المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مفهوم الفقر في نظر الإسلام: - الإسلام والتوازن الاقتصادي بين الأفراد والدول

[محمد شوقى الفنجرى]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌تمهيد:

- ‌ التوزيع النظري أو الشخصي والتوزيع العملي أو الوظيفي:

- ‌ ارتباط التوزيع بأشكال الإنتاج:

- ‌ عدالة التوزيع في حفظ التوازن الاقتصادي:

- ‌ التفاوت المنضبط أو المتوازن:

- ‌ الإسلام والطبقية أو التحكم:

- ‌خطة البحث

- ‌مدخل

- ‌الفرع الأول: التوزيع النظرى أو الشخصى أو المذهبى

- ‌مدخل

- ‌أولا: التصور الإسلامي للمشكلة الاقتصادية

- ‌مدخل

- ‌ الإسلام يضع مشكلة الفقر في المقدمة والصدارة:

- ‌ مفهوم الفقر في نظر الإسلام:

- ‌ اصطلاح "حد الكفاية" أو "حد الغنى

- ‌ثانيا: التشخيص الإسلامي لسبب المشكلة الاقتصادية

- ‌الاقتصاد الرأسمالى

- ‌ الاقتصاد الاشتراكي:

- ‌ الاقتصاد الإسلامي:

- ‌ثالثا: العلاج أو الحل الإسلامي للمشكلة الاقتصادية

- ‌مدخل

- ‌ المال مال الله والبشر مستخلفون فيه:

- ‌ لكل حد الكفاية أولا ثم لكل تبعا لعمله:

- ‌ الارتفاع بالتنمية الاقتصادية إلى مرتبة الفريضة والعبادة:

- ‌ الجمع بين "الضمان الاجتماعي" و"التكافل الاجتماعي

- ‌ معيار تقويم الدولة في نظر الاقتصاد الإسلامي:

- ‌الفرع الثاني: التوزيع العملى أو الوظيفي أو مكافأة عناصر الإنتاج

- ‌مدخل

- ‌أولًا: عنصر العمل

- ‌ثانيًا: عنصر رأس المال

- ‌ثالثًا: عنصر التقوى

- ‌رابعًا: تحديد الأسعار

- ‌الفرع الثالث: العلاقة بين شكل الإنتاج وكيفية التوزيع أو أثر تطور أساليب الإنتاج على التوزيع

- ‌ الفكر الاقتصادي الوضعي:

- ‌ الفكر الاقتصادي الإسلامي:

- ‌ قضية التوزيع في الاقتصاد الإسلامي:

- ‌ عمر بن الخطاب يلخص سياسة التوزيع في الإسلام:

- ‌ التفاوت المنضبط أو المتوازن:

- ‌ أساليب الإسلام في حفظ التوازن الاقتصادي:

- ‌الفرع الخامس: الإسلام والطبقات الاجتماعية

- ‌ مدلول الطبقة الاجتماعية:

- ‌ الإسلام لا يقر الطبقية:

- ‌ مفهوم التقوى كعامل تمييز:

- ‌ المليونير الذي يعترف به الإسلام:

- ‌خاتمة:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ مفهوم الفقر في نظر الإسلام:

ب-‌

‌ مفهوم الفقر في نظر الإسلام:

يتبين مما سبق أن الفقير في المفهوم الإسلامي، فردا كان أو دولة، هو من يعيش في مستوى تفصله هوة سحيقة عن المستوى المعيشي السائد في المجتمع المحلي أو العالمي. أي بعبارة أخرى هو من لا يتوافر له المستوى اللائق للمعيشة بحسب الزمان والمكان، وباصطلاح الفكر الاقتصادي الإسلامي هو من لا يتوافر له "حد الكفاية" أو "حد الغنى" لا "حد الكفاف".

وواضح أن "حد الكفاف" هو الحد الأدنى للمعيشة من مأكل وملبس ومأوى مما بدونه لا يستطيع المرء أن يعيش وينتج، فهو غير قابل للنقصان ولا يختلف إلا باختلاف القوى الشرائية في كل زمان ومكان1. بخلاف

1 جرت عدة محاولات لجعل البيانات الخاصة بمستويات الدخول، وبصفة خاصة أدنى الدخول صالحة للمقارنة رغم الاختلاف بين القوى الشرائية للعملات المختلف وبين أسعار صرفها. ومن أهم المحاولات تلك التي قام بها سنة 1975م فريق بحث لحساب منظمة العمل الدولية والمبنية على تحديد مجموعة من السلع والخدمات الأساسية. وتقدير تكلفة شرائها بالعملات المحلية ثم تحويل الثمن إلى دولارات وعلى هذا الأساس قدر وقتئذ "حد الكفاف" في الولايات المتحدة الأمريكية بدخل سنوي قدره 1100 دولار، وفي أوروبا 500 دولار، وفي أمريكا اللاتينية 180 دولارا، وفي آسيا 100 دولار.

انظر الدكتور إسماعيل صبري عبد الله في كتابه "نحو نظام اقتصادي عالمي جديد" لناشره الهيئة المصرية العامة للكتاب طبعة سنة 1976م ص149.

ص: 38

"حد الكفاية" أو "حد الغنى" فو مستوى أرقى من المعيشة، وهو بالتالي قابل للزيادة، ومن ثم يختلف باختلاف مستوى التقدم في كل زمان ومكان1.

ونخلص من ذلك إلى حقيقة هامة، بأن المشكلة الاقتصادية في الإسلام لم ترتبط منذ البداية، بهدف توفير الضروريات الأساسية للمعيشة، وإنما بهدف رفع مستوى المعيشة وتحسينه. وهو ما انتهى إليه الفكر الاقتصادي الحديث، بعد أربعة عشر قرنا، معبرًا عنه باصطلاح "الرفاهية الاقتصادية" أو "الرخاء المادي".

1 عبر بعض فقاء الحنفية عن حد الكفاية باصطلاح "الحاجة الأصلية" وهي في نظرهم ما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقا كالنفقة ودور السكنى والثياب والمحتاج إليها أو تقديرا كأثاث المنزل وأدوات الحرفة وكتب العلم لأهلها إذ الجهل عندهم كالهلاك.

ص: 39

ولا نسلم كلية باستخدام اصطلاح الفكر الاقتصادي الحديث أو ربط المشكلة الاقتصادية في الإسلام بهدف "الرخاء المادي" أو "الرفاهية الاقتصادية"، وإنما نفضل الإبقاء على الاصطلاح الدقيق الذي أخذ به الفقهاء القدامى وهو اصطلاح "حد الكفاية". وليس ذلك تعصبا منا أو انحيازا مطلقا لاصطلاحات الاقتصاد الإسلامي أو لمجرد الرغبة في التميز أو التمسك بالقديم، وإنما لأن الأمر في نظرنا أكبر وأعمق من ذلك إذ يتعلق بالأساس والجوهر لا الشكل والاصطلاح، وهو ما نرده إلى سببين رئيسيين:

أولهما: أن المال في الإسلام ليس غاية وإنما هو وسيلة لراحة الإنسان وسعادته ليكون بحق خليفة الله في أرضه.

وقد رأينا كيف أنه في المجتمعات الوضعية الحديثة حين جعلت "الرخاء المادي" هدفها الأساسي، إن لم يكن مطلبها الوحيد، قد انزلقت إلى عبادة المادة أو على الأقل طغت عليها الماديات، وما استتبع ذلك من نشوء علاقات سياسية وأخلاقية مادية أشقت الإنسان وأصبحت تهدد

ص: 40

الوجود البشرى ذاته1.

ثانيهما: أن الإسلام يأمر "بالتزين" ولكنه ينهى عن "الترف"، وبعبارة أخرى أنه يفرق بين "التزين المباح"2، مما يرتبط بالمظهر اللائق أو الملائم كما يرتبط أصلا بحمد الله وشكره، وبين "الترف المنهي عنه"3 مما يرتبط بالإسراف والمغالاة كما يرتبط عادة بالبطر والعلو على الناس. وقد ارتبط هدف "الرفاهية الاقتصادية" في الاصطلاح الحديث بالكماليات والترف المنهي عنه.

1 انظر تفصيل ذلك لدى الدكتور صلاح الدين نامق في مؤلفه "مشكلة الفقر وعلاقتها بالاقتصاد الاجتماعي". لناشره مكتبة النهضة المصرية. ص6 وما بعدها.

2 سورة الأعراف الآية رقم 31، 32 {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} .

3 الترف في معاجم اللغة هو الإسراف والمغالاة، وترفته أو أترفته النعمة بمعنى أبطرته أو أطغته، وقد وصف الله تعالى المترفين بالإجرام بقوله سبحانه:{وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} هود: 116.

ص: 41