الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
171 - بَابٌ: السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ
1104 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
[الحكم]:
حديث جيِّد. وعلَّقه البخاري بصيغة الجَزْم. وصحَّحه ابن خزيمة، وابنُ حِبَّان، وابن المُلَقِّن، والعراقي، والبُوصِيري، والعَيْني، والسُّيوطي، والألباني. وحسَّنه ابن عبد البر، والبَغَوي، والنَّوَوي. وثبَّته ابنُ الصلاح. وقال المُنْذري:"رجال إسنادِه كلُّهم ثقات". وقال ابن دقيقِ العيدِ: "حديث جيِّد".
[اللغة]:
* السِّوَاك - بالكسر-، والمِسْواك: ما تُدْلَكُ به الأسنانُ من العِيدان. يقال: ساكَ فَاهُ يَسُوكُه: إذا دَلَكَه بالسِّواك. فإذا لم تَذْكُرِ الفمَ قلتَ: اسْتَاكَ. (النهاية 2/ 425).
* مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ: أي: يُطهِّر الفمَ.
ونقل ابن الغَرْس عن العَلْقَمي أن ابن هشام سُئل عن هذا الحديث، كيف أَخبر بالمؤنث عن المذكر؟ فأجاب: "أن التاء في ((مَطْهَرَة)) ليست للتأنيث، وإنما هي للكَثرة، كقوله:((الْوَلَدُ مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَةٌ))، أي محلٌّ لكثرة الجُبن
والبخل".
فقيل له: استدل به بعض أهل اللغة على أن السواك يجوز تأنيثُه.
فقال: "هذا غلطٌ، وإلا يلزم أن يستدل بـ"مَجْبَنَة" و"مَبْخَلَة" على أن الولد يجوز تأنيثُه! ولا قائلَ به"(كشف الخفاء للعجلوني 1/ 457)، وانظر (لسان العرب 10/ 446).
[التخريج]:
[خ معلقًا في كتاب الصوم تحت باب: "سواك الرطب واليابس للصائم" / ن 5 "واللفظ له" / كن 4 / حم 24203، 24332، 24925، 25133، 26014 / مي 702/ خز 145 / حب 1062/ عل 4569
(1)
، 4598، 4916 / طس 276 / ش 1803 / حمد 162 / شف 56 / أم 65 / حق 936، 1116 / تخث (السفر الثاني 3740، 3741) / كر (37/ 323) / بكر 109 / منذ 336 / عدني (إمام 1/ 332) / مَعْمَري (يوم- تغليق 3/ 164، حبير 1/ 99) / عد (1/ 531)، (2/ 96) / نعيم (سواك- إمام 1/ 334) / حل (7/ 94 - 159) / أصبهان (2/ 97) / هق 137 - 141 / هقغ 79 / هقع 582 / شعب 1939، 2522 / تمهيد (18/ 301) / غيب 1570 / قشيخ 298 / بغ 199، 200 / كما (17/ 229) / ذهبي (دبيثي 15/ 30) / لال (بزاز ق 57/ أ) / مستغفط (ق 167) / مستغفض 134، 135 / ضيا (مرو ق 69/ب) / ظرف (ص 184) / دبيثي (1/ 346) / غلق (3/ 164، 165)]
(1)
وعنده زيادة: «وَفِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ .. » ، وسيأتي الكلامُ على هذه الزيادة مع شواهدها في موسوعة "الطب" إن شاء الله تعالى.
[التحقيق]:
رُوي هذا الحديثُ من عدة طرق عن عائشةَ رضي الله عنها:
الطريق الأول- وهو أصحُّها-: عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن عائشة، به.
وقد رُوي عنه من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: عن عبد الرحمن بن أبي عَتِيق، عنه:
أخرجه أحمد (24925) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيْع، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي عَتِيق، عن أبيه، أنه سمِع عائشةَ
…
الحديثَ.
وأخرجه النَّسائي في (الصغرى 5)، و (الكبرى 4): عن حُمَيد بن مَسْعَدة، ومحمد بن عبد الأعلى.
وابنُ أبي خَيْثَمة في (تاريخه- السِّفْر الثاني 3741): عن يحيى بن عبد الحميد وعُبيد الله بن عُمر.
وابن حِبَّان (1062): من طريق رَوْح بن عبد المؤمن.
والحسن بن عليٍّ المَعْمَري في "عمل اليوم والليلة"- كما في (تغليق التعليق 3/ 164) -: عن أبي كامل الجَحْدَري ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشَّوارب.
والبَيْهَقي في (السنن الكبرى 139): من طريق محمد بن أبي بكر.
ورواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 334)، ومن طريقه المِزِّي في (تهذيب الكمال 17/ 229) -: من طريق عليِّ بن
المَدِيني.
كلُّهم: عن يزيدَ بن زُرَيْع، عن عبد الرحمن بن أبي عَتِيق، عن أبيه، به.
وأخرجه ابنُ أبي خَيْثَمة في (تاريخه- السفر الثاني 3743): عن يعقوب بن حميد.
وأبو يَعلَى في (المسند 4916)، والمَرْوزي في (مسند أبي بكر 108): عن عبد الأعلى بن حماد.
كلاهما: عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن عبد الرحمن بن أبي عَتيق، به.
قال المَعْمَري- عَقِبه-: "ابن أبي عَتيق هو: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان محمدٌ يكْنَى أبا عتيق، ورواية ابن زُرَيْع عن عبد الرحمن بن عبد الله - يعني: ولدَه-"(تغليق التعليق 3/ 164).
وقال الحافظ: "الذي أظن في هذا أنه عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عَتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، نُسِب إلى جده؛ لشهرته"(أطراف المسند 9/ 226). والذي ظنَّه الحافظ هنا جزم به في (إتحاف المهرة 17/ 526)، بل وقال في (تغليق التعليق 3/ 164) - معقبًا على قول المَعْمَري-:"وهذا الذي نبَّه عليه صحيحٌ لا مَحيدَ عنه". وهو كما قال، وانظر رواية ابن إسحاقَ الآتية.
قلنا: وهذا إسناد جيِّد؛ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر والد عبد الرحمن، وثَّقه العِجْلي وابنُ حِبَّان، وقال مصعب الزُّبَيري:"كان امرءًا صالحًا"، وأخرج له الشيخان، (تهذيب الكمال 16/ 66 - 69)، وقال الذهبي:"ثقة"(الكاشف 2959)، وقال الحافظ:"صدوق" (التقريب
3588).
وعبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عَتِيق؛ روَى عنه جماعةٌ من الثقات، وقال عنه أحمد:"لا أعلم إلا خيرًا"(العلل- رواية عبد الله 3335)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 7/ 65)، وقال في (مشاهير علماء الأمصار 1137):"كان ثبْتًا، إلا أنه ربما وهِمَ في الأحايين"، وذكره ابن شاهين في (الثقات 809)، وقال الذهبي:"وُثِّق"(الميزان 3240)، وقال الحافظ:"مقبول"(التقريب 3920).
وقد تُوبِع كما في:
الوجه الثاني: عن محمد بن إسحاقَ، عن عبد الله بن أبي عَتيق:
أخرجه أحمد (24203) قال: حدثنا إسماعيل، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن عائشةَ، به.
إسماعيل هو ابن عُلَيَّة، وقد تابعه جماعةٌ:
فأخرجه الشافعي في (المسند 56)، و (الأم 65) - ومن طريقه البَيْهَقي في (الكبرى 137)، و (الصغرى 79)، و (المعرفة 582) -، والحُمَيدي في (مسنده 162)، وابن أبي عُمر في "مسنده"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 332) -، ثلاثتُهم: عن ابن عُيَيْنة
(1)
.
(1)
وقيل: عن ابن عُيَيْنة عن مِسْعَر عن ابن إسحاق، كذا رواه البَيْهَقي في (الكبرى 137) من طريقين عن عليِّ بن عبد الحميد الغضائري (محدِّث حلب، ووثَّقه الخطيب)، عن ابن أبي عُمر، عن سفيان به. قال الحافظ:"لكن الذي في "مسند ابن أبي عمر" ليس فيه (مِسْعَر)، فيحتمل أن يكون عنده على الوجهين"(التلخيص الحبير 1/ 99).
وإسحاق بن راهويه في (المسند 1116): عن عيسى بن يونس.
وأحمد (24332): عن عَبْدَة بن سُلَيمان.
وأحمد أيضًا (26014): عن يزيدَ بن هارون.
وابنُ أبي خَيْثَمة في (تاريخه- السِّفْر الثاني 3740): من طريق إبراهيم بن سعد.
وابن المُنْذر في (الأوسط 336)، والبَيْهَقي في (شُعَب الإيمان 1939)، وأبو الشيخ في (ذكر الأقران 298)، وأبو نُعَيم في (الحلية 7/ 159)، وفي "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 335) -: من طريق مسلم بن إبراهيم، عن شُعْبة
(1)
.
ورواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 334) -: من طريق قيس بن الربيع.
والبَغَوي في (شرح السنة 200): من طريق أحمد بن خالد.
كلُّهم (ابن عُلَيَّة، وابن عُيَيْنة، وعيسى، وعَبْدة، ويزيد، وإبراهيم، وشُعْبة، وقَيْس، وأحمد بن خالد): عن محمد بن إسحاقَ، عن عبد الله بن محمد بن أبي عَتِيق، عن عائشةَ، به.
وهذا إسناد رجالُه ثقات، عدا محمد بن إسحاقَ فـ"صدوق يدلِّس" كما في (التقريب 5725). وقد صرَّح بالتحديث كما في رواية إسماعيلَ ابن عُلَيَّة، وإبراهيمَ بن سعد؛ فزالت شبهةُ تدليسه.
(1)
في رواية أبي نُعَيم في "السواك" قال: "عن عبد الله بن أبي بكر - من آل أبي بكر -"، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، نُسِب إلى جده الأعلى.
الوجه الثالث: عن محمد بن عبد الله بن أبي عَتيق، عنه:
قال الطبراني في (الأوسط 276): حدثنا أحمد بن رِشْدِين، قال: نا رَوْح بن صلاح، قال: نا سعيد بن أبي أيوب، عن محمد بن عبد الله بن أبي عَتِيق، عن أبيه، عن عائشة، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: شيخ الطبراني أحمد بن رِشْدِين، وهو أحمد بن محمد بن الحَجَّاج بن رِشْدِين؛ ضعيف، انظر (لسان الميزان 740).
الثانية: رَوْح بن صلاح؛ ضعَّفه ابن عَدِي، والدارَقُطْني، وقال ابن يونس:"رُويتْ عنه مناكيرُ"، وقال ابن ما كُولا:"ضعَّفوه"، وذكره ابن حِبَّان في (ثقاته)، وقال الحاكم:"ثقة مأمون". انظر (اللسان 3165).
وأما محمد بن عبدالله بن أبي عَتِيق؛ فروَى عنه جماعةٌ من الثقات، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 7/ 364)، وروَى له البخاري مقرونًا بغيره، وقال الذُّهْلي:"وهو حسَنُ الحديث عن الزُّهْري، كثيرُ الرواية، مقارب الحديث"(تهذيب الكمال 25/ 549 - 551). وقال الدارَقُطْني: "ثقة"(سؤالات الحاكم 477)، وكذا وثَّقه الذهبي في (تاريخ الإسلام 3/ 729 - 730). ومع هذا قال الحافظ:"مقبول"! (التقريب 6047).
الطريق الثاني: عن القاسم بن محمد، عن عائشة:
ورُوي عنه من أربعة أوجه:
الوجه الأول: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عَتيق، عن القاسم:
أخرجه البَيْهَقي في (الكبرى 139) قال: أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، ثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سُلَيمان، ثنا عبد الله بن وَهْب، عن سُلَيمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عَتيق، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، به.
وكذا رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 335) - من طريق سُلَيمان بن بلال، به.
وهذا إسناد رجالُه كلُّهم ثقات، لكن رواه يزيدُ بن زُرَيْع والدَّرَاوَرْديُّ عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عَتيق، عن أبيه، عن عائشة، به.
فإن كان سُلَيمان بن بلال حفِظه؛ فهو إسناد صحيح، ويُجمع بينهما بأن عبد الرحمن سمِعه من أبيه ومن القاسم أيضًا، كلاهما عن عائشة، والله أعلم.
ولهذا قال البَيْهَقي بعد أن ساقه من طريق عبد الرحمن عن أبيه: "وقيل: عبد الرحمن، عن القاسم بن محمد، فكأنه سمِعه منهما جميعًا"، ثم ساق هذا الطريقَ.
وقال الحافظ: "رواه سُلَيمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عَتيق، عن القاسم، عن عائشة. فإن كان سُلَيمان حفِظه؛ فيُشْبه أن يكون عبدُ الرحمن سمِعه من أبيه وابنِ عمِّ أبيه القاسم"(تغليق التعليق 3/ 165).
وقد رُوي نحوُه من وجوه أخرى:
فرواه المُسْتَغْفري في (الطب ق 167) عن عبد الله بن محمد بن زر، عن أبي الحُسين الطَّبَري، عن الحسن بن الصَّبَّاح، عن مُؤَمَّل بن إسماعيل، عن سُفْيان وشُعْبة، عن محمد بن إسحاقَ، عن رجل من آل أبي بكر، عن القاسم، عن عائشة، به.
وهذا إسناد منكَر؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: أبو الحسين الطَّبري، وهو محمد بن صالح؛ قال الذهبي:"فيه لِينٌ"(تاريخ الإسلام 7/ 195).
الثانية: مُؤَمَّل بن إسماعيل؛ قال عنه الحافظ: "صدوق سيِّئُ الحفظ"(التقريب 7029).
الثالثة: المخالفة؛ فقد رواه مسلم بن إبراهيم- وهو "ثقة مأمون"(التقريب 6616) - عن شُعْبة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن محمد بن أبي عَتِيق، عن عائشة، به.
وكذا رواه جماعةٌ من الحُفَّاظ عن محمد بن إسحاق، به. وقد سبق ذِكرُهم في الطريق الأول.
ورواه أبو نُعَيم في (الحلية 7/ 94) عن الطبراني عن عَبَّاد بن عبد الله العَدَني، حدثنا يزيد بن أبي حَكيم العَدَني، حدثنا سُفْيان الثَّوْري، عن محمد بن إسحاق، عن رجل، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، به.
وهذا إسناد منكَرٌ أيضًا؛ فيه- مع إبهام الراوي عن القاسم- عَبَّاد بن محمد بن عبد الله العَدَني؛ ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام 6/ 761) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
والمحفوظ عن محمد بن إسحاقَ، عن عبد الله بن محمد بن أبي عَتيق، عن عائشة، به.
وقال أبو نُعَيم- عَقِبه-: "كذا رواه يزيدُ، ولم يُسَمِّ الرجلَ، ورواه المُؤَمَّل بنُ إسماعيلَ وكَنَّاه".
ثم ساقه في (الحلية 7/ 94) من طريق محمد بن محمد بن سُلَيمان، حدثني عبد الله بن اللَّيْث المَرْوَزي، حدثنا مُؤَمَّل بن إسماعيل، عن سُفْيانَ الثَّوْري، وشُعْبة، عن محمد بن إسحاقَ، عن أبي عَتِيق التَّيْمي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، به.
وهذا إسناد منكَرٌ أيضًا؛ فيه محمد بن محمد بن سُلَيمان وهو ابن الباغَنْدي؛ وفيه كلامٌ معروف، وكان يدلِّس مع ذِكر صيغةِ الإخبار. انظر (اللسان 7356).
وشيخه عبدُ الله بن اللَّيْث المَرْوزي الراوي عن مُؤَمَّل؛ ذكره الخطيب في (تاريخ بغداد 11/ 235) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
هذا مع سوء حفظ المُؤَمَّل، ومخالفةِ هذه الروايةِ لرواية الحُفَّاظ عن ابن إسحاقَ، كما تقدَّم بيانُه.
الوجه الثاني: عن ابن أبي عَتِيق، عن القاسم بن محمد:
علَّقه الدارَقُطْني في (العلل 3768): عن داود بن الزِّبْرِقان، عن ابن أبي عَتِيق، عن القاسم، عن عائشة.
وعقَّبه بقوله: "وليس هو بمحفوظ".
قلنا: وهو كما قال؛ فإن داود بن الزِّبْرِقان هذا تالفٌ، قال عنه الحافظ:"متروك، وكذَّبه الأَزْديُّ"(التقريب 1785)، والمحفوظ عن ابن أبي عَتيق عن عائشةَ، بلا واسطةٍ، كذا رواه عنه ابنُه عبد الرحمن ومحمد بنُ إسحاقَ وغيرُهما، كما تقدَّم في الطريق الأول.
ولهذا قال الدارَقُطْني أيضًا: "والصحيح أن ابن أبي عَتيق سمِعه عن عائشة، وذِكْرُ القاسم فيه غيرُ محفوظ"(العلل 3768). وتبِعه السخاوي في (فتح
المغيث 4/ 74)
(1)
.
الوجه الثالث: عن داود بن الحُصَين، عن القاسم بن محمد:
أخرجه ابن أبي شَيْبة في (المصنف 1803) والدارمي في (مسنده 702): عن خالد بن مَخْلَد.
وإسحاق بن راهويه (المسند 936)، وابن عَدِي في (الكامل 1/ 531): عن أبي عامر العَقَدي.
وأحمد (25133): عن محمد بن إسماعيلَ بن أبي فُدَيْك.
وأبو يَعلَى (المسند 4569): من طريق حُمَيد بن عبد الرحمن.
كلُّهم: عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبِيبة، عن داود بن الحُصَين، عن القاسم، عن عائشة، به. زاد عند إسحاقَ- والسياق له- وأحمدَ وأبي يعلى:
…
وقال: ((إِنَّ فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ))، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا السَّامُ؟ فَقَالَ:((الْمَوْتُ)).
وكذا رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 335) - من طريق جماعةٍ عن إبراهيم، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبِيبة قال عنه البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث"، وقال ابن مَعين:"ليس بشيء". ومرَّةً قال:
(1)
إلا أنه ذكر أن داود بن الزِّبْرِقان رواه عن ابن إسحاق، فأدخل بين أبي عَتيق وعائشةَ القاسمَ. كذا قال، والظاهر من سياق كلامه أنه معتمِدٌ على العلل للدارقطني، والذي في العلل ما تقدَّم ذكرُه: أن داود بن الزِّبْرِقان رواه عن ابن أبي عَتِيق، عن القاسم، وليس عن ابن إسحاق، والله أعلم.
"صالح، يُكتَب حديثُه، ولا يُحتج به"، وضعَّفه التِّرْمذي والنَّسائي، وقال الدارَقُطْني وغيرُه:"متروك"، وقال ابن حِبَّان:" كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل" وقال الحاكم: " حديثُه ليس بالقائم".
وفي المقابل: وثَّقه أحمدُ، والعِجْلي. انظر ترجمته في (تهذيب التهذيب 1/ 104 - 105).
وقال الحافظ: "ضعيف"(التقريب 146). وهو كما قال.
والحديث ذكره ابن عَدِي في ترجمته، مع جملة من حديثه، ثم قال:"ولإبراهيمَ غيرُ ما ذكرتُه من الأحاديث، ولم أجد له أوحشَ من هذه الأحاديث، وهو صالحٌ في باب الرواية كما حُكِي عن يحيى بن مَعين، ويُكتَب حديثُه مع ضعفه".
الوجه الرابع: عن عيسى بن مَيْمون، عن القاسم بن محمد:
أخرجه أبو القاسم الأصبهانيُّ في (الترغيب والترهيب 1570)، قال: أخبرنا أبو بكر التَّفْليسي بنيسابورَ، أنبأ أبو يَعلَى المُهَلَّبي، ثنا أبو حامد أحمد بن عليِّ بن الحسن المُقْرئ، ثنا أبو هاشم خالد بن يزيد، ثنا عثمان بن سعيد أبو بكر الصَّيْدَلاني، ثنا خالد بن عبد الرحمن، ثنا عيسى بن مَيْمون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة. وعن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ مسلسَلٌ بالعِلل:
الأولى: عيسى بن ميمون، هو المَدَني مولى القاسم؛ قال عنه البخاري:"منكر الحديث"، وقال ابن أبي حاتم:"متروك الحديث"، وقال ابن مَعين:"ليس بشيء"، وقال النَّسائي:"ليس بثقة"، وقال التِّرْمذي: "يُضَعَّف في
الحديث"، انظر:(تهذيب الكمال 4667).
الثانية: أبو حامد أحمد بن عليِّ بن الحسن المُقْرئ، وهو ابن حَسنُويَه النيسابوريُّ التاجر؛ كذَّبه محمد بن يوسف الجُرْجاني، وقال الحاكم:"كان من المجتهدين في العبادة الليلَ والنهارَ. ولو اقتصر على سماعه الصحيح، لكان أَوْلى به، لكنه حدَّث عن جماعة أشهد بالله أنه لم يسمع منهم"(تاريخ الإسلام 7/ 885)، وقال الخليلي:"ضعيف جدًّا، لا يُعوِّل عليه الحاكمُ، يقول: حدثنا أبو حامد إنْ حلَّتِ الروايةُ عنه"(الإرشاد 3/ 840).
الثالثة: عثمان بن سعيد أبو بكر الصَّيْدَلاني، لم نقف له على ترجمة، ولعل الصواب: عثمان بن سعيد أبو بكر الصَّيْداوي، ترجم له ابن منْدَهْ في (فتح الباب في الكنى والألقاب ص 131)، ابنُ عساكرَ في (تاريخ دمشق 38/ 367)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
الرابعة: أبو هاشم خالد بن يزيد؛ لم نعرفه.
وقد رُوي من وجه آخَرَ عن هشام بن عُرْوة عن أبيه، سيأتي قريبًا.
الطريق الثالث: عن عُبَيد بن عُمَير، عن عائشة:
أخرجه ابن خزيمة (صحيحه 145) - ومن طريقه البَيْهَقي في (السنن الكبرى 141) - قال: حدثنا الحسن بن قَزَعةَ بن عُبَيد الهاشمي، حدثنا سفيان بن حبيب، عن ابن جُرَيج، عن عثمان بن أبي سُلَيمان، عن عُبَيد بن عُمَير، عن عائشة، به.
ورواه أبو نُعَيم في (تاريخ أصبهان 2/ 67)، من طريق سَهْل بن موسى، عن الحسن بن قَزَعة، به.
وهذا إسناد رجالُه ثقات، إلا أن فيه ابنَ جُرَيج وهو مدلِّس، وقد عنعن.
وفي سماع عثمانَ بن أبي سُلَيمانَ من عُبَيد بن عُمَير نظرٌ؛ فبين وفاتيهما ما يزيد على ستين سنةً، لاسيما وهو يروي عنه دائمًا بواسطة عليِّ بن عبد الله الأَزْدي، والله أعلم.
الطريق الرابع: عن عَمْرَة، عن عائشة:
أخرجه البَيْهَقي في (الشُّعَب 2522)، قال: أخبرنا أبو الحسن بن عَبْدانَ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن مَحْمُويَه العسكري، حدثنا جعفر بن محمد القَلَانِسي، حدثنا ابن أبي شَيْبة، حدثنا ابن إدريسَ، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عَمْرة، عن عائشة، به.
وأخرجه موسى بن هارون البَزَّاز في (جزء من حديثه- رواية ابن لال ق 57/ أ): عن عثمان بن أبي شَيْبة عن ابن إدريس، به.
وهذا الطريق غيرُ محفوظ؛ لمخالفة ابن إدريسَ لرواية الجماعة عن ابن إسحاق؛ حيث رواه (ابنُ عُلَيَّة، وابنُ عُيَيْنة، وعيسى بن يونس، وعَبْدَة، ويزيد، وشُعْبة، وأحمد بن خالد) كلُّهم عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن محمد بن أبي عَتِيق، عن عائشة، به. وقد تقدَّم آنفًا.
ولذا أعلَّ الدارَقُطْني طريق ابنِ إدريسَ هذا بقوله: "لم يتابَع عليه"(العلل 3768).
وقال البَيْهَقي- عقبه-: "كذا قال، والصواب محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن محمد بن أبي عَتيق، عن عائشة"(الشعب 2522).
الطريق الخامس: عن عُرْوة، عن عائشة:
أخرجه ابن عَدِي في (الكامل 2/ 96) قال: حدثنا عُمر بن سِنَان، حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، حدثنا إسماعيل بن عَيَّاش، عن هشام بن عُرْوة،
عن أبيه، عن عائشة، به.
وأخرجه ابن عساكر في (تاريخه 37/ 323): من طريق الحسن بن سفيان، عن عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، به.
وهذا إسناد تالف؛ فيه عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، وهو السُّلَمي الحِمْصي؛ وهو متروك متَّهَم، قال البخاري:"عنده عجائبُ"، وقال أبوحاتم: "كان يكذب
…
وحدَّث بأحاديثَ كثيرةٍ موضوعة، فخرجْتُ إليه، فقلت: ألا تخافُ اللهَ؟ ! فضَمِنَ لي أن لا يحدِّثَ بها، فحدَّث بها بعد ذلك"، وقال أبو داود: "كان يضع الحديث"، وقال النَّسائي والدارَقُطْني والعُقَيليُّ والبَيْهَقي: "متروك"، وقال صالح بن محمدٍ الحافظُ: "منكر الحديث، عامة حديثِه كذِبٌ"، وقال أبو داود: "غير ثقة، ولا مأمون"، وقال ابن حِبَّان: "كان يسرق الحديث، لا يحل الاحتجاجُ به". انظر (تهذيب التهذيب 6/ 446 - 447).
وبه أعلَّه ابن دقيق، فقال:"رواه عن إسماعيل: عبدُ الوهاب بن الضَّحَّاك، وقد تُكُلِّم فيه"(الإمام 1/ 335).
الطريق السادس: عن أبي حارِث، عن عائشة:
أخرجه المُسْتَغْفِري في (فضائل القرآن 134) قال: أخبرنا الشيخ أبو عليٍّ زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو لَبِيد محمد بن إدريس، حدثنا يحيى بن حجر بن النُّعْمان، حدثنا يزيد- هو ابن زُرَيْع-، عن عبد الرحمن بن أبي عَتِيق، قال: سمعت أبا حارث، عن عائشة، به.
وهذا إسناد منكر؛ فيه: يحيى بن حجر بن النعمان، لم يوثِّقه مُعتبَرٌ، إنما ذكره ابن حِبَّان في (الثقات 9/ 267) على قاعدته.
والمحفوظ عن يزيد بن زُرَيْع ما رواه الجماعة- وفيهم الثقاتُ الحفاظ - عنه، عن عبد الرحمن بن أبي عَتيق، عن أبيه، عن عائشة، به، كما تقدَّم في الطريق الأول.
وأبو حارث هذا لا يُعرَف، ولعله محرَّفٌ من (سمعت أَبي يحدِّث)، فيرجع إلى رواية الجماعة عن يزيدَ، كما في الطريق الأول، وللأسف لم نتمكن من الوقوف على النسخة الخطية للكتاب.
ومما يؤكِّد ذلك؛ أن المُسْتَغْفِري أعقبه برقْم (135) برواية محمد بن عبد الأعلى، عن يزيدَ بن زُرَيْع، عن عبد الرحمن بن عَتيق، عن أبيه، أنه سمِع عائشةَ، به.
الطريق السابع: عن أم عبد الله، عن عائشة:
ورواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 335 - 336): عن أحمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أحمد بن أَسِيد، عن إسحاق بن إبراهيم بن داود السَّاجي، عن خالد بن يحيى السَّعيدي، عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْري، عن أم عبد الله، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ؛ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
وهذا إسناد منكر؛ إسحاق بن إبراهيم بن داود الساجي، وخالد بن يحيى السَّعيدي، لم نعرفْهما
(1)
، والمحفوظ عن محمد بن إسحاقَ: ما رواه الجماعة عنه، عن ابن أبي عَتيق، عن عائشة، به، وقد تقدَّم ذِكرُهم في الطريق الأول.
(1)
ولعل إسحاق بن إبراهيم هذا هو ابن داودَ السَّوَّاق، فتحرَّفت إلى (الساجي)، فالطبقة محتملة، والله أعلم.
خلاصة ما تقدم:
أن الطريق الأولَ جيِّدٌ لا مَغْمَز فيه، وطريق سُلَيْمان بن بلال عن عبد الرحمن بن أبي عَتيق عن القاسم صحيحٌ لذاته لولا أننا نخشَى أن يكون غيرَ محفوظ، فإن الإسناد نازل جدًّا، وطريق عُبَيد بن عُمَير مقارب لولا عنعنةُ ابنِ جُرَيج، وبقية طرقه واهيةٌ منكَرة.
فالحديث على كل حالٍ جيِّدٌ من طريق ابن أبي عَتيق عن عائشة، وإذا سَلِمَ طريقُ القاسم؛ بلغ الغايةَ.
وقد صحَّحه ابنُ خُزَيمة وابن حِبَّان؛ فأخرجاه في صحيحيهما.
وحسَّنه ابن عبد البر في (التمهيد 18/ 301).
وقال البَغَوي: "حديث حسن"(شرح السنة 199).
وقال النَّوَوي: "حديث صحيح، رواه أبو بكر محمد بن إسحاقَ بن خُزَيمة إمامُ الأئمة في صحيحه، والنَّسائي والبَيْهَقي في سننهما، وآخرون، بأسانيدَ صحيحةٍ"، ثم قال: "وذكره البخاريُّ في صحيحه في كتاب الصيام تعليقًا، فقال: (وقالت عائشة
…
)، وهذا التعليق صحيحٌ؛ لأنه بصيغة جزْمٍ، وقد ذكرت في علوم الحديث أن تعليقاتِ البخاري إذا كانت بصيغة الجزم فهي صحيحة" (المجموع 1/ 267)، وبنحوه في (رياض الصالحين ص 337)، ولكن قال في (الخلاصة 1/ 85): "حديث حسَن، رواه أبو بكر بن خزيمة في "صحيحه" والنَّسائي وغيرُهما بأسانيدَ حسنةٍ".
وقال ابن دقيقِ العيدِ- بعد ذِكرِه لبعض الطرق السالفة الذِّكر-: "فالحديث جيِّد، ولهذا أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظ في "المستدرك" فيما بلغني. وكلام البخاري أيضًا يُشعِر بصحته عنده، فإنه قال: (وقالت عائشة،
عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)))، فأورده بصيغة الجزم بأن عائشة رضي الله عنها قالتْه" (الإمام 1/ 333).
وقال ابن المُلَقِّن: "ذكره البخاري في (صحيحه) في كتاب الصيام تعليقًا
…
وهذا التعليق صحيح؛ لأنه بصيغة جزْم، وهو حديث صحيحٌ من غير شك ولا مِرْية، ولا يضرُّه كونُه في بعض أسانيده ابنُ إسحاق
…
فإن إسناد الباقين ثابتٌ صحيح لا مَطْعنَ لأحد في رجاله، وقد شهِدَ له بذلك غيرُ واحد" (البدر المنير 1/ 687). ثم نقَل عن ابن الصلاح أنه قال:"هذا حديث ثابت".
وكذا نقل عن المُنْذري أنه قال: "رجال إسنادِه كلُّهم ثقات".
وقال المنذري في (الترغيب والترهيب 322): "رواه البخاري معلَّقًا مجزومًا، وتعليقاتُه المجزومة صحيحةٌ".
وصحَّحه العراقي في (طرح التثريب 2/ 67).
وقال الهَيْثَمي: "رواه أبو يَعْلَى بإسنادين، في أحدهما ابنُ إسحاق، وهو ثقة مدلِّس، ورجال الآخَرِ رجالُ الصحيح"(المجمع 1116).
وقال البُوصِيري: "رواه البخاري معلَّقًا مجزومًا به، وتعليقاتُه المجزومة صحيحةٌ"(إتحاف الخِيَرة 1/ 289).
وقال العَيْني: "وأخرج أبو يَعلَى في (مسنده) بإسناد صحيح"، وذكره (نخب الأفكار 1/ 401).
ورمز لصحته السُّيوطيُّ في (الجامع الصغير 1/ 498).
وصحَّحه الألباني في (إرواء الغليل 1/ 105)، و (مشكاة المصابيح 1/ 122)،
و (صحيح الترغيب والترهيب 1/ 50).
[تنبيه]:
عزاه ابنُ دقيقِ العيدِ في (الإلمام 1/ 58) للحاكم في "المستدرك"، ولم يرَهَ بنفْسِه، كما يدلُّ عليه كلامُه في (الإمام 1/ 333)، حيث قال:"أخرجه الحاكم أبو عبد الله الحافظُ في "المستدرك"، فيما بلغني". وكذا عزاه للحاكم مُغْلَطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 111)، ولعله أخذ ذلك من ابن دقيق.
والحديث لم يخرِّجه الحاكمُ في "المستدرك" وإن كان على شرطه، وقد نبَّه على ذلك ابن المُلَقِّن، فقال:"وهذا الحديث لم أرَهُ في المستدرك فيما وقفتُ عليه من النسخ الشامية والمصرية، والشيخ تقي الدين رحمه الله لم يجزم بعزوه إليه، وإنما تردَّد فيه، لكنه جزم بذلك في ((الإلمام)). وقد عثَر بعضُ شيوخنا الحُفَّاظ، فجَزَم بأنه في المستدرك تقليدًا منه، فتنبَّه لذلك"(البدر المنير 1/ 688).
* * *
1105 -
حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ:
◼ عَنْ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
[الحكم]:
صحيح المتن من حديث عائشةَ، وإسناده معلول، وأعلَّه ابنُ مَعين، وعبد الأعلى بن حماد النَّرْسي، وأبو زُرعة، وأبو حاتم، وابنُ أبي خَيْثَمة، وابن عَدِي، والدارَقُطْني، وابن حَجَر.
[التخريج]:
[حم 7 "واللفظ له"، 62 / عل 109، 110، 4915 / مث 668 / تخث (السفر الثاني 3742، 3743) / بكر 108، 110 / نعيم (سواك- إمام 1/ 337) / فضش 509 / تمام 130 / بيتو 5 / عد (3/ 368) / سمرقندي (فوائد 53) / ضياء (مرو ق 30) / بحير (ق 31) / فصيب 98 / غلق (3/ 166) / بشرويه (ق 101/ أ) / مسند أبي إسحاق إبراهيم بن نصر الرازي (تد 2/ 428)]
[السند]:
أخرجه أحمد (7، 62): عن أبي كامل، وعَفَّان بن مسلم- فرَّقَهما-.
وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 668)، والمَرْوزيُّ في (مسند أبي بكر 108)، وأبو يَعلَى في (مسنده 109، 4615) - وعنه ابن عَدِي في (الكامل 3/ 368) -، والسراج في (البيتوتة 5)، وغيرُهم: عن عبد الأعلى بن حماد النَّرْسي.
وابنُ أبي خَيْثَمة في (تاريخه- السفر الثاني 3743)، والمروزي في
(مسند أبي بكر 110) ، وأبويعلى في (مسنده 110)، وغيرُهم: من طريق يونس بن محمد المؤدِّب.
وابن عَدِي في (الكامل 3/ 368)، والمُسْتَغْفِري في (الطب ق 168): من طريق عبد الله بن معاوية الجُمَحي.
وأبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 337) -: من طريق عيسى بن إبراهيم البِرَكي.
ستتُهم (أبو كامل، وعَفَّان، وعبد الأعلى بن حماد، ويونس بن محمد، وعبد الله بن معاوية، وعيسى البِرَكي): عن حَمَّاد بن سلَمة، عن ابن أبي عَتِيق، عن أبيه
(1)
، عن أبي بكر الصِّدِّيق، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله موثقون، فابن أبي عَتِيق هذا الظاهرُ أنه عبد الله بن أبي عَتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وهذا ما جزم به الدارَقُطْني، فقال:"وابن أبي عَتيق هذا هو: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر"(العلل 69). وبمثله قال سُلَيْمان بن أبي شيخ (أبو أيوب الواسطى الأَخْباري- أحد الرواة عن حماد بن سلمة)، كما في (تاريخ ابن أبي خَيْثَمة- السفر
(1)
إلا أن قوله: "عن أبيه" سقط من طبعة دار المأمون لمسند أبي يعلى (110)، وهو على الصواب في طبعة دار القبلة (105)، وكذا ذكره على الصواب: الهَيْثمي في (زوائد مسند أبي يعلى 125)، والبُوصِيري في (إتحاف الخِيَرة 471)، والحافظ في (المطالب العالية 67)، وكذا رواه عن أبي خَيْثَمة (شيخ أبي يعلى) على الصواب: المروزي في (مسند أبي بكر 110)، وأبو نُعَيم بِشْرُويَه بن محمد في (جزء من حديثه ق 101 أ) عن أحمد بن الحسن الصوفي. كلاهما: عن أبي خَيْثَمة، عن يونس، به.
الثاني 3744).
بينما قال أبو زُرعة الرازيُّ: "ابن أبي عَتيق الذي يروي عنه حمادُ بن سلمة اسمه: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أبي بكر الصديق، مرسَلٌ"(المراسيل لابن أبي حاتم 461).
ولكن يبدو أن في عبارة أبي زُرعة قلبًا، فإن عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن محمد، وليس ابن محمد بن عبد الله. لكن المُشْكِل في كلامه أيضًا، أنه قال (عن أبي بكر)، والمحفوظ عن حماد (عن ابن أبي عَتيق، عن أبيه، عن أبي بكر)، والله أعلم.
وما ذهب إليه أبو زُرعة من كونه عبدَ الرحمن، هو ظاهرُ صنيع الأئمة الذين تكلَّموا على هذا الحديث، ومنهم الدارَقُطْني نفْسُه، وسيأتي نصُّ كلامه.
ولهذا قال الهَيْثمي: "رجاله ثقات، إلا أن عبد الله بن محمد لم يسمع من أبي بكر"(المجمع 1113).
قلنا: وعلى كل حال، فهو إسناد معلول؛ قد أخطأ فيه حَمَّاد بن سلَمة، حيث جعله من مسند أبي بكر الصديق، والمحفوظ عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عَتيق عن أبيه عن عائشة، كذا رواه يزيدُ بن زُرَيْع وعبدُ العزيز الدَّرَاوَرْدي عنه.
وكذا رواه محمد بن إسحاق وغيرُه، عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن عائشة، به. وقد تقدَّم بيانُ ذلك كلِّه في حديث عائشة.
وحَمَّاد بن سلَمة إذا روَى عن غير ثابت، يخطيء كثيرًا، كما قال الإمام مسلم في (التمييز ص 218).
ولذا أَعل حديثَه هذا غيرُ واحد من الأئمة النُّقَّاد:
* فقال ابن أبي خَيْثَمة في "تاريخه": سُئل يحيى بن مَعِين عن حديث حَمَّاد هذا، فقال:"خالفوه، وقالوا: عن عائشة"(إكمال تهذيب الكمال لمُغْلَطاي 4/ 146)
(1)
.
وبنحوه قال ابن أبي خَيْثَمة، عَقِبَ الحديث، انظر (تاريخه- السفر الثاني 3742).
* وقال أبو يَعلَى: "سألت عبد الأعلى - يعني: ابن حَمَّاد- عن حديث أبي بكر الصديق؟ فقال: "هذا خطأٌ" (مسند أبي يعلى 4915).
* وسأل ابنُ أبي حاتم أباه وأبا زُرْعة عنه، فقالا:"هذا خطأٌ، إنما هو ابن أبي عَتيق عن أبيه عن عائشة"، قال أبو زُرْعة:"أخطأ فيه حَمَّاد"، وقال أبو حاتم:"الخطأ من حماد أو ابن أبي عَتيق"(العلل 6).
* وقال الدارَقُطْني: "يرويه حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر.
وخالفه جماعةٌ من أهل الحجاز، وغيرُهم، فرَوَوْه عن ابن أبي عَتيق، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصواب" (العلل 69).
* وقال ابن عَدِي- عَقِبَه-: "ويقال: إن هذا الحديث أخطأ فيه حماد بن سلمة، حيث قال: عن ابن أبي عَتيق عن أبيه عن أبي بكر الصِّدِّيق، وإنما رواه غيرُه عن ابن أبي عَتيق عن أبيه عن عائشة". وأقرَّه ابن طاهر في (الذخيرة 3/ 1493).
(1)
وهذا النص من الأجزاء المفقودة - حتى الآن - من تاريخ ابن أبي خَيْثَمة.
* وقال ابن حَجَر: "وشذَّ حماد بن سلمة، فرواه عن ابن أبي عَتيق عن أبيه عن أبي بكر الصِّدِّيق، وهو خطأٌ"(تغليق التعليق 3/ 166).
ولم يتنبَّهْ لهذه العلةِ ابنُ السَّكَن، فذكره في ((صحاحه))! ، كما في (البدر المنير 1/ 689)، جريًا على ظاهر إسنادِه، وتبِعه مُغْلَطاي، فقال:"سنده صحيح"(شرح ابن ماجه 1/ 112)! .
(هذا وقد رواه بعضُهم عن حماد، فخالفوا روايةَ الجماعة- السابق ذكرُهم- عن حماد في إسناده:
فرواه ابن أبي خَيْثَمة في (تاريخه- السفر الثاني 3742) عن أبي سلَمة موسى بن إسماعيل التَّبُوذَكي، عن حماد بن سلمة، عن ابن أبي عَتيق، عن جده، عن أبي بكر الصديق، به.
كذا رواه ابن أبي خَيْثَمة، ورواه أبو إسحاق إبراهيم بن نصْر الرازي في "مسنده"
(1)
- كما في (التدوين في أخبار قَزْوين 2/ 428) - عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن ابن أبي عَتيق، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقال مرةً: عن ابن أبي عتيق، عن جده أبي بكر، أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
(1)
ذكره الخليلي في ترجمة إبراهيم، فقال:"له مسند كبير نيِّفٌ وثلاثون جزءًا، سمِع ذلك المسندَ شيوخُ قَزْوين: أبو الحسن القَطَّان، وجدِّي أحمد بن إبراهيم، وابنُ مَهْرُويه، وأبو داود الفامي، وبهَمَذان: عبد الرحمن بن حَمْدان، وهو صدوق"(الإرشاد 2/ 650). وقال الذهبي: "الحافظ، الإمام، المجوِّد، أبو إسحاق الرازي، محدث نَهَاوَنْد. قيل: إن إبراهيم بن نصر، لطول مقامه بالبصرة، فتح بها دكانًا، وقد صنف (المسند) وقدِمَ همْدان وحدَّث بها، وكان كبيرَ الشأن، عالي الإسناد"(السير 13/ 355).
ورواه السَّمَرْقَندي في (فوائده 53) عن أبي أُمَيَّة الطَّرَسُوسي، قال: حدثنا يونس بن محمد، ثنا حماد بن سلمة، عن ابن أبي عَتيق، عن أبيه، وقال مرة: عن جده عن أبي بكر الصديق
…
به.
والذي يبدو أن الشك فيه من حماد بن سلَمة؛ فقد ذكر ذلك عنه موسى التَّبُوذَكي ويونسُ بن محمد، وإن كان المحفوظُ عن يونس، عن حماد، عن ابن أبي عَتيق، عن أبيه به، كما تقدَّم.
وهذا يؤكِّد أن حماد بن سلَمة لم يَضبِطْ سندَ هذا الحديث، فكان يشكُّ فيه، مع خطئِه في جعْلِه من مسند أبي بكر، والصواب أنه:(عن عائشة)، كما رواه غيرُ واحد عن ابن أبي عَتيق، وجزم به الأئمةُ الحُفَّاظ.
أو لعل الشكَّ من ابن أبي عَتيق، وحمادٌ هو الذي يحكي ذلك عنه، ولعله لذلك قال أبو حاتم- كما تقدَّم-:"الخطأُ من حماد أو ابنِ أبي عَتيق"(العلل 6). والله أعلم.
* ورواه تمَّام الرازي في (فوائده 30) قال: أخبرنا أبو الحسن خَيْثَمة بن سُلَيمان قراءةً عليه، وأبو القاسم عليُّ بن يعقوب بن إبراهيم، وأبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الكِنْدي ابن بنت عَدَبَّس، وغيرُهم، قالوا: ثنا أبو عليٍّ الحسن بن جَرير الصُّوري، أبنا محمد بن عُبيد الغَسَّاني، ثنا حَمَّاد بن سلَمة، عن ابن عَون، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق، به.
قال صاحب (الروض البَسَّام بترتيب وتخريج فوائد تمَّام 1/ 205): "هكذا في جميع النسخ (ابن عون عن أبيه) ".
قلنا: وهذا إسناد منكر؛ فيه: محمد بن عُبيد الغساني؛ لم نقف له على ترجمة.
والمحفوظ عن حَمَّاد بن سلَمة، عن ابن أبي عَتيق، عن أبيه، عن أبي بكر، به، كما تقدَّم.
ولعل (ابن عون) محرَّفٌ من (ابن أبي عَتيق). والله أعلم.
* ورواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 337) - عن أبي بكر ابن خَلَّاد، عن أبي مَعْشَر الحسن بن سُلَيْمان الدارمي، عن محمد بن يحيى، حدثنا إبراهيم بن عيسى، عن حَمَّاد بن سلَمة، عن محمد بن أبي عَتيق، عن أبيه، عن أبي بكر، به.
وهذا غريب جدًّا، وإبراهيم بن عيسى هذا لم نعرفْه، ولعله إبراهيم بن عيسى الخَلَّال، الذي يروي عن سُفْيان الثَّوري، وأبي هلال الرَّاسِبي، ومبارك بن فَضَالةَ، فهذه طبقة حماد بن سلمة، فإن كان كذلك؛ فهو مجهول الحال، ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 116) بروايته عن الثلاثة المذكورين، وقال:"سمِع منه أَبي بالبصرة سنةَ أربعَ عشرةَ ومائتين". وتبِعه الذهبي في (تاريخ الإسلام 5/ 266)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وقد سبق الحديثُ من طريق الحُفَّاظ الأثبات عن حماد بن سلَمة، ولم يعيِّن أحدٌ منهم ابنَ أبي عَتيق هذا بأنه (محمد)، ومع اختلاف العلماء في تعيينه- كما تقدَّم- لم يقل واحدٌ منهم: إنه (محمد). هذا، والله أعلم.
* * *
1106 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ؛ فَإِنَّهُ مَطْيَبَةٌ (مَطْهَرَةٌ) لِلْفَمِ، وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، دون قوله:((عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ))، فإسنادُه ضعيف. وضعَّفه ابن عَدِي، والضِّياء، والمُنْذري، والهَيْثمي، وابنُ المُلَقِّن، وابن حَجَر، والمُناوي.
[التخريج]:
[حم 5865 "واللفظ له" / طس 3113 / موصل (مُغْلَطاي 1/ 112) / عد (9/ 369) "والرواية له" / نعيم (سواك- إمام 1/ 336) / شيو 364 / كر (7/ 57)، (37/ 409)، (43/ 6) / سفر 613]
[التحقيق]:
يُروَى هذا الحديثُ عن ابن عُمر من طرق ثلاثة:
الطريق الأول: عن نافع، عن ابن عُمر. ورُويَ عن نافع من وجهين:
الوجه الأول:
أخرجه أحمد (5865)، قال: حدثنا قُتَيْبة بن سعيد، حدثنا ابن لَهِيعة، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عُمر، به.
وأخرجه الطبراني في (الأوسط 3113) - ومن طريقه أبو نُعَيم في "السواك"، كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 336) -، من طريق عبد الله بن يوسف، وشُعَيب بن يحيى، قالا: حدثنا ابن لَهِيعة، به.
وكذا رواه أبو زكريا يزيدُ بن محمد المَوْصلي في "تاريخ الموصل"- كما
في (شرح ابن ماجه لمُغْلَطاي 1/ 112) -، وقاضي المارَسْتان في (مشيخته 364)، وابن عساكر في (تاريخه 7/ 57، 37/ 409)، من طُرُق، عن ابن لَهِيعة، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ من أجْل عبد الله بن لَهِيعة، فالعمل على تضعيف حديثِه كما تقدَّم مِرارًا.
وبه ضعَّفه الهيثمي، فقال:"رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه ابنُ لَهِيعة، وهو ضعيف"(المجمع 1114).
وأشار لذلك الضِّياء، بقوله:"رواه الإمام أحمد من حديث ابن لَهِيعة"(السنن والأحكام 1/ 74)، وكذا فعل المُنْذري في (الترغيب 324)، وابنُ المُلَقِّن في (البدر المنير 1/ 689)، وتبِعه الحافظ في (التلخيص 1/ 100).
ولذا قال المُناوي: "ضعَّفه المُنْذري بابن لَهِيعة"، وأقرَّه، (التيسير 2/ 141).
ومع هذا قال الألباني: "ورجاله ثقات رجالُ الشيخين غير ابن لَهِيعة، فهو سيِّئ الحفظ، وبه أعلَّه المُنْذري، ثم الهيثمي. ثم استدركتُ فقلت: بل هو إسناد جيِّد؛ لأن قُتَيبة أحاديثُه عن ابن لَهِيعةَ صحيحةٌ"(الصحيحة 6/ 55).
قلنا: وقد تقدَّم بيانُ أن قول بعضِ أهل العلم: (إن رواية فلان وفلان عن ابن لَهِيعة صحيحةٌ)، إنما يَعْنون بذلك أنها صحيحةُ النِّسْبة إلى ابن لَهِيعة، لا أنها صحيحةٌ في ذاتها؛ لأن ابن لَهِيعة كان يتلقَّن، فأي كتاب جاؤُوه به إليه حدَّث منه، وإن لم يكن فيه حديثٌ واحد من حديثه، وهذا بخلاف روايةِ العَبادلةِ وقُتَيْبةَ وغيرِهم عنه، حيث كانوا يتتبَّعون أصولَه وكتبَه، وانظر ما سطرْناه في ترجمة ابن لَهِيعة في باب:"ما رُوي في أن بقاء أثر دم الحيض في الثوب لا يضر".
الوجه الثاني:
أخرجه أبو طاهر السِّلَفي في (معجم السفر 613)، قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الكريم بن عبد الملك بن علي الورّاقي بأَبْهَرَ، أنا أَبي أبو القاسم عبد الملك بن عليِّ بن حَيَّان المالكيُّ، أنا أبو عليٍّ عبد الرحمن بن محمد بن فَضَالةَ الحافظُ بالرَّيِّ، أنا عبد الله بن محمد بن عُبيد الحُلْواني، ثنا سُلَيْمان بن أحمد بن يحيى، ثنا عَمرو بن أحمد بن بُدَيْل، ثنا عبد الملك بن قُرَيْب الأَصْمَعي، ثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عُمر، به.
وهذا إسناد مظلِمٌ تالف؛ فيه: سُلَيمان بن أحمد بن يحيى وهو المَلَطي، كذَّبه الدارَقُطْني والخطيبُ، (لسان الميزان 3578)، وكذا كذَّبه الحاكم، كما في (تنزيه الشريعة 1/ 409)، وروَى عنه ابن جُمَيع الصَّيْداوي حديثًا، فقال:"حدثني سُلَيمان بن أحمد، مع براءتي من عهدته"(معجم شيوخه ص 282). ولذا قال ابن ماكولا: "يُتَّهَم بالكذب، لا يُوثَق بما يرويه"(الإكمال 7/ 243).
وأبو الفتح عبد الكريم بن عبد الملك بن عليٍّ، وشيخُه عبد الملك بن عليِّ بن حَيَّان، وعبد الله بن محمد بن عُبيد الحُلْواني، وعَمرو بن أحمدَ بن بُدَيل، أربعتُهم لم نقف لأحد منهم على ترجمة.
الطريق الثاني: عن نُعَيْم المُجْمِر، عن ابن عُمر:
أخرجه ابن عَدِي في (الكامل 9/ 369)، قال: حدثنا بُهْلُول الأَنْباري، حدثنا محمد بن معاوية النَّيْسابوري، حدثنا اللَّيْث، عن خالد بن يزيدَ، عن سعيد بن أبي هلال، عن نُعَيم المُجْمِر- مولى عُمر بن الخطاب-، عن ابن عُمر، به.
وقال ابن عَدِي عَقِبه: "وهذا لا أعرفُه إلا من رواية محمد بن معاوية عن اللَّيْث".
وهذا إسناد تالف؛ آفتُه: محمد بن معاويةَ بن أَعْين النَّيْسابوريُّ، قال عنه الحافظ:"متروك مع معرفته؛ لأنه كان يتلقن، وقد أطلق عليه ابن مَعِين الكذب"(التقريب 6310).
قلنا: وكذا كذَّبه أحمد، كما في (الضعفاء للعُقَيلي 3/ 563)، وقال أيضًا:"رأيت أحاديثَه موضوعةً"(تاريخ بغداد 4/ 439). وقال الدارَقُطْني وأبو طاهر المَدَني: "كذاب، يضع الحديث"(تهذيب التهذيب 9/ 465).
وبه ضعَّفه ابنُ عَدِي، فذكره في ترجمته مع جملة من أحاديثه، ثم قال: "وهذه الأحاديث (التي)
(1)
لم أتكلَّم عليها أَنكرُ من (التي)
(2)
تكلمْتُ عليها، ولمحمد بن معاويةَ غيرُ ما ذكرتُ مما أنكرتُ عليه، وهو بيِّنُ الضعف، يتبيَّن على رواياته" (الكامل 9/ 398).
الطريق الثالث: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عُمر:
أخرجه ابن عساكر في (تاريخه 43/ 6)، قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد، أنا أبو الفرَج سهْل بن بِشْر بن أحمد بن سعيد، نا أبو الحسن عليُّ بن الحسن بن أحمد بن إدريس، نا أبو سعيد مَيْسَرة بن عليٍّ، نا عليُّ بن أبي طاهر، نا إسماعيل بن توبة، نا إسماعيل بن
(1)
تحرف في طبعة الفكر والعلمية إلى: (الذي)، والمثبت من (طبعة الرشد)، وهو الصواب.
(2)
تحرف في كل طبعات "الكامل"، إلى:(الذي)، والصواب:(التي)، لملائمة السياق، وانظر التعليق السابق.
جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عُمر، به.
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: أبو الحسن عليُّ بن الحسن بن أحمد بن إدريس، ترجم له الرافعي في (التدوين في أخبار قزوين 3/ 343) ونَقل عن الخليل الحافظ أنه قال:"كان أحدَ عُبَّادِ الله الصالحين".
وهذا لا يكفي في قَبول رواياتِه.
الثانية: أبو القاسم الحُسين بن الحَسن بن محمد الأَسَدي الدمشقي الشافعي ابن البُنِّ؛ قال السَّمْعاني: "كان شيخًا مستورًا، ولم يكن بذاك؛ لأن صاحبنا أبا القاسم عليَّ بن الحسن الدمشقي كان سيِّئَ الرأي فيه"(معجم شيوخ السَّمْعاني 1/ 699).
ومع ذلك صحَّحه السُّيوطي في (الجامع الصغير 5530)، وحسَّنه في (الدر المنثور 1/ 593)، وجوَّده الألباني في (الصحيحة 2517)!.
قلنا: ومع ضعْف أسانيدِه كلِّها، إلا أنه يشهد لمتنِه حديثُ عائشةَ السابقُ، ولكن دون قولِه:((عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ)). نعم رُوي هذا اللفظُ أيضًا من حديث أبي هريرة، لكن إسناده معلولٌ، وهو الحديث التالي.
* * *
1107 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ؛ فَإِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ عز وجل).
[الحكم]:
صحيح المتن، دون قوله:((عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ))، فإسناده معلول، وأعلَّه الحافظ ابن حَجَر، ووافقه الألباني.
[التخريج]:
[حب 1065]
[السند]:
قال ابن حِبَّان: أخبرنا ابن زُهَيْر بتُسْتَرَ، حدثنا عبد القُدُّوس بن محمد بن عبد الكبير، حدثنا حَجَّاج بن مِنْهال، حدثنا حَمَّاد بن سلَمة، عن عُبيد الله بن عُمر، عن المَقْبُري، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه معلول من وجهين:
الأول: أن المحفوظ عن حَمَّاد بن سلَمة، عن ابن أبي عَتيق، عن أبيه، عن أبي بكر، به. كذا رواه عَفَّانُ، وأبو كامل، وعبدُ الأعلى بن حَمَّاد النَّرْسي، ويونس بن محمد، وغيرُهم: عن حماد به. وقد تقدَّم قريبًا.
الثاني: أن المحفوظ عن عُبيد الله بن عُمر، عن المَقْبُري، عن أبي هريرة، بلفظ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ
…
الحديثَ)). كذا رواه يحيى بن سعيد القَطَّان، وابن المبارَك، وحَمَّاد بن زيد، وعَبْدَة بن سُلَيْمان، وهشام بن حَسَّان، وأبو أُسامة، وابن نُمَير، وغيرُهم: عن عُبيد الله بن
عُمر، به. وسيأتي تخريجُه قريبًا.
بل وكذا رواه حماد بن سلَمة أيضًا:
فقد رواه البزَّار في (مسنده 8451) عن هُدْبة بن خالد. والطَّحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 44) عن ربيع المؤذن، عن أَسَد بن موسى. وعن محمد بن خُزَيمة بن راشد، عن حَجَّاج بن المِنْهال.
ثلاثتُهم: عن حَمَّاد بن سَلَمة، عن عُبيد الله بن عُمر، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة، به، بلفظ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي
…
)).
وفي هذا كلِّه دلالةٌ على وَهَمِ عبدِ القُدُّوس بن محمد في رواية هذا الحديث؛ وأنه أدخل حديثًا في حديث.
وقد نبَّه على هذه العلة الحافظُ، فقال: "والمحفوظ عن حَمَّاد بغير هذا الإسناد من حديث أبي بكر كما تقدَّم، والمحفوظ عن عُبيد الله بن عُمر بهذا الإسناد بلفظ: ((لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ
…
)) " (التلخيص الحبير 1/ 100).
وقال الألباني: "وهذا إسناد جيد، رجاله كلُّهم ثقات رجالُ الصحيح، وفي حَمَّاد بن سَلَمة كلامٌ إذا روَى عن غير ثابت، ولكنه لا يضرُّ؛ فالحديث صحيح. والله الموفق. ثم رأيتُ الحافظ في (التلخيص) قد أعلَّ هذا المتنَ عن أبي هريرة بالشذوذ، فالعمدة على حديث ابن عُمر"(السلسلة الصحيحة 2517).
* * *
1108 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((السِّوَاكُ يُطَيِّبُ الْفَمَ، وَيُرْضِي الرَّبَّ)).
[الحكم]:
صحيح المتن؛ لشواهده، وإسناده ضعيف، وضعَّف سندَه الألبانيُّ، وقوَّى متنَه بشواهده، ولعله لذلك رمز لحُسْنه السُّيوطيُّ أيضًا.
[التخريج]:
[طب (11/ 428/ 12215) "واللفظ له" / تخ (3/ 396)].
[السند]:
قال الطبراني في (معجمه الكبير): حدثنا عَبْدان، حدثنا خليفة، حدثنا حُبَاب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن حُنَيْن، عن أبيه، عن جدِّه، عن ابن عباس، به.
وعلَّقه البخاري في (التاريخ): عن شيخه خليفة بن خَيَّاط، عن حُبَاب بن عبد الله الدارمي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: حُبَاب بن عبد الله الدارمي؛ ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 302)، والدارَقُطْنيُّ (المؤتلف والمختلف 1/ 478)، برواية أبي كامل الجَحْدَري عنه، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وقال أبو أحمد العسكري: "شيخٌ بصري، يروي عنه أهلُ البصرة"(تصحيفات المحدثين 2/ 411).
قلنا: فبرواية خليفةَ بن خَيَّاط والجَحْدَريِّ وأهلِ البصرة تُرْفَع عنه جهالةُ العين، وتبقى جهالة الحال قائمةً.
الثانية: يعقوب بن إبراهيم بن عبد الله بن حُنَين؛ ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 8/ 396) - وذكر هذا الحديثَ في ترجمته-، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 201)، والسَّمْعاني في (الأنساب 4/ 293)، وبدر الدين العَيْني في (مغاني الأخيار 3649)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 7/ 643) على قاعدته في توثيق المجاهيل.
قلنا: إلا أن الخبر يَشهد له حديثُ عائشةَ المتقدِّمُ في أول الباب، فهو به صحيح.
ولعله لذلك رمز السُّيوطي لحُسْنه في (الجامع الصغير 4834).
وقال الألباني: "سنده ضعيف يتقوَّى بشواهده"(إرواء الغليل 66).
* * *
رِوَايَة: ((وَمَجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، وَمَجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا بهذا السياق. وضعَّفه ابن المُلَقِّن، وابنُ حَجَر، والسُّيوطي، والألباني.
[التخريج]:
[طس 7496]
[السند]:
قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا محمد بن شعيب، ثنا يعقوب بن إسحاق الدمشقي، نا الحارث بن مسلم، عن بحْرٍ السَّقَّاء، عن جُوَيْبر، عن الضَّحَّاك بن مُزاحِم، عن ابن عباس به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
الأولى: بحْرٌ السَّقَّاء، وهو بَحْر بن كَنِيز الباهلي؛ وهو متفق على ضعفه، ولذا قال الذهبي:"وهّوه، قال الدارَقُطْني: متروك"(الكاشف 537). وانظر (الميزان 2/ 5)، و (تهذيب التهذيب 1/ 419).
وبه أعلَّه ابن المُلَقِّن، فقال: "رواه الطبراني في (معجم شيوخه) من حديث بَحْر بن كَنِيز السقاء (المتروك)
…
"، فذكره (البدر 1/ 692).
وقال الهَيْثَمي: "رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وفيه بَحْر بن كَنِيز السَّقَّاء، وقد أجمعوا على ضعفه"(المجمع 1115).
الثانية: جُوَيْبر وهو ابن سعيد الأَزْدي؛ قال عنه الذهبي: "تركوه" (الكاشف
826)، وقال ابن حجر:"ضعيف جدًّا"(التقريب 987).
وبه ضعَّفه الألباني (الضعيفة 5276)، (إرواء الغليل 1/ 105).
الثالثة: الانقطاع؛ فإن الضَّحَّاك بن مزاحِم لم يلْقَ ابنَ عباس، كما قال شُعبة وأحمدُ وأبو زُرْعة وابنُ حِبَّان وغيرُهم، انظر (جامع التحصيل 304).
الرابعة: محمد بن شعيب وهو التاجر؛ قال أبو نُعَيم: "يَروي عن الرازِيِّين بغرائبَ"(تاريخ أصبهان 2/ 222)، وانظر (لسان الميزان 6904).
وقد ضعَّف الحديثَ ابنُ حَجَر، فقال:"ورواه أيضًا - يعني: الطبراني- من طرق ضعيفة عن ابن عباس أيضًا بزيادة: ((مَجْلَاة لِلْبَصَرِ)) "(التلخيص 1/ 100).
وضعَّفه السُّيوطي في (الدر المنثور 1/ 588)
(1)
.
والألباني في (السلسلة الضعيفة 5276)، و (الإرواء 1/ 105).
[تنبيهان]:
الأول: قال المُناوي: "رجاله ثقاتٌ، لكنه فيه انقطاعٌ"(التيسير 2/ 72). وهذا الكلام إنما أخذه من الهَيْثمي، كما صرَّح به في (الفيض)، فقال:" (طس عن ابن عباس)، قال الهَيْثمي: رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا. ورواه أبو يَعلَى والدَّيْلمي"(فيض القدير 4/ 148). وتبِعه الصَّنْعانيُّ في (التنوير 6/ 481).
وذِكْر كلامِ الهَيْثمي على هذا الحديث وهَمٌ؛ فإنما قال ذلك الهيثميُّ تعليقًا
(1)
لكن رمز لصحته في (الجامع الصغير 4833)، ونصَّ عليه الصَّنْعاني في (التنوير 6/ 481).
على حديث أبي بكر المتقدِّم.
الثاني:
قد رُوي هذا الحديثُ عن ابن عباس موقوفًا، رواه البزَّار في "مسنده" - كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 333) - من حديث عبد الله بن رُشَيد، ثنا الربيع بن بدر، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:((السِّوَاكُ: مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
ولكن الربيع بن بدر هذا متروكٌ؛ ولذا قال البزَّار- عَقِبه-: "وهذا الحديثُ لا نعلم حدَّث به عن ابن جُرَيج إلا الربيع بن بدر، ولم يَكُ بالحافظ".
* * *
1109 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((السِّوَاكُ: مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[نعيم (سواك- إمام 1/ 336 - 337)]
[السند]:
رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 336) -: عن أبي أحمد عاصم بن محمد بن عاصم الشَّيْباني الأَيْلي، عن الحسن بن صالح الرَّبَعي، عن سعيد بن عبد الجبار، عن داود بن الزِّبْرِقان، قال: ثنا (محمد)
(1)
بن جُحَادة، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن أنس بن مالك، به.
[التحقيق]:
هذا إسناده ضعيف جدًّا؛ فيه داود بن الزِّبْرِقان؛ قال عنه الحافظ: "متروك، وكذَّبه الأَزْدي"(التقريب 1785).
وفيه عاصم بن محمد بن عاصم، والحسن بن صالح الرَّبَعي؛ لم نقف على مَن ترجم لهما.
والمتن يشهد له حديثُ عائشةَ المذكورُ أولَ الباب.
* * *
(1)
- في مطبوع "الإمام": "داود"، وأشار محقِّقه إلى احتمال كونه مصحَّفًا من "محمد"، وهو كذلك عندنا.
رِوَايَة: ((كَانَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ)):
•وَفِي رِوَايَةٍ- زَادَ فِي أَوَّلِهِ-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيَقُولُ:((هُوَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، وضعَّفه ابن المُلَقِّن، وابنُ حَجَر. وقولُه: ((هُوَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ
…
))، ثابتٌ من حديث عائشةَ، وقد تقدَّم.
[التخريج]:
[نعيم (سواك- إمام 1/ 336)].
[السند]:
رواه أبو نُعَيم في "السواك"- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 336) -: من طريق هشام بن (سَلْمان)
(1)
، ثنا يزيد الرَّقَاشي، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناده ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: يزيد الرَّقَاشي؛ قال الإمام أحمد: "منكَر الحديث"(الجرح والتعديل 9/ 252)، وقال النَّسائي:"متروك"(الضعفاء 642).
وبه أعلَّه ابن المُلَقِّن في (البدر المنير 1/ 690)، وتبِعه الحافظ في (التلخيص 1/ 100).
الثانية: هشام بن سَلْمان؛ ضعَّفه التَّبُوذَكي (الجرح والتعديل 9/ 82)، وقال الإمام مسلم:"منكَر الحديث"(الكنى 2/ 908)، وقال ابن حِبَّان:
(1)
- في مطبوع الإمام والبدر: "سُلَيمان"، والصواب المثبَت كما في مصادر ترجمته.
"منكر الحديث جدًّا، ينفرد عن الثقات بالمناكير الكثيرة، وعن الضعفاء بالأشياء المقلوبة على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاجُ به"(المجروحين 3/ 89).
وقال ابن عَدِي: "أحاديثه عن يزيدَ غيرُ محفوظة"(الكامل 2030)،
قلنا: وهذا منها.
قلنا: والشَّطْر الأخيرُ من الرواية- وهو قولُه في السِّواك: ((هُوَ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ)) - صحيحٌ بشواهده.
1110 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((تَسَوَّكُوا؛ فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ (مَطْيَبَةٌ) لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، مَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إِلَّا أَوْصَانِي (أَمَرَنِي) بِالسِّوَاكِ، حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ (حَسِبْتُ) أَنْ يُفْرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي، وَلَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُهُ لَهُمْ، وَإِنِّي لَأَسْتَاكُ حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أُحْفِيَ مَقَادِمَ فَمِي)).
[الحكم]:
منكر بهذا السياق. وضعَّفه ابن دقيق، ومُغْلَطاي، وابنُ المُلَقِّن، والعِراقي، والمَقْريزي، والبُوصِيري، وابنُ حَجَر، والعَيْني، والسُّيوطي، والألباني.
[التخريج]:
[جه 291 "واللفظ له" / حم 22269 "والرواية الثانية له" / طب (8/ 209/ 7846) "والرواية الأولى والثالثة له"، (8/ 210/ 7847)، (8/ 220/ 7876) / ني 1220، 1221 "مختصرًا" / عَرُوبة (الأنطاكي 74) / نعيم (سواك- إمام 1/ 353) مختصرًا / كر (15/ 280)]
[السند]:
أخرجه ابن ماجه (291) قال: حدثنا هشام بن عَمَّار، قال: حدثنا محمد بن شعيب، قال: حدثنا عثمان بن أبي العاتِكة، عن عليِّ بن يزيدَ، عن القاسم، عن أبي أُمامةَ، به.
ومدارُه- عندهم- على عليِّ بن يزيدَ، عن القاسم، عن أبي أُمامةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عليُّ بن يزيدَ الأَلْهاني؛ وهو ضعيف كما في (التقريب 4817). لاسيما روايتُه عن القاسم؛ فقد قال يحيي بن مَعين: "عليُّ بن يزيدَ عن القاسم عن أبي أُمامةَ، هي ضِعاف كلُّها"(تهذيب الكمال 21/ 179 - 180)، وقال ابن أبي حاتم: سألت أَبي عن عليِّ بن يزيدَ؟ فقال: "ضعيف الحديث، حديثه منكَر، فإنْ كان ما روَى عليُّ بنُ يزيدَ عن القاسم على الصحة؛ فيحتاج أن ننظر في أمر عليِّ بن يزيدَ"(الجرح والتعديل 6/ 209).
وقد ضعَّف الحديثَ ابنُ دقيقِ العيدِ في (الإمام 1/ 341 - 342)، ومُغْلَطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 110 - 111)، وابنُ المُلَقِّن في (البدر المنير 1/ 690 - 691)، وفي (غاية السُّول ص 97 - 98)، والعِراقي في (طرح التثريب 2/ 63)، والمَقْريزي في (إمتاع الأسماع 13/ 46)، والبُوصِيري في (مصباح الزجاجة 1/ 43)، وابنُ حَجَر في (التلخيص الحبير 1/ 100)، وفي (فتح الباري 2/ 376)، وبدر الدين العَيْني في (عمدة القاري 6/ 181)، وفي (البناية شرح الهداية 1/ 202)، والسُّيوطي في (الدر المنثور 1/ 588)، والألباني في (ضعيف الجامع 2437)، و (ضعيف الترغيب 144).
قلنا: وأما قولُه: "السِّوَاكُ: مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ"؛ فيَشهد له حديثُ عائشةَ المتقدِّمُ في أول الباب.
ولذا قال مُغْلَطاي: "ومع ذلك ففي متْنِه أشياءُ لها أصولٌ صحيحة وشواهدُ حسنة
…
"، وذكر منها حديثَ عائشةَ (شرح ابن ماجه 1/ 111).
* * *
وَفِي رِوَايَةٍ مقتصرًا على أوله:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ:((السِّوَاكُ مَطْيَبَةٌ (مَطْهَرَةٌ) لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ عز وجل).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسنادُه ضعيفٌ، وضعَّفه الأَزْدي.
[التخريج]:
[طب (8/ 179/ 7744)"واللفظ له" / طش 888 "والرواية له ولغيره" / دبيثي (4/ 224) / ابن أبي داود السِّجِسْتاني (إمام 1/ 333)
(1)
].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (كتابيه)، قال: حدثنا واثِلة بن (الحَسَن)
(2)
العِرْقي، ثنا كَثير بن عُبَيد الحَذَّاء، ثنا بَقِيَّة، عن إسحاق بن مالك الحَضْرمي، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أُمامةَ، به.
وأخرجه أبو بكر ابن أبي داود السِّجِسْتاني- كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 333)، ومن طريقه ابن الدُّبَيْثي في (ذيل تاريخ بغداد) -: عن كَثير بن عُبَيد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
(1)
كذا أطلق ابن دقيق العزوَ، ولم يبيِّن في أي كتاب لابن أبي داود هو، ولعله في "كتاب الطهارة" له، ذكره الحافظ في (المعجم المفهرس ص 59)، أو "كتاب السنن"، ذكره ابن المبرد في (معجم الكتب ص 123). وكلاهما في عِداد المفقود.
(2)
تصحَّف في مطبوع "المعجم الكبير" إلى: (الحُسين)، والصواب (الحَسن)، كما في "مسند الشاميين"، ومصادر ترجمته.
الأولى: إسحاق بن مالك الحَضْرمي؛ قال الأَزْدي: "ضعيف"(ميزان الاعتدال 1/ 196)،
وروى له البَيْهَقي حديثًا من طريق بَقِيَّةَ عنه، وقال:"في إسناده مَن يُجهل من مشايخ بَقِيَّةَ"(السنن الكبرى عقب حديث 19919). وقال ابن القَطَّان: "إسحاق بن مالك هذا لا يُعرَف حالُه، وبَقِيَّة غيرُ مقبول الرواية، لاسيما عمَّن لا يُعرَف"(بيان الوهم والإيهام 3/ 557).
الثانية: بَقِيَّة بن الوليد؛ مدلِّس وقد عنعن.
ولذا ضعَّف الأَزْدي إسنادَ هذه الرواية، كما في (لسان الميزان 2/ 71).
* * *
1111 -
حَدِيثُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالسِّواكِ؛ فَإِنَّهُ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
[الحكم]:
إسناده منكَر، والفقرة الثانيةُ ثابتة، كما تقدَّم.
[التخريج]:
[تخ (8/ 100)]
[السند]:
علَّقه البخاري في (التاريخ الكبير 8/ 100)، عن نُعَيم بن عُمر، عن عُبَيد بن عُمَير اللَّيْثي، به، مرسَلًا.
[التحقيق]:
هذا إسناد منكر؛ ففيه- مع تعليقه وإرساله- نُعيم بن عُمر؛ ولم نعرف عنه شيئًا سوى أن البخاري ترجم له في (تاريخه) وذكر هذا الأثرَ، ولعله نُعيمُ بن عُمر القديدي المترجَمُ له في (الجرح والتعديل 8/ 463) بلا شيخ ولا تلميذ، وقال عنه أبو حاتم:"هو مجهول".
وقد تقدَّم في حديث عائشةَ، أن ابن خزيمة أخرجه من طريق ابن جُرَيج، عن عثمان بن أبي سُلَيمان، عن عُبَيد بن عُمَير، عن عائشة، به. لكن هذا أيضًا لا يثبُتُ عن عُبَيد؛ لعنعنة ابن جُرَيج، وبُعدِ سماعِ عثمانَ منه.
وهناك وجه ثالثٌ على عُبَيد بن عُمَير في هذا الحديث:
وهو ما أخرجه عبد الرزاق (20510): عن مَعْمَر، عن رجل، عن عُبَيد بن عُمَير، قال في السِّواك:((مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ)).
وهذا أيضًا لا يثبُتُ عن عُبَيد؛ لإبهام الراوي عنه.
* * *
1112 -
حَدِيثُ الْقَاسِمِ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((السِّوَاكُ: مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ للهِ تَعَالَى)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[غيل 913 "واللفظ له" / حلب (5/ 2401)]
[السند]:
أخرجه أبو بكر الشافعي في (الغَيلانيات) - ومن طريقه ابن العَدِيم في (تاريخ حلب) - قال: حدثنا القاسم بن زكريا، حدثنا الحسن بن الصَّبَّاح البَزَّار، ثنا مُؤَمَّل بن إسماعيل، ثنا سُفيان، وشُعبة، عن أبي إسحاق، عن رجل من آل بكر، عن القاسم، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ مسلسَلٌ بالعلل:
الأولى: الإرسال؛ فالقاسم بن محمد تابعيٌّ من الثالثة.
الثانية: جهالة الرجل الذي من آل أبي بكر؛ فإنه لم يُسَمَّ.
الثالثة: مُؤَمَّل بن إسماعيل؛ "صدوق سيِّئُ الحفظ"(التقريب 7029).
ثم إن المعروف أن المُؤَمَّل يرويه عن شُعبةَ والثَّوْريِّ، عن ابن إسحاقَ، عن رجل، عن القاسم، عن عائشةَ. كذا رواه المُسْتَغْفري في (الطب ق 167) من طريق أبي الحسين الطَّبري، عن الحسن بن الصَّبَّاح، عن مُؤَمَّل بن إسماعيل، به.
ورواه غير الحسن، عن مُؤَمَّل، فسمَّى الرجلَ (أبا عَتِيق)، كما في (الحِلية 7/ 94).
هذا هو المعروف عن مُؤَمَّل في رواية هذا الحديث، وإن كانت روايتُه هذه خطأً غيرَ محفوظة كما بيَّنَّاه في حديث عائشةَ.
فلعل ذِكْر (عائشةَ) سقط من أصول أبي بكر الشافعي، وتحرَّف لديه (ابنُ إسحاق) إلى (أبي إسحاق)؛ فقد رواه ابنُ العَدِيم من طريقه كذلك، والله أعلم.
* * *