الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جـ-
الاقتصاد الإسلامي:
مرد المشكلة ليس هم الفقراء أو قلة الموارد، كما ذهب الاقتصاد الرأسمالي. كما أنه ليس سببها هم الأغنياء أو التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات التوزيع، كما ذهب الاقتصاد الاشتراكي. وإنما هي:
أولا: مشكلة القصور في استغلال الموارد الطبيعية لا قلة هذه الموارد، وهو ما عبرت عنه الآية الكريمة {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} 1.
ثانيا: مشكلة أثره الأغنياء وسوء التوزيع لا الملكية الخاصة ذاتها، وهو ما عبرت عنه الآية الكريمة {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 2. وقد أثر عن سيدنا علي
1 ابراهيم: 34.
2 يس: 47.
ابن أبي طالب رضي الله عنه قوله: "ما جاع فقير إلا بما شبع غني"1، وعن السلف الصالح "ما من سرف إلا وبجواره حق مضيع"2.
فمشكلة الفقر في التشخيص الإسلامي، مردها الإنسان نفسه وفساد نظامه الاقتصادي سواء من حيث ضعف الإنتاج أو سوء التوزيع. وقد رتب الإسلام على ذلك ضرورة تنمية الإنتاج مع عدالة التوزيع، وأن أحدهما لا يغني عن الآخر، فوفره الإنتاج مع سوء التوزيع هو احتكار واستغلال لا يسلم به الإسلام، كما أن عدالة التوزيع دون إنتاج كاف هو توزيع للفقر والبؤس مما يرفضه الإسلام.
ونخلص من ذلك أن مشكلة الفقر في التشخيص الإسلامي، ذات صفة مزدوجة، أو هي كالعملة ذات وجهين:
1 انظر نهج البلاغة للشريف الرضي لناشره دار المعرفة للطباعة والنشر ببيروت، طبعة بدون تاريخ جزء 3 ص101.
2 انظر العقد الفريد لابن عبد ربه، لناشره لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة طبعة 1940م، جزء 2 ص165.
أولهما: يتعلق بوفرة الإنتاج، وثانيهما: يتعلق بعدالة التوزيع، على أن ذلك لا يمنع الباحث في الاقتصاد الإسلامي من التركيز على أحد الوجهين بحسب ظروف بلده ومجتمعه، فيرى مشكلة الفقر في إحدى الدول أو المجتمعات الإسلامية هي مشكلة إنتاج وتنمية أكثر منها مشكلة توزيع وعدالة، بينما يراها في دولة أو مجتمع إسلامي آخر هي مشكلة توزيع وعدالة أكثر منها مشكلة إنتاج وتنمية. ولا يؤدي به ذلك أن يكون متبعا في الحالة الأولى الفكر الاقتصادي الرأسمالي، أو أن يكون متبعا في الحالة الثانية الفكر الاقتصادي الاشتراكي، طالما هو لا يساير في الأساس الفكرين الوضعيين المذكورين في تصور مشكلة الفقر وأسلوب حلها1.
1 انظر كتابنا "ذاتية السياسة الاقتصادية الإسلامية" مرجع سابق ص37 وما بعدها.
- وانظر أيضا كتابنا "نحو اقتصاد إسلامي" الطبعة الثانية سنة 1981م.
لناشره شركات مكتبات عكاظ بالمملكة العربية السعودية ص65.