الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
عدالة التوزيع في حفظ التوازن الاقتصادي:
وإذا كانت سمة الإسلام في التوزيع هي العدالة بقوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 1، فإن أبرز صور هذه العدالة حفظ التوازن الاقتصادي سواء بين الأفراد على مستوى الوطن الواحد أو بين الدول على المستوى العالمي2.
1 المائدة: 8.
2 والواقع أن التوازن هو قانون الحياة الرشيدة كما أرادها الله تعالى إذ المغالاة في ناحية يكون على حساب الجوانب الأخرى مما يخل أو يفسد أمرها حتى لو كانت المغالاة في الفضائل فإنه يجعل منها شذوذا أو مرضا، وأن المسلم الحق هو=
فالإسلام على نحو ما سنبينه، يحث ويدعو إلى الثروة والغنى، ولكن بشرط ألا يكون المال متداولا بين فئة قليلة من الناس أو قاصرا على دولة معينة. وبعبارة أخرى ألا يكون هناك تفاوت شديد في توزيع الثروات تستأثر من خلاله فئة معينة من الأفراد أو دولة معينة بالخير كله. بل أن يعم الخير الجميع بأن يكون التفاوت منضبطا أو متوازنا بحيث لا يكون هناك ثراء فاحش وبجواره فقر مدقع أو أن تختص قلة بالتمر وكثرة بالنوى.
ومن هنا يختلف الاقتصاد الإسلامي عن الاقتصاديات الوضعية السائدة، فهو لا يقر التفاوت الشديد أو تسلط
= المسلم المتوازن المعتدل، سواء في مجال إشباع الغرائز أو الحاجات الطبيعية، أو في مجال العبادات أو المعاملات، أو حتى في مجال العواطف أو الأحاسيس، وكافة صور الحياة أو المشاعر أو السلوك. ولقد علمنا واقع الحياة وقسوة التجارب أن كل التزام بمنهج الإسلام في التوازن والاعتدال فيه نجاح وراحة وسعادة الإنسان، وكل خروج عنه فيه فشله ومعاناته وبؤسه، وصدق الله العظيم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} "البقرة/ 143"، وصدق الرسول الكريم "إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو" مسند الإمام أحمد.