الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ-
المال مال الله والبشر مستخلفون فيه:
لقد أسهب الفقهاء القدامى والمعاصرون في بيان طبيعة الملكية في الإسلام -سواء كانت هذه الملكية خاصة أم عامة-
وآثار ذلك. وقد لخصوها بقولهم: "المال مال الله، والبشر مستخلفون فيه". فحيازة أو ملكية الفرد أو الدولة للمال في الإسلام، ليست امتلاكا بالمعنى المطلق، وإنما هي وديعة أو ظيفة شرعية أو هي ملكية مجازية أي ملكية الفرد أو الدولة في الظاهر بالنسبة للآخرين؛ إذ المالك الحقيقي لكل الأموال هو الله تعالى. وأنه سبحانه سيحاسب المكتسب للمال أو الحائز المتصرف فيه حسابا عسيرا بقوله تعالى:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} 1.
وقد ترتب على تكييف الإسلام للملكية: خاصة كانت أم عامة، أن أصبحت أمانة واستخلاف ومسئولية، ويجب الالتزام في شأنها بتعاليم الإسلام فلا يجوز مثلا تمكين السفهاء والمبذرين من هذا المال بقوله تعالى:{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} 2.
أو حرمان العاجزين المحتاجين من هذا المال بقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُم} 3، أو أن
1 التكاثر: 8.
2 النساء: 5.
3 النور: 33.
يكون المال متداولا بين فئة قليلة من الناس بقوله تعالى: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُم} 1.
أكثر من ذلك فإن شرعية الملكية: خاصة كانت أو عامة.
تسقط إذا لم يحسن الفرد أو الدولة، استخدام هذا المال استثمارا أو إنفاقا في مصلحته أو مصلحة الجماعة، وقد عبر عن ذلك أصدق تعبير سيدنا عمر بن الخطاب حين قال لبلال وقد أعطاه الرسول عليه الصلاة والسلام أرض العقيق:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقطعك لتحجز عن الناس وإنما أقطعك لتعمل، فخذ ما قدرت على عمارته ورد الباقي"2.
1 الحشر: 7.
2 انظر الأحكام السلطانية للإمام الماوردي مرجع سابق.
- وكذا الخراج ليحيى بن آدم. ص93.