الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول: التوزيع النظرى أو الشخصى أو المذهبى
مدخل
…
الفرع الأول: التوزيع النظري أو الشخصي أو المذهبي
1-
الاقتصاد الرأسمالي:
يقوم هذا الاقتصاد أساسًا على الملكية الخاصة. ومن ثم فإن أساس التوزيع الرأسمالي هو الملكية الخاصة، فهي في آن واحد أداة "إنتاج" وأداة "توزيع". وفي مثل هذا الاقتصاد الرأسمالي تكون الظاهرة الأساسية هو التفاوت الشديد في الدخول، بحسب التفاوت الشديد في ملكية أدوات ووسائل الإنتاج. ومن الطبيعي أن ينشأ في ظل هذا الاقتصاد الراسمالي أقلية مليونيرات يعيشون في ترف وبذخ استفزازي، ويعملون على زيادة التضخم وانتشار السلع الترفية، بينما الأكثرية الكادحة تعاني في معيشتها وبعضها يسحقها الحرمان والفقر المدقع.
2-
الاقتصاد الاشتراكي:
يقوم هذا الاقتصاد أساسا على الملكية العامة سواء في صورة ملكية الدولة كما هو الشأن في روسيا، أو ملكية الجماعة كما هو الشأن في يوغوسلافيا حيث إن ملكية المصانع أو المزارع هي للعاملين فيها بهذه الصفة لا بصفتهم الشخصية. ومن ثم فإن أساس التوزيع الاشتراكي هو العمل، فهو في آن واحد أداة "إنتاج" وأداة "توزيع".
وفي مثل هذا الاقتصاد الاشتراكي تتفاوت الدخول، ولكن بسبب اختلاف القدرات والمواهب الإنسانية لا بسبب الملكية. ويصح أن يكون هذا التفاوت كبير، ولكن من غير الطبيعي كما هو الشأن في روسيا وسائر دول الكتلة الشرقية أن يتواجد بها أصحاب ملايين من قادة الأحزاب الشيوعية يعيشون في بذخ وترف بينما الأغلبية الكادحة تعاني في معيشتها، فضلا عن مكابدة هذه الشعوب لتحكم الأقلية ممثلة في قادة الأحزاب الشيوعية المتألهة والتي تصادر حرياتها وتصوغها بالإرهاب والبطش وفق هواها لتستغلها في تحقيق
نزعاتها الخبيثة في التسلط والسيطرة على العالم أجمع1.
3-
الاقتصاد الشيوعي:
وهو حلم المذهب الجماعي وأغلب النظم الاشتراكية المتفرعة عنه، يقوم هذا الاقتصاد على أساس تحقيق الوفرة في الإنتاج بحيث يكفي جميع حاجات الناس شأن الهواء والماء. ومن ثم فإن أساس التوزيع الشيوعي هو الحاجة فلكل تبعا لحاجته.
1 انظر أستاذنا جورج فيدل Georges vedel العميد السابق لكلية حقوق باريس في كتابه القيم Les Democraties Sovietiques et populaires، ed.
Cours' de Droit، paris، 1964.
- ويعلق زميلنا الدكتور علي البارودي العميد السابق لكلية حقوق الإسكندرية في كتابه "دروس في الاشتراكية العربية" طبعة منشأة المعارف بالإسكندرية سنة 1966م ص148، على ظاهرة وجود مليونيرات في الاتحاد السوفييتي بقوله:"قد لا يكون وجود أصحاب الملايين غريبا في دولة قوية حديثة متقدمة اقتصاديا كالاتحاد السوفييتي. ولكن الغريب أن تتكون هذه الملايين استنادا إلى القدرة البشرية وكفاءة العمل وحدهما، على النحو الذي تؤكده الأيديولوجية السوفييتية".
وفي مثل هذا الاقتصاد الشيوعي تختفي كلية ظاهرة التفاوت في الدخول، وبالتالي لا توجد طبقات. ولكن ستظل فكرة هذا الاقتصاد الشيوعي صنما ماركسيا أو وهما لن يتحقق، لمخالفه طبيعة الأشياء ونظام الحياة الدنيا كما أرادها الله تعالى.
4-
الاقتصاد الإسلامي:
يقوم هذا الاقتصاد على أساسين أولا: ضمان "حد الكفاية" لا "الكفاف" لكل فرد يعيش في مجتمع إسلامي أيا كانت جنسيته أو ديانته كحق إلهي مقدس له كإنسان تضمنه له الدولة الإسلامية، ثم على أساس العمل والملكية ومن ثم فإن أساس التوزيع الإسلامي هو ضمان حد الكفاية أولا، ثم الكسب بحسب العمل والملكية، تلك الملكية التي هي نتيجة عمل سابق ولو كانت موروثة.
وفي مثل هذا الاقتصاد الإسلامي لا يمكن أن يوجد محروم أو جائع واحد بسبب خارج عن إرادته، كما تتفاوت الدخول بسبب التفاوت في المواهب والقدرات ممثلة في العمل والملكية، ولكنه -على نحو ما سنبينه-
تفاوت منضبط لا يخل بالتوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع، ولا يسمح بقيام طبقية أو تحكم.
ولأهمية "التوزيع الشخصي" أو ما عبرت عنه "بالتوزيع الأيديولوجي"، وحتى يتبين لنا المذهب الاقتصادي الإسلامي بهذا الخصوص، نعرض باختصار غير مخل لما يأتي:
أولا: التصور الإسلامي للمشكلة الاقتصادية.
ثانيا: التشخيص الإسلامي لسبب المشكلة الاقتصادية.
ثالثا: العلاج أو الحل الإسلامي للمشكلة الاقتصادية.