الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجعل الله الإيمان بالرسل متلازما، وسيأتي لهذا زيادة بيان في الأصل الرابع - إن شاء الله -.
[شروط لا إله إلا الله]
شروط لا إله إلا الله: هذه الكلمة العظيمة التي هي سبب لدخول الشخص في الإسلام لها شروط سبعة يعلق انتفاع قائل هذه الكلمة بها، وقد دلت على هذه الشروط نصوص الكتاب والسنة، وليس المراد حفظها وذكر ألفاظها، ولكن المقصود مراعاتها والتزامها، فقد تجتمع في شخص ولا يحسن تعدادها، وقد يحفظها شخص آخر ويقع بما يناقضها.
الأول: العلم المنافي للجهل: والمراد العلم بمعناها المراد منها نفيا وإثباتا، قال الله سبحانه:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19](محمد الآية: 19)، وقال:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86](الزخرف الآية: 86) أي إلا من شهد بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم، وقال تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18](آل عمران الآية: 18) .
الثاني: اليقين المنافي للشك: بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما، لا يدخل فيه الظن أو الشك، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15](الحجرات الآية: 15) ، فاشترط سبحانه في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي لم يشكوا.
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة» .
الثالث: القبول المنافي للرد: والمراد القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه وعمله، ورد ما سوى ذلك مما ينافي هذه الكلمة، خلافا لمكذبي رسل الله الذين أخبر الله عنهم بقوله:{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23](الزخرف الآية: 23)، وقال تعالى في وصف الكافرين:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ - وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 35 - 36](الصافات الآية: 35 - 36) .
وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» .
الرابع: الانقياد المنافي للترك: والمراد الانقياد لما دلت عليه من إخلاص العبادة لله وحده وترك عبادة ما سواه، قال عز وجل {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54] (الزمر الآية: 54) .
وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان: 22](لقمان الآية: 22) ، أي بلا إله إلا الله، ومعنى يسلم وجهه ينقاد وهو محسن.
الخامس: الصدق المنافي للكذب: وهو أن يقولها صادقا من قلبه يواطئ قلبه لسانه، قال تعالى:{الم - أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 1 - 2](العنكبوت الآية: 1 - 2) .
وقال عن المنافقين: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ - يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ - فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 8 - 10](البقرة الآية: 8 - 10) .
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صادقا من قلبه إلا حرمه الله على النار» .
السادس: الإخلاص المنافي للشرك: وهو تصفية العلم بالنية الصالحة عن جميع شوائب الشرك، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5](البينة الآية: 5)، وقال تعالى:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ - أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 2 - 3](الزمر الآية: 2 - 3) .
وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه» .
السابع: المحبة المنافية للبغض: والمراد المحبة لهذه الكلمة ولما اقتضته ودلت عليه والمحبة لأهلها العاملين بها الملتزمين شروطها، وبغض ما ناقض ذلك من الشرك وأهله، قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]
(البقرة الآية: 165) .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» .
وفي الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار» .