الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها الاستعاذة وهي الالتجاء والاعتصام بالله، قال تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98](النحل الآية: 98)، وقال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ - مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 1 - 2](الفلق الآية: 1 - 2)، وقال:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ - مَلِكِ النَّاسِ - إِلَهِ النَّاسِ - مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 1 - 4](الناس الآية: 1 - 4) .
ومنها الاستغاثة وهي طلب الغوث من الله وإزالة الشدة، قال تعالى:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9](الأنفال الآية: 9)، ومنه دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا بديع السماوات والأرض برحمتك أستغيث» .
ومنها التوكل: وهو اعتماد القلب على الله وثقته به وأنه كافيه، قال الله عز وجل:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23](المائدة الآية: 23)، وقال تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم: 11](إبراهيم الآية: 11) وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12](إبراهيم الآية: 12) .
ومنها الذبح، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162 - 163](الأنعام الآية: 162 - 163)، وقال تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2](الكوثر الآية: 2) .
وغير ذلك من أنواع العبادات الظاهرة والباطنة، فهو حق لله سبحانه وتعالى، وصرف شيء منها لغير الله شرك.
[الكفر والشرك والنفاق]
الكفر والشرك والنفاق: هذه الأسماء تضاد اسم الإيمان والتوحيد، وهي تتنوع إلى أكبر وأصغر.
فالأكبر في الإيمان والتوحيد بالكلية، والأصغر ينافي كمالهما،
والأكبر يخرج من ملة الإسلام، والأصغر لا يخرج من الإسلام، والأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة، والأصغر يغفره الله - إن شاء - من غير توبة.
وقال بعض العلماء: إن الشرك الأصغر كالأكبر لا يغفر لصاحبه إلا بالتوبة لعموم قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 116](النساء الآية: 116) .
والأكبر يوجب الخلود في النار، والأصغر يوجب استحقاق الوعيد.
الكفر نوعان: الأول: الكفر الأكبر: ومن صوره:
1 -
كفر التكذيب والجحود: بأن يجحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم جملة أو يجحد شيئا خاصا، كأن يجحد وجوب واجب من واجبات الإسلام، أو يجحد تحريم محرم من محرماته، أو صفة وصف الله بها نفسه، أو وصفه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خبرا أخبر الله به أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك عمدا لا جهلا أو خطأ أو اشتباها أو تأويلا.
قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} [العنكبوت: 68](العنكبوت الآية: 68)، وقال:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14](النمل الآية: 14)، وقال:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} [الشمس: 11](الشمس الآية: 11) ونحو ذلك.
2 -
كفر الإباء والاستكبار مع التصديق: ككفر إبليس، قال تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34](البقرة آية: 34) ، ويدخل في هذا كفر من عرف الرسول ولم يَنْقَدْ له إباءً واستكبارًا، كما قال تعالى عن اليهود:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89](البقرة الآية: 89) .
3 -
كفر الإعراض: وهو أن يعرض بسمعه وقلبه عما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتعلمه ولا يعمل به كما قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: 22](السجدة الآية: 22)، وقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف: 3](1)(الأحقاف الآية: 3) .
الثاني: الكفر الأصغر: وهو الذنوب العملية التي وردت النصوص الشرعية بإطلاق الكفر عليها ولم تصل إلى حد الأكبر، مثل قوله صلى الله عليه وسلم «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» أخرجه البخاري ومسلم عن ابن مسعود.
وقوله: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر.
وقوله: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر وأبي هريرة.
وقوله: «ثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت» أخرجه مسلم.
وينبغي أن يلاحظ أنه لو استحل الشخص فعل المحرمات أو ترك الواجبات أو استهزأ بالواجبات أو استهزأ بمن أوجبها وهو الله سبحانه أو رسوله صلى الله عليه وسلم فإن كفره يكون من الكفر الأكبر.
(1) هناك ذنوب عملية وهي كفر أكبر وهي التي لا تصدر إلا من شخص زال الإيمان من قلبه، مثل سب الله، أو سب رسوله، أو الاستهانة بالمصحف ونحو ذلك، وللعلماء أقوال في أركان الإسلام وهي: الصلاة والزكاة والصوم والحج، هل يكون تاركها تهاونا وكسلا مع الإقرار بوجوبها كافرا كفرا أكبر أو لا؟ وأظهر الخلاف في الصلاة خاصة والذي يفتي بها كثير من العلماء اليوم أن تارك الصلاة تهاونا وكسلا كافر كفرا أكبر.
الشرك نوعان:
الشرك الأكبر: وهو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، كما أخبرنا الله عن المشركين أنهم يقولون لآلهتهم في النار:{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ - إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97 - 98](الشعراء الآية: 97 - 98) .
وهو نوعان:
الأول: الشرك بالربوبية والأسماء والصفات: وهو الشرك المتعلق بذات الله سبحانه وأسمائه وصفاته وأفعاله، فإن الرب سبحانه هو الخالق المالك المدبر، المعطي المانع، الضار النافع، الخافض الرافع، المعز المذل، فمن شهد لغيره بشيء من ذلك فقد أشرك في الربوبية والأسماء والصفات.
الثاني: الشرك في الإلهية: وهو أن يتخذ العبد ندا من دون الله يعبد الله، فيحبه كما يحب الله، ويخافه كما يخاف الله، ويرجوه كما يرجو الله، ويسأله كما يسأل الله (1) وهذا هو الذي قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب، لأنهم أشركوا في الإلهية، قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165](البقرة الآية: 165)، وأخبر سبحانه عنهم أنهم قالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3](الزمر الآية: 3)، وقالوا:
(1) يراجع التعريف السابق للعبادة ليعرف أن المحبة قد تكون طبيعة بشرط أن لا تزيد عن الحد المشروع كمحبة الولد والزوج والصديق والمال ونحو ذلك، وكذا الخوف الطبيعي كالخوف من عدو أو سلطان ظالم أو حيوان مفترس، وكذا الرجاء والسؤال فلا مانع من سؤال حي حاضر شيئا يقدر عليه، لكن المحذور هو أن يجعل العبد لشيء من المخلوقات خاصية وراء الأسباب الطبيعية الظاهرة.
{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5](ص الآية: 5) .
الشرك الأصغر: مثل يسير الرياء، والحلف بغير الله، وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، ونحو ذلك.
كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر "، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: " الرياء» رواه أحمد عن محمود بن لبيد.
وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " الشرك الخفي: يقوم الرجل فيصلي، فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل» رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد أشرك» ، وفي رواية «فقد كفر» ، رواه أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يراجعه الكلام فقال: " ما شاء الله وشئت "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده» رواه أحمد وابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد» رواه أحمد وابن ماجه عن الطفيل بن سخبرة وحذيفة بن اليمان.
النفاق نوعان:
النفاق الأكبر: وهو النفاق الاعتقادي، وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر، فهذا صاحبه في الدرك الأسفل من النار، تحت سائر الكفار، كما قال تعالى: