقدمتْ ترجمتُه بتوسُّع في باب: "ما رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتنور". وانظر (تهذيب التهذيب 10/ 135).
ومع ذلك قال البزَّار- عَقِب الحديث-: "هذا الحديث قد رُوي بنحو كلامِه عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه بغير هذا اللفظ، ولا نحفظُ عن ابن عباس بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ومسلمٌ المُلَائي ليس به بأسٌ، روَى عنه شُعبةُ والثَّوْري والأعمشُ وإسرائيلُ، وجماعةٌ كثيرةٌ، واحتملوا حديثَه".
قلنا: كذا قال! وهو تساهلٌ منه، فقد اتفقت كلمةُ النُّقَّاد على ضعْفِ مسلمٍ المُلَائي ووهائِه، حتى قال الذهبي:"تركوه"(ديوان الضعفاء 4109).
وبه ضعَّفه الهَيْثَمي، فقال:"رواه البَزَّار والطَّبَراني في الكبير من طريق مسلم بن كَيْسانَ المُلَائي، وهو ضعيف"، ثم قال:"وقال البزَّار: لا بأسَ به! "(المجمع 2549). فذِكْرُه قولَ البزَّارِ بعد جزْمِه بضعفه، كأنه يستنكره ويتعجَّبُ منه
(1)
.
وبه أيضًا ضعَّفه الألباني في (الضعيفة 3095).
قلنا: وقد وقفْنا للحديث على طريق آخَرَ:
أخرجه ابن عَدِي في (الكامل 1/ 546)، قال: حدثنا القاسم بن زكريا،
(1)
وقد قال صاحب (بذل الإحسان 1/ 86): "والبزَّار نفْسُه رخْوٌ في نقد الرواة، علِمتُ ذلك بالتتبُّع. والله أعلم".
حدثنا الرَّمادي، حدثنا إبراهيم بن الحَكَم بن أَبانَ، عن أبيه، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه إبراهيمُ بن الحَكَم بن أَبانَ؛ وهو متروك، قال عنه يحيى بنُ مَعِين:"ليس بشيء، ليس بثقة"، وقال البخاري:"سكتوا عنه"، وقال النَّسائي:"ليس بثقة، ولا يُكتَب حديثُه"، وضعَّفه أبو زُرْعة والدارَقُطْني وغيرُ واحد، وقال يعقوبُ الفَسَوي:"لا يختلفون في ضعفه". انظر (تهذيب التهذيب 1/ 116).
هذا، وقد قال عباس بن عبد العظيم العَنْبَري- وقد ذُكِر له إبراهيمُ بن الحَكَم بن أَبانَ-:"كانت هذه الأحاديثُ في كتبه مراسيلَ، ليس فيها ابنُ عباس ولا أبو هريرة - يعني: أحاديثَ أبيه عن عِكْرِمَة-"(الكامل 1/ 546). وهذا يعني أنه وصلها متعمِّدًا بذِكر ابن عباس أو أبي هريرة.
وأشار إلى هذا الحافظُ بقوله: "ضعيف، وصَلَ مراسيلَ"(التقريب 166).
وقد قال أحمد بن منصور الرَّمَادي- عَقِبَ هذا الحديثِ-: "حدثَنا به - يعني: إبراهيمَ بن الحَكَم- مرسَلًا، ثم نَظر في كتابه فحدثَنا به عن ابن عباس".
ولذا ختَم ابنُ عَدِي ترجمتَه- بعد أن ذكر له جملةً من الأحاديث، منها هذا الحديثُ-، فقال:"وبلاؤُه مما ذكروه أنه كان يوصل المراسيلَ عن أبيه. وعامَّةُ ما يرويه لا يتابَع عليه"، وتبِعه ابنُ القَيْسَراني في (الذخيرة 4621).
* * *
1187 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:((فَضْلُ الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعِينَ ضِعْفًا (دَرَجَةً))).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعَّفه: البَيْهَقي، وابنُ الجَوْزي، وابن الصَّلاح، والنَّوَوي، وابنُ كَثير، وابن القَيِّم، وابن المُلَقِّن، وابنُ حَجَر، والتِّبْريزي، والألباني.
وقال ابن مَعين: "باطل"، وتوقَّف فيه ابنُ خُزَيمة.
[التخريج]:
[حم 26340 "واللفظ له" / بز 108 / نعيم (سواك- إمام 1/ 368 - 369) "والرواية له" / شعب 2518 / ..... ].
سبق تخريجُه وتحقيقُه برواياته وشواهدِه في باب: "ما رُوي في فضْل الصلاة بالسواك على غيرها".
[تنبيه]:
في الباب أحاديث أخرى، انظرها في الباب التالي.
* * *