المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[توحيد الربوبية] الثاني: توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله، بمعنى الإقرار - رسالة في أسس العقيدة

[محمد بن عودة السعوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة في العقيدة الإسلامية]

- ‌[تعريف العقيدة]

- ‌[أصول العقيدة الإسلامية]

- ‌[منزلة علم العقيدة الإسلامية]

- ‌[مصدر تلقي العقيدة الإسلامية]

- ‌[الاعتقاد والعلم والواجب على المكلف]

- ‌[أصول الإيمان]

- ‌[الأصل الأول الإيمان بالله]

- ‌[وجود الله تعالى]

- ‌[توحيد الربوبية]

- ‌[توحيد الألوهية]

- ‌[شروط لا إله إلا الله]

- ‌[العبادة]

- ‌[معنى العبادة لغة وشرعا]

- ‌[الأصول التي تبنى عليها العبادة]

- ‌[شرطا قبول العبادة]

- ‌[أنواع العبادة]

- ‌[الكفر والشرك والنفاق]

- ‌[التوسل]

- ‌[وسائل الشرك]

- ‌[توحيد الأسماء والصفات]

- ‌[الأسس التي يقوم عليها توحيد الأسماء والصفات]

- ‌ أسماء الله وصفاته

- ‌[الأصل الثاني الإيمان بالملائكة]

- ‌[الأصل الثالث الإيمان بالكتب]

- ‌[الأصل الرابع الإيمان بالرسل]

- ‌[أولو العزم]

- ‌[عموم رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ختم النبوة به صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الأصل الخامس الإيمان باليوم الآخر]

- ‌[العقل ودلالته على البعث]

- ‌[وقت الساعة]

- ‌[نعيم القبر وعذابه]

- ‌[الحشر]

- ‌[العرض والحساب]

- ‌[الميزان]

- ‌[صحائف الأعمال]

- ‌[الصراط]

- ‌[القنطرة]

- ‌ الجنة والنار

- ‌[الحوض]

- ‌[الشفاعة]

- ‌[الأصل السادس الإيمان بالقدر خيره وشره]

- ‌[مراتب الإيمان بالقدر]

- ‌[مسائل الإيمان]

- ‌[مسمى الإيمان]

- ‌[زيادة الإيمان ونقصانه]

- ‌[حقوق أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته]

- ‌[المراجع]

الفصل: ‌ ‌[توحيد الربوبية] الثاني: توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله، بمعنى الإقرار

[توحيد الربوبية]

الثاني: توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله، بمعنى الإقرار بأن الله وحده الخالق لكل شيء، الرب، المالك، المحيي، المميت، الرازق، المدبر، النافع، الضار، إلى غير ذلك من خصائص الربوبية.

وهذا النوع من التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، فلم يعرف عن أحد من الطوائف أنه قال: إن العالم له خالقان متماثلان في الصفات والأفعال، بل هذا ممتنع لذاته، كما سيتبين - إن شاء الله -.

بل ولا نقل عن أحد من بني آدم إثبات شريك مشارك لله في خلق جميع المخلوقات، ولا مماثل لله في جميع الصفات، بل عامة المشركين بالله يعتقدون أن الشريك مملوك لله، سواء كان ملكا أو نبيا أو كوكبا أو صنما، كما كان مشركو العرب يقولون في تلبيتهم:«لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك» رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» .

وقد أخبر سبحانه عن المشركين من العرب الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يعترفون بتوحيد الربوبية على وجه العموم، وذكر ذلك في غير آية من كتابه، كما قال سبحانه:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [لقمان: 25](لقمان الآية: 25)، وقال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61](العنكبوت الآية: 61)، وقال:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 63](العنكبوت الآية: 63)، وقال تعالى:

ص: 16

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} [يونس: 31](يونس الآية: 31)، وقال:{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ - قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ - قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 84 - 89](المؤمنون الآية: 84 - 89) .

ولكن ذهب بعض الناس إلى نسبة بعض الخلق لغير الله كما تقول الثانوية من المجوس في الظلمة، وكما تقول القدرية في أفعال الحيوان، وقد يظن بعض المشركين من العرب وغيرهم في آلهته أنها تنفع وتضر بدون أن يخلق الله ذلك.

ولما كان الشرك في الربوبية موجودا في الناس بيَّن القرآن بطلانه، كما في قوله تعالى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: 91](المؤمنون الآية: 91) .

وهذا دليل عقلي في نفي وجود خالقين، وبيانه أن الإله الحق لا بد أن يكون خالقا فاعلا قادرا، فلو كان معه سبحانه إله آخر يشركه في ملكه لكان له خلق وفعل وقدرة، وحينئذ فلا يرضى تلك الشركة، بل إن قدر على قهر ذلك الشريك وتفرده بالملك فعل، وإن لم يقدر انفرد بخلقه وذهب به.

فلا بد من أحد أمرين:

1 -

إما أن يذهب كل إله بخلقه.

2 -

وإما أن يعلو أحد الشريكين على الآخر (1) .

(1) وهذا مما يستقرأ في الموجودات، فلا يكون اثنان يشتركان في أمر إلا وفوقهما ثالث يطيعونه، أو يكون أحدهما مطيعا للآخر، يمتنع أن يكونا متكافئين وليس فوقهما غيرهما، فإن تماثلهما يوجب التمانع، فإن كان أحدهما لا يفعل حتى يمكنه الآخر لزم التمانع، وإن أمكن كل منهما الفعل بدون تمكين الآخر استقل كل منهما بفعله، ولم يكن الآخر مشاركا فذهب كل منهما بما فعل، وإذا لم يكونا متماثلين كان الأضعف مقهورا مع الأقوى محتاجا إلى إعانته أو إلى تخليته وترك ممانعته.

ص: 17